لغة

من أجل استخدامات أخرى، انظر لغة (توضيح).

اللغة (بالإنجليزية: Language)، بشكل عام، أي اتصال أى اتصال لفظى أو غير لفظى يتم بين بشر أو حيوانات أو حتى آلات. ويشير على وجه التحديد إلى كلام البشر المنطوق أو المكتوب، وهي نظام الاتصال الأكثر شيوعًا بين البشر؛ لأنها تتيح للناس التحدث بعضهم مع بعض والتعبير نطقًا أو كتابة، عن أفكارهم وآرائهم. وهي نسق من الإشارات والرموز، تشكل أداة من أدوات المعرفة، وتعتبر اللغة أهم وسائل التفاهم والاحتكاك بين أفراد المجتمع في جميع ميادين الحياة. وبدون اللغة يتعذر نشاط الناس المعرفي. ترتبط اللغة بالتفكير ارتباطًا وثيقًا؛ فأفكار الإنسان تصاغ دومًا في قالب لغوي، حتى في حال تفكيره الباطني. ومن خلال اللغة تحصل الفكرة فقط على وجودها الواقعي. كما ترمز اللغة إلى الأشياء المنعكسة فيها، فاللغة هي القدرة على اكتساب واستخدام نظام معقد للتواصل وخاصة قدرة الإنسان على القيام بذلك، واللغة هي أحد الأمثلة المحددة من هذا النظام، وتسمى الدراسة العلمية للغة بعلم اللغويات.

ويمكن استخدام كلمة لغة بصورة غير محددة لتدل على أي نظام للاتصال كإشارات المرور الضوئية أو الإشارات الدخانية للهنود، إلا أن أصل الكلمة يبين معناها الأساسي.

توجد اللغة أينما وجد المجتمع البشري. وتعتمد معظم أشكال النشاط البشري على تعاون اثنين أو أكثر من الأشخاص. وتمكِّّن اللغة المشتركة الناس من العمل معًا بوسائل متنوعة غير محدودة. وقد يسرت اللغة تشييد حضارة تقنية متطورة، ولولا وجود اللغة لما كانت العلوم والتجارة والحكومة والفن والأدب والفلسفة.

هناك تساؤلات حول فلسفة اللغة نوقشت من قبل جورجياس وبلاتو في اليونان القديمة مثل ما إذا كان للكلمات يمكن أن تعبر عن خبرة ما، فيقول بعض من المفكرين مثل روسو أن اللغة نشئت من العواطف، بينما آخرون مثل كانت يرى أنها نشئت من التفكير العقلاني والمنطقي، ومن فلاسفة القرن العشرين مثل ويتينستاين قد قال بأن الفلسفة هي حقاً دراسة اللغة، وتشمل الشخصيات الرئيسية في علم اللغويات فرديناند دي سوسير، ونوم نشومسكي، وويليام ستوكيو.

ويمكن لمصطلح «اللغة» عندما يستخدم على المفهوم العام أن يرجع إلى القدرة الإدراكية لتعليم واستخدام نظام التواصل المعقد، أو إلى وصف مجموعة من القواعد التي تشكل هذه الأنظمة، أو مجموعة من التصريحات التي يمكن أن تنتج من تلك القواعد اعتمادا على وجهات النظر الفلسفية المتعلقة بتعريف اللغة والمعنى، فتعتمد جميع اللغات على عملية صيرورة العلامات لتشير إلى معاني معينة فتحتوي اللغة المشلفهة أو المنطوقة ولغة الإشارة على نظام صوتي يتحكم بكيفية استخدام الرموز لتشكيل سلاسل تعرف باسم الكلمات أو الصرفية، ونظام نحوي والذي يتحكم بكيفية الجمع بين الكلمات والصرف لتشكل العبارات والأقوال.

لدى لغة الإنسان خصائص عديدة كالإنتاجية، والتكرار، والإزاحة، والتي تعتمد على الاتفاقية الاجتماعية والتعلم. فهي بنية معقدة تتيح الحصول على مجموعة أوسع بكثير من العبارات من أي نظام معروف من التواصل الحيواني، ويعتقد أن اللغة قد نشأت عندما بدأت كائنات شبيهة بالإنسان في وقت مبكر بالتغيير تدريجيا في نظم التواصل الرئيسية، واكتساب القدرة على تشكيل نظرية العقول الأخرى والقصد المشترك، ويعتقد أن هذا التطور في بعض الأحيان قد تزامن مع زيادة في حجم المخ، ويرى الكثير من اللغويين هياكل اللغة بأنها تطورت لتخدم وظائف تواصلية واجتماعية محددة، فتتم معالجة اللغة في العديد من المواقع المختلفة في الدماغ البشري، ولكن خصوصا في مناطق بروكا وفيرنيك، ويكتسب البشر اللغة من خلال التفاعل الاجتماعي في مرحلة الطفولة المبكرة، ويتحدث الأطفال عموما بطلاقة عندما يبلغون ما يقرب الثلاث سنوات من العمر، واستخدام اللغة متأصل في ثقافة الإنسان، بالإضافة إلى استخداماته للتواصل بشكل صارم، وأيضا للغه العديد من الاستخدامات الاجتماعية والثقافية، مثل الدلالة على هوية المجموعة، والطبقات الاجتماعية، وكذلك الاستمالة الاجتماعية والترفيهية.

تعاريف اللّغة

عرف القدماء اللّغة بأنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ولم تستطع التعريفات الحديثة للغة أن تتجاوز هذا التعريف الموضوعي، وأن تعريف اللّغة بوظيفتها يختلف عن تعريفها بحقيقتها وعلاقتها بالإنسان. فاللّغة هي الإنسان، وهي الوطن والأهل، واللّغة هي نتيجة التفكير. وهي ما يتميز بها الإنسان عن الحيوان وهي ثمرة العقل والعقل كالكهرباء تعرفه بأثره، ولا ترى حقيقته. عرّف علماء النفس اللّغة، فرأوا أنها مجموعة من إشارات تصلح للتعبير عن حالات الشعور، أي عن حالات الإنسان الفكرية والعاطفية والإرادية، أو أنها الوسيلة التي يمكن بواسطتها تحليل أية صورة أو فكرةٍ ذهنيةٍ إلى أجزائها أو خصائصها، والتي يمكنها تركيب هذه الصورة مرّة أخرى بأذهاننا وأذهان غيرنا، وذلك بتأليف كلماتٍ ووضعها في ترتيبٍ خاصٍ.

