فيزياء

(بالتحويل من الفيزياء)

الفِيزِيَاءُ أو الفِيزِيقَا (من الإغريقية: φυσική)، وتُسَمّى أيضًا بـ الطَبِيعِيَّاتِ أو عِلْمِ الطَبِيعَةِ هو العلم المختص بدراسة المفاهيم الأساسية مثل الطاقة، القوة،(1) والزمان، وكل ما ينبع من هذا، مثل الكتلة، المادة وحركتها.(2) وعلى نطاق أوسع، هو التحليل العام للطبيعة، والذي يهدف إلى فهم كيف يعمل الكون.

وتحاول الفيزياء أن تفهم الظواهر الطبيعية والقوى والحركة المؤثرة في سيرها، وصياغة المعرفة في قوانين لا تفسر العمليات السالفة فقط بل التنبؤ بمسيرة العمليات الطبيعية بنماذج تقترب رويدًا رويدًا من الواقع.

يحاول الفيزيائيون (علماء الطبيعة) أن يفهموا ماهية المادة وأسباب سلوكها المُشَاهد، وكيفية إنتاج الطاقة، وانتقالها من موقع إلى آخر وكيفية التحكم فيها. كما أن للفيزيائيين اهتمامًا بالعلاقة بين المادة والطاقة وكيف يؤثر بعضهما في الآخر على مدى الزمان والمكان.

يعتبر علم الفيزياء من أحد أقدم التّخصصات الأكاديمية، فقد بدأت بالبزوغ منذ العصور الوسطى وتميزت كعلمٍ حديثٍ في القرن السابع عشر، وباعتبار أن أحد فروعها، وهو علم الفلك، يعد من أعرق العلومِ الكونيةِ على الإطلاقِ. خلال معظم الألفي سنةِ الماضيةِ، كانت الفيزياء (علم الطبيعة) والكيمياء وعلم الأحياء وبعض فروع الرياضيات، جزءً من الفلسفة الطبيعية، ولكن خلال الثورة العلمية في القرن السابع عشر ظهرت هذه العلوم الطبيعية كمساعي بحثية فريدة في حد ذاتها. تتقاطع الفيزياء مع العديد من مجالات البحث متعددة التخصصات، مثل الفيزياء الحيوية والكيمياء الكمومية، وحدود الفيزياء التي لم يتم تعريفها بشكل صارم. غالبًا ما تشرح الأفكار الجديدة في الفيزياء الآليات الأساسية التي تدرسها علوم أخرى وتقترح طرقًا جديدة للبحث في التخصصات الأكاديمية مثل الرياضيات والفلسفة.

تهتم الفيزياء في نفس الوقت بدقة القياس وابتكار طرق جديدة للقياس تزيد من دقتها؛ فهذا هو أساس التوصل إلى التفسير السليم للظواهر الطبيعية. وتقدم الفيزياء ما توصلت إليه من طرق القياس للاستخدام في جميع العلوم الطبيعية والحيوية الأخرى كالكيمياء والطب والهندسة والأحياء وغيرها. إن التقدم الحضاري والمدني يدين بشكل كبير للتقدم الباهر لعلم الفيزياء، فجميع الأجهزة التي تملأ حياتنا اليومية أساسها الفيزياء، مثل الرادار واللاسلكي والراديو والتلفزيون والهاتف المحمول والحاسوب وأجهزة التشخيص في الطب مثل أشعة إكس والتصوير بالرنين المغناطيسي والعلاج بالأشعة، والنظارات، والتلسكوبات ومسبارات المريخ والفضاء، وأفران الميكروويف، والكهرباء والترانزيستور والميكروفون، وغيرها.(3) بالإضافة إلى مفاهيم أخرى كالفضاء والزمن، ويتعامل مع خصائص كونية محسوسة يمكن قياسها مثل القوة والطاقة والكتلة والشحنة. وتعتمد الفيزياء المنهج التجريبي، أي أنها تحاول تفسير الظواهر الطبيعية والقوانين التي تحكم الكون عن طريق نظريات قابلة للاختبار.

وللفيزياء مكانة متميزة في الفكر الإنساني، وكما تأثرت بأفرع المعرفة الإنسانية الأخرى؛ فقد كان لها أيضا الأثر الحاسم في بعض الحقول المعرفية والعلمية الأخرى مثل الفلسفة والرياضيات وعلم الأحياء. ولقد تجسدت أغلب التّطورات التي أحدثتها بشكل عملي في عدّة قطاعات من التقنية والطب. فعلى سبيل المثال، أدى التّقدم في فهم الكهرومغناطيسية إلى الانتشار الواسع في استخدام الأجهزة الكهربائية مثل التلفاز والحاسوب، وكذلك تطبيقات الديناميكا الحرارية إلى التطور المذهل في مجال المحركات ووسائل النقل الحديثة، وميكانيكا الكم إلى اختراع معدات مثل المجهر الإلكتروني، كما كان لعصر الذرة -بجانب آثاره المدمرة- استعمالات هامة لتطويع الإشعاع في علاج السرطان وتشخيص الأمراض.

وقد طور فيزيائيو الحالة الصلبة الترانزستور وأجهزة شبه الموِّصلات الأخرى التي أسهمت في التطور الكبير لصناعة الإلكترونيات منذ الحرب العالمية الثانية. والمعرفة المتحصلة من دراسة الفيزياء مهمة في العلوم الأخرى، بما في ذلك الفلك وعلم الأحياء والكيمياء وعلم الأرض. كما أن هناك صلة وثيقة بين الفيزياء والتطورات العملية في الهندسة والطب والتقنية. على سبيل المثال، يصمم المهندسون السيارات والطائرات بناء على مبادئ معينة في الفيزياء. وقد مكَّنت قوانين ونظريات الفيزياء المهندسين والعلماء من وضع المركبات الفضائية في مساراتها ومن استقبال معلومات ترسلها أقمار الفضاء التي تجوب مناطق بعيدة من المجموعة الشمسية. وأدت بحوث الفيزياء إلى استخدام المواد المشعة في دراسة وتشخيص وعلاج أمراض معينة. وإضافة إلى ذلك فإن مبادئ الفيزياء وراء تصميم كثير من الأجهزة المنزلية من المكانس الكهربائية إلى مسجلات الفيديو.

معظم الفيزيائيين اليوم هم عادة متخصصون في مجالين متكاملين وهما الفيزياء النظرية والفيزياء التجريبية، وتهتم الأولى بصياغة النظريات باعتماد نماذج رياضية، فيما تهتم الثانية بإجراء الاختبارات على تلك النظريات، بالإضافة إلى اكتشاف ظواهر طبيعية جديدة. وبالرغم من الكم الهائل من الاكتشافات المهمّة التي حققتها الفيزياء في القرون الأربعة الماضية، إلا أن العديد من المسائل لا تزال بدون جواب إلى حد الآن، كما أن هناك مجالات نظرية وتطبيقية تشهد نشاطًا وأبحاثًا مكثّفة.

أصل التسمية

كلمة فيزياء مأخودة من اللغة الإغريقية «φυσική فيزياء» وهي مكونة من كلمتين "ἐπιστήμη epistḗmē" وتعني «معرفة الطبيعة». في البداية تم تعريبها من الإغريقية إلى فيزيقا واستخدم عدد من العلماء العرب في فجر الإسلام هذا الاسم، كما استخدم بعضُهم لفظَ فيزياء سجعًا مع لفظ كيمياء. والآن لفظ فيزيقا لم يعد يستعمل وبقي لفظ فيزياء هو المستخدم، وقد تم تعريبه أيضاً من علم الطبيعة إلى طبيعياء، سجعاً مع لفظ فيزياء ولفظ كيمياء.

التاريخ

المقالات الرئيسة: تاريخ الفيزياء والجدول الزمني لاكتشافات الفيزياء الأساسية

 ارتبطت الفيزياء عبر القرون ارتباطًا وثيقًا بالتطورات التقنية وبالتقدم في الرياضيات والفلك والعلوم الأخرى. وسُجِّل استخدام كلمة الفيزياء بمعناها الحالي في القرن الثامن عشر الميلادي.

تواريخ مهمة في الفيزياء
القرن الرابع قبل الميلادقدم أرسطو نظريات في مجالات عديدة من الفيزياء.
القرن الثالث قبل الميلاداكتشف أرخميدس قانون العتلة وقوانين تتعلق بسلوك السوائل.
القرن الثاني الميلاديتصور بطليموس أن الأرض ساكنة تدور حولها النجوم والكواكب والشمس والقمر.
1017ماخترع البيروني أول جهاز لقياس كثافة المواد.
1020موضع العالم العربي ابن الهيثم أساس علم البصريات في عدة كتب فيزيائية مهمة مثل كتاب المناظر الذي درس فيه الضوء وانكساراته وطبيعة الإبصار وتشريح العين.
1135مأجرى الخازن أولى التجارب لإيجاد العلاقة بين وزن الهواء وكثافته.
نحو 1270مأجرى روجر بيكون دراسات في البصريات.
1543منشر نيكولاس كوبرنيكوس نظريته بأن الأرض والكواكب تتحرك في مدارات دائرية حول الشمس.
نحو 1600ماكتشف جاليليو قوانين مهمة في حقول فيزيائية كثيرة، بصفة خاصة في الميكانيكا.
1687م نشر نيوتن قوانينه للحركة.
1690منشر كريستيان هايجنز نظرية مَوجيِّة الضوء.
1798مذكر بنيامين طومسون وكاونت رمفورد أن حركة الجسيمات خلال مادة تنتج حرارة.
1801م - 1803مأحيا توماس يونج النظرية الموجية للضوء.
1803مأعلن جون دالتون لأول مرة نظريته الذرية عن تركيب المادة.
أوائل الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. أنتج مايكل فارادي وجوزيف هنري كل على حده الكهرباء من المغنطيسية.
1847ماكتشف جيمس جول أن الحرارة والطاقة يمكن أن يتحول كل منهما للآخر بمعدل ثابت.
1864م نشر جيمس كلارك ماكسويل نظريته الكهرومغنطيسية للضوء.
1887مأثبتت تجربة مايكلسون ومورلي عدم وجود الأثير.
1895ماكتشف ويلهلم ك. رونتجن الأشعة السينية.
1896ماكتشف أنطوان هنري بكويريل الإشعاع الطبيعي.
1898ماستخلصت ماري كوري وزوجها بيير عنصر الراديوم المشع.
1900منشر ماكس بلانك نظريته الكمية.
1905منشر أينشتاين نظريته النسبية الخاصة.
1911-1913ماقترح إرنست رذرفورد ونيلز بور نماذج على شكل نظام كوكبي للذرة.
1915مأعلن أينشتاين نظريته النسبية العامة.
1924مقدم لوي دي بروغلي النظرية الموجية للإلكترون.
1925م - 1926مطوّر كل من إيرفين شرودينجر وفرنر هيسينبرج، كل على حده، نظمًا لتنسيق الفيزياء الكمية.
1930م تنبأ بول ديراك بوجود البوزيترون وهو إلكترون موجب الشحنة.
1932مأنشأ السيرجون كوكروفت وأرنست والتن أول مُعجِّل جُسيمات.
1938متمكن أوتو هان وفرتز ستراسمان من شطر ذرة اليورانيوم.
1942محقق إنريكو فيرمي وزملاؤه أول تفاعل نووي متحكَّم فيه.
1947ماخترع جون باردين ووالتر. براتين وويليام شوكلي الترانزستور.
1960م صنع ثيودور ميمان أول ليزر.
1964ماقترح موري جل ـ مان وجورج زفايج وجود جسيمات الكوارك جسيمات أساسية.
1974م اكتشف بيرتون ريختر وصمويل. سي. سي. تنج نوعًا من الجسيمات تحت الذرية سمِّي بجسيم إبساي أو جسيم جي.
1983ماكتشف باحثون تحت قيادة كارلو روبيا ثلاثة جسيمات تحت ذرية، هي جسيمات W+و W- و.

بدايات الفيزياء

بدايات الفيزياء ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ. فقد دلت المنشآت الحجرية التي بناها إنسان ما قبل التاريخ على بعض المعرفة بالميكانيكا. ومثل هذه المعرفة ضرورية لنقل الحجارة ولوضع بعضها فوق بعض. وإضافة إلى ذلك، هناك ما يدل على أن إنسان ما قبل التاريخ، قد استخدم هذه المنشآت الحجرية لتوضيح الأوقات المهمة في الدورة الموسمية للشمس والقمر.

علم الفلك القديم

المقالة الرئيسة: تاريخ علم الفلك

علم الفلك هو واحد من أقدم العلوم الطبيعية. كانت الحضارات المبكرة التي يعود تاريخها إلى ما قبل 3000 سنة قبل الميلاد، مثل السومريين والبايليون والمصريين القدماء وحضارة وادي السند، أول الشعوب التي خلّفت سجلات مكتوبة لاكتشافاتها، وكان لديهم معرفة تنبؤية وفهم أساسي لحركات الشمس والقمر والنجوم. فبحلول عام 3000ق.م تقريبًا، كان السومريون قد طوروا نظامًا للأعداد واستخدموا الصيغ الجبرية لمتابعة وتوقع حركات النجوم والشمس والقمر والكواكب. وحدثت تطورات مماثلة في مصر وبابل. وطور المصريون كذلك الآليات الهندسية العملية لاستخدامها في البناء ومسح الأراضي. كانت النجوم والكواكب تعبد في كثير من الأحيان، ويعتقد أنها تمثل آلهة. في حين أن التفسيرات للمواقف المرصودة للنجوم كانت في كثير من الأحيان غير علمية وتفتقر إلى الأدلة، وضعت هذه الملاحظات المبكرة الأساس لعلم الفلك في وقت لاحق، حيث تم العثور على النجوم لاجتياز دوائر كبيرة عبر السماء، والتي لم تفسر مدارات الكواكب.

وفقًا لآسغر آبو، يمكن العثور على أصول علم الفلك الغربي في بلاد ما بين النهرين، وكل الجهود الغربية في العلوم الدقيقة تنحدر من علم الفلك البابلي المتأخر. ترك علماء الفلك المصريون آثارًا تُظهر معرفة الأبراج وحركات الأجرام السماوية، في حين كتب الشاعر اليوناني هوميروس العديد من الأجرام السماوية في كتابه «الإلياذة» و«الأوديسة»؛ في وقت لاحق قدم علماء الفلك اليوناني أسماء، والتي لا تزال تستخدم حتى اليوم، بالنسبة لمعظم الأبراج المرئية من نصف الكرة الشمالي.

الفلسفة الطبيعية

تعود أصول الفلسفة الطبيعية إلى اليونان خلال العصر القديم (650 قبل الميلاد - 480 قبل الميلاد)، عندما رفض فلاسفة ما قبل سقراط مثل تاليس تفسيرات غير طبيعية للظواهر الطبيعية وأعلنوا أن كل حدث له سبب طبيعي. اقترحوا أفكارًا تم التحقق منها عن طريق العقل والملاحظة، وأثبتت العديد من فرضياتها نجاحها في التجربة؛ على سبيل المثال، تم العثور على المذهب الذري الصحيح حوالي 2000 سنة بعد أن اقترحه ليوكيبوس وتلميذه ديموقريطوس.

كان الإغريق أول شعب يطور نظم نظرية عامة للرياضيات والعلوم الطبيعية. فقد طوَّروا، نحو عام 600ق.م، فهمًا عامًا لمبادئ الهندسة، ورتب الرياضي الإغريقي إقليدس هذه المبادئ في نظام موحد نحو 300ق.م.

وكان الإغريق مراقبين حريصين وجادين للعالم الطبيعي. ففي القرن الرابع قبل الميلاد قدم الفيلسوف أرسطو براهين، مؤسسة على الدليل الفيزيائي، لكروية الأرض. وفي القرن الثالث قبل الميلاد تمكن الفلكي إيراتوسثينيز من حساب محيط الأرض، كما قدر الفلكي أريستاركوس المسافات النسبية للقمر والشمس. وفي القرن الثالث قبل الميلاد اكتشف المخترع والرياضي أرخميدس عددًا من المبادئ العلمية الأساسية وطوّر عددًا من طرائق القياس.

