يسوع
يسوع ישוע ܝܫܘܥ | |
---|---|
المسيح، الناصري، الابن، الكلمة، الحمل. (في المسيحية) سيدنا المسيح عليه السلام، سيدنا عيسى عليه السلام، عيسى المسيح، عيسى بن مريم (في الإسلام) | |
الولادة | مابين 2 و 8 قبل الميلاد.[١] بيت لحم، مقاطعة اليهودية، الإمبراطورية الرومانية (تقليديّا)؛[٢] الناصرة، الجليل (تاريخيّا).[٣] |
الوفاة | 29 - 30 بعد الميلاد.[٤][٥] جلجثة، مقاطعة يهودا، الإمبراطورية الرومانية (وفقًا للعهد الجديد، فقد قام في اليوم الثالث من الموت، ووفقًا للمعتقدات الإسلامية فقد رفعه الله إلى السماء ولم يمت). |
مبجل(ة) في | كإله: الكنيسة الكاثوليكية. الكنائس الأرثوذكسية الشرقية. الكنائس الأرثوذكسية المشرقية. الكنيسة اللوثرية. الكنيسة الأنجليكانية. الطوائف البروتستانتية. كنبي: الإسلام، البهائية. |
البعث | مُقّدر منذ الأزل (في الإسلام) |
المقام الرئيسي | القبر المقدس في كنيسة القيامة. |
تاريخ الذكرى | عيد الميلاد، جمعة الآلام، عيد القيامة. |
النسب | مريم العذراء (والدته).[٦] يوسف النجار (والده حسب الشريعة اليهودية؛ صفيّه حسب المعتقدات المسيحية).[٧] |
يسوع (بالعبرية: יֵשׁוּעַ؛ بالسريانية: ܝܫܘܥ) هو موجد المسيحية والشخصية المحورية فيها،[٨] ويدعى أيضًا يسوع المسيح حيث تشير كلمة المسيح إلى المخلص المنتظر في الديانة اليهودية والذي تنبأ عنه العهد القديم، وترى المسيحية بأن هذا المسيح المنتظر هو يسوع،[٩] ويُعرف أيضًا بيسوع الناصري نسبة إلى مدينة الناصرة التي عاش فيها معظم أيام حياته، ودعي بهذا الاسم في العهد الجديد.[أعمال 38/10]
المسيح حسب الكتاب المقدس وحسب إيمان المذاهب المسيحية الأساسية: الأرثوذكسية والكاثوليكية والغالبية الكبرى من البروتستانتية، هو ابن الله،[١٠] وهو الرب،[١١] وهو واحد مع الله الآب،[١٢] وهو الله نفسه الذي ظهر في الجسد،[١٣] وهذا ما يُعرف بعقيدة الثالوث الأقدس. بحسب قانون الايمان الذي صاغه آباء الكنيسة في مجمع نيقية عام 325م فإن المسيح هو الله المتجسد والمساوي للآب في الجوهر:[١٤] إله من إله.. نور من نور.. إله حق من إله حق.. وهو الإقنوم الثاني في الثالوث الأقدس (الإله الواحد في ثلاث أقانيم متساوية ومتحدة في الجوهر).
وفقاً للعقيدة المسيحية فأن: يسوع المسيح ولد في بيت لحم كما توجب أن يولد بحسب ما تنبأ عنه النبي ميخا. تذكر الاناجيل الأربعة: متى، مرقس، لوقا، ويوحنا شهادات حية مما رأوه وتعلموه وكانوا شهودا له لما عمل من أعمال. كانت ولادته معجزية من غير أب، إذ حل الروح القدس على مريم العذراء، فحبلت به، ثم ولدته في بيت لحم، كما جاء في الكتاب المقدس.
يؤمن المسيحيون أنه صُلب ومات من أجل دفع ثمن خطايا جميع البشر، كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. ثم أقيم من قبره في اليوم الثالث، قاهرا الموت بالموت، كما تنبأ عنه في العهد القديم. ثم ظهر لتلاميذه وبقي معهم أربعين يوماً ومن ثم صعد إلى السماء، وجلس عن يمين الآب وسوف يأتي في اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات وملكه لن يكون له انقضاء.
التسمية ومعنى الاسم
يسوع اسم من اللغة الآرامية إلى اللغة العبرية وينطق "يشوع"، وهو اسم مركب من كلمتين "يهوه شوع" ومعناه الحرفي "الله يخلص".[١٥][١٦] وقد كان هذا الاسم منتشرًا بين أسباط بني إسرائيل إذ تسمى به عدد من الشخصيات الهامة في العهد القديم أبرزها يشوع بن نون الذي خلف موسى في قيادة الأسباط. عمد المسيحيون العرب إلى أخذ الاسم العبري من أصله بعد قلب حرف الشين إلى السين وهو الأمر المتآلف بين اللغتين العبرية والسريانية والعربية، في حين أن الاسم في اللغة اليونانية وهي لغة ثقافة ذلك العصر، ظهر مترجمًا إليها ومنطوقًا وفق قواعدها (Ἰησου، نقحرة: إيسو أو إيسوس)، وقد اشتقت اللغات الأوروبية أجمعها الترجمة اليونانية للكلمة مع بعض التعديلات حيث يلفظ حرف I في بعض اللغات كلفظ حرف J، فظهرت العبارة بالإنجليزية: Jesus، (نقحرة: جيسيس). يذهب البعض إلى أن استخدام العرب والقرآن للفظة عيسى بدلاً من لفظة يشوع أو يسوع في لغتها الأصلية لذكر اسم المسيح جاءت كتعريب لاسمه اليوناني إيسوس.[١٧]
مصادر البحث
- طالع أيضاً: العهد الجديد
أقدم إشارة واضحة إلى يسوع في المؤلفات غير المسيحية تعود لحوالي عام 93 للمؤرخ اليهودي يوسيفوس، يصفه خلالها بأنه رجل من رجال الدين يأتي بأعمال عجيبة ويعظ الناس وقد اتبعه عدد كبير من اليهود والوثنيين.[١٨] غير أن، عددًا من الباحثين شككوا في صحة نسبة النص للمؤرخ العبري. الإِشارة الثانية تعود للمؤرخ ثاليس الذي عاش في النصف الثاني من القرن الأول ويفسر خلال ما بقي حتى اليوم منها، الظلمة العجيبة لدى موت المسيح ناسبًا إياها لظواهر طبيعية،[١٩] كذلك فقد أشار الوالي الروماني بلني الأصغر في رسالة وجهها حوالي عام 110 إلى الإمبراطور تراجان إلى المسيح بشكل غير مباشر.[٢٠] سوى ذلك فإن مكتشفات المدافن السردابية الواقعة ضمن روما تحوي بضع أيقونات وكتابات تشير إليه،[٢١] لذلك فعلى الرغم من ميل بعض الباحثين أمثال جولنبرك وفيلني وديفيد ستراوس خلال القرن التاسع عشر للاعتقاد بعدم تاريخية وجود يسوع، فإن الباحثين وبدءًا من القرن العشرين عمدوا إلى إثبات وجوده التاريخي.[٢٢]
المصادر الوثنية التي تشير إلى يسوع لا تشير، باستثناء شهادة المؤرخ يوسيفوس الموجزة، عن أعماله وتعاليمه، أما أقدم المصادر المسيحية فهي الرسالة التي كتبها القديس بولس إلى أهل تسالونيكي حوالي عام 49 أو 50.[٢٣] خلال الفترة السابقة للوثائق المكتوبة يشير اللاهوتيون والباحثون اعتمادًا على عدد من آيات العهد الجديد عن وجود فترة يطلق عليها اسم "التقليد الشفهي" سابقة للتدوين الكتابي بالشكل المتعارف عليه اليوم، من هذه الآيات لوقا 2/1 ورسالة يوحنا الأولى 3/1، إلى جانب عدد من الأدلة الضمنية الأخرى. وتشير الأدبيات المسيحية القديمة أن الجماعات المسيحية الأولى قد أطلقت على هذا التقليد الشفهي اسم "كلام الرب" وكانت تتناقله على ألسنة الحفاظ زمانًا طويلاً قبل أن تبدأ عملية تدوين الأناجيل إثر تكاثر الاضطهادات ووفاة الرسل الأوائل، وأقدم الأناجيل هو إنجيل مرقس الذي كتب حوالي عام 65 إلى 70 خلال لاضطهاد الكبير الذي قاده نيرون وفق رأي اللاهوتيين اليسوعيين وباحثو حركة النقد الأعلى للكتاب المقدس،[٢٤] في حين يعود تاريخ تدوين إنجيلي متى ولوقا إلى ما بعد دمار الهيكل أي بين عامي 70 - 80.[٢٥] وآخر من دون من الأناجيل القانونية هو إنجيل يوحنا حوالي عام 90. وقبل تدوين الأناجيل كوثائق مكتوبة كانت رسائل بولس الرسول بأجمعها قد دونت.[٢٦] أي أنها سابقة للأناجيل تاريخيًا، وإن كان الباحثون يفترضون وجود وثائق مكتوبة لبعض أقول يسوع أو تفاصيل حياته كروايتي الموت والقيامة. وخلال الفترة الأولى لوجود الوثائق المكتوبة حظيت الرسائل بمكانة بارزة نظرًا ما تمتع به بولس الرسول من شهرة، غير أن التقليد الشفهي ظل قويًا أمام الأناجيل كوثائق مكتوبة تروي حياة يسوع، وأقدم إشارة إلى للأناجيل متوافرة اليوم هي إشارة الشهيد يستينس أواخر القرن الأول حيث يذكر أن المسيحيين يقرؤون في اجتماعات يوم الأحد مؤلفات تروي حياة يسوع وأنهم يعدونها مؤلفات للرسل أو أقله لأشخاص يمتون للرسل بصلة وثيقة.[٢٧]
يحدد المختصون حوالي عام 150 موعدًا لبداية وضع قانون العهد الجديد، وضم مؤلفاته في بوتقة واحدة. السبب الرئيس في ذلك يعود لتكاثر المؤلفات التي تتحدث عن يسوع وحياته وجلّها يعود لفترة متأخرة في التأليف ومنقولة عن تقاليد شعبية أو متأثرة ببعض المذاهب المسيحية التي رفضت من قبل الكنيسة الأولى وأشهرها الغنوصية،[٢٨] عمومًا فإن المعيار الذي اتبع في التفريق بين الكتب الرسمية عن الكتب الغير رسمية هي صحة نسبتها إلى الرسل، ويسود الاعتقاد لدى أغلب الباحثين أن الأناجيل الأربعة إلى جانب رسائل بولس نالت مقام "الأدب القانوني" قرابة عام 170، وقد ساهمت حركة مرقيان الذي أنكر سلطة العهد القديم على المسيحيين، في تسريع هذه العملية بشكل كبير.[٢٩] في حين أن المؤلفات الأخرى كرسائل الكاثوليكون فقد انضمت بشكل تدريجي في وقت لاحق بعد جدل واسع حول صحة نسبتها للرسل، ولاقى سفر رؤيا يوحنا والرسالة إلى العبرانيين أشد تلك المجادلات،[٣٠] ولم يكتمل قانون العهد الجديد بالشكل المتعارف عليه اليوم قبل بداية القرن الثالث، ولم يطلق عليه هذا الاسم قبل أواخر القرن الثاني تماشيًا مع ما ذهب إليه بولس في الرسالة الثانية إلى كورنثس 14/3.[٣١]
فيما يخص نظرة الإنجيل ليسوع فإن النسخة اليسوعية للكتاب المقدس، تشير إلى أن محرري الأناجيل ليسوا كتابًا انكبوا في مكاتبهم على وثائق مبوبة تبويبًا محكمًا فأقدموا على وضع تاريخ ليسوع الناصري من ميلاده إلى موته، فطريقة تأليف الأناجيل تختلف كل الاختلاف عن هذه الطريقة. إذ إن الإنجيليين دونوا وفق رؤيتهم الخاصة التقاليد الشفهية وذكرياتهم السابقة، واهتموا بنقل البشارة وإبراز معنى أقوال يسوع أكثر من الاهتمام بالتعبير عن المضمون الحرفي لأقواله، وهكذا نفسر اختلافًا في صيغ التطويبات والصلاة الربية وكلام التقديس،[٣٢] كذلك سعوا لإبراز جوهر أعماله دون وضعها في إطار زمني أو جغرافي دقيق وكذلك لم يهتموا بتفاصيلها، لذلك يضع إنجيل يوحنا رمزًا موعد العشاء الفصحي حيث يذبح حمل الفصح وفق الشريعة اليهودية قبل عيد الفصح، لأن المسيح بموته بات هو الفصح الجديد وحمله، ومن المعروف أن إنجيل يوحنا يطلق على المسيح في غير موضع لقب "الحمل". في حين تذكر الأناجيل الإزائية أن يسوع تناول مع التلاميذ الاثني عشر أول أيام الفصح. كذلك يبدو يسوع في إنجيل متى أكثر وقارًا مما هو عليه في إنجيل مرقس.[٣٣]
وانطلاقًا من تغليب الجوهر على الشكل، لا ير المسيحيون تناقضًا في الأناجيل رغم اختلافاتها. بكل الأحوال فإن الأناجيل تعتبر المرجع الوحيد الأقدم حول حياة يسوع وتعاليمه، ورغم اختلافاتها فإن القواسم المشتركة بينها كفيلة برسم صيغة عامة مشتركة عن فعاليته ونشاطاته.[٣٤] بعض الباحثين واللاهوتيين يأخذ بعين الاعتبار أيضًا أجزءًا من الأناجيل المنحولة كمصادر للبحث، خصوصًا تلك الأجزاء التي اتفق آباء الكنيسة على صحيتها وباتت عقائد رسمية في بعض الكنائس المسيحية، كتحديد عمر مريم العذراء بثلاث عشر عامًا لدى حملها يسوع وهو ما يذكر في إنجيل بشارة يعقوب. عمومًا فإن الأناجيل المنحولة لا تختلف في الإطار العام لرواياتها بشكل كبير عن الأناجيل الرسمية باستثناء الأناجيل الغنوصية التي ظهرت في القرنين الثاني والثالث ومزجت بين المعتقدات الدينية اليونانية والمسيحية، واعتمدت على طرق خاصة من التصوف لمعرفة الله ولذلك دعيت "جماعة العرفان".[٣٥]
العقائد وصيغ الإيمان المسيحية
الأزلية والتجسد
طبعًا للمعتقدات المسيحية وللعهد الجديد فإن يسوع موجود منذ الأزل وهو غير مخلوق لكونه من الله،[٣٦] يعتمد على عدد من آيات العهد الجديد لإثبات ذلك(1) أبرزها فاتحة إنجيل يوحنا: في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة هو الله.[يوحنا 1/1] ثار بداية القرن الرابع جدل حول إذا ما كانت الآيات التي يعتمد عليها اليوم في إثبات أزليته تعني أنه أزلي حقًا أو أنه قد خلق قبل إنشاء العالم ولكنه بالنهاية خليق، دعيي مؤيدو النظرية الثانية "بالعدميين" لأنهم أشاروا إلى خلق الابن من العدم، واعتبر المذهب الآريوسي جامعًا لهم، ما دفع إلى انعقاد مجمع نيقية في مايو ويونيو 325 لحسم الجدل في القضية، ووجد المجمع بأغلبية 316 أسقفًا من أصل 318 أسقف شاركوا به بأن الابن كالآب يتمتع بصفة الأزلية أي أنه لا بداية له.[٣٧]
يعتقد المسيحيون بما فيهم من عارض أزلية المسيح وألوهته الكاملة، بأن هذا الابن والذي يسمى أيضًا الكلمة به قد خلق العالم،[يوحنا 10/1] ولأجله،[كولوسي 16/1] وأنه قد صار بشرًا،[يوحنا 14/1][1كورنثس 47/15] ودعي يسوع، فعيد الميلاد هو ذكرى ميلاده بالجسد وليس خلقه كسائر البشر، إذ إنه: الكائن في صورة الله، لم يعتبر مساواته لله خلسة أو غنيمة يتمسك بها، بل أخلى ذاته متخذًا صورة عبد صائرًا شبيهًا بالبشر.[فيلمون 6/2] أي قد أخذ اختياريًا جسدًا بشريًا وطبيعة بشرية دون أن يكفّ عن أن يكون الله، بمعنى آخر لم يتخل عن لاهوته ليصير إنسانًا بل نحى جانبًا من مجده وسلطانه ومعرفته ليستطيع أن يكون خاضعًا للزمان والمكان والكثير من الحدود البشرية الأخرى.[٣٨] فهو بتجسده شابه البشر بكل شيء عدا الخطيئة، وكان بذلك الإنسان الوحيد على الأرض الذي ظهر دون خطيئة.[٣٩] وعلى الرغم من تجسده فهو لم يبارح مكانه في السماء ولم ينفصل عن الآب،[يوحنا 13/3] ذلك لأن الطبيعة الإلهية وفق المعتقدات الفلسفية والدينية عمومًا، منزهة عن التغيير والانقسام.
