بداهة واستدلال
يستخدم المصطلحان البديهي (a priori) («في وقت سابق») والاستدلالي (a posteriori) («في وقت لاحق») في الفلسفة (نظرية المعرفة) للتمييز بين نوعين من المعرفة، وهما التبرير أو الحجاج. إن المعرفة أو التبرير البديهي يكون مستقلاً عن الخبرة (على سبيل المثال «جميع العزاب غير متزوجين»)؛ بينما المعرفة أو التبرير الاستدلالي يكون معتمدًا على الخبرة أو الدليل التجريبي (على سبيل المثال «بعض العزاب سعداء جدًا»). ويكون المرجع في التبرير الاستدلالي هو التجربة، لكن المسألة تتعلق بكيفية معرفة الفرد بالافتراض أو الادعاء في السؤال - ما المبرر أو ما الأسس التي بنى عليها اعتقاده. وكتب جالين ستراوسون (Galen Strawson) أن الحجة البديهية هي التي من خلالها «يمكنك إدراك الحقيقة بينما تكون متكئًا على أريكتك. ولا تكون مضطرًا إلى النهوض من على أريكتك والخروج ودراسة الطريقة التي تسير بها الأمور في العالم المادي. ولست مضطرًا إلى إجراء أي تجارب علمية». هناك العديد من وجهات النظر حول هذين النوعين من التأكيدات، وعلاقتهما تعد واحدة من أقدم المشكلات في الفلسفة الحديثة.
يستخدم هذان المصطلحان في المقام الأول على أنهما صفات لتعديل اسم «المعرفة»، أو يتم التعامل معهما على أنهما أسماء مركبة تشير إلى أنواع المعرفة (على سبيل المثال، «معرفة بديهية»). ومع ذلك فإن المصطلح «البديهي»، يستخدم على أنه صفة لتعديل أسماء أخرى مثل «الحقيقة». إضافة إلى ذلك، يقوم الفلاسفة في كثير من الأحيان بتعديل هذا الاستخدام. على سبيل المثال، يستخدم مصطلحا «البداهة (apriority)» و«الاستدلال (aprioricity)» في كثير من الأحيان على أنه اسم للإشارة (تقريبًا) إلى نوعية المعرفة «البديهية».
على الرغم من اختلاف تعريفات واستخدام المصطلحات في تاريخ الفلسفة، إلا أنها دائمًا ما توصف بفكرتين معرفيتين منفصلتين. ويمكن إدراك التمييز البديهي بين المعرفة البديهية والاستدلالية في الأمثلة. للاستعارة من جيري فودور (2004)، واتخاذ المقترح المفصح عنه بواسطة القرار، «ملك جورج الخامس حكمه من 1910 حتى 1936». وهذا أمر (إذا صح) على المرء أن التوصل بالمعرفة الاستدلالية، لأنه يعبر عن الواقع التجريبي المجهول السبب فقط. وفي المقابل، عند النظر في المسألة، «إذا حكم جورج الخامس مدة لا تقل عن أربعة أيام، ثم حكم لأكثر من ثلاثة أيام». وهذا هو الشيء الذي يعلمه أحد بشكل بديهي، لأنه يعبر عن بيان أن المرء يمكنه أن يستخلصها من السبب وحدها. وكمثال آخر، تُعد معادلات النماذج المادية في عالمنا معرفة استدلالية، ولكن التلاعب الرياضي البحت لمثل هذه المعادلات تعد معرفة بديهية.
انظر أيضًا
- المنطق التبعيدي
- مصادفة (الفلسفة)
- استنتاج استنباطي
- الاستدلال الاستقرائي
قبل وبعدي
قبلى وبعدى
apriori - »posteriori
يقال هذان اللفظان على التمييزاتلتالية:
ا) التمييز بين البرهان الذي ينتقل من العلة إلى المعلول وبين البرهان الذي ينتقل من المعلول إلى العلة؛
ب) التمييز بين المعارف القي نحصل عليها بالعقل المحض وبين تلك التي نحصل عليها بالتجربة؛
ج) التمييز بين تحصيلات الحاصل وبين الحقائق التجريبية .
ا) أما التميز الأول فيرجع الى أرسطو حين ميز بين 0مء700٣و0٢000 في كتاب «ما بعد الطبيعة ( م ف١١ص ١٠١٨ ب٩- ١٠١٩ ا ١٤ ) و« المقولات (ف١٢ من ١٤ أ ٢٦- ب٢٣)، ثم تفرقته ايضاً بين 9٧0٤٤ 00^700 و ؟ذصر70 و700 I التحليلات الثانية » م١ ف٢ ص٧١ ب٣٣-٧٢ اه ويوضح أرسطو لمعفى الذي يقصده فيقول : « أقول أسبق واعرف بالنسبة إلينا عن الشيء الذي هو أقرب إلى الحس ؛ وأقول اسبق وأعرف على الاطلاق عن الشيء البعيد عن الحس ، ولما كانت الأشياء الأبعد عن الحس هي المعافي المجردة أو الكليات ، بينيا الأقرب إلى الحس هي المدركات الحسية ، فإن الأول على الإطلاق أو بالطبيعة هوالكلي،(٠ التحليلات الثانية ،م١ ف٢ ص٧٢اس١ويته).
