أوغسطينوس
القديس أغسطينوس (13 نوفمبر 354 - 28 أغسطس 430) كاتب وفيلسوف من أصل نوميدي-لاتيني ولد في طاغاست (حاليا سوق أهراس، الجزائر) . يعد أحد أشهر قادة الكنيسة المسيحية القديمة، وأحد أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية. تعدّه الكنيستان الكاثوليكية والأنغليكانية قديسا وأحد آباء الكنيسة البارزين وشفيع المسلك الرهباني الأوغسطيني. يعدّه العديد من البروتستانت، وخاصة الكالفنيون أحد المنابع اللاهوتية لتعاليم الإصلاح البروتستانتي حول النعمة والخلاص. وتعدّه بعض الكنائس الأورثوذكسية مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قديسا.
كان لكتاباته تأثير قوي على الفكر الديني النصراني في القرون الوسطى. وظهرت أفكار أوغسطين أيضًا في تعاليم جون كالفن ومارتن لوثر والإصلاحيين البروتستانتيين الآخرين. وأثر على بعض الفلاسفة من أمثال إيمانويل كانط وبليس باسكال.
وفقًا لمعاصره، جيروم، أوغسطينوس «أسس الإيمان القديم من جديد». في شبابه انجذب إلى الديانة الفارسية الرئيسية، المانوية، ثم إلى الأفلاطونية المحدثة. بعد اعتناقه المسيحية والمعمودية في سنة 386، طور أوغسطينوس منهجه الخاص في الفلسفة واللاهوت، وراعى مجموعة متنوعة من الأساليب ووجهات النظر. اعتقادًا منه أن النعمة في المسيحية كانت لا غنى عنها لحرية الإنسان، فقد ساعد في صياغة عقيدة الخطيئة الأصلية وقدم مساهمات كبيرة في تطوير نظرية الحرب العادلة. عندما بدأت الإمبراطورية الرومانية الغربية في التفكك، تخيل أوغسطينوس الكنيسة كمدينة روحانية لله، متميزة عن المدينة المادية الأرضية. أثرت أفكاره بعمق على نظرة العالم في العصور الوسطى. تتماثل الكنيسة التي تمسّكت بمفهوم الثالوث كما حدده مجمع نيقية ومجمع القسطنطينية بشكل وثيق مع نظرية أوغسطينوس حول الثالوث.
يُعرف أوغسطينوس كقديس في الكنيسة الكاثوليكية، والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، والاتحاد الأنجليكاني. وهو أيضًا ملفان كاثوليكي بارز للكنيسة وراعي الأوغسطينية. ويحتفل بذكراه بيوم وفاته في 28 أغسطس. أوغسطينوس هو قديس شفيع المخمرين، والطابعون، وعلماء اللاهوت، وعدد من المدن والأبرشيات. يعتبره العديد من البروتستانت، وخاصة الكالفينيين واللوثريين، أحد الآباء اللاهوتيين للإصلاح البروتستانتي بسبب تعاليمه حول الخلاص والنعمة الإلهية. المصلحون البروتستانت بشكل عام، ومارتن لوثر على وجه الخصوص، وضعوا أوغسطينوس في الصدارة بين آباء الكنيسة الأوائل. كان لوثر، من 1505 إلى 1521، عضوًا في رهبانية الأريمييين الأوغسطينيين.
في المسيحية الشرقية كانت تعاليمه موضع جدل، وهاجمها جون رومينيدات، لكن غيره من اللاهوتيين وشخصيات الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية أظهروا استحسانًا كبيرًا لكتاباته، وعلى رأسهم جورج فلورفسكي. المذهب الأكثر إثارة للجدل المرتبط به، هو المذهب الفيليوكي، الذي رُفض من قبل الكنيسة الأرثوذكسية. تشمل التعاليم الأخرى المتنازع عليها وجهات نظره حول الخطيئة الأصلية، ونظرية النعمة، والقدر في الإلهيات. ومع ذلك، على الرغم من اعتباره مخطئًا في بعض النقاط، إلا أنه لا يزال يعتبر قديسًا وأثر على بعض آباء الكنيسة الشرقية، وأبرزهم غريغوري بالاماس. في الكنيسة الأرثوذكسية، يحتفل بعيده في 15 يونيو. كتب المؤرخ ديارميد ماكولوتش: «لا يمكن المبالغة في تأثير أوغسطينوس على الفكر المسيحي الغربي، لكن كان مثاله المفضل، بولس الطرسوسي، أكثر نفوذًا، وقد رأى الغربيون بولس بشكل عام من خلال عيون أوغسطينوس.»
