جمال

الجمال هو قيمة مرتبطة بالغريزة والعاطفة والشعور الإيجابي، وهو يعطي معنىً للأشياء الحيوية، ليس له وحدة قياس فكل إنسان يراه بشكل مختلف. مثل: الخصوبة و‌الصحة و‌السعادة والطيبة و‌الحب و‌الإدراكهو حبيبتي افياء .

كما أن الجمال يفسر الأشياء وتوازنها وانسجامها مع الطبيعة ويعتمد على تجارب الانجذاب والعاطفة والبهجة في عمق الوعي الحسي، الجمال ينشأ من تجربة صامتة إيجابية.

إن النظريات الحديثة للجمال ترجع مقاييسه إلى أعمال الإغريق الفلسفية قبل فترة سقراط وتربطه بالعلاقة بين علم الرياضيات والجمال، وهذا ما يؤيده بعض الباحثين الجدد.

أنواع الجمال

الجمال المادي هو الجمال الحسي المدرَك بحواس الإنسان من جمال في الطبيعة أو البشر أو الأشياء الأخرى التي يمكن رؤيتها والتحقق منها ماديا، وفي تناسق الأشياء وتنظيمها كما يعدها بعض الفلاسفة من أشكال الجمال المادي. كما يعد البعض أن الجمال المادي نسبي، فما يراه البعض جميلا قد يراه البعض الآخر قبيحا وهكذا، لذلك لا يعد الجمال المادي مطلقا، كما يمكن أن يفنى مع تقادم الزمن، لكنه أحيانا قد يرتبط مع الجمال المعنوي.

الجمال المعنوي يعد الجمال المعنوي ذا معنىً أعمق وأشمل من الجمال المادي وتعدده أكبر فهو يحمل في معانيه معان سامية مثل الأخلاق والقيم والصدق وكثير من الأشياء الأخرى وديمومته أكبر من الجمال المادي البحت، كما يعد الجمال المعنوي مطلقا حيث لا يمكن إنكاره بما يتوافق مع الفطرة الإنسانية الحميدة ولكن رؤيته من زوايا أخرى يجعله يدخل في نطاق النسبية والآراء طبقا للأفكار.

النسبة الذهبية φ

في الرياضيات، تحقق قيمتان عدديتان النسبة الذهبية إذا كانت النسبة بين هذين العددين 1.6180339887 تقريبا. لو نُظر إلى مستطيلات مختلفة، لوُجد بعضها أجمل من الآخر. وفي معظم الأحيان تكون نسبة أبعاد هذه المستطيلات بعضها إلى بعض هي نفسها. وتسمى هذه المستطيلات «المستطيلات الذهبية» وخارج قسمة طولها على عرضها يسمى «الرقم الذهبي». الرقم الذهبي معروف على الأرجح منذ عصور ما قبل التاريخ. فقد استعمله مهندسون وفنانون كثر منذ العصور القديمة. فهرم "خوفو"، المبني في سنة 2800 ق م. تقريبا، يظهر أن مهندسه استعمل الرقم الذهبي وكذلك شأن "البارثينون" بأثينا، الذي تم بناؤه في القرن الخامس ق م وأيضا يوجد في أهرامات الجيزة بمصر. كما يظهر الرقم الذهبي كذلك في ميدان الموسيقى ذلك أن صانع الكمانات الإيطالي «أنتونيو ستراديفاري» (و اشتهر كـ«ستراديفاريوس») استخدم هو الآخر هذا الرقم في صنع كماناته الشهيرة مع نهاية القرن السابع عشر للميلاد. الرقم الذهبي يوجد في الصناعات الإنسانية والطبيعة لإضافة الجمالية فمثلا هو مستعمل بشكل تقريبي في:

  • ملامح وجه الإنسان.
  • التحف الفنية الحديثة والقديمة.
  • ميدان الموسيقى.
  • الشكل الهندسي لنجم البحر الذي يمتاز بشكل خماسي الأضلاع المتداخل.
  • شكل قوقعة الحلزون الهندسي.
  • أو في زهرة دوار الشمس أو في حراشف الصنوبر («تفاح الصنوبر»).
  • ويبدو أيضا أن خارج قسمة الطول الإجمالي لجسم الإنسان على ارتفاع السرة عن الأرض مساوٍ، هو الآخر، للرقم الذهبي.

