التأثير الحضاري للمسيحية
لعبت الديانة المسيحية دورًا رئيسيًا في تشكيل أسس وسمات الثقافة والحضارة الغربية، [١] فقد أثرت المسيحية بشكل كبير على المجتمع ككل بما في ذلك الفنون واللغة والحياة السياسية وحياة الأسرة والموسيقى وحتى طريقة التفكير الغربية تلونت بتأثير المسيحية لمدة قرنين من الزمان، كما كان لها دور كبير وريادي في تطوير معالم الحضارة الإسلامية والشرقية. لقد كان دور المسيحية في الحضارة متشابك بشكل معقد مع في تاريخ وتشكيل أسس المجتمع الغربي. جزء كبير من تاريخ الكنيسة مرتيط بالغرب، فقد كانت الكنيسة مصدرا رئيسيًا في التعليم، والرعاية الطبية، والخدمات الاجتماعية الأخرى في العديد من البلدان الغرب وفي جميع أنحاء العالم. وأثرت بشكل كبير على التاريخ الثقافي والسياسي والديني والفني في العالم الغربي.
على وجه الخصوص، كان التأثير الثقافي للديانة المسيحية على المجتمع الغربي شاسع. إذ لعبت دورًا في وضع حد للممارسات من قبيل التضحية البشرية، والرق، وتعدد الزوجات.
المسيحية بشكل عام زادت من تأثير مركز المرأة في المجتمع ادانت قتل الأطفال (الرضع الإناث كانوا أكثر عرضة للقتل)، والطلاق، وسفاح المحارم، وتعدد الزوجات، وتنظيم النسل والإجهاض والخيانة الزوجية. في حين أن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية الرسمية ترى ان النساء مكملة للرجال (ما يعادل ومختلفة)، وبعض الحديث "دعاة سيامة النساء والحركات النسائية الأخرى" يزعمون أن تعاليم القديس بولس، وآباء الكنيسة واللاهوتيين الدراسيه المتقدمة مفهوم الدونية للأنثى إلهيا. ولها بصمة واضحة في الحضارة الحديثة وتاريخ البشرية على مختلف الأصعدة.[٢]
مقدمة
عرفت البشرية مع المسيحية تجديدا على الصعيدين الروحي والثقافي. فالمسيحية التي انطلقت من نظرة جديدة لله وللإنسان أحدثت تغيّرا في المفاهيم التي كانت سائدة آنذاك، إذ أصبح الله الأب المحب والابن المخلّص الذي لبس الطبيعة الإنسانية والروح المحيي. وقد ارتفعت أصوات تطالب باحترام الكائن البشري لأنه مخلوق على صورة الله ومثاله، ومنهم من ذهب بعيدا إلى إنكار صفة الانتماء إلى المسيحية على بعض المؤمنين بسبب عدم احترامم لحقوق الإنسان، واعتبارا أن هذا الإنسان هو الشرط الأساسي للانضواء تحت راية الدين المسيحي.
في الواقع غن الحضارة المسيحية ركزت على اعتبار الإنسان قيمة بحد ذاته وشددت على احترامه. وقد أجاب يسوع عندما سئل عن أعظم الوصايا بقوله ان يحب الإنسان الله من كل قلبه، وان يحب أخاه الإنسان حبه لنفسه. وبذلك جعل المسيح الإنسان يصل إلى مرتبة الله من خلال تعظيمه واعتباره كموضوع محبة إلى جانب الله. كما أنه لمح إلى ذلك بالمساواة بين الناس، إذ أنه لم يميز بين إنسان وآخر، ولم يسم عرقا أو شعبا أو دينا في هذه الوصية. من هنا، فبإمكاننا اعتبارا أن من الشروط الأساسية للانتماء إلى المسيحية أن يحترم الفرد حقوق الإنسان، التي ليست سوى تعبير واضح وصريح عن القيم والمبادئ التي بشرت بها هذه الحضارة. وما الاعتراف بحق الإنسان في الحياة والحرية والسلام والمساواة والتعبير عن المعتقد سوى أصداء لهذه الحضارة.