السبب الرئيسي للتجسد والدافع له، هو محبة الله للبشرية ورغبته ليش فقط ببداية عهد جديد وإياهم يكشف به عن ذاته بشكل مباشر، بل ولتخليصهم من آثامهم المتوارثة منذ بدء الخليقة.[يوحنا 16/3] وهو أمر لم يتم مصادفة فقد وعد الله به آدم وحواء إثر طردهما من الجنة، وحدث إبراهيم عنه وأخبر داود بأن من نسله سيأتي «المخلص» الذي يدعى أيضًا «المسيح». عمومًا فإن جميع نبؤؤات العهد القديم تحدثت عنه، وحددت مجريات حياته، وهو ما انطبق وفق علم اللاهوت في شخص يسوع.[٤٠]
العقائد المسيحية تشير إلى أن الله حاول مرات عديدة خلال التاريخ البشري أن يقوم بفعل التجسد، عير أن ما أعاقه فعلاً هو الخطايا والأثام التي يرتكبها المختارون حتى الأنبياء منهم،(2) وبالتالي فهو لم يستطع التجسد حتى ظهور مريم العذراء التي كانت مطيعة للشريعة ولم تخطأ أو تخالف إرادة الله، وقبلت بحرية أن تكون ام الابن، فمن خلال قبولها ساهمت مساهمة فعلية في العمل الخلاصي، وانطلاقًا من هذا المعتقد يكرمها المسيحيون. أيضًا فإن علماء اللاهوت ومفسري الكتاب المقدس يرون أن سلاسل نسب المسيح المذكورة في إنجيل متى وإنجيل لوقا تندرج في بعدها الرمزي في إطار العثرات التي وضعها البشر في وجه التجسد.[٤١]
المسيح
- طالع أيضاً: ماشيح
جذر كلمة مسيح في اللغة العبرية هي "ماشيح מּשּׁיּח" من الفعل مشح أي مسح ومعناها في العهد القديم الممسوح بالدهن المقدس. ونقلت الكلمة إلى اللغة اليونانية كما هي ولكن بحروف يونانية " ميسياس -Мεσσίας" ومن ثم ترجمت ترجمة فعلية " خريستوس -Хριτός" من الفعل اليوناني " خريو -chriw" أي يمسح؛ وجاءت في اللاتينية " كريستوس ـ Christos" ومنها في اللغات الأوربية "Christ"، وهو أصل المصطلح المتعارف عليه اليوم.[٤٢]
إن عملية المسح تتم في العهد القديم بواسطة الدهن المقدس الذي كان يصنع من زيت الزيتون مضافًا إليه عدد من الطيوب،[خروج 22/30-31] وقد استمر هذا التقليد في المسيحية من خلال سر الميرون.[٤٣] وكان الشخص أو الشيء الذي مسح يصبح مقدساً ومكرساً للإله، ولذلك فقد حصرت الشريعة اليهودية استخدامه للكهنة والملوك والأنبياء،[الخروج 30/30] ودعي شاغلوا هذه المناصب في العهد القديم باسم "مسحاء الرب"،[مزمور 15/105] بيد أن العهد القديم يؤكد أن هؤلاء المسحاء جميعاً كانوا ظلاً ورمزاً للآتي والذي دعي منذ داود فصاعداً بالمسيح، وسماه سفر دانيال "المسيح الرئيس"،[دانيال 24/9] وأسبغت عليه ألقاب عديدة ونسب له الدور في خلاص الشعب اليهودي السياسي والديني معًا. بكل الأحوال فإن لقب المسيح في العهد القديم لا يشير دومًا إلى المنتظر، خصوصًا في الأسفار التاريخية، بل هو يشير في كثير من الحالات إلى الملك أو النبي أو الكاهن. وقد تنبأ أنبياء العهد القديم جميعهم عن هذا المنتظر وحددوا مجريات حياته بكل تفاصيلها.
في مرحلة لاحقة لإطلاق لقب «المسيح الرئيس» على المنتظر، كف الشعب العبري عن استعمال لقب «مسيح» إلا للمنتظر، وهو حسب المعتقدات اليهودية والمسيحية سيجمع في شخصه المهن الثلاث في آن معًا.[٤٤][٤٥] المسيحيون يعتقدون بأن «المسيح» أو «المسيح الرئيس» هو يسوع.[٤٦] وبالتالي فهو الموعود منذ القدم وهو المخلّص ومتمم جميع نبؤات العهد القديم،[٤٧] أما في الديانة اليهودية فهم لا يزالون بانتظار قدومه، في حين اعترف الإسلام بيسوع أو عيسى كما يدعى في القرآن بأنه «المسيح» أيضًا.
ابن الانسان وابن الله
- طالع أيضاً: ابن الله
من الألقاب الإيمانية الهامة التي يطلقها يسوع على ذاته في الأناجيل هو لقب "ابن الانسان"، وقد ورد هذا اللقب ثمانين مرة في الأنجيل كما ورد مرتين في سائر أسفار العهد الجديد، وأصله يعود لسفر دانيال الذي دون في القرن الثاني قبل الميلاد. فبعد أن يصف سفر دانيال ممالك العالم مشبهًا إياها بوحوش خرجت من البحر ثم مثلت بين يدي الله الذي جردها من سلطانها، يصف مجيء ابن الإنسان محاطًا بغمام السماء وله سلطانًا ومجدًا وملكًا، فجميع الشعوب والأمم والألسنة وفق السفر تعبده وسلطانه سلطان أبدي لا يزول وملكه لا ينقرض. فابن الإنسان له من السلطان والقدرة ما يفوق ميزات الماشيح ذاته والذي كان اليهود في انتظاره، كما تعرفه النسخة اليسوعية من الكتاب المقدس.[٤٨] وتشير النسخة اليسوعية أيضًا أن العبارة نفسها استعملت في سفري أشعياء والمزامير للدلالة على الإنسان الضعيف والفقير، وعندما يستعملها يسوع فهو يقصد أيضًا طبيعته البشرية كإنسان ضعيف،[٤٨] وقد أشار الباحثون في مجال الكتاب المقدس أن يسوع يستعمل هذا اللقب بشكل مخصوص لدى جداله مع الفريسيين، كما كانت عبارته الشهيرة خلال محاكمته الأولى إثر سؤال رئيس الكهنة قيافا من أنت: سترون بعد الآن ابن الانسان جالسًا عن يمين القدير وآتيًا على غمام السماء.[متى 64/26] عبارة كافية للحكم عليه بالتجديف وفق الشريعة اليهودية.[٤٩]
|
|
المصطلح العقائدي الثاني الذي يطلقه يسوع على ذاته هو مصطلح ابن الله، ولا يعني المصطلح في العقائد المسيحية اليوم أن الله قد أنجب ولدًا أو أنه قد اتخذ زوجة أو أنجبه وفق علاقة بشرية طبيعية،[٥١] وحتى مع استبعاد المعنى الحرفي السابق أثار المصطلح جدلاً بين الباحثين حول معناه الحقيقي، فبينما جنح عدد من اللاهوتيين لاعتبار أن اللقب يشير إلى الطبيعة الإلهية الماورائية له، باعتباره الابن وكلمة الله الأزلي،[٥٢][٥٣] أما المعنى الثاني الذي يناصره عدد آخر من الباحثين فهو يشير إلى أن يسوع بوصفه قد ولد من دون تدخل أب بشري فهذا يعني أنه ينسب لله مباشرة، وقد صادق عدد من الباحثين المسلمين على هذا التعريف منهم فراس السواح.[٥٤] عدد من اللاهوتيين جمعوا بين التعريفين في تعريف واحد يجمع بين كلا الصفتين، فهو ابن الله لصلته المباشرة به ولمشاركته إياه في طبيعته.[٥٣]
المخلص: حمل الله الذي حمل خطايا العالم
يؤمن المسيحيون أن الخطيئة الأصلية التي ارتكبها آدم وهي معرفته الخير والشر لا يزال البشر يتورثونها حتى اليوم بنتيجة فعلته، كما أن واحدًا من نتائجها الملموسة هو دخول الموت إلى البشرية. فآدم الذي بات يعرّف ويميز بين الخير والشر أدى إلى نقل هذه الصفة لجميع البشر من ذريته، وهو أصل تمييز البشر بين الخير والشر بعد أن كان الغرض الأساسي من خلقهم على ما يذكر سفر التكوين هو الحب والنمو.[٥٥] ومع كون الإنسان يميل نحو الخير بفطرته - وفق الفلسفة الكنسيّة، إلا أنه ينزع أحيانًا نحو الشر بنتيجة عوامل وظروف تؤثر عليه، وربما لا يمكنه أن يدركها. بمعنى أن البشر لم يكتفوا بخطيئة آدم فقط ووراثاتها بل أضافوا إليها خطايا أخرى. لذلك فقد وعد الله بمخلص يقوم برفع مفاعيل وتداعيات الخطيئة الأصلية الروحية والممثلة بإغلاق أبواب الملكوت تجاه البشرية، أما مفاعيلها الجسدية أي وراثتها والموت تظلّ قائمة حتى الحياة الثانية حيث يبيد الله الموت. وقد قامت كتب العهد القديم بوصف مجريات حياة المخلص، بل إن بعضًا من الطقوس والاحتفالات اليهودية كان صورة سابقة عنه كحمل افصح، وفق المعتقدات المسيحية.[٥٦] أما عن سبب بعث هذا المخلص، يقدم القديس بولس دليلاً لاهوتيًا حول أهمية ذلك: فكما أن الموت قد دخل بخطيئة رجل واحد، كان يجب على المصالحة أن تتم ببر رجل واحد.[روما 8/5]
وهذا المخلص الموعود به هو يسوع نفسه، وقد جاء في بداية إنجيل يوحنا: "هذا هو حمل الله الذي يزيل خطيئة العالم".[يوحنا 29/1] ولما كان كل إنسان يرتكب الخطايا، يصبح الإيمان به وبدوره في رفع الخطايا مركزيًا في العقيدة المسيحية استنادًا إلى مواضع عديدة في العهد الجديد: "كل من يؤمن به، ينال باسمه غفران الخطايا".[أعمال 43/10] وانطلاقًا من هنا سمّى القديس بولس المسيحيين في رسائله باسم "المخلّصين" فهم قد نالوا الخلاص من خلال إيمانهم.[1كورنثس 18/1] لم يكن الصلب والموت والقيامة من صلب عمل يسوع للخلاص، إذ قال: "فقد أوليته (الآب أولى يسوع) السلطة على جميع البشر، ليمنح جميع الذين قد وهبتهم له حياة أبدية... أنا مجدتك على الأرض وأنجزت العمل الذي كلفتني".[يوحنا 4،2/17] لكن سير الأحداث الذي أفضى إلى أن يموت يسوع - رغم أنه يعرف سلفًا ذلك بالنظر إلى معرفته بكل شيء - جعل الإيمان بالصلب والقيامة أحد الأركان الأساسية لنيل الخلاصة، إحدى أمثلة ذلك ما جاء في رؤيا يوحنا: "ذاك الذي بدافع محبته لنا، مات لأجلنا فغسلنا بدمه خطايانا".[رؤيا 5/1]
ذهب لوثر وأغلب الطوائف البروتستانتية للقول بأنه بالإيمان وحده ينال الإنسان الخلاص بعض النظر عن أعماله؛ في الكنائس الأولى تُفرد للأعمال مكانة هامة، بل أنه بعلاقة معقدة لا يغدو الإيمان إيمانًا دون أعمال.[٥٧] وتشير بعض الدراسات الحديثة إلى إمكانة خلاص غير المسيحيين وفق شروط خاصة، وإن موضوع لاهوت التبرير والخلاص بشكل عام، ورغم الاتفاق على خطوطه العريضة يلبث عامل نقاش واختلاف داخل المدارس اللاهوتية المختلفة.
العائلة وأحداث الميلاد والطفولة حسب العهد الجديد
تعتبر الأناجيل القانونية الأربعة: متى، مرقس، لوقا، ويوحنا المنابع الرئيسية الأساسية بالنسبة للتقليد المسيحي للحصول على معلومات عن حياة المسيح.
النسب والعائلة
بين الأناجيل الأربعة اختصت بشارتي متى ولوقا فقط بالحديث عن نسب يسوع والسلالة التي انحدر منها، حيث تحدث متى الإنجيلي عن نسب يسوع المنحدر من ناحية أبيه القانوني أمام الشرع اليهودي وهو يوسف النجار خطيب العذراء، أما لوقا الإنجيلي فقد تكلم أيضًا عن نسب يسوع من ناحية "يوسف" ولكن استنادا إلى تفاسير أخرى، فقد مر خط نسب المسيح في إنجيل لوقا عبر سلالة والدته مريم، ولكن بشكل عام كِلا الإنجيليين يرجعون نسب المسيح إلى داوود الملك ومنه إلى النبي إبراهيم.
تتشابه قائمتا النسب عند متى ولوقا من إبراهيم إلى داوود ولكنها تختلف من داوود إلى يوسف خطيب مريم، يبتدأ متى بسليمان مرورا بجميع ملوك يهوذا حتى الملك الأخير يكنيا، وبعد يكنيا انتهى خط الملوك في سلسلة النسب بسبب الاحتلال البابلي لمملكة يهوذا، وبكل الأحوال كانت رغبة متى هي التأكيد على انحدار يسوع من سلالة الملوك فهو إذا الوريث الشرعي لعرش إسرائيل.
أما نسب يسوع حسب إنجيل متى فقد جاء على الشكل التالي: هَذَا سِجِلُّ نَسَبِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَأوُدَ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ: إِبْرَاهِيمُ أَنْجَبَ إِسْحقَ. وَإِسْحقُ أَنْجَبَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ أَنْجَبَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ وَيَهُوذَا أَنْجَبَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ أَنْجَبَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ أَنْجَبَ أَرَامَ. وَأَرَامُ أَنْجَبَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ أَنْجَبَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ أَنْجَبَ سَلْمُونَ. وَسَلْمُونُ أَنْجَبَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ أَنْجَبَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ أَنْجَبَ يَسَّى. وَيَسَّى أَنْجَبَ دَأوُدَ الْمَلِكَ. وَدَأوُدُ أَنْجَبَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي كَانَتْ زَوْجَةً لأُورِيَّا. وَسُلَيْمَانُ أَنْجَبَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ أَنْجَبَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا أَنْجَبَ آسَا. وَآسَا أَنْجَبَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ أَنْجَبَ يُورَامَ. وَيُورَامُ أَنْجَبَ عُزِّيَّا. وَعُزِّيَّا أَنْجَبَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ أَنْجَبَ أَحَازَ. وَأَحَازُ أَنْجَبَ حِزْقِيَّا. وَحِزْقِيَّا أَنْجَبَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى أَنْجَبَ آمُونَ. وَآمُونُ أَنْجَبَ يُوشِيَّا. وَيُوشِيَّا أَنْجَبَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ فِي أَثْنَاءِ السَّبْيِ إِلَى بَابِلَ. وَبَعْدَ السَّبْيِ إِلَى بَابِلَ، يَكُنْيَا أَنْجَبَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ أَنْجَبَ زَرُبَّابِلَ. وَزَرُبَّابِلُ أَنْجَبَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ أَنْجَبَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ أَنْجَبَ عَازُورَ. وَعَازُورُ أَنْجَبَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ أَنْجَبَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ أَنْجَبَ أَلِيُودَ. وَأَلِيُودُ أَنْجَبَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ أَنْجَبَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ أَنْجَبَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ أَنْجَبَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ.
في إنجيل لوقا، يُلاحظ أن قائمة نسب يسوع أطول من قائمة إنجيل متى، وذلك لأن لوقا يبتدأ من آدم ويذكر أسماء أكثر بين داوود ويسوع حيث يُعتقد أن متى كان يختصر القائمة بذكر الشخصيات الأكثر أهمية بينما اهتم لوقا كما هو معروف عنه بالدقة فذكر القائمة بتفصيل أكثر.[٥٨]
لم تتطرق الأناجيل الأربعة ليوسف خطيب مريم إلا قبيل ولادة يسوع وبعدها بقليل أثناء طفولته، وقد كان اليهود يعتقدون أن يوسف ذاك هو والد يسوع فكانوا يعرفونه على أنه "يسوع الناصري ابن يوسف النجار"، أثناء حادثة الصلب طلب المسيح من تلميذه المحبوب أن يعتني بأمه مريم ومن هذا يُستدل بأن يوسف كان ربما قد مات قبل الصلب بفترة غير معروفة.[٥٩]
تتحدث بعض أسفار العهد الجديد كإنجيل متى ومرقس والرسالة إلى الغلاطيين عن وجود أقارب ليسوع بما في ذلك إخوة وأخوات، الكلمة اليونانية المستعملة في هذه النصوص هي "adelphos" والتي تُترجم "إخوة" في الكثير من ترجمات العهد الجديد، ولكن الكلمة بشكل عام قد تدل على أي قرابة عائلية كما أن المسيحيين الكاثوليك والأرثوذكس وبعض البروتستانت يؤمنون بأن إخوة يسوع هؤلاء هم أبناء عمومته وأنسباءه أو أبناء يوسف خطيب أمه من زوجة أخرى وذلك لإيمانهم ببتولية مريم قبل وأثناء وبعد ولادتها ليسوع المسيح.