وفي القرن الثاني قبل الميلاد قدم بطليموس، وهو فلكي من مصر، أنموذجًا للتنبؤ بمواقع الشمس والقمر والنجوم والكواكب. وكان بطليموس يعتقد أن الأرض مركز الكون، شأنه في ذلك شأن أرسطو وفلاسفة الإغريق الآخرين. وقد ظل نظام بطليموس يُستخدم للتنبؤ بحركة الأجرام السماوية لما يقرب من 1,500 عام.

الفيزياء في العصور الوسطى الأوروبية والعالم الإسلامي

المقالات الرئيسة: الفيزياء في عصر الحضارة الإسلامية والعلم في أوروبا في العصور الوسطى

سقطت الإمبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس، مما أدى إلى انخفاض المساعي الفكرية في الجزء الغربي من أوروبا. على النقيض من ذلك، قاومت الإمبراطورية الرومانية الشرقية (المعروفة أيضًا باسم الإمبراطورية البيزنطية) هجمات البرابرة، واستمرت في تقدم مجالات التعليم المختلفة، بما في ذلك الفيزياء.

في القرن السادس عشر، أنشأ إيزيدور ميليتوس مجموعة مهمة من أعمال أرخميدس التي تم نسخها من طرسية أرخميدس.

في القرن السادس عشر، تساءل جون فيلوبونوس، وهو عالم بيزنطي، عن تعاليم أرسطو للفيزياء وأشار إلى عيوبها. قدم نظرية الزخم. لم تفحص فيزياء أرسطو حتى ظهر جون فيلوبونوس، وعلى عكس أرسطو الذي بنى فيزياءه على الحجة اللفظية، اعتمد فيلوبونس على الملاحظة. في فيزياء أرسطو كتب جون فيلوبونوس:

«لكن هذا خاطئ تمامًا، وقد يتم دعم وجهة نظرنا من خلال الملاحظة الفعلية بشكل أكثر فعالية من أي نوع من الحجة الكلامية. فإذا تركت الأجسام تسقط من نفس الارتفاع حيث أحدهما أكثر وزنا من الآخر، فسترى أن نسبة المرات المطلوبة للحركة لا تعتمد على نسبة الأوزان، لكن الفرق في الوقت هو صغير جدا. وهكذا، إذا لم يكن الفرق في الأوزان كبيرًا، وهذا يعني أن أحدهما، نقول، ضاعف الآخر، لن يكون هناك فرق، وإلا سيكون هناك اختلاف غير محسوس، في الوقت المناسب، على الرغم من أن الفرق في الوزن لا يعني ذلك، مع وزن جسم واحد ضعف وزن الجسم الآخر.»

كان نقد جون فيلوبونوس لمبادئ الفيزياء الأرسطية بمثابة مصدر إلهام لغاليليو غاليلي بعد عشرة قرون،(4) خلال الثورة العلمية. استشهد غاليليو بفيلوبونوس بشكل كبير في أعماله عندما جادل بأن الفيزياء الأرسطية كانت معيبة. في القرن الثالث عشر الميلادي، طوّر جان بوريدان، وهو مدرس في كلية الآداب بجامعة باريس، مفهوم الزخم. لقد كانت خطوة نحو الأفكار الحديثة عن الجمود والزخم.

ورث علماء العصر الإسلامي الفيزياء الأرسطية من الإغريق وخلال العصر الذهبي الإسلامي طورتها أكثر، خاصة مع التركيز على الملاحظة والتفكير المسبق، وتطوير أشكال مبكرة من المنهج العلمي.

 بدأ اهتمام العرب بالفيزياء منذ منتصف القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي. وكانوا قد أخذوا مبادئ هذا العلم عن اليونان، وخرجوا بهذه المبادئ من المجال الفلسفي النظري الذي عرف به اليونان إلى مجال التجربة والاستقراء. فألفوا فصولاً متخصصة في علم السوائل وكيفية حساب الوزن النوعي، وكتبوا في الأنابيب الشعرية وتعليل ارتفاع المواقع وانخفاضها مما قادهم إلى البحث في التوتر السطحي.

أسهم العرب كثيرًا في علوم الضوء والبصريات والرؤية، والتي جاءت من أعمال العديد من العلماء مثل ابن سهل والكندي وابن الهيثم وكمال الدين الفارسي وابن سينا. وكانت أعمال العلماء العرب هي التي جعلت هذا العلم يستقل عن الرياضيات والهندسة لأول مرة. كانت أعمال الحسن بن الهيثم المرجع المعتمد لدى أهل أوروبا حتى وقت متأخر، وإليه يعزى أول بحث عن أقسام العين وكيفية الإبصار وانكسار الضوء وانعطافه. وكان العمل الأكثر بروزًا هو كتاب البصريات، الذي كتبه ابن الهيثم، والذي دحض فيه بشكل قاطع الفكرة اليونانية القديمة عن الرؤية، لكنه توصل أيضًا إلى نظرية جديدة. في الكتاب، قدم دراسة لظاهرة الكاميرا المظلمة (نسخة عمرها ألف سنة من الكاميرا ذات الثقب) وتعمق أكثر في الطريقة التي تعمل بها العين نفسها. باستخدام التشريح ومعرفة العلماء السابقين، تمكن من البدء في شرح كيف يدخل الضوء إلى العين. أكد أن أشعة الضوء مركّزة، لكن التفسير الفعلي لكيفية إضاءة الضوء المرتقب على الجزء الخلفي من العين كان ينتظر حتى عام 1604. وقد أوضحت أطروحته على ضوء الكاميرا المظلمة، قبل مئات السنين من التطور الحديث للتصوير الفوتوغرافي.

أثر كتاب البصريات المؤلف من سبعة مجلدات بشكل كبير على التفكير عبر تخصصات من نظرية الإدراك البصري إلى طبيعة المنظور في فن العصور الوسطى، في كل من الشرق والغرب، لأكثر من 600 عام. كان العديد من العلماء الأوروبيين في وقت لاحق وزملائه من الذين كانوا يمتلكون الموهبة الرياضية، من روبرت جروسيتيست وليوناردو دافنشي إلى رينيه ديكارت ويوهانز كيبلر وإسحاق نيوتن، في دَينهِ. في الواقع، فإن تأثير ابن الهيثم للبصريات يصنف إلى جانب تأثير نيوتن الذي يحمل نفس العنوان، والذي تم نشره بعد 700 عام.

كان لترجمة كتاب البصريات تأثير كبير على أوروبا. من ذلك، تمكن العلماء الأوروبيون لاحقًا من بناء أجهزة طورت بناء على الأجهزة التي أنشأها ابن الهيثم، وفهمت طريقة عمل الضوء. من هذا، تم تطوير أدوات مهمة مثل النظارات والعدسات المكبرة والتلسكوبات والكاميرات.

تناولت أبحاث الفيزيائيين العرب أيضاَ الميكانيكا (علم الحيل) وألفوا في ذلك مصنفات كثيرة، وطبقوا نتائج أبحاثهم في فنونهم الصناعية كصناعة الساعات المائية والرملية والشمسية والأواني، والآلات الرافعة، والموازين الدقيقة. كما طبقوا مبادئ علم الفيزياء في الأصوات على الموسيقى. كما كانت أبحاث الفيزيائيين العرب والمسلمين المتناثرة في الجاذبية اللبنة الأولى لعلم الجاذبية التي بنى عليها كل من نيكولاس كوبرنيكوس ويوهانز كيبلر نظرياتهما كما اعترفا بذلك. كما استفاد من ذلك أيضًا كل من جاليليو جاليلي وإسحق نيوتن في وضع القوانين القائمة على أسس رياضية لتحديد قوة الجاذبية.

 ومع ازدياد حجم التجارة بين المسلمين في الشرق وأوروبا في الغرب خلال القرن الحادي عشر الميلادي، وبفضل الفتوحات الإسلامية، انتقلت المؤلفات الإغريقية والعربية إلى الغرب. وفي البداية رفضت الكنيسة علم أرسطو والإغريق الآخرين. ولكن، في القرن الثالث عشر، تمكن سان ألبرت ماجنس المعروف باسم القديس ألبرت الكبير والقديس توما الإكويني، وآخرون من علماء الدين المسيحي، من التوفيق بين العلم الطبيعي ومبادئ الكنيسة. كما ازداد الاهتمام بالمشاهدات العلمية والتجارب خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين وعكف كثير من علماء الغرب على دراسة ما أنجزه العلماء العرب في الفيزياء إضافة إلى ما وضعه الإغريق. وبدأت تظهر كتابات عديدة منها كتابات العالمين الإنجليزيين روبرت جروسيتست وروجر بيكون التي قدمت طرقًا فعالة للبحث العلمي.

وكانت الاختراعات العملية في الزراعة والحقول الأخرى أيضًا من عوامل ازدهار البحث العلمي في أوروبا خلال القرنين الأخيرين من العصور الوسطى. وفي الصين، وأقطار آسيوية أخرى، انتعش النشاط العلمي والاختراع خلال هذه الفترة.

تاريخ الفيزياء الكلاسيكية

طالع أيضاً: الفيزياء الكلاسيكية

عصر النهضة هو الاسم الذي أُطلق على فترة التاريخ الأوروبي خلال الفترة من بداية القرن الرابع عشر الميلادي حتى نحو عام 1600م. اتسمت هذه الفترة بالإثارة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية التي أنتجت مداخل جديدة وكثيرة في كل من الآداب والعلوم.

أصبحت الفيزياء في هذه الفترة علمًا منفصلاً عندما استخدم الأوروبيون الحديثون الأوائل الأساليب التجريبية والكمية لاكتشاف ما يُعتبر الآن قوانين الفيزياء.

في القرن الرابع عشر الميلادي، بحث علماء في جامعتي أكسفورد وباريس من أمثال ريتشارد سواينهيد ونيكول أوريسم مسألة وصف الحركة. وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين أجرى الرسام والمخترع الإيطالي المشهور ليوناردو دافينشي دراسات على الحركة وعلم السوائل.

وفي عام 1543م نشر الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس نظامًا ثوريًا للكون وضع فيه الشمس، بدلاً من الأرض، في المركز. وقدم كوبرنيكوس فكرة أن الأرض كوكب من الكواكب التي تدور حول الشمس. ولم يقبل أحد، تقريبًا، هذه النظرة في ذلك الوقت. وشعر قادة الكاثوليك والبروتستانت، على حد سواء، أن هذا النظام يتعارض مع معتقداتهم الدينية. كما كانت هنالك اعتراضات علمية جادة على النظام المقترح. وكان قبول النظام الكوبرنيكي يتطلب إعادة النظر في قاعدة العلم الطبيعي بأكملها. وهذا ما حدث في الواقع خلال القرن ونصف القرن التاليين، من خلال عمل شخصيات بارزة مثل جاليليو ويوهانز كيبلر ورينيه ديكارت بصفة خاصة.

وتشمل التطورات الرئيسية في هذه الفترة العمل الرائد في مجال التلسكوبات وعلم الفلك الرصدي بواسطة غاليليو غاليلي في القرنين السادس عشر والسابع عشر، فقد أنشأ الفلكي والفيزيائي الإيطالي جاليليو، مبتدئًا في عام 1609م، عددًا من المناظير الفلكية لمشاهدة السماء. ورغم أن مشاهدات جاليليو الفلكية لم تبرهن على صحة النظام الكوبرنيكي، إلا أنها أثارت الشكوك حول النظرة التقليدية. كما أن جاليليو صقل فكرة التجربة المعملية في دراسته لحركة الأجسام الساقطة. وبرهن على أن فرضية سقوط كل الأجسام بمعدل ثابت واحد، في غياب التأثيرات الخارجية، تُكسب المرء فهمًا لكيفية سقوط الأجسام نحو الأرض.

وفي أوائل القرن السابع عشر الميلادي، استخدم الفلكي والرياضي الألماني يوهانس كيبلر مشاهدات الآخرين، فأنشأ أنموذجًا جديدًا مضبوطًا للمجموعة الشمسية ووضع القوانين التي تحكم حركة الهيئات الكوكبية التي حددها بين عامي 1609 و1619. وفي منتصف القرن السابع عشر الميلادي تحدى الفيلسوف والرياضي الفرنسي رينيه ديكارت الافتراض الذي كان سائدًا منذ أمد طويل، بأن غياب الحركة هو الحالة الطبيعية للأجسام. وبدلاً من ذلك، قدم فكرة أن للأجسام قصورًا ذاتيًا، أي أنها تحافظ على حالتها الحركية إلا إذا أثر عليها مؤثر خارجي.

وتعكس أعمال جاليليو وكيبلر وديكارت تغيرًا في النظرة التي كانت سائدة في أوروبا وتهز بعض المبادئ والقواعد التي استقرت ردحًا من الزمن. وبدأ الناس يعتقدون أن العالم الفيزيائي محكوم بقوانين طبيعية وأن اكتشاف هذه القوانين ممكن. وبدأ يتضح أن الطريق المؤدي لاكتشاف القوانين يبدأ بالتجارب الدقيقة التي تُجرى، إن أمكن، تحت ظروف مختبرية متحكَّم فيها.

بحلول القرن السابع عشر الميلادي أصبح النشاط العلمي مزدهرًا. وعلى قمة هذا النشاط المتزايد كان اكتشاف العالم الإنجليزي الفذ إسحاق نيوتن وتوحيده لقوانين الحركة والجاذبية العالمية التي ستحمل اسمه. وقد نشر إسحق نيوتن كتابه المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية، في عام 1687م. وفي هذا العمل، أوضح نيوتن كيف أن كلاً من حركات الأجرام السماوية وحركات الأجسام على سطح الأرض أو بالقرب منها يمكن أن تفسَّر بأربعة قوانين بسيطة. وهذه القوانين هي قوانين نيوتن الثلاثة للحركة وقانونه للجاذبية الكونية.

لخصت قوانين نيوتن للحركة عمل جاليليو وديكارت ووسعتهما. وفسر قانونه للجاذبية الكونية كلاً من قانون جاليليو للأجسام الساقطة وقوانين كيبلر لحركة الكواكب. اخترع نيوتن نوعًا جديدًا من الرياضيات، يسمى حساب التفاضل والتكامل، أو الدراسة الرياضية للتغيير، والتي قدمت أساليب رياضية جديدة لحل المسائل الفيزيائية، واستخدمه نيوتن لإجراء بعض أبحاثه وحساباته، كما اخترعه بصفة مستقلة في ذات الوقت عالم رياضي آخر هو غوتفريت فلهلم لايبنيز من ألمانيا.

وإضافة إلى اكتشافاته النظرية صنع نيوتن أول تلسكوب فلكي عاكس. كما استخدم المنشور لإجراء تجارب رائعة على الضوء، قادته إلى فكرة أن الضوء الأبيض خليط من كل الألوان. وفي عام 1704م نشر نظرية جسيمية عن الضوء. وقد نافست هذه النظرية نظرية أخرى عن الضوء كان قد تقدم بها الفيزيائي الهولندي كريستيان هايجنز عام 1678م، ولم تنشر إلا عام 1690م. تقول نظرية هايجنز إن الضوء ينتقل على شكل موجات وليس جسيمات. غير أن أغلب العلماء، خلال القرن الثامن عشر، قبلوا نظرية نيوتن الجسيمية.

نتج اكتشاف قوانين جديدة في الديناميكا الحرارية والكيمياء والكهرومغناطيسية عن جهود بحثية أكبر خلال الثورة الصناعية مع زيادة احتياجات الطاقة. تظل القوانين التي تضم الفيزياء الكلاسيكية مستخدمة على نطاق واسع جدًا للكائنات ذات المقاييس اليومية التي تنتقل بسرعات غير نسبية، نظرًا لأنها توفر تقريبًا وثيقًا للغاية في مثل هذه الحالات، كما أن النظريات مثل ميكانيكا الكم ونظرية النسبية تبسط إلى نظيراتها الكلاسيكية عند هذا الحد. ومع ذلك، أدت عدم الدقة في الميكانيكا الكلاسيكية للأجسام الصغيرة جدًا والسرعات العالية جدًا إلى تطور الفيزياء الحديثة في القرن العشرين.

التطورات في القرن التاسع عشر الميلادي. قادت الثورة الصناعية، التي بدأت في بريطانيا في القرن الثامن عشر الميلادي، إلى إنتاج أجهزة علمية بالغة الدقة، في عصرها، مكنت العلماء من إجراء تجارب أكثر تعقيدًا. ومع جنوح البحث العلمي نحو المزيد من التعقيد، أخذ الناس يتخصصون في مجالات دراسية أضيق. وكانت هناك ثلاثة مجالات ذات أهمية خاصة في القرن التاسع عشر الميلادي هي: الحرارة والطاقة، والضوء، والكهرباء والمغنطيسية.