حياته
ينحدِر أوغسطينوس من أصول أمازيغية ولد في طاغاست (حالياً سوق أهراس وهي مدينة على مقربة مما يُعرف الآن باسم قسنطينة في الجزائر) عام 354. التي كانت مدينة تقع في إحدى مقاطعات مملكة روما في شمال أفريقيا. وكان اسمه باللغة اللاتينية أوريليوس أوغسطينوس. سعى أوغسطين في شبابه إلى النجاح الدنيوي، واجتذبته عدة حركات غير نصرانية. وقد وصف حياته الأولى والصراعات الروحية التي عاناها في كتابه اعترافات، وهو واحد من أوائل السير الذاتية في الأدب.
وفي أوائل الثمانينيات من القرن الرابع الميلادي، عندما بلغ الحادية عشرة من عمره أرسلته أسرته إلى مداوروش، مدينة نوميدية تقع 30 كلم جنوبي تاغست. وفي عمر السابعة عشرة ذهب إلى قرطاج لإتمام دراسة علم البيان. عُلّم أوغسطين البلاغة وفن الكلام المؤثر، في قرطاجة وروما، ثم في ميلانو بإيطاليا. وشجعه بعض أصدقائه على قراءة مؤلفات الفلاسفة اليونانيين المسماة الأفلاطونية المحدثة. وقد أقنعت هذه الكتابات، ومواعظ القديس أمبروز أسقف ميلانو، أوغسطين باعتناق النصرانية.
كانت أمه مونيكا أمازيغية ومسيحية مؤمنة. أما والده، فكان وثنياً اعتنق المسيحية على فراش الموت. ورغم نشأته المسيحية، فإنه ترك الكنيسة ليتبع الديانة المانوية خاذلا أمه. في شبابه عاش أوغسطين حياة استمتاعية وفي قرطاج كانت له علاقة مع امرأة ستكون خليلته لمدة 15 عاما. خلال هذه الفترة ولدت له خليلته ابنا حمل اسم أديودادتوس Adeodatus كان تعليمه في موضوعي الفلسفة وعلم البيان، علم الإقناع والخطابة. بعد أن عمل في التدريس في تاغست وقرطاج انتقل عام 383 إلى روما لظنّه أنها موطن خيرة علماء البيان. إلا أنه سرعان ما خاب ظنه من مدارس روما وعندما حان الموعد لتلاميذه لكي يدفعوا ثمن أتعابه قام هؤلاء بالتهرب من ذلك. بعد أن قام أصدقاؤه المانويون بتقديمه لوالي روما، الذي كان يبحث عن أستاذ لعلم البيان في جامعة ميلانو، تم تعيينه أستاذا هناك واستلم منصبه في أواخر عام 384.
في ميلانو بدأت حياة أوغسطين بالتحول. من خلال بحثه عن معنى الحياة بدأ يبتعد عن المانوية منذ أن كان في قرطاج، خاصة بعد لقاء مخيب مع أحد أقطابها. وقد استمرت هذه التوجهات في ميلانو إذ ذهبت توجهت أمه إليها لإقناعه باعتناق المسيحية كما كان للقائه بأمبروسيوس، أسقف ميلانو، أثرا كبيرا على هذا التحول. لقد أعجب أوغسطين بشخصية أمبروسيوس وبلاغته وتأثر من موعظاته فقرر ترك المانوية إلا أنه لم يعتنق المسيحية فورا بل جرّب عدة مذاهب وأصبح متحمسا للأفلاطونية المحدثة.
في صيف 386، بعد قراءته سيرة القديس أنطونيوس الكبير وتأثره بها قرر اعتناق المسيحية، ترك علم البيان ومنصبه في جامعة ميلانو والدخول في سلك الكهنوت. لاحقا سيفصّل مسيرته الروحية في كتابه الاعترافات. فقام أمبروسيوس بتعميده وتعميد ابنه في عام 387 في ميلانو. عام 388 عاد إلى أفريقيا وقد توفيت أمه وإبنه في طريق العودة تاركين إياه دون عائلة.
بعيد عودته إلى تاغست قام بتأسيس دير.حيث نظَّم جماعة من الرهبان، وفي عام 391 سافر إلى مدينة هيبو المجاورة (اليوم عنابة في الجزائر) حيث أقنعه جمهور النصارى بالبقاء، وتمت تسميته كاهنا في إقليم هيبو. أصبح واعظا شهيرا (وقد تم حفظ أكثر من 350 موعظة تنسب إليه يعتقد أنها أصلية) وقد عُرِفت عنه محاربته المانوية التي كان قد اعتنقها في الماضي.
في عام 396 تم تعيينه أسقفا مساعدا في هيبو وبقي أسقف هيبو حتى وفاته عام 430. رغم تركه الدير إلا أنه تابع حياته الزاهدة في بيت الأسقفية. الأنظمة الرهبانية التي حددها في ديره أهلته أن يكون شفيع الكهنة.