ولكن ايمكننا انطلاقا من هذا الاعتراف القول بان حقوق الإنسان مدينة بوجودها للحضارة المسيحية, وانه لولا هذه الحضارة لما كان لها وجود؟
قد تكون الاجابة بالموافقة أو بالنفي مجحفة بحق شرعة حقوق الإنسان, فاننا وان سلمنا جدلا بان هذه الحقوق هي نتيجة الحضارة المسيحية, فاننا لا نستطيع ان نجزم ان فكرة الحق بالحياة والمساواة والحرية والسلام لم تكن موجودة في الحضارات التي سبقت المسيحية. كما اننا لا نستطيع ان نمنع انفسنا من الاعتقاد بان المسيحية المسيحية بدورها قد تاثرت بهذه الحضارات واخذت عنها الافكار. فما قولنا عن قانون حمورابي الذي ساوى بين الناس وقد تناوله المسسيح في أحد اقواله حين قال: “سمعتم انه قيل العين بالعين والسن بالسن …”. وما قولنا عن الحضارة الهندوسية والبوذية التي حثت الإنسان على الارتقاء نحو الأعلى, وذلك عن طريق نظام اخلاقي يدعو إلى نبذ الشر واعتناق الخير. وما قولنا عن الحضارة اليونانية التي ركزت على عقل الإنسان والتي دافعت عن حرية التفكير. وأخيرا انستطيع ان ننفي تاثير الحضارة الرومانية على الحضارة المسيحية, وهي التي ظهرت فيها هذه الأخيرة ونمت في كنفها واخذت منها الكثير خصوصا في ما يختص بالمساواة بين المواطنين والعمل على احلال السلام وايقاف الحروب؟
انطلاقا من هذا كله, فانه ليس بالإمكان الجزم ان حقوق الإنسان هي وليدة الحضارة المسيحية حصرا, وانه لولا هذه الحضارة لما وجدت شرعة حقوق الإنسان. مكا انه إلى جانب وصية المسيح بمحبة الإنسان لاخيه, فهناك وصية لا تقل اهمية وهي محبة الله كشرط اساسي للانتماء إلى المسيحية, وبالتالي فان احترام حقوق الإنسان ليس الشرط الوحيد للانتماء إلى المسيحية كما عبر عنه البعض.
بناء على ما تقدم, نستطيع القول بانه لا شك من أن الوعي الجديد الذي احدثته المسيحية حول هوية الإنسان وكرامته طور واسهم, في ما أدى اليه من نتائج, في بلورة حقوق الإنسان الاساسية. من الصعب تحديد تاثير المسيحية على شرعة حقوق الإنسان وما نجم عنها من مبادرات, لكنها شكلت المناخ الحضاري الذي تطورت في اطاره مفاهيم الحياة والحرية والمساواة والسلام وحرية التعبير عن الراي. هذا لا يعني ان المسيحية وحدها حريصة على حقوق الإنسان ولا يبرأ بعض المسيحيين بالطبع من مسؤولية انتهاك هذه الحقوق.
وفي الختام، لا بد من الاعتراف بما اسهمت به الحضارة المسيحية من اسهامات متعددة إلى جانب باقي الحضارات التي توالت على البشرية, وكم قدمت للبشرية من الافكار النيرة والخدمات الجلة.
يبقى ان الدور الأكبر يعود على الإنسان نفسه في العمل بحسب ضميره وتطبيق هذه الشريعة بأمانة, إذ ان الشرائع أكانت الاهية أو إنسانية لا تعود بالفائدة الا إذا تبناها الإنسان قولا وفعلا.