الميلاد
استنادا لمتى ولوقا فقد ولد يسوع في مدينة بيت لحم في اليهودية، وأمه هي العذراء مريم التي حملت وولدت به بطريقة معجزية بواسطة الروح القدس بدون أي اتصال جسدي، حيث ينص إنجيل لوقا عن زيارة الملاك جبرائيل لها ليخبرها بأنه قد اختيرت لتكون والدة ابن الله.[٦٠]
واستنادا إلى نفس الإنجيل فقد صدر في تلك الفترة أمر من أغسطس قيصر، الإمبراطور الروماني، بأن يكتتب كل سكان الإمبراطورية أي أنه أمر بإجراء إحصاء عام لهم، وهذا ما دفع بمريم وخطيبها يوسف إلى مغادرة مكان سكنهم في مدينة الناصرة والتوجه إلى مدينة داوود، وهي مدينة بيت لحم ليكتتبوا هناك لكونهم من آل داوود وعشيرته، وعندها كانت أيام مريم قد تمت لتضع مولودها ولأنه لم يكن لهم مكان في نزل أو فندق بسبب ازدحام المدينة باتوا ليلتهم في حظيرة للحيوانات حيث ولد يسوع، وفي تلك الأثناء قام ملاك الرب بزيارة رعاة ساهرين على حراسة أغنامهم وبشرهم بولادة المخلص فقام هؤلاء الرعاة وجاءوا وشاهدوا الطفل وأمه ثم نشروا ذلك الخبر في كل تلك المنطقة، ويتحدث الإنجيلي متى عن قدوم مجوس من الشرق محملين بالهدايا لزيارة الطفل المولود ملك اليهود بعد أن تبعوا نجم ظهر في السماء آمنوا بأنه إشارة من السماء على ولادة الملك المسيا المنتظر،[٦١] وبعدها يتكلم إنجيل متى عن هروب يوسف ومريم وطفلها إلى مصر هربا من أمر الملك هيرودس بإعدام كل أطفال بيت لحم ونواحيها من عمر سنتين فما دون، ولكنهم عادوا بعدها إلى ديارهم بعد زوال الخطر.
استنادا إلى الإنجيل، فإن المكان الذي قضى فيه يسوع طفولته هو مدينة الناصرة الواقعة في الجليل، وبحسب إنجيل لوقا عاش يوسف ومريم في الناصرة قبل ولادة يسوع وعادوا إليها عقب ولادته، أما بالنسبة لإنجيل متى فقد بقيت العائلة في مصر حتى وفاة الملك هيرودس ولما عادوا إلى أرض إسرائيل علم يوسف بأن ابن هيرودس أصبح ملكا على اليهودية مكان والده، فخشي العودة بأسرته إلى هناك، وبوحي من الله جاءه في حلم انصرف إلى نواحي الجليل إلى مدينة الناصرة.
الطفولة وبداية حياة البلوغ
بحسب إنجيل لوقا[٦٢] كان عمر يسوع حين تعمد حوالي الثلاثين عام، والحادثة الوحيدة المذكورة في الإنجيل عن الفترة ما بين الولادة والعماد هي تلك التي يتحدث عنها إنجيل لوقا عن ضياع الطفل يسوع في الهيكل أثناء زيارته لأورشليم مع أبويه.[٦٣] في إنجيل مرقس دُعي يسوع بالنجار،[٦٤] وفي إنجيل متى بابن النجار،[٦٥] ومن هذا يُعرف بأن يسوع قضى حداثته بتعلم تلك المهنة من أبيه يوسف.
النشاط والتعليم حسب العهد الجديد
العماد والتجربة على الجبل
تتفق الأناجيل أن يسوع بدأ خدمته العلنية بعد حادث عماده على يد يوحنا المعمدان، ويحدد إنجيل لوقا عمر يسوع آنذاك بحوالي الثلاثين من العمر؛[٦٦] ويحاول إنجيل لوقا وضع الحدث في إطار تاريخ فيقول أن الحدث قد تم في السنة الخامسة عشر من حكم طيباريوس قيصر، ومن المعروف حسب السجلات التاريخية أن طيباريوس قيصر قد تولى عرش الإمبراطورية عام 14 فتكون سنة بدأ نشاط يسوع وفق ذلك عام 29.
وخلال تلك الفترة ذاتها، حسب ما تشير إليه الأناجيل الإزائية بدأ يوحنا المعمدان قريب يسوع من ناحية أمه، ينادي برسالته الخاصة في نهر الأردن قرب بيت عنيا أريحا، على أن مبادئ دعوته هي التوبة ومتنبئًا بقرب قدوم الماشيح المنتظر، ويعتقد المسيحيون وكذلك كتبة الأناجيل أن يوحنا المعمدان كان قد سبق أن تنبأ عنه أشعياء.[٦٧]
حققت دعوة يوحنا نجاحًا، إذ استطاعت استقطاب عدد من سكان الجليل واليهودية وأورشليم وما وراء نهر الأردن طلبًا لمعموديته الداعية إلى التوبة، كما قصده عدد من الفريسيين والصدوقيين وجباة الضرائب بل والجند الرومان في إشارة إلى كون جميع طبقات المجتمع قد قصدته؛ فكان يعظ ويوبخ وبين صراحة أنه ليس المسيح المنتظر: أنا أعمدكم بالماء لأجل التوبة، ولكن الآتي بعدي هو أقدر مني، وأنا لا أستحق أن أحمل حذاءه. هو سيعمدكم بالروح القدس والنار.[متى 3\11] وبموجب المعتقدات المسيحية فإن الآتي هو يسوع، وقد تمت نبوءة يوحنا حول معمودية الروح القدس، بعد قيامة يسوع حين أفيض الروح القدس على التلاميذ الاثني عشر وهم بدورهم منحوه للعديدين وفق سفر أعمال الرسل.
وخلال تلك الفترة التي كان فيها يوحنا المعمدان يبشر ويعمد بالماء، جاء يسوع لكي يعتمد على يديه، فعارضه يوحنا: "أنا محتاج لأن أعتمد على يدكن وأنت تأتي إلي".[متى 3\14] لكن يسوع عاد وكرر طلبه. من خلال المعمودية، يقول علماء اللاهت، أن يسوع على الرغم من أنه لم يخطأ قط فقد قبل معمودية التوبة وذلك كاعتراف عن خاطيا الشعب والأمة، وهو أمر فعله جميع أنبياء بني إسرائيل سابقًا، فموسى ونحميا وعزرا ودانيال وإرميا بأشكال مختلفة. كما أن طقس المعمودية المتمثل بالغطس في الماء كدليل على الموت عن الإنسان القديم والخروج منه كدليل على القيامة للإنسان الجديد، يعكس ما سيلاقيه يسوع مستقبلاً من أحداث الموت والقيامة.[٦٨] وبحسب إنجيل متى، لما خرج يسوع من الماء، انفتحت السماء وهبط الروح القدس عليه بهيئة طائر الحمام كذلك فقد سمع صوت الآب من السماء يقول: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت كل السرور".[متى 3\17] فظهر بذلك الثالوث مجتمعًا في عماد يسوع، ولذلك يدعي هذا العيد في المعتقدات المسيحية عيد "الغطاس" أو عيد "الظهور الإلهي".[٦٨]
تنقل الأناجيل الإزائية أن يسوع وبعد عماده، انتقل إلى البرية، وربما كانت ناحية من نواحي الأردن أو صحراء النقب؛ حيث صام هناك أربعين يومًا عن الطعام والشراب، قاضيًا وقته في التأمل والصلاة. في نهاية تلك الفترة، تقدم الشيطان محاولاً إغوائه ثلاث مرات، لكنه فشل في ذلك، وبعد أن أنهى يسوع خلوته هذه عاد إلى الجليل حيث ابتدأ يبشر منطلقًا من دعوة يوحنا المعمدان ذاتها وهو التوبة والدعوة لملكوت الله.[٦٩]
الخدمة والتبشير
ينص الإنجيل على أن يسوع هو المسيا أي المسيح المنتظر، والذي أًرسِل لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ،[٧٠] ولكي يبشر بالأخبار السارة: إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ، لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ.[٧١]
وخلال مسيرة حياته قام يسوع باجتراع المعجزات الباهرات كمن له سلطان، فشفى المرضى وأخرج الأرواح النجسة من الممسوسين ومشى على المياه وأقام العديد من الأموات، كإقامته لصديقه "لعازر" من الموت بعد أن قضت جثته أربعة أيام في القبر.[٧٢]
يتحدث إنجيل يوحنا عن مرور ثلاثة أعياد يهودية مختلفة خلال حياة يسوع التبشيرية، فيُستدل من هذا بأن الفترة العلنية التي كرز فيها يسوع كانت قرابة الثلاثة أعوام، هذا مع العلم بأن بعض التفسيرات للأناجيل المتوازية، متى ومرقس ولوقا، تقترح بأن فترة خدمة يسوع كانت سنة واحدة فقط. كان كل التركيز أثناء حياة يسوع التبشيرية موجه نحو أقرب الموالين له وهم التلاميذ الاثني عشر، ولذلك دُعي العديد من أتباعه بالتلاميذ. لقد دفع يسوع العديدين للإيمان بأن الحجاب سوف يُرفع عن الأسرار التي تعج بها الكتب القديمة وبأن نهاية العالم الزائل ستأتي بشكل غير متوقع، لذلك كان يطلب من أتباعه أن يكونوا دائما يقيظين وممتلئين بالإيمان.
وفي قمة عطائه جذب يسوع الآلاف للإصغاء إليه، خصوصا سكان منطقتي الجليل وحوض الأردن، ومن أشهر تعاليمه تلك الوصايا التي لقنها للجموع أثناء موعظته على الجبل، والتي تضمنت التطويبات والصلاة الربية، حيث يقول إنجيل متى بأنه لَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هَذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ.[٧٣] وكان يسوع معتادا على تعليم الناس بواسطة استخدام الأمثال كمثل الابن الضال ومثل الزارع، وكان أبرز محاور تعاليمه يدور حول التضحية الشخصية غير المشروطة في سبيل محبة الله وجميع الناس بغض النظر عن خلفياتهم وانتماءاتهم، وفي معظم عظاته كان يؤكد على خدمة الآخرين وعلى ضرورة التواضع في تلك الخدمة، كما كان يركز بشكل كبير على مغفرة الخطايا وعلى الإيمان وعلى إدارة الخد الآخر للخصوم وعلى مقابلة شر الأعداء بمحبتهم كمحبة الأصدقاء، كما كانت تعاليمه تًبرز الحاجة إلى الانقياد إلى روح الناموس والشريعة وليس إلى ظاهرها.[٧٤]
كان يسوع يجتمع كثيرا بالمنبوذين من قبل المجتمع اليهودي المتزمت، فكثيرا ما جالس العشارين، أي جباة الضرائب لصالح الرومان، والذين كانوا مكروهين جدا في محيطهم، لا بل أن يسوع اختار أحد هؤلاء العشارين ليكون من تلاميذه الاثني عشر وهو التلميذ متى، وحسب اعتقاد الكثيرين، هو نفس متى الذي كتب لاحقا أحد الأناجيل الأربعة. وعندما اعترض الفريسيون، وهم من أبرز طوائف اليهود المتدينة والذين يعتقدون ببرهم الذاتي، على اجتماع يسوع بالعشارين والزناة، أجابهم بأنه لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. فَإذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ.[٧٥]
بحسب إنجيلي لوقا ويوحنا فأن يسوع بذل جهده لإيصال بشارته للسامريين، وهم طائفة تؤمن بالتوراة فقط، أي أسفار موسى الخمسة، وترفض ما بعدها من كتب الانبياء والتي يؤمن بها كافة اليهود، وكان هذا أحد أسباب العداوة القائمة بين الفرقتين، إلا أن ذلك لم يمنع يسوع من التوجه إليهم وتبشيرهم بملكوت الله.
الموت والقيامة والصعود
على طريق أورشليم
تتفق الأناجيل الأربعة أن يسوع قد ترك الجليل وتوجه نحو نهر الأردن قرب اليهودية، غير أنهم يصمتون عن مدة إقامته هناك، والغالب أنها أطول من شهر على الأقل.[٧٦] أكثر من أوضح تلك الحقبة هو إنجيل يوحنا، حيث ارتبطت بحدث هام هو معجزة قيام لعازر من الموت، ومن معطيات إنجيل يوحنا يتضح أن لعازر كان صديقًا ليسوع، وقد وصفه بالحبيب.[يوحنا 11/11] يعلن إنجيل يوحنا أن يسوع قد عرف بمرض لعازر لكنه أجل زيارته، وذلك لكي يجترح أعجوبة تؤدي إلى تمجيد الله،[يوحنا 11/4] وعندما اتجه إلى بيت عنيا قرية لعازر القريبة من القدس، كان لعازر قد مات ودفن منذ أربعة أيام،[يوحنا 11/17] ويقول التفسير التطبيقي للعهد الجديد أن يسوع كان بوسعه التوجه إلى بيت عنيا وشفاء لعازر أثناء حياته بدلاً من أن يتركه يموت، لكنه قام بذلك ليظهر سلطانه على الموت بشكل عام، وفي منطقة اليهودية بشكل خاص، حيث أن معجزات إقامة الموتى السابقة المدونة تمت في الجليل.[٧٧]
بعد حديث مع مريم ومرثا شقيقتي لعازر، توجه يسوع نحو القبر، وكانت القبوز في ذلك الزمان، غالبًا ما تكون عبارة عن كهوف أو مغارات منحوتة في الحجر الجيري ضمن جبال تلك المنطقة، وكان القبر من الاتساع بحيث يسمح بالسير فيه واحتواء أكثر من جثة.[٧٨] أمر يسوع بدحرجة الحجر، ثم ناداه: لعازر اخرج!، فخرج الميت والأكفان تشد يديه ورجيله والمنديل يلفّ رأسه.[يوحنا 11/43] أدى ذلك حسب إنجيل يوحنا إلى تصاعد نقمة اليهود على يسوع ورغبتهم في قتله، بل أخذوا يتآمروا عليه فعليًا.[يوحنا 11/47]
قبيل عيد الفصح اليهودي، قرر يسوع التوجه نحو أورشليم، وكان قد نبّه تلاميهذ في السابق عما سيلاقيه فيها. ومرّ خلال الطريق بأريحا حيث اجترح أعجوبة شفاء الأعمى الذي نادى يسوع بوصفه "ابن داود"، ما دفع مفسري العهد الجديد لوضع هذه الأعجوبة في إطار رمزي آخر، فبينما رأى الأعمى يسوع مسيحًا، لكون إحدى صفات المسيح "ابن داود"، رفض القادة الديني الدينيين ذلك، من فريسيين وصدوقيين، بل كانوا في الواقع يتآمرون على يسوع.[٧٩] علمًا أنه وبحسب نبوءة أشعياء فإن المسيح عندما يأتي ستكون له القدرة على منح البصر لفاقديه.[أشعياء 29/18]
وينفرد إنجيل لوقا بتقديم حادثة ثانية على طريق أورشليم وهي لقاء يسوع مع زكا العشار، وهو بنتيجة عمله لدى الرومان كان منبوذًا من المجتمع اليهودي، بل ويعتبر خائنًا لتعامله مع الأعداء؛ وغالبًا ما كان العشارون أو جباة الضرائب في عصرنا الحالي، يتقاضون مبالغ من المال أعلى من المقررة.[٨٠] وخلال هذا اللقاء أعلن زكا توبته: يا رب، ها أنا أعطي نصف أموالي للفقراء، وإن كنت قد اغتصبت شيءًا من أحد أرده له أربعة أضعاف.[لوقا 19/8] فقال يسوع عبارته الشهيرة في العهد الجديد: إن ابن الانسان قد جاء ليبحث عن الهالكين ويخلصهم.[لوقا 19/10]
وتتفق الأناجيل أن يسوع أقام قبيل وصوله إلى القدس في بيت عنيا، وذلك قبل الفصح بستة أيام،[يوحنا 12/1] حيث زار لعازر وسمعان الأبرص،[مرقس 14/1] وقامت مريم شقيقة لعازر بدهن قدمي يسوع بالناردين أحد أنواع العطور الثمينة الهندية ثم مسحتهما بشعرها.[٨١] ويعلن يسوع أن ما قامت به المرأة دلالة على موته وفدنة، لكون الدهن بالطيب إحدى تقاليد الدفن اليهودية، ويضيف علماء الكتاب المقدس أن كتبة الأناجيل أردوا من خلال النص المقارنة بين موقف مريم وموقف يهوذا الاسخريوطي، فبينما قدمت مريم العطر الثمين ليسوع، قام يهوذا بخيانته وبيعه، خصوصًا أنه في كلا الإنجيلين تأتي حادثة يهوذا بعد هذه الحادثة مباشرة.[٨٢] وينفرد إنجيل متى بذكر أن المرأة قد سكبت العطر على رأس يسوع أيضًا.[متى 26/7]
دخول أورشليم
دخل يسوع إلى أورشليم راكبًا على حمار تحقيقًا لنبؤة زكريا بن برخيا: لا تخافي يا ابنة صهيون، فإن ملكك قادمٌ إليك راكبًا على جحشِ ابن أتان.[يوحنا 12/14] وكان استعمال الحمير مقتصرًا في المجتمع اليهودي على طبقة الملوك وطبقة الكهنة، ما يشير إلى يسوع هو المسيح، إذ إن المسيح في العقيدة اليهودية هو نبي وكاهن وملك.[٨٣] وقد استقبله سكان المدينة والوافدين إليها للاحتفال بعيد الفصح بسعف النخل،[يوحنا 12/13] لتظلله من أشعة الشمس، كما أن سعف النخل علامة الانتصار.[٨٤] وفرشوا ثيابهم على الأرض وأخذوا يهتفون، كما تتفق الأناجيل الأربعة: هوشعنا! مبارك الآتي باسم الرب. هوشعنا في الأعالي!.[مرقس 11/9] وتعني هوشعنا حرفيًا خلصنا، ويشير باحثو الكتاب المقدس إلى معنى مركب من استخدام "هوشعنا"، فهي في مفهوم اليهود تشير إلى الخلاص من الاحتلال الروماني، ووفق المعاني الروحية والعقائد المسيحية تشير إلى الخلاص من الخطيئة، فيسوع في المسيحية الفادي والمخلص.[٨٥] ويقيم المسيحيون حتى اليوم ذكرى دخول يسوع إلى القدس في أحد الشعانين الذي يقع في الأحد السابق لأحد القيامة.
