فلسفة

(بالتحويل من الفلسفة)


الفَلـْسَفَةُ (لغويا من اليونانية، φιλοσοφία ،philosophia، والتي تعني حرفيًا «حب الحكمة») حقل للبحث والتفكير يسعى إلى فهم غوامض الوجود والواقع، كما يحاول أن يكتشف ماهية الحقيقة والمعرفة، وأن يدرك ماله قيمة أساسية وأهمية عُُظمى في الحياة. كذلك تنظر الفلسفة في العلاقات القائمة بين الإنسان والطبيعة، وبين الفرد والمجتمع. والفلسفة نابعة من التعجّب وحب الاستطلاع والرغبة في المعرفة والفهم. بل هي عملية تشمل التحليل والنقد والتفسير والتأمل.

الفلسفة هي دراسة الأسئلة العامة والأساسية عن الوجود والمعرفة والقيم والعقل والاستدلال واللغة. غالبًا ما تطرح مثل هذه الأسئلة كمسائل لدراستها أو حلها.

كلمة فلسفة لا يمـكـن تحديـد معـناهـا بدقـة؛ لأن موضوعها مُعقد جدًا ومثير للجدال. فقد تختلف آراء الفلاسفة حول طبيعتها ومناهجها ومجالها. أما كلمة فلسفة في حد ذاتها فأصلها من الكلمة اليونانية فيلاسوفيا التي تعني حب الحكمة. وربما صاغ مصطلح «فيلسوف (محب الحكمة)» الفيلسوف وعالم الرياضيات فيثاغورس (570 - 495 قبل الميلاد). بناءً على ذلك فالحكمة تتمثل في الاستخدام الإيجابي للذكاء، وليست شيئًا سلبيًا قد يمتلكه الإنسان.

عاش رواد الفلسفة الغربية المعروفون، في اليونان القديمة في مطلع السنوات الخمسمائة الأولى ق.م. وقد حاول هؤلاء الفلاسفة الأوائل أن يكتشفوا التركيب الأساسي للأشياء، وكذا طبيعة العالم والواقع. وكان الناس في استفسارهم عن مثل هذه المسائل، يعتمدون إلى حد كبير على السحر والخرافات وأصحاب الخبرة. لكن فلاسفة اليونان اعتبروا هذه المصادر من المعرفة غير موثوقة، وعوضًا عن ذلك التمسوا الأجوبة عن تلك المسائل بالتفكير ودراسة الطبيعة.

للفلسفة أيضا تاريخ طويل في بعض الثقافات غير الغربية، خصوصا في الصين والهند. ويرجع عدم التبادل بين الشرق والغرب إلى صعوبات السفر والاتصال بالدرجة الأولى، مما جعل الفلسفة الغربية تتطور على العموم بصورة مستقلة عن الفلسفة الشرقية.

تشمل الأساليب الفلسفية الاستجواب والمناقشة النقدية والحجة المنطقية والعرض المنهجي. تشمل الأسئلة الفلسفية الكلاسيكية: هل من الممكن معرفة أي شيء وإثباته؟ ما هو الأكثر واقعية؟ يطرح الفلاسفة أيضًا أسئلة أكثر عملية وملموسة مثل: هل هناك طريقة أفضل للعيش؟ هل من الأفضل أن تكون عادلًا أو غير عادل (إذا كان بإمكان المرء أن يفلت من العقاب)؟ هل لدى البشر إرادة حرة؟

تاريخيًا، «الفلسفة» تشمل أي مجموعة من المعرفة. من وقت الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو إلى القرن التاسع عشر، شملت «الفلسفة الطبيعية» علم الفلك والطب والفيزياء. على سبيل المثال، أصبحت المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية التي وضعها إسحاق نيوتن في عام 1687 مصنفة لاحقًا ككتاب في الفيزياء. في القرن التاسع عشر، قاد نمو جامعات الأبحاث الحديثة الفلسفة الأكاديمية وغيرها من التخصصات إلى الاحتراف والتخصص. في العصر الحديث، أصبحت بعض التحقيقات التي كانت جزءًا تقليديًا من الفلسفة من التخصصات الأكاديمية المنفصلة، بما في ذلك علم النفس وعلم الاجتماع واللغويات والاقتصاد.

ظلت التحقيقات الأخرى المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالفن أو العلوم أو السياسة أو غيرها من المساعي جزءًا من الفلسفة. على سبيل المثال، هل الجمال موضوعي أو ذاتي؟ هل هناك العديد من الأساليب العلمية أو طريقة واحدة فقط؟ هل اليوتوبيا السياسية حلم يبعث على الأمل أو خيال ميئوس منه؟ الحقول الفرعية الرئيسية تشمل الفلسفة الأكاديمية الميتافيزيقيا («المعنية بالطبيعة الأساسية للواقع والوجود»)، نظرية المعرفة (حول «طبيعة وأسباب المعرفة وحدودها وصلاحيتها»)، والأخلاقيات، وعلم الجمال والفلسفة السياسية والمنطق وفلسفة العلوم.

مقدمة

المعرفة

تقليديًا، يشير مصطلح «الفلسفة» إلى أي مجموعة من المعرفة. وبهذا المعنى، ترتبط الفلسفة ارتباطًا وثيقًا بالدين والرياضيات والعلوم الطبيعية والتعليم والسياسة. تم تصنيف مبادئ نيوتن التي سميت الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية الذي كتب في عام 1687، في العقود الأخيرة ككتاب للفيزياء. استخدم مصطلح «الفلسفة الطبيعية» لأنه كان يشمل التخصصات التي أصبحت مرتبطة فيما بعد بعلوم مثل علم الفلك والطب والفيزياء.

في الجزء الأول من الكتاب الأول من الأكاديميين، قدم شيشرون تقسيم الفلسفة إلى المنطق والفيزياء والأخلاق. لقد كان ينسخ تقسيم الأبيقور لمذهبه إلى الشريعة والفيزياء والأخلاق. في القسم الثالث عشر من كتابه الأول عن حياة وآراء الفلاسفة البارزين، أسس ديوجين لايرتيوس، المؤرخ في القرن الثالث، أول مؤرخ للفلسفة، التقسيم التقليدي للبحث الفلسفي إلى ثلاثة أجزاء:

هذا التقسيم ليس قديمًا ولكنه تغير. انقسمت الفلسفة الطبيعية إلى العلوم الطبيعية المختلفة، وخاصة علم الفلك والفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء وعلم الكونيات. ولدت الفلسفة الأخلاقية العلوم الاجتماعية، لكنها لا تزال تشمل نظرية القيمة (بما في ذلك الجماليات والأخلاق والفلسفة السياسية، وما إلى ذلك). ولدت الفلسفة الميتافيزيقية العلوم الشكلية مثل المنطق والرياضيات وفلسفة العلوم، لكنها ما زالت تشمل نظرية المعرفة وعلم الكونيات وغيرها.

التقدم الفلسفي

العديد من المناقشات الفلسفية التي بدأت في العصور القديمة لا تزال تناقش اليوم. يدعي كولين ماكغين وآخرون أنه لم يحدث تقدم فلسفي خلال الفترة المعاصرة. على النقيض من ذلك، يرى ديفيد تشالمرز وغيرهم تقدمًا في الفلسفة مشابهًا للتقدم في العلوم، بينما قال تالبوت بروير إن «التقدم» هو المعيار الخاطئ الذي يتم من خلاله الحكم على النشاط الفلسفي.

مصطلحات فلسفية

الأبيقوريةهي الاعتقاد بأن اللذة الحقيقية مرهونة بضبط النفس والاعتدال والسلوك القويم.
الأخلاقفرع من الفلسفة يدرس سيرة الإنسان وطبيعة الحق والباطل.
التجريبيةمفادها أن التجربة مصدر ومخبر المعرفة.
الجدلية الهيجلية. في فلسفة ف. هيجل هي مجرى التغير الحاصل بالصراع بين المتناقضات. هذا الصراع يفرز أمرًا جديداً يسمى (التركيب)، كما أن التركيب بدوره يتصارع مع نقيضه.
الحتميةالجدلية الهيجلية المذهب القائل: إن كل الأحداث لها أسباب وتقع بالضرورة.
الذرائعيةفلسفة تختبر الحقائق، وتقدر قيمة الأفكار بما لها من نتائج عملية.
الشكوكيةالتأكيد بأنه لا يمكن التوصل إلى معرفة حقائق الأشياء.
العقلانيةتقول إن العقل الأساس الوحيد للمعرفة بصرف النظر عن الحواس.
علم الجمالفرع من الفلسفة يدرس الفن والجمال.
علم الكونياتيدرس الكون الفيزيقي.
الماديةالاعتقاد بأن المادة وحدها لها وجود واقعي وأن الظواهر العقلية ناتجة عن النشاط المادي.
المثاليةقوامها الاعتقاد بأن الواقع المطلق يتألف من العقول والأفكار، لا من الأشياء المادية. ويعتقد المثاليون أن وجود الأشياء مرهون بالعقول والأفكار.
مذهب اللذّةالاعتقاد بأن اللذّة هي الخير الأسمى.
مذهب المنفعةالاعتقاد بأن سيرة الإنسان ينبغي أن يكون أساسها عمل الخير لأكبر عدد ممكن من الناس.
الميتافيزيقيا(علم ما وراء الطبيعة) فرع من الفلسفة يسعى إلى فهم سر الكينونة والواقعية.
المنطقفرع من الفلسفة يعنى بمبادئ المحاكمة العقلية.
النزعة الإنسانيةتؤكد على قيمة الإنسان وطبيعته المتميزة في العالم.
نظرية المعرفةفرع من الفلسفة يدرس طبيعة المعرفة وأساسها ومداها.
الواقعيةتقول إن الأشياء لها وجود يخصها بصرف النظر عما قد يفكر الناس فيها.

أهمية الفلسفة

الفكر الفلسفي جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان؛ فما من أحد من غير المؤمنين تقريبًا إلا وقد وجد نفسه بين الحين والآخر مُحتارًا أمام أسئلة يغلب عليها الطابع الفلسفي من نوع: ما معنى الحياة؟ هل كان لي وجود قبل ميلادي؟ هل من حياة بعد الموت؟ أما المؤمنون فقد تعرض لهم هذه الأسئلة ذاتها، ولكنهم سرعان ما يجدون الإجابة عنها بما أوتوا من العلم مما أنزله الله في كتبه الناطقة بالحق المنزلة بالصدق وما صح عن الأنبياء صلوات الله عليهم. ولمعظم الناس نوع من الفلسفة من حيث نظرتهم الشخصية إلى الحياة، وحتى الإنسان الذي يعتقد أن الخوض في المسائل الفلسفية مضيعة للوقت، تجده مع ذلك يولي اهتمامه لكل ما هو عظيم وذو شأن وقيمة.

يستطيع الإنسان بدراسة الفلسفة، أن يوضح جوانب الغموض في مُعتقداته، فيدفعه ذلك إلى التفكير في المسائل الأساسية، ويصبح قادرا على دراسة آراء الفلاسفة القدامى، لكي يفهم لماذا فكروا على النحو الذي فكروا فيه، وأي أثر يمكن لأفكارهم أن تحدثه في حياته.كما أن العديد من الناس يجدون متعة في قراءة آثار كبار الفلاسفة خصوصًا كبار الكتاب منهم.

للفلسفة تأثير كبير في حياتنا اليومية، وحتى في اللغة التي نتحدث بها نصنف الأمور تصنيفا مستمدًا من الفلسفة، فعلى سبيل المثال فإن تصنيف الكلمة إلى اسم وفعل وحرف، يتضمن فكرة فلسفية مفادها أنه يوجد اختلاف بين الكلمات وما يحدث لها. وعندما نتساءل: ما الفرق بين ذا وذاك؟ فإننا بهذا السؤال نشرع في إجراء تحقيق فلسفي.

ما من مؤسسة اجتماعية إلا وهي مرتكزة على أفكار فلسفية، سواء في مجال التشريع أو نظام الحكم أو الدين أو الأسرة أو الزواج أو الصناعة أو المهنة أو التربية. وإن الخلافات الفلسفية قد أدت إلى الإطاحة بالحكومات وإحداث تغييرات جذرية في القوانين وتحويل الأنظمة الاقتصادية بالكامل. إن تلك التغييرات ما كانت لتقع إلا لأن الناس المعنيين بالأمر كانت لهم آراء يؤمنون بها حول ما يعتبرون أنه الأهم والأقرب إلى الحقيقة والواقع والأكثر فائدة، وحول الكيفية التي يجب أن تنظم بها الحياة.