توفي أوغسطين في 18 آب 430 عن عمر يناهز 75 عاما بينما كان الفاندال يحاصرون هيبو. شجع أهل المدينة على مقاومة الفاندال وذلك لاعتناقهم الأريوسية. يُقال أيضا إنه توفي في اللحظات التي كان الوندال يقتحمون أسوار المدينة.
يلقب القديس أوغسطين (بابن الدموع) نسبة إلى دموع أمه التي كانت تذرف لمدة عشرين سنة رغبه منها خلال صلاتها لرجوعه إلى ديانته الأولى وهي المسيحية.
تأثيره في اللاهوت والفكر
إن أوغسطين شخصية مركزية في المسيحية وتاريخ الفكر الغربي على حد السواء، يعدّه المؤرخ توماس كاهيل أول شخص من العصور الوسطى وآخر شخص من العصر الكلاسيكي. تأثر فكره اللاهوتي والفلسفي بالرواقية والأفلاطونية والأفلاطونية المحدثة وخصوصا فكر أفلوطينوس مؤلف التاسوعات.
حياته
لاهوتي وفيلسوف مسيحي، وأحد كبار اباء الكنيسة الكاثوليكية. ولد في تاغشت Tagaste وتعرف اليوم بسوق الأحراسفيشرقي الجزائر، في ١٣ نوفمبر سنة٣٥٤، وتوفيي هبون (اليوم اسمها : بونه في غربي تونس) في ١٤ أغسطس سنة ٤٣٠. وكان أبوه وثنيا، بينما كانت أمه - مونكا - مسيحية. وكان شمال أفريقية آنذاك ولاية رومانية، يحكمها من قبل روما برو قنصل يقيم في قرطاجه، بينما كانت تحمي نوميديا (الجزائر حاليا) وموريتانيا بقسميها (المغرب حاليا) حاميات رومانية من قوات مساعدة .
ودرس أوغسطين النحو في تاغشت، والفنون الحرة في مدور، والخطابة في قرطاجة في سنة ٠٣٧٠ ويصف أوغسطين أحواله في تلك لسنة، وهوفي الادسةعشرة منعمره، فيقول انه كان منهمكا في انتهاب اللذات والشهوات، غير مهتم بالدراسة، حتى انه تركها في تلك السنة وأقام في منزل أبيه. ويقول عن حاله في تلك السنة: «ولدى خروجي من طفولتي، وابتغاء ارواء تعطشي لأخس الشهوات، اسلمت تياري لما لا نهاية له من الشهوات المتزايدة في قلبي يوما بعد يوم كأنها غابة كثيفة».
وعاد إلى قرطاجة بعد عام تقريبا، في كفالة أحد اقربائه، بعد ان كان أبوه قد توفي منذ قليل. وهنا بدأ حرصه على التعليم، لكنه في الوقت نفسه أحس بالرغبة في أن يحب وأن يكون محبوبا، فنعم بلذات الحب عاشقا ومعشوقا .
وفي سن التاسعة عشرة (سنة ٣٨٣) قراً كتابا لشيشرون عنوانه 0„ (وهومفقودالآن) فأثرفي نفسه أبلغ تأثير، إذ أوقد في عقله حب الحقيقة الخالدة والحكمة الدائمة. لكن جذوة قوته الشهوانية حملته على اتخاذ خليلة، اقتصر عليها في اشباع شهواته العنيفة ولم يصادق امرأة أخرى، وأنجب منها ولدا سيدعوه فيما بعد «ابن الخطيئة». وسماه 5اااً3ه 3060(: الموهوب لله) وقد هجرها بعد ذلك بثلاث سنوات، وكان موقفها منه أنبل من موقفه منها.
ثم صار معلما ناجحا للخطابة في قرطاجة، وفي الوقت نفسه استمر في تعليم نفسه، فدرس كتاب «المقولات» لأرسطو، كما تعمق في دراسة الخطابة والنحو والموسيقى والحساب.
ووجد آنذاك في مذهب المانوية ما يرضي نوازعه : فبه استطاع أن يفسر جانب الرذيلة والشهوة، وفيه وجد نزعة عقلية لم يجدها في المسيحية التي لقنته إياها أمه مونيكا التقية الورعة. وأولع بعلم النجوم لأنه وجد فيه ما يحرره من المسؤولية عن رذائله ويلقيها على عاتق النجوم والأفلاك.
وفيسن السادسة أو السابعة والعشرين ألف أول كتبه، وهورسالة «في الجميل والملائم» وفيه استلهم مذهب المانوية. بيد أنه بعد ذلك بقرابة عامين، بدأ يشك في صحة هذا المذهب وفي استقامة رجاله. لكنه استمر، مع ذلك، من اتباعهذا المذهب، مستعينا بأهل هذا المذهب في قضاء ما يحتاج إليه.
ودعاه أصدقاؤ٥ إلى الرحيل !لى روما حيث المجال أرحب، والطلاب أوفروأنضج. لكنه حين بلغ روما، مرض ورعاه في مرضه أحد الما نوية.