تنقسم لغات العالم إلى عائلات لغوية، كاللغات الأفريقية الآسيوية واللغات الهندية الأوروبية، حيث تحوي كل منها عددًا من اللغات ذوات الأصول والخصائص المتشابهة. قائمة اللغات حسب عدد متحدثيها: توضح أهم اللغات انتشارا.

تستمد الكلمة باللغة الإنجليزية بالأساس من الهندية الأوروبية «نطقا، وخطابا، ولغة» من خلال اللغة اللاتينية واللغة الفرنسية القديمة. وتستخدم الكلمة أحيانا لتشير إلى رموز، والأصفار، وأنواع أخرى من برامج التواصل المصطنع مثل، لغات الحاسوب المحددة رسميا لبرمجة الحاسوب بخلاف اللغات البشرية التقليدية، ففي هذا المعنى هي لغة رسمية ونظام من الإشارات لترميز المعلومات وفكها، فيهتم هذا المقال خصيصا بخصائص اللغة البشرية الطبيعية كما درست في انضباط اللغويات.

وكهدف من دراسة لغوية، لدى «اللغة» معنيان أساسيان، مفهوم مجرد ونظام لغوي معين، على سبيل المثال اللغة الفرنسية حيث قام العالم اللغوي السويسري فيردياند ديسواسور الذي عرف انضباط اللغويات الحديث بوضع التمييز باستخدام الكلمة الفرنسية " langag" للغة كمفهوم، و"langue" كمثل معين لنظام اللغة، و"parole" أي الخطاب لاستخدام محدد لأي حديث في لغة معينة. يمكن استخدام تعريفات تؤكد جوانب مختلفة من هذه الظاهرة عند التحدث عن اللغة بمفهوم عام، وسوف يتبع هذه التعاريف أيضا مناهج ومفاهيم مختلفة للغة تبلغ عن وجود تعارض مع نظريات لغوية لمدارس مختلفة، فهناك مناقشات عن طبيعة وأصل اللغة ترجع للعالم القديم، فقد ناقش بعض من الفلاسفة اليونانية مثل جورجيس وبلاتو العلاقة بين الكلمات والمفاهيم والواقع، فقد قال جورجيس أنه يمكن للغة أن تمثل أيا من التجربة الموضوعية لا الخبرة الإنسانية وأن ذلك التواصل والحقيقة هو بالتالي أمر مستحيل، بينما أقر بلاتو برأيه وهو أن التواصل ممكن لأن اللغة تمثل الأفكار والمفاهيم التي توجد بشكل مستقل في اللغة وما قبلها.

خلال عصر التنوير الفلسفية ومناقشاته حول أصول الإنسان، أصبح من المألوف التكهن حول أصل اللغة. فتجادل المفكرين مثل روسو وهردر أن اللغة قد نشأت في التعبير الغريزي من العواطف، وأنه كان في الأصل أقرب إلى الموسيقى والشعر من على التعبير المنطقي التفكير العقلاني، فعقد فلاسفة العقلانية مثل كانت وديكارت وجهة النظر المقابلة. بدأ المفكرون يتساءلون حول منعطف القرن العشرين عن دور اللغة في تشكيل تجاربنا في العالم التساؤل عما إذا كانت اللغة تعكس ببساطة الهيكل الموضوعي للعالم، أو ما إذا كانت تخلق المفاهيم وأنها بدورها تفرض على تجربتنا من العالم الموضوعي، فقد أدى هذا إلى السؤال عما إذا كانت المشاكل الفلسفية هي في الواقع أولا مشاكل لغوية، فإذا كانت من وجهة النظر وأن اللغة تلعب دورا هاما في خلق وتداول المفاهيم، وأن دراسة الفلسفة هي في الأساس دراسة اللغة، مرتبطة مع ما كان يطلق عليه اللغوي والفيلسوف فيتجنشتاين في فلسفة القرن العشرين. فتبقى هذه المناقشات حول اللغة فيما يتعلق بالمعنى والإشارة، والإدراك والوعي أكثر نشاطا اليوم.

القدرة العقلية، والعضوية أو المقدرة الطبيعية (الغريزة)

تعريف واحد يرى أن اللغة بالدرجة الأولى هي القدرة العقلية التي تسمح للبشر بإجراء السلوك اللغوي لتعلم اللغات وإنتاج الكلام وفهمه فيؤكد هذا التعريف على عالمية اللغة لجميع البشر، ويقول أنصار الرأي بأن حمله لاكتساب اللغة هو فطري في الإنسان وأن هذا مدعوم بحقيقة وأن البيئة تؤثر على جميع الأطفال العاديين معرفيا حيث يتم الوصول إلى اللغة والحصول عليها دون تعليمات رسمية. وقد تتطور اللغات حتى بشكل عفوي في البيئات التي يعيش فيها الناس أو يكبرون معا بدون لغة مشتركة، وعلى سبيل المثال، لغات الكريول طورت بعفوية لتصبح لغة إشارة مثل لغة الإشارة نيكاراغوا، فمن وجهة هذه النظر والتي يمكن أن ترجع إلى الفلاسفة مثل كانت وديكارت توضح بأن اللغة يمكن أن تكون فطرية إلى حد كبير، على سبيل المثال، نظرية تشومسكي للقواعد العالمية أو نظرية "innatist" المتطرفة للفيلسوف الأمريكي جيري فودور، وغالباً ما تطبق هذه الأنواع من التعاريف الواردة في دراسات اللغة في إطار العلوم المعرفية وفي لغويات عصبية.

النظام الرمزي الرسمي

تعريف آخر يرى أن اللغة هي نظام رسمي من الإشارات محكم بمجموعة من القواعد النحوية لتواصل المعنى، ويؤكد هذا التعريف بأن لغات البشر يمكن أن توصف على أنها نظم تركيبية مغلقة تتضمن قواعد تشير إلى علامات خاصة إلى معاني معينة، فقد كان فرديناند دي سوسير أول من وضع هذه النظرية البنيوية للغة وتظل هذه النظرية نظرية تأسيسية للعديد من مناهج اللغة. فقد دعم بعض من الأنصار أو المؤيدين لنظرية سوسير للغة بمنهج رسمي يدرس تركيب اللغة عن طريق تحديد عناصر أساسياتها ومن ثم تقديم حساب رسمي للقواعد وفقا للتي تجمع بين العناصر بغرض تشكيل الكلمات والجمل، فيعد نوم تشومسكي هو المؤيد الرئيسي لهذه النظرية وهو المنشئ للنظرية التوليدية من النحو والذي يعرف اللغة على أنها بناء الجمل التي يمكن إنشاؤها باستخدام قواعد النحو التحويلي. ويرى تشومسكي هذه القواعد على أن تكون سمة فطرية للعقل البشري وتشكل ماهي أساسيات اللغة، وعلى النقيض من ذلك قواعد النحو التحويلي التي تستخدم عادة لتوفير التعاريف الرسمية للغة وتستخدم عادة في المنطق الصوري، وفي نظريات رسمية لقواعد اللغة، وفي تطبيقها اللغويات الحاسوبية، وقد وضعت وجهة نظر المعنى اللغوي كما أنه يقيم في العلاقات المنطقية بين الطروحات والواقع في فلسفة اللغة من خلال الفلاسفة مثل ألفريد تارسكي، وبرتراند راسل، وآخرين من المنطقيين الرسميين.