تسير الأنظمة التربوية بمقتضى الأفكار الفلسفية التي يؤمن بها المجتمع حول ما يجب أن يتعلمه الأطفال، ولأي غرض يتعلمون. وتؤكد الأنظمة الديمقراطية على ضرورة تعليم الإنسان كيف يفكر، وكيف يختار بنفسه ما ينفعه. أما المجتمعات التي تفتقد الشورى والحوار فإنها تثبط أمثال هذه المبادرات، وتريد من المواطنين أن يتنازلوا عن مصالحهم لفائدة الدولة. وهكذا فالقيم والمهارات التي يعلمها النظام التربوي إنما تعبر عن الأفكار الفلسفية التي يؤمن بها المجتمع حول ما يعتبره هو الأهم والأصلح.

تاريخ الفلسفة

بمعنى عام، ترتبط الفلسفة بالحكمة والثقافة الفكرية والبحث عن المعرفة. وبهذا المعنى، تطرح جميع الثقافات والمجتمعات المتعلمة أسئلة فلسفية مثل «كيف نعيش» و«ما هي طبيعة الواقع». إذن، يجد مفهوم واسع ونزيه للفلسفة، تحقيقًا مسببًا في مسائل مثل الواقع والأخلاق والحياة في كل حضارات العالم.

الفلسفة الغربية

طالع أيضاً: فلسفة غربية

الفلسفة الغربية هي التقاليد الفلسفية للعالم الغربي. وينقسم تاريخ الفلسفة الغربية عادة إلى ثلاث مراحل: الفلسفة القديمة (الرومانية اليونانية) وفلسفة العصور الوسطى (المسيحية الأوروبية) والفلسفة الحديثة. تمتد مرحلة الفلسفة القديمة من القرن السابع ق.م إلى القرن الخامس الميلادي. وتمتد مرحلة الفلسفة الوسطى من القرن الخامس إلى القرن السابع عشر الميلاديين. أما مرحلة الفلسفة الحديثة فتمتد من القرن السابع عشر الميلادي حتى العصر الحديث.

الفلسفة القديمة

الفسلفة القديمة كانت في معظمها يونانية. وأعظم الفلاسفة من العهد القديم كانوا ثلاثة من اليونانيين في القرن الخامس والرابع ق.م، وهم سقراط وأفلاطون وأرسطو؛ حيث أثرت فلسفتهم في الثقافة الغربية المتأخرة. فأفكار الغرب المتعلقة بما وراء الطبيعة والعلم والمنطق والأخلاق، يرجع أصلها إليهم، كما أن بعض المدارس الفلسفية المتميزة ازدهرت في بلاد اليونان القديمة.

السابقون لسقراط. تعود إلى الفلاسفة ما قبل سقراط الذين كانوا نشطين في اليونان القديمة في القرن السادس قبل الميلاد مثل تاليس (624 - 546 قبل الميلاد) وفيثاغورس (حوالي 570 - 495 قبل الميلاد) الذي أسس لقب «حب الحكمة» (philosophia) وكان يطلق عليه أيضًا physiologoi (طلاب فيزياء أو طبيعة).

يعتبرون أول الفلاسفة اليونانيين، وترجع تسميتهم إلى أن معظمهم عاشوا قبيل ميلاد سقراط، أي نحو 469 ق.م. وكانوا يهتمون على الخصوص بطبيعة الكون ومصدره، وكذا أصل الحقيقة والواقع. كما أرادوا أن يعرفوا الجوهر الكامن وراء المظهر، إذ به يمكن أن ندرك المظهر على حقيقته.

إن الفلاسفة السابقين لسقراط كانوا، كمعظم المعاصرين لهم، لا يؤمنون بوجود آلهة أو قوى فوق الطبيعة، تتسبب في ما يقع من أحداث. فعوضًا عن ذلك كانوا يلتمسون للظاهرة الطبيعية تفسيرًا مستمدًا من الطبيعة. وقد نظر هؤلاء الفلاسفة إلى الكون باعتباره مجموعة من الظواهر الموحدة التي يستطيع الإنسان بفكره أن يوجد لها تفسيرًا ما. وقد أعطوا العديد من الأجوبة المختلفة المتضاربة للمسائل الفلسفية الأساسية، غير أن أهمية الفلاسفة السابقين لسقراط لا ترجع إلى صدق أجوبتهم بقدر ما ترجع إلى كونهم اهتموا قبل كل شيء ببحث المسائل، علماً بأنه لم تتوفر لهم آنذاك تقاليد فلسفية يستفيدون منها، بل إن أفكارهم هي التي تحولت إلى تراث ينهل منه الفلاسفة اللاحقون.

سقراط. كان سقراط فيلسوفًا مؤثرًا جدًا، وأصر على أنه لا يمتلك أي حكمة ولكنه كان من مناصري الحكمة. لم يترك أي أثر مكتوب رغم أنه كان دائمًا ينهمك في المناقشات الفلسفية، وقد وصلتنا أفكاره ومناهجه عن طريق مجالس الحوار، التي كتبها تلميذه أفلاطون، حيث برز سقراط شخصًا رئيسيًا يشرف على الحوار، ويشرح عملية البحث عن الحقيقة.

عاش سقراط في أثينا، وعلّم في الشوارع والأسواق والملاعب الرياضية بطريقة السؤال والجواب، كما حاول أن يضع تعريفًا دقيقًا لبعض الأفكار التجريدية مثل المعرفة والفضيلة والعدل والحكمة، كل ذلك عن طريق أسئلة محكمة صارمة متلاحقة، من نوع :ماذا تعني؟ كيف عرفت ذلك؟ إن هذا الإجراء الذي يسمى الطريقة السقراطية مالبث أن أصبح من الطرائق الفلسفية النموذجية التي تُعنى بالمناقشة والحوار. انظر: سقراط.

أراد سقراط أن يستبدل بالآراء الغامضة أفكارًا واضحة، وكثيرًا ما كان يجادل بعض أعيان أثينا ويفضح ادعاءهم الفارغ للمعرفة والحكمة، مما سبب له العداوة بينهم، فحُكم عليه بالموت بدعوى أنه يشكل خطرًا على الدولة، وبذلك أصبح رمزًا للفيلسوف الذي يواصل باستمرار بحثه عن الحقيقة مهما كان الثمن.

أفلاطون. كان يعتقد أنه لا يمكن التوصل إلى معرفة حقيقة الأشياء عن طريق الحواس، لأن الأشياء المدركة عن طريقها سريعة الزوال ومتغيرة باستمرار. ويرى أن الإنسان لا يستطيع أن يتوصل إلى المعرفة الأصيلة إلا فيما يخص الأشياء التي لا تتغير، مثل الحقيقة والجمال والخير وغير ذلك من الأمور التي ندركها بالعقل، التي سماها الأفكار أو الأشكال.

يقول أفلاطون: إن الأفكار وحدها مطابقة للحقيقة، وأن الأشياء الأخرى كلها إنما هي صور منعكسة عن الأفكار. وقد أصبحت وجهة النظر هذه تُعرف باسم المثالية. يرى أفلاطون أن أعظم الأفكار هي فكرة الخير، وأن موضوع الخير هو الأجدر بالبحث، بل هو الهدف الذي تخضع له كل الأشياء الأخرى، ويرى أيضًا أن الحياة المثلى هي التي يُكرسها الإنسان للتأمل في الحقائق الأبدية. على أنه يعتقد أن الإنسان إذا وصل إلى هذا المستوى، ينبغي له أن يعود إلى دنيا الناس، ويستعمل قدراته ومعلوماته في خدمة الإنسانية. كذلك يعتقد أفلاطون أن الروح خالدة، وأن الجسم وحده هالك عند الممات. وقد ساهمت أفكاره في إثراء تصورات الغربيين الفلسفية عن الجسم والروح والحقائق الخالدة، التي تناولها اللاهوت النصراني فيما بعد بمزيد من الشرح. انظر: أفلاطون.

أرسطو. يُعتبر أعظم تلامذة أفلاطون، فقد تطرق لجميع المواضيع المعروفة في زمانه، وهو الذي ابتكر فكرة العلم واختلاف العلوم، بحيث ينفرد كل واحد منها بمبادئه، ويتناول المواد الخاصة به.ولذلك فإنه ألّف في مختلف المواضيع كالفيزياء وعلم الفلك وعلم النفس وعلم الأحياء وعلم وظائف الأعضاء وعلم التشريح. كما أنه بحث في ما سمّاه الفلسفة الأولى التي أصبحت تُعرف فيما بعد باسم الميتافيزيقا.

يُعد أرسطو أول من أنشأ منظومة فلسفية، حيث قال: إن كل فروع البحث والمعرفة إنما هي أجزاء من منظومة شاملة، وهي مترابطة فيما بينها بجملة من المفاهيم والمبادئ. يعتقد أرسطو أن جميع الأشياء ما وُجدت في الطبيعة إلا لأداء غرض معين. وبمقتضى فلسفته فإن الخصائص الطبيعية للأشياء تابعة للغرض الذي من أجله وجدت، لذلك فجميع الأشياء تسعى إلى إبراز خصائصها بالسعي لتأدية ذلك الغرض.

يتمثل المنهج الأساسي الذي اعتمده أرسطو في بحوثه في الانطلاق مما نعرفه، أو نعتقد بأننا نعرفه، ثم الانتقال للسؤال: كيف؟ ماذا؟ ولماذا؟ أما في كتابه الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة)، فقد شرح فكرةالسبب الأول الذي في حد ذاته ليس ناتجًا عن أي سبب آخر، حيث وجد فيه التفسير النهائي للوجود. وقد تبنى اللاهوتيون النصارى فيما بعد هذه الفكرة برهانًا أساسيًا على وجود الله.

ويقول أرسطو: إن كل إنسان يسعى لما يراه خيرًا وإن السعادة لا تكمن في اللّذة، بل في العمل الصالح، ويعني به السلوك بمقتضى الوسط بين الطرفين؛ أي أن خير الأمور أوسطها، على سبيل المثال فالشجاعة هي الوسط بين الطرفين: الجبن والتهور. لكن الإنسان السعيد حقًا هو ذلك الذي يستعمل عقله في التفكير التأملي.

هيمنت المدارس الفلسفية اليونانية على العصر القديم والتي نشأت من التلاميذ المختلفين لـسقراط، مثل أفلاطون، الذي أسس أكاديمية أفلاطون وطالبه أرسطو، وأسس مدرسة بيرباتيك، التي كان لها تأثير كبير في التقاليد الغربية. التقاليد الأخرى تشمل السخرية، الرواقية، الشكوك اليونانية وأبيقورية. وشملت الموضوعات المهمة التي غطاها الإغريق الميتافيزيقيا (مع نظريات متنافسة مثل الذرية والوحيدية)، وعلم الكونيات، وطبيعة الحياة الجيدة، وإمكانية المعرفة وطبيعة العقل (الشعارات). مع صعود الإمبراطورية الرومانية، نوقشت الفلسفة اليونانية بشكل متزايد في اللاتينية من قبل الرومان مثل شيشرون وسينيكا. الرواقية والأبيقورية. هما المدرستان الرئيسيتان في الفلسفة اليونانية؛ حيث برزتا بعد وفاة أرسطو عام 322ق.م. فمن تعاليم المدرستين أن الهدف من المعرفة هو تمكين الإنسان من أن يحيا حياة هانئة راضية.

مؤسس الرواقية هو زينون الرواقي، القائل إن الإنسان يجب أن يسعى للتحلي بالفضيلة التي هي أعظم الخصال الحميدة. يؤمن الرواقيون بـ الحتمية المحضة، أي الاعتقاد بأن جميع الأشياء محكوم عليها أن تكون على ما هي عليه، لذلك يجدر بمن يتحلى بالحكمة والفضيلة أن يرضى بما لا سبيل إلى تغييره، وأن يبذل ما في وسعه لكي يستفيد منه. وقد انتشرت الرواقية في روما، حيث كان من بين زعمائها رجل الدولة ماركوس توليوس شيشرون والإمبراطور ماركوس أوريليوس، والمعلّم أبيكتيتوس.

أما الأبيقورية فقد أسسها أبيقور الذي اعتمد في فلسفته على مبدأ اللـّذة أي الفكرة بأن الخير الوحيد في الحياة يتمثل في المتعة. لكنه قال: إن اللذات لا تُعد كلها خيرًا. فاللذات الحسنة هي المصحوبة بالهدوء والاعتدال لأن اللذات المتطرفة قد تفضي إلى الألم. يقول أبيقور: إن أحسن اللذات هي صحة الأبدان وسلامة الأذهان، حيث يتخلص الإنسان فيها من الألم.