انظر أيضا

الجميل

الجميل هو موضوع علم من علوم الفلسفة سماه لأول مرة Baumgarten باسم Aesthetik. ومنذ عصر التنوير، أي منتصف القرن النامن عشر، وهو يدرس كعلم من علوم الفلسفة. لكن دراسة الجمال قديمة قدم الإنسان.

ويوصف ب«الجمال» أمور مختلفة جداً: الإنسان، الحيوان، النبات، المنظر الطبيعي، لأثر الفني (رسم، تمثال، معمار، الخ) الفعل الإنساني، الآلة، الخ وهوميروس ينعت بصفة الجمال ليس فقط الجسم الإنساني وجسم الإله أو أجزاء الجسم الإنساني (الشعر، الوجه، العيون، الخدود، البشرة، الفخذ، مفصل القدم والصوت)، بل وأيضاً الحيوان النافع للإنسان (الفرس، البقر، الشاة) والأشياء المفيدة في الاستعمال (الملبس، الأسلحة، العربات، السور، المنزل) وكذلك الأشياء الطبيعية النافعة أو السازة (الموقع، المرفأ، الشجر، الماء، الريح، النجم)، والأفعال الإنسانية السارة. لكن ليس من السهل أن نجد عنده - أو عند من أتوا بعده مباشرة - التمييز بين «الجميل» (يمعنى ما يثير الأعجاب الحسي)، وبين «النافع» (أي ما يسد حاجة في الإنسان) وبين الخير (بالمعنى الأخلاقي).

والفلاسفة اليونانيون السابقون على سقراط اختلفوا في تحديد معاير الجمال. فقال السوفسطائيون إنه لا يوجد جميل بطبعه، بل يتوقف الأمر على الظروف، وعلى أهواء الناس، وعلى مستوى الثقافة والأخلاق.

وقال هرقليطس إن كل شيء في نظر الله جميل وخير وعدل، ولكن الناس هم الذين ختلفوا في التقدير: لكن سائر الفلاسفة السابقين على سقراط اتخذوا معايير محددة لوصف شيء ما، إنه جميل: فقال الفيثاغوريون إن الجمال يقوم على النظام ، وعلى التماثل (السيمترية) وعلى الانسجام والنحات بولوكلايتوس 08خقهلالاا0? اعتبر معيار الجمال هو التناسب بين أجزاء الجسم. وديمقريطس الذي من أبديرا عد الجمال هو المساوي، في مقابل : الإفراط والتفريط. وأخضع الجمال للأخلاق وأكد العناصر النفسية (اللذة، الحب، الاستعداد الطبيعي) وبحث في شروط الجمال في الشعر والخطابة.

وكان سقراط أول فيلسوف يوناني بحث في مختلف أوح ٠ الجمال بطريقة منظمة . لكنه رأى ربط الجمال بالخير ربطاً تاماً، وكذلك بالنافع أو المفيد، لأنه عارض النسبية في التقدير بحسب الأفراد، التي أبرزها السوفسطائيون، وتلمس معياراً عاماً بين الناس هو الخير والنافع . لكن المؤسس الحقيقي لعلم الجمال هو أفلاطون. فقد تناوله خصوصاً في ثلاث محاورات، هي: «هبياس الأكبر» ، و«فدرس» ، و«المأدبة»

فهو في «هبياس الأكبر» يثير عدة مسائل تتعلق بطبيعة الجمال (أو الجميل)، وا لموا قف المختلفة فيها. وفي هذه المحاورة يؤكد سقراط الموقف العقلي والمطلق من ماهية الجمال، بينما هبياس يتخذ موقفاً تجريبياً و نسبياً .