أداة للتواصل

هنالك تعريف آخر أيضا يرى أن اللغة نظام للتواصل يمكن أن يتبادل البشر الكلام اللفظي أو الرمزي، وهذا التعريف يؤكد على الوظائف الاجتماعية للغة، والحقيقة هي أن البشر يستخدمون اللغة للتعبير عن أنفنسهم والتعامل مع الأشياء في البيئة المحيطة بهم. وتوضح النظريات الوظيفية للقواعد التراكيب النحوية من وظائفها التواصلية وفهم التراكيب النحوية للغة لتكون نتيجة لعملية التكيف النحوية ومصممة لتلبية الاحتياجات التواصلية لمستخدميها. ويرتبط هذا الرأي للغة مع دراسة اللغة في أطر عملية ومعرفية، وتفاعلية، وكذلك في علم اللغة الاجتماعي وعلم الإنسان اللغوي. فتميل النظريات الوظيفية إلى دراسة القواعد كظواهر حيوية، وتراكيب تكون دائما في عملية تغيير كما تستخدم من قبل الناطقين بها. ويضع هذا الرأي أهمية على دراسة تصنيف لغوي، أو تصنيف اللغات وفقا لسمات هيكلية، كما يمكن إثبات أن عمليات النحو تميل إلى اتباع المسارات التي تعتمد جزئيا على التصنيف. وكثيرا ما ترتبط وجهات النظر البراغماتية في فلسفة اللغة كعنصر أساسي للغة والمعنى مع أعمال فيتجنشتاين اللاحقة ومع فلاسفة اللغة العادية مثل أوستن، وبول جرايس، وجون سيرل، وكواين.

تطور اللغات

إن بنية اللغة لا تبقى ثابتة دون تغير عبر فترات طويلة من الزمن؛ فقواعد اللغة ومفرداتها وأنماطها الصوتية كلها تتغير مع الاستعمال.

كيف بدأت اللغة

طالع أيضاً: أصل اللغة وأسرة لغات

لا أحد يعرف كيف بدأت اللغة، ونظرًا لأن جميع الأشخاص غير المعاقين لديهم القدرة على الكلام، من المحتمل أن اللغة وجدت منذ ظهور الجنس البشري. وليس هناك سجل للغة يغطي معظم فترات وجودها. والدليل الفعلي الأول للغة هو الكتابة، إلا أن الباحثين يعتقدون أن الكتابة لم تظهر إلا بعد نشوء اللغة المنطوقة بآلاف السنين. والسجلات المكتوبة الأولى والمعروفة حتى الآن هي صور الكلمات السومرية الموضوعة في حوالي عام 3500 ق.م، والكتابة الهيروغليفية المصرية التي تعود إلى عام 3000ق.م. . وتعود الصينية المكتوبة إلى حوالي عام 1500 ق.م، والإغريقية إلى عام 1400 ق.م، على وجه التقريب، واللاتينية إلى حوالي عام 500 ق.م.

تختلف نظريات أصل اللغة فيما يتعلق بافتراضاتهم الأساسية حول ماهية اللغة. تعتمد بعض النظريات على فكرة أن اللغة معقدة للغاية بحيث لا يمكن للمرء تخيل أنها تظهر ببساطة من العدم في شكلها النهائي، ولكن يجب أن تكون قد تطورت من النظم السابقة للأنظمة اللغوية بين أسلافنا ما قبل البشر. يمكن أن تسمى هذه النظريات بالنظريات القائمة على الاستمرارية.

إن وجهة النظر المعاكسة هي أن اللغة هي سمة إنسانية فريدة من نوعها بحيث لا يمكن مقارنتها بأي شيء غير موجود لدى البشر وأنه يجب أن تكون قد ظهرت فجأة في الانتقال من مرحلةٍ ما قبل البشر إلى الإنسان البدائي. يمكن تعريف هذه النظريات بأنها قائمة على التوقف. وبالمثل، فإن النظريات المستندة إلى النظرة العامة للغة التي ابتكرها نعوم تشومسكي ترى اللغة في الغالب كمَلَكة فطرية مُرمّزة إلى حدٍ كبير وراثيًا، في حين أن النظريات الوظيفية تعتبرها نظامًا ثقافيًا إلى حدٍ كبير تُعلَّم من خلال التفاعل الاجتماعي.

تشومسكي هو أحد المؤيدين البارزين لنظرية أصول اللغة البشرية القائمة على التوقف حيث يقترح أنه بالنسبة للباحثين المهتمين بطبيعة اللغة إن الحديث عن تطور القدرات اللغوية هو أمرٌ غير مهم، ويقول أيضًا أنه ربما حدثت بعض الطفرات العشوائية وأعادت تنظيم الدماغ.

كيف تتغير اللغة

لا أحد يعرف جميع الأسباب المؤدية إلى تغير اللغة، ومع ذلك يستمر تغير اللغات متى ما واصل الناس تكلمها. وفي حالات قليلة، يمكن توضيح تلك التغيرات. فعلى سبيل المثال، تضاف مفردات لتدل على أفكار وأشياء جديدة. ويؤدي الاتصال بين المتكلمين بلغات مختلفة إلى دخول مفردات جديدة من لغة إلى أخرى.