وعلم آنذاك ان مدينة ميلانو في حاجة الى معلم للخطابة، فاستعان بأصدقائه المانوية في الحصول على هذا المنصب. وظفر به فعلا، وسافر إلى ميلانو، وزار (القديس) أمبروزيوس، اسقف ميلانووحرص على سماع مواعظه لما فيها من بلاغة ولمقدرة امبروزيوس على تأويل اقوال العهد القديم من الكتاب المقدس. حينئذ قرران يهجرأصدقاءه المانوية، وان يتهياً للالتحاق بالكنيسة الكاثوليكية (Cstéchumène) إلى ان يستطيع ان يتخذ القرار الحاسم، وكان يحتجزه دون القيام بهذه الخطوة ثلاثة أمور: أنه لا يستطيع أن يتصور وجود جوهر روحي محض مجرد عن كل مادة، أنه لا يستطيع تفسيرعقيدة الخطيئة الأولى، أنه لا يستطيع الامتناع عن معاشرة النساء. وقد سعت أمه - وكانت تود منذ وقت طويل ان تحمله على التعميا. إيذانا باعتناق المسيحية - أقول: لقد سعت امه إلى تذليل العقبة الثالثة، وذلك بتزويجه. واختارت له فتاة دون البلوغ . ووافق اوغسطين على أن يتزوج من هذه الفتاة، فهجر خليلته بعد ثلاث سنوأت من المخادنة، وأذعنت هذه الخليلة فسافررت إلى أفريقية تاركة له ولدهما. لكن شيطان الشهوة الجنسية المتحكم في أوغطين لم يمكنه من الاصطبارحتى بلوغ الفتاة المخطوبة له. فاتخذ خليلة أخرى، إلى أن بلغت الفتاة. -أما العقبتان الأخريان فكانتا بسبيل التذليل. إذ اشيرعليه بقراءة بعض كتب الأفلاطونيين المحدثين عما ترجمه فكتورينوس إلى اللغة اللاتينية. وقرأ هذه الكتب فوجد فيها الكثيرمما تدعو إنيه الكنيسة فيما يتعلق «بالكلمة» ( اللوغوس)، لكنه لم يجد فيها شيئا يتصل بيسوع المسيح ولا بمهمة الفداء التي قام بها. وعاد فقرأ الكتاب المقدس، ورسائل القدي بولس في العهد الجديد بخاصة.
وهنا حدثت الأزمة الحاسمة في حياة أوغسطين الروحية، التي نعتها اوغسطين بأنها كات شبيهة بعاصفة تلاها مطرغزير. لقد شعر بأن نفسه بمزقة بين ارادة الخير وارادة الثر، بين مطالب الروح ومطالب الجد, ويصف حاله هذه فيقول: «كنت انا من يريد ومن لا يريد. وهذا العذاب الذي انتزعني من ذاقي، هذا التمزق بين الارادة والقدرة لم يكن ناجما عن طبيعة اجنبية عنفي، بل كان ناتجا عن الألم المتولد من طبيعتي التي كانت فريسة للخطيئة» .
وفي هذه الحيرة راح يستشير الكاهن العجوز سمبليان Simplicien، الأب الروحي لأمبروزيوس. فروىله سمبلسيان كيف تحول فكتورينوس؛ مترجم الكتب الأفلاطونية المحدثة، إلى المسيحية. وقص عليه أحد مواطنيه الأفارقة، وهو Petitien، حياة رهبان الصحراء في مصر، خصوصا حياة القديس أنطون، ممن تخلوا عن الدنيا وخلوا لعبادة الله في الخلوات. فأثرت هذه الحكايات في نفسه أعمق تأثير ومع ذلك ظل يقاوم، وعز عليه أن يفارق شهواته ولذاته. فراح يثكو الى الله : «إلى متى، يا إلهي، ستظل غاضبا علي؟ هل سيتأجل الأمر دائما إلى الغد؟ لماذا لارعل الفورحياة العار التي أعيشها؟» وكان ذلك في خلوته في يستان متصل بمسكنه الذي كان يقيم فيه مع صديقه ألوسي Alysie وبينما كان يناجي نفسه ويبكي، سمع صوت فتاة صادرا من البيت المجاور يقول: «خذ واقرأ! خذواقراً» ويكررهذه العبارة مرارا. فأدرك أن هذا الصوت صادر من السماء يناديه أن يأخذ رسائل القديس بولس ويقرأ ما يجده أمامه حين يفتحها. ففتحها فوقعت عيناه على هذه العبارات من رسالة بولس إلى أهل روما (أصحاح ١٣ عبارة ١٣): «لا تحي في مفاسد المادب والمشارب، في الفجور والفسوق، ولا تعش بروح الحسد والمنازعة لكن تدثر بيسوع المسيح وحاذر من إشباع الشهوات العارمة لجسدك».