التطورات في دراسة الحرارة والطاقة. في بداية القرن التاسع عشر الميلادي كان الاعتقاد الشائع أن الحرارة نوع من سائل اسمهالسائل السعري، لكن بحلول منتصف القرن أصبح العلماء يعتبرون الحرارة شكلاً من أشكال الطاقة، أي أدركوا أن الحرارة تؤدي عملاً. وفي الأربعينيات من القرن التاسع عشر أوضح الفيزيائي الإنجليزي جيمس جول كيفية حساب مقدار الطاقة الذي يمكن أن ينتجه قدر محدد من الحرارة. وفي ذات الوقت تقريبًا اقترح عدد من الفيزيائيين، باستقلال بعضهم عن بعض، قانون بقاء الطاقة. ومن بين هؤلاء اللورد كلفين من بريطانيا وهيرمان فون هيلمولتز من ألمانيا. وينص هذا القانون على أن الطاقة لا تنقص ولا تزيد وإنما تتحول فقط من نوع إلى آخر. انظر:[[ <a href="../0/062005_0.htm">الطاقة</a>]].

وبحلول منتصف القرن التاسع عشر الميلادي أصبح مفهومًا أن الطاقة الحرارية ناتجة عن التحركات الميكانيكية للذرات التي تتكون منها كل الأجسام. وقد بني هذا التفسير على النظرية الذرية التي قدمها الكيميائي الإنجليزي جون دالتون في عام 1803م.

تطورات دراسة الضوء. بين عامي 1800م و1803م نشر الفيزيائي الإنجليزي توماس يونج سلسلة من الأوراق العلمية، بُنيت على تجاربه، أحيت النظرية الموجية للضوء. وبين نحو 1815م و1819م قدم الفيزيائي الفرنسي أوغستين فرسنل مزيدًا من الأدلة على ذلك. وبحلول عام 1850م كانت النظرية الموجية للضوء مقبولة من الجميع تقريبًا، وحلت محل نظرية نيوتن الجسيمية.

قادت النظرية الموجية للضوء الفيزيائيين لاقتراح وجود مادة تسمى الأثير. فقد احتجوا بأنه مادام الضوء ينتقل في موجات، ويمكنه أن ينتقل عبر الفراغ. فلابد من وجود مادة تحمل الموجات، هي مادة الأثير، التي تملأ كل المكان بما في ذلك الفراغ. وفسروا طاقة الضوء على أنها اهتزاز الأثير، على شكل موجات.

تطور دراسة الكهرباء والمغنطيسية. في عام 1800م أعلن كاونت إليساندرو فولتا اختراعه أول بطارية كهربائية. وفتح هذا الاختراع الطريق أمام طرق جديدة لدراسة الظواهر الكهربائية. وفي نحو عام 1820م وجد الفيزيائيان أندريه ماري أمبير من فرنسا وهانز كريستيان أورستيد من الدنمارك أن بين الكهرباء والمغنطيسية صلة. وفي أوائل الثلاثينيات من القرن التاسع عشر أوضح الفيزيائي الإنجليزي مايكل فارادي والفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري، كل منهما على حدة، كيفية إنتاج الكهرباء من حقل مغنطيسي متغير. وبينت تجاربهما أن الطاقة الميكانيكية يمكن أن تتحول إلى طاقة كهربائية وأدت إلى المبادئ التي بُني عليها المولد والمحرك.

وفي الستينيات من القرن التاسع عشر طوّر الفيزيائي والرياضي الأسكتلندي جيمس كلارك ماكسويل نظرية فسرت الضوء المرئي على أنه حركة الموجات الكهرومغنطيسية. وقال ماكسويل بإمكانية وجود موجات كهرومغنطيسية مماثلة غير مرئية. وفي أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي اكتشف الفيزيائي الألماني هينريتش هرتز تجريبيًا هذه الموجات الراديوية غير المرئية. وقاد اكتشاف هرتز هذا، في نهاية الأمر، إلى تطوير أجهزة المذياع والرادار والتلفاز كما أفاد في إدراك الصلة بين الضوء والكهرباء والمغنطيسية، إذ أصبحت النظرة أنها جميعًا ناتجة عن موجات في الأثير. ومثل هذه الموجات يشار إليها أحيانًا بلفظ الإشعاع الكهرومغنطيسي.

تاريخ الفيزياء الحديثة

طالع أيضاً: الفيزياء الحديثة

قرب نهاية القرن التاسع عشر اقتنع عدد كبير من الفيزيائيين بأن مهمة الفيزياء قد شارفت نهايتها. واعتقد بعضهم أن كل قوانين الفيزياء سيُعبَّر عنها، يومًا ما، بمعادلات قليلة بسيطة.

 غير أن عددًا قليلاً من القضايا كان لايزال ينتظر الحل. وإحدى هذه القضايا مسألة تحديد مصدر الإشعاع الكهرومغنطيسي. وكان العلماء يدركون أن كل عنصر كيميائي يشع ـ تحت الظروف المناسبة ـ خليطًا فريدًا من الضوء المرئي، والضوء تحت الأحمر والضوء فوق البنفسجي، يسمى الأطياف الخطية. وكانت الذرة، آنذاك، تعتبر الوحدة الأساسية للمادة في الكون. لكن ظاهرة الأطياف الخطية دعت بعض الفيزيائيين للتفكير في أن الذرة نفسها قد تكون مكونة من وحدات أولية أدق.

  وظل حلم تفسير كل الظواهر الفيزيائية بمجموعة صغيرة من القوانين الأساسية دون تحقق. وبدلاً من ذلك، بدأت اكتشافات عديدة تُظْهِر أن مثل هذه الظواهر أكثر تعقيدًا مما كان العلماء يظنون. فعلى سبيل المثال اكتشف ويلهلم رونتجن، من ألمانيا، الأشعة السينية عام 1895م. وفي عام 1896م اكتشف الفيزيائي الفرنسي أنطوان هنري بكويريل الإشعاع الطبيعي، الانطلاق التلقائي للإشعاع من الذرات.

وفي عام 1897م اكتشف الفيزيائي البريطاني جوزيف. تومسون أول جسيم تحت ذري، سمِّي فيما بعد بالإلكترون. وفي عام 1898م استخلص الفيزيائيان الفرنسيان ماري كوري وزوجها بيير عنصر الراديوم المشع. وكانت هذه التطورات مؤشرًا إلى أن مهمة الفيزياء قد بدأت لتوها وليست على وشك النهاية كما ظُنَّ من قبل.

بدأت الفيزياء الحديثة في أوائل القرن العشرين بعمل ماكس بلانك في نظرية الكم ونظرية النسبية لألبرت أينشتاين. كل من هذه النظريات جاءت بسبب عدم الدقة في الميكانيكا الكلاسيكية في بعض الحالات. تنبأت الميكانيكا الكلاسيكية بسرعة متفاوتة من الضوء، والتي لا يمكن حلها بالسرعة الثابتة التي تتنبأ بها معادلات ماكسويل الكهرومغناطيسية؛ تم تصحيح هذا التناقض من خلال نظرية النسبية الخاصة لآينشتاين، والتي حلت محل الميكانيكا الكلاسيكية للأجسام سريعة الحركة والسماح لسرعة ثابتة من الضوء. قدمت إشعاعات الجسم الأسود مشكلة أخرى للفيزياء الكلاسيكية، والتي تم تصحيحها عندما اقترح بلانك أن إثارة مذبذبات المواد غير ممكن إلا في خطوات منفصلة تتناسب مع ترددها؛ هذا، إلى جانب التأثير الكهروضوئي ونظرية كاملة تتنبأ بمستويات الطاقة المنفصلة للمدارات الإلكترونية، أدى إلى نظرية ميكانيكا الكم التي تولت من الفيزياء الكلاسيكية بمقاييس صغيرة للغاية.

سيأتي دور ميكانيكا الكم بواسطة فيرنر هايزنبرغ، إرفين شرودنغر وبول ديراك. بعد اكتشاف جسيم له خصائص تتوافق مع بوزون هيجز في سيرن في عام 2012، يبدو أن جميع الجزيئات الأساسية التي تنبأ بها النموذج القياسي، وليس غيرها، موجودة؛ ومع ذلك، فإن الفيزياء خارج النموذج القياسي، مع نظريات مثل التناظر الفائق، هي مجال نشط للبحث. مجالات الرياضيات بشكل عام مهمة في هذا المجال، مثل دراسة الاحتمالات والمجموعات.

نظرية الكم. حدثت في أوائل القرن العشرين تطورات ثورية في الفيزياء. فقدبدأ العلماء يبحثون عن التناقضات في الفيزياء التقليدية واكتشفوا تفسيرات جديدة للظواهر المشاهدة.

وفي عام 1900م نشر الفيزيائي الألماني ماكس بلانك نظريته الكَميِّة عن نقل الطاقة ليفسر طيف الضوء الذي تطلقه أجسام ساخنة معينة. وتنص النظرية على أن الطاقة لا تُطلق باستمرار لكن في شكل وحدات مفردة تسمى الوحدة منها كمًا. في عام 1905م اقترح أينشتاين، الفيزيائي الأمريكي الألماني المولد، جسيمًا جديدًا ـ سميّ فيما بعدالفوتون ـ حاملاً للطاقة الكهرومغنطيسية؛ وقال إن الضوء رغم طبيعته الموجية، لابد أن يكون مكونًا من جسيمات الطاقة هذه.

وفي عام 1913م شرح الفيزيائي الدنماركي نيلز بور، بدلالة وحدات الكم، كيف تمتص الذرات الطاقة وتشعها. وفي عام 1924م تقدم الفيزيائي الفرنسي لويس دو بروغلي بفكرة أن الإلكترونات أيضًا يمكن أن تُبدي خصائص موجية. وفي منتصف العشرينيات من القرن العشرين أنشأ الفيزيائيان إيرفين شرودينجر من النمسا، وفرنر هيسينبرج من ألمانيا، باستقلال عن بعضهما، نظامين متكافئين يحويان في صياغة رياضية واضحة كل الفيزياء الكمية السابقة. وتطورت الآراء المشتركة لشرودينجر وهيسينبرج على أيدي الكثيرين لتصبح الحقل المعروف باسم ميكانيكا الكم.

أينشتاين والنسبية. خلال القرن التاسع عشر حاول الفيزيائيون قياس سرعة الأرض بالنسبة للأثير ولم يفلحوا. والأثير في الفيزياء التقليدية ساكن وليست له حركة. وفي أوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي فسر الفيزيائي الهولندي هندريك لورنتز هذا الفشل بافتراض أن الأرض تجرُّ معها الجزء من الأثير الملاصق لها أثناء تحركها خلال الأثير. ثم تمكن الفيزيائيان الأمريكيان ألبرت أ. مايكلسن وإدوارد و. مورلي من تطوير جهاز يعطي قياسات أدق بكثير مما كان ممكنًا بالأجهزة السابقة. ساعدت تجاربهما في دحض نظرية الأثير. ففي عام 1887م أوضحت تجارب مايكلسن ومورلي أن حركة الأرض حول الشمس لا تؤثر على سرعة الضوء. وهذه النتيجة لا يمكن أن تفهم في نطاق نظرية الأثير إلا بافتراض أن الأثير قرب سطح الأرض يتحرك بنفس سرعة الأرض. غير أن هذا الافتراض يناقض نتائج تجارب أخرى كثيرة.

لم تُحسم مسألة التناقض هذه إلا في عام 1905م. ففي هذا العام حلّل أينشتاين عملية القياس ذاتها، ونتيجة لهذا التحليل تقدم بنظريته النسبية الخاصة. وتبدأ النظرية بفرضيتين، أي مبدأين أساسيين.

تنص الفرضية الأولى على أن قوانين الفيزياء تكون بشكل موحد عند كل المشاهدين الذين يتحركون حركة منتظمة بالنسبة لبعضهم. وتنص الفرضية الثانية على أن سرعة الضوء غير متغيرة، أي بقيمة واحدة، عند كل المشاهدين. ومن الاستنتاجات المأخوذة من هاتين الفرضيتين أن هناك علاقة بين الكتلة والطاقة. وقد عبر أينشتاين عن هذه العلاقة بمعادلته المشهورة ط = ك ث²، حيث ط ترمز للطاقة، ك للكتلة وث² لمربع سرعة الضوء.

حاول أينشتاين كذلك أن يستبدل بنظريات الجاذبية التقليدية صياغة أكثر دقة لقوانين الجاذبية. وفي عام 1915م أعلن عن نظريته النسبية العامة. تبدأ هذه النظرية بافتراض أن تأثير الجاذبية على الأجسام يمكن أن يستبدل تمامًا، عند كل نقطة، بتعجيل النظام الإحداثي تعجيلاً مناسبًا. ولم تعد الجاذبية خاصية للأجسام التي تتجاذب وإنما أصبحت إحدى خواص الفضاء الذي تتحرك فيه الأجسام. وتنبأت النظرية بأن مسار الأشعة الضوئية يتأثر بالأجسام ذات الكتلة التي يمر قريبًا منها. وقد تأكد هذا التنبؤ بالمشاهدة في عام 1919م. وتنبأت النظرية كذلك بوجود موجات تجاذبية تنتقل بسرعة الضوء. ولكن هذه الموجات لم يُكشف عنها تجريبيًا حتى الآن.

الكشف عن أسرار الذرة. حفز اكتشاف أن للذرات تركيبًا داخليًا الفيزيائيين للنفاذ داخل هذه الوحدات الدقيقة للمادة. ففي إنجلترا طوّر إرنست رذرفورد أنموذجًا للذرة عام 1911م. وفي هذا الأنموذج، تستقر الشحنة الموجبة المكثفة في مركز كروي صغير يسمى النواة، وتدور الإلكترونات حول النواة. وقدم نيلز بور تعديلات على هذا الأنموذج عام 1913م. وفي ذلك العام تمكن أمريكي، هو روبرت ميليكان، من الحصول على قياس دقيق لشحنة الإلكترون.

واستمر اكتشاف جسيمات تحت ذرية بعد هذا العمل المبكر. ففي عام 1932م أجرى الفيزيائي الإنجليزي جيمس تشادويك، تجارب دللت على أن النواة الذرية تتكون من نوعين من الجسيمات، البروتونات ذات الشحنة الموجبة والنيوترونات عديمة الشحنة. وفي عام 1935م اقترح الفيزيائي الياباني هيديكي يوكاوا، أن جسيمات أخرى، سماها الميزونات، موجودة في نواة الذرة.

وفي عام 1938م اكتشف فيزيائيان ألمانيان، هما أوتو هان وفرتز ستراسمان، الانشطار النووي بشطر ذرات اليورانيوم. وسرعان ما استنتج الفيزيائيون أن عملية الانشطار النووي يمكن أن تحرِّر، وفق معادلة أينشتاين ط = ك س2، كميات هائلة من الطاقة. وفي عام 1942م، أثناء الحرب العالمية الثانية، تمكن الفيزيائي الإيطالي المولد إنريكو فيرمي مع معاونيه في جامعة شيكاغو من تحقيق أول تفاعل تسلسلي مُتحكَّم فيه للانشطار النووي. وفي عام 1945م، قرب نهاية الحرب، أنتج العلماء والمهندسون الأمريكيون أول قنابل تعتمد مقدراتها التفجيرية على الانشطار النووي. وأُسقطت قنبلتان ذريتان من هذا النوع على اليابان عام 1945م.

التطورات في منتصف القرن العشرين. بعد عام 1945م أصبحت صورة الذرة أكثر تعقيدًا، إذ استمر الفيزيائيون يكتشفون المزيد من الجسيمات تحت الذرية. ففي عام 1955م اكتشف الفيزيائيان الأمريكيان أوين تشامبرلين وإميليو سيجري جسيم البروتون المضاد، وهو بروتون بشحنة سالبة. وفي عام 1964م اقترح الفيزيائيان الأمريكيان موراي جل ـ مان وجورج زفايج وجود جسيمات الكوارك بوصفها جسيمات أساسية. وتتكون البروتونات والنيوترونات من تجمعات مختلفة من جسيمات الكوارك. ومن الأدلة القوية على وجود الكوارك اكتشاف جسيم إبساي وهو نوع من الجسيمات تحت الذرية يسمى أيضًا جسيم جيه، بوساطة الأمريكيين بيرتون ريختر وصمويل سي. سي. تنج.