القيم الانسانية
حقوق الانسان
المرأة
اللأطفال
العبيد
الزواج وحياة الأسرة
أما على الصعيد الاجتماعي، يعلن إريك كاوفمان أن المسيحيون طوروا نظامًا اجتماعيًا فعالاً على ضوء الإنجيل، فعلى عكس الوثنيين فإن المسيحيين كانوا يعتنون بمرضاهم خلال فترات انتشار الأوبئة إلى جانب عنايتهم بالمعاقين والعجزة، فضلاً عن التشديد على أهمية إخلاص الذكور في الزواج ووحدانية هذا الزواج، ما خلق نوعًا من العائلة المستقرة التي افتقدها المجتمع الروماني وجعل المؤمنات الجدد في ظل هذا الاستقرار يلدن ويربين عددًا أكبر من الأطفال،[٣] إضافة إلى وجود حياة اجتماعية مميزة فيما بين أعضاء الجماعة الواحدة ومساعداتهم الدائمة لبعضهم البعض.[٤] ظهرت اثر المسيحية في تنظيم الاسرة. فقد تلاشت أو كادت تتلاشى في العصر البيزنطي سلطة رب الاسرة. حيث اعترف القانون للابن بقد من الشحصية القانونية، وحرم على الاب قتل أبناءه وحل محله التأديب وأصبح كل من حق الارث وحق النفقة قائما على صلة الدم سواء في ذلك للولد الشرعي والولد البيولوجي وجعل مدة العدة كاملة للمرأءة الارملة التي توفي زوجها. ومن جهة أخرى استحدث القانون الروماني كثيرا من مبادئ، نظام الأسرة، تحت تأثير المسيحية. من ذلك موانع الزواج التي ادخلت في العصر البيزنطي مثل تحريم الزواج بين المسيحيين وغير المسيحيين وبين الفتاة والرجل الذي تولى تعميدها لانه يعتبر أبا روحيا لها، وإعطاء المرأءة الحق في التبني إذا لم يكن لها أولاد، ونظام منح البنوة الشرعية أو تصحيح النسب للولد البيولوجي الناتج عن طريق علاقة غير شرعية. بمبادئ المسيحية التي تنظر للزواج انه رابطة مؤبدة. فقد قيد القانون الكنسي حق الطلاق بعدة قيود لكن لم يصل إلى الغائه. تبدو الديانة المسيحية أكثر تعقيدا للزواج بين الأقارب بالنسبة للديانتين السماويتين الباقيتين وإن كان هناك تفاوت ملحوظ بين مختلف المذاهب المسيحية الفرعية. فعد الكاثوليك لا يجوز زواج أبنا العمومة المباشرين ولكن يسمح بأذن خاص من السلطات الروحية العليا، ولظروف قاهرة جدا، كما يسمح بزواج بنت ابن العم وبنت ابن الخالة أو الخال بعد الإذن طبعا و يبدو كل من المذهب الأرثوذكسي والمذهب البروتستانتي أكثر تساهلا في هذا المجال إذ يرخص وذلك دائما بعد الإذن بالتزاوج بين ابنا العمومة والخؤولة.
العادات الجنسية
في وقت مبكر من تاريخ المسيحية دعى آباء الكنيسة ضد تعدد الزوجات، والمثلية الجنسية، وسفاح المحارم. كما ركزت الكنيسة على البتولية واهمية البثولية.
التعليم
قد أدرجت النشاط التبشيري للكنيسة الكاثوليكية دائما تعليم الشعوب كجزء من وزارة اجتماعية. ويظهر التاريخ أن في الأراضي منصر، وأولى الناس بإدارة مدارس الروم الكاثوليك. في بعض البلدان، والكنيسة هي المزود الرئيسي للتعليم أو ملاحق كبير أشكال الحكومة التربية والتعليم. في الوقت الحاضر، تعمل الكنيسة الأكبر في العالم من النظام المدرسي غير الحكومية. من بداية اليهودية، التي هي مستمدة من المسيحية، وكان هناك تركيز على الكلمة المكتوبة. لكن هذه الظاهرة للتعليم من أجل الجماهير له جذوره في الإصلاح البروتستانتي.