اعتاد إنجيل متى أن يجمع أقول يسوع المتفرقة في خطب طويلة ومدموجة ضمن مناسبة ما، وهو يذكر عدد من الأقوال والأمثال التي وضعها يسوع خلال تواجده في القدس، فهو ضرب مثل الابنين ومثل وليمة الملك ومثل العبد الأمين ومثل العذارى العشر ومثل الوزنات، وجميعها تختص بيوم القيامة والدينونة العامة. بينما تذكر سائر الأناجيل بضعًا من هذه الأمثال في سياق تاريخي مختلف، أي قبل دخول يسوع للمدينة، وذلك يعود حسب علماء الكتاب المقدس، لكون كتبة الأناجيل لهم يهتموا بوضع سجل تاريخي متسلسل ليسوع بقدر ما اهتموا بتبيان جوهر رسالته، ومع وحدة الجوهر فقد تنوعت الأساليب الأدبية للإنجيليين والحلقة المحيطة بهم.[٨٦]
أما عن نشاطه في القدس فتضع الأناجيل الإزائية حادثة طرد الباعة من الهيكل في إطارها، بينما يضعها إنجيل يوحنا قبل ذلك خلال بداية نشاط يسوع العلني، وربما قام يسوع بعملتي طرد للباعة الأولى في بداية رسالته العلنية والأخرى قبيل نهايتها، كما يقترح عدد من الباحثين.[٨٧] عملية طرد الباعة تكتسب بعدًا خاصًا، إذ إن الهيكل اليهودي يمنع فيه استعمال نقود رومانية لأنها تحوي نقشًا للقيصر المعبود كإله الإمبراطورية وبالتالي تحمل نقشًا لوثن، ولذلك كان الحجاج إلى الهيكل يقومون باستبدال النقود الرومانية بأخرى يهودية لقاء عمولة يتقاضاها السماسرة، ويقومون بهذه النقود بشراء تقدمات الهيكل وأضحياته، مقابل أسعار مرتفعة.[٨٨] إزاء هذا الموقف قام يسوع بقلب موائدالصيارفة ومقاعد باعة الحمام، والحمام هو تقدمة الفقراء في الشريعة اليهودية. وبرر سبب ذلك: إن بيتي بيت للصلاة، وأما أنتم فقد جعلتموه مغارة لصوص.[متى 21/13] وعبارته هذه مقتبسة من نبؤة أشعياء.[أشعياء 56/6] ويقدم إنجيل مرقس تفصيلاً آخر: ولم يدعْ أحدًا يمرّ عبر الهيكل وهو يحمل متاعًا.[مرقس 11/16] إذ كان اليهود يعبرون الهيكل لاختصار المسافات داخل المدينة ما يشكل انتهاكًا لحرمته.[٨٩] ويرى المسيحيون أيضًا أن الحادث يأتي تطبيقًا لنبؤة داود: الغيرة على بيتك تلتهمني.[مزمور 69/4]
تنبأ يسوع خلال هذه الفترة بخراب الهيكل، ويعتقد المسيحيون أن النبؤة قد تحققت عندما دمر الرومان الهيكل والمدينة عام 70.[٩٠] وكذلك فقد حصلت ثلاثة نقاشات بينه وبين رجال الدين اليهود خلال تواجده في القدس، الحديث الأول حول السلطة التي يمتلكها،[متى 21/23] والحديث الثاني حول دفع الضريبة للقيصر والتي اجترح فيها مقولته الشهيرة: اعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر.[متى 22/21] والحديث الثالث حول قيامة الموتى، حيث أكد لهم قيامة الموتى أمام جماعة من الصدوقيين الذين أنكروها، موبخًا إياهم: أنتم في ضلال لأنكم لا تفهمون الكتاب ولا قدرة الله.[متى 22/29] وكذلك توجه بحديثه نحو الشعب فوعظه حول أهمية المحبة المنقسمة إلى محبة الله ومحبة الآخر وفيها كمال الشريعة،[مرقس 12/33] وألقى تعليمة حول المرأة التي تبرعت بفلسين للهيكل مقابل تبرعات أثرياء اليهود: هؤلاء جميعًا قد ألقوا تقدمات من الفائض عنهم، وأما هي فمن حاجتها ألقت كل ما تملكه لمعيشتها.[لوقا 21/4]
كان يسوع يبيت في بستان الزيتون في المكان الذي يدعى الجثمانية، أو في بيت عنيا القريبة. وخلال تواجده على جبل الزيتون،[متى 24/3] ألقى تعليمه حول يوم القيامة أمام تلاميذه فقط مبينًا دوره فيه، والكوارث والضيقات التي ستمرّ قبل موعد ذلك اليوم موصيًا التلاميذ: فاسهروا إذن، لأنكم لا تعرفون في أية ساعة يرجع ربكم.[متى 24/42]
المؤامرة وخيانة يهوذا
كانت العلاقة بين الطبقة الدينية اليهودية ممثلة بالفريسيين والصدوقيين والكتبة، ويسوع علاقة متوترة جدًا. فقد انتقد يسوع طويلاً تصرفاتهم وتحويرهم جوهر الشريعة بل شبههم بالقبور؛[لوقا 11/44] وقد حاولوا هم أيضًا قتله في الناصرة وكفر ناحوم وتآمروا عليه غير مرة لكنهم فشلوا.[متى 12/14] وأخيرًا وبعد ثلاث سنوات حسب التقليد الكنسي أو فترة أقل حسب الباحثين، ينقل إنجيل يوحنا خوف رجال الدين اليهود من تزايد عدد اليهود المؤمنين به،[يوحنا 11/45] وتصاعد خوفهم من أن يكون برنامجه يحوي ثورة سياسية على الإمبراطورية الرومانية تؤدي إلى تدمير الحكم الذاتي الذي تمتع به اليهود.[يوحنا 11/48] وفي تلك الجلسة ينقل إنجيل يوحنا عن كبير الكهنة قيافا قوله: "ألا تفهمون أنه من الأفضل أن يموت رجل واحد فدى الأمة، بدلاً من أن تهلك الأمة كلها.[يوحنا 11/50]
يوضح إنجيل يوحنا من خلال ذلك، أن حماة اليهودية إنما كانوا في الواقع عملاء للرومان،[٩١] وإلى جانب الخوف السياسي يشير علماء الكتاب المقدس أن رسالة يسوع تناقض سلطة رجال الدين وتلغي امتيازاتهم، إلى جانب عدم تقبلهم جوهر رسالته واتهامهم إياه بالكفر والتجديف.[متى 8/3] وخلال أسبوع الفصح الذي دخل به يسوع إلى القدس، وينقل التقليد أنه يوم الأربعاء، تقدّم يهوذا الاسخريوطي لكي يسلمه، ويوضح كل من إنجيل يوحنا وإنجيل لوقا أن هذا الفعل تمّ بدافع من الشيطان.[لوقا 22/3] ويتفق المؤرخون وكذلك الباحثون في الكتاب المقدس أن يهوذا كان من جماعة الزيلوت أو الغيورين ينتظر أن يشرع المسيح المنتظر في ثورة مسلحة ضد الرومان، يعلن في نهايتها إعادة إقامة مملكة إسرائيل الموحدة. ويظهر الكتاب المقدس أن سائر التلاميذ الاثني عشر كانت لديهم مثل هذه الفكرة الرائجة في المجتمع، غير أنهم عدلوا عنها لاحقًا في حين ظلّ يهوذا متمسكًا بمملكة سياسية لا روحية، ومخلص بالمعنى الدنيوي لا الديني للكلمة، ودفعه اليأس من تحقيق أهداف جماعته، إلى تسليم سيده كما سُلم الكثير من الثوار ضد روما والذي اعتقد الشعب اليهودي أنهم "المسيح"، ليتبين لاحقًا فشلهم.[٩٢] ويقدم إنجيل متى ثمنًا لقاء تسليم يهوذا ليسوع، وهو ثلاثين قطعة من الفضة والتي تعادل ثمن العبد في الشريعة اليهودية.[٨٢] وينقل إنجيل مرقس فرح الفريسيين والكتبة بالصفقة.[مرقس 11/14] وعمومًا فقد أشار يسوع في مواضع عدة إلى موته وقيامته،[متى 16/21] ومنها: "إن ابن الانسان قد جاء لا ليخدَم، بل ليخدُم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين".[متى 20/28]
عشاء الفصح: العشاء الأخير
تعني كلمة فصح في العبرية "العبور"، وهي بحسب سفر الخروج الليلة التي تحرر بها بنو إسرائيل من فرعون، بعد أن "عبر" ملاك الله عن البيوت التي عليها دم الحمل بينما قتل الأبكار في البيوت التي لم تكن عليها تلك العلامة. ويدعى اليوم الثاني من تذكار الحدث "يوم الفطير" حيث تجتمع عائلات بنو إسرائيل استذكارًا لخروج أسلافهم من مصر، ويتناولون فطيرًا أي خبزًا غير مخمر، إذ إن أسلافهم عند خروجهم من مصر لم يتسع لهم الوقت ليختمر العجين فخبزوه دون خمير، وفق سفر الخروج أيضًا، كما يتناول حمل الفصح وبعض الأشعاب المرّة في ذلك العشاء.[٩٣]
وبهذه المناسبة أمر يسوع بطرس ويوحنا بن زبدي حسب إنجيل لوقا أن يذهبا إلى القدس ويطلبا من أحد الرجال إعداد المكان الذي سيتناول به الفصح مع التلاميذ، وهو مكان قريب من بستان الزيتون حيث أن يسوع قد انتقل بعد العشاء إلى البستان. خلال العشاء، قام يسوع وغسل أرجل تلاميذه، وقد انفرد إنجيل يوحنا بتفصيل ذلك الحدث، ويضيف على لسان يسوع، أن سبب الذي دفعه للقيام بغسل أرجلهم هو تقديم مثال بالتواضع وتبيان أهمية خدمة الآخرين والمساواة بين جميع الناس،[٩٤] ثم قال لهم: "ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله، فإن كنتم قد عرفتم هذا فطوبى لكم إذا عملتم به."[يوحنا 13/17]
كذلك وبعد العشاء، أخذ يسوع رغيفًا من البخز وباركه ثم أعطاه للتلاميذ معلنًا أنه جسده وكذلك فعل على كأس الخمر معلنًا أنه دمه، ثم طلب منهم تكرار هذا الحدث استذكارًا له،[لوقا 22/19] وبيّن: "اشربوا منها كلكم، هذا هو دمي الذي للعهد الجديد، والذي يهرق ويبذل لمغفرة الخطايا وللحياة الأبدية.[متى 26/28] ويعتبر هذا الحدث شديد الأهمية في المسيحية إذ به أسس يسوع، وفق الإيمان المسيحي، القداس الإلهي والقربان الأقدس ويدعى يوم استذكار ذلك سنويًا «خميس الأسرار»، لكونه قد شهد تأسيس سري الكهنوت والافخارستيا. ويؤمن الكاثوليك ووالأرثوذكس الشرقيون والمشرقيون وكذلك النساطرة وأغلب البروتستانت بأن الخبر والخمر يتحولان فعلاً في جوهرهما إلى جسد يسوع ودمه بينما اكتفت بعض الطوائف البروتستانتية بالمعنى الرمزي للحدث.[٩٥]
بعيد ذلك، أعلن يسوع أن أحدهم على وشك خيانته فوقع الاضطراب في نفوس التلاميذ، وسأله يوحنا بن زبدي الذي كان متكئًا على حضن يسوع حسب إنجيل يوحنا حول شخصيه مسلمه فأسرّ له يسوع بأنه يهوذا الاسخريوطي.[يوحنا 13/26] ثم قال ليهوذا: "أسرع في ما نويت أن تعمله".[يوحنا 13/27] ويضيف إنجيل يوحنا: "ولم يفهم أحد من المتكئين لماذا قال له ذلك."[يوحنا 13/29] وبعد خروج يهوذا، قال يسوع: "إن ابن الانسان لا بدّ أن يمضي كما قد كتب عنه، ولكن الويل لذلك الرجل الذي على يده يسلّم ابن الانسان، كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد".[مرقس 14/21]
قد يسوع بعد ذلك خطبة طويلة لتلاميذه يسهب إنجيل يوحنا في وصفها، ومن أبرز ما جاء بها: "أحبوا بعضكم بعضًا، بهذا يعرف الناس أنكم تلاميذي، إن أحببتم بعضكم بعضًا.[يوحنا 13/34] وبين خلالها أهمية الصلاة بإيمان: "إن طلبتم شيءًا باسمي فإني أفعله".[يوحنا 14/14] وأعلن خلالها عن إرسال الروح القدس، ثالث الأقانيم الإلهية وفق المعتقدات المسيحية: "وأما الروح القدس المعين، الذي سيرسله الآب باسمي، فإنه يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته".[يوحنا 14/26] ومن المعاني اللاهوتية التي ذكرت: "خرجت من عند الآب وجئت إلى العالم، وأما الآن أترك العالم وأعود إلى الآب".[يوحنا 26/28] ويعرف الفصل السابع عشر من إنجيل يوحنا باسم «صلاة يسوع الكهنوتية» والتي تعتبر خاتمة عشاء الفصح.