الشكوكية. من المدارس الفلسفية التي أسسها بيرهو الأليسي في الفترة نفسها التي ازدهرت فيها الفلسفات الرواقية والأبيقورية. يقول بيرهو: إن الإنسان لا يستطيع أن يعرف شيئًا؛ لأن حواسنا توقعنا في الخطأ، ولا تعطينا معلومات دقيقة عن حالة الأشياء، لذلك فكل الادعاءات بالمعرفة إنما هي باطلة. وبما أننا عاجزون عن المعرفة فينبغي أن نعامل كل الأشياء باللامبالاة، وأن نمتنع عن إصدار الأحكام.

الأفلاطونية المحدثة. كانت صياغة جديدة لبعض أفكار أفلاطون في صورتها المعدلة من طرف أفلوطين الذي من المعتقد أنه ولد وعاش بمصر في القرن الثالث الميلادي. لقد حاول أن يرشد الإنسان إلى الوحدانية، وبذلك تكتمل سعادة الإنسان. يعتقد أفلوطين أن روح الإنسان متشوقة للالتقاء بالله، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق التجربة الروحانية، لذلك تعتبر فلسفته جسرًا بين الفلسفة اليونانية والفلسفة النصرانية في عهدها الأول، ويستفاد منها أن الحقائق الكبرى لا تنكشف إلا عن طريق الإيمان بالله والفضل الإلهي، وليس عن طريق العقل.

فلسفة العصور الوسطى

فلسفة العصور الوسطى (القرنين الخامس والسادس عشر) هي الفترة التي تلت سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية وهيمنت عليها صعود المسيحية، وبالتالي تعكس اهتمامات اللاهوتية المسيحية وكذلك الحفاظ على استمرارية الفكر اليوناني الروماني. نوقشت في هذه الفترة مشاكل مثل وجود الله وطبيعته، وطبيعة الإيمان والعقل، والميتافيزيقيا، ومشكلة الشر. بعض المفكرين الرئيسيين في العصور الوسطى هم القديس أوغسطين وتوما الأكويني وبوثيوس وأنسلم من كانتربري وروجر بيكون. تم النظر إلى الفلسفة لهؤلاء المفكرين كعامل مساعد في علم اللاهوت (اللاهوت القديم) وبالتالي سعوا إلى مواءمة فلسفتهم مع تفسيرهم للنص المقدس. شهدت هذه الفترة تطور المدرسة، وهي طريقة نقدية للنص تم تطويرها في جامعات العصور الوسطى بناءً على القراءة المتنازع عليها والخلاف حول النصوص الرئيسية. شهدت فترة عصر النهضة تركيزًا متزايدًا على الفكر اليوناني الروماني الكلاسيكي والإنسانية القوية.

تطورت الفلسفة الغربية أثناء العصور الوسطى بكيفية جعلتها جزءًا من اللاهوت النصراني، أكثر من كونها فرعا مستقلا من البحث العلمي. وهكذا فلم يبق للفلسفة اليونانية والرومانية من آثار سوى ما تركته من أثر على الفكر الديني.

كان القديس أوغسطين أشهر الفلاسفة في أوائل العصور الوسطى. ففي كتابه مدينة الله الذي ألّفه في بداية القرن الخامس الميلادي أعطى للتاريخ البشري تفسيرًا من حيث إنه صراع بين النصارى الذين يعيشون في مدينة الله، والوثنيين والمرتدين الذين يعيشون في مدينة الدنيا. يقول أوغسطين: إن أصحاب مدينة الله سوف يكون جزاؤهم الخلاص الأبدي، أما أصحاب مدينة الدنيا فسوف ينالون العذاب المستديم. إن هذا الكتاب قد زعزع الوثنية السائدة في روما، وساعد في انتشار النصرانية خلال ذلك الوقت.

في فلسفة القرون الوسطى سادت منظومة من الفكر تسمىالمدرسية بين القرن الثاني عشر والقرن الخامس عشر الميلاديين. والمدرسية تُشير إلى منهج فلسفي للاستقصاء، استعمله أساتذة الفلسفة واللاهوت في الجامعات الأولى التي ظهرت في أوروبا الغربية. وكانوا يُسمّونالمدرسيين.

يعتمد المنهج المدرسي على التحليل الدقيق للمفاهيم، مع التمييز البارع بين المدلولات المختلفة لتلك المفاهيم. وقد استعمل المدرسيون المحاكمة الاستنتاجية انطلاقًا من المبادئ التي وضعوها بمنهجهم، بقصد إيجاد الحلول للمشكلات العارضة.

نشأت المدرسية نتيجة لترجمة أعمال أرسطو إلى اللاتينية التي هي لغة الكنيسة النصرانية في العصر الوسيط. فهذه الأعمال حثت المفكرين آنذاك على التوفيق بين أفكار أرسطو الرئيسية والتوراة والعقيدة النصرانية. إن أشهر المدرسيين هو القديس توما الأكويني. حيث اجتمع في فلسفته فكر أرسطو والفكر اللاهوتي، حتى إنها أصبحت هي الفلسفة الرسمية للكنيسة الرومانية الكاثوليكية.

قدّم المدرسيون مساهمات قيمة في تطور الفلسفة، منها ما قدّموه من أعمال في مجال فلسفة اللغة. حيث بينوا كيف يمكن لخصائص اللغة أن تؤثر في تصورنا للعالم. كما أنهم ركزوا على أهمية المنطق في البحوث الفلسفية.

الفلسفة الحديثة

تبدأ الفلسفة الحديثة المبكرة في العالم الغربي بمفكرين مثل توماس هوبز ورينيه ديكارت (1596-1650). بعد ظهور العلوم الطبيعية، اهتمت الفلسفة الحديثة بتطوير أساس علماني وعقلاني للمعرفة وانتقلت من الهياكل التقليدية للسلطة مثل الدين والفكر الدراسي والكنيسة. الفلاسفة المعاصرون هم سبينوزا ولايبنتس وجورج بيركلي وهيوم وكانط. تتأثر فلسفة القرن التاسع عشر بالحركة الأوسع التي يطلق عليها التنوير، وتشمل شخصيات مثل هيجل شخصية رئيسية في المثالية الألمانية، كسورين كيركغور الذي طور أسس الوجودية، نيتشه، المعاداة للمسيحية، جون ستيوارتالذي روج للنفعية، كارل ماركس الذي طور أسس الشيوعية، والأمريكي وليام جيمس. شهد القرن العشرين الانقسام بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية، وكذلك الاتجاهات الفلسفية مثل الظواهر، الوجودية، الوضعية المنطقية، البراغماتية والتحول اللغوي.

قامت في أوروبا حركة ثقافية كبرى، تسمى النهضة، أعقبت نهاية العصور الوسطى، وشكلت فترة انتقالية بين فلسفة القرون الوسطى والفلسفة الحديثة. نشأت النهضة في إيطاليا من نحو 1300 إلى 1600م، وكانت صحوة جديدة نجمت عن إعادة اكتشاف الثقافة اليونانية والرومانية. تميزت النهضة بما حدث فيها من تقدم كبير في بعض العلوم، كالفلك والفيزياء والرياضيات. كما أن العلماء المعروفين باسم الإنسانيين أكدوا على أهمية الكائنات البشرية ودراسة الأدب القديم، من أجل فهم أسرار الحياة. فهذا التركيز على العلوم والإنسانيات أدى إلى حدوث تغير كبير في أهداف البحوث الفلسفية، وتقنياتها، وهكذا ضعفت المدرسية، وتحررت الفلسفة من روابطها مع الفكر اللاهوتي الموروث من القرون الوسطى.

كان فرانسيس بيكون الإنجليزي من أوائل الفلاسفة المؤيدين للمنهج العلمي، ومعظم المؤرخين يعتبرون بيكون ورينيه ديكارت الفرنسي مؤسسي الفلسفة العصرية. ومن مؤلفات بيكون الرئيسية:التقدم في التعليم (1605م)؛ المنطق الجديد (1620م)، حيث أوضح أن المعرفة إنما هي قدرة من القدرات التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالطريقة الاستقرائية في البحث. وقد تصور بيكون عالمًا جديدا، تتوافر فيه الثقافة وأوقات الراحة، ويمكن تحقيقه بالبحث في قوانين الحياة ومجرياتها. إنه بوصفه لهذا العالم قد تنبأ بما سوف يكون للتقدم في العلوم والهندسة التقنية من آثار حضارية.

الفلسفة العقلانية. تتمثل في وجهة نظر فلسفية ظهرت في القرن السابع عشر الميلادي، الفكرة الرئيسية فيها هي أن العقل مُقدم على التجربة كمصدر للمعرفة، وأن الإدراك الحسي ينبغي إقامة البرهان على صحته بالمزيد من المبادئ. لقد حاول العقلانيون أن يحددوا طبيعة العالم والواقع، عن طريق الاستنتاج من مقدمات قد ثبت أنها هي في حد ذاتها يقينية من حيث المبدأ، كما أنهم أكدوا على إجراء العمليات في الرياضيات. وزعماء الفلسفة العقلانية هم: رينيه ديكارت، باروك سبينوزا، وغوتفريت لايبنيز. كان ديكارت عالمًا في الرياضيات وفيلسوفًا في الوقت نفسه. اخترع الهندسة التحليلية، واهتم بوضع أسس متينة للعلوم، مثل الأسس التي وضعها للرياضيات. وهكذا كان مشغولا جدًا بوضع أسس المعرفة. وكان ديكارت من دعاة المذهب الآلي (القائل بأن العمليات الطبيعية قابلة للتفسير بنواميس الفيزياء والكيمياء)؛ أي أنه يعتبر كل الظواهر الفيزيائية مترابطة آليًا بموجب قانونيْ: العلة والأثر. وقد أثارت فلسفته مشكلة العلاقة بين العقل والمادة: كيف تمت بينهما؟

أما سبينوزا فقد أنشأ منظومة فلسفية على منوال الهندسة إذ حاول أن يستخلص الاستنتاجات الفلسفية من عدد محدود من البديهيات المركزية؛ أي التي تفترض أنها من الحقائق المسلم بها، وكذلك من التعاريف. لم يكن سبينوزا يتصور الإله كائنًا فوق البشر وأنه خلق الكون، بل تمثل الإله في الكون. يُعد سبينوزا أيضا من دعاة الفلسفة الآلية لأنه يرى أن كل شيء في الكون مقدر حتمًا. وكان هدفه الأساسي ذا طابع أخلاقي، حيث أراد أن يشرح كيف يمكن للإنسان أن يكون حرًا عاقلاً راضيًا مرضيًا في هذا العالم الذي تسيِّره الحتمية في زعمه.

اعتقد لايبنيز أن هذا العالم ما هو إلا أحد العوامل الممكن تصورها. كما حاول أن يبين أن العالم الحالي هو أحسن تلك العوالم، وقصْده من ذلك أن يقول: إن الله أراد بالبشرية خيرًا. وهكذا حاول أن يحل المشكلة التالية: كيف يمكن لله الذي يتصف بالقدرة والكمال، أن يوجد عالمًا مليئًا بأنواع من العذاب والشر؟ كذلك فإن لايبنيز والعالم الإنجليزي إسحاق نيوتن ساهما في تطوير حساب التفاضل والتكامل. كما أن لايبنيز من السابقين لتطوير المنطق الرمزي، أي استعمال الرموز والعمليات الرياضية في إيجاد الحلول لمشكلات المنطق.

الفلسفة التجريبية. تؤكد الفلسفة التجريبية على أهمية التجربة والإدراك الحسي مصدرًا للمعرفة وأساسًا لها. يُعتبر الإنجليزي جون لوك، الذي عاش في القرن السادس عشر الميلادي أول الفلاسفة التجريبيين الكبار، ثم جاء من بعده الأيرلندي جورج باركلي، والأسكتلندي ديفيد هيوم، حيث توليا تطوير الفلسفة التجريبية في القرن الثامن عشر الميلادي.

حاول لوك، في كتابه مقالة عن الفهم الإنساني الذي صدر عام (1690م)، أن يحدد منشأ المعرفة البشرية ومداها وصحتها. يقول لوك: إنه لا توجد أفكارفطرية: الأفكار المطبوعة في الإنسان قبل الولادة. ويعتقد أن الإنسان عند ولادته يكون عقله مثل الصفحة البيضاء من الورق. لذلك فالتجربة هي مصدر جميع الأفكار والمعارف.