تحدث معظم التغيّرات في اللغة لأسباب مجهولة. ولا تصبح اللغات عند حدوث التغيُّرات أفضل أو أسوأ مما كانت عليه بل مختلفة. ويكون التغير عادة بطيئًا جدًا. فالمتحدثون باللغة الإنجليزية لا يلاحظون أن لغتهم تتغير من سنة إلى أخرى. ولكن إذا حاول الناطقون بالإنجليزية في الوقت الحاضر قراءة الإنجليزية القديمة، فسيجدون أنها مختلفة عن الإنجليزية الحديثة بقدر اختلاف الفرنسية أو الألمانية عنها. وبرغم أن البون ليس شاسعًا إلى هذا الحد بين العربية الحديثة وعربية الجاهلية، إلا أن القارئ العربي الحديث يجد نفسه مرتاحًا في الأولى أكثر من الثانية. وفي المجتمعات الصناعية المعاصرة تحدث التغيرات اللغوية بشكل أكثر بطئًا. فالأنظمة التربوية وأنظمة الاتصال المركزية كالمذياع والتلفاز تعزز استخدام شكل قياسي للغة. وفي ظل هذه الظروف، تبقى اللغة، على الأرجح، أكثر ثباتًا. ومع ذلك، فمن المؤكد أن اللغة لن تتوقف مطلقًا عن التغير.

عندما تفقد إحدى اللغات جميع الناطقين بها، عندها فقط يتوقف التغيير فيها بصورة تامة. ويطلق على اللغة التي لم يعد أحد يتكلم بها لغة ميتة، ومن الأمثلة على اللغات الميتة السومرية والمصرية القديمة والأكادية والحثيّة والإنزوريّة والقوطية.

عدد اللغات

يتفاوت تقدير عدد اللغات في العالم بين 5000 و7000 لغة منطوقة في العالم اليوم، ومع ذلك فإن أي تقدير دقيق يعتمد جزئيا على التمييز التعسفي بين اللغات واللهجات، فاللغات الطبيعية تكون إما لغة منطوقة أو لغة الإشارة، ولكن يمكن ترميز أي لغة إلى وسائل الإعلام الثانوية باستخدام المنبهات السمعية والبصرية أو اللمسية على سبيل المثال، في الكتابة التصويرية، أو طريقة بريل للمكفوفين، أو الصفير، وهذا لأن لغة الإنسان هي لغة مستقلة.

وهناك لغات كثيرة تتكلمها مجموعات صغيرة مكونة من بضع مئات أو آلاف من البشر. كما توجد أكثر من مائة لغة يتكلم بكل منها مليون أو أكثر من الناس. ومن بين هذه اللغات، توجد 19 لغة يتكلم بكل منها ما يربو على 50 مليون نسمة وهي: العربية والبنغالية والصينية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والهندية والإيطالية واليابانية والكورية والملايوية ـ الإندونيسيَّة والماراثيَّة والبرتغالية والبنجابية والروسية والأسبانية والتاميليَّة والتيلوجيَّة والأُردية. وتُجْمَع الهندية والأُردية أحيانًا تحت اسم الهندستانية. ويستخدم الناس في كثير من بلدان العالم بعضًا من هذه اللغات الرئيسية بما في ذلك العربية والإنجليزية والفرنسية والأسبانية والبرتغالية، بينما لا تُستخدم لغات رئيسية أخرى سوى في المناطق الخاصة بها.

اللغات العالمية

منذ سنين طويلة، أبدى الناس اهتمامًا بأن يكون لهم لغة واحدة يمكن التحدث بها في جميع أنحاء العالم. فمثل هذه اللغة ستساعد على تعزيز التفاهم والمشاعر الطيبة بين الشعوب. وسيؤدي وجود لغة عالمية إلى زيادة الروابط الثقافية والاقتصادية بين مختلف الدول.

وعبر السنين اُقتُرِحت 600 لغة عالمية على الأقل، ومن بين هذه اللغات برزت الإسبرانتو باعتبارها اللغة العالمية الأكثر نجاحًا. ومنذ استحداث هذه اللغة في عام 1887م، تعلمها حوالي 10 ملايين شخص. ويرى بعض الناس أنه من الأفضل اعتماد إحدى اللغات الموجودة في العالم كالإنجليزية أو الفرنسية أو الروسية كلغة عالمية. ولاشك أن اعتماد أية لغة، طبيعية كانت أو اصطناعية، سيسهل الاتصال بدرجة كبيرة بين الشعوب. إلا أن المشكلة تكمن في ماهية اللغة التي يمكن اختيارها كلغة عالمية حيث إن الاحتمالات الممكنة كثيرة جدًا.

فكثير من الناس يعارض اللغات الاصطناعية ويعتقد أن أية لغة اصطناعية لا تعكس ثقافة حقيقية كما تفعل اللغات الطبيعية القائمة. ويعارض آخرون استخدام لغة من اللغات الموجودة، كلغة عالمية، ويقولون بأنه سيتم فرض ثقافة شعب أو بضعة شعوب على العالم كله. وطالما استمر تبادل هذه الحجج والحجج المضادة، فستبقى إمكانية خلق لغة عالمية بعيدة المنال.

تنوع اللغات

تتطور اللغات وتتنوع مع مرور الوقت، ويمكن إعادة تاريخ تطورها وبنائها من خلال مقارنة اللغات الحديثة لتحديد سمات لغات أجدادهم التي يجب أن تكون من أجل المراحل التنموية التي يمكن ان تحدث في وقت لاحق.

العائلات اللغوية في العالم

يصنف الباحثون لغات العالم إلى عائلات، والعائلات اللغوية هي مجموعة من اللغات المترابطة، لأنها جميعها نشأت بصورة بطيئة من لغة واحدة موغلة في القدم تسمى اللغة الأصل. وعندما يصبح المتكلمون بلغة ما منقسمين إلى مجموعات لايتصل بعضها ببعض، تستمر لغة كل مجموعة بالتغير بطريقتها الخاصة، وبعد عدة قرون تتكلم تلك المجموعات بشكل مختلف إلى درجة بعيدة بحيث إنها لا تفهم بعضها بعضًا. ومع ذلك، فإن اللغات في كل عائلة لاتزال تعتبر مرتبطة معًا لكوْنها نشأت من نفس اللغة الأصل. وكان أول من أشار إلى أن اللغات عائلات هو ابن حزم الأندلسي، حيث أشار إلى أن اللغات أسر كالبشر، وأن السريانية والعبرانية والعربية التي هي لغة مضر لا لغة حمير، لغة واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها.