في الكتاب المقدس من أجل تعزيز محو الأمية، وكان المسيحيون القادة في مجال التعليم. وقد تسارع هذا الاتجاه مع ظهور المطبعة في نفس الوقت تقريبا والإصلاح البروتستانتي. وكانت المجموعة الأولى العديد من لغات العالم إلى الكتابة من قبل المبشرين المسيحيين من أجل الناس على قراءة الكتاب المقدس.
في أميركا، وأول قانون للتعليم تتطلب صدر من الجماهير بها المتشددون. افتتحت القانون "القانون القديم الشيطان المخادع". وكان هذا الاسم إشارة إلى الشيطان، الذي يعتقد المسيحيون أن يحصل على موطئ قدم له في حياة الناس بسبب جهلهم من الكتاب المقدس.
للسنة الأولى 200 في أمريكا، وأكد النصوص قراءة الأطفال القراءة والكتابة في الكتاب المقدس. وكان التركيز على محو أمية شديدة حتى في أمريكا الاستعمارية، أن جون كوينسي آدامز وقال في أوائل 1800 أن نسبة الأمية كانت 4/10th فقط من 1 في المئة. وعلى سبيل المقارنة، لم يقدر أن في أميركا اليوم، 40 مليون نسمة هم من الأميين وظيفيا.
وكانت جميع ولكن واحدة من الكليات 123 الأولى في أمريكا الاستعمارية المؤسسات المسيحية. ولئن كانت هذه الجامعات فقدوا هويتهم المسيحية، ومن المثير للاهتمام لقراءة البيانات تأسيس هذه المدارس. هارفارد، على سبيل المثال، تأسس على هذا البيان : اسمحوا كل طالب أن تعليمات بوضوح، وضغطت على النظر بجدية حسنا، في نهاية ولاية ماين في حياته هو والدراسات، لمعرفة الله ويسوع المسيح الذي هو الحياة eternall، يوحنا 17:3 ؟
الجامعات
إن كبريات الجامعات في العالم اليوم أنشئت بجهود الكنيسة كجامعة أوكسفورد، باريس وجامعة بولونيا. Originally most research took place in Roman Catholic universities that were staffed by members of religious orders who had the education and means to conduct scientific investigation.[1] Catholic universities, scholars and many priests including Nicolaus Copernicus, Roger Bacon, Albertus Magnus, Robert Grosseteste, Nicholas Steno, Francesco Grimaldi, Giambattista Riccioli, Roger Boscovich, Athanasius Kircher, Gregor Mendel, Georges Lemaître and many others, were responsible for many important scientific discoveries. Since the late 16th century the Jesuits have produced the large majority of priest-scientists, who contributed to worldwide cultural exchange by spreading their developments in knowledge to Asia, Africa, and the Americas
السياسة والقانون
بحلول القرن 11th في وقت متأخر، بداية مع الجهود التي يبذلها البابا غريغوري السابع، والكنيسة بنجاح تأسيس نفسها بأنها "مستقلة [الكيان] القانونية والسياسية... داخل المسيحية الغربية". لعدة مئات من السنين القادمة، والكنيسة الابقاء على الكنيسة قوانين الكنيسة كانت واحدة "قانون عالمي... المشتركة إلى السلطات القضائية والشعوب في جميع أنحاء أوروبا"، وإعطاء الكنيسة "السلطة البارز" بنظامها المحكمة الخاصة ؛ عقد تأثير كبير على المجتمع الغربي. ولاية قضائية على العديد من جوانب الحياة العادية، بما في ذلك التعليم، والميراث، وعود شفوية، الأيمان، والجرائم الأخلاقية، والزواج. باعتبارها واحدة من أقوى المؤسسات في القرون الوسطى، وقد انعكست المواقف الكنيسة القوانين العلمانية في كثير من الوقت