قادت الأبحاث في منتصف القرن العشرين إلى تطورات مهمة في التقنية أيضًا. ففي عام 1947م اخترع فيزيائيون أمريكيون الترانزستور. وأحدث هذا الجهاز الصغير ثورة في صناعة الإلكترونيات. وفي أوائل الستينيات من القرن العشرين أنتج الباحثون في الفيزياء الذرية والبصرية أجهزة تضخيم الضوء، المسماة أجهزة الليزر. وأصبحت هذه الأجهزة أدوات قيمة في مجالات مثل الاتصالات والصناعة وأبحاث الطاقة النووية.

الفيزياء اليوم. مايزال مجال الفيزياء واحدًا من أهم مجالات العلوم وأكثرها نشاطًا. فقد أدت البحوث الجارية حتى الآن، في طبيعة المادة إلى اكتشافات مهمة. فعلى سبيل المثال اكتشف باحثون ألمان عام 1979م جُسَيْمًا أوليًا مهمًا، هو جسيم القلون أو اللاصق. والقلونات، نوع من البوزونات، وتحمل التفاعل القوي. والتفاعل القوي هو القوة النووية التي تربط مكونات نواة الذرة ببعضها. وفي عام 1983م اكتشف فريق أبحاث بقيادة كارلو روبيا من إيطاليا ثلاثة جسيمات أخرى من الجسيمات تحت الذرية، هي جسيمات .Z° , W- , W وكان الفيزيائيون النظريون قد تنبأوا بوجود هذه الجسيمات التي هي حَمَلة التفاعل الضعيف والذي يسمى أيضًا التفاعل الضعيف. والتفاعل الضعيف هو القوة المتحكمة في تحلل النويات الذرية، العملية الفعالة في الإشعاع الطبيعي.

ويعتقد الفيزيائيون باحتمال وجود وحدة أساسية بين ثلاث من القوى الطبيعية في الكون: التفاعل القوي والتفاعل الضعيف والتفاعل الكهرومغنطيسي الذي يربط الإلكترونات بالنواة. النظريات التي تحاول أن تؤسس هذه الوحدة بين القوى يشار إليها باسم النظريات الكبرى الموحدة. ويفحص الباحثون كذلك نظريات الجاذبية الفائقة التي تشمل، في الإطار الوحدوي، القوة الأساسية الرابعة، أي الجاذبية. ويشير مثل هذه النظريات إلى أن الفيزيائيين قد بدأوا مرة أخرى يعبِّرون عن الأمل في وجود عدد قليل من القوانين الأساسية يوحد كل معرفتنا عن الكيفية التي يعمل بها العالم.

وتستمر الفيزياء كذلك في تقديم إسهامات مهمة للتقنية. على سبيل المثال، أدّى تقدم الإلكترونيات إلى تطوير أجهزة حاسوب في غاية التعقيد وروعة الأداء. وأدت أجهزة الليزر والألياف البصرية ـ شعيرات رفيعة من الزجاج أو البلاستيك تحمل الضوء ـ إلى تحسينات في نظم الاتصال والتقنية الطبية.

وبدأ الفيزيائيون يطورون مواد شبه خزفية تستطيع أن تعمل موصلات كهربائية فائقة التوصيل عند درجات حرارة أعلى بكثير مما كان ممكنًا بالموصلات الفائقة السابقة. وقد يؤدي التقدم في مجال التوصيل الفائق، يومًا ما، إلى تطبيقات مثل مولدات القدرة الاقتصادية ذات الكفاءة، والقطارات السريعة التي تطفو فوق الحقول المغنطيسية ونظم التصوير الطبي المطورة.

فلسفة الفيزياء

طالع أيضاً: فلسفة الفيزياء

في نواح كثيرة، تنبع الفيزياء من الفلسفة اليونانية القديمة. من محاولة طاليس الأولى لتوصيف المادة، إلى ديموقريطوس، وعلم الفلك البطلمي الخاص بمركزية الأرض، وكتاب فيزياء أرسطو (كتاب مبكر عن الفيزياء، والذي حاول تحليل وتحديد الحركة من وجهة نظر فلسفية)، قدم العديد من الفلاسفة اليونانيين نظرياتهم الخاصة للطبيعة. عرفت الفيزياء بالفلسفة الطبيعية حتى أواخر القرن الثامن عشر.

بحلول القرن التاسع عشر، أصبحت الفيزياء تخصصًا متميزًا عن الفلسفة والعلوم الأخرى. تعتمد الفيزياء، كما هو الحال مع بقية العلوم، على فلسفة العلوم و«طريقتها العلمية» لتعزيز معرفتنا بالعالم المادي. توظف الطريقة العلمية المنطق المسبق وكذلك المنطق الخلفي واستخدام الاستدلال البايزي لقياس صحة نظرية ما.

لقد أجاب تطور الفيزياء عن العديد من أسئلة الفلاسفة الأوائل، ولكنه أثار أيضًا أسئلة جديدة. تتضمن دراسة المسائل الفلسفية المحيطة بالفيزياء، وفلسفة الفيزياء، قضايا مثل طبيعة المكان والزمان، والحتمية، والتوقعات الميتافيزيقية مثل التجريبية، والواقعية.

كتب العديد من علماء الفيزياء عن الآثار الفلسفية لعملهم، على سبيل المثال لابلاس، الذي دافع عن الحتمية السببية، وإرفين شرودنغر، الذي كتب عن ميكانيكا الكم. كان الفيزيائي الرياضي روجر بنروز قد أطلق عليه ستيفن هوكينج، وهو رأي يناقشه بينروز في كتابه «الطريق إلى الواقع». أشار هوكينج إلى نفسه على أنه «مختزل لا يخجل» وأثار مشكلة بينروز.

ما يدرسه الفيزيائيون

يحاول الفيزيائيون أن يجيبوا عن أسئلة أساسية عن العالم: كيف تكَّون وكيف يتطور. ويُجري الفيزيائيون التجريبيُّون تجارب مخططًا لها بعناية ثم يقارنون نتائجهم بما كان متوقعًا حدوثه. مثل هذه التوقعات تأتي من قوانين ونظريات طوّرها الفيزيائيون النظريون. وهذه القوانين والنظريات يُعبَّر عنها غالبًا بلغة الرياضيات التي هي أداة أساسية في الفيزياء.

والموضوعات التي يدرسها الفيزيائيون تقع في مجموعتين كبيرتين: الفيزياء التقليدية والفيزياء الحديثة، والاختلاف بينهما، في الدرجة الأولى، هو في الاهتمام والتركيز. فالفيزياء التقليدية تُعنى بالأسئلة حول الحركة والطاقة، وأقسامها خمسة: 1- الميكانيكا (علم الحركة) 2- الحرارة 3- الصوت 4- الكهرباء والمغنطيسية 5- الضوء. أما الفيزياء الحديثة فتركز على دراسة التركيب الأساسي للعالم المادي، وتشمل حقولها الكبيرة: 1- الفيزياء الذرية والجزيئية والإلكترونية 2- الفيزياء النووية 3- فيزياء الجسيمات 4- فيزياء الطاقة الصلبة 5- فيزياء الموائع والبلازما.

فروع الفيزياء الكبيرة
البصريات: تدرس طبيعة وسلوك الضوء.
الجيوفيزياء: هي دراسة الأرض وجوها ومياهها بوساطة مبادئ الفيزياء.
الدينامية الحرارية: دراسة الحرارة وأشكال الطاقة الأخرى وتحولات الطاقة من شكل إلى آخر.
الدينامية الكهربائية : تحلل العلاقة بين القوى الكهربائية والمغنطيسية.
علم الصوتيات: يدرس إنتاج وخواص الصوت.
فيزياء البلازما: تهتم بدراسة الغازات المؤيَّنة. بدرجة عالية - أي الغازات التي انفصلت إلى جسيمات موجبة أو سالبة الشحنة.
الفيزياء الجزيئية: تدرس تركيب وخصائص وسلوك الجزيئات.
فيزياء الجسيمات أو فيزياء الطاقة العالية: تحلل سلوك وخواص الجسيمات الأولية.
فيزياء الحالة الصلبة: وتسمى أيضًا فيزياء المادة المكثفة أيضًا تتناول الخصائص الفيزيائية للمواد الصلبة.
فيزياء الحرارة المنخفضة: تدرس الحرارة المنخفضة جدًا.
الفيزياء الحيوية: تطبق أدوات ووسائل الفيزياء لدراسة الأحياء والعمليات الحيوية.
الفيزياء الذرية: تدرس تركيب وخصائص وسلوك الذرة.
الفيزياء الرياضية : هي دراسة النظم الرياضية التي تمثل الظواهر الطبيعية.
فيزياء الصحة: تتعلق بحماية الذين يعملون في مجال الإشعاع أو قريبًا من الإشعاع.
فيزياء الكَم: تشمل مجالات عديدة تُبنى فيها الدراسة على النظرية الكمية، التي تعنى بالماء والإشعاع الكهرومغنطيسي وتفاعلاتهما.
فيزياء الموائع: تُعنى بسلوك وحركة السوائل والغازات.
الفيزياء النووية: تُعنى بتركيب وخصائص النواة الذرية وبالتفاعلات النووية وتطبيقاتها.
الميكانيكا: تُعنى بسلوك الأجسام والنظم الفيزيائية عند استجابتها للقوى المختلفة.

المجالات الأساسية

بينما تعمل الفيزياء على تفسير القوانين الطبيعة بوجه عام تفسر كل نظرية منها مجالا محصورا. فمثلا نجد أن قوانين الميكانيكا الكلاسيكية تصف بدقة أنظمة يكون حجمها أكبر من الذرة وتكون السرعات فيها أقل بكثير عن سرعة الضوء. أما خارج تلك الحدود فنجد أن المشاهدة لا تتطابق مع الحسابات.

وساهم ألبرت أينشتاين بصياغته النسبية الخاصة عام 1905 التي تبين عدم وجود مكان مطلقا أو زمن مطلق وربطت بين الاثنين فيما يسمى الزمكان للأنظمة التي تكون السرعات فيها قريبة من سرعة الضوء (300.000 كيلومتر في الثانية). ثم جاءت أعمال ماكس بلانك وإرفين شرودنغر، وفرنر هايزنبرج وأدخلت ميكانيكا الكم، وهي تصف احتمالات تفاعلات الجسيمات تحت الذرية واستطاعت أن تعطي وصفا دقيقا للطبيعة للذرة وطبيعة الجسيمات الأولية.

وبعد ذلك وحدت نظرية الحقل الكمومي بين ميكانيكا الكم ونظرية النسبية الخاصة. وتصف نظرية النسبية العامة (عام 1915) الحركة في زمكان منحني وهي تصف بدقة الأنظمة الكبيرة الكتلة على مستوي النجوم والمجرات في الكون.

ولم ينجح حتى الآن ربط نظرية النسبية العامة مع النظريات الأخرى، ولكن العلماء يعملون على هذا الطريق أي ربط النسبية العامة (وهي نظرية الأنظمة الكبيرة جدا) مع نظرية الكم (وهي النظرية التي تصف الأنظمة الذرية وتحت الذرية) وتوجد حاليا عدة نظريات مقترحة للجاذبية الكمومية ولكن الأمر لم يفصل بعد.

الفيزياء الكلاسيكية

طالع أيضاً: الفيزياء الكلاسيكية

تشمل الفيزياء الكلاسيكية الفروع والمواضيع التقليدية التي تم الاعتراف بها وتطويرها جيدًا قبل بداية القرن العشرين (الميكانيكا الكلاسيكية، الصوتيات، البصريات، الديناميكا الحرارية، والكهرومغناطيسية).

تهتم الميكانيكا الكلاسيكية بدراسة الأجسام التي تعمل بواسطة القوى والأجسام المتحركة في حالتي السكون والحركة. فهي تدرس، على سبيل المثال، كيف تعمل القوة على جسم لتنتج تسارعاً. ويمكن تقسيمها إلى ميكانيكا الأجسام الساكنة أو الإستاتيكا (دراسة القوى على الجسم أو الهيئات التي لا تخضع لتسارع)، الكينماتيكا (دراسة الحركة دون النظر إلى أسبابها)، وميكانيكا الأجسام المتحركة أو الديناميكا (دراسة الحركة والقوى التي تؤثر عليه)؛ يمكن أيضًا تقسيم الميكانيكا إلى ميكانيكا صلبة وميكانيكا الموائع (المعروفة معًا باسم ميكانيكا الاستمرارية)، وتُعنى ميكانيكا الموائع، بسلوك السوائل والغازات، وتشمل فروعًا مثل الهيدروستاتيكا، وهيدروديناميكا الماء، والديناميكا الهوائية، وعلم النيوماتيك. وتُستخدم مبادئ الميكانيكا لوصف أنواع من الحركة، مثل مدارات الكواكب ومسارات أجسام متحركة أخرى. كما أن هذه المبادئ مهمة لمصممي الجسور والمنشآت الأخرى، ولمهندسي الطرق ولصانعي الحاويات والأنواع المختلفة من المركبات.

الصوتيات هي دراسة كيفية إنتاج الصوت والتحكم فيه ونقله واستقباله. تشمل الفروع الحديثة المهمة للصوتيات الموجات فوق الصوتية ودراسة الموجات الصوتية عالية التردد التي تتجاوز نطاق السمع البشري؛ الصوتيات الحيوية، فيزياء المكالمات والسمع الحيوانية، والصوتيات الكهربائية، والتلاعب بالموجات الصوتية المسموعة باستخدام الإلكترونيات. ويتكون الصوت من الاهتزازات التي ينتجها جسم وتنتقل خلال وسط، مثل الهواء أو الماء أو جدران المباني. وفهم الصوت مهم لتصميم القاعات الكبيرة ومعينات السمع ومسجلات الأشرطة وأجهزة الفونوغراف ومكبِّرات الصوت. وتشمل دراسة الصوت كذلك الموجات فوق الصوتية التي تختص بالاهتزازات التي تكون تردداتها أعلى من مدى السمع البشري.

علم البصريات، والذي يختص بدراسة الضوء، لا يتعلق فقط بالضوء المرئي ولكن أيضًا بالأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية، والتي تظهر جميع ظواهر الضوء المرئي باستثناء الرؤية، على سبيل المثال، الانعكاس، الانكسار، التداخل، الحيود، التشتت، واستقطاب الضوء. ولعلم البصريات فرعان كبيران: البصريات الفيزيائية والبصريات الهندسية. يدرس الفيزيائيون في البصريات الفيزيائية طبيعة الضوء والعمليات الفيزيائية التي تتسبب في انطلاقه من الأجسام وانتقاله من مكان إلى آخر. أما البصريات الهندسية فهي دراسة كيفية انتقال الضوء وتأثير المواد المختلفة في اتجاه انتقاله. مثل هذه الدراسة مهمة لفهم تطبيقات مثل العدسات والمرايا التي تستخدم في المناظير الفلكية والمجاهر والنظارات.

الحرارة هي شكل من أشكال الطاقة، الطاقة الداخلية التي تمتلكها الجزيئات التي تتكون منها المادة؛ وتسمى دراسة الحرارة الديناميكا الحرارية، وتتعلق ببحث كيفية إنتاج الحرارة وانتقالها من موقع إلى آخر وتأثيرها على المادة وكيفية تخزينها، بالإضافة إلى العلاقات بين الحرارة وغيرها من أشكال الطاقة. ويمكن تحويل الطاقة الحرارية إلى أنواع أخرى من الطاقة وبالعكس. فعند احتراق الفحم الحجري على سبيل المثال، يتحول جزء من الطاقة الكيميائية التي تربط بين جزيئاته إلى حرارة. وتشمل الديناميكا الحرارية أيضًا علم التقريس الذي يدرس المواد عند درجات منخفضة جدًا من الحرارة. ومبادئ الديناميكا الحرارية ضرورية لفهم كل أنواع الآلات الحرارية، التي تشمل آلات الديزل والبنزين والبخار كما تشمل آلات أجهزة التبريد.