اللغات السامية. مجموعة من اللغات تنقسم إلى ثلاث شعب: شعبة جنوبية تمثلها اللغتين العربية والأمهرية، وشعبة شمالية شرقية تمثلها اللغة الأكادية بفرعيها البابلي والأشوري، وشعبة شمالية غربية وتشمل العبرية والفينيقية والآرامية والأوغارتية. كما تشمل أيضًا لغات البربر الذين يقطنون شمالي إفريقيا. ويصنف بعض علماء اللغات هذه اللغات تحت مسمى اللغات الأفروآسيوية. وأهم هذه اللغات حاليًا هي اللغة العربية التي تتحدث بها كل الشعوب العربية وهي اللغة الرسمية لـ 18 دولة ويستخدمها نحو 200 مليون مسلم من غير العرب كلغة ثانية. ويبلغ مجموع المتحدثين بعائلة اللغات السامية نحو 220 مليون نسمة. وتكتسب لغات هذه العائلة أهمية قصوى لنزول الكتب السماوية (القرآن، والإنجيل، والتوراة) ببعض هذه اللغات، كما أن الأنبياء جميعهم بعثوا من أبناء الذين يتحدثون هذه اللغات. لمزيد من المعلومات، انظر: السامية، اللغات.

الهندو ـ أوروبية. يتكلم اللغات المنتمية إلى هذه العائلة ما يقارب 2,600,000,000 نسمة، أي حوالي نصف سكان العالم. وتتكلم معظم الشعوب التي صنعت الحضارة الغربية لغات هندو ـ أوروبية. عاش المتكلمون بهذه اللغات أصلاً في منطقة تمتد من شمالي الهند إلى أوروبا الغربية. كما أنهم يعيشون الآن أيضًا في مناطق أخرى من العالم. وأصبحت اللغات الهندو ـ أوروبية أكثر اللغات أهمية في معظم بلدان أوروبا وأستراليا ونيوزيلندا ودول أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية.وللعائلة الهندو ـ أوروبية ثمانية فروع حية وهي: 1ـ الجرمانية أو التيوتونية، وتضم الإنجليزية والألمانية والهولندية واللغات الإسكندينافية ـ الدنماركية والأيسلندية والنرويجية والسويدية ـ. 2ـ الرومانسية أواللاتينية ـ الرومانسية وتشتمل على اللغات الفرنسية والأسبانية والبرتغالية والإيطالية والرومانية. 3ـ البلطوسلافية وتضم اللغات الروسية والأوكرانية والبولندية والتشيكية والسلوفاكية والصربو ـ كرواتية ـ والسلوفينية والبلغارية واللتوانية 4ـ الهندو ـ إيرانية وتشمل الهندية والأردية والبنغالية والفارسية والباشتو. 5ـ الإغريقية (اليونانية) 6ـ السلتية وتضم الأيرلندية (الغيلية) والغيلية الأسكتلندية والويلزية والبريتانيية 7ـ الألبانية 8ـ الأرمينية.

ولجميع اللغات في العائلة الهندو ـ أوروبية نفس البنية الأصلية المستندة على التصريفات. كما أن لها أقسام كلام محدودة وواضحة، وتشتمل على الأسماء والصفات والضمائر والأفعال التي تتصف بوجود لواحق معينة تدل على الجنس من حيث التذكير والتأنيث، وعلى العدد والحالة والشخص والزمن وصيغة الفعل والحس. ويتشابه الكثير من الكلمات الأساسية البسيطة في اللغات الهندو ـ أوروبية. فعلى سبيل المثال، نجد أن الكلمة الإنجليزية أمُّ Mother تقابلها في السنسكريتية Mata وفي الإغريقية Meter وفي اللاتينية Mater وفي الأسبانية Madre وفي الألمانية Mutter وفي الروسية Mat. ومن المحتمل أن الناطقين باللغة الهندو ـ أوروبية الأصلية عاشوا في المنطقة الواقعة شمال البحر الأسود. ويحتمل أنهم هاجروا من هناك في كل اتجاه وكانوا يغيِّرون اللغة على طول الطريق الذي سلكوه. واللغات الهندو ـ أوروبية التي تتوفر عنها السجلات المدونة هي الحيثيّة تليها الإغريقية ثم السنسكريتية.

عائلات لغوية أخرى. بالإضافة إلى السامية والهندو ـ أوروبية اكتشف الباحثون عائلات لغوية أخرى كثيرة.

عائلة اللغات الصينية التيبتية. تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية العددية حيث يتكلمها حوالي 1,200,000,000نسمة. وتدخل اللغة الصينية، بلهجاتها المتعددة، في إطار هذه العائلة، وكذلك اللغات التايلاندية والبورمية والتيبتية، وهذه هي اللغات البارزة في شرق آسيا. وتتألف اللغات الصينية ـ التيبتية من كلمات ذات مقطع واحد. ويبين المتكلمون بهذه اللغات المعاني المختلفة للكلمات المتماثلة من حيث الشكل باستخدام النغمات وهي تغيرات في طبقة الصوت.

العائلة الأورالية ـ الألتية تضم اللغات الفنلندية والمجرية والتركية والمنغولية والمانشورية، ومعظم اللغات المستخدمة في وسط وشمالي آسيا. ويتكلم حوالي 165 مليون نسمة اللغات المنضوية في إطار هذه العائلة والموجودة في فنلندا والمجر وتركيا ومنغوليا وإستونيا وتركمانستان وأوزبكستان وكازاخستان وسيبريا.

العائلة اليابانية والكورية. تُشكل اللغتان عائلة واحدة ويتكلمهما حوالي 200 مليون نسمة. وينحصر استخدام هاتين اللغتين عموماً في اليابان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

العائلة الملايوية ـ البولينيزية تضم لغات إندونيسيا والفلبين وهاواي ونيوزيلندا ومدغشقر ومعظم الجزر الأخرى في المحيطين الهادئ والهندي، ويتكلم لغات هذه العائلة حوالي 275 مليون نسمة.

عائلة المون ـ خميرية تضم حوالي 110 ملايين متكلِّم في جنوب شرقي آسيا وأجزاء من الهند. وتُسمَّى هذه العائلة أحيانًا بالأسترالية الآسيوية، وتشمل اللغات المستخدمة في كمبوديا وسيام وأجزاء من بورما وفيتنام.

اللغات الإفريقيَّة جنوب الصحراء. تستخدم في المناطق الواقعة جنوب الصحراء وغرب كل من السودان وإثيوبيا والصومال. أمَّا العائلات الثلاث الرئيسية لهذه اللغات الإفريقية فهي النيليَّة الصحراويَّة والنيجريَّة ـ الكردفانيَّة والخويسانية. ولهذه المجموعات الثلاث حوالي 440 مليون متكلِّم.

العائلة الدرافيدية. توجد هذه العائلة في جنوبي الهند وأجزاء من سريلانكا. وتتفرع منها اللغة التاميلية، والتيلوجوية ولغات أخرى. ويتحدث بهذه اللغات نحو 220 مليون شخص. انظر: الدرافيديون.