تناول باركلي المسألة التالية: إذا كان كلّ ما يعرفه الإنسان مجرد فكرة عن شيء ما، فكيف السبيل إلى التأكد من وجود شيء في العالم يتطابق مع تلك الفكرة؟ وكان جوابه أن الوجود يحدث بحصول إدراكه، فالشيء لا وجود له إلا عندما يدركه عقل الإنسان، أي أن الأشياء المادية إنما هي أفكار مرسومة في العقل، وليس لها وجود مستقل.

أما هيوم فقد توسع في شرح نظريات لوك وباركلي وانتهى به الأمر إلى نوع من الشك حو ل كل شيء تقريبًا، حيث قال: إن جميع محتويات العقل إنما هي انطباعات وأفكار. وقد تخطر بالبال فكرة يمكن الاهتداء إلى أصلها المتمثل في انطباع سابق.

يرى هيوم أنه يجدر بالإنسان أن يحدد الانطباع الذي أنتج الفكرة وأعطاها معنى معينًا، فالفكرة التي تخطر بالبال من غير أن نستدل على أصلها لابد أنها عديمة المعنى. كذلك أثار هيوم المسألة التالية: كيف يمكن التأكد من أن المستقبل سوف يكون مثل الماضي؟ أي هل ستمارس قوانين الطبيعة عملها على المنوال السابق نفسه؟ فأجاب بأننا لا نستطيع أن نؤكد أنها جميعا سوف تستمر في السير على المنوال نفسه.

عصر العقل. تميز عصر النهضة بنشاط فكري كبير خلال القرن السابع عشر الميلادي واستمر إلى أواخر القرن السابع عشر الميلادي. إن هذه الفترة تسمى أيضًا عصر التنوير؛ حيث ركّز الفلاسفة آنذاك على تحكيم العقل بدلاً من الاعتماد على التنزيل عن طريق الكتب المقدسة، يرى هؤلاء أن العقل يوفر الوسائل الكفيلة بالتوصل إلى الحقيقة حول العالم، وبتنظيم المجتمع البشري تنظيماً يحقق الهناء للإنسان. وأبرز هؤلاء الفلاسفة هم: ديكارت، ولوك، وباركلي وهيوم. كما يُعد منهم جان جاك روسو، وفولتير، ودينيس، وديدرو، وغيرهم من الفلاسفة الفرنسيين المعروفين باسم الفلاسفة.

إن أبرز الأفكار التي تميّز بها عصر العقل هي نظريات لوك. فقد أراد لوك أن يرسم حدود الفهم البشري، ويعرف مدى قدرة الإنسان على تحصيل المعلومات، لعله يهتدي بها في سلوكه، وينتفع منها في حياته. كما حاول أن يبين أن الناس يجب أن يتعاملوا وفق مبادئ التسامح والحرية والحقوق الطبيعية. ففي كتابه مقالتان عن الحكومة الذي صدر (1690م)، وضع الأُسُس الفلسفية التي نهلت منها الثورتان الأمريكية والفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي.

فلسفة إيمانويل كانط الفيلسوف الألماني الكبير الذي عاش في القرن الثامن عشر الميلادي تكاد تكون هي الأساس لكل التطورات الفلسفية التي ظهرت فيما بعد. وتُسمى فلسفة كانطالفلسفة النقدية أو الفلسفة المتعالية، وقد تأثر كانط بفلسفة هيوم الشكوكية، حيث سعى إلى الجمع بين الفلسفتين: العقلانية والتجريبية. ففي كتابهنقد العقل المحض الذي صدر (1781م)، حاول كانط أن يقدم دراسة وصفية نقدية لقدرات العقل البشري وحدوده، لكي يبين ما يمكن وما لا يمكن أن يُعرف. وقد استنتج أن العقل يمكّننا من إدراك الأشياء في ظاهرها فقط، وليس أبدًا في ماهيتها. يعتقد كانط أن العقل يقوم بدور نشط في المعرفة وليس مجرد جهاز لتسجيل الوقائع التي يتلقاها من الحواس، ويؤدي هذه الوظيفة من خلال مقولات أو أشكال أساسية من الفهم، وهي مستقلة عن التجربة وبدونها لن يكون لتجربتنا أي معنى، فمن خلال هذه المقولات والعمليات الذهنية وبالاعتماد على تجاربنا الحسية، نستطيع أن نتوصل إلى المعرفة، أي معرفة الأشياء الخاضعة للتجربة الحسية، دون غيرها.

انتقد كانط البراهين التقليدية المعتمدة لإثبات وجود الله، متذرعا بأنها كلها باطلة؛ لكونها تناولت مسألة خارجة عن نطاق التجربة، وبالتالي فهي تتجاوز قدرات العقل البشري. ففي كتابه نقد العقل العملي الذي صدر (1788م)، قال: إن العقل العملي؛ أي العقل المطبق في مجال الممارسة، يرشدنا كيف يجب أن نعمل، وكذلك يقدم لنا حجة عقلية عملية للاعتقاد بوجود الله، من غير أن تكون تلك الحجة دليلاً قاطعًا على وجوده.

الفلسفة في القرن التاسع عشر. أثرت فسلفة كانط في العديد من المنظومات الفكرية التي ظهرت في القرن التاسع عشر الميلادي على يد فريدريك هيجل وكارل ماركس، الألمانيين، حيث شرح هيجل نظريته حول التغير التاريخي التي تُسمى الجدلية الهيجلية، بأن التنازع بين المتناقضات يؤدي إلى نشوء وحدة جديدة ثم إلى نقيضها. وقد حول ماركس نظرية هيجل إلى ما يسمى المادية الجدلية. يعتقد ماركس أن الأشياء المادية وحدها واقعية، وأن كل الأفكار مبنية على أساس اقتصادي، وأن التنازع الجدلي بين الرأسماليين والعمال الصناعيين، سوف يفضي إلى قيام الشيوعية التي سماها الاشتراكية نظامًا اقتصاديًا وسياسيًا.

أما فريدريك نيتشه، الفيلسوف الألماني فقد كان مُلحدًا ؛ حيث أعلن في كتابه هكذا تكلم زرادشت الذي صدر في 1883-1885م أن الله قد مات، (تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا)، وقصد بذلك أن فكرة الإله فقدت مالها من قوة بوصفها دافعًا وضابطًا لسلوك الناس، وما عليهم إلا أن يبحثوا عن فكرة أخرى، يهتدون بها في حياتهم، وقد تنبأ نيتشه بظهور السوبرمان أو الإنسان الأمثل الذي لا يشكو من ضعف البشر، ولا يحتكم إلى الأخلاق لأن الاحتكام إلى الأخلاق من شيم الضعفاء وليس من شيم الأقوياء. فالسلوك ينبغي أن يكون قائمًا على إرادة القوة؛ أي ميل الإنسان للسيطرة على غيره والتحكم في أهوائه، والسوبرمان سوف يسعى إلى نوع جديد من الكمال والتفوق بماله من قدرة على تحقيق مسعاه للسلطة بأسلوب الأقوياء، لا بأسلوب الضعفاء.

سيطر مذهب المنفعة في إنجلترا خلال القرن التاسع عشر الميلادي بزعامة جيرمي بينثام، وجون ستيوارت ميل. قال النفعيون: أكبر قدر من السعادة لأكبر قدر من الناس هو معيار الحق والباطل؛ أي أن المنفعة هي التي تحدد اتجاه الحقيقة، صدقًا كان أم كذبًا. كذلك فكل المؤسسات الاجتماعية وبالأخص المؤسسة التشريعية والحكومة ينبغي تحويلهما إلى جهاز يحقق أكبر قدر من السعادة. يقول ميل في كتابه خضوع النساء الذي صدر (1869م): إن هذا الخضوع القانوني للرجال ينبغي تعويضه بمبدأ المساواة التامة، وقد اعتُبرت هذه الفكرة من الأفكار الثورية في عصر ميل.

الفلسفة في القرن العشرين. شهدت الفلسفة في القرن العشرين الميلادي انتشار خمس حركات رئيسية، اثنتان منها: الوجودية والظواهرية كان لهما تأثير كبير في بلدان أوروبا الغربية. أما الحركات الثلاث الأخرى: الذرائعية، والوضعية المنطقية، والتحليل الفلسفي فقد مارست تأثيرها خصوصًا في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

في منتصف القرن العشرين الميلادي أصبح تأثير الوجودية ملحوظًا؛ وذلك أن الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م) ولّدت شعورًا عامًا باليأس والقطيعة من الوضع القائم. هذا الشعور قد أفضى إلى الاعتقاد بأن الناس عليهم أن ينشئوا القيم التي تليق بهم في عالم أصبحت القيم القديمة فيه عديمة الجدوى؛ كما أن الوجودية تلح على القول: إن الأفراد يجب عليهم أن يجددوا اختياراتهم وبذلك يعبرون عن شخصيتهم المتميزة، لأنه لا توجد أنماط موضوعية تفرض على الفرد فرضًا. ويُعتبر الكاتب الفرنسي جان بول سارتر أشهر الفلاسفة الوجوديين.

أما الفلسفة الظواهرية فقد أنشأها الفيلسوف الألماني إدموند هوسيرل، الذي تصور أن مهمة الظواهرية ـ وبالتالي مهمة الفلسفة ـ تتمثل في وصف الظاهرة؛ أي موضوعات التجربة الشعورية، وصفها بد قة وبكيفية مستقلة عن كل الافتراضات المشتقة من العلم. ويعتقد هوسيرل أن هذا العمل من شأنه أن يؤدي إلى إدراك الواقع إدراكًا فلسفيًا.

أما الفلسفة الذرائعية التي يمثلها في القرن العشرين الميلادي الأمريكيان وليم جيمس وجون ديوي، فتؤكد أن المعرفة خاضعة للعمل، وذلك أن اشتمال الأفكار على المعاني والحقائق متعلق بمدى ارتباطها بالتطبيق.

أما الفلسفة الوضعية المنطقية التي نشأت في فيينا بالنمسا في العشرينيات من القرن العشرين الميلادي فتقول: إن الفلسفة ينبغي أن تحلّل منطق لغة العلم. وهي تعتبر العلم المصدر الوحيد للمعرفة وتدعي بأن ماوراء الطبيعة لافائدة منه، اعتمادًا على مبدأ إمكانية التحقق؛ أي أن القول لا يكون له معنى إلا إذا ثبت بالتجربة الحسية أنه مطابق للحقيقة، ويعد البريطاني السير ألفرد جول آير من أكبر فلاسفة المذهب الوضعي المنطقي.

حاولت الفلسفة التحليلية عامة أن توجد الحلول للمشكلات الفلسفية عن طريق تحليل مفردات اللغة ومفاهيمها، كما حاولت بعض اتجاهات هذه الفلسفة أن تبرهن على أن بعض المشكلات الفلسفية التقليدية تنحَلُّ تلقائيًا ـ أي أنها تزول ـ بمجرد تحليل العبارات التي صيغت بها. وهناك اتجاهات أخرى منها تستعمل التحليل اللغوي من أجل إلقاء الأضواء على المشكلات الفلسفية التقليدية لكن من غير أن تزيلها. ومن أشهر الفلاسفة الذين مارسوا منهج التحليل الفلسفي، برتراند راسل، ولودفيج فيتجنشتاين، الذي وُلد في النمسا، لكنه درس وتعلم في إنجلترا.

فلسفة الشرق الأوسط

إن مناطق الهلال الخصيب وإيران والجزيرة العربية هي موطن لأقدم أدبيات الحكمة الفلسفية المعروفة والتي تهيمن عليها اليوم الثقافة الإسلامية. أدب الحكمة المبكرة من الهلال الخصيب كان من النوع الذي سعى لتعليم الناس على العمل الأخلاقي، والحياة العملية والفضيلة من خلال القصص والأمثال. في مصر القديمة، كانت هذه النصوص تُعرف باسم sebayt «التعاليم» وهي أساسية لفهمنا للفلسفة المصرية القديمة. تضمن علم الفلك البابلي أيضًا الكثير من التكهنات الفلسفية حول علم الكونيات والتي ربما أثرت على الإغريق القدماء. الفلسفة اليهودية والفلسفة المسيحية هي تقاليد دينية-فلسفية تطورت في الشرق الأوسط وأوروبا على حد سواء، حيث تشترك كل منهما في نصوص يهودية مبكرة معينة (أساسًا التاناخ) والمعتقدات التوحيدية. شارك المفكرون اليهود مثل جاءونيم للأكاديميات التلمودية في بابل وموسى بن ميمون مع الفلسفة اليونانية والإسلامية. في وقت لاحق، تعرضت الفلسفة اليهودية لتأثيرات فكرية غربية قوية، وتشمل أعمال موسى مندلسون الذي بشر في الحسكة (التنوير اليهودي) والوجودية اليهودية واليهودية الإصلاحية.