الكهرباء والمغنطيسية تتصلان اتصالاً وثيقًا حتى إن العلماء كثيرًا ما يشيرون إليهما معًا بمصطلح الكهرومغنطيسية. وقد تمت دراسة الكهرباء والمغناطيسية كفرع واحد للفيزياء منذ اكتشاف العلاقة الوطيدة بينهما في أوائل القرن التاسع عشر؛ فحركة الشحنات الكهربائية يمكن أن تُحدث تأثيرات مغنطيسية، والقوى المغنطيسية يمكن أن تُحدث تأثيرات كهربائية. أو بعبارة أخرى ينتج عن التيار الكهربائي مجال مغناطيسي، ويحدث المجال المغناطيسي المتغير تيارًا كهربائيًا. ومعرفة هذه العلاقة أدت إلى تطوير مولدات كهربائية ضخمة وتطوير الأجهزة الإلكترونية مثل المذياع والتلفاز والحاسوب. تتعامل الإلكتروستاتيات مع الشحنات الكهربية أثناء السكون، والديناميكا الكهربائية ذات الشحنات المتحركة، والكهرباء المغناطيسية مع الأقطاب المغناطيسية الباقي.

الميكانيكا الكلاسيكية

طالع أيضاً: الميكانيكا الكلاسيكية،ميكانيكا لاغرانج، وميكانيكا هاملتوني

تصف الميكانيكا الكلاسيكية القوى التي تؤثر على حالة الأجسام المادية وحركتها. وغالبا ما يشار إليها باسم «المِيكانيكا النيُوتُنية» نسبة إلى إسحاق نيوتن وقوانينه في الحركة. تتفرع الميكانيكا الكلاسيكية إلى؛ علم السكون أو «الإستاتيكا» وهو يصف الأجسام ساكنة وشروط توازنها، وعلم الحركة أو «الكينماتيكا» وهو يهتم بوصف حركة الأجسام دون النظر إلى مسبباتها، وعلم التحريك أو «الديناميكا» الذي يدرس حركة الأجسام وماهية القوى المسببة لها. تقوم الميكانيكا الكلاسيكية بشكل أولي على افتراض أن الجسم المادي المراد دراسته يكون صلبًا وفي شكل نقطة (أي أن الأبعاد بين النقاط المكونة للجسم لا تتغير مع الزمن). وتتولى على صعيد آخر، الميكانيكا الاستمرارية وصف المادة المتصلة والمستمرة مثل الأجسام الصلبة والسائلة والغازية، وهي تنقسم بدورها إلى قسمين؛ ميكانيكا المواد الصلبة وميكانيكا الموائع. وتدرس ميكانيكا المواد الصلبة سلوك هذه الأجسام أمام عوامل عديدة مثل الضغط وتغير درجة الحرارة والتذبذب، وغيرها. فيما تدرس ميكانيكا الموائع فيزيائية السوائل والغازات، وهي تتناول مواضيع كثيرة منها توازن السوائل في الهيدروستاتيكا، وتدفقها في الهيدروديناميكا، وحركة الغازات وانتشارها إلى جانب تأثيرها على السطوح والأجسام المتحركة في الديناميكا الهوائية.

أحد المفاهيم الهامة في الميكانيكا الكلاسيكية هي مبادئ حفظ زخم الحركة والطاقة، وقد دفع هذا الأمر إلى إعادة الصياغة الرياضية لقوانين نيوتن للحركة في ميكانيكا لاجرانج وميكانيكا هاملتون باعتماد هذه المبدئ. وتقف الصياغتان الميكانيكية في وصف سلوك الأجسام على نفس المقدار من الدقة، ولكن بطريقة مستقلة عن منظومة القوى المسلطة عليها والتي تكون بعض الأحيان غير عملية في تشكيل معادلات الحركة.

تعطينا الميكانيكا الكلاسيكية نتائج وتنبوات رقمية ذات دقة عالية، تتماشى مع المشاهدة، وذلك بنسبة لأنظمة ذات أبعاد عادية وضمن مجال سرعات تقل بكثير عن سرعة الضوء. أما عندما تكون الأجسام موضع الدراسة جسيمات أولية أو أن سرعتها عالية، تكاد تقارب من سرعة الضوء، فهنا تحل محل الميكانيكا الكلاسيكية تباعا الميكانيكا الكمومية والميكانيكا النسبية. ومع ذلك تجد الميكانيكا الكلاسيكية مجالا لتطبيقها في وصف سلوك أنظمة دقيقة، فعلى سبيل المثال في النظرية الحركية للغازات وضغط الغاز تسري القوانين التي تحكم حركة أجسام ذات حجم العادي على الجزيئات المكونة للغازات وهو ما يُمَكن من استنتاج خصائص عيانية مثل درجة الحرارة والضغط والحجم. وفي أنظمة عالية التعقيد يمكن فيها لتغييرات طفيفة أن تنتج آثارًا كبيرة (مثل الغلاف الجوي أو مسألة الأجسام الثلاثة) تصير قدرة معادلات الميكانيكا الكلاسيكية على التنبئ محدودة. وتختص بدراسة هذه الأنظمة، التي توصف بأنها لاخطية، نظرية الشواش.

أوجدت قوانين الميكانيكا الكلاسيكية نظرة موحدة وشاملة لظواهر طبيعية قد تبدو ظاهريًا غير متصلة، مثل وقوع تفاحة من غصن شجرة أو دوران القمر حول الأرض. فعلى سبيل المثال؛ قوانين كيبلر لحركة الكواكب، أو السرعة التي يجب أن يبلغها صاروخ للتحرر من حقل الجاذبية الأرضية (سرعة الإفلات)، يمكن استنتاجهما رياضيًا من قانون نيوتن العام للجاذبية. وقد ساهمت هذه الفكرة ومفادها أن التوصل لقوانين كليّة يمكنها وصف الظواهر الكونية على اختلافها أمر ممكن، إلى بروز الميكانيكا الكلاسيكية كعنصر هام في الثورة العلمية وذلك خلال القرنين السابع والثامن عشر.

قوانين نيوتن في الحركة

تعد قوانين نيوتن في الحركة أحد أهم قوانين وأساس الميكانيكا الكلاسيكية، وهي عبارة عن ثلاثة قوانين وتربط هذه القوانين القوى المؤثرة على الجسم وحركته. وضعها إسحاق نيوتن ليصف حركة الأجسام والعديد من الظواهر الفيزيائية. يصف قانون نيوتن الأول على أنه إذا كانت القوة المحصلة (المجموع الاتجاهي للقوى المؤثرة على الجسم) تساوي صفر، فإن سرعة الجسم تكون ثابتة. تعتبر السرعة كمية متجهة حيث يتم التعبير عنها مقدارا وهي سرعة الجسم واتجاها وهو اتجاه حركة الجسم. عندما نقول أن سرعة الجسم ثابتة فإننا نعني أن كلا من المقدار والاتجاه ثابتين. ويمكن وصفه رياضيا:

أما قانون نيوتن الثاني فينص على، إذا أثرت قوة على جسم ما فإنها تكسبه تسارعاً، يتناسب طردياً مع قوته وعكسياً مع كتلته. يمكن التعبير عن القانون الثاني باستخدام تسارع الجسم. يتم تطبيق القانون الثاني على الأنظمة ثابتة الكتلة لذا فإن m تكون كمية ثابتة وبالتالي لا تدخل في نطاق عملية التفاضل طبقا لنظرية المعامل الثابت في التفاضل:

حيث F هي القوة المحصلة، m هي كتلة الجسم وa هي تسارع الجسم. القوة المؤثرة على الجسم ينتج عنها تسارع في حركة الجسم ويمكن التعبير عنها أيضا أنه إذا كان الجسم في حالة تسارع فإنه يؤثر عليه قوة.

وأخيرا قانون نيوتن الثالث ينص على أن لكل (قوة) فعل (قوة) رد فعل، مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه. القانون الثالث ينص على أن جميع القوى بين جسمين تكون متساوية في المقدار ومتضادة في الاتجاه: إذا وجد جسم A يؤثر بقوة FA لجسم آخر B يؤثر بقوة FB على الجسم A والقوتين متساويتان في المقدار ومتضادتان في الاتجاه FA = −FB.

الكهرومغناطيسية

طالع أيضاً: كهرومغناطيسية

تدرس الكهرومغناطيسية التأثيرات التي تتم بين الجسيمات المشحونة وبين المجالات الكهربائية والمجالات المغناطيسية. ويمكن تقسيم الكهرومفناطيسية إلى؛ كهرباء ساكنة أو «إلكتروستاتيكا» وهي تدرس الشحنات والمجالات الكهربائية الساكنة، و«إلكتروديناميكا» وهو يصف التفاعل بين الشحنات المتحركة والإشعاع الكهرومغناطيسي. ومع أن المعرفة بالكهرباء والمغناطيسية تطورت منذ القدم بشكل منفصل، فقد توصلت النظرية الكلاسيكية للكهرومغناطيسية، خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، إلى تحديد العلاقة بين الظاهرتين من خلال قانون لورنتز ومعادلات ماكسويل. فقد تمكن ماكسويل من خلال اشتقاقه لأربعة معادلات تفاضلية من وصف الموجات الكهرومغناطيسية وفهم الطبيعة الموجية للضوء.

تهتم الكهرباء الساكنة بدراسة الظواهر المرتبطة بالأجسام المشحونة في حالة السكون، والقوى التي توجهها على بعضها البعض كما يصفها قانون كولوم. ويمكن تحليل سلوك هذه الأجسام من تجاذب أو تنافر من خلال معرفة القطبية والمجال الكهربائي المحيط بها، حيث يكون متناسباً مع مقدار الشحنة والأبعاد التي تفصلها. للكهرباء الساكنة عدة تطبيقات، بدءاً من تحليل الظواهر الكهرومغناطيسية مثل العواصف الرعدية إلى المكثفات التي تستعمل الهندسة الكهربائية.

وعندما تتحرك الأجسام المشحونة كهربيًا في مجال كهرومغناطيسي فإنها تنتج مجالاً مغناطيسياً يحيط بها فتختص الديناميكا الكهربائية بوصف الأثار التي تنتج عن ذلك من مغناطيسية وإشعاع كهرومغناطيسي وحث كهرومغناطيسي. وتنطوي هذه المواضيع ضمن ما يعرف بالديناميكا الكهربائية الكلاسيكية، حيث تشرح معادلات ماكسويل هذه الظواهر بطريقة جيدة وعامة، وتؤدي هذه النظريات إلى تطبيقات مهمة ومنها المولدات الكهربائية والمحركات الكهربائية. وفي العشرينيات من القرن العشرين، ظهرت نظرية الديناميكا الكهربائية الكمومية وهي تتضمن قوانين ميكانيكا الكم، وتصف التفاعل بين الإشعاع الكهرومغناطيسي والمادة عن طريق تبادل الفوتونات. وهناك صياغة نسبية تقدم تصحيحات لحساب حركة الأجسام التي تسير بسرعات تقارب سرعة الضوء، والتي تظهر بشكل مباشر في معجلات الجسيمات والأنابيب الكهربائية التي تحمل فروق جهد وتيارات كهربائية عالية.

تعتبر القوى والظواهر الناجمة عن الكهرومغناطيسية من أكثر الأمور المحسوسة في حياتنا اليومية بعد تلك التي تسببها الجاذبية. فعلى سبيل المثال، الضوء عبارة عن موجة كهرومغناطيسية مرئية تشع من جسيمات مَشحونة ومُعَجلة، وتجد مبادئ الكهرومغناطيسية إلى يومنا هذا العديد من التطبيقات التقنية والطبية، وما الأجهزة الكهربائية مثل الراديو، والمرناة، والهاتف، والقطارات المغناطيسية المعلقة، والألياف البصرية، وأجهزة الليزر إلا بضع أمثلة عن هذه التطبيقات التي صنعت تقدمًا نوعيًا في تاريخ البشرية.

الديناميكا الحرارية والميكانيكا الإحصائية

طالع أيضاً: الديناميكا الحرارية،الميكانيكا الإحصائية، ونظرية حركية للغازات

تختص الديناميكا الحرارية أو «الثرموديناميك» بدراسة انتقال الطاقة وتحولها في النّظم الفيزيائية، والعلاقة بين الحرارة والشغل والضغط والحجم. تقدم الديناميكا الحرارية الكلاسيكية وصفا عيانيا لهذه الظواهر دون الخوض في التفاصيل مجهرية الكامنة ورائها. فيما تخوض الميكانيكا الإحصائية في تحليل السلوك المعقد للمكونات المجهرية (ذرات، جزيئات) وتستنج منها كَمِيًا الخصائص العيانية للنظام وذلك بواسطة طرق إحصائية. وضعت أسس الديناميكا الحرارية خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، وذلك نتيجة للحاجة الملحة في زيادة كفاءة المحركات البخارية.

يتأسس فهم ديناميكية الطاقة والمتغيرات في نظام معين على أربعة مبادئ أساسية تسمى قوانين الديناميكا الحرارية. وتعمل معادلات الحالة على تحديد العلاقة بين نوعين من متغيرات العيانية التي تعرف حالة الأنظمة؛ متغيرات الامتداد مثل الكتلة والحجم والحرارة، ومتغيرات الشدّة مثل الكثافة ودرجة الحرارة والضغط والكمون الكيميائي. ويمكن من خلال قياس هذه المتغيرات التعرف إلى حالة التوازن أو التحول التلقائي في النظام.

ينص القانون الأول للديناميكا الحرارية على مبدئ حفظ الطاقة، وذلك بأن التغير في الطاقة الداخلية لنظام مغلق وساكن، يساوي كمية الطاقة المتبادلة مع الوسط الخارجي على شكل حرارة أو عمل. فيما ينص القانون الثاني على أن الحرارة لا يمكنها المرور بطريقة تلقائية من جسم ذي درجة حرارة منخفضة إلى آخر ذي درجة حرارة مرتفعة بدون الإتيان بشغل. وذلك يعني أنه من غير الممكن الحصول على شغل دون أن تفقد منه كمية على شكل الحرارة. وتوصل لهذين القانونين الفيزيائي الفرنسي سادي كارنو في بداية القرن التاسع عشر. وفي سنة 1865، أدخل الفيزيائي الألماني رودلف کلاوزیوس دالة الاعتلاج، ومن خلالها يصاغ القانون الثاني على أن «التحول التلقائي في نظام معين لا يمكن أن يتحقق بدون أن ترتفع هذه القيمة فيه وفيما حوله». يُعبر الاعتلاج، من وجهة نظر عيانية، على عدم إمكانية تسخير كل الطاقة في نظام ما للقيام بعمل ميكانيكي. وتصفها الميكانيكا الإحصائية على أنها قياس لحالة الفوضى للمكونات المجهرية للنظام من ذرات وجزيئات.

تتكتسي الديناميكا الحرارية أهمية كبرى في العديد من المجالات؛ في الكيمياء والهندسة الكيميائية وعلم الأحياء وإنتاج الطاقة والتبريد. فعلى سبيل المثال، يمكن للديناميكا الحرارية تفسير الأسباب التي تجعل بعض التفاعلات الكيميائية تتم من تلقاء نفسها، فيما لا يمكن ذلك للبعض الآخر.

الفيزياء الحديثة

طالع أيضاً: الفيزياء الحديثة

تهتم الفيزياء الكلاسيكية عمومًا بالمادة والطاقة على النطاق الطبيعي للمراقبة، بينما تهتم الكثير من أفرع الفيزياء الحديثة بسلوك المادة والطاقة في ظل الظروف القاسية أو على نطاق كبير جدًا أو صغير جدًا. على سبيل المثال، دراسات الفيزياء الذرية والنووية تهم على نطاق صغير يمكن من خلاله تحديد العناصر الكيميائية. فيزياء الجسيمات الأولية تكون على نطاق أصغر لأنها تهتم بأبسط وحدات المادة؛ يُعرف هذا الفرع من الفيزياء أيضًا باسم فيزياء الطاقة العالية بسبب الطاقات العالية للغاية اللازمة لإنتاج العديد من أنواع الجزيئات في مسرعات الجسيمات. على هذا المقياس، لم تعد المفاهيم العادية المنطقية للفضاء والوقت والمادة والطاقة صالحة.