سمع أوغسطين - فيما يروي عن نفسه «في اعترافاته» (المقالة الثامنة، الفصل ١٢) -لهذا القول فاتبعه، وتم نهائيا تحول حياته الروحية. وكان ذلك في سبتمبر سنة ٣٨٦ . فعزف عن الزواج وعن كل شهوة دنيوية. فلما جاءت العطلة بمناسبة جني محصول العنب، في أكتوبر سنة ٣٨٦، قدم استقالته من وظيفته معلما للخطابة، ولجأ إلى منزل صديق له يدعى Verecundus وكانت مطارحاته هنا مع الأصدقاء الذين صحبوه، ومناجياته مع نفسه، هي المادة التي استمد منها لتأليف أولى رسائله المسيحية الطابع، وهي :
١ - «رسالة في خلود النفس» ٢ - «مناجيات» Soliloquia ٣- «ضد الأكاديميين»(فيثلاثمقالات)
وإبان احتفالات عيد الفصح في مارس - إبريل سنة ٣٨٧ تلقى أوغسطين التعميد على يدي أمبروزيوس، أسقف ميلانو. ولما تهيأ للعودة إلى مسقط رأسه تاغشت ليكرس نفسه لعبادة الله وحدها، مرضت أمه مونيكا وهي في أوستيا (ضاحية روما) وتوفيت وهي في السادسة والخمسين من عمرها. وقد أعلنت قديسة فيمابعد، وصارت ذات مكانة عالية بين قديسات الكنيسة الكاثوليكية، ورفعها البعض إلى المرتبة التالية المباشرة لمرتبة العذراء مريم أم المسيح. فحال هذا الموت
بين أوغسطين وبين الذهاب إلى تاغشت، وإنما سافر إلى روما حيث بقي عشرة أشهر، كتب في اثنائها كتابا عنوانه: «أخلاق النصارى وأخلاق المانوية» . وأخيرا رحل إلى تاغشت، فتبرع بجزء من أملاكه للكنيسة، وبجزء اخر للفقراء ، ولم يحتفظ لنفسه إلا ببيت جعله مكانا للعبادة ولجماعة من المتعبدين من أنصاره. ووزع أوقاته بين العبادة وفلاحة الأرض. وفي هذه الفترة ألف الكتب التالية:
١ )«يسف لتكوين»
٢)«في الدين الحق»
٣) «في الموسيقى»
ولا نزال نجد فيها العقائد المسيحية ممزوجة بأفكار الأفلاطونية المحدثة. وانتشرصيت تقواه في النواحي المجاورة، حتى انه في سنة ٣٩١ أثناء رحلة له في هبون (بونه) طلب الأهالي إلى أسقفهم فالريوس أن يكلف أوغسطين بمساجلة الدوناتيين، وهي ملة اسسها دونات ا002 أسقف قرطاجة في سنة ٣١٢ واستمرت قوية في الشمال الافريقي حتى الفتح العربي والقضاء على المسيحية هناك . ومعظم ارائها تتعلق بأمور عملية مثل إعادة التعميد. فحمله على قبول مرتبة برسبتيروس (كاهن في مرتبة دنيا)، ثم أشركه، في سنة ٣٩٥، فيمهمتهالأسقفية. وبعد ذلك خلف أوغسطين فالريوش على أسقفية هبون (بونه)، وظل يمارس هذه المهمة حتى وفاته سنة ٤٣٠ . وفي هذه الفترة ألف الكب التاية:
١ - في سنة ٣٩٦ أتم كتابه «في مختلف المسائل»
٢ - في سنة ٤٠١ نشركتاه الشهير: «الاعترافات» (في ١٣ مقالة)
٣-سنة٠٤١٢سنة٤١٦: »مدية اك"
٤-في سنة ٤١٥ أتم كتابه «في التثليث»
٥ - سنة ٤١٣-سنة ٤١٥: «في الطبيعة واللطف: ضد ال بلاجيين».
٦ - سنة ٤١٧: «ضد تباع بلاجيوس»
٧-سنة ٤٢٦«في اللطف وحرية الارادة»
٨-سنة ٤٢٩: «فيالبدع».
معتقداته
الله والروح. أقنعت دراسة الأفلاطونية المحدثة أوغسطين بأن الله موجود في روح كل كائن بشري. وكان يؤمن بأن على الناس أن يوجهوا اهتمامهم إلى الله، وأن لا تلهيهم اهتمامات الدنيا ومتعها.
الخطيئة والعناية الإلهية. كان أوغسطين يعظ بأنه ليس بمقدور الناس أن يغيروا أساليبهم الخاطئة مالم تساعدهم عناية الله. وكان يؤمن بأن الله يختار بعض الأفراد فقط لتلقي عنايته. وهذا الاعتقاد يشكل جزءًا من مذهب يُدعى الجبرية أو الاصطفاء.