تبدأ الفلسفة الإيرانية قبل الإسلام بعمل زرادشت، أحد أوائل المروجين للتوحيد وللثنائي بين الخير والشر. أثر هذا الكونية المزدوج على التطورات الإيرانية اللاحقة مثل المانوية والمازداكية والزورفانية.

بعد الفتوحات الإسلامية، طورت الفلسفة الإسلامية المبكرة التقاليد الفلسفية اليونانية في اتجاهات مبتكرة جديدة. هذا العصر الذهبي الإسلامي أثر على التطورات الفكرية الأوروبية. التيارات الرئيسية للفكر الإسلامي في وقت مبكر هي الكلام الذي يركز على اللاهوت الإسلامي والفلسفة التي كانت قائمة على الأرسطية والأفلاطونية. كان عمل أرسطو مؤثرًا جدًا بين الفلاسفة الإسلاميين مثل الكندي (القرن التاسع) وابن سينا (980 - يونيو 1037) وابن رشد (القرن الثاني عشر). البعض الآخر مثل الغزالي انتقد بشدة أساليب الفصيلة الأرسطية. طور المفكرون الإسلاميون أيضًا منهجًا علميًا وطبًا تجريبيًا ونظرية البصريات وفلسفة قانونية. كان ابن خلدون مفكرا مؤثرا في فلسفة التاريخ.

في إيران، استمرت عدة مدارس للفلسفة الإسلامية في الازدهار بعد العصر الذهبي وتشمل التيارات مثل فلسفة الإنارة والفلسفة الصوفية والفلسفة المتسامية. شهد العالم العربي في القرنين التاسع عشر والعشرين حركة النهضة (الصحوة أو النهضة) التي أثرت على الفلسفة الإسلامية المعاصرة.

الفلسفة الإسلامية

طالع أيضاً: الفلسفة الإسلامية

الفلسفة الإسلامية هي تطوّر في الفلسفة يتميّز بالانتماء إلى التقاليد الإسلاميّة. هناك مصطلحان في اللغة العربيّة يترجمان إلى اللاتينية "Philosophy" وهما «فلسفة» والتي تشير إلى الفلسفة وكذلك المنطق والرياضيات والفيزياء، و«علم الكلام»؛ والتي تُشير إلى الشكل العقلانيّ من اللاهوت الإسلاميّ.

ترافق تطور العلوم عند العرب والمسلمين ابتداءً من القرن الثاني الهجري مع ظهور اهتمام بالفلسفات الشرقية واليونانية أدى إلى تشكل حركة فلسفية قادها عدد من المفكرين المسلمين من العرب وغير العرب. بدأت الفلسفة الإسلاميّة المبكّرة مع يعقوب بن اسحاق الكندي في القرن الثاني من التقويم الهجري (أوائل القرن التاسع الميلادي) وانتهت مع ابن رشد في القرن السادس الهجري (أواخر القرن الثاني عشر الميلادي)، وتزامن ذلك -على نطاق واسع- مع الفترة المعروفة باسم العصر الذهبي للإسلام. تميّزت وفاة ابن رشد بنهاية تخصّص معيّن من الفلسفة الإسلامية يدعى عادةً بالمدرسة المشّائيّة العربية بشكلٍ فعليّ، وانخفض النشاط الفلسفيّ بشكلٍ كبير في الدول الإسلامية الغربية مثل الأندلس وشمال أفريقيا.

الفلسفة الهندية

طالع أيضاً: فلسفة هندية

الفلسفة الهندية معلوم أنه غلب عليها الطابع الروحاني أكثر من الطابع السياسي، وقد اعتمدت بالدرجة الأولى على بعض الكتب المقدسة التي تسمى الفيدا. ويزعمون أنها مُنَزّلة تنزيلاً وصادقة كل الصدق، وبالتالي فهي صالحة للتفسير فقط لا للانتقاد. وقد ركزت معظم الآراء الفلسفية الهندية على الانسحاب من الحياة اليومية، والانقطاع للحياة الروحية.

 لا نعرف بالضبط متى بدأت الفلسفة الهندية. وقد كان الفكر الفلسفي في الهند متداخلا مع الدين، حيث كان معظمه ذا طابع وهدف ديني. وقد ظهرت التفاسير الفلسفية للكتب المقدسة أثناء القرن السادس ق.م، وتسمى هذه الدراسات في اللغة الهندية باسم دَرْشانا الذي يعني الرؤية، وهو يطابق ما كان يسميه قدماء اليونان فيلاسوفيا.

وكان الهدف الرئيسي في الفلسفة الهندية هو التحرر من العذاب والتوتر الناتجين عن البدن والحواس، والكف عن التشبث بالدنيا وما فيها. وأهم الفلسفات التي ازدهرت في الهند: الهندوسية والبوذية، اللتان تعتبران في الوقت نفسه من الأديان. لكن بعض الفلاسفة الهنود أوجدوا منظومة معقدة من المنطق، وأنجزوا بحوثًا في نظرية المعرفة، وكان لبعض آرائهم الفلسفية تأثير في الغرب ومن بينها تناسخ الأرواح؛ أي الاعتقاد بأن روح الإنسان يمكن أن تحل على التوالي في أجسام أخرى.

تشير الفلسفة الهندية (بالسنسكريتية: darśana؛ «وجهات نظر العالم»، «التعاليم») إلى التقاليد الفلسفية المتنوعة التي ظهرت منذ العصور القديمة في شبه القارة الهندية. نشأت الديانة الهندوسية والبوذية في نهاية الفترة الفيدية، في حين برزت الهندوسية باعتبارها مزيجًا من التقاليد المتنوعة، بدءًا من نهاية فترة الفيدية.

يصنف الهندوس عمومًا هذه التقاليد على أنها إما أرثوذكسية أو غير متجانسة -إستيكا أو نستيكا- اعتمادًا على ما إذا كانوا يقبلون سلطة الفيدا ونظريات براهمان وعتمان (النفس، الذات) فيها. المدارس الأرثوذكسية تشمل التقاليد الهندوسية في التفكير، في حين أن المدارس غير التقليدية تشمل البوذية وتقاليد جاين. المدارس الأخرى تشمل كانادا وآجيفيكا وشارفاكا التي انقرضت عبر تاريخهم.

تتضمن المفاهيم الفلسفية الهندية الهامة التي تشتركها الفلسفات الهندية: دارما، كارما، أرتا، كاما، دوكخا (معاناة)، أنيتيا (أنيكا، عدم ثبات)، دهيانا (جانا، تأمل)، تخلي (مع أو بدون رهبنة أو زهد) دورات ولادة جديدة، وموكشا (السكينة، والكايفاليا، والتحرر من ولادة جديدة)، والفضائل مثل أهيمسا.

فلسفة شرق آسيا

طالع أيضاً: فلسفة شرقية

من المعروف عن الفلسفة الصينية أنها كانت دائمًا من حيث أهدافها، عملية، وإنسانية واجتماعية. وقد تطورت باعتبارها وسيلة لإصلاح المجتمع والوضع السياسي. وكما هو معروف فإن الفلسفة الصينية بدأت في القرن السادس ق.م مع الفيلسوف كونفوشيوس. وقد ظلت فلسفته التي تسمى الكونفوشية، هي فلسفة الصين الرسمية لعدة قرون، ورغم أنها فُسّرت تفسيرات عديدة عبر الأجيال، فقد كان هدفها مساعدة الناس على تحسين حياتهم وإصلاح شؤونهم، عن طريق الانضباط والاطلاع على ما يوافق أهداف حياتهم. وكان المرشحون لمناصب الحكم يُمتحنون في الفكر الكونفوشي الذي هو الأساس فيما تتخذه الحكومة من قرارات. وهكذا فالحضارة الصينية أكثر الحضارات تركيزًا على أهمية الفلسفة. تميزت الفلسفة الصينية ببذل الجهود للمشاركة في نشاط الدولة من أجل تحسين ظروف الحياة.

بدأ الفكر الفلسفي في شرق آسيا في الصين القديمة وازدهرت الفلسفة الصينية خلال عهد أسرة تشو الغربية والفترة اللاحقة، عندما ازدهرت «مدارس الفكر المئة» (القرن السادس إلى 221 قبل الميلاد). تميزت هذه الفترة بالتطورات الفكرية والثقافية الهامة وصعود المدارس الفلسفية الكبرى في الصين، والكونفوشيوسية، والقانونية والطاويّة والموهيّة والواقعية وكذلك العديد من المدارس الأخرى الأقل نفوذاً. كما ظهرت في القرن الثاني عشر الميلادي حركة تسمى الكونفوشية المحدثة مستفيدة من كل المذاهب الفلسفية التي سبقتها.

تشمل النظريات الميتافيزيقية والسياسية والأخلاقية التي طورتها هذه التقاليد الفلسفية تاو، ويين ويانغ، ورين، ولي، إلى جانب البوذية الصينية، والفلسفة الكورية ذات التأثير المباشر والفلسفة الفيتنامية والفلسفة اليابانية (التي تشمل أيضًا تقاليد الشنتو الأصلية). أثناء وصول البوذية إلى الصين، انتشرت أسرة هان (206 ق.م. - 220 م)، من خلال انتقال طريق الحرير التدريجي، وتأثير التأثيرات المحلية على تطوير أشكال صينية مميزة (مثل تشان/زن) في جميع أنحاء المجال الثقافي لشرق آسيا. خلال السلالات الصينية اللاحقة مثل أسرة مينغ (1368-1644)، وكذلك أسرة جوسون الكورية (1392-1897)، أصبحت نهضة الكونفوشيوسية جديدة بقيادة مفكرين مثل يانغ مينغ (1472-1529) مدرسة الفكر المهيمنة. وكان يروج لها إمبراطور الدولة.

في العصر الحديث، يدمج المفكرون الصينيون أفكارًا من الفلسفة الغربية. تأثر هو شيه وصعود الكونفوشيوسية الجديدة بماو تسي تونغ، في حين أن الفلسفة الماركسية الصينية طورها شيونغ شيلي. تطور الفكر الياباني الحديث بنفس طريقة التأثيرات الغربية القوية مثل دراسة العلوم الغربية (Rangaku) وجمعية الحداثة ميروكوشا الفكرية التي فكر فيها التنوير الأوروبي. شهد القرن 20 صعود الدولة الشنتو وكذلك القومية اليابانية. مدرسة الكيوتو، وهي مدرسة فلسفية يابانية مؤثرة وفريدة من نوعها تطورت من الظواهر الغربية والفلسفة البوذية اليابانية في العصور الوسطى مثل دوغين.

الفلسفة الأفريقية

طالع أيضاً: فلسفة أفريقية

الفلسفة الأفريقية هي الفلسفة التي ينتجها الشعب الأفريقي، الفلسفة التي تقدم آراء وأفكار ومواضيع عالمية، أو فلسفة تستخدم أساليب فلسفية أفريقية متميزة. الفكر الأفريقي الحديث مشغول بالفلسفة الإثنية، مع تحديد معنى الفلسفة الإفريقية وخصائصها الفريدة وما يعنيه أن تكون أفريقيًا. خلال القرن السابع عشر، طورت الفلسفة الإثيوبية تقاليد أدبية قوية كما تجسدها زيرا يعقوب. كان الفيلسوف الأفريقي المبكّر هو أنطون ويلهلم أمو (حوالي 1703–1759) الذي أصبح فيلسوفًا قديرا في ألمانيا. شهد الفكر الأفريقي المعاصر أيضًا تطور الفلسفة المهنية وفلسفة أفريكانا، والأدب الفلسفي للمغتربين الأفارقة، والذي يتضمن تيارات مثل الوجودية السوداء للأميركيين الأفارقة. تأثر المفكرون الأفارقة المعاصرون بالماركسية والأدب الأفريقي الأمريكي والنظرية النقدية ونظرية العرق الحرج وما بعد الاستعمار والنسوية.

فلسفة الأمريكيين الأصليين

فلسفة السكان الأصليين الأمريكية هي فلسفة السكان الأصليين للأمريكتين. هناك مجموعة واسعة من المعتقدات والتقاليد بين هذه الثقافات الأمريكية المختلفة. من بين بعض الأمريكيين الأصليين في الولايات المتحدة، هناك اعتقاد بمبدأ الميتافيزيقي المسمى «الغموض العظيم». مفهوم آخر مشترك على نطاق واسع هو مفهوم «القوة الروحية». وفقًا لبيتر وايتلي، بالنسبة للأمريكيين الأصليين، «العقل مدرك تمامًا للوقائع التجريبية (الأحلام والرؤى وما إلى ذلك) وكذلك بسببها». وتُعرف ممارسات الوصول إلى هذه التجارب المتعالية بالشامانية. ميزة أخرى من وجهات النظر الأمريكية الأصلية في العالم هي امتداد أخلاقياتها إلى الحيوانات والنباتات.