خلال هذه العظة، قال له بطرس: "يا رب، إني مستعد أن أذهب معك إلى السجن وإلى الموت معًا. فقال يسوع: إني أقول لك يا بطرس لن يصيح الديك اليوم حتى تكون قد أنكرت ثلاث مرات أنك تعرفني".[لوقا 22/34] ويقول مفسرو الكتاب المقدس أن إنكار بطرس لا يختلف عن خيانة يهوذا الاسخريوطي، ويسوع قد تنبأ بكليهما، ولكن الاختلاف بين مصير الرجلين ينبع من كون الأول قد آمن وتاب وأما الآخر فلم يتب.[٩٦] وفي إطار عشاء الفصح يذكر إنجيل متى أن يسوع والتلاميذ قد رتلوا ثم انطلقوا نحو بستان الزيتون،[متى 26/30] والراجح أنهم قد غنوا المزامير من 115 إلى 118 حيث جرت العادة أن تكون هذه المزامير جزءًا من وليمة الفصح اليهودي.[٩٧]
القبض على يسوع ومحاكمته
انطلق يسوع والتلاميذ نحو بستان الزيتون وهو المكان الذي كان يتردد يسوع عليه كثيرًا،[يوحنا 2/18] ثم اصطحب معه الحلقة الداخلية من التلاميذ وهم بطرس ويوحنا ويعقوب ابني زبدي ولاحقًا انفرد عنهم للصلاة؛ وتتفق الأناجيل الإزائية أن حالة يسوع حينها كان يشوبها الخوف والرهبة وأنه خلال الصلاة قد طلب من الآب أن يبعد عنه ما سيلاقيه لكنه أدرف: لتكن مشيئتك لا مشيئتي.[لوقا 42/22] ويضيف إنجيل لوقا تفصيلاً آخر بأن ملاكًا من الماء قد ظهر يشدده بينما صارت قطرات عرقه كقطرات الدم.[لوقا 44/22] وبعد صلاته عاد إلى التلاميذ فوجدهم نائمين لأن النعاس أثقل عيونهم،[مرقس 40/14] لكنه قال لهم: أقبلت الساعة، ها إن ابن الانسان يسلّم إلى أيدي الخاطئين، قوموا لنذهب فقد اقترب الذي يسلمني.[مرقس 42/14] وللحال كما تتفق الأناجيل الإزائية تقدم يهوذا الاسخريوطي يرافقه فرقة من الجند الرومان وهم في الغالب يقيمون منفصلين عن اليهود في محميات خاصة خارج المدن، فلم يكونوا على اختلاط بيسوع وربما استقدموا في إطار حفظ الأمن خلال عيد الفصح لا غير،[٩٨] وقد اتفق مسلموه مع الجند ويهوذا، أن الذي يقبله هو يسوع، فبعد أن قبله قال له يسوع: "يا يهوذا أبقبلة تسلّم ابن الإنسان."[لوقا 48/22]
لا يذكر إنجيل يوحنا شيءًا عن قبلة يهوذا، لكنه يضع التسليم في إطار لاهوتي، فعندما سأل يسوع الجند من تريدون وأجابوه أنهم يريدون يسوع الناصري، قال لهم "أنا هو"، وهو العبارة التقليدية في الديانة اليهودية للإشارة إلى الله فتراجع الجنود بقوة خارجية وسقطوا على الأرض، لكنهم قبضوا عليه بعد ذلك، وبحسب العقائد المسيحية واتفاق الأناجيل الأربعة، فهو من سمح لهم بالقبض عليه.[٩٩] حاول التلاميذ إبداء المقاومة، وقام بطرس بضرب عبد رئيس الكهنة المدعو ملخس فقطع أذنه، لكن يسوع رفض استخدام القوّة وقال: "ردّ سيفك إلى غمده!، فإن الذين يلجأون إلى السيف بالسيف يهلكون. أم تظنّ أني لا أقدر أن أطلب من أبي فيرسل لي اثني عشر جيشًا من الملائكة؟ ولكن كيف يتم الكتاب حيث يقول إن ما يحدث الآن لا بدّ أن يحدث".[متى 52/26-54] وقام بإعادة أذن ملخس إلى مكانها، ثم وجه كلامه للجند ومرافقيهم: "أكما على لص خرجتم بالسيوف والعصي لتقبضوا علي؟ كنت كل يوم بينكم أعلم في الهيكل، ولم تقبضوا علي ولكن قد حدث هذا كله لتتم كلمات الأنبياء".[متى 55/26] أما التلاميذ فقد هربوا بعد ذلك جميعًا،[متى 56/26] وتركوه وحيدًا وينقل إنجيل مرقس أن الجند حالوا اعتقال بعض التلاميذ لكنهم فشلوا.[مرقس 51/14]
سيق يسوع إلى منزل حنّان رئيس الكهنة السابق، فعلى الرغم من أن رئاسة الكهنوت في الشريعة اليهودية لا تزول، إلا أن الرومان قد تخطوا هذه القاعدة وعينوا صهره قيافا بدلاً منه، فما كان من سنهدرين وهو أعلى سلطة تنفيذة وتشريعية في المجتمع اليهودي القديم مكون من سبعين حاخامًا إلا أن اعترف برئاسة كليهما. وبعد جلسة حنّان السريعة سيق يسوع إلى منزل قيافا وهو مقر المجلس أيضًا، وقد حضر الجلسة عدد من رجال السنهدرين؛ وبحسب ما ذكر في الأناجيل فإن الجلسة الثانية في محاكمة يسوع لا يمكن أن تعتبر شرعية في الديانة اليهودية إذ تمت بسرية وتحت جنح الظلام وبحث بها الراغبون بإدانة يسوع وعلى رأسهم قيافا عن شهود زور، وقاموا بلطمه وشتمه وتعييره، ولم يرد يسوع على الاتهامات الموجهة له. أخيرًَا سأله رئيس الكهنة: "أأنت المسيح ابن المبارك؟ فقال يسوع: أنا هو، وسوف ترون ابن الانسان جالسًا عن يمين القدرة على سحب السماء".[مرقس 62/14] ما يشكل اعترافًا صريحًا بكون يسوع هو المسيح وابن الإنسان. فقام قيافا بشق ثيابه وهي حركة رمزية، إذ إنه بحسب الشريعة اليهودية لا يجوز لرئيس الكهنة أن يشق ثيابه، لكنه فعل ذلك كإشارة إلى خطيئته الصغيرة مقابل خطيئة يسوع العظيمة.[١٠٠]
خارج بيت قيافا كان يوحنا بن زبدي وبطرس ينتظران أخبار يسوع، وخلال وقوفهما هناك، سُئل بطرس ثلاث مرات هل تعرف يسوع فأنكر، وفي المرة الثالثة: ابتدأ بطرس يلعن ويحلف قائلاً: إني لا أعرف ذلك الرجل! وفي الحال صاح الديك فتذكر بطرس كلمة يسوع إذ قال له: قبل أن يصيح الديك تكون قد أنكرتني ثلاث مرات. فخرج إلى الخارج وبكى بكاءً مرًا.[متى 74/26-75]
في الصباح اجتمع السنهدرين بكامله للنقاش حول عقوبة الموت المستوجبة على يسوع لكونه مجدفًا بناءً على طلب قيافا نفسه، وقد أقرّ المجلس فعلاً هذه العقوبة؛ وقد نقل الإنجيل وكذلك التقليد الكنسي اللاحق، أن عددًا من أعضاء المجلس كنيقوديومس ويوسف الرامي قد رفضا المصادقة على هذا القرار.[١٠١]
كانت الإمبراطورية الرومانية قد سحبت تنفيذ الإعدام من أيدي اليهود وقصرته على الحاكم الروماني، ولذلك كان يجب تقديم يسوع للحاكم الروماني على اليهودية بيلاطس البنطي المعيّن عليها كما كشفت السجلات التاريخية منذ عام 26. وفي الواقع فإنه كان من الممكن تأجيل محاكمة يسوع ريثما ينهي العيد ويغادر بيطلاس القدس إلى يافا، عاصمة الولاية، بحيث تخف سطوة الرومان على المدينة ويمكن بالتالي التغاضي عن تنفيذ حكم إعدام. غير أن القادة الدينين وكما يقترح عدد من مفسري الكتاب المقدس، كانوا يرمون الإسراع في التنفيذ لانشغال الناس في العيد من ناحية، وخوفًا من تحرك أنصار يسوع في حال طال أمد اعتقاله وسوى ذلك فإن تنفيذ الرومان للحكم، يرفع عنهم مسؤولية قتله أمام الجماهير.[١٠٢] ولكون التهمة التي حوكم على أساسها يسوع بالإعدام وفق الشريعة اليهودية هي "التجديف" لا يأخذ بها القانون الروماني، كان عليهم أن يقدموا تهمة سياسية لقتله، لذلك عمدوا خلال لقائهم مع بيلاطس للتأكيد على كون يسوع إنما هو ثائر ومعادي للقيصر.[١٠٣]
قبيل لقاء يسوع مع بيلاطس كان يهوذا الاسخريوطي قد ندم على ما فعل، وأعاد ثمن الثلاثين قطعة من الفضة إلى الهيكل ثم مضى وشنق نفسه.[متى 9/27] وينفرد إنجيل متى بتقديم هذا التفصيل، ويضيف أن القادة اليهود اشتروا حقلاً ليكون مقبرة للغرباء بالمبلغ، ويضيف الإنجيل أن ما حدث تمّ لإكمال نبؤة إرميا: وأخذوا الثلاثين قطعة من الفضة، ثمن الكريم الذي ثمنه بنو إسرائيل.[متى 9/27] أما خلال لقاء يسوع مع بيلاطس، وهي رابع جلسة في محاكمته، وجه إليه القادة الدينيون عدة تهم، ولم يرد على أسئلة بيلاطس له حول الاتهامات الموجهة إليه، وقد أخبرهم بيلاطس صراحة: لا أجد ذنبًا في هذا الإنسان.[لوقا 4/23] ولكونه جليليًا أرسله إلى هيرودوس أنتيباس ملك الجليل الموجود في القدس للاحتفال بعيد الفصح، حيث تمت خامس جلسات المحاكمة، وأعاده أنتيباس إلى بيلاطس مجددًا دون أن يبدي حكمًا فيه.
حاول بيطلاس استجواب يسوع مجددًا ولكن على انفراد، ولم يدخل القادة اليهود إلى داخل القصر لكي لا يتنجسوا وفق الشريعة اليهودية التي تقضي بعدم دخول اليهود إلى أماكن وثنية،[يوحنا 28/18] بل وقفوا في فناء المنزل وتجمع حولهم عشرات من سكان المدينة والوافدين إليها. خرج بيطلاس إلى الحشد، وجدد لهم رفضه لصلبه وزاد في حيرته زوجته التي طلبت منه عدم إدانة يسوع،[متى 19/27] أخيرًا أمر بيلاطس بجلد يسوع علّ ذلك يرضي الجماهير غير أنهم رفضوا مطالبين بصلبه، ويشير عدد من الباحثين أن أشبه بصراع على النفوذ كان يدور بين بيلاطس وبين القادة الدينيين وعلى رأسهم قيافا، فمن خلال تعنتهم كانوا يودون إرغام بيلاطس على إعدام يسوع تنفيذًا لقرارهم. أمر بيلاطس بعرض يسوع إلى جانب باراباس، ولما كانت من عادته أن يعفو على سجين كل عيد، خير الحشد بين يسوع الذي كان حينها قد جلد وبين باراباس الذي يوضح إنجيل مرقس أنه كان من الثوار ضد الحكومة الرومانية ومتورط في عمليات سرقة وقتل خلالها،[١٠٤] فاختار الحشد إطلاق باراباس بل هددوا الحاكم برفع شكوى إلى القيصر بتهوانه ضد ثائر،[يوحنا 12/19] وتذكر السجلات التاريخية أن اليهود، وبعيد فترة قصيرة من صلب يسوع قد اشتكوا للقيصر ضد بيلاطس، فقام بعزله، بعد ولاية دامت عشر سنوات تميزت بسوء العلاقات مع المجتمع اليهودي.[١٠٥]
صلب يسوع وموته
- طالع أيضاً: صلب يسوع
أخذ بيلاطس ماءً وغسل يديه أمام الجمع وقال: أنا بريء من دم هذا البار.[متى 27/24] ثم سلّمه ليصلب. لا يختلف باحثان أن يسوع قد أدين من قبل سلطات الإمبراطورية الرومانية بتهمة الثورة وعقوبتها الإعدام. لكن المجلس الأعلى لليهود قد حكم عليه بالموت بتهمة التجديف، وبحسب الشريعة اليهودية فإن الإعدام يجب أن يتم رجمًا بالحجارة، غير أنه ولكون الحكم صادر عن الحاكم الروماني يتعين تنفيذ الطريقة الرومانية في الإعدام وهي الصلب.
كان في عادة الرومان أن يجلدوا المحكومين عليهم قبلاً، وبحسب مؤرخي ذلك الزمان فإن عملية الجلد تتم بتعرية القسم العلوي للشخص مع ربط يديه إلى عمود ثم جلده بسوط ثلاثي، وكثيرًا ما كان المحكومون يموتون خلال عملية الجلد نفسه.[١٠٦] ولم يكتف الجند الرومان بجلده، بل جدلوا له تاجًا من شوك، وألبسوه رداء أرجوان كنوع من السخرية بوصفه ملكًا، كما أخذوا بلطمه. والمكان التقليدي لهذه الحوادث هو قلعة أنطونيا، الماثلة آثارها إلى اليوم في القدس.
خرج يسوع حاملاً صليبه عبر طرق القدس، لكنه عجز عن المتابعة فسخر له الجند سمعان القيرواني لحمل الصليب، والراجح أن سمعان قد اعتنق المسيحية وأبناءه وأصبح ذا شأن في الكنيسة المبكرة، إذ ذكر في الرسالة إلى روما.[١٠٧] وقد تبع يسوع حسب رواية إنجيل لوقا: جمع كبير من الشعب والنساء كن يولون ويندبنه. فالتفت إليهن يسوع وقال: "يا بنات أورشليم لا تبكين علي بل ابكين على أنفسكن وأولادكنّ. فإن كانوا قد فعلوا هذا بالغصن الأخضر فماذا يجري لليابس؟".[لوقا 23/27-31،28] وأخيرًا وصلوا إلى تلة تدعى "الجمجمة" وبالعبرية "الجلجثة" ومعناها العارية، وهناك صلبوه وصلبوا معه رجلين واحدًا من كل جانب ويسوع في الوسط.[يوحنا 19/19] وبعد أن صلبوه تقاسم الجند ثيابه واقترعوا على ثوبه، أما يسوع فكانت أولى كلماته على الصليب كما يدونها إنجيل لوقا: "يا أبت اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون".[لوقا 23/34] وبحسب الأناجيل الإزائية فإن أغلب الجمع الحاضر والمارة أخذوا يشتمونه ويعيرونه بما قاله أو صنعه سابقًا: "خلصّ غيره أما نفسه فلا يقدر أن يخلصها".[متى 27/42]
يقول المؤرخ ويل ديورانت مؤلف سلسلة قصة الحضارة، نقلاً عن الخطيب الروماني شيشرون أن الصلب يعتبر أقسى طرق الموت الرومانية وأكثرها ابتكارًا، فبعد أن يجلد المحكوم عليه يتحول إلى كتلة لحم متوهجة ثم يثبت على الصليب بمسامير في اليدين والرجلين ويترك على هذه الحالة حتى يموت؛ وربما تفعّن جسده أو قامت الحشرات والطيور بالاستيطان به، وقد كان الجنود عادة يقومون بتقديم الخل للمحكومين، وهو نوع خمر رخيص، حتى يسكر المحكوم فيخفف ذلك من آلامه،[١٠٨] هذا ما يتفق مع الأناجيل الأربعة التي تذكر أنه عندما قُدم الخل ليسوع، رفض أن يشربه، وذلك لأنه أراد أن يتحمل الألم، فوفق العقائد المسيحية، بآلامه رفع يسوع خطايا العالم.[١٠٩]
وموت المصلوب يتم بسبب الاختناق، حيث وبنتيجة الضغط المستمر على الحجاب الحاجز وعظم الرجلين، يعجز الجسم عن تحمل هذا الضغط بعد فترة معينة، فيموت واختناقًا، وغالبًا ما كان الجند يكسرون ساقي المصلوبين للتسريع في عملية الموت. وقد تنبأ أشعياء أن المسيح عندما يأتي سيلاقي آلامًا جمّة:
![]() |
لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها؛ ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا ومسحوق لأجل آثامنا، وبجبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا، مال كل واحد إلى طريقه، والربّ وضع عليه إثم جميعنا. ظلم، أما هو فتذلل ولم يفتح فاه! كشاة تساق إلى الذبح وكشاة صامتة أمام جازيها لم يفتح فاه! سكب للموت نفسه، وأحصي مع الأثمة وهو حمل خطيئة كثيرين وشفع في المذنبين.[١١٠] | ![]() |
وينفرد إنجيل لوقا بذكر محادثة بين يسوع والمصلوبين معه، إذ قال لصّ اليسار: "ألست أنت المسيح؟ إذن خلّص نفسك وخلصنا".[لوقا 23/40] لكن لصّ اليمين ردّ عليه: "أما نحن فعقوبتنا عادلة، لأننا ننال جزاء عادلاً لما فعلنا. وأما هذا الإنسان لم يفعل شيءًا في غير محله".[لوقا 23/41] ثم طلب من يسوع أن يذكره في ملكوت السموات فقال له يسوع: "الحق أقول لك، اليوم ستكون معي في الفردوس".[لوقا 23/42] ويذكر إنجيل يوحنا أن مريم العذراء وكذلك شقيقتها التي ينقل التقليد أنها سالومة ومريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية إضافة إلى يوحنا بن زبدي كانوا واقفين تحت صليب يسوع، وقد طلب يسوع من يوحنا أن يرعى والدته قائلاً له: هذه أمك. ومنذ ذلك الحين أخذها التلميذ إلى بيته.[يوحنا 19/27] وتذكر الأناجيل الإزائية صراحة وجود سالومة ومريم أم يعقوب.