الكنيسة والأسرار المقدسة. اعتقد أوغسطين بأن الناس لا يستطيعون تلقي العناية الإلهية مالم ينتموا إلى الكنيسة ويتلقوا الأسرار المقدسة. وقال مجموعة من رجال الدين في إفريقيا الشمالية: إن العناية لا يمكن أن تُعطى مالم يكن رجال الدين النصراني أنفسهم بالغين حد الكمال. ويقدم أطول كتاب لأوغسطين، مدينة الله، تاريخ البشرية كصراع بين أولئك الذين يعتمدون على الله، وأولئك الذين يعتمدون على أنفسهم.
مذهبه
غاية الانسان السعادة
الفلسفة عند أوغسطين هى الحكمة. والغاية من الحكمة هي السعادة، السعادة التي تفضي إلى طمأنينة النفس . ولا سبيل إلى إدراك حقيقة هذه السعادة إلا بمعرفة الانسان لنفسه بنفسه، كما دعا إلى ذلك سقراط. ذلك لأن النفس إذا عرفت نفسها عرفت لمن ينبغي عليها أن تطيع، وفوق من يجب عليها أن تسيطر: أن تطيع الله، وأن تسيطر على البدن.
إن السعادة تفوم في حصول المرء على ما يريد. لكن ليس على أي شيء يريد، بل لا بد أن تتوافر في هذا المرء عدة شروط : منها أن يكون ثابتا باقيا، لا يتوقف على الصدفة : فأن يريد الانسان ما يمكن أنيفقده، معناهأنيظل دائما في خوف من ففدانه. وليس في هذا طمأنينة، وبالتالي: سعادة. والله هو الموجود الوحيد الذي يتصف بالدوام وعدم الخضوع للصدفة. لهذا يجب أن يكون مرادنا هو الله، إن شئنا تحصيل السعادة . وإذن فاشتياق الله هو الطريق الوحيد المؤدي إلى العادة.
والشكاك لا يمكنهم تحصيل السعادة، لأنهم لا يظفرون بالحقيقة، التيهم مع ذلكيطلبوها. ومن لا يحصل على ما يطلبه، لا يكن سعيدا . فالشاك إذن غير سعيد.
والانسان مؤلف من جسد وروح. ولا شك ان الروح أسمى من الجسد، لأن الروح هي التي تعطي الجسد الحياة والحركة. ولهذا فإن السعادة تتعلق بالروح، لا بالجسد.
الله
فإذا كان الله هو وحده موضوع سعادتنا، فلا بد من إثبات وجوده. واوغسطين يؤمن بأن إدراك وجود الله أمر بين نفسه وموضوع معرفة ضرورية كلية : ولهذا يقرر أنه لا يمكن إنسانا أن ينكر وجود الله. وفي الوقت تفسه يقرر أننا وإن كنا نقر بوجوده، فإننا لا نستطيع أن ندرك ماهيته. وهو في هذا يستند إلى تجربته الروحية الشخصية التي أفضت به إلى الايمان بالله : إنه لم يصل إلى هذا الايمان بوجود الله عن طريق براهين عقلية، بل شعرأن قوة خفية هي التي اقتادته من دنيا الشهوات الجسدية إلى عالم الايمان. ولهذا نجده يدعو الانسان إلى الايمان بالله دون برهان عقلي.
والله - عند أوغسطين، «هو من هو» كما ورد في سفر التكوين. انه الحق السرمدي الصمد، وهو الخيرالمطلق. وهو مبدأ كل وجود ويكفينا أن ندخل في ذواتنا، لنجدأنفنا، و نجد فيها الله.
ومن يشك في هذا فهو يعلم على الأقل أنه يشك، وهذا العلم ينافي الثك ويحمل أوغطين على الشكاك، وخصوصا على رجال الأكاديمية الجديدة، وعلى رأسهم كرنيادس ممن ينكرون إمكان ادراك الحقيقة ويقول: «إذا كنت أشك، فأنا موجود» وفي هذه العبارة تعبير سابق عما سيقوله ديكارت في مقالته المشهورة : «أنا أفكر، إذن أنا موجود» . وعبارة أوغسطين هي: ٠si fallo, sum
والله هو أيضا مبدأ كل معرفة،، إذ فيه توجد «الصور» أو الحقائق الأزلية الأبدية. ففيه إذن وبه وحده يمكننا معرفة كل الأشياء إذهي تجد سندها وأصلها في الله،
والله، الذي هو خير مطلق، هو مصدر كل خير.
عروج لنفس إلى الله
يقول أوغطين: «إلهي! لقد برأتنا من أجلك، وإن قلبنا سيظل قلقا حتى يستريح فيك» («الاعترافات» م ١ ف١ ) .