في أمريكا الوسطى، كانت فلسفة الآزتك تقليدًا فكريًا قام بتطويره أفراد يدعون Tlamatini («أولئك الذين يعرفون شيئًا ما») ويتم الحفاظ على أفكارهم في العديد من مخطوطات الآزتك. طرحت النظرة العالمية للأزتك مفهوم الطاقة أو القوة الكونية المطلقة التي تدعى "Ometeotl" والتي يمكن ترجمتها على أنها «طاقة كونية ثنائية»، وسعت إلى وسيلة للعيش في توازن مع عالم «زلق» دائم التغير. يمكن اعتبار نظرية تيوتل كشكل من أشكال وحدة الوجود. طوّر فلاسفة الأزتك نظريات الميتافيزيقيا، نظرية المعرفة، القيم، وعلم الجمال. ركزت أخلاقيات الأزتك على البحث عن "tlamatiliztli" (المعرفة والحكمة) والتي كانت تقوم على الاعتدال والتوازن في جميع الإجراءات كما في المثل «ضرورية الخير الأوسط».

كان لحضارة الإنكا أيضًا نخبة من علماء الفلاسفة أطلقوا عليها اسم «أوماكونا» الذين كانوا مهمين في نظام تعليم الإنكا كمدرسين للدين والتقاليد والتاريخ والأخلاق. المفاهيم الأساسية لفكر الأنديز هي يانانتين وماسينتين التي تتضمن نظرية «الأضداد التكميلية» التي ترى أن الأقطاب (مثل الذكور/الإناث، الظلام/النور) أجزاء مترابطة من كل متناغم.

مواضيع الفلسفة

يمكن تصنيف الأسئلة الفلسفية في فئات. تسمح هذه التصنيفات للفلاسفة بالتركيز على مجموعة من الموضوعات المتشابهة والتفاعل مع المفكرين الآخرين المهتمين بنفس الأسئلة. تجعل التصنيفات أيضًا الفلسفة أسهل على الطلاب في النهج. يمكن للطلاب تعلم المبادئ الأساسية التي ينطوي عليها جانب واحد من المجال دون أن تطغى على مجموعة كاملة من النظريات الفلسفية.

يمكن القيام باستقصاء فلسفي في أي موضوع، لأن الفلسفة تتناول كل ما يوجد في الكون وكل ما له ارتباط بالمعرفة. على أنه من أجل تحقيق أغراض الدراسة، قد جرت العادة أن تُقسم الفلسفة إلى خمسة فروع، وكل فرع ينتظم فيه البحث حول عدد من المسائل المتميزة. هذه الفروع هي: 1- ماوراء الطبيعة (الميتافيزيقا). 2- نظرية المعرفة. 3- المنطق. 4- الأخلاق. 5- علم الجمال. وفضلاً عن ذلك فقد عظم شأن فلسفة اللغة في القرن العشرين، حتى أصبح البعض يعتبرها فرعًا آخر من فروع الفلسفة.

هذه التصنيفات ليست شاملة وليست متبادلة. (قد يتخصص الفيلسوف في نظرية المعرفة الكانتية، أو الجماليات الأفلاطونية، أو الفلسفة السياسية الحديثة). علاوة على ذلك، تتداخل هذه التحقيقات الفلسفية في بعض الأحيان مع بعضها البعض ومع استفسارات أخرى مثل العلوم أو الدين أو الرياضيات.

الميتافيزيقيا

طالع أيضاً: ما وراء الطبيعة

الميتافيزيقيا أو ما وراء الطبيعة علم يدرس الواقع والوجود من حيث طبيعتهما الأساسية، كما يدرس ماهية الأشياء. وهي دراسة لأكثر السمات العامة للواقع، مثل الوجود، والوقت، والأشياء وخصائصها، وأجزائها، والأحداث والعمليات والسببية والعلاقة بين العقل والجسم. ومن الباحثين من يقسم علم ما وراء الطبيعة إلى ميدانين: علم الوجود، وعلم الكون. فعلم الوجود يدرس الموجودات؛ أما علم الكون فيدرس الكون الطبيعي ككل. كما أن علم الكون يُقصد به ذلك الفرع من العلوم الذي يدرس نظام الكون وتاريخه ومستقبله.

يتناول علم ما وراء الطبيعة مسائل من نوع: ما الواقع؟ ما الفرق بين الظاهر والواقع؟ ما المبادئ والمفاهيم العامة التي يمكن بموجبها تأويل تجاربنا وفهمها؟ هل لدينا إرادة حرة أم أن أعمالنا مُسيرة بأسباب ليس لنا فيها خيار؟

هناك نقطة رئيسية للنقاش بين الواقعية، التي تنص على أن هناك كيانات موجودة بشكل مستقل عن إدراكها العقلي ومُثُلها، والتي تؤكد أن الواقع مبني عقلياً أو غير مهم. تتناول الميتافيزيقيا موضوع الهوية. الجوهر هو مجموعة من السمات التي تجعل الكائن ما هو عليه بشكل أساسي وبدونه يفقد هويته بينما يكون الحادث خاصية لها الكائن، والتي بدونها لا يزال بإمكان الكائن الاحتفاظ بهويته. التفاصيل هي كائنات يُقال إنها موجودة في المكان والزمان، على عكس الكائنات المجردة، مثل الأرقام والعامة، وهي خصائص تحتفظ بها تفاصيل متعددة، مثل الاحمرار أو الجنس. نوع الوجود، إن وجد، للأجسام العالمية والأشياء المجردة هو موضوع نقاش.

لقد أوجد الفلاسفة عددًا من النظريات في علم ما وراء الطبيعة وهي: المادية، والمثالية، والآلية، والغائية. إن المادية تؤكد أن المادة وحدها هي التي لها وجود حقيقي، وأن المشاعر والأفكار وغير ذلك من الظواهر العقلية إنما هي ناتجة عن نشاط المادة. وتقرر المثالية بأن أي شيء مادي إنما هو فكرة أو شكل من أشكال الفكرة، وبمقتضاها فإن الظواهر العقلية هي وحدها المهمة والمطابقة للحقيقة. أما الآلية فتؤكد أن كل الأحداث إنما هي ناتجة عن قوى آلية محضة، وليس عن غاية معينة، بل لا يعقل أن نقول إن الكون في حد ذاته من ورائه غاية معينة. أما الغائية، فهي على العكس، تقرر بأن الكون وكل شيء فيه يتصف بالوجود والحدوث من أجل غاية معينة.

علم الوجود

طالع أيضاً: علم الوجود

الأنطولوجيا أو علم الوجود أو علم تجريد الوجود، هو أحد الأفرع الأكثر أصالة وأهمية في الميتافيزيقيا. يدرس هذا العلم في البحث في كشف طبيعة الوجود غير المادي في القضايا الميتافيزيقية المترتبة على التصورات أو المفاهيم والقوانين العلمية، مثل المادة والطاقة والزمان والمكان والكم والكيف والعلة والقانون والوجود الذهني وغيرها الكينونة أو الوجود إضافة إلى أصناف الوجود في محاولة لتحديد وإيجاد أي كيان أو الكينونة وأي أنماط لهذه الكينونات الموجودة في الحياة. ومع كل هذا فإن الأنطولوجيا ذات علاقة وثيقة بمصطلحات دراسة الواقع.

نظرية المعرفة

طالع أيضاً: نظرية المعرفة

نظرية المعرفة هي دراسة المعرفة وطرق الوصول إليها. وهدفها تحديد طبيعة المعرفة وأساسها ومجالها، كما تستكشف الطرائق المختلفة المؤدية إلى المعرفة وجوهر الحقيقة والعلاقات بين المعرفة والإيمان. إن نظرية المعرفة تطرح أمثال الأسئلة الآتية: ما العلامات الدالة على المعرفة الصادقة من أجل تمييزها عن المعرفة الكاذبة؟ ما الحقيقة، وكيف يمكن أن نعرف الصواب والخطأ؟ هل هناك أنواع مختلفة من المعرفة؟ وهل لكل واحدة منها حُجج وخصائص؟

يدرس علماء المعرفة المصادر المفترضة للمعرفة، بما في ذلك الحدس، والسبب المسبق، والذاكرة، والمعرفة الإدراكية، والمعرفة الذاتية والشهادة. يسألون أيضًا: ما هي الحقيقة؟ هل المعرفة مبررة الإيمان الحقيقي؟ هل هناك أي معتقدات لها ما يبررها؟ تشمل المعرفة المفترضة المعرفة الافتتاحية (معرفة أن هناك شيئًا ما)، والدراية (معرفة كيفية عمل شيء ما) والتعارف (الإلمام بشخص ما أو شيء ما). يفحص علماء المعرفة هذه ويسألون عما إذا كانت المعرفة ممكنة حقًا.

 كثيرًا ما يميز الفلاسفة بين نوعين من المعرفة: القَبْلية، والتجريبية. نتوصل إلى المعرفة القبلية بالتفكير من غير أن نستعين بالتجربة، مثلا، نعرف أن الدقيقة تشتمل على ستين ثانية، عن طريق تعلمنا لمعنى كل من العبارتين. بالطريقة نفسها نعرف أن الساعة فيها أيضًا ستون دقيقة، ومن هاتين المسألتين نستنتج أن الساعة تشتمل على 3,600 ثانية، ونتوصل إلى هذا الاستنتاج بمجرد عملية فكرية. أما المعرفة التجريبية فنكتسبها من الملاحظة والتجربة. مثلاً، نعرف بالملاحظة كم مفتاحا في الآلة الكاتبة؟ كما نعرف بالتجربة أيّ المفاتيح يطبع أي حرف؟

إن جوهر الحقيقة قد حيّر الناس منذ قديم الزمان، ربما لأن الناس كثيرًا ما يُطلقون صفة حقيقي على أفكار يتجاوبون معها ويميلون إليها، وكذلك لأنهم كثيرا ما يختلفون في الرأي حول أي من الأفكار تطابق الحقيقة. لقد حاول الفلاسفة أن يحددوا معايير الحكم من أجل التمييز بين الصواب والخطأ، ولكنهم اختلفوا حول معنى الحقيقة، وكيف يمكن التوصل إلى أفكار مطابقة للحقيقة. إن نظرية التطابق تقول: إن الفكرة تعتبر حقيقية إذا كانت مطابقة للوقائع والمجريات. أما النظرية الذرائعية أو البرغماتية، فتؤكد أن الفكرة تطابق الحقيقة، إذا هي أثرت في المشكلة المطروحة، أو قدمت لها حلاًّ. أما نظرية الترابط فتقول: إن الحقيقة مقياسها في الدرجة؛ أي أن الفكرة مطابقة للحقيقة بمقدار ما هي متماسكة أو متوافقة مع أفكار أخرى يؤمن بها الإنسان.

 أما النظرية الشكوكية فتدَّعي أنه من المستحيل التوصل إلى المعرفة، وأن وجه الحقيقة لا يمكن أن يُعرف. الشك هو الموقف الذي يشك في ادعاءات المعرفة. حجة الانحدار، وهي مسألة أساسية في نظرية المعرفة، تحدث عندما يحتاج إثبات أي بيان إلى تبريرها في حد ذاته بمبرر آخر من أجل إثبات أي بيان. يمكن أن تستمر هذه السلسلة إلى الأبد، والتي تسمى اللانهائية، ويمكن أن تعتمد في نهاية المطاف على المعتقدات الأساسية التي بقيت غير مثبتة، أو ما يسمى بالتأسيسية، أو يمكن أن تستمر في دائرة بحيث يتم تضمين عبارة في سلسلة التبرير الخاصة بها، والتي تسمى التماسك.

العقلانية هي التركيز على التفكير كمصدر للمعرفة. يرتبط مع معرفة مسبقة، مستقلة عن التجربة، مثل الرياضيات والاستنباط المنطقي. التجريبية هي التركيز على الأدلة الرصدية عبر التجربة الحسية كمصدر للمعرفة.