الفيزياء الذرية والجزيئية وفيزياء الإلكترون تُعنى بمحاولات فهم التركيب الذري والجزيئي وحركة الإلكترونات وخواصها. وتركزِّ هذه الدراسات بصفة خاصة، على سلوك وترتيب وحركة وطاقة الإلكترونات التي تدور حول النوى الذرية. وقد كشفت البحوث في الفيزياء الذرية والجزيئية وفيزياء الإلكترون عن الكثير فيما يخص تركيب المادة. على سبيل المثال، تأكد للعلماء أن المواد يختلف بعضها عن الآخر في ترتيب الذرات في الجزيئات. وبسبب هذا الاختلاف نجد أن الطريقة التي تمتص بها المادة الطاقة الكهرومغنطيسية وتبثها مختلفة في كل مادة عن الأخرى. ونتيجة لهذا يتمكن العلماء من تمييز المادة بناء على النشاط الكهرومغنطيسي وحده. ولهذه الطريقة في تمييز المواد تطبيقات مهمة في الطب وفي الحالات المعينة التي تنشأ في الصناعة عندما تكون كميات المادة المعنية قليلة جدًا.

الفيزياء النووية تُعنى بدراسة تركيب وخصائص النواة الذرية، وتركز بصفة خاصة على النشاط الإشعاعي والانشطار والاندماج. والنشاط الإشعاعي هو العملية التي بموجبها تطلق بعض النوى تلقائيًا جسيمات عالية الطاقة أو أشعة. وتُستخدم المواد المشعة لعلاج السرطان ولتشخيص الأمراض ولمتابعة العمليات الكيميائية والفيزيائية. والانشطار هو عملية انقسام النواة الذرية إلى جزءين متساويين تقريبًا مع إطلاق قدر هائل من الطاقة. ومن الانشطار تأتي طاقة القنابل الذرية والمفاعلات النووية. أما الاندماج فهو عملية التحام نواتي ذرتين لتكونا نواة عنصر أثقل، ويحدث بالدرجة الأولى في حالة الهيدروجين والعناصر الخفيفة الأخرى. وتنتج عملية الاندماج، التي تطلق طاقة أكبر من طاقة الانشطار، طاقة القنبلة الهيدروجينية.

فيزياء الجسيمات اكتشف الفيزيائيون أن البروتونات والنيوترونات داخل النواة الذرية تتكون من جسيمات أولية أدق. ويُجري فيزيائيو الجسيمات الأبحاث باستخدام أجهزة تسمى معجِّلات الجسيمات. وتستطيع هذه الأجهزة أن تدفع بالجسيمات تحت الذرية إلى سرعات عالية جدًا. وعندما تبلغ سرعات هذه الجسيمات قيمًا قريبة جدًا من سرعة الضوء، يُسْمح لها بالتصادم مع المادة. ويدرس الفيزيائيون الشظايا التي تنتج من التصادمات ويقيسون طاقاتها. وبهذه الكيفية يأملون أن يفهموا كيف تترابط الجسيمات الأولية لتكون البروتونات والنيوترونات والجسيمات تحت الذرية الأخرى.

فيزياء الحالة الصلبة وتسمى أيضًا فيزياء المادة المكثَّفة. يمكن تصنيف المواد الصلبة وفق الكيفية التي تتفاعل بها الإلكترونات والنوى في الذرات المختلفة. ويهتم الفيزيائيون الذين يدرسون المواد الصلبة بتأثر خصائص هذه المواد بعوامل مثل الحرارة والضغط. فبعض المواد الصلبة مثلاً، تفقد كل المقاومة الكهربائية عند الدرجات المنخفضة جدًا، مما يجعلها تتحول إلى موصّلات فائقة. وأبحاث التركيب الإلكتروني للمواد الصلبة ذات أهمية خاصة في فهم سلوك أشباه الموصّلات التي هي أساس الأجهزة الإلكترونية الحديثة.

فيزياء الموائع والبلازما فيزياء الموائع الحديثة مبنية على مبادئ ميكانيكا الموائع التقليدية. ويعتبر فهم سلوك وحركة الموائع أمرًا مهمًا لتصميم وصناعة السيارات والسفن والطائرات والصواريخ، كما هو مهم لدراسة الأحوال الجوية. أما فيزياء البلازما فتُعنى بدراسة الغازات التي تسمى البلازما. فعندما تزيد طاقة الغاز على قدر معين يصبح الغاز مؤيّنًا، أي مكوَّنًا من جسيمات مشحونة كهربائيًا، لانفصال الجسيمات سالبة الشحنة عن الجسيمات موجبة الشحنة. ويسمى هذا الغاز البلازما، ويستخدم في أضواء النيون وفي المصابيح الفلورية. ويدرس الفيزيائيون كيف يمكن التحكم في البلازما من أجل استخدامها لإنتاج طاقة الاندماج لتوليد الكهرباء.

تقدم نظريتان رئيسيتان للفيزياء الحديثة صورة مختلفة عن مفاهيم الفضاء والوقت والمادة عن تلك التي تقدمها الفيزياء الكلاسيكية. تقارب الميكانيكا الكلاسيكية الطبيعة باعتبارها مستمرة، في حين تهتم نظرية الكم بالطبيعة المنفصلة للعديد من الظواهر على المستوى الذري ودون الذري ومع الجوانب التكميلية للجزيئات والأمواج في وصف هذه الظواهر. تهتم نظرية النسبية بوصف الظواهر التي تحدث في إطار مرجعي يتحرك بالنسبة للمراقب؛ تتعلق نظرية النسبية الخاصة بالحركة في غياب حقول الجاذبية ونظرية النسبية العامة بالحركة وعلاقتها بالجاذبية. كلا نظرية الكم ونظرية النسبية تجد تطبيقات في جميع مجالات الفيزياء الحديثة.

النسبية

طالع أيضاً: نظرية النسبية الخاصة ونظرية النسبية العامة

نظرية النسبية هي بنية رياضية أكثر عمومية من تلك التي تأسست عليها الميكانيكا الكلاسيكية، وتصف حركة الأجسام بسرعات تقارب سرعة الضوء، أو أنظمة ذات كُتلٍ هائلة، وتشتمل على شقين هما نظرية النسبية الخاصة ونظرية النسبية العامة.

اقترح نظرية النسبية الخاصة الفيزيائي الألماني ألبرت أينشتاين، سنة 1905، في ورقة بحثية شهيرة بعنوان «حول الديناميكا الكهربائية للأجسام المتحركة» بناء على المساهمات الهامة لهندريك لورنتس وهنري بوانكاريه. ويتطرق هذا المقال إلى أن نظرية النسبية الخاصة تجد حلا لعدم الاتساق بين معادلات ماكسويل والميكانيكا الكلاسيكية. وتقوم النظرية على مسلمتين هما؛ أن القوانين الفيزيائية لا تتغير بتغير الإطار المرجعي العطالي للنظم،(5) وأن سرعة الضوء في الفراغ هي مقدار ثابت وغير متصل بحركة مصدر الضوء أو بالمشاهد. الدمج بين هاتين المسلمتين يقود إلى افتراض علاقة بين أمرين منفصلين في الميكانيكا الكلاسيكية، وهما المكان والزمان ويجمع بينهما في بنية تسمى الزمكان.

إحدى التداعيات الهامة للنسبية الخاصة، والتي تبدو مخالفة للبديهة وإن كانت أثبتتها عدة تجارب، هي انعدام مكان أو زمان مطلق، أي منفصل عن الإطار المرجعي للمشاهد (ومن هنا يأتي مصطلح النسبية). وهذا يعني أن الكتلة والأبعاد والزمن تتغير بتغير سرعة الجسم، وذلك ملائمةً لثبات سرعة الضوء. قد تكون هذه الظواهر غير محسوسة بمجال السرعات في حياتنا اليومية وتبقى بذلك قوانين نيوتن سارية، ولكنها تصير ذات تأثير لا يستهان به عندما ترتفع السرعة وتقارب سرعة الضوء.

ومن أهم النتائج الأخرى مبدئ التكافئ بين المادة والطاقة، وهو أمر تعبر عنه بشكل بليغ أحد أشهر المعادلات الفيزيائية:

E = m c 2

حيث E هي الطاقة، و m هي الكتلة، و c هي سرعة الضوء في الفراغ (2 فوق سرعة الضوء تعني أن الطاقة تتناسب طرديًا مع مربع هذه السرعة). بعبارة أخرى تُنبئنا هذه الصيغة الرياضية أن لكل جسم ذي كتلةٍ طاقةٌ مرتبطة به، والعكس بالعكس.

النسبية العامة هي نظرية ذات طابع هندسي، توصل إليها ألبرت أينشتاين بشكل منفرد ونشرها في 15\1916، وذلك بأنه قام بتوحيد النسبية الخاصة وقانون نيوتن العام للجاذبية. تنص هذه النظرية على أن الجاذبية يمكن وصفها على أنها انحناء في بنية الزمكان تسببه الكتلة أو الطاقة. على الصعيد الرياضي، تتميز النسبية العامة عن غيرها من النظريات الحديثة التي تصف الجاذبية بأنها تستعمل معادلات أينشتاين للمجال لوصف محتوى الزمكان من مادة أو طاقة وأثر ذلك على انحنائه. وتعتمد في ذلك بشكل أساسي على موتر الإجهاد-الطاقة،(6) وهو كائن هندسي يصف عبر مكوناته عدة كميات فيزيائية مثل الكثافة، والتدفق، والطاقة، والزخم، والزمكان. ويمكن القول بطريقة مبسطة، أن موتر الإجهاد-الطاقة هو سبب وجود مجال تثاقلي في زمكان معين وذلك بشكل أعم من ما تفعله الكتلة وحدها في قانون نيوتن الكلاسيكي للجاذبية.

من أول المشاهدات التي أكدت على صحة نظرية النسبية العامة، هو تمكنها من احتساب أوج بدارية كوكب عطارد الشاذة، بدقة فشلت في تحقيقها المكانيكا الكلاسيكية. وفي سنة 1919، قام الفلكي الإنجليزي آرثر ستانلي إيدينجتون بمشاهدة انزياح ضوء النجوم القريبة من قرص الشمس خلال الكسوف، ليأكد تنبؤ النسبية العامة بانحناء الضوء تحت تأثير مجال تثاقلي تحدثه أجسام فائقة الكتلة. وفي وقت لاحق بدأت تتراءى العديد من التداعيات لهذه النظرية في علم الكون والتي أكدت بعضها المشاهدات، ولكنها لا تزال موضع جدال، ومنها تنبؤ حلول معادلات أينشتاين بالانفجار العظيم، وتوسع الكون، وطاقة الفراغ، والثقوب السوداء.

ميكانيكا الكم

طالع أيضاً: ميكانيكا الكم

تتعامل الميكانيكا الكمومية مع نظم ذات أحجام ذرية أو تحت الذرية؛ مثل الجزيئات والذرات والإلكترونات والبروتونات وغيرها من الجسيمات الأولية. وقد أدت بعض الصعوبات التي واجهت الميكانيكا الكلاسيكية في أواخر القرن التاسع عشر، مثل إشكالية إشعاع الجسم الأسود واستقرار الإلكترونات على مداراتها، إلى التفكير بأن جميع أشكال الطاقة تتنقل على شكل حزم متقطعة غير قابلة للتجزئة، وتسمى كُمُومَات أو «كوانتوم». وقد قام بتشكيل هذا المفهوم، الفيزيائي الألماني ماكس بلانك سنة 1900، وقدم من خلاله ألبرت أينشتاين تفسيرًا للتأثير الكهروضوئي والذي يتبين من خلاله بأن الموجات الكهرومغناطيسية تتصرف في بعض الأحيان بطريقة تشبه تصرف الجسيمات.

وضعت مبادئ الميكانيكا الكمومية خلال العشرينات من القرن الماضي، من قبل مجموعة متميزة من الفيزيائيين. في سنة 1924، توصل لويس دي بروليه إلى إدراك أن الأجسام أيضا يمكنها أن تتصرف على أنها موجات، وهو ما يعبر عنه بمثنوية الموجة والجسيم. وقدمت على خلفية ذلك صياغتان رياضيتان مختلفتان وهما؛ الميكانيكا الموجية التي وضعها إرفين شرودنغر وهي تنطوي على استخدام كائن رياضي يسمى دالة الموجة، يصف احتمال وجود جسيم في بقعة ما من الفضاء وميكانيكا المصفوفات التي أنشأها فيرنر هايزنبرغ وماكس بورن، وهي تصف الجسيمات على أنها مصفوفات تتغير مع الزمن. ومع أن هذه الأخيرة لا تشير إلى دالة موجة أو مفاهيم مماثلة، إلا أنها تتوافق مع معادلة شرودنغر ومع الملاحظات التجريبية. وقد شكل مبدأ عدم اليقين الذي صاغه هايزنبرغ في سنة 1927 أحد أهم مبادئ الميكانيكا الكمومية، وهو ينص على محدودية قدرتنا في قياس خاصيتين معينتين لجسيم ما في نفس الوقت وبدرجة عالية من الدّقة. ويضع هذا حدًا لمبدأ الحتمية المطلقة الذي يشير إلى إمكانية التنبؤ بشكل دقيق بحالة نظام انطلاقا من حالته السابقة، حيث أن الظواهر الكمومية لا يمكن تفسيرها إلا بطريقة احتمالية. وقد أدى هذا الأمر إلى جدال علمي كبير دار بين أعظم فيزيائيي القرن العشرين، بما فيهم ألبرت أينشتاين الذي عارض هذا التفسير الاحتمالي بالرغم من إسهاماته الهامة في تأسيس الميكانيكا الكمومية.(7)

معادلة شرودنغر والتي هي عبارة عن معادلة تفاضلية جزئية تصف كيفية تغير الحالة الكمية لنظام فيزيائي مع الزمن، وقد صاغها عالم الفيزياء النمساوي إرفين شرودنغر في أواخر عام 1925 ونشرها عام 1926. تصف هذه المعادلة حالات النظم الكمومية المعتمدة على الزمن.

وفي سنة 1928، قام الفيزيائي البريطاني بول ديراك بوضع الميكانيكا الكمومية بصيغتيها الموجية والخطية (المصفوفات) ضمن صياغة أشمل في إطار نظرية النسبية الخاصة. وقد تنبأت صياغته بوجود الجسيمات المضادة. وتم تأكيد هذا الأمر تجريبيا سنة 1932، باكتشاف مضاد الإلكترون أو البوزيترون.

لاقت للميكانيكا الكمومية نجاحًا كبيرًا في تفسير العديد من الظواهر مثل الليزر وشبه الموصلات، وقد نجمت عنها تطبيقات تقنية مهمة، على غرار الصمام الثنائي والترانزستور، التي تعتبر حجر الأساس في الإكترونيات الحديثة. وفي الكيمياء، يعتمد جزء كبير من فهم ديناميكا وبنية الجزيئات، والطريقة التي تتفاعل بها، وتكوين الروابط الكيميائية على دالة الموجة. كما تعتمد الكيمياء الحاسوبية على النظريات الكمومية في أدائها الرياضاتي، لتحليل ومحاكات نتائج التجارب الكيميائية. أما في علم الأحياء، فقد تمكنت الميكانيكا الكمومية من تفسير الآلية التي يحدث بها تحويل الطاقة خلال التمثيل الضوئي في النباتات وبعض صنوف البكتيريا، وكذلك عملية الإبصار لدى الحيوانات. ويعمل الباحثون في الوقت الحاضر على العديد من التطبيقات الأخرى المستقبلية في المعلوماتية، مثل الترميز الكمومي والحاسوب الكمومي.

العلاقة مع المجالات الأخرى

الحقول الأساسية

توفر الرياضيات لغة مدمجة ودقيقة تستخدم لوصف الترتيب في الطبيعة. لوحظ هذا ودافع عنه فيثاغورس، أفلاطون،(8) غاليليو،(9) ونيوتن.

تستخدم الفيزياء الرياضيات لتنظيم وصياغة النتائج التجريبية. من هذه النتائج، يتم الحصول على حلول دقيقة أو مقدرة، لنتائج كمية يمكن من خلالها التنبؤات الجديدة وتأكيدها أو إنكارها تجريبياً. النتائج من تجارب الفيزياء هي بيانات رقمية، مع وحدات القياس وتقديرات الأخطاء في القياسات. جعلت التقنيات القائمة على الرياضيات، مثل الحوسبة، الفيزياء الحاسوبية مجالًا نشطًا للبحث.