إن الانسان بالثك يدرك وجوده، ويدرك أنهحي. فالوجود، والمعرفة، والحياة أمور مترابطة متساوية. وإدراكنا لهذه الحقائق لا يمكن أن يتم إلا بفضل حقيقة مطلقة عالية على النفس، هي الله فطريق النفس إذن هو الصعود من إدراكها لذاتها إلى إدراك ما فيها من حقاثق أزلية أبدية لا يمكن أن يكون ها مصدر غير الحقيقة المطلقة التي هي الله.
نظرية المعرفة
كيف تصل النفس إلى إدراك الحقاثق؟ يجيب أوغطين: بالاشراق الباطن من اله على النفس...فما معنى هذا التعبير: الاشراق؟ انه يفترض أولا أن إدراك النفس شبيه بإدراك العين للأجسام : فكما أنه لكي تبصر العين الأجسام لا بد من النور، كذلك النفس في إدراكها للحقائق لا بد لها من اشراق نور عليها . وكما أن الشمس هي مصدر النور المادي الذي يجعل الأجسام مرئية، فإن الله هومصدر النور الذي يجعل الحقائق العقلية مبصرة للعقل (12 ,2 ,1 Soliloquia) فاشه بالنسبة إلى عقلنا كالشمس بالنسبة إلى بصرنا، وكما أن الشمس مصدر النور، كذلك الله مصدر الحقيقة.
والصعوبة بعد ذلك هي في معرفة نصيب الانسان ونصيب الله من المعرفة , ان العقل الانساني، بإشراق من الله، يقدر على بلوغ معرفة صحيحة عن الأشياء التي يدركها بالحواس. فهناك إذن تعاون ضروري بين العقل الانساني، والحواس، والاشراق الالهي، من أجل معرفة الحقائق، لكن اوغسطين لا يزيدنا إيضاحاً في هذه لنقطة : فلا هو يقول مع افلاطرن، ان المعرفة تذكر، بمناسبة امحسوسات؛ للصور، ولا هو يقول مع ارسطو أن المعرفة تجريد للتصورات من المحسوسات، ولا هو يتحدث عن عقل فعال على نحو ما سيفعل الفلاسفة المسلمون وفي أثرهم القديس ترما.
العالم
والعالم كما يتصوره أوغطين هو هيولي تسري فيها الصور الإلهية وهو لهذا أقرب إلى العالم كما تصوره أفلاطون وأفلوطين، منه إلى تصور أرسطو للعالم. وكل ما في الكون نظام وقياس وعدد. واشكال الأجسام ترجع إلى اصناف من النسب العددية، والعمليات الحيوية هي الأخرى تجري وفقا لنب عددية.
وفيما يتصل بإيجاد العالم يقول اوغسطين ان هناك افتراضين : أما ان الله خلقه من العدم، واما أنه استخلصه من جوهره. والفرض الثاني باطل، لأنه يقتضي أن يصيرالجوهر الالهي فانيا، متناهيا، متغيرا خاضعا للكون والفساد، وهذا عىال.
بقي الفرض الآخروهوأن لله خلق العالم من لعدم، اي خلقه بعد أن م يكن، أييخلقوجوده لا عن هيولي سابق، بل من لا شيء سابق. لماذا أراد الله خلق العالم؟ إن كان المقصود بهذا الزال البحث عن علة سابقة على إرادة الله، فالسؤل عبث، لأن العلة لوحيدة للأشياء هي إرادة الله، والله هو علة كل شيء ، وليت له علة نحدد فعله. وإذا كان الؤال هو: لاذا أرادت مشيئة الله عالما مثل عالمنا هذا؟ فالجواب هو أنه لا كان الله خيرا، فإن خيره لم يمح بأن يبقى في العدم صنعاً خيرا . والعالم حسن، بدليل أنه ورد في فر «التكوين» أن الله تأمل ما صنع بعد أن خلق العالم فوجده حنا ٠
لكن، متىخلى لله العالم؟ ان الزمان حركة، والحركة منخلقلله، فلا الزمان ولا العالمأزليان. كذلك لا يوجد مكان خارج العالم، ولهذا لا يمكن أن نتاءل : لماذا خلق الله العالم في مكان دون مكان آخر؟
الزمان
يكرس أوغطين المقالة الحادية عثرة من «اعترافاته» لبحث مثكلة الزمان، والعلاقة بين الزمان والسرمدية. فيسأل اولاً هل للزمان وجود موضوعي؟ إن للزمان ثلاثة أبعاد الماضي، والحاضر، والمستقبل. لكن الماضي لي موجودا الآن، والمستقبل ليس بعد والحاضر عابر هارب. فهل نلا وجودللزمان؟ اننانقي لزمان: فنقول زمانطريل، زمان قصير. ومعى هذا أن له مدة، وما له مدة له وجود. والحق أن لزمان إنما يوجد في النفس، وأبعاده هي ثلاث لحظات للنف : فالانتباه هو الحاضر، والتوقع هو المستفبل، والتذكر هو اماضي . والانتباه يتمر ع٣لال، وهو نقطة الوصل بين التذكر والتوقع. (راجع تفصيل ذلك في كتابنا : «الزمان الوجودي»).