ما هو الجمال؟ يجيب هبياس بذكر ما يراه من أشياء متصفاً بالجمال: مثلاً: الجميل هو الفتاة الحسناء. فيرد عليه سقراط قائلا إن ثم أشياء أخرى جميلة، مثلاً الفرس . كذلك توجد حقائق غير حسية يمكن وصفها بالجمال. مثل القوانين، الأفعال، النفوس. لكنحتى لا نغرق فيما لا نهاية من الأمثلة على الجمال، ينبغى تحديد ما هي الأشياء الجميلة جمالاً تاماً، والإشارة إليها في كل تحليل بطبيعة الجمال : لكن سرعان ما يتبين أن الأجوبة ناقصة وغير وافية لتحديد ماهية الجمال. فهبياس يسوق التعريفات التالية لما هو جميل : الجميل هو الذهب؛ الجميل هو الملائم؛ الجميل هو ما يبدو جميلا؛ الجميل هو النافع؛ الجميل هو الصالح؛ الجميل

هو عرفان الجميل. لكن سقراط (= أفلاطون) لا يقنع بأي تعريف من هذه التعريفات فيقول مثلاً: إن ما يبدو جميلاً لا يدل على أنه هو بالفعل جميل، لأنه إذا كان من الممكن قبول هذا التعريف فيما يتعلق بالمحسوسات، فإنه لا يمكن قبوله فيما يتعلق بالأمور غير المحسوسة. وينتهي أفلاطون إلى القول بأن الجميل مستقل عن مبدأ الشيء الذي يظهر (أو: يبدو) أنه جميل إن الجميل صورة عقلية، مثل صورة الموجود، أو الحق، أو الخير. إن الجميل ليس هو البارع، ولا النافع، ولا علة الخير، ولا اللذة التي تصل إلينا عن طريق السمع أو البصر؛ وفي محاورة «المأدبة» يقرر أفلاطون - على لسان ديوتيما في خطبتها: أن جمال الأشياء الجميلة لا يمكن أن يدرك مستقلاً عن «الصورة العقلية» للجميل والطريق من الأشياء الجميلة إلى الصورة العقلية للجميل يتصاعد من الأشياء الجميلة إلى الصورة العقلية للجميل (صورة الجمال) مروراً أولاً بالشهوة الذاتية، ومن ثم بالأجسام الجميلة المفردة، ثم بالجسم الجميل بوجه عام، ثم بالنفوس الجميلة، ثم بالأفعال الجميلة، ثم بالقوانين الجميلة، ثم بالمعارف الجميلة حتى نصل إلى الجمال المطلق، الجمال في ذاته ولذاته، بينما سائر الأشياء الجميلة تشارك فيه (محاورة «المأدبة» ٢١١ - ٢٢). ثم يربط أفلاطون هذا الجميل المطلق بالفضيلة («المأدبة» ٢١٢أ) وفي محاورات أخرى يربط ربطاً محكماً بين صورة الجمال وصورة الخير (راجع «قراطيلوس» ٤٣٩ح-٤٤٠ح، «يوتيديموس» ٣٠٠ه - ٣٠١أ؛ «فيدون» ١٠٠ب - ه؛ «جورجياس» ٤٧٤د-٤٧٧أ؛ «فدرس»٢٤٩د-٢٥٢ب؛ «السياسة»م-٤٧ب-د؛٤٧٩أ-٥٠أ؛م٥٠٧٦ب، ٥٠٨ه-٥٠٩أ؛م٥١٧٧ب-ح؛ «السوفسطائي» ٢٧٥د -ه؛ «فيلابوس» ٥١ح، ٦٤د -٦٥أ.)

أما أرسطو فقد آثر الفصل بين الجميل والخير، وقصرالجميل على الجميل الحسي وبهذا وضع الجميل مضاداً للنافع، وأدرج البحث عن الجميل في ميدان البحث في الفنون والآداب، بمعزل عن الأخلاق. ومن هنا بحث في الجميل على أساس المعايير التي رأيناها من قبل عند الفيثاغوريين وديمقراطيس فجعل معيار الجمال في النظام والانسجام والسيمترية؛ وخصوصاً في انتظام الأجزاء وظيفياً تحت الكل («السياسة» م٣ - ١٣ ص١٢٨٤ب٨ - ١٣).