العلوم
تطورت تحت قيادة الكنيسة مختلف أنواع العلوم خصوصًا، الفلك،[٥] والرياضيات،[٦] والتأثيل،[٧] والفلسفة،[٥] والبلاغة،[٧] والطب،[٨] والتشريح،[٩] والفيزياء خصوصًا الأرسطوية (أي المنسوبة إلى أرسطو)،[١٠] والفيزياء المكيانيكية خصوصًا أدوات الحرب،[٧]
الفن والأدب والموسيقى
العديد من المؤرخين الائتمان الكنيسة الكاثوليكية على ما يعتبرونه تألق وروعة الفن الغربي. وهم يشيرون إلى معارضة الكنيسة بشكل مطرد إلى عملية تحطيم التماثيل الدينية البيزنطية، وحركة مناهضة التمثيل البصري للالإلهي، وإصرارها على بناء الهياكل يليق العبادة. مساهمات مهمة تشمل زراعة ورعاية الفنانين الفردية، فضلا عن تطوير القوطية، رومانسي وأساليب عصر النهضة للفن والهندسة المعمارية. [54] فناني عصر النهضة مثل رافاييل، مايكل أنجلو وليوناردو دافنشي، برنيني، بوتيتشيلي، فرا Angelico، تينتوريتو، كارافاجيو، وتيتيان، كانوا من بين عدد وافر من الموهوبون المبتكرة التي ترعاها الكنيسة. المرجعية أوغسطين المتكررة ل11:20 الحكمة (الله "أمر كل الأشياء وقياس عدد ووزن") أثرت في الإنشاءات الهندسية من القوطية الهندسة المعمارية، [بحاجة لمصدر] نظم شولاستيس 'الفكرية تسمى الخلاصة اللاهوتية التي أثرت في كتابات دانتي، وخلق وعلم اللاهوت الأسرار التي وضعت التأثير على خيال الكتاب الكاثوليكية مثل جي آر آر تولكين تولكين، وليم شكسبير، وبطبيعة الحال، ورعاية من باباوات عصر النهضة ليعمل كبيرة من الفنانين مثل مايكل أنجلو الكاثوليكية، رافاييل، وبرنيني، Borromini وليوناردو دافنشي.
في الموسيقى، والرهبان الكاثوليك وضعت الأشكال الأولى للتدوين الموسيقي الغربية الحديثة من أجل توحيد الكنيسة القداس في جميع أنحاء العالم، وكانت تتألف هيئة هائلة من الموسيقى الدينية لأنه على مر العصور. وأدى هذا مباشرة إلى نشوء وتطور الموسيقى الكلاسيكية الأوروبية، والعديد من مشتقاته. وشجعت على وجه الأسلوب الباروكي، التي تشمل الموسيقى والفن، والعمارة، من قبل الكنيسة الكاثوليكية في مرحلة ما بعد الإصلاح كما عرضت هذه الأشكال وسيلة للتعبير الديني الذي كان التحريك والعاطفي، وتهدف إلى حفز حماسة دينية
الفلسفة
العمارة
بالنسبة للمسيحية فقد تمركزت الحياة الروحية والفكرية في القرون الوسطى في أوروبا حول الكنيسة لذا صمم المعماريون الكنائس والأديرة والمباني الدينية الأخرى، كما صمموا القلاع والحصون والمنشآت الأخرى غير الدينية. وطور معماريو القرون الوسطى عددًا من الطرز، حيث غلب الطراز البيزنطي في أوروبا الشرقية. أما في أوروبا الغربية فكانت الطرز الرائدة هي الكارولنجي والرومانسك والقوطي. وقد سبقت هذه الأنواع الأربعة العمارة المسيحية المبكرة التي أزدهرت في الفترة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين.