اللغات الهندية الأمريكية يبلغ عدد هذه اللغات أكثر من 1,000لغة، ولكن يصعب تصنيفها بسبب الاختلافات الكبيرة بينها. ولا يتجاوز العدد الإجمالي للمتحدثين بهذه اللغات 20 مليون نسمة. وتوجد هذه اللغات في مناطق منعزلة في أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية.

اللغات غير المألوفة. تضم اللغات الهجينة والمولَّدة المستخدمة في مناطق كثيرة من العالم. وهذه اللغات تجعل الاتصال ممكنًا بين مجموعتين أو أكثر تتكلم لغات مختلفة. ومن الأمثلة على ذلك الإنجليزية الهجين الميلانيزية لجزر سليمان وبابوا غينيا الجديدة، واللغة المولَّدة الهاييتية المبنية على اللغة الفرنسية.

تعرض اللغات للخطر

يحدث تعريض اللغة للخطر عندما تتعرض لغة ما لخطر عدم الاستخدام لأن متحدثيها يموتون أو ينتقلون إلى التحدث بلغة أخرى. يحدث فقدان اللغة عندما لا تحتوي اللغة على متحدثين أصليين وتصبح لغة ميتة. إذا لم يتكلم أحد اللغة في النهاية، فستصبح لغة منقرضة.

يذهب التوافق الدراسي إلى أن ما بين 50٪ و 90٪ من اللغات التي يتحدث بها في بداية القرن ال21 على وشك أن تنقرض بحلول عام 2100.

تعلم اللغة

يتعلم معظم الناس لغاتهم بطريقة تلقائية، فيشعر الأطفال الصغار بالحاجة للتعبير عن احتياجاتهم الخاصة، ومن ثم يبدأون بالاستماع إلى الكبار وتقليدهم. ثم يتعلمون تدريجيًا انتقاء ونطق الأصوات المستخدمة في اللغة السائدة في مجتمعهم. كما يتعلمون أيضًا تجاهل الأصوات الأخرى التي لا يستطيعون نطقها في الوقت ذاته.

يتعلم الأطفال ربط الكلمات بالأشياء والأفكار والأعمال، وتصبح استجاباتهم تلقائية. فعلى سبيل المثال، عندما يشاهد طفل كلبًا فإنه ينطق تلقائيًا كلمة كلب. ويتعلم الصغار أيضًا ـ بالمحاكاة عمومًا ـ ترتيب الكلمات بطريقة معينة. وعند بلوغ الأطفال الخامسة أو السادسة من العمر يكون معظمهم قد تعلم التراكيب الرئيسية في لغته بصورة تامة. فيستطيع حينئذ التعبير بشكل واف عن أغراضه العملية. وفي المدرسة، تصبح عملية تعلم اللغة مُدركة ومقصودة. ويصبح الأطفال مدركين للكيفية التي يتم بها ترتيب أصوات وكلمات لغتهم في أنظمة معينة. ويستطيع الأطفال بعد ذلك تعلم الكلام أو الكتابة بشكل دقيق حول أمور أكثر تعقيدًا.

تعـلُّم لغة أجنبية

أسباب تعلم لغة أجنبية

هناك أسباب مهمة كثيرة لتعلُّم لغة أجنبية، ومنها مايلى:

يزيد تعلم اللغة الأجنبية إمكانية التحدث مع أناس كثيرين. وكمثال على ذلك، إذا كنت تتكلم العربية فقط فيمكنك التخاطب مع أكثر من 120 مليون شخص من متحدثي اللغة العربية، وإذا تعلمت الإنجليزية فيمكنك حينئذ التخاطب مع أكثر من 400 مليون شخص. وعندما تتعلم الأسبانية أيضًا، يمكنك التحدث مع الـ 297 مليون شخص الناطقين بالأسبانية في أمريكا اللاتينية وأسبانيا ومناطق أخرى من العالم.

بتعلم اللغات الأخرى، تُكْتَسب المعارف حول عادات وتقاليد شعوب أخرى وأساليب حياتهم. فعند تعلمك اللغة الفرنسية، على سبيل المثال، تتعرف على الكيفية التي يعيش ويتصرف ويفكر بها الشعب الفرنسي.

تساعد اللغة الأجنبية على زيادة معرفتك بلغتك الأم. فمثلاً، عندما يدرس الناطقون بالفارسية اللغة العربية يزداد فهمهم لآلاف الكلمات الفارسية ذات الجذور العربية.

يساعد تعلم اللغة الأجنبية على توسيع ذخيرتك من المعلومات العامة، ويمكن أن يكون بمثابة مفتاح يفتح لك آفاقًا جديدة من المعرفة. فإذا تعلمت اللغة الألمانية مثلاً، تصبح قادرًا على قراءة الكتب المكتوبة بالألمانية حول أي موضوع ترغب في دراسته.

إن معرفة لغة أجنبية يمكن أن تساعد على اكتساب روح التسامح الإنساني الواسع. ستجد أن شعوبًا أخرى ربما تفكر وتتكلم وتتصرف بطرق مختلفة عن طريقة تفكيرك، ولكن تلك الطرق ليست بالضرورة أقل قبولاً من طريقة تفكيرك.

يشمـل تـعلم أيـة لغة أربـع مـهارات مختلفة وهي: 1ـ المحادثة 2ـ الفهم 3ـ القراءة 4ـ الكتابة. وعندما تفهم لغة أجنبية وتجعل ما تعبر عنه، بالكلام أو الكتابة، مفهوماً تكون قد برعت في هذه اللغة.

طرق الدراسة

لاتوجد لغة سهلة أو صعبة بذاتها. وتعتمد سهولة أو صعوبة أية لغة على عمر الشخص الذي يتعلمها. فقبل سن العاشرة، تكون جميع اللغات متساوية في السهولة حين يتم تعلمها بطريقة المحادثة الطبيعية (الاستماع والمحاكاة). وبعد سن العاشرة، فإن عاداتنا اللغوية تكون متكيفة مع لغتنا الأم. ومنذ ذلك الحين، يصبح تعلم لغة أخرى سهلاً بالقدر الذي تكون فيه مشابهة للغتنا القومية، ويصبح صعبًا بالقدر الذي تختلف فيه تلك اللغة عن لغتنا الأصلية. وبناءً على ذلك، فإنه من المرغوب فيه تعلُم اللغة الأجنبية في سن مبكرة قدر الإمكان. لذا نجد أن بعض الأطفال يبدأون في تعلم لغة أجنبية في المدرسة الابتدائية. على أن التربويين يؤكدون على أهمية إعطاء تعلم لغة البلاد الأصلية المجال في التعليم الابتدائي وعدم مزاحمة اللغة الأولى بلغة أخرى في هذه المرحلة. ومع ذلك، فإنه يمكن للطلاب تعلم اللغات الأجنبية، بعد سن العاشرة، بإحدى الطريقتين التاليتين أو بكلتيهما: 1ـ طريقة القواعد 2ـ طريقة المحادثة.