أما أبيقور فقد قصر الجميل على ما يتعلق بالشهوة: ولم يهتم بالجميل من حيث هو موضوع علم الجمال ٠

وعلى العكس من ذلك أكد الرواقيون الجانب العقلي في الجميل وبفكرة السيمترية ربطوا بين الجانب الأخلاقي والجانب الجمالي في الجميل، وذلك بأن أكدوا أن الجميل هو «الخير الكامل أو السيمترية التامة» (خروسفوس: «شذرات أخلاقية» ، رقم ٨٣ من «شذرات الرواقيين القدماء"٣٠٠٣).

ثم عاد البحث في الجميل يحتل مكان الصدارة في الأفلاطونية المحدثة خصوصاً عند مؤسسها أفلوطين، فقد جعل هذا الموضوع في مركز تأملاته الفلسفية (راجع ٠. «التساعات» التساع الأول، فصل ٦؛ والتساع الخامس فصل ٨) رأى أفلوطين أن السيمترية لا تكفي لتحديد الجمال، والدليل على ذلك هو أن أجمل الأشياء لا تفترض وجود موضوعات مركبة بعضها مع بعض، وهذه الأشياء هي: النجم، اللون، وخصوصاً اللون، والأفعال، والآراء، والمعارف («التساعات» التساع الأول ف٦ ؛ السادس ف٧). بل ينبغي أن نؤسس السيمترية على «الصورة» Idee التي تسيطر على المادة، وتكون من الكثرة وحدة (التساع «الأول ف٦؛ الخامس ف٨، ٩؛ السادس فصل ٦، ٧). والجميل يجتذب الإنسان الحسي إلى الواحد في صورته. وكما قال أفلاطون، كذلك قال أفلوطين إن الحب هو الدافع في هذه العملية. ويؤكد أفلوطين التأثير المقلق العنيف، بل المذلة، للجميل. وإلى جانب الجميل الطبيعي، يؤكد دور الجميل الفني.

وفي العصور الوسطى الأوروبية ساد اتجاهان: الأول يمثله القديس أوغسطين ويستوحي مذهب أفلاطون، وكان يرى أن الجمال يقوم في الوحدة في المختلفات، والتناسب العددي، والانسجام بين الأشياء يقول أوغسطين: «الجميل هو ما هو ملائم لذاته، وفي انسجام مع الأشياء الأخرى» و«كل جمال في الجسم يؤكد تناسق الأجزاء، مقروناً بلون مناسب» (أوغسطين: الاعترافات، الكتاب الرابع،بند١٥، ٢٤؛ «في مدينة الشه» الفصل ٢٢، بند ١٩). وهذه النظرة انتقلت إلى

العصر الوسيط عن طريق كتاب «سلوى الفلسفة» لبوئتيوس ففي المناجاة الشهيرة، التي تقول: ((O qui perpetua، وفيها تلخيص لمحاورة «طيماوس»، يوصف الله بأنه «أجمل موجود« ، وأنه «يحمل في الروح العالم الجميل، وقد شكله على صورته» وجمال العالم يقوم على نظام رياضي ويخاطب الله قائلا: «أنت تربط العناصر بواسطة أعداد» (بوئتيوس: «سلوى الفلسفة» ٣ ٩). وفي مقدمة كتابه في «الأرتماطيقي» (الحساب) يقول بوتيوس إن علم الحساب كان هو النموذج الذي اتخذه الله وهو يخلت العالم، وإن كل الأشياء قد حصلت على الانسجام بواسطة الأعداد.

والإتجاه الثاني الذي حدد تصور الجميل في العصور الوسطى، يعود إلى ديونسيرس الأريوفاغي. ويتميز هذا الإتجاه بأنه ليس فقط الانسجام، بل وأيضاً الوضوح claritas هو الأمر الجوهري في الجميل، وأن الجميل هو أيضاً خير.