علم الوجود هو شرط أساسي للفيزياء، ولكن ليس للرياضيات. وهذا يعني أن الفيزياء تهتم في النهاية بتوصيفات العالم الواقعي، بينما تهتم الرياضيات بأنماط مجردة، حتى خارج العالم الحقيقي. وهكذا تكون البيانات الفيزيائية تركيبية، بينما تكون البيانات الرياضية تحليلية. تحتوي الرياضيات على فرضيات، بينما تحتوي الفيزياء على نظريات. يجب أن تكون عبارات الرياضيات صحيحة منطقيا فقط، في حين أن تنبؤات بيانات الفيزياء يجب أن تتطابق مع البيانات الملاحظة والتجريبية.

التمييز واضح، لكن ليس دائمًا واضح. على سبيل المثال، الفيزياء الرياضية هي تطبيق الرياضيات في الفيزياء. طرقها رياضية، ولكن موضوعها مادي.(10) تبدأ المشكلات في هذا الحقل ب«نموذج رياضي للحالة المادية» (نظام) و«وصف رياضي لقانون مادي» سيتم تطبيقه على هذا النظام. كل عبارة رياضية تستخدم للحل لها معنى مادي يصعب العثور عليه. الحل الرياضي النهائي له معنى يسهل العثور عليه، لأنه ما يبحث عنه المحلل.

الفيزياء هي فرع من العلوم الأساسية، وليس العلوم التطبيقية. تسمى الفيزياء أيضًا «العلم الأساسي» لأن موضوع دراسة جميع فروع العلوم الطبيعية مثل الكيمياء وعلم الفلك والجيولوجيا والبيولوجيا مقيدة بقوانين الفيزياء، على غرار كيفية تسمية الكيمياء في كثير من الأحيان بالعلم المركزي بسبب دورها في ربط العلوم الفيزيائية. على سبيل المثال، تدرس الكيمياء خواص المادة وهياكلها وردود أفعالها (تركيز الكيمياء على المقياس الذري يميزها عن الفيزياء). تتشكل الهياكل لأن الجزيئات تمارس قوى كهربائية على بعضها البعض، وتشمل الخصائص الفيزيائية لمواد معينة، وتكون التفاعلات ملزمة بقوانين الفيزياء، مثل الحفاظ على الطاقة والكتلة والشحنة.

يتم تطبيق الفيزياء في صناعات مثل الهندسة والطب.

التطبيق والتأثير

تعتبر الفيزياء التطبيقية مصطلحًا عامًا لأبحاث الفيزياء وهو مخصص لاستخدام معين. يحتوي منهج الفيزياء التطبيقية عادةً على عدد قليل من الفصول في تخصص تطبيقي، مثل الجيولوجيا أو الهندسة الكهربائية. عادة ما يختلف عن الهندسة في أن الفيزيائي التطبيقي قد لا يصمم شيئًا خاصًا، بل يستخدم الفيزياء أو إجراء أبحاث الفيزياء بهدف تطوير تكنولوجيات جديدة أو حل مشكلة.

النهج مماثل لنهج الرياضيات التطبيقية. يستخدم علماء الفيزياء التطبيقية الفيزياء في البحث العلمي. على سبيل المثال، قد يسعى الأشخاص الذين يعملون في فيزياء المسرعات إلى بناء أجهزة الكشف عن الجسيمات بشكل أفضل للبحث في الفيزياء النظرية.

تستخدم الفيزياء بكثافة في الهندسة. على سبيل المثال، يتم استخدام علم السكون، وهو حقل فرعي من الميكانيكا، في بناء الجسور والهياكل الثابتة الأخرى. يؤدي فهم الصوتيات واستخدامها إلى التحكم في الصوت وقاعات الحفلات الموسيقية بشكل أفضل؛ وبالمثل، فإن استخدام البصريات يخلق أجهزة بصرية أفضل. إن فهم الفيزياء يجعل أجهزة محاكاة الطيران أكثر واقعية وألعاب الفيديو والأفلام، وغالبًا ما يكون حاسمًا في التحقيقات الجنائية.

مع الإجماع القياسي على أن قوانين الفيزياء عالمية ولا تتغير مع مرور الوقت، يمكن استخدام الفيزياء لدراسة الأشياء التي عادة ما تكون غارقة في عدم اليقين. على سبيل المثال، في دراسة أصل الأرض، يمكن للمرء أن يصور بشكل معقول كتلة الأرض ودرجة الحرارة ومعدل الدوران، كدالة من الزمن تسمح للشخص باستقراء للأمام أو للخلف في الوقت المناسب وبالتالي توقع الأحداث المستقبلية أو السابقة. كما يسمح بإجراء عمليات محاكاة في الهندسة والتي تسرع بشكل كبير من تطوير تقنية جديدة.

ولكن هناك أيضًا العديد من التخصصات المتعددة في أساليب الفيزيائي، حيث تتأثر العديد من المجالات الهامة الأخرى بالفيزياء (على سبيل المثال، مجالات الفيزياء الاقتصادية والفيزياء الاجتماعية).

البحث

الطريقة العلمية

طالع أيضاً: قانون علمي،النظرية العلمية، وقوانين العلم

يستخدم الفيزيائيون المنهج العلمي لاختبار صحة النظرية الفيزيائية. باستخدام المنهجية لمقارنة الآثار المترتبة على نظرية ما مع الاستنتاجات المستخلصة من التجارب والملاحظات ذات الصلة، يكون الفيزيائيون أكثر قدرة على اختبار صحة النظرية بطريقة منطقية وغير متحيزة ومتكررة. تحقيقا لهذه الغاية، يتم إجراء التجارب وإجراء الملاحظات من أجل تحديد صحة أو بطلان النظرية.

القانون العلمي عبارة عن بيان شفهي أو رياضي موجز عن العلاقة التي تعبر عن مبدأ أساسي لبعض النظريات، مثل قانون نيوتن للجذب العام.

النظرية والتجربة

يسعى النظريون إلى تطوير نماذج رياضية تتفق مع التجارب الحالية وتتنبأ بنجاح النتائج التجريبية المستقبلية، في حين أن التجريبيين يبتكرون ويجرون تجارب لاختبار التنبؤات النظرية واستكشاف ظواهر جديدة. على الرغم من تطوير النظرية والتجربة بشكل منفصل، فهي شديدة الاعتماد بعضها على بعض. يحدث التقدم في الفيزياء بشكل متكرر عندما يكتشف علماء التجارب أن النظريات الموجودة لا يمكن تفسيرها، أو عندما تولد نظريات جديدة تنبؤات قابلة للاختبار تجريبيًا، والتي تلهم تجارب جديدة.

يُطلق على الفيزيائيين الذين يعملون عند التفاعل بين النظرية والتجربة، علماء الظواهر، الذين يدرسون الظواهر المعقدة التي لوحظت في التجربة ويعملون على ربطها بنظرية أساسية.

استلهمت الفيزياء النظرية تاريخيا من الفلسفة. تم توحيد الكهرومغناطيسية بهذه الطريقة. وراء الكون المعروف، يتعامل مجال الفيزياء النظرية أيضًا مع قضايا افتراضية، مثل الأكوان المتوازية، الأكوان المتعددة، والأبعاد العليا. يحتج المنظرون بهذه الأفكار على أمل حل مشاكل معينة مع النظريات الموجودة. ثم يستكشفون عواقب هذه الأفكار ويعملون على عمل تنبؤات قابلة للاختبار.

تتوسع الفيزياء التجريبية وتوسعها الهندسة والتكنولوجيا. يقوم الفيزيائيون التجريبيون المشاركون في تصميم البحوث الأساسية وإجراء تجارب على معدات مثل مسرعات الجسيمات وأشعة الليزر، بينما يعمل المشاركون في الأبحاث التطبيقية غالبًا في تقنيات تطوير الصناعة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) والترانزستورات. لاحظ فاينمان أن التجريبيين قد يبحثون عن مناطق لا يستكشفها النظريون جيدًا.(11)

النطاق والأهداف

تغطي الفيزياء مجموعة واسعة من الظواهر، من الجزيئات الأولية (مثل الكواركات والنيوتريونات والإلكترونات) إلى أكبر المجموعات الفائقة من المجرات. المدرجة في هذه الظواهر هي الأشياء الأساسية التي تشكل كل الأشياء الأخرى. لذلك، تسمى الفيزياء أحيانًا «العلم الأساسي». وقد تمت دراسة هذا الأمر أيضًا لأول مرة في القرن السابع عشر وأصبح يسمى الكهرباء. وهكذا، أصبحت الفيزياء لفهم ملاحظتين للطبيعة من حيث بعض الأسباب الجذرية (الكهرباء والمغناطيسية). ومع ذلك، كشف المزيد من العمل في القرن التاسع عشر أن هاتين القوتين كانتا مجرد جانبين مختلفين لقوة واحدة وهي الكهرومغناطيسية. تستمر عملية «توحيد» القوى هذه اليوم، وتعتبر الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة الآن جانبين من جوانب التآثر الكهروضعيف. تأمل الفيزياء في إيجاد سبب نهائي (نظرية كل شيء) لسبب الطبيعة كما هي.

مجالات البحث

يمكن تقسيم البحوث المعاصرة في الفيزياء على نطاق واسع إلى الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات؛ فيزياء المواد المكثفة؛ الفيزياء الذرية والجزيئية والبصرية؛ الفيزياء الفلكية والفيزياء التطبيقية. تدعم بعض أقسام الفيزياء أيضًا أبحاث تعليم الفيزياء والتواصل مع الفيزياء.

منذ القرن العشرين، أصبحت مجالات الفيزياء الفردية متخصصة بشكل متزايد، واليوم يعمل معظم الفيزيائيين في حقل واحد طوال حياتهم المهنية. أصبحت ظاهرة «العالميون» مثل ألبرت أينشتاين (1879-1955) وليف لانداو (1908-1968)، الذين عملوا في مجالات متعددة من الفيزياء، نادرة جدًا الآن.

المجالات الرئيسية للبحوث الفيزيائية، جنبا إلى جنب مع الحقول الفرعية والنظريات والمفاهيم التي توظفها، موضحة في الجدول التالي.

الحقل الحقول الفرعية النظريات الرئيسية المفاهيم المرتبطة
الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات فيزياء نووية، الفيزياء الفلكية النووية، فيزياء الجسيمات، فيزياء الجسيمات الفلكية، ظواهر فيزياء الجسيمات نظرية النموذج العياري، نظرية الحقل الكمومي، كهروديناميكا كمية، ديناميكا لونية كمية، تآثر كهروضعيف، نظرية الحقل الفعال، نظرية المجال الشبكي، نظرية المقياس الشبكي، نظرية المقياس، تناظر فائق، النظرية الموحدة العظمى، نظرية الأوتار الفائقة، نظرية-إم، تماثل AdS/CFT قوة أساسية (جاذبية، كهرومغناطيسية، قوة نووية ضعيفة، تآثر قويجسيم أولي، لف مغزلي، مادة مضادة، كسر التناظر التلقائي، تذبذب النيوترينو، آلية التأرجح، برينات، أوتار، جاذبية كمية، نظرية كل شيء، طاقة الفراغ
الفيزياء الذرية والجزيئية والبصرية فيزياء ذرية، فيزياء جزيئية، الفيزياء الفلكية الذرية والجزيئية، فيزياء كيميائية، بصريات، ضوئيات بصريات الكم، كيمياء الكم، علم المعلومات الكمومية فوتون، ذرة، جزيء، حيود، موجة كهرومغناطيسية، ليزر، استقطاب (موجات)، خط طيفي، تأثير كازيمير
فيزياء المواد المكثفة فيزياء الجوامد، فيزياء الضغط العالي، فيزياء درجات الحرارة المنخفضة، علم السطوح، مقياس نانوي وفيزياء الميزوسكوب، فيزياء البوليمرات نظرية بي سي أس، نظرية بلوخ، نظرية الكثافة الوظيفية، غاز فيرمي، نظرية تعدد الأجسام، نظرية سائل فيرمي، ميكانيكا إحصائية طور (غاز، سائل، حالة صلبةتكاثف بوز-أينشتاين، موصلية كهربائية، فونون، مغناطيسية، تنظيم ذاتي، شبه موصل، موصلية فائقة، ميوعة فائقة، لف مغزلي
الفيزياء الفلكية علم الفلك، علم القياسات الفلكية، علم الكون الفيزيائي، جاذبية، علم فلك الطاقة العالية، علوم كوكبية، فيزياء البلازما، فيزياء شمسية، فيزياء الفضاء، فيزياء فلكية نجمية الانفجار العظيم، تضخم كوني، النسبية العامة، قانون الجذب العام لنيوتن، نموذج لامبدا-سي دي إم، هيدروديناميكا مغناطيسية ثقب أسود، إشعاع خلفي كوني، أوتار كونية، الكون، طاقة مظلمة، مادة مظلمة، مجرة، جاذبية، موجة ثقالية، تفرد جذبوي، كوكب، المجموعة الشمسية، نجم، مستعر أعظم، فضاء كوني
الفيزياء التطبيقية فيزياء المسرعات، علم الصوت، فيزياء زراعية، فيزياء الغلاف الجوي، فيزياء حيوية، فيزياء كيميائية، فيزياء اقتصادية، فيزياء هندسية، جريان الموائع، فيزياء الأرض، علوم الليزر، علم المواد، فيزياء طبية، تقنية النانو، بصريات، كهرضوئيات، ضوئيات، اللوح الضوئي، كيمياء فيزيائية، علم المحيطات الفيزيائي، فيزياء البلازما، فيزياء الجوامد، كيمياء الكم، بصريات الكم، علم المعلومات الكمومية، تحريك العربات

الفيزياء النووية وفيزياء الجسيمات

طالع أيضاً: فيزياء نووية وفيزياء الجسيمات

فيزياء الجسيمات هي دراسة المكونات الأولية للمادة والطاقة والتفاعلات بينهما. بالإضافة إلى ذلك، يقوم فيزيائي الجسيمات بتصميم وتطوير مسرعات الطاقة العالية، والكاشفات، وبرامج الحاسوب اللازمة لهذا البحث. يُسمى الحقل أيضًا «فيزياء الطاقة العالية» لأن العديد من الجزيئات الأولية لا تحدث بشكل طبيعي ولكن يتم إنشاؤها فقط خلال تصادمات الطاقة العالية لجزيئات أخرى.

حاليا، يتم وصف تفاعلات الجسيمات الأولية والحقول بواسطة النموذج القياسي. يفسر النموذج الجزيئات الإثني عشر المعروفة للمادة (الكواركات واللبتونات) التي تتفاعل عبر القوى الأساسية القوية والضعيفة والكهرومغناطيسية. يتنبأ النموذج القياسي أيضًا بوجود جسيم يعرف باسم بوزون هيجز. في يوليو 2012، أعلنت سيرن، المختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات، عن اكتشاف جسيم متوافق مع بوزون هيجز، وهو جزء لا يتجزأ من آلية هيجز.

الفيزياء النووية هي مجال الفيزياء الذي يدرس مكونات وتفاعلات النواة الذرية. التطبيقات الأكثر شيوعًا للفيزياء النووية هي توليد الطاقة النووية وتكنولوجيا الأسلحة النووية، لكن البحث قدم تطبيقًا في العديد من المجالات، بما في ذلك تلك المتعلقة بالطب النووي وتصوير الرنين المغنطيسي وزرع الأيونات في هندسة المواد والتاريخ بالكربون المشع في الجيولوجيا وعلم الآثار.

الفيزياء الذرية والجزيئية والبصرية

طالع أيضاً: فيزياء ذرية وجزيئية وبصرية

الفيزياء الذرية والجزيئية والبصرية (AMO) هي دراسة تفاعلات المادة والمادة الضوئية على مقياس الذرات والجزيئات المفردة. يتم تجميع المناطق الثلاثة معًا نظرًا لعلاقاتها المتبادلة، وتشابه الطرق المستخدمة، وترابط مقاييس الطاقة ذات الصلة. جميع المجالات الثلاثة تشمل كلا من العلاجات الكلاسيكية وشبه الكلاسيكية والكمية؛ يمكنهم علاج موضوعهم من وجهة نظر مجهرية (على عكس وجهة نظر مجهرية).

تدرس الفيزياء الذرية الأصداف الإلكترونية للذرات. يركز البحث الحالي على أنشطة التحكم في الكم، والتبريد، ومحاصرة الذرات والأيونات، وديناميات التصادم منخفضة الحرارة وتأثير الارتباط الإلكتروني على الهيكل والديناميات. تتأثر الفيزياء الذرية بالنواة، لكن الظواهر داخل النووية مثل الانشطار والانصهار تعتبر جزءًا من الفيزياء النووية.