وبعد ثلاث ساعات من النزاع على الصليب، وفق الأنجيل، صرخ يسوع قائلاً: "يا أبت في يديك أستودع روحي".[لوقا 23/46] وهي آية مأخوذة من المزمور الخامس والثلاثين وحسب إنجيل يوحنا طلب يسوع قد أن يشرب، فلما ذاق الخل قال قد أكمل وذلك إتمامًا لنبؤة أخرى من المزمور الثاني والعشرين: في عطشي يسقونني خلاً. وعند ذلك: نكس رأسه وأسلم الروح.[يوحنا 19/30]
ترافق موت يسوع مع حوادث خارقة في الطبيعة على ما تذكره الأناجيل، فقد أظلمت الأرض واحتجبت الشمس تحقيقًا لنبؤة عاموس: ويكون في ذلك اليوم، يقول السيّد الرب، أني أحجب الشمس في الظهر وأقتم الأرض في يوم نور.[عاموس 8/4] وانشق الستار الفاصل بين قدس الأقداس في الهيكل وقسم العامة، ما يدل رمزيًا إلى انتهاء الحاجز بين الله والناس، وفق علم اللاهوت.[١١١] كما تزلزت الأرض وقامت أجساد بعض الموتى، وبنتيجة هذه الحوادث أشهر قائد المئة الذي يتولى حراسة يسوع إيمانه به.[١١٢]
كان بيلاطس البنطي قد أمر أن تكسر أرجل المصلوبين تسريعًا لموتهم، وذلك حتى لا تبقى جثثهم معلقة في سبت الفصح العظيم حسب الشريعة اليهودية، كون ذلك يشكل انتهاكًا لحرمة السبت وفق الشريعة،[يوحنا 19/31] لكن الجند لم يكسروا ساقي يسوع لكونه قد مات، وعدم كسر العظام هو من شروط حمل الفصح المنصوص عنها في سفر العدد ويسوع حسب العقائد المسيحية، قد تحوّل إلى حمل الفصح ولمرة واحدة للأبد.[١١٣] واستعاض الجند عن ذلك، للتأكد من موته، بطعنه، فخرج الدم والماء، وربما كان الماء الخارج المذكور في إنجيل يوحنا كما يقترح عدد من الباحثين ومفسري الكتاب المقدس، هو مصل الدم، فتأكد بذلك الجند من وفاته. ويعتقد المسيحيون أن ذلك إنما تم تحقيقًا لنبؤة زكريا بن برخيا: "سينظرون إلى ذلك الذي طعنوه".[يوحنا 19/37]
القيامة والصعود
- طالع أيضاً: قيامة يسوع
طلب يوسف الرامي أحد أعضاء المجلس الأعلى لليهود أخذ جثمان يسوع، ويعلن إنجيل يوحنا أنه أحد تلامذة يسوع ولكن في السر،[يوحنا 19/28] فسمح له بيلاطس بإنزال الجثمان عن الصليب ودفنه. فأخذ يوسف الرامي ومعه نيقوديموس الجثمان ثم قاما بتكفينه ووضع الطيوب على جسده،[يوحنا 19/41] ثم نقله إلى بستان قريب من مكان الصلب فيه قبر جديد لم يكن أحد قد دفن فيه من قبل،[يوحنا 19/41] وقد حضر الدفن أيضًا مجموعة من النسوة التابعات كسالومة ومريم أم يعقوب ومريم المجدلية وينقل التقليد أن مريم العذراء كانت أيضًا: "فرأين القبر وكيف وضع جثمانه".[لوقا 23/54] على أن الجنازة كانت مسرعة، وذلك لأن الامتناع عن الحركة في سبت الفصح يبدأ من مساء يوم الجمعة.[١١٣]
وفي اليوم التالي، وحسب الرواية التي انفرد بها إنجيل متى وضع الرومان حراسة على القبر بناءً على طلب المجلس الأعلى لليهود خوفًا من أن يقوم التلاميذ بسرقة الجثمان.[متى 27/64] وفي اليوم الثالث - أي يوم الأحد - زارت بضع النسوة وهم أنفسهنّ اللواتي وقفن تحت صليب يسوع باستثناء مريم أمه القبر فوجدنه فارغًا، بينما الجند الموكولين حراسته "كأنهم موتى".[متى 28/4] ثم ظهر ملاك أخبر النسوة: "لا تخافا! فأنا أعلم أنكما تبحثان عن يسوع الذي صلب، إنه ليس هنا! فقد قام كما قال. تعاليا وانظرا المكان الذي كان موضوعًا فيه، واذهبا بسرعة وأخبرا تلاميذه أنه قد قام من بين الأموات وها هو يسبقكم إلى الجليل، هناك ترونه".[متى 28/7]
هذه رواية الأناجيل الإزائية، وهي تختلف فيما بينها بعدد النسوة وبعدد الملائكة غير أنها واحدة في خطوطها العامة، أما في إنجيل يوحنا فلا يذكر من النسوة سوى مريم المجدلية، وهي عندما لم تجد الجثمان عادت فأخبرت بطرس ويوحنا بن زبدي، فحضرا إلى القبر ليجدا الأكفان ثم رجعا إلى المدينة،[يوحنا 20/7] أما مريم المجدلية فقد ظلت عند القبر تبكي، فظهر لها ملاكان ثم ظهر يسوع نفسه.[يوحنا 20/17] ليكون بذلك أول ظهور له بعد القيامة.
كذلك فقد ظهر في اليوم الأول من قيامته حسب العقائد المسيحية، إلى تلميذين من تلاميذه على طريق قرية عمواس، وقد عرفاه عند كسر الخبز،[لوقا 24/30] وفي المساء ظهر للتلاميذ مجتمعين دون توما ثم ظهر بعد ثمانية أيام وتوما معهم؛ إذ كان توما قد رفض الإيمان ما لم يضع إصبعه في مكان المسامير - كما جاء في إنجيل يوحنا - قال له يسوع: "هات إصبعك إلى هنا وانظر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي. ولا تكن غير مؤمن بل كن مؤمنًا". فهتف توما: "ربي وإلهي". فقال له يسوع: "ألأنك رأيتني آمنت، طوبى لمن آمنوا ولم يروا".[يوحنا 20/27-30]
وكذلك فقد ظهر لثلاثة من التلاميذ على شاطئ بحيرة طبرية، وبحسب رواية العهد الجديد فإن يسوع قد ظهر مرات أخرى عديدة لم تدون، "وأثبت لهم أنهم حي ببراهين كثيرة قاطعة. وحدثهم عن ملكوت الله".[أعمال 1/3] وبعدها صعد إلى الجليل بحسب إنجيلي متى ومرقس وجبل الزيتون حسب أعمال الرسل وكان من آخر كلماته لهم: "ستنالون قوة من الأعالي، متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودًا في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقاصي الأرض". [أعمال 1/8] ومن ثم حجبته سحابة عن أنظارهم. وقد ظهر ملاكان قالا للتلاميذ الذين شاهدوا صعوده: "إن يسوع الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيعود منها مثلما رأيتموه منطلقًا إليها".[أعمال 1/11] والمسيحيون لا يزالون حتى اليوم ينتظرون عودته والتي ستكون لدينونة العالم وذلك في اليوم الأخير.
يسوع في المذاهب المسيحية الأخرى
جزء من سلسلة |
|العقائد |
الله |
تاريخ المسيحية |
مسيحية مبكرة · مجامع مسكونية |
شخصيات مؤثرة |
مريم العذراء · التلاميذ الاثني عشر |
الكتاب المقدس |
العهد القديم · العهد الجديد |
طوائف مسيحية |
كاثوليكية · أرثوذكسية شرقية · أرثوذكسية مشرقية · بروتستانتية · شهود يهوه · نسطورية |
الحضارة |
الحياة الدينية |
الأعياد · الرموز |
كنائس وكاتدرائيات |
كاتدرائية · كنيسة |
مواقع مقدسة |
انظر أيضا |
البوابة المسيحية |
فيما يلي عرض لآراء مذاهب مسيحية أخرى حول يسوع المسيح، وهي تخالف بطبيعة الحال الرؤيا المسيحية التقليدية للمذاهب الكبرى الأرثوذكسية، الكاثوليكية والبروتستانتية، مع وجود نقطة شبه بين المذهب الأخير والنسطورية، حيث أن البروتستانت لا يُطلقون لقب والدة الإله على مريم العذراء.
الآريوسية
لا تعتقد الآريوسية بألوهة المسيح وتقول بأن الابن الكلمة، المسيح، ليس بإله فهو مولود من الله الآب لذلك فإن علاقته مع الآب هي علاقة بنوة وليست مساواة أو مشاركة في ذات الطبيعة الإلهية، وعلى هذا فالكلمة ليس أزلي ولكن مخلوق خاضع لله.[١١٤]
حسب العقيدة الآريوسية، فإنه لو كان الابن أزليًا، فإن هذا سيقود حكمًا لاعتباره كما الآب مبدأً وأساسًا لكل مخلوق، وبما أن العقل لا يمكن أن يقر بمبدأين وأساسين فالابن إذًا بالرغم من أنه موجود قبل كل الخليقة وقبل كل الأزمنة، إلاأنه يرتبط بالآب الذي كان قبله وأخذ منه كيانه؛ هذا يعني أن الابن لم يكن موجودًا في وقت من الأوقات، أي أنه والروح القدس لا يشتركان مع الآب في صفة الأزلية.[١١٥]
وبحسب آريوس، موجد هذا المذهب، فإنه لو كان الابن مخلوقًا ولو كانت الطبيعة الإلهية غير قابلة للتغير والفساد فإن منح الآب جوهره أو جزءًا منه للابن سيؤدي إلى انقسام الطبيعة الإلهية الغير منقسمة أصلاً، لذلك فقد رفض آريوس وأتباعه مبدأ “الجوهر الواحد”.
النسطورية
في النسطورية يسوع المسيح مكون من شخصين، إلهي وهو الكلمة، وإنساني أو بشري هو يسوع، فبحسب النسطورية لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين البشرية والإلهية في شخص يسوع المسيح. بل هناك مجرد صلة بين إنسان والألوهة، وبالتالي لا يجوز إطلاق اسم والدة الإله على مريم كما تفعل الكنائس المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية، لأن مريم بحسب النسطورية لم تلد إلها بل إنسانا فقط حلت عليه كلمة الله أثناء العماد وفارقته عند الصليب.[١١٦]
ويعتقد نسطور، مؤسس هذا المذهب، أن اتحاد اللاهوت بيسوع الإنسان ليس اتحادًا حقيقيًا، بل ساعده فقط، وفسر الحلول الإلهي بيسوع على المجاز أي حلول الأخلاق والتأييد والنصرة. وقال في إحدى خطبه: "كيف أسجد لطفل ابن ثلاثة أشهر؟" وقال: "كيف يكون لله أم؟ إنما يولد من الجسد ليس إلا جسدًا، وما يولد من الروح فهو روح. إن الخليقة لم تلد الخالق، بل ولدت إنسانًا هو إله اللاهوت".
المورمون
يؤمن المورمون بأن يسوع المسيح هو ابن الله وهو ابن الله الوحيد المولود بالجسد، وهو المخلص الذي من خلاله أعد الآب السماوي طريقا لجميع البشر لكي يكونوا مثله ولكي يعودوا ويحيوا معه للأبد، فالمورمون يؤمنون بالمسيح ويعبدونه على أنه المخلص.[١١٧]
ويؤمن المورمون أيضًا بأن يسوع المسيح قام بخلق كل شيء تحت إشراف الآب السماوي، وهو سوف يكون ديان العالم في اليوم الأخير. وبحسب إيمان المورمون فأن يسوع ولد من مريم العذراء وخلال حياته على الأرض قدم للإنسان حياة مثالية لكي يحتذى بها، وعلم الجموع بالكلمة وبالأمثلة كيف يجب أن يعيشوا في محبة لله وللآخرين واجترع معجزات كثيرة من شفاء وتكثير للخبز السمك وطرد الشياطين وغيرها.
ومن خلال آلام يسوع في بستان جثسيماني ولاحقا على الصليب، تخلص البشر من الخطايا، فالذي يتبعه بصدق وتوبة تغفر ذنوبه بكفارة المسيح، ومن خلال قيامته خلص يسوع الناس من الموت، فقد منحهم جميعا القوة للقيامة، وعندما تنتهي الحياة على هذه الأرض سوف يكون يسوع المسيح الديان الأخير.[١١٨]
دُوّن في العهد الجديد قسم من حياة المسيح وفي كتاب المورمون تكملة لحياة يسوع على الأرض بعد قيامته حيث ظهر لشعبه في القارة الأمريكية القديمة، حيث يعتقد المورمون بأن كتاب مورمون الذي دونه جوزيف سميث بطريق الوحي هو شاهد آخر إضافة للكتاب المقدس على حياة وتعاليم المسيح.
بالنسبة للمورمون، فإن يسوع المسيح هو أحد أعضاء الثالوث الأقدس الذي هو الإله المتحد في العلة والسبب وليس في الجوهر.
شهود يهوه
بالنسبة لشهود يهوه فإن يسوع ليس إنسانا وليس إلها قديرا بل هو مخلوق روحاني قدير وملك سيحكم في يوم ما العالم باسم يهوه وقد نال لقب "المسيح" عندما اعتمد في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان.
الله "يهوه" قام بخلق يسوع المسيح قبل كل خليقة وبه خَلَقَ كل شيء، أي أن يسوع هو المخلوق الوحيد الذي خُلِقَ مباشرة من قبل الله، فهو ابن الله البكر الناطق بلسان يهوه فهو كلمة الله، وقد تعلم يسوع من أبوه يهوه كل شيء في الفترة الطويلة التي قضاها في السماء إلى جانبه، ثم بدأت مرحلة جديدة من حياته عندما أًرسِل إلى الأرض وولد بطريقة معجزية من مريم العذراء.
وعندما بلغ يسوع الثلاثين من عمره بدأ ينادي ببشارة ملكوت الله وفي نهاية مسيرته الدنيوية قدم حياته طوعا بدافع المحبة للإنسان لكي يعطي للبشرية الأمل بالمستقبل، وقد قًتِل صلبا على عمود وليس على صليب كما يدعي المسيحيين، وبعد موته قام كشخص روحاني وصعد إلى السماء وجلس عن يمين يهوه منتظراً أن يستلم حكمه الملكي والذي ناله وبدأ يحكم كملك، وسوف يأتي في يوم ما ليشن حرباً ليهلك الأمم الشريرة وليحفظ أتباعه الأبرار أثناء تلك الحرب المسماة "هرمجدون"، وبعدها سيحيا أتباعه في كنفه بسلام عظيم كرعايا أرضيين لملك يهوه السماوي حيث سينهي المرض والموت والجوع.[١١٩]
يسوع في الديانات والمذاهب الأخرى
في اليهودية
- طالع أيضاً: الماشيح
لايؤمن اليهود بيسوع ويرفضون فكرة تألهه وبأنه جزء من ثالوث إلهي، واليهودية أيضًا لاتعترف بكون يسوع هو المسيا أو المسيح المنتظر، لأنه حسب اعتقادهم لم يتمم النبوات التي تحدثت عن المسيح وعن العصر المسيحاني الذي سيجلبه معه، ويمكن ملاحظة موقف اليهودية من يسوع بشكل واضح في كتابات الرابي موسى بن ميمون حيث يقول في كتابه "ميشناه التوراة":
![]() |
أما عن يسوع الناصري الذي ادعى أنه المسيا (المسيح) وقُتل بأمر المحكمة، كان النبي دانيال قد سبق وتنبأ عنه: "وأطفال ثوار شعبك سيرفعون أنفسهم لمرتبة النبوة فيتعثرون"، فهل يمكن أن توجد صخرة عثرة أكبر من هذه؟ كل الأنبياء أجمعوا على أن المسيا سوف يخلص إسرائيل وينقذه وبأنه سيجمع المشتتين ويقيم الوصايا، بينما سبب الناصري ضياع إسرائيل بحد السيف وتفرق من تبقى منهم في كل مكان، كما أنه غير التوراة وتسبب بحصول خطأ فظيع بعبادة إله إلى جانب عبادة الرب.
ولكن عقل الإنسان لا قدرة له على الوصول إلى مقاصد الخالق لأن أفكاره وطرقه ليست كأفكارنا وطرقنا، كل هذه المسائل عن يسوع الناصري وعن الاسماعيلي الذي قام من بعده (محمد بن عبد الله) كانت الغاية منها تمهيد السبيل للملك المسيا ولإعادة العالم الزائل لعبادة الله معا كما قال النبي صفنيا: "لأني حينئذ أحول الشعوب إلى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب ليعبدوه بكتف واحدة". |
![]() |
وتعلن اليهودية الإصلاحية بشكل صارم بأن كل يهودي يصرح بان يسوع هو المسيح المخلص فهو ليس بيهودي بعد، فبحسب التقليد اليهودي فأن السماء لم ترسل أنبياء بعد عام 420 ق.م،[١٢٠] فيكون بذلك النبي ملاخي هو آخر أنبياء اليهودية والذي سبق زمانه زمان يسوع بعدة قرون.
فاليهود إذا يؤمنون بشكل قاطع بأن يسوع لم يتمم الشروط الأساسية التي حددتها التوراة عن شخصية المسيح، فهو ليس المسيح ولا حتى نبي مرسل من عند الله.