وفي إثر ديونسيوس الأريوفاغي المزعوم قال هوجو دي سانت ثكتور إن الجمال المرئي هو صورة للجمال المستور. ويحلل عناصر الجمال في العالم ويقرر أن الجمال في المخلرقات يتألف من: الموقع situs ، والحركة motus، والصورة species، والكيف والمقصود بالموقع: نظام الأشياء بعضها بالنسبة إلى بعض، وبالحركة: أسمى المظاهر الأربعة، لأن الحركة تشمل فعل الحواس والعقل أما الصورة فهي الشكل الذي نراه بعيوننا ونميزه، مثل الألوان وأشكال الأجام. أما الكيف فهو الخصائص التي ندركها بحواس أخرى مثل رنين نغمة، والروائح، والذوق (Didasc ٨ ١)

والقديس بونا فنتورا رأى أن جوهر الجمال يقوم في: الوحدة في المختلفات. وقد قال إن الجمال «هو توافق المختلف» .

أما القديس توما الأكويني فيعرف الجميل بأنه «ما يسر حين يرى» quae viso placet («الخلاصة اللاهوتية»

فالجميل ٠ عند توما - يتحدد من حيث . (I, 5, 4١ al I

تأثيره على النظر

ومن العصور الوسطى ننتقل مباشرة إلى القرن

يميز P. Charron السابع عشر حيث نجد بيير شارون بين توعين من الجمال: «أحدها يظل ساكن ولا يتحرك بوجه عام : وهو يعود إلى التناسب بين الأعضاء وإلى اللون. . . والثاني متحرك، ويسمى الرشاقة grâce، ويقوم على حركة ا لأعضاء وخصوصاً على حركة العيون. الأول شبه ميت، أما الثاني فحي ويخدث تأثيراً كبيراً . . والجمال يبرزخصوصاًفي الوجه فلاشيء أجمل من الوجه، إنه روح مختصرة âme raccourcie . إن الوجه صورة الروح». (شارون «في الحكمة» (سنة ١٦٢٥، ٦٠١).

ويحدد ليبنس Leibiniz الجمال بأنه «مبدأ أجمل الترابط» الذي وفقاً له خلق الله الأشياء (ليبنس: «شذرات تتعلق بالعلم» ، نشرةجرهرت، ٧٦) . والجمال يدرك على أنه أثر وحدة للمتعدد منظمة تنظيماً محكماً. يقول: «إن الوحدة في الكثرة ليست شيناًآخر غير التوافق، ولأن أحدها أقرب توافقاً من الآخر، فإنه يفيض منه النظام الذي يستمد منه كل جمال» (الكتاب نفسه، ٩٧). وما يملك المقياس، والقاعدة والنظام، وتبعاً لذلك: الكمال، فإنه يملك الجمال، ويتلقى بسرور، ويستقبل منابالتعاطف والجمال يوقظ الحب، لأن الموضوع الحقيقي للحب هو الكمال.

فيعرف الجمال A. c. Shaftesbury أما شيفتسبري

بأنه ما يثير الإعجاب بعدم محدوديته، وبقوته، وعظمته، وما هو جدير بالحب بسبب حيويته وانسجامه (شيفتسبري: «الأخلاقيون» ، سنة ١٧٠٩ وجمال الله وكماله هما ينبوع كل جمال. والجمال يتضمن: الاستواء، والوحدة، والانسجام، وما فيها من قوة مصورة Forming power. والجمال والخير شيء واحد أحد ويغترف الإنسان من ينبوع الجمال بغاية الجمال معايشة عقلية طاهرة صافية. والجمال لا يدرك بالحس، ذلك أن صورة Jdee الجمال فطرية غريزية.

أما هتشستون Hutcheson فيرى أن الجمال يدرك في الموضوعات التي تتصف بصفات معينة مثل: الانتظام في الشكل، والانسجام، والنظام، فتحدث أثراً ساراً. ويزجع الإدراك الحيي وما يترتب عليه من إمتاع إلى «إحساس بالجمال» طبيعي وهذا الإحساس مرتبط بالجمال المعنوي moral beauty. وهذا الجمال المعنوي - أو الأخلاقي - مرتبط بسلوك اجتماعي معين.