فلسفة العلوم والرياضيات

طالع أيضاً: فلسفة العلوم وفلسفة الرياضيات

العديد من التخصصات الأكاديمية ولدت التحقيق الفلسفي. جادل ريتشارد فاينمان بأن فلسفة موضوع ما ليست ذات صلة بدراسته الأولية، قائلاً إن «فلسفة العلوم مفيدة للعلماء مثل علم الطيور للطيور». على النقيض من ذلك، جادل كورتيس وايت أن الأدوات الفلسفية ضرورية للإنسانيات والعلوم والعلوم الاجتماعية. موضوعات فلسفة العلوم هي الأعداد والرموز والأساليب الرسمية في التفكير كموظفين في العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية.

فلسفة العلوم

يستكشف هذا الفرع الأسس والأساليب والتاريخ والآثار والغرض من العلوم. تتوافق العديد من أقسامها الفرعية مع فرع معين من العلوم. على سبيل المثال، تتناول فلسفة علم الأحياء على وجه التحديد القضايا الميتافيزيقية والمعرفية والأخلاقية في العلوم الطبية الحيوية وعلوم الحياة. أما فلسفة الرياضيات تدرس الافتراضات الفلسفية، الأسس والآثار المترتبة على الرياضيات.

المنطق

طالع أيضاً: المنطق

المنطق الدراسة المنهجية لشكل الاستدلال الصحيح. وهو يتناول بالدراسة مبادئ وطرائق المحاكمة العقلية؛ فهو يستكشف كيفيات التمييز بين المحاكمة القويمة والمحاكمة السقيمة. ويُسمَّى المثال المستخدم في المحاكمة البرهان أو الاستدلال. يتمثل البرهان في جملة من الحجج تسمى مقدمات، وهذه تقترن بحجة أخرى تسمى النتائج التي من المفروض أن تستند إلى المقدمات أو تنبثق عنها. إن البرهان القوي يكون سندًا للنتائج، بعكس البرهان الضعيف.

الحجة هي «سلسلة متصلة من البيانات تهدف إلى إنشاء اقتراح». سلسلة البيانات المرتبطة «تدعى المقدمة» والاقتراح هو الاستنتاج. فمثلا:

  • كل البشر يموتون. (فرضية)
  • سقراط من البشر. (فرضية)
  • لذلك، سقراط سيموت. (نتيجة)

 يوجد نوعان أساسيان من المحاكمة العقلية، يسمى أحدهما الاستنتاج والآخر الاستقراء.

 يوصف البرهان الاستنتاجي بأنه صحيح عندما يأتي الحكم صحيحًا بالضرورة من المقدمتين. ويوصف بأنه باطل إذا كان حكمه النهائي لا يتولد بالضرورة عن المقدمتين. فالبرهان الذي صيغته: البشر كلهم عُرضة للموت. اليونانيون بشر. إذن اليونانيون كلهم عُرضة للموت، هذا البرهان الاستنتاجي صحيح. لكن البرهان الذي صيغته: البشر كلهم عُرضة للموت. اليونانيون كلهم عُرضة للموت. إذن اليونانيون كلهم بشر، هذا البرهان باطل وإن كان الحكم النهائي صحيحًا، لأن هذا المنوال من المحاكمة العقلية يجعلنا نفترض جدلاً أن الكلاب باعتبار أنها أيضًا عُرضة للموت هي بشر أيضًا.

تُستعمل المحاكمة العقلية الاستنتاجية لاستكشاف النتائج المترتبة على بعض الافتراضات، أما المحاكمة العقلية الاستقرائية فيستعان بها لإثبات الوقائع والقوانين الطبيعية، وليس هدفها أن تكون صحيحة من الناحية الاستنتاجية. فالذي يحكم عقليًا أن السناجب تحب الجوز، على أساس أن كل السناجب التي رصدها تحب الجوز، يكون قد بنى حكمه بطريقة استقرائية. فالحكم النهائي قد يكون هنا باطلاً حتى ولو كانت المقدمة صحيحة. ومع ذلك فالمقدمة توفر سندًا قويًا لاستخلاص الحكم النهائي.

لأن التفكير المنطقي هو عنصر أساسي في جميع العلوم، العلوم الاجتماعية وتخصصات العلوم الإنسانية، أصبح المنطق علمًا رسميًا فيها. تشمل الحقول الفرعية المنطق الرياضي والمنطق الفلسفي والمنطق الشرطي والمنطق الحسابي والمنطق غير الكلاسيكي. والسؤال الرئيسي في فلسفة الرياضيات هو ما إذا كانت الكيانات الرياضية موضوعية ومكتسبة، تسمى الواقعية الرياضية، أو التي اخترعت، وتسمى لاواقعية رياضية.

نظرية القيمة

طالع أيضاً: نظرية القيمة وعلم القيم

تعد نظرية القيمة (أو الأكسيولوجيا) هي الفرع الرئيسي للفلسفة التي تتناول موضوعات مثل الخير والجمال والعدالة. تتضمن نظرية القيمة الأخلاق، الجماليات، الفلسفة السياسية، الفلسفة النسوية، فلسفة القانون وغير ذلك.

علم الأخلاق

طالع أيضاً: أخلاق وأخلاقيات

الأخلاق، أو «الفلسفة الأخلاقية»، لها علاقة بسيرة الإنسان وشخصيته وقيمه، فهي تدرس طبيعة الصواب والخطأ، وتميّز بين الخير والشر. فالأخلاق تستكشف خصائص العدل والمجتمع العادل، وكذلك واجبات الإنسان نحو ذاته ونحو غيره ونحو المجتمع. وتدرس ما هو السلوك الجيد والسيئ، والقيم الصحيحة والخاطئة. تتضمن التحقيقات الأولية كيفية العيش حياة جيدة وتحديد معايير الأخلاق. ويشمل أيضًا التحقيقات الفوقية حول وجود أفضل طريقة للعيش أو المعايير ذات الصلة. الفروع الرئيسية للأخلاقيات هي الأخلاق المعيارية، الأخلاقيات الفوقية والأخلاقيات التطبيقية.

يتضمن مجال النقاش الرئيسي التبعية، حيث يتم الحكم على الإجراءات من خلال النتائج المحتملة للفعل، مثل زيادة السعادة إلى أقصى حد، وتسمى المنفعة، وعلم الأخلاق، والتي يتم فيها الحكم على الإجراءات من خلال التزامها بالمبادئ ، بغض النظر عن الغايات السلبية.

 تطرح الأخلاق أمثال الأسئلة الآتية: ما وجه الصواب في العمل الصائب؟ وما وجه الخطأ في العمل الخاطئ؟ ما الخير وما الشر؟ ما القيم الخاصة بالحياة؟ قد تبرز المشاكل في مجال الأخلاق، لأننا كثيرًا ما نجد صعوبة في إدراك ما يلزم القيام به. وفي العديد من الحالات تتعارض واجباتنا، أو تبدو لنا غامضة فضلاً عن كون الناس كثيرًا ما يختلفون حول ما إذا كان عمل من الأعمال أو مبدأ من المبادئ، صائبًا أو خاطئًا من الناحية الأخلاقية.

أما وجهة النظر المسماة مذهب النسبية فتقول: إن الصواب والخطأ كلاهما مرهون بنوعية الثقافة المعنية. فما هو صائب في مجتمع قد يكون خاطئًا في مجتمع آخر. هذه النظرة تعتمد على المجادلة، لذا لا توجد معايير أساسية يمكن بموجبها أن نحكم بأن ثقافة ما، على صواب أو على خطأ. أما النظرية الموضوعية فتدعي أنه توجد معايير موضوعية للصواب والخطأ يمكن اكتشافها وانطباقها على أي إنسان. أما النظرية الذاتية فتقول: إن كل المعايير الأخلاقية ما هي إلا مسائل لها علاقة بالذوق أو الرأي.

علم الجمال

طالع أيضاً: فلسفة الجمال

الجماليات هي «التفكير الناقد في الفن والثقافة والطبيعة». وهو يتناول طبيعة الفن والجمال والذوق والتمتع والقيم العاطفية والإدراك ومع خلق وتقدير الجمال. يتم تعريفه على نحو أكثر دقة على أنه دراسة القيم الحسية أو الحسية العاطفية، التي تسمى أحيانًا أحكام المشاعر والذوق.

علم الجمال يبحث في الإبداع، وكذا في المبادئ التي يقوم عليها الفن والجمال، كما أنه يدرس أفكارنا ومشاعرنا ومواقفنا حينما نرى ونسمع ونطالع شيئًا جميلاً قد يتمثل في شيء جميل، كالأثر الفني، مثل الرسم أو السيمفونية أو القصيدة، أو غروب الشمس أو غيره من الظواهر الطبيعية. فضلاً عن ذلك، فإن علم الجمال يستقصي الخبرة التي اكتسبها من يمارس بعض الأنشطة المختلفة مثل الرسم بأنواعه المختلفة والتمثيل السينمائي والمسرحي.

أقسامها الرئيسية هي نظرية الفن، النظرية الأدبية، نظرية السينما ونظرية الموسيقى. مثال على نظرية الفن هو تمييز مجموعة المبادئ التي تقوم عليها أعمال فنان معين أو حركة فنية مثل جمالية التكعيبية. تحلل فلسفة الفيلم الأفلام والمخرجين لمحتواها الفلسفي وتستكشف الفيلم (الصور، السينما، إلخ) كوسيلة للتفكير والتعبير الفلسفي.

يتطابق علم الجمال أحيانًا مع فلسفة الفن التي تبحث دائمًا في طبيعة الفن ومجريات الإبداع الفني وطبيعة التجربة الجمالية ومبادئ النقد. لكن ميادين تطبيق علم الجمال أوسع، حيث تشتمل على الأعمال الفنية التي أبدعها الإنسان، وكذا مظاهر الجمال الملحوظة في الطبيعة.

ندرك علاقة علم الجمال بالأخلاق و الفلسفة السياسية حينما نتساءل: أي دور ينبغي أن يؤديه الفن والجمال في المجتمع، وفي حياة الفرد؟ من بين تلك الأسئلة أيضًا: كيف يمكن تحسين ذوق الإنسان في مجالات الفن؟ وكيف ينبغي أن نعلّم الفنون في المدارس؟ هل للحكومات حق في وضع القيود للتعبير الفني؟

فلسفة اللغة

طالع أيضاً: فلسفة اللغة

فلسفة اللغة أصبحت ذات أهمية خاصة في الأعوام الأخيرة؛ فبعض الفلاسفة يؤكدون أن جميع المسائل الفلسفية نابعة من مشكلات لغوية، ويؤكد آخرون أن جميع المسائل الفلسفية ما هي في الواقع إلا مسائل تدور حول اللغة. من بين الأسئلة الأساسية هذا السؤال: ما اللغة؟ لكن توجد أسئلة أخرى حول العلاقات بين اللغة والفكر وبين اللغة والعالم، وكذا أسئلة حول طبيعة المعنى والتعريف.

أثيرت مسألة ما إذا كان من الممكن وجود لغة منطقية، تتصف بالكمال، وتعبر مضامينها عن خصائص العالم الأساسية. هذه المسألة تثير مسائل أخرى حول كفاية اللغة العادية لكي تكون أداة للفلسفة. فهذه المسائل كلها تندرج في نطاق فلسفة اللغة التي لها ارتباطات وثيقة مع الفروع الأخرى من الفلسفة.

الفلسفة السياسية

طالع أيضاً: فلسفة سياسية

الفلسفة السياسية هي دراسة الحكومة وعلاقة الأفراد (أو العائلات والعشائر) بالمجتمعات بما في ذلك الدولة. ويشمل أسئلة حول العدالة والقانون والملكية وحقوق والتزامات المواطن. السياسة والأخلاق هي مواضيع مرتبطة تقليديًا، حيث يناقش الاثنان مسألة كيف يجب أن يعيش الناس معًا.

فلسفة الدين

طالع أيضاً: فلسفة الدين

تتعامل فلسفة الدين مع الأسئلة التي تنطوي على الدين والأفكار الدينية من منظور محايد فلسفيًا (على عكس اللاهوت الذي يبدأ من المعتقدات الدينية). تقليديا، لم تُعتبر الأسئلة الفلسفة الدينية مجالاً منفصل عن الفلسفة الصحيحة، ففكرة الحقل المنفصل ظهرت فقط في القرن التاسع عشر.

تشمل القضايا وجود الإله، والعلاقة بين العقل والإيمان، ومسائل نظرية المعرفة الدينية، والعلاقة بين الدين والعلوم، وكيفية تفسير التجارب الدينية، وأسئلة حول إمكانية الحياة الآخرة، ووجود النفوس وردود التعددية الدينية والتنوع.

