ذرائعية
الذرائعية أو الأداتية (بالإنجليزية: Instrumentalism) مذهب مثالي ذاتي للفيلسوف الأمريكي جون ديوي وأتباعه، وهو نوع من الذرائعية البراجماتية، وملخصه أن المعرفة أداة للعمل ووسيلة للتجربة. وعند ديوي المميزات هي بين الذات والموضوع، بين الأفكار والوقائع، بين النفسي والمادي. هي مجرد اختلافات في إطار «الخبرة»، أو هي جوانب «حدث» ما، أو هي عناصر «موقف». وقد اُستخدمت مثل هذه المصطلحات الغامضة، وكذلك الإشارات إلى الطبيعة الاجتماعية للخبرة، لإخفاء مثالية هذه الفلسفة.
وطبقاً لما يقول به مذهب الأداتية فإن المفاهيم والقوانين العلمية والنظريات هي مجرد أدوات أو وسائل أو مفاتيح إلى الموقف، أي «خطط عمل»، ومن هنا جاء اسم هذا الشكل من المثالية.
ويعترف مذهب الأداتية بالمعرفة كوظيفة حيوية لكائن عضوي؛ ولكنه مع ذلك ينكر أن أهمية هذه المعرفة تكمن في مقدرتها على أن تعكس العالم الموضوعي، وهذا المذهب يعتبر الصدق شيئاً مبرراً يضمن نجاحاً في موقف معين. ولا يعترف ديوي ومؤيدوه بحقيقة الطبقات الاجتماعية، ويلجأون إلى تجريدات ميتافيزيقية عن المجتمع والفرد والدولة، وتعتقد النظرية الأداتية في التقدم، أن التقدم لا يتضمن بلوغ أهداف معينة، وإنما يتضمن عملية الحركة نفسها.
ويُعد ديوي، وهوك، وتشايلدز، وشليزنجر، الدعاة الرئيسيين للأداتية.
فلسفة الذرائعية
الذَّرائعيَّة فلسفة تحاول تطبيق الأساليب العلمية على الفلسفة. وتتركَّز فكرتها الأساسية على أنَّ أي معنى أو حقيقة لأي فكرة ما تتحدد بتأثيرات الفكرة في الممارسة والسُّلوك.
وقد طوّر الذرائعيَّة ثلاثة فلاسفة أمريكيون ـ تشارلز ساندرز بيرس، ووليم جيمس، وجون ديوي. وقد وضع بيرس هذه الفلسفة، ونشرها جيمس ووسعها ديوي لتشتمل على مناحي الحياة الرَّئيسيَّة. وقد فسّر كل واحد من هؤلاء الذَّرائعيَّة بطريقته الخاصة.
عرض بيرس في البداية أفكاره الرئيسية عن الذَّرائعيَّة في سلسلة من المقالات أطلق عليها تصويرات في منطق العلوم (1877 ـ 1878م). فقد تصور أن الإيمان شيء نحن مستعدون للتَّصرُّف حياله، وليس مجرد حالة عقلية. وقد عرّف الإيمان بأنه عادة أو قانون العمل. وأوضح أن الشَّك (عكس الإيمان)، حالة غير مُرضية، نكافح لتحرير أنفسنا منها. فبالنسبة لبيرس، فإنَّ التَّفكير أو التَّقصي هو الكفاح من أجل إزالة استثارة الشَّك. وبذا، فقد اعتبر بيرس البحث والتّقصِّي نشاطًا عمليًا ـ وليس فقط مجرد شيء يعبر رؤوسنا. إنَّ التَّقصي يهدف إلى إزالة الشَّك بوساطة التَّوصُّل إلى اعتقاد راسخ.
كانت كتابات بيرس تقْنية، وأثارت قليلاً من الاهتمام عند صدورها. ولقد بدأت الذَّرائعية بوصفها حركة فلسفية في 1898م، عندما أعاد وليم جيمس صياغة أفكار بيرس في لغة أكثر شعبيَّة. واستنادًا إلى تفسير جيمس لبيرس، فإنَّ المعنى الحقيقي لأي مسألة مجردة أو عامة، يمكن تتبعها إلى نتيجة فعلية معينة في خبرتنا العملية المستقبليَّة. وبذلك، فإنَّه من المفترض أن الأفكار المختلفة ذات النتائج المتشابهة من النَّاحية العملية هي في الواقع الفكرة نفسها المُعبّر عنها في كلمات مختلفة.
ويتضمَّن تفسير جيمس للذَّرائعيَّة بأن معنى فكرة مجردة تحدِّده تأثيرات الفكرة على الشَّخص الذي يعتقد بها. وكتب جيمس أنَّ الفكرة الصَّحيحة هي التي يمكن إثبات صحتها، والتي تعمل والتي تقنع. واستنادًا إلى هذا المفهوم، فإن الحقيقة قابلة للتَّغيُّر. وبما أنَّ الفكرة الصَّحيحة هي الفكرة التي تتفق مع الواقع، فقد خلص جيمس إلى أنَّنا نستطيع أن نجعل الأفكار صحيحة بأفعالنا، ونغير العالم الذي نحيا فيه.
وكان جون ديوي قد تأثر تأثرًا كبيرًا بعالم الأحياء الإنجليزي تشارلز داروين، وبنظرية داروين في النشوء والارتقاء. ويزعم ديوي أنَّ الفكرة والعقل هما أداتان تطورتا في مسيرة النُّشوء لكي تُتيحا للإنسان إعادة تشكيل بيئته. وأبانت نسخة ديوي عن الذَّرائعيَّة، التي دُعيت فيما بعدبذرائعية الفكر، أن جميع الأفكار أدوات ولذا، فإنَّ الأفكار الصَّحيحة هي الأفكار التي تحقق أهداف النَّاس على نحو أفضل. وحث ديوي على أن تصبح الفلسفة أداة للتَّعامل مع مشكلات محددة، تتعرض لها جميع الكائنات البشرية عوضًا عن مشكلات الفلاسفة غير الواقعية. وناصر ديوي الرأي القائل بأنه يجب استخدام الأسلوب العلمي من أجل إعادة صياغة التَّعليم والأخلاق والسياسة والمجتمع.
وقد أصبحت الذَّرائعيّة أكثر الحركات الفلسفية أهمية في الولايات المتَّحدة خلال أوائل القرن العشرين الميلادي، وأثرت تأثيرًا كبيرًا في الحياة الأمريكية. وقد دعيت الذَّرائعية بأنها فلسفة أمريكية نموذجية بسبب تفاؤلها العميق، وتأكيدها على العمل، وإيمانها بمستقبل يمكن تغييره بوساطة الأفكار والجهود البشرية. ويعتقد الكثير بأن الذَّرائعيَّة تعبّر عن جوهر الشَّخصية الأمريكية.