أما بيرك فقد وضع السامي في مقابل الجميل (راجع مادة: السامي).

وبباومجارتن يبدأ علم الجمال بالمعنى المحدود، إذ يصبح الجمال موضوعاً لنظرة في المعرفة الحسية هي علم الجمال Aesthetik ، وموضوعة هو كمال المعرفة الحسية (راجع كتاب Aesthetica، سنة ١٧٥٠، بند ١٤). «والكمال، من حيث هو ظهور هو الجمال» («الميتافيزيقا» بند ٦٦٢). وهو يسمى علم الجمال باسم «ميتا فيزيقا الجمال».

ومنذ فنكلمن انصب تأمل الجميل على الآثار الفنية، وصار الجمال يدرس في أعمال الفن. ومن هنا صار الجمال يذرس تاريخياً.

ثم جاء إمانويل كنت فكتب أولاًفي سنة ١٧٦٤ بحثاً صغيراً بعنوان: «ملاحظات على الشعور بالجميل والسامي"؛ وميز بين كلا النوعين من الشعور بعبارة صارت مشهورة، يقول فيها: «السامي يقلق، والجميل يسحر» (كنت، مجموع مؤلفاته، نشرة الأكاديمية، ح٢ ص٩ ٠ ٢). وعلى هذا فالجميل جدير بالحب وسار، بينما السامي يثير الوجدان ا لأسيان. ثم جاء بعد ذلك في كتابه "نقد ملكة الحكم» (سنة ١٧٩٠) فتساءل في المقام الأول عن شروط وأحوال إمكان أصدار أحكام تتعلق به. وانتهى إلى القول بأن الحكم الذي يقول: «هذا جميل» ينتسب إلى ميدان تقويم خاص به، وهو منطق الذوق الجمالي. وبهذا دعا إلى تأسيس علم جمال قائم على الاستقلال الذاتي لعلم الجمال، على النحو الذي طوره مورتس K. Ph. Moritz، وفريد رش شلر، وجيته، ثم بلغ أوجه عند شلنج وهيلدرلن وهيجل. لقد أخرج كثت مناقشة الجمال خارج نطاق الميتافيزيقا، وجعل علم الجمال مستقلاً عنها.

وفي القسم الأول من الكتاب الأول: نقد ملكة الحكم الجمالي نجد فصلا بعنوان: «تحليلات الجميل»، ويتبعه فصل بعنوان: "تحليلات السامي» وفيه يولج كنت أفكاراً تتعلق بعلم الخطابة الكلاسيكية. ويعرف كنت الجميل وفقاً لاربع لحظات (= عناصر) للحكم الذوقي:

الأولى: من حيث الكيف: بوصفه موضوعاً «للاستمتاع دون أية منفعة».

١٥٨

الجميل

الثانية : من حيث الكم : بوصفه موضوعا لاستمتاع عام بدون تصور محدد.

وفي هذه الحالة يكون : القول : «هذا جميل» قوا صائباً عند كل إنسان، أي أنه مرتبط بدعوى العموم الذاتي ويصوغ كنت هذا القول في العبارة: «جميل ما يسر الجميع دون تصور عقلي» ٠ ووفقاً لهذا فإن «الجميل» مقولة: ذاتية - موضوعية. ومعنى هذا أنه في الحكم على الذوق لا يوجد أي موضوعية بالمعنى الدقيق، لأن أساس الذوق ذاتي دائماً.

الثالثة: من حيث «الإضافة بين الأغراض التي تؤخذ في الاعتبار». وفي هذه الحالة الجمال «هو شكل غرضية الموضوع، من حيث هي بدون امتثال لغرض معين». إن الجمال «غرضية بدون غرض». وقد أثار رأي كنت هذا الكثير من الجدل ابتداء من الشاعر شلر حتى أدرونو Adorno في العصر الحاضر,

الرابعة: واللحظة الرابعة للحكم الذوقي تتعلق ب «نوعية Modalität الاستمتاع بالموضوع، وتقول: «جميل عو ما هو٠ بدون تصور عقلي — موضوع لاستمتاع ضروري؟.