الحرية والشر
اهتم أوغسطين بمشكلة الشر وقتا طويلا قبل اعتنافه للمسيحية . وما كان إيمانه بالمانوية إلآ لكونها تفسر الشرتفسيراً مقبولا: بقولها بوجود مبدأين أصليين: ٠بد.أ النور ومبدأ لظلمة، ، مبدأ الخير ومبدأ الشر، وأغهما يتنازعان العالم منذ الل.
لكن بعد اعتناقه للميحية كان عليه أن ييد تفسي ا آخر لوجود الشر في الانسان وفي العالم. إن الله خير، وهو لا يتغير، وبالتالي لا يفعل الشر. أما المخلوقات فهي وإن كانت خلوقات الله، فإنها ليت من جوهر الله. لقد أبدعها الله من العدم وما جاء من العدم فليس وجودا محضا، بل هومزاج من الوجود والعدم. ولهذا فإن في المخلوقات نوعاً من النفص الأصيل، وهذا النقص يولد الحاجة والحاجة تدعو إلى التغبر
إن للموجردات ثلاثة كمالات : التناسب، الصورة، النظام modus, species, ordo, وبحسب نصيبها من هذه الكمالات، سواء أكانت كائنات جسمانية أمروحية، تكون مرتبتها في الخير
أما الشر فهوفساد واحد من هذه الكمالات أو فسادها كلها. إنه عدم كمال هن هذه الكمالات. والشر إما طبيعي، وإما أخلاقي. وفيما يتصل بالثر الطبيعي، يلاحظ أن الأشياء لو نظر إليها ي ذاتها فإنها خيرة. فإنقيل: إن العالم مسرح للخراب والدمار بفعل العوامل الطبيعية كالزلازل والبراكين والعواصف - فالرد على هذا هو أن الأشياء التي تهدمت هي في ذواتها خيرة، ولا بأس من أن تحل بعض الأشياء كحلبعض، وأنه لجميل منظر التغير الذي تحدثه هذه العواما الهدامة
أما الشر الأخلاقي فأمره أصعب. أنه يرجع إلى حرية الارادة الإنسانية. فالانسان، حر في اتخاذ الطريق الذي يريده : اما الخير واما الشر. ويبقى لسؤ ال : لماذا شاء الله أن يعطينا حرية الفعل للخيروللثرعلى السهاء؟ أما كان الأولى أن يقرنا على فعل الخيرفقط؟ إن حرية الارادة إذا نظر إليها في ذاتها، أمر حسن، إنما سوء استعمال هذه اخرية هو الذي يحيلهاإلىشر.
والطبيعة الانسانية كانت قبل خطيئة آدم خيرة ٠ لكنه نتج عن ذلك أمران : الشهوة، والجهل. وجهذا تحولت طبيعته وكان الله قد خلقها في الأصل خبرة، إلى طبيعة فاسدة، لكن الله بفضل منه يمكن أن ي د هذه الطبيعة إلىالخير. وهذا هو الفضا أو اللطف الالهي الذي طالما أكده أوغعلين ومن شايع من بعد حتى ليوم. وخاصية هذا اللطف الأساسية هي أنه خارق للطبيعة بحكم تعريفه ٠ وحصول الانسان على اللطف الالهي شرط ضروري لنجاته. ولا يناله الانسان لمج* د أعماله، وإلا لما كان فضلا ولطفا إلهيا، بل جزاء وفاقا . لهذا يؤ كد أوغسطين أن اللطف لالهي هبة إلهية مجانية، انه يسبق لأعمان والجزاء عنها . ولهذا فهو ئمرة اصطفاء الهي ، لا ثمرة أعمال إنسانية .
فلسفة التاريخ
كتب أوغسطي كتابه الرئيسي «مدينة الله» لما رأى أن الوثنيين في روما قد عوا انتصار القوط على ال ومانيي واستيلاء هم على روما في سنة ٠ ١ ٤ إلى انتشار المسيحية بين الرومان وتخليهم عن الهتهم الرومانية.
وفلسفة التاريخ عند أوغسطين تقوم على لن العاط منذ خلقه الله وهو في صراع بين توعين من الحب: حب الانسان نله، وحب الانان لنفسه . هذا انقسمت المدينة إلى مدينتين : ماينة أرضية، ومدينة سماوية . , وانقسم التاريخ إلى تاريخ دنيوي وتاريخ مقدس. والامبراطورية البابلية والامبراطورية الرومانية هما نمذجا الدولة الدنيوية، وأورشليم هي مقام المدينة السماوية.