تركز الفيزياء الجزيئية على الهياكل متعددة الذرات وتفاعلاتها الداخلية والخارجية مع المادة والضوء. تختلف الفيزياء الضوئية عن البصريات من حيث أنها تميل إلى التركيز ليس على التحكم في حقول الضوء الكلاسيكية بواسطة الأجسام المجهرية ولكن على الخصائص الأساسية للمجالات البصرية وتفاعلاتها مع المادة في المجال المجهري.

فيزياء المواد المكثفة

طالع أيضاً: فيزياء المواد المكثفة

فيزياء المواد المكثفة هي مجال الفيزياء الذي يتعامل مع الخواص الفيزيائية العيانية للمادة. على وجه الخصوص، تهتم بالمراحل «المكثفة» التي تظهر كلما كان عدد الجسيمات في النظام كبيرًا للغاية والتفاعلات قوية بينها.

الأمثلة الأكثر شيوعًا للمراحل المكثفة هي المواد الصلبة والسوائل، والتي تنشأ عن الترابط عن طريق القوة الكهرومغناطيسية بين الذرات. تشمل المراحل الأكثر تكثيفًا الغريبة الميوعة فائقة ومكثفات بوز-أينشتاين الموجودة في بعض الأنظمة الذرية عند درجة حرارة منخفضة جدًا، ومرحلة التوصيل الفائق التي تظهرها إلكترونات التوصيل في بعض المواد، والمراحل المغناطيسية والمضادة للحرارة المغناطيسية في الدورات الشبكية الذرية.

فيزياء المواد المكثفة هي أكبر مجال للفيزياء المعاصرة. تاريخيا، نشأت فيزياء المواد المكثفة من فيزياء الحالة الصلبة، والتي تعتبر الآن واحدة من الحقول الفرعية الرئيسية. من الواضح أن مصطلح فيزياء المواد المكثفة صاغه فيليب أندرسون عندما أعاد تسمية مجموعته البحثية -نظرية الحالة الصلبة سابقًا- في عام 1967. في عام 1978، تم تغيير اسم قسم فيزياء الحالة الصلبة في الجمعية الفيزيائية الأمريكية إلى قسم فيزياء المواد المكثفة.

تم تأكيد الانفجار العظيم من خلال نجاح تخليق الانفجار العظيم النووي واكتشاف إشعاع الخلفية الكونية الميكروي في عام 1964. يعتمد نموذج الانفجار العظيم على ركيزتين نظريتين: النسبية العامة لألبرت أينشتاين والمبدأ الكوني. أنشأ علماء الكونيات مؤخرًا نموذج لامبدا-سي دي إم لتطور الكون، والذي يشمل التضخم الكوني والطاقة المظلمة والمادة المظلمة.

من المتوقع ظهور العديد من الاحتمالات والاكتشافات من بيانات جديدة من مرصد فيرمي الفضائي لأشعة غاما على مدى العقد المقبل وتنقيح أو توضيح النماذج الحالية للكون بشكل كبير. على وجه الخصوص، إمكانية اكتشاف هائل حول المادة المظلمة ممكنة على مدى السنوات القليلة القادمة. سوف يبحث فيرمي عن دليل على أن المادة المظلمة تتألف من جسيمات التفاعل الضعيف الضخمة، لتكمل تجارب مماثلة مع مصادم الهدرونات الكبير وكاشفات أخرى تحت الأرض.

الفيزياء التطبيقية

طالع أيضاً: فيزياء تطبيقية

الفيزياء التطبيقية هي تطبيق النظريات الفيزيائية على حل المشكلات. وتعني استخدام المعرفة النظرية لخصائص الأجسام المادية بقصد تحقيق هدف تقني أو عملي معين. وعادة ما يعتبر أيضًا جسرًا أو صلة بين الفيزياء والهندسة.

تتميز كلمة «التطبيقية» عن «البحتة» بمجموعة دقيقة من العوامل، مثل دوافع الباحثين وموقفهم وطبيعة العلاقة بالتكنولوجيا أو العلم التي قد تتأثر بالعمل. الفيزياء التطبيقية متجذرة في الحقائق الأساسية والمفاهيم الأساسية للعلوم الفيزيائية، ولكنها تهتم باستخدام المبادئ العلمية في الأجهزة والأنظمة العملية، وفي تطبيق الفيزياء في مجالات العلوم الأخرى.

الفيزياء الطبية
طالع أيضاً: فيزياء طبية

الفيزياء الطبية (وتسمى أيضًا الفيزياء الطبية الحيوية، الفيزياء الحيوية الطبية، الفيزياء التطبيقية في الطب، تطبيقات الفيزياء في العلوم الطبية، الفيزياء الإشعاعية أو الفيزياء الراديوية بالمستشفيات) هي بشكل عام تطبيق مفاهيم الفيزياء والنظريات وأساليب الطب أو الرعاية الصحية. يمكن العثور على أقسام الفيزياء الطبية في المستشفيات أو الجامعات.

في حالة العمل في المستشفى، فإن المصطلح «فيزيائي طبي» هو عنوان مهنة رعاية صحية محددة، وعادة ما يعمل داخل المستشفى. غالبًا ما يوجد علماء الفيزياء الطبية في تخصصات الرعاية الصحية التالية: الأشعة التشخيصية والتداخلية (المعروفة أيضًا باسم التصوير الطبي) والطب النووي والوقاية من الإشعاع وعلاج الأورام بالإشعاع.

أقسام التخصص في الجامعة هي من نوعين. النوع الأول يهتم بشكل أساسي بإعداد الطلاب لمهنة كفيزيائي طبي في المستشفى ويركز البحث على تحسين ممارسة المهنة. أما النوع الثاني (يسمى بشكل متزايد «فيزياء الطب الحيوي») فيحتوي على نطاق أوسع بكثير وقد يشمل البحث في أي تطبيقات للفيزياء على الطب من دراسة التركيب الجزيئي الحيوي إلى الفحص المجهري والطب النانوي. على سبيل المثال، نظري الفيزياء ريتشارد فاينمان تحدث حول مستقبل الطب النانوي. كتب عن فكرة الاستخدام الطبي للآلات البيولوجية. اقترح فاينمان وألبرت هيبس أن بعض آلات الإصلاح قد يتم تخفيض حجمها في يوم من الأيام إلى الحد الذي يصبح من الممكن (كما قال فاينمان) «أن يكون بحجم نانوي». نوقشت الفكرة في مقالة فينمان لعام 1959 «هناك مساحة كافية في الأسفل».

تكنولوجيا النانو
طالع أيضاً: تقنية النانو

تقنية الجزيئات متناهية الصغر أو تقنية الصغائر أو تقنية النانو هي العلم الذي يهتم بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي. تهتم تقنية النانو بابتكار تقنيات ووسائل جديدة تقاس أبعادها بالنانومتر وهو جزء من الألف من الميكرومتر أي جزء من المليون من الميليمتر. عادة تتعامل تقنية النانو مع قياسات بين 1 إلى 100 نانومتر أي تتعامل مع تجمعات ذرية تتراوح بين خمس ذرات إلى ألف ذرة. وهي أبعاد أقل كثيرا من أبعاد البكتيريا والخلية الحية. حتى الآن لا تختص هذه التقنية بعلم الأحياء بل تهتم بخواص المواد، وتتنوع مجالاتها بشكل واسع من أشباه الموصلات إلى طرق حديثة تماما معتمدة على التجميع الذاتي الجزيئي. هذا التحديد بالقياس يقابله اتساع في طبيعة المواد المستخدمة، فتقنية النانو تتعامل مع أي ظواهر أو بنايات على مستوى النانو الصغير. مثل هذه الظواهر النانوية يمكن أن تتضمن التقييد الكمي التي تؤدي إلى ظواهر كهرومغناطيسية وبصرية جديدة للمادة التي يبلغ حجمها بين حجم الجزيء وحجم المادة الصلبة المرئي. تتضمن الظواهر النانوية أيضا تأثير غيبس طومسون وهو انخفاض درجة انصهار مادة ما عندما يصبح قياسها نانويا، أما عن بنايات النانو فأهمها أنابيب النانو الكربونية.

البحوث الحالية

في فيزياء المواد المكثفة، تتمثل المشكلة النظرية المهمة التي لم تُحل في مشكلة الموصلية الفائقة عالية الحرارة. تهدف العديد من تجارب المواد المكثفة إلى تصنيع الإلكترونيات الدورانية القابلة للتطبيق وأجهزة الحاسوب الكمومية.

في فيزياء الجسيمات، بدأت تظهر الأجزاء الأولى من الأدلة التجريبية للفيزياء خارج النموذج القياسي. وفي مقدمة هذه الدلائل تشير إلى أن النيوترونات لها كتلة غير صفرية. يبدو أن هذه النتائج التجريبية قد حلت مشكلة نيوترينو الشمس التي طال أمدها، ولا تزال فيزياء النيوتريونات الضخمة مجالًا للبحث النظري والتجريبي النشط. عثر مصادم الهدرونات الكبير على بوزون هيغز، لكن الأبحاث المستقبلية تهدف إلى إثبات أو دحض التناظر الفائق، الذي يوسع النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. البحث عن طبيعة الألغاز الرئيسية للمادة المظلمة والطاقة المظلمة مستمر أيضًا في الوقت الحالي.

المحاولات النظرية لتوحيد ميكانيكا الكم والنسبية العامة في نظرية واحدة لجاذبية الكم، وهو برنامج مستمر منذ أكثر من نصف قرن، لم يتم حله بعد بشكل حاسم. المرشحين الرئيسيين الحاليين للحل هم نظرية إم، نظرية الأوتار الفائقة والثقالة الكمومية الحلقية.

لم يتم بعد تفسير العديد من الظواهر الفلكية والكونية بشكل مرض، بما في ذلك أصل الأشعة الكونية ذات الطاقة الفائقة، وعدم تناسق الباريون، وتسارع توسع الكون ومعدلات الدوران الشاذة للمجرات.

على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في الفيزياء عالية الطاقة والكم والفيزياء الفلكية، إلا أن العديد من الظواهر اليومية التي تنطوي على التعقيد أو الفوضى أو الاضطراب لا تزال غير مفهومة جيدًا. المشاكل المعقدة التي تبدو وكأنها يمكن حلها عن طريق تطبيق ذكي للديناميات والميكانيكا تبقى دون حل؛ ومن الأمثلة على ذلك تشكيل الكتل الرملية والعقد في المياه المتدفقة وشكل قطرات الماء وآليات كوارث التوتر السطحي والفرز الذاتي في مجموعات متجانسة غير متجانسة.

حظيت هذه الظواهر المعقدة باهتمام متزايد منذ سبعينيات القرن الماضي لعدة أسباب، بما في ذلك توافر الأساليب الرياضية الحديثة وأجهزة الحاسوب، والتي مكنت من صياغة النظم المعقدة بطرق جديدة. أصبحت الفيزياء المعقدة جزءًا من الأبحاث متعددة التخصصات على نحو متزايد، كما يتضح من دراسة الاضطراب في الديناميكا الهوائية ومراقبة تكوين الأنماط في النظم البيولوجية. في المراجعة السنوية لعام 1932 لميكانيكا الموائع، قال هوراس لامب:

«أنا رجل عجوز الآن، وعندما أموت وأذهب إلى الجنة، هناك أمران آمل في التنوير عنهما؛ الأول هو الديناميكا الكهربائية الكمية، والآخر هو الجريان المضطرب للسوائل، وحول ما سبق أنا متفائل إلى حد ما.»

انظر أيضًا

هوامش

1. «العلوم الفيزيائية هي قسم المعرفة الذي يرتبط بمفاهيم الطبيعة، أو بمعنى آخر، التسلسل المنتظم للأحداث.»

2. «إذا حدثت بعض الكوارث، واختفت كل المعرفة العلمية باستثناء جملة واحدة ما هو هذا البيان الذي يحتوي على معظم المعلومات في أقل عدد من الكلمات؟ أعتقد أن ذلك البيان سيكون... أن كل الأشياء تتكون من ذرات؛ جسيمات صغيرة تتحرك في حركة دائمة، وتجذب بعضها البعض عندما تكون على مسافة قصيرة، ولكنها تتنافر عند الضغط على بعضها البعض...»

3. مقولة مجازية تنسب للفيلسوف الفرنسي ديكارت: «أعطني المادة والحركة، وسأبني لك الكون.»

4. "من أجل فهم أفضل لمدى توضيح مظاهر أرسطو الحاسمة، في رأيي، قد ننكر كل من افتراضاته. وأولًا، أشك بشدة في أن أرسطو قد اختبر من خلال التجربة ما إذا كان صحيحًا أن حجرين، أحدهما يزن عشرة أضعاف وزن الآخر، إذا سمح له بالسقوط، في نفس الوقت، من ارتفاع، على سبيل المثال، 100 ذراعا، سوف تختلف في السرعة بحيث عندما يصل الأثقل إلى الأرض، لن يكون الآخر سقط أكثر من 10 ذراعا.

  • يبدو أن لغته تشير إلى أنه قد جرب التجربة، لأنه يقول: إننا نرى الأثقل؛ الآن تظهر الكلمة انظر أنه قام بالتجربة.
  • لكنني، أؤكد لكم أن كرة مدفع تزن مائة أو مائتي رطل، أو حتى أكثر، لن تصل إلى الأرض بقدر امتدادها قبل كرة مسك تزن نصف رطل فقط، شريطة أن يتم إسقاط كليهما من ارتفاع 200 ذراعا."

5. هذه المسلمة في الحقيقة تعميم لنظرية نسبية غاليليو غاليلي، فعلى سبيل المثال شخص يركب عربة معزولة عن العالم الخارجي بإحكام، ومتحركة بسرعة ثابتة، لا يمكنه إجراء أي تجربة تمكنه من معرفة سرعته المطلقة، وإلا فإن العربة تصبح إطارا مرجعيا مطلقا وهو أمر غير ممكن حسب هذه المسلمة.

6. Stress–energy tensor.

7. «لكل من الأطوال الموجية الكبيرة والصغيرة، كل من المادة والإشعاع لهما جوانب جسيمية وموجية... لكن الجوانب الموجية تصبح حركتها أكثر صعوبة حيث تصبح أطوالها الموجية أقصر.... بالنسبة للجسيمات العيانية العادية تكون الكتلة كبيرة بحيث يكون الزخم دائمًا كبيرًا بما يكفي لجعل الطول الموجي لموجة مادية صغيرًا بما يكفي ليكون خارج نطاق الاكتشاف التجريبي، وتسود الميكانيكا الكلاسيكية.»

8. «على الرغم من أنه عادة ما يتم تذكره اليوم كفيلسوف، إلا أن أفلاطون كان أيضًا أحد أهم رعاة الرياضيات في اليونان القديمة. مستوحاة من فيثاغورس، أسس أكاديميته في أثينا في عام 387 قبل الميلاد، حيث شدد على الرياضيات كوسيلة لفهم المزيد عن الواقع. على وجه الخصوص، كان مقتنعا بأن الهندسة هي مفتاح فتح أسرار الكون. تقول اللافتة الموجودة أعلى مدخل الأكاديمية:» فقط من يفهم الهندسة، يدخل هنا"."

9. «الفلسفة مكتوبة في هذا الكتاب العظيم الذي يكمن أمام أعيننا. أعني الكون، لكننا لا نستطيع أن نفهمه إذا لم نتعلم اللغة أولاً وفهمنا الرموز المكتوبة. هذا الكتاب مكتوب باللغة الرياضية، والرموز هي مثلثات ودوائر وشخصيات هندسية أخرى، وبدون مساعدتها يكون من المستحيل إنسانيًا فهم كلمة واحدة منها، وبدونها يتجول المرء دون جدوى عبر متاهة مظلمة.»– غاليليو غاليلي (1623).

10. «الفيزياء الرياضية: أي تطبيق الرياضيات على مشاكل الفيزياء وتطوير طرق رياضية مناسبة لمثل هذه التطبيقات ولصياغة النظريات الفيزيائية.»

11. «في الواقع، يتمتع التجريبيون بشخصية فردية معينة. وهم كثيرًا ما يجرون تجاربهم في منطقة يعلم الناس فيها أن النظريون لم يضعوا فيها أي تخمينات.»