طريقة القواعد اللغوية فيها يتعلم الطلاب القواعد العامة للغة وتطبيقها على أوضاع معينة. ففي درس لقواعد اللغة الفرنسية، على سبيل المثال، يمكن التركيز على الاستخدام الصحيح للجنس من حيث التذكير والتأنيث. يتعلم الطلاب أن الكتاب اسم مذكر والمسطرة اسم مؤنث. وبهذه الطريقة، يتعلم الطلاب قواعد اللغة، وفي الوقت ذاته تزداد ذخيرتهم من المفردات.

طريقة المحادثة وفيها يحاول الطلاب محاكاة العملية التي يتعلم بها الأطفال الصغار اللغة. فيستمع الطلاب إلى المعلم ثم يقلدون الأصوات والكلمات والجمل.

إن طريقتي القواعد اللغوية والمحادثة التطبيقية فعّالتان. ويبدو أن الطريقة المثلى للأطفال كبار السن والبالغين هي دمج الطريقتين المذكورتين معاً.

معينات الدراسة. استخدم طلاب اللغة منذ مئات السنين كتب قواعد اللغة وكتب التمارين والمعاجم. وتشتمل معينات الدراسة الحديثة وبالأخص للغة المحادثة على: 1ـ تسجيلات صوتية مع الكتيبات المصاحبة لها 2ـ أجهزة تسجيل سمعية تتيح للطلاب الاستماع للمادة اللغوية وتكرار ذلك ومسح ما يكررونه ثم المحاولة مرة أخرى 3ـ أشرطة فيديو وتلفازات الدائرة المغلقة التي تتيح للطلاب مراقبة حركات أفواههم ومقارنتها بحركات متكلم ما 4ـ أجهزة الحاسوب التي تصحح ترجمات الطلاب للكلمات والعبارات على شاشة عرض بالفيديو. ولا توفر وسائل الدراسة اللغوية هذه تعليمًا وتدريبًا فحسب، بل وتعليماً ذاتياً أيضًا حيث يمكن استخدامها بدون معلم.

الهندسة الفسيولوجية والعصبية للغة والكلام

التحدث هو الأسلوب الافتراضي للغة في جميع الثقافات. يعتمد إنتاج اللغة المحكية على قدرات متطورة للسيطرة على الشفاه واللسان والمكونات الأخرى للجهاز الصوتي، والقدرة على فك شفرة الأصوات الصوتية والجهاز العصبي المطلوب لاكتساب اللغة وإنتاجها. إن دراسة الأسس الوراثية للغة البشرية هي في مرحلة مبكرة حيث إن الجين الوحيد الذي تورط بالتأكيد في إنتاج اللغة هو FOXP2 والذي قد يسبب نوعًا من اضطراب اللغة الخلقية إذا تأثر بالطفرات.

الدماغ

الدماغ هو مركز التنسيق لجميع الأنشطة اللغوية. إنه يتحكم في كل من إنتاج الإدراك اللغوي والمعنى وآليات إنتاج الكلام. ومع ذلك، فإن معرفتنا بالأسس العصبية للغة محدودة للغاية على الرغم من أنها تقدمت بشكلٍ كبير باستخدام تقنيات التصوير الحديثة. يسمى علم اللغويات المكرس لدراسة الجوانب العصبية للغة بعلم اللغة العصبي.

تشريح الكلام

تعتمد اللغة المنطوقة على القدرة الجسدية للإنسان على إنتاج صوت، وهي موجة طولية تنتشر عبر الهواء بتردد قادر على اهتزاز طبلة الأذن. تعتمد هذه القدرة على فسيولوجيا أعضاء الكلام البشري. تتكون هذه الأعضاء من الرئتين وصندوق الصوت (الحنجرة) والجهاز الصوتي العلوي ابتداءًا من الحلق والفم والأنف. من خلال التحكم في الأجزاء المختلفة لجهاز الكلام، يمكن التلاعب بالهواء الجوي لإنتاج أصوات كلامية مختلفة.

مصطلحات لغوية

الأمية. عدم القدرة على القراءة والكتابة.
التعبير الاصطلاحي. هو تعبير في لغة لا يمكن ترجمته بدقة إلى لغة أخرى. ولا يمكن التوصل إلى معرفة معنى التعبير الاصطلاحي من الكلمات المكونة له. ومثال ذلك التعبير الاصطلاحي العربي: انشقّت العصا بينهم، ويعني: تفرّقوا.
العلامة المساعدة في الكتابة. علامة تستخدم لتبيان التغيرات في الأصوات والنطق، مثل المدة (~) وعلامات النبر المختلفة.
علم الدلالة. وهو دراسة معاني الكلمات.
علم تأصيل الكلمات (الإتيمولوجيا) أحد فروع علم اللغة، ويتناول بالبحث أصل وتطور الكلمات.
علم اللغة هو الدراسة العلمية للغة بالمعنى الموسع. أما الفيلولوجيا فهو مصطلح أقدم يستخدم للدلالة على الدراسة العلمية للغة.
الكلمات المستعارة ومثالها الكلمة التي استعيرت من لغة أخرى. ويتم استعارة مثل هذه الكلمات بشكلها الأصلي أو إدخال بعض التغييرات عليها مثل كلمة مكرونة.
كلمة هجين (مولدة). كلمة مؤلفة من عنصرين أو أكثر يعود كل عنصر منهما إلى لغة مختلفة مثل كتبخانة، وتتكون من (كتب) العربية و(خانة) التركية.
اللغة الخاصة وهي مجموعات المفردات والتعابير المستخدمة من قبل مجموعة معينة من الأشخاص. فالأطباء، مثلا، يستخدمون كلمات وتعابير كثيرة لايستعملها غيرهم من الناس.
اللغة الدارجة. وهي اللغة التي يتكلم بها الناس في حياتهم اليومية في مكان معين.
اللفظة الجديدة. وتدل على الكلمة المبتكرة حديثاً والتي لم تحظ بقبول عام.
اللهجات العامية الخاصة. وتتألف من الكلمات والمهارات المستخدمة بطرق غير تقليدية.
المطابقة النحوية. تحدث عندما يغير أحد أقسام الكلام شكله ليتواءم مع قسم آخر.
النّبر هو التشديد على مقطع معين في كلمة ما.
النحت كلمة مأخوذة من كلمتين أو أكثر.