ويمكن تلخيص هذه اللحظات الأربع كما يلي: الجميل يتحدد ب:

١ - الخلو من المنفعة.

٢-العموم في الإدراك؛

٣ - الغرضية دون تصور غرض محدد؛

٤ - الاستمتاع الضروري

إذن الجميل يمتع تلقائياً، وبوجه عام، ومن تلقاء ذاته، وبالضرورة. ويرى كنت أن الاستمتاع بجمال الطبيعة هو دائماً علامة على «نفس طيبة»، ويدله على شعور أخلاقي. ويفضل كنت جمال الطبيعة على جمال الأعمال الإنسانية الفنية. ثم يجمع بينهما فيقول: «الطبيعة كانت جميلة، حينما تجلت في الوقت نفسه أنها فن؛ والفن لا يمكن أن يسمى جميلاً إلا حين نكون واعين بأنه فن، ولكنه مع ذلك يتجلى لنا إنه طبيعة» (كنت : «نقد ملكة الحكم»، نشرة الأكاديمية، ده ص٣٠٦. وهذا أمر لا يستطيع أن يحققه إلا العبقري يقول كنت

«الفن الجميل هو فن العبقرية» (حه، ص٧ ٠ ٣) .

وتحت تأثير كتاب «نقد ملكة الحكم» راح فريدرش شلر يكتب «سلسلة من الرسائل في التربية الجمالية للإنسان» (سنة ١٧٩٥)م فقال - مثلما قال كنت - إن الجمال ضمان للتواصل بين الطبيعة والحرية، و«انتقال من الاستناد إلى الحسي إلى الحرية الأخلاقية» (الرسالة رقم ٢٥)، في «مجموع مؤلفاته نشرة فريكه حه ص٦٥٤) لكنه اختلف مع كنت فرأى أن الجمال في جوهره أمر محسوس قال شلر «إن جماا نسوياً حياً يسرنا أكثر مما يسرنا جمال مرسوم فقط، ولكنه لا يسرنا فقط كظاهر ومظهر، بل ينبغي أن يسرنا كفكرة aidee بالمعنى الأفلاطوني لهذا اللفظ الأخير ويقول أيضاًإن الجمال هو وحده الذي يستطيع أن يززد الإنسان بطابع اجتماعي». «إننا نستمتع بالجمال كأفراد وكأنواع على حد سواء، أعني كممثلين للنوع» (الكتاب المذكور حه ص٦٨ * ٦ وما يتلوها) ، والجمال عند شلر هو الوجه الحسي للحقيقة؛ وهو الذي يمةد لمعرفة الحقيقة, يقول في قصيدة: «من خلال بوابة الجمال وحدها تستطيع الدخول في أرض المعرفة. . وما نشعر به أنه جمال هاهنا، سنلقاه يوماً كحقيقة» (قصيدة : الفنانون).

وفيما يتصل بنظرية هيجل في الجميل نجتزىء بالإحالة إلى كتابنا م «فلسفة الجمال والفن عند هيجل».

كما نجتزى ء من بين الفلاسفة المعاصرين على نقولاي هرتمن الذي رأى أن الجمال قيمة ويملك كل خصائص القيم، ويزيد عنها بالخصوصيات التالية:

١ - الجمال مستقل عن الخير وعن الحقيقة، بحيث أنه يمكن موجوداً أن يكون جميلاً ولكنه شرير أو كذاب.

٢ - الجمال ليس فعلا، وإن كنا نستطيع - على سبيل المجاز - أن نقول عن فعل إنه جميل ٠

٣ - الجمال شيء ظاهر، ولا يمكن أن يكون خفياً أو مستوراً ٠

٤ - طرق التعبير عن الجمال أكثر تعدداً وتنوعاً من طريق التعبير عنه سائر القيم