في الإسلام
- طالع أيضاً: عيسى بن مريم
يسوع في الإسلام يدعى عيسى بن مريم، ويقول الباحث فراس السواح أن القرآن أعطى ألقابًا لعيسى تزيد عما أعطي لأي شخصية دينية أخرى فهو النبي والمبارك ورسول الله وكلمة الله وروح الله وقول الحق وآية للناس ورحمة من الله ووجيه في الدنيا والآخرة ومن المقربين لله.[١٢١] وقد حفلت بأخباره بشكل رئيسي ثلاث سور في القرآن هي سورة آل عمران وسورة مريم وسورة المائدة، بالإضافة إلى ما ورد متفرقًا في سور أخرى. وقد ورد ذكره في القرآن نحو خمس وثلاثين مرة بخمس صيغ هي عيسى أو عيسى ابن مريم أو المسيح ابن مريم أو المسيح أو المسيح عيسى بن مريم؛ ليحلّ بذلك ثالثًا من حيث عدد المرات التي ذكر بها أشخاص في القرآن بعد إبراهيم وموسى.[١٢٢]
من الصعب العثور على جذر عربي واضح لاسم عيسى، ويرى عدد من الباحثين أنه تعريب لاسم إيسوس اليوناني (باليونانية: Ιησούς)، أو إيسَ نظرًا لكون لازمة "وس" تلحق بجميع أسماء الأعلام في اللغة اليونانية،[١٧][١٢٣] ويرى العدد الآخر من الباحثين أن اللفظ هو اللفظ الذي كان سائدًا في شمال شبه الجزيرة العربية وهي ظاهرة متكررة مع سائر أسماء الأنبياء، فالقرآن يقول يحيى لا يوحنّا وإلياس لا إيليا وإدريس لا أخنوخ.[١٢٤]
في الواقع، فإن نقاط الائتلاف بين الرواية المسيحية والرواية الإسلامية لحياته وطبيعته تفوق نقاط الاختلاف، رغم كون نقاط الاختلاف جوهرية عند وقوعها. فكيفية الحبل به وبشارة مريم ومكانتها هي واحدة في الروايتين،[١٢٥] وذكر القرآن لكونها قد ولدته تحت جذع نخلة لا يناقض الإنجيل الذي لا يذكر به لحظة الولادة، ما يؤدي أقله لكون الرواية القرآنية لا تنفي الرواية الإنجيلة أو تخالفها. أما حديث عيسى في المهد وظهور براءة مريم كما تذكر في القرآن فتغيب عن الأناجيل الرسمية لكنها تظهر في الأناجيل المنحولة خصوصًا "أناجيل الطفولة" ومن هذه الأحداث نفخ عيسى في طيور مصنوعة من طين فتحولت إلى طيور حقيقية، وهي مذكورة في إنجيل توما وسورة آل عمران. ومن المعلوم، أن الكنيسة وإن رفضت هذه الأناجيل غير أن بضعًا من أحداثها قد أثبته آباء الكنيسة وأدرج في إطار التقاليد الكنسية اللاحقة.[١٢٦]
جزء من سلسلة |
رسل وأنبياء |
آدم·إدريس |
أما عن أعماله اللاحقة فتتفق الروايتان حول إقامة الموتى وإبراء البرص والعميان وإنزال مائدة من السماء والتي وجدها البعض تقابل تكثير الخبز في الأناجيل الأربعة وتحليل بعض ما حرمت الشريعة اليهودية،[١٢٧] وملخص القول، أنه على الرغم من عدم تفصيل القرآن لأي معجزة من معجزاته إلا أنه يتفق مع ما جاء في الإنجيل من حيث العناوين العريضة لهذه المعجزات دون خلاف.
أيضًا فإن فراس السواح يعرض في كتابه «الإنجيل برواية القرآن» قائمة من خمسين قولاً منسوبة في الإنجيل ليسوع وترد في القرآن بالسياق والمعنى نفسه دون أن تكون منسوبة لشخصه، ما يدلّ - حسب رأي السواح - إلى تشابه في الجوهر المشترك لتعاليم يسوع وتعاليم القرآن؛ على سبيل المثال يقول يسوع في إنجيل لوقا: "تأملوا الطيور، إنها لا تزرع ولا تحصد... والله يقيتها. كم أنتم بالحري أفضل من طيور كثيرة." [لوقا 12/24] ويقابلها في القرآن: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.[١٢٨] كما أن تفاصيل يوم القيامة وما سيسبقه من زلزلة ونفخ في الصور وظهور الدجال هي متطابقة في تعليم يسوع وتعليم سفر رؤيا يوحنا والرواية الإسلامية للأحداث، مع بعض الاختلافات في التفاصيل، وتفسير الكنيسة لبعض هذه الأحداث بالمعنى المجازي في حين تمسك الإسلام بحرفيتها.[١٢٩]
أما الاختلافات الجوهرية تحصر في نطاقين، النطاق الأول هو موضوع الصلب، فقد جاء في القرآن: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾.[١٣٠] وقد اختلف فقهاء المسلمين في تفسير الآية السابقة فمال البعض للقول بأن أحد التلاميذ الاثني عشر أو الحواريين كما يدعو في القرآن قد صلب مكان عيسى برضاه لقاء دخول الجنة، وذهب البعض الآخر حديثًا للقول بأن يهوذا الاسخريوطي مسلّم المسيح هو من تمّ صلبه كعقاب له على خيانة معلمه.[١٣١] أما الجدل الأعمق فهو بخصوص موت المسيح وبعثه اللاحق، ومن الآيات التي أشارت إلى ذلك: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾[١٣٢] وفي موضع آخر: ﴿إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾[١٣٣] فقال البعض من الفقهاء أن الوفاة المذكورة هي وفاة النوم لا وفاة الموت، وأشار البعض الآخر إلى نوع من التقديم والتأخير، أي أن معنى الآية ارتفاع عيسى إلى السماء أولاً على أن يكون موته بعد عودته قبيل يوم القيامة، وجاء الرأي الثالث بأن وفاةً طبيعية حدثت لعيسى وأن بعثه لم يتم إنما سيتم في اليوم الأخير، أما الرأي الرابع مفاده أن الله قد أمات عيسى ثم بعثه من الموت بعد ذلك ورفعه إليه. يلاحظ التقارب بين عناصر الرواية الإنجيلية والرواية القرآنية في عدد من التفاسير السابقة فكلاهما ينصّ على موت ثم بعث ورفع.
غير أن الجدال لم يحسم حتى الآن بين مؤيدي للنظريات الأربع السابقة، وربما ما يساهم في استمرار الجدال كون القرآن والحديث لا يقدمات أية إجابات واضحة وحاسمة حول الطريقة التي نجا بها عيسى من الصلب وأين كان بعد نجاته وأين توفي أو متى؟ بل أين موقعه الحالي؟.[١٣٥] وبكل الأحوال فإن القرآن لا يشير إلى دور خلاصي في وفاة عيسى والتي تعتبر أحد أركان العقيدة المسيحية؛ على أن الكتابات الغنوصية وهي طائفة مسيحية مزجت بين الديانات الإغريقية القديمة والمسيحية رفضت صوفيًا موت يسوع وهو ما أشار إليه القرآن: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾.[١٣٦]
أما النطاق الثاني للخلاف، فهو موضوع ألوهة يسوع أو كونه الابن، حيث تظهره العقائد الإسلامية بمظهر النبي والرسول إنما تحت إمرة الله؛ ومن الملاحظ أن المسيحية لا تنفي كون يسوع نبيًا أو رسولاً فبوصفه "المسيح" فقد جمع ثلاث صفات هي النبي والكاهن والملك.[١٣٧] أما نقد كونه ذو طبيعة إلهية أو ابن الله فهناك العديد من الآيات التي تفيد ذلك: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ.﴾[١٣٨] وفي موضع آخر: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾.[١٣٩]
يعتقد المسلمون أن المسيح رسول الله من أولي العزم من الرسل. ويجلّون ذكراه ويسلّمون عليه وعلى كل الأنبياء، ويتسمون باسمه عيسى وباسم أمّه مريم كما يعتقدون بأن المسيح سيأتي لينصر المسلمين والمؤمنين بالله، آخر الزمان، فيملأ الأرض عدلاً وقسطًا.[١٤٠] كما يؤمن المسلمون أن المسيح قد تنبأ بقدوم محمد ليكون آخر الأنبياء وخاتمهم،[١٤٠] لما جاء في القرآن: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾[١٤١] ويقول علماء الشريعة الإسلامية أن "أحمد" المذكور هو نفسه محمد لعدّة أسباب منها أن هذه البشارة بهذا الاسم نزلت في لغة غير عربية، واللغات لا تتطابق فيها الأسماء تمام المطابقة، فقد يقرأ الاسم الواحد بأكثر من لفظ لضرورة الترجمة، مثل "إبراهيم"، فهو يُقرأ "إبراهام" ويقرأ "إبراهوم" في قراءات القرآن الكريم، ولم يقل أحد أن الاسم الأول غير الاسم الثاني، ولكن جرى التسامح في رسمها ونطقها لاختلاف اللغة.[١٤٢]
في البوذية
العديد من البوذيين - بما فيهم تينزن غياتسو، الدالاي لاما الرابع عشر - ينظرون إلى يسوع المسيح على أنه بوديساتفا عظيم،[١٤٣] أي أنهم يعتقدون بوصوله إلى أقصى درجات البوذية الروحية، وبأنه قضى حياته بصنع الخير لبني البشر، وقد لاحظ الحكماء البوذيون دائما التشابه الكبير بين تعاليم يسوع وبوذا، ليس من ناحية أن كلا الرجلين دعا للمحبة والتسامح فقط بل أيضًا من ناحية أخذهما ذات الموقف من الأديان التي كانت سائدة في أيامهما فقد احترماها وانتقداها في نفس الوقت وقد يكون تشبيه يسوع لرجال الدين اليهود "بالأعمى الذي يقود أعمى" والوارد في كتاب سوترا بيتاكا البوذي أبرز نقاط التشابه؛ وكخلاصة يمكن القول أنهما كانا مصلحين دينيين أيضًا. بيد أنه في العقائد الدينية، لا يوجد أي تشابه بين الشخصين، فلم يؤثر عن بوذا أنه مخلص لشعبه أو ولادته من عذراء ولم تقدره البوذية كإله أو كابن الله، وكذلك فقد ركز بوذا على التمارين الصوفية المعمقة وتنمية المعرفة الحسيّة في حين لا وجود لمثل هذه التعاليم لدى يسوع.[١٤٤]
وعندما اكتشف إنجيل توما ـ أحد الكتب غير القانونية بالنسبة للكنيسة ـ عام 1945م، ربط بعض الباحثين بين محتواه وما بين التصورات الروحية البوذية والشرقية بشكل عام.[١٤٥]
وجهة نظر الهندوسية
للهندوس اعتقادات مختلفة عن يسوع، فالبعض يعتقد بأنه كان رجلا عاديًا، والكثيرين منهم ينظرون إلى يسوع على أنه "جورو" – أي المعلم الهندوسي الذي قطع شوطا طويلا في بلوغ الحكمة، أو بأنه "يوجي" – أي خبير بممارسة اليوغا، ولكنه لم يكن إلها، والعديدين من أتباع تقليد "يوغا سرات شبدا"، أي اتحاد الروح مع الكائن الأسمى" مثل سوامي فيفيكانادا، أحد كبار القادة الروحيين لفلسفة الفيدانتا والذي عاش في القرن التاسع عشر، يعتبرون يسوع بأنه منبع للاستقامة وبأنه خلاصة الكمال.
أما بالنسبة لباراماهانسا يوجاناندا الذي لعب دورًا رئيسيًا في جلب فلسفة اليوغا إلى الغرب وكان يعتقد بأن يسوع كان إعادة لتجسد النبي اليسع وبأنه كان تلميذًا ليوحنا المعمدان الذي كان بدوره إعادة لتجسد النبي إيليا، حيث النبي اليسع كان تلميذًا للنبي إيليا، وكلاهما من أنبياء العهد القديم.
وقد اعتبر المهاتما غاندي يسوع كأحد معلميه الرئيسيين وبأنه ملهمه في فلسفة المقاومة السلمية أو فلسفة اللاعنف، ومن أقواله الشهيرة عن يسوع قوله للإنكليز:
![]() |
أحب مسيحكم، ولكني لا أحب مسيحييكم فهم بعيدون جدًا عن أن يكونوا كالمسيح.[١٤٦] | ![]() |
وجهات نظر متنوعة
تعتبر الديانة البهائية يسوع المسيح ومحمد بن عبد الله وجواتاما بوذا وآخرين بأنهم جميعا أنبياء لله، وبينما يوجد هناك وجهات نظر بهائية تتفق مع تلك المسيحية عن يسوع فأن المسيحيين يرفضونها تمامًا.[١٤٧]
تنظر الديانة المندائية إلى يسوع على أنه نبي مخادع أو المسيح الكاذب أنتجته خرافات إله اليهود في كتاب العهد القديم، وبأنه كان خصما للنبي الصالح يوحنا المعمدان، ومع هذا فأنهم يؤمنون بأن يوحنا قد عمَّد يسوع.[١٤٨]
لحركة العصر الجديد (بالإنجليزية: The New Age) آراء وتصورات عديدة عن شخصية يسوع المسيح، فالبعض منهم يعتبره المعلم العظيم أو السيد العلِّي على غرار بوذا، الذي علم الناس بأن المسيحانية هي شيء يمكن لأي إنسان بلوغه.
وفي نفس الوقت العديد من مبادئ حركة العصر الجديد كالتقمص تتعارض وتتضارب مع تعاليم المسيحية التقليدية، وهناك بعض جماعات هذه الحركة تعتقد بأن يسوع درس الحكمة في جبال الهملايا أو في مصر خلال سنوات حياته الضائعة، أي خلال فترة تقريية ما بين طفولته وبداية عمله التبشيري عندما بلغ الثلاثين والتي لم يتحدث عنها الكتاب المقدس.
هناك العديد من علماء الأخلاق ممن شددوا على القيم الأخلاقية التي نادى بها يسوع، مثل جاري ويلس (بالإنجليزية: Garry Wills) الذي بين أن هناك تمايز بين أخلاقيات يسوع والأخلاقيات المعتادة للمسيحية، وقد صور يسوع على أنه الواعظ المتجول،[١٤٩] الذي علَّم عن السلام،[١٥٠] وعن المحبة،[١٥١] وعن حقوق المرأة،[١٥٢] وعن احترام الأطفال،[١٥٣] وهو الذي تجرأ وانتقد القادة الدينيين المرائين[١٥٤] والأغنياء،[١٥٥] وقد أيَّد وأكَّد على هذه المبادئ الأخلاقية الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان والملحدين واللاأدريين.
ويوجد بعض من المؤرخين من يشك بحقيقة وجود يسوع كشخصية تاريخية والبعض الآخر ينفي وجودها تماما.[١٥٦]
انظر أيضًا
حواش
- 1، أرفق إلى جانب كل لقب موضع واحد من مواضع تواجده في العهد الجديد، وتم ترتيب الألقاب بحسب ترتيب كتب العهد الجديد المقتبسة منها.
المراجع
- ^ تعددت وجهات النظر حول موعد ميلاد المسيح، انظر متى ولد المسيح؟، الأنبا تكلا، 27 كانون الأول 2010، حيث تدعم فرضية 4-5 قبل الميلاد وانظر متى ولد المسيح؟ نجم بيت لحم (بالإنجليزية)، موقع الدكتور بلايتوس والتي تدعم فرضية 2 قبل الميلاد، وانظر يسوع التاريخي، القسم الثاني (بالإنجليزية)، موقع آوت-لوك، 27 كانون الأول 2010، والذي يشير إلى 6 أو 8 قبل الميلاد ويشير إلى نظرية أخرى حول 20 قبل الميلاد، للاستزادة انظر فقرة ميلاد يسوع.
- ^ يسوع ولد في بيت لحم (بالإنجليزية)، موقع طريق يسوع، 27 كانون الأول 2010.
- ^ في أي قرية ولد المسيح؟ (بالإنجليزية)، موقع تسامح الأديان، 27 كانون الأول 2010.
- ^ كرونولوجيا حياة المسيح (بالإنجليزية)، الموسوعة الكاثوليكية، 27 كانون الأول 2010.
- ^ Vermes, Geza. The authentic gospel of Jesus. London, Penguin Books. 2004.
- ^ وفقا للتقليد االكنسي، فإن اسم والد مريم العذراء هو "يواقيم"، وعند المسلمين هي مريم بنت عمران التي يُطلق عليها أيضا "مريم العذراء" انظر مريم أم يسوع، منتديات النعمة، 27 كانون الأول 2010.
- ^ الإنجيل يعترف أيضًا أن يوسف هو الوالد بحكم القانون ليسوع انظر، القديس يوسف (بالإنجليزية)، موقع الكاثوليكية، 27 كانون الأول 2010.
- ^ يسوع المسيح (بالإنجليزية)، الموسوعة البريطانية، 27 كانون الأول 2010.
- ^ المسيا، المسيح. (بالإنجليزية).، الموسوعة البريطانية، 27 كانون الأول 2010.
- ^ مرقس 1 : 1
- ^ لوقا 20:41-44
- ^ يوحنا 10 : 30
- ^ تيموثاوس الأولى 16:3
- ^ الموسوعة العربية المسيحية-مجمع نيقية
- ^ معنى اسم يسوع، موقع النعمة، 29 كانون الأول 2010.