بنية اللغة

هناك أشياء معينة مشتركة في جميع اللغات، وهي: 1ـ النمط الصوتي 2ـ الكلمات 3ـ البنية النحوية.

النمط الصوتي. هو مجموعة الأصوات التي تستطيع أجهزة الكلام في الإنسان نطقها. و يتراوح عدد الأصوات في معظم اللغات بين 20 و60 صوتًا.

الكلمات. هي أصوات أو أنماط صوتية لها معنى. ويمكن للكلمات أن تدل على أشياء أو أعمال أو أفكار.

البنية النحوية. هي الطريقة التي يتم بها جمع الكلمات لتكوين وحدات أكبر ذات معنى كالجُمَل. ويمكن للبنية النحوية أن تأخذ أحد الشكلين التاليين أو كليهما. الشكل الأول ويُسمى التراكيب النحوية وهو ترتيب الكلمات بنظام معين، ويجعل نظام ترتيب الكلمات معناها واضحًا. فمثلاً عندما نقول صافح عليٌّ محمدًا، فإننا نبين أن عليًّا هو الفاعل للحدث ومحمدًا هو الذي وقع عليه الفعل. ونقوم بتبيان ذلك بوضع كلمة محمد بعد صافح علي. وتستخدم لغات أخرى أنظمة مختلفة كليًا لترتيب الكلمات في الجملة. ومع ذلك، فما دام المعنى يعتمد على نظم الكلمات في الجملة فيمكننا القول بأن جميع اللغات تستخدم التراكيب النحوية.

يدعى الشكل الآخر للبنية النحويّة بالصرف؛ وينطوي استخدام البنية الصرفية على تغير في شكل الكلمة لتِبيان وظيفتها في إطار مجموعة من الكلمات.

تستخدم بعض اللغات كالصينية مثلاً التراكيب النحوية فقط، بينما نجد في لغات أخرى مثل اللاتينية أن نظم الكلمات في الجملة ليست لها أهمية لأن لواحق الكلمات هي التي تبيّن وظائف الكلمات. وكانت الإنجليزية القديمة أو الأنجلو ـ سكسونية ـ وهي شكل الإنجليزية المستخدمة حتى حوالي عام 1100م ـ تشبه اللاتينية في هذا الجانب.

علم المعاني

تُعبّر اللغات عن المعنى عن طريق ربط نموذج الإشارة بالمعنى أو محتواه. يجب أن تكون أشكال الإشارات شيئًا يمكن إدراكه مثل في الأصوات أو الصور أو الإيماءات ثم ترتبط بمعنى معين حسب المصطلح الاجتماعي. نظرًا لأن العلاقة الأساسية للمعنى بالنسبة لمعظم العلامات اللغوية تعتمد على التقاليد الاجتماعية، يمكن اعتبار العلامات اللغوية تعسفية بمعنى أن الاتفاقية قد تأسست اجتماعيًا وتاريخيًا وليس عن طريق وجود علاقة طبيعية بين شكل علامة محددة الشكل والمعنى.

الأصوات والرموز

تُدرس الطرق التي تستخدم بها اللغات الأصوات أو العلامات لبناء المعنى في علم الأصوات. تسمى دراسة كيفية إنتاج البشر وإدراكهم للأصوات بالصوتيات. تسمى الأصوات كجزء من نظام لغوي بالصوتيات التي هي وحدات صوتية مجردة تُعرف بأنها أصغر الوحدات في اللغة التي يمكن أن تعمل على التمييز بين معنى زوج من كلمات مختلفة الحد الأدنى، وهو ما يسمى الزوج الأدنى. تحتوي جميع اللغات المحكية على أصواتٍ من فئتين مختلفتين على الأقل وهم أحرف العلة والحروف الساكنة والتي يمكن دمجها لتشكيل المقاطع.

قواعد

القواعد هي دراسة كيف يمكن دمج العناصر ذات المغزى والتي تدعى المقاطع داخل لغة ما في الكلام.

علم التشكل (المورفولوجيا)

في علم اللغويات، تُسمى دراسة التركيب الداخلي للكلمات المعقدة والعمليات التي تتشكل بها الكلمات بالمورفولوجيا.

بناء الجملة

تسمى القواعد النحوية لكيفية إنتاج جمل جديدة من الكلمات المعروفة بالفعل ببناء الجملة.

علـم اللغــة

قام الإغريق والرومان القدماء بدراسة طبيعة وأصل اللغة، إلا أن دراساتهم افتقدت الأساس العلمي المنهجي. ولكن العرب المسلمين تطورت لديهم علوم اللغة بفروعها المختلفة كالأصوات والنحو وعلم المعاني وغيرها. وفي أوروبا، أثناء العصور الوسطى الممتدة من القرن الخامس الميلادى إلى القرن السادس عشر الميلادي، اعتقد كثير من الناس أن جميع اللغات نشأت من العبرية التوراتية. ولم تبدأ الدراسة العلمية للغة في أوروبا حتى أواخر القرن السابع عشر. وفي بداية الأمر، عمد الباحثون أمثال فريدريتش شليجل وجاكوب جريم وفرانز بوب، وجميعهم ألمان، إلى دراسة اللغات متبعين الطريقة المقارنة. وأجروا العديد من المقارنات بين لغات العالم ولاحظوا العلاقات بينها. وأدت النتائج التي توصلوا إليها في دراساتهم إلى تصنيف اللغات إلى أُسر. وفي أوائل القرن التاسع عشر، قام باحث سويسري اسمه فرديناند دو سوسير بدراسة اللغات متّبعاً الطريقة العامة في البحث، وأرسى قوانين تنطبق على كافة اللغات.

وفي الوقت الحاضر، ينقسم علم اللغة إلى مجالين أساسين: 1- المقارن أو التاريخي 2- الوصفي. تبحث الطريقة المقارنة في اللغة عبر آلاف السنين، وتسعى إلى تحديد تاريخ نشوء اللغات والأسر اللغوية. أما الطريقة الوصفية فتركز بدرجة رئيسية، على اللغات المعاصرة.

انظر أيضًا