وميز الفارابي بين البرهان بالماهية والبرهان بالعلة ، وعنه اخذه البرتس السكسوني في تمييزه بين البرهان القبلى
والبرهان البعدى . الأول هو البرهان الكامل لأنه يعرفنا بالبب والعلة ؛ أما الثاني ، البعدى ، فيتقل من الأثار أو المعلولات إلى الأسباب .
ومن ثم انتشر هذان اللفظان طوال العصور الوسطى الأوربية. يقول القديس توما الأكويفي:
est per causam et ع2سو Duplex est demontratio- Una dicitur propter quid et haec est per 010 a simpliciter. Alia est per effectum, et dicitur demonstratio quia: et haec est per eaequaesunt priora quoad 005, cum enim effectus aliquis 10015 est manifesto quam sua causa, cognitionem causae , ل2 per effectum. procedimus
.( ع2 ,2 ,(500002 Theologica I
وترجمته: البرهان ضربان : احدهما بواسطة العلة، ويقال عنه برهان الماهية Prepter quid، وهو الأول على وجه الاطلاق . والثاني برهان بواسطة المعلول، ويطلق عليه برهان اللم ( لماذا ) وهو يتعلق بالأمور الأقرب إلينا، حيث آثارها أوضح لنا من عللها ومن المعلول ننتقل الى معرفة العلة» ( الخلاصة اللاهوتية» ١ : ٢، ٢ج)
ب ) وابتداء من القرن السابع عشر، بفضل لوك والتجريبيين الانكليز، اكتسب هذان اللفظان معفى أعم : فأصبح االقبلي» يدل على المعرفة القي نحصلهاعن طريق العقل المحض ، بينما « البعدى» هو ما نحصله عن طريق التجربة .
كذلك نجد ليبتس يجعل ٠ المعرفة القبلية» في مقابل «المعرفة البعدية ا أو االمعرفة بالتجربة»(٠ مقالات
٢٣٦
القدرية
جديدة»٣:٣،وع١٥،مونادولوجيا» يند ٢٧٦ ). ويتحدث عن , الفلسفة التجريبية الني تسير بطريقة بعدية » و: العقل المحض الذي يتولى التبرير بطريقة قبلية» ( « مؤلفاته » ، نشرة اردمن ص ٧٧٨ ب ) .
وفي القرن الثافي عثر نجد قولف يقول : « ما نعرفه بالتجربة نقول عنه إننا نعرفه بعديا (03 11ع21005٤) ؛ وما نعرفه بالبرهان العقلي نقول عنه إننا نعرفه قبليا apriori » ( « علم النفس التجريي »ى ٥، ص٤٣٤ وما يليها).
وجاء كنت فزاد في تحديد التفرقة بين « القبلي» و« البعدي» . إذ ميز بين المعارف القبلية المحضة وهي القي ليست فقط متقلة عن كل تجربة ، بل هي ايضاً خالية من كل عنصرتجريبي . فمثلا : القضية : اكل تغيرفهوعنسبب» هي فضية قبلية ، لكنهاليت محضة ، لأن التغيير» أمر لا يمكن أن يستخلص إلا من التجربة ( « نقد العقل المحض» المقدمة ، ١ ). كذلك يقرر أن و القبل» لا يكون ميداناً مستقلا للمعرفة ، بل هو الشرط لكل معرفة موضوعية .
إن « القبلي» عند كنت-هو« شكل للمعرفة»، أما ا البعدى» فهوامضمون » المعرفة . وعلى أساس ا القبلي» تقوم الرياضيات والفزياء المحضة .
إن « القبلي » عند كنت هو العنصر الثرطي المؤسس لكل درجات المعرفة . وحقى في أمور الإرادة يوجد عنصر « قبلي» مؤسس ؛ كما يبين هو ذلك في كتابه , نقد العقل العمل».
ج ) وينكر أصحاب النزعة الوضعية من المعاصرين فكرة « القبلي » ، فيقول هانز ريشنباخ مثلا : « لا يوجد شيء شبيه بالبنية التركيبية ( القبلية ) والمصادر الوحيدة المقر بها للمعرفة هي الادراك الحسي والبنية التحليلية لتحصيلات الحاصل» (372 .م Probability The The٥ry 0٤) ومن هنا فإن اصحاب هذه النزعة يقصرون , القبلي» على ما هو تحصيل حاصل tautologique ، ويعبرون عن الحقيقة الترجيبية باها «بعدية». وإن كان البعض منهم مثل Progmatic Conception of the «2 priori», ٨ ٦٧15•اً .0.1 .286 f .م 1949) in Readings 11 Philosophical Analysis يتحدث عن «تصور برجماقي» لما هو «قبلي» ويقصد بذلك التصورات المحددة للمعافي وبعض ما يصطلح عليه في العلوم؛ مثل تعريف النقطة والحركة والعنصر إلخ.