- ^ معنى اسم يسوع المسيح (بالإنجليزية)، الموسوعة الكاثوليكية، 29 كانون الأول 2010.
- ^ أ ب اتحاد الشباب المسيحي
- ^ قصة الحضارة - ويل ديورانت، الكتاب الخامس، الباب السادس والعشرون، الفصل الأول، ص.3901-3902
- ^ قصة الحضارة - ويل ديورانت، الكتاب الخامس، الباب السادس والعشرون، الفصل الأول، ص.3903
- ^ قصة الحضارة - ويل ديورانت، الكتاب الخامس، الباب السادس والعشرون، الفصل الأول، ص.3902
- ^ الفاتيكان وروما المسيحية، محمد فاضل، دار طلاس، دمشق 1992، ص.98.
- ^ قصة الحضارة - ويل ديورانت، الكتاب الخامس، الباب السادس والعشرون، الفصل الأول، ص.3899-3901
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، العهد الجديد، لجنة من اللاهوتيين، دار المشرق، الطبعة السادسة عشر، بيروت 1988، بإذن الخور أسقف بولس باسيم، النائب الرسولي للاتين في لبنان، ص.798
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.18
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.18-19
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.19
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.20-25
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.20-21
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.21-22
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.23
- ^ المدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.25
- ^ المدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.38
- ^ المدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.40
- ^ المدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.24-28
- ^ المدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.42
- ^ جاء في قرارات المجمع "مولود غير مخلوق، مساو للآب في الجوهر، مولود من الآب قبل كل الدهور"، انظر بعض قرارات مجمع نيقية الأول، الموسوعة العربية المسيحية، 27 كانون الأول 2010.
- ^ لاهوتيات وحقائق عن المسيح، موقع أغابي الأردن، 27 كانون الأول 2010.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، لجنة من اللاهوتيين، دار تايدل للنشر، بريطانيا العظمى، طبعة ثانية 1996، ص.686
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق ص.687
- ^ ما هي النبؤات التي تحدثت عن يسوع في العهد القديم؟، الأنبا تكلا، 29 كانون الأول 2010.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.7-10
- ^ ما معنى اسم المسيح؟ (بالإنجليزية)، موقع الأخبار السارة، 2 يناير 2011.
- ^ سر الميرون من الكتاب المقدس، الأنبا تكلا، 2 يناير 2011.
- ^ انظر نبؤات زكريا بن برخيا الواردة في سفر زكريا حول اجتماع الصفات الثلاثة: الملك والنبي والكاهن في شخص المسيح المنتظر: زكريا: الكاهن والنبي والملك، كنيسة الإسكندرية الكاثوليكية، 27 كانون الأول 2010.
- ^ الكاهن والنبي والملك (بالإنجليزية)، موقع دراسات الكتاب المقدس، 27 كانون الأول 2010.
- ^ من هو يسوع المسيح؟، موقع الرحمة، 27 كانون الأول 2010.
- ^ علم دراسة المسيح (بالإنكليزية)، الموسوعة الكاثوليكية، 27 كانون الأول 2010.
- ^ أ ب مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.1083
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.1084
- ^ يعتبر من أهم ألقاب يسوع التي تشير إلى ألوهته وفق المعتقدات المسيحية المؤمنة بها، إذ إن اليهود رفضوا نطق لفظ الجلالة على شفافهم واستعاضوا عنه بضمير الغائب، وهكذا يحفل التناخ بعبارة "هو" كإشارة مباشرة إلى الله، وفي استعمال المسيح عبارة "أنا هو" في مناسبات عديدة إنما هو إشارة إلى ألوهته وفق المعتقدات المسيحية، وقد يكون الموقع الأقوى الذي استعمل به يسوع في الأناجيل عبارة "أنا هو" يقع في إنجيل يوحنا 18/ 4-6، إذ عندما نطق يسوع بعبارة "أنا هو" للجند القادمين لاعتقاله، تراجعوا خلفًا ثم سقطوا على الأرض، انظر للمزيد أنا هو، اسم ولقب من ألقاب يهوه، تعرفون الحق، 3 يناير 2011.
- ^ لماذا تقولون أن المسيح ابن الله؟، الأنبا تكلا، 3 يناير 2010.
- ^ المسيح ابن الله، موقع الكلمة، 3 يناير، 2011.
- ^ أ ب ماذا يعني المسيح ابن الله؟، موقع الرحمة، 3 يناير 2011.
- ^ الإنجيل برواية القرآن، فراس السواح، دار علاء الدين للطباعة والنشر، ص.120.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.512
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.517
- ^ من الأمثلة على ذلك انظر متى 16/5: ليروا أعمالكم الحسنة. وفي متى 27/16: سيجازي كل إنسان بحسب أعماله. فالأعمال تلبث هامة لكونها طريقة استخدام الإنسان لثمرة معرفته الخير والشر.
- ^ الأب بولس فغالي-نسب يسوع المسيح
- ^ Bible Encyclopedia-Joseph the foster father of Jesus Christ
- ^ { لوقا 1 : 26-38 }
- ^ .{متى 2: 1- 12 }
- ^ {لوقا 3 : 23 }
- ^ { لوقا 2 : 41-52 }
- ^ { مرقس 3 : 6 }
- ^ { متى 13 : 55 }
- ^ كان لعمر الثلاثين أهمية خاصة في المجتمع اليهودي فيوسف بدأ عمله كوزير لفرعون في الثلاثين من عمره (سفر التكوين 41\46) وداود مسح ملكًا عندما كان في الثلاثين (سفر صموئيل الثاني 5\4)، لذلك فإن سن الثلاثين كان يعتبر في المجتمع اليهودي والحضارة الشرقية عمومًا سنًا ملائمًا للقيام بالمهام الخطيرة والهامة. انظر لوقا 3\23
- ^ نبؤة أشعياء كما دونت في إنجيل متى: صوت مناد في لبرية، أعدوا طريق الرب واجعلوا سبله مستقيمة. وهي من الأمور التي تتفق عليها الأناجيل الإزائية.
- ^ أ ب التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.17
- ^ لا يزال المسيحيون يصومون أربعين يومًا قبل عيد الفصح استذكارًا لصوم يسوع؛ أما تجربة الجبل والتي يرى علماء اللاهوت أن الشيطان من خلالها حاول ثني يسوع عن أداء مهمته كما ثنى آدم سابقًا. وبحسب مختلف التفسيرات فإن الشيطان كان يشير لدى حديثه عن سلطته، إلى سلطة وقتية محدودة وإمساكة بزمام بعض الأمور يعود بسبب الطبيعة البشرية الخاطئة. التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.20
- ^ { مرقس 10: 45 }
- ^ {لوقا 4 :43 }
- ^ { يوحنا 11 : 1-44 }
- ^ { متى 7 : 28-29 }
- ^ { متى 5 - 7 }
- ^ { متى 9: 9-13 }
- ^ انظر متى 19/1 ومرقس 10/1، ويضع يوحنا تاريخ إقامته في فصل الشتاء ذلك العام، يوحنا 10/22 ويوحنا 10/40 ولما كان الفصح يقع في نيسان من كل عام، فإن تقديرات إقامة يسوع تكون بين شهر إلى أربع أشهر.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.351
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.352
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.80
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.279
- ^ يحدد ثمن الناردين في إنجيل يوحنا بثلاثمائة دينار، وهو ما يساوي أجرة عام كامل لكون الناردين من الأنواع الغالية والمستوردة من الهند، ويمسح فيه الملوك فقط. انظر يوحنا 12/3 أما مسح قدميه بشعرها، ففي شعر المرأة مجدها، وبالتالي كانت تقدم له مجدها. انظر التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.275
- ^ أ ب التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.98
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.282
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.358
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.164
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.355
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.317
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.81
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.166
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.90
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.354
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.181
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.176
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.360 كان غسل الأرجل من واجب العبيد تجاه ضيوف أسيادهم.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.251
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.292
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.101
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.373
- ^ انظر على سبيل المثال، يوحنا 6/18
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.183 ورد التشريع القاضي بأحكام رئيس الكهنة في سفر العدد.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.375
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.105
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.106
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.106-107
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.108
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.377
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.187
- ^ قصة الحضارة، ويل ديورانت، ص. 3931 وما يتلوها.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.109-110
- ^ سفر أشعياء 53/4-12 كتب سفر أشعياء في القرن السادس قبل الميلاد. وقد أثبتت مخطوطات وادي قمران، التي تعود للقرن الأول، ثبوت هذا النص.
- ^ التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.110
- ^ شواهد الكتاب المقدس|متى|27/54
- ^ أ ب التفسير التطبيقي للعهد الجديد، مرجع سابق، ص.381
- ^ الموسوعة العربية المسيحية
- ^ Is Jesus Really God?، موقع الرحمة، 24 تشرين الثاني 2010.
- ^ الموسوعة العربية المسيحية
- ^ official information about The Church of Jesus Christ of Latter-day Saints
- ^ official information about The Church of Jesus Christ of Latter-day Saints
- ^ موقع جمعية برج المراقبة، الموقع الرسمي لشهود يهوه بالعربية-من هو يسوع المسيح
- ^ Question 18.3.4: Reform's Position On...What is unacceptable practice?
- ^ الإنجيل برواية القرآن، فراس السواح، دار علاء الدين للنشر، دمشق 2011، ص.91 انظر بعضًا من أماكن ورود هذه الألقاب: مريم 30 والنساء 171 ومريم 34 ومريم 21 والزخرف 59 وآل عمران 45.
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.91
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.92
- ^ Dictionnaire des religion, sous la direction de Paul Poupard, éd. Seuil, Paris
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.95
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.96
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.104
- ^ سورة العنكبوت، 60
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.106
- ^ سورة النساء، الآية: 157-158.
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.131
- ^ سورة مريم، 33
- ^ آل عمران، 55
- ^ Kamal al-Din, 2002, p.102.
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.132-133
- ^ النساء 157؛ يعتقد الغنوصيون بموت شبحي للمسيح، فهو في الشكل تألم أما في الجوهر فلا. جاء في مخطوطة "شيت الكبير" إحدى المخطوطات المكتشفة في نجع حمادي على لسان يسوع ما يلي: "فاعلم إذن أني لم أسلم إلى إيديهم كما ظنوا، ولم أتألم أبدًا. لم أمت في الحقيقة بل في المظهر فقط." وقد انقضرت الطائفة الغنوصية أواخر القرن الثاني، ويقول فراس السواح أن إشارة القرآن حول الاختلاف على موت يسوع نابع من الكتابات الغنوصية التي ظلت بشكل أو بآخر حتى زمن البعثة النبوية. الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.132
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.137
- ^ المؤمنون 91
- ^ سورة المائدة، 72
- ^ أ ب "Isa", Encyclopedia of Islam
- ^ سورة الصف، يلا ثقافة، بشارات قدوم النبي محمد في كتب أهل الكتاب
- ^ موقع علماء الشريعة، فتاوى عامة، سؤال في قوله تعالى..يأتي من بعدي اسمه أحمد
- ^ وثن هوليود (بالإنجليزية)، المسيحية اليوم، 2 أيار 2011.
- ^ هل المسيحية مقتبسة من البوذية؟، الأقباط الأحرار، 2 أيار 2011.
- ^ ذكرت مثل هذه النظريات إيلين باجيلس في كتابها "الإنجيل الغنوصي" (1979)
- ^ Gandhi vs. Christ
- ^ contender ministries
- ^ THE GNOSTIC SOCIETY LIBRARY
- ^ {متى 4 : 23}
- ^ {متى 5 : 9}
- ^ { متى 5 : 44}
- ^ { لوقا 10 : 42}
- ^ {متى 19 : 14}
- ^ {لوقا 13 : 15 }
- ^ {متى 19 : 24}
- ^ The Jesus Mysteries
مواقع ذات صلة
مشاريع شقيقة | هناك المزيد من الصور والملفات في ويكيميديا كومنز حول: يسوع |
- الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية.
- من هو يسوع المسيح.
- هل تجسد الله.
- اسئلة عن المسيح.
- العالم اليهودي الروماني الذي عاش به المسيح.
- يسوع ملك اليهود.
|
|
|
ab:Иесуа Қьырста ace:Isa af:Jesus van Nasaret als:Jesus Christus am:ኢየሱስ an:Chesús de Nazaret ang:Iesus arc:ܝܫܘܥ arz:يسوع ast:Xesús az:İsa ba:Ғайса bat-smg:Jiezos Krėstos bcl:Hesukristo be:Ісус Хрыстос be-x-old:Ісус Хрыстос bg:Исус Христос bi:Jisas Kraes bm:Yesu Krista bn:যিশু bo:ཡེ་ཤུ། br:Jezuz Nazaret bs:Isus bxr:Иисус Христос ca:Jesús de Natzaret cbk-zam:Jesus cdo:Ià-sŭ ceb:Jesus co:Gesù Cristu cs:Ježíš Kristus cu:Їисъ Хрїстъ cv:Иисус Христос cy:Iesu da:Jesus de:Jesus von Nazaret dsb:Jezus Kristus dv:އީސާގެފާނު ee:Yesu el:Ιησούς Χριστός eml:Gesü Jesus]] eo:Jesuo Kristo es:Jesús de Nazaret et:Jeesus eu:Jesus Nazaretekoa ext:Jesucristu fa:عیسی fi:Jeesus fiu-vro:Jeesus fj:Jisu Karisito fo:Jesus fr:Jésus de Nazareth fur:Jesus fy:Jezus Kristus ga:Íosa Críost gan:耶穌 gd:Ìosa Chrìosd gl:Xesús de Nazareth got:𐌹𐌴𐍃𐌿𐍃 𐍇𐍂𐌹𐍃𐍄𐌿𐍃/Iesus Xristus ha:Isa Almasihu hak:Yâ-sû he:ישו hi:ईसा मसीह hif:Jesus hr:Isus hsb:Jězus ht:Jezi hu:Jézus hy:Հիսուս ia:Jesus Christo id:Yesus ig:Jisọs Kraịst ilo:Jesus is:Jesús it:Gesù iu:ᐱᐅᓕᑦᓯᔨ/piulitsiji ja:イエス・キリスト jbo:iesus jv:Yesus Kristus ka:იესო ქრისტე kab:Ɛisa kg:Yesu kk:Иса Мәсіх kl:Jiisusi-Kristus kn:ಯೇಸು ಕ್ರಿಸ್ತ ko:예수 ksh:Jesus Christus ku:Îsa kv:Исус Кристос kw:Yesu Krist la:Iesus lad:Yeshu lb:Jesus vun Nazaret lbe:Эса идавс lg:Jesu Kristo li:Zjezus Christus lij:Gesû Cristo lmo:Gesü de Nazaret lo:ພະເຍຊູ lt:Jėzus Kristus lv:Jēzus Kristus mg:Jesoa mhr:Исус Христос mi:Ihu Karaiti mk:Исус Христос ml:യേശു mn:Есүс Христ mr:येशू ख्रिस्त ms:Yesus Kristus mt:Ġesù mwl:Jasus my:ခရစ်တော်၊ ယေရှု na:Jesu Kristo nah:Yeshua Christós nap:Gèsù nds:Jesus Christus nds-nl:Jezus Christus nl:Jezus (traditioneel-christelijk) nn:Jesus no:Jesus Kristus nrm:Jésus-Chrît nv:Doodaatsaahii (Jíísas) ny:Yesu Kristu oc:Jèsus os:Йесо Чырысти pa:ਈਸਾ ਮਸੀਹ pap:Hesus pdc:Yeesus Grischdus pih:Jesus pl:Jezus Chrystus pms:Gesù ëd Nàsaret pnb:یسوع ps:عیسی pt:Jesus qu:Jesus rm:Jesus da Nazaret rn:Yezu Kirisitu ro:Isus din Nazaret ru:Иисус Христос rue:Ісус Хрістос rw:Yezu Kirisitu sah:Исус sc:Gesùs scn:Gesù Cristu sco:Jesus Christ sh:Isus si:ජේසුස් තුමා simple:Jesus sk:Ježiš Kristus sl:Jezus Kristus sm:Iesu Keriso so:Ciise sq:Jezusi sr:Исус srn:Jesus Christus ss:Bukhristu sv:Jesus sw:Yesu szl:Jezus Kristus ta:இயேசு கிறித்து te:యేసు tg:Исо th:พระเยซู tk:Isa Pygamber tl:Hesus to:Sīsū Kalaisi tpi:Jisas tr:İsa tt:Ğaysa tum:Yesu Khristu tw:Yesu Kristo ty:Iesu Mesia ug:ئەيسا مەسىھ uk:Ісус Христос ur:عیسیٰ علیہ السلام uz:Iso Masih vec:Jesu vi:Giê-su vls:Jezus van Nazareth war:Hesus wo:Yéesu-kristaa wuu:耶稣 xh:UYesu Kristu yi:יעזוס yo:Jésù za:Yesu zh:耶稣 zh-min-nan:Iâ-so͘ zh-yue:耶穌