المدارس الفلسفية

يتخصص بعض الفلاسفة في واحدة أو أكثر من المدارس الفلسفية الكبرى، مثل الفلسفة القارية أو الفلسفة التحليلية أو التوماوية أو الفلسفة الشرقية أو الفلسفة الأفريقية.

الفلسفة والميادين الأخرى

من خصائص الفلسفة أن السؤال: ما الفلسفة؟ هو في حد ذاته سؤال فلسفي، لكن السؤال: ما الفن؟ ليس سؤالاً فنيًا بل سؤال فلسفي. نفس الشيء يقال عن الأسئلة الأخرى مثل: ما التاريخ؟ و ما القانون؟ فكل واحد منهما سؤال فلسفي. لذلك فأمثال هذه الأسئلة تنطبق على فلسفة التربية وفلسفة التاريخ وفلسفة القانون وغير ذلك من ميادين العلوم. إن كل واحد من هذه الميادين، يحاول أن يحدد الأسس والمقولات الجوهرية والمناهج الصالحة لمؤسسة ما أولقطاع خاص من الدراسة. لذلك توجد علاقة قوية بين الفلسفة والميادين الأخرى من النشاط. وهذا ما يتضح بالنظر في اثنين من الميادين: 1- الفلسفة والعلم. 2- الفلسفة والدين.

الفلسفة والعلم

إن العلم يدرس الظواهر الطبيعية والظواهر الاجتماعية. لكن العلم لا يدرس العلم في حد ذاته. وعندما يفكر العلم في ذاته، فإنه يتحول إلى ما يسمى فلسفة العلم التي تتناول عددًا من المسائل الفلسفية من بينها: ما العلم؟ ما المنهج العلمي؟ هل الحقيقة العلمية تطلعنا على حقيقة العالم والواقع؟ وما قيمة العلم؟

تولّدت عن الفلسفة عدة ميادين مهمة من العلوم. ولم يكن هناك من تمييز بين العلم والفلسفة إلى نهاية القرن السابع عشر الميلادي. فعلى سبيل المثال، كانت الفيزياء تسمى الفلسفة الطبيعية. بينما كان علم النفس يشكل جزءا مما يسمى الفلسفة الخلقية. أما في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، فقد انفصل علم الاجتماع واللسانيات عن الفلسفة وصارا ميدانين متميزين من العلوم. وكان المنطق دائمًا يعتبر من فروع الفلسفة، لكنه تطور كثيرا، حتى صار يُعد فرعًا من فروع الرياضيات التي هي من العلوم الأساسية.

الفلسفة والعلم يختلفان من عدة وجوه، على سبيل المثال، فقد بلغ العلم الدرجة القصوى في المعرفة الاختبارية بالنسبة للعديد من المواد، واستطاع بالتالي أن يفصل في العديد من الخلافات حولها، عكس الفلسفة. وقد نتج عن ذلك أن الجدل كان دائمًا عن خصائص الفلسفة. على أن العلم والفلسفة يشتركان في هدف واحد مهم: فكل منهما يسعى لاكتشاف الحقيقة، وحل المشكلات وإرضاء غريزة حب الاستطلاع، كما أنهما يثيران المزيد من المسائل والمشكلات، بحيث يجلب كل حلٍّ معه المزيد من المسائل والمشكلات.

الفلسفة والدين

كانت الفلسفة في العصور القديمة نتيجة لتساؤلات متعددة حول طبيعة الحياة والكون والإنسان، وكان بسبب ذلك تأملات في هذه الأمور نمت وتطوّرت حتى أضحت تشكل ما عرف بالفلسفة. وكذلك فقد مازجت هذه التأملات نظرات دينية في عدد من المناطق التي كانت فيها حضارة ما، وقد دارت تلك التساؤلات عن خالق الكون ومسيره وفق نواميس ثابتة، وقد اهتمت الفلسفة في أوروبا في عصورها الوسطى اهتمامًا كبيرًا بموضوع إقامة البرهان على وجود الله .

ويرى بعض الفلاسفة أن الهدف الرئيسي للفلسفة ليس اكتساب العلم والمعرفة والعمل بهما فقط بل إن مساعدة الناس لكي يتحملوا متاعب الحياة الدنيا وهمومها وشقاءها هدف رئيسي مهم من أهداف الفلسفة. وفي الواقع لا يستطيع تحقيق هذا الهدف إلا الدين.

ومن هنا كان الفلاسفة الراغبون في تحقيق هذا الهدف يعتمدون على الدين ويتأملون الحقائق الدينية التي يقررها عن الحياة والوجود والمصير.

الفلسفة وعلم الاجتماع

تمثل الفلسفة كميدان من ميادين النشاط الفكرى أوسع ميادين الدراسة الأكاديمية، حيث أنها تتطرق إلى البحث فى طائفة عريضة من المسائل المتداخلة الخاصة بطبيعة الفهم، والمنطق، واللغة، والعلية، التى يتناول بعضهاعلوم أخرى. ولكن المتخصص فى علم الاجتماع يكون أقرب ما يكون إلى المناقشات الفلسفية عندما يتناول موضوعى نظرية المعرفة والأخلاق، التى يمثل كل منها فرعا من فروع الفلسفة، وتتم دراسته فى مواضع متفرقة من هذه الموسوعة.

وتمثل فلسفة العلوم الاجتماعية تخصصا معترفا به بين علماء الاجتماع، وهى تطرح - من بين ما تطرح - أسئلة عن عملية تكوين المفاهيم، والعلاقات بين النظرية والشواهد، ومكانة القيم، وطبيعة الدوافع، ودور اللغة، وطبيعة البرهان فى العلوم الاجتماعية عموما وفى علم الاجتماع على وجه الخصوص. هذا وقد تم على امتداد هذه الموسوعة تناول الكثير من أهم الأراء وأبرز المدارس الفكرية وأقواها تأثيرا عن هذه الموضوعات، وذلك فى مداخل مستقلة.

وذهب البعض إلى أن بعض ما يقدم فى الكتابة السوسيولوجية كنظرية اجتماعية (كما نجد مثلا فى أعمال أنتونى جيدنز) هو فى الواقع نوع من الفلسفة الاجتماعية، على اعتبار أنها تقوم فى الأساس على تأمل ميتافيزيقى للظرف الإنسانى، وليس على دراسة فروض ملموسة عن الحياة الاجتماعية قابلة للاختبار. وإن كان هذا الرأى يمثل رأى الأقلية على أية حال، على الرغم من الاتفاق الواسع على أن علم الاجتماع قد عانى فى الماضى (على أوضح نحو خلال سنوات الستينيات) من الإفراط فى الانعكاسية (النقد)، وتسلط فكرة البحث فى الأسس المعرفية لعلم الاجتماع نفسه. انظر أيضاً: التأريخ، التعددية المنهجية.

الفلسفة التطبيقية

للأفكار التي تصورها المجتمع انعكاسات عميقة على الإجراءات التي يقوم بها المجتمع. جادل ويفر أن الأفكار لها عواقب. تعطي الفلسفة تطبيقات مثل تلك الموجودة في الأخلاقيات -الأخلاقيات التطبيقية بشكل خاص- والفلسفة السياسية. الفلسفات السياسية والاقتصادية لكل من كونفوشيوس، سون تزو، تشانكيا، ابن خلدون، ابن رشد، ابن تيمية، مكيافيلي، ليبنيز، هوبز، جون لوك، روسو، آدم سميث، جون ستيوارت ميل، ماركس، تولستوي، غاندي ومارتن لوثر كينغ جونيور. استخدمت لتشكيل وتبرير الحكومات وأفعالها. كان للتعليم التقدمي الذي دافع عنه ديوي تأثير عميق على الممارسات التعليمية في الولايات المتحدة في القرن العشرين. أحفاد هذه الحركة تشمل الجهود المبذولة في الفلسفة للأطفال، والتي هي جزء من تعليم الفلسفة. كان لفلسفة كلاوزفيتز السياسية للحرب تأثير عميق على فن الحكم والسياسة الدولية والاستراتيجية العسكرية في القرن العشرين، وخاصة حول الحرب العالمية الثانية. المنطق مهم في الرياضيات واللغويات وعلم النفس وعلوم الحاسوب وهندسة الحاسوب.

يمكن العثور على تطبيقات مهمة أخرى في نظرية المعرفة، والتي تساعد في فهم متطلبات المعرفة والأدلة السليمة والإيمان المبرر (مهم في القانون والاقتصاد ونظرية القرار وعدد من التخصصات الأخرى). تناقش فلسفة العلوم أسس المنهج العلمي وأثرت على طبيعة البحث العلمي والحجج. لذلك فلسفته تداعيات جوهرية على العلم ككل. على سبيل المثال، أثر النهج التجريبي الصارم لسلوك بورهوس فريدريك سكينر لعقود على مقاربة المؤسسة النفسية الأمريكية. البيئة العميقة وحقوق الحيوان تدرس الوضع الأخلاقي للبشر بوصفهم شاغلين لعالم لديه شاغلين غير إنسانيين يأخذون في الاعتبار أيضًا. الجماليات يمكن أن تساعد في تفسير مناقشات الموسيقى والأدب والفنون التشكيلية والبعد الفني للحياة بأكملها. بشكل عام، تسعى الفلسفات المختلفة إلى تزويد الأنشطة العملية بفهم أعمق للأسس النظرية أو المفاهيمية لحقولهم.

دور المرأة في الفلسفة

طالع أيضاً: المرأة في الفلسفة

على الرغم من أن الرجال سيطروا بشكل عام على الخطاب الفلسفي، إلا أن النساء شاركن في الفلسفة عبر التاريخ. ساهمت النساء الفلاسفة منذ العصور القديمة ولا سيما هيبارشيا مارونيا (عام 325 ق.م.) وأريت من قوريين (القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد). تم قبول المزيد خلال العصور القديمة والحديثة في العصور الوسطى، ولكن لم تصبح أي من الفلاسفة جزءًا من المرجعية الأدبية الغربية حتى القرن العشرين والحادي والعشرين، عندما تشير بعض المصادر إلى أن سوزان لانغر، إليزابيث أنسكومب وحنة آرنت وسيمون دي بوفوار دخلن في المرجعية الأدبية الغربية.

في أوائل القرن التاسع عشر، بدأت بعض الكليات والجامعات في المملكة المتحدة والولايات المتحدة بقبول النساء، وإنتاج المزيد من الأكاديميات. ومع ذلك، تشير تقارير وزارة التعليم الأمريكية الصادرة في التسعينيات إلى أن عدداً قليلاً من النساء انتهى به الأمر إلى الفلسفة، وأن الفلسفة هي واحدة من أقل المجالات تناسباً بين الجنسين في العلوم الإنسانية. في عام 2014، وصفت الفلسفة داخل التعليم العالي «تاريخ الانضباط الطويل من كره النساء والتحرش الجنسي» للطالبات والأساتذة. ذكرت أستاذة الفلسفة بجامعة شيفيلد جنيفر شاول في عام 2015 أن النساء «يتركن الفلسفة بعد تعرضهن للمضايقة أو الاعتداء أو الانتقام.»

في أوائل التسعينيات، لاحظت الرابطة الفلسفية الكندية وجود اختلال في التوازن بين الجنسين والتحيز بين الجنسين في المجال الأكاديمي للفلسفة. في يونيو 2013، ذكرت أستاذة علم اجتماع أمريكي أنه «من بين جميع الاستشهادات الحديثة في أربع مجلات فلسفية مرموقة، تشكل المؤلفات 3.6 في المائة فقط من المجموع» تجادل سوزان برايس بأن الكنسي الفلسفي «لا يزال الكنسي يهيمن عليه الذكور البيض، الانضباط الذي لا يزال يتماشى مع الأسطورة القائلة بأن العبقرية مرتبطة بالجنس» يقترح مورغان طومسون أن التمييز والاختلافات في القدرات والاختلافات في الصف وعدم وجود نماذج في الفلسفة يمكن أن تكون عوامل محتملة لفجوة بين الجنسين. وفقا لشاول، «الفلسفة، أقدم من العلوم الإنسانية، هو أيضا من الذكور (والأبيض). في حين أن مجالات أخرى من العلوم الإنسانية هي من القرب من المساواة بين الجنسين، والفلسفة هي في الواقع أكثريتها من الذكور بأغلبية ساحقة حتى من الرياضيات». وبالمثل، تشير البحوث المتعلقة بالمشاركة المهنية في الفلسفة الأسترالية إلى زيادة طفيفة فقط في عدد النساء في المناصب العليا منذ الستينيات، بالإضافة إلى نقص في الاقتباس من الفلاسفة الإناث.

انظر أيضًا