العمارة المسيحية المبكرة
العمارة المسيحية المبكرة: تطورت أثناء القرون الأولى للمسيحية عدد من الثقافات والطرز المعمارية الإقليمية في أوروبا والشرق الأوسط، ولكن معظم المعماريين النصارى الأوائل اقتبسوا كثيرًا من الرومان، واستخدموا العَقْد والقبو المعماري، واتخذوا تصميم القاعات الرومانية الكبيرة، التي كانت تُستخدم للاجتماعات العامة، كقاعدة لتصميم النوع الرئيسي من الكنائس، أي البازيليقا. ويمكن اعتبار كنيسة القديس بطرس القديمة (بَدْءُ بنائها حوالي عام 330م) كأول وأهم بازيليقا مسيحية مبكرة، وهي تقع في نفس مكان كنيسة القديس بطرس الحالية في روما. ويدخل المصلون إلى كنيسة القديس بطرس القديمة من الجانب الشرقي، وللوصول إلى المدخل يمرون بفناء كبير مكشوف يطلق عليه الأتريوم أو البهو الروماني (فناء صحن الدار أو البهو)، ويمرون كذلك بالدهليز، ويفصل الفناء والدهليز المدينة الصاخبة عن الكنيسة الهادئة، ويشبه المسقط الأفقي شكل الحرف T، والجزء الرأسي للحرف هو الصحن الرئيسي، ويمتد ممران جانبيان على طول الصحن الرئيسي، ويشكل ذراعا الحرف T الجناح الرئيسي للكنيسة، وهناك فراغ نصف دائري يطلق عليه القوصرة، مفتوح من جهة مركز الجناح الرئيسي في الجانب الغربي للكنيسة، ويوجد في هذه القوصرة المغطّاة بنصف قبة مذبح الكنيسة الرئيسي، وفي معظم البازيليقات، تفصل الممرات والأروقة الفراغ الداخلي إلى صحن رئيسي وممرين جانبيين، ويستخدم في بناء معظم البازيليقات طوب عادي أو حجر أما من الداخل فإنها تزدان بالفسيفساء والتصوير الجصي (الفريسكو)، وتتكون الفسيفساء من قطع من الزجاج والرخام أو الحجر تُجمع معًا وتشكل صورة أو تصميمًا ما، والتصوير الجصي لوحات تنفَّذ على الجص الرطب.
العمارة البيزنطية
في عام 330 م، نقل الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة الإمبراطورية من روما إلى مدينة بيزنطة فيما يُعرف الآن بتركيا، وغيّر اسم بيزنطة إلى القسطنطينية. وفي عام 395 م، انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى شطرين: الإمبراطورية الرومانية الشرقية، والإمبراطورية الرومانية الغربية. وقد سقطت الإمبراطورية الرومانية الغربية في يد القبائل الجرمانية في القرن الخامس الميلادي، ولكنّ الإمبراطورية الرومانية الشرقية بقيت وعُرِفَت بالإمبراطورية البيزنطية. وبحلول القرن السادس الميلادي، تطور طراز فريد من الفن البيزنطي. وكانت كاتدرائية أياصوفيا بقبتها الضخمة (532 ـ 537م) في القسطنطينية أروع إنجازات العمارة البيزنطية، وقد صممها أنثيميوس أوف تراليس وإسيدروس أوف ميليتوس. واستولى الأتراك على القسطنطينية عام 1453 م، وأعادوا تسميتها فيما بعد بإسطنبول، وحولوا أيضًا كاتدرائية أياصوفيا إلى جامع. وكان التغيير الوحيد الذي قاموا به في المظهر الخارجي للمبنى هو إضافة أربع مآذن، وكان لجامع أياصوفيا قبة مركزية ضخمة ترتكز على قاعدة مربعة، وقد صار هذا التكوين سمة عامة للعمارة البيزنطية، وتحمل القبة أربعة مثلثات كروية معكوسة مبنية بالطوب، وتسمى هذه الركائز المعلَّقات. ويستطيع المعماري بناء قبة أعرض وأعلى عما كان ممكنًا عندما كانت الجدران تحمل القبة، وفي داخل أياصوفيا ممرات معقودة بارتفاع طابقين تحيط بالصحن الرئيسي، وقد زُيِّن الداخل بزخارف جميلة من الفسيفساء، وتمثل الفسيفساء أهم الزخارف في معظم الكنائس البيزنطية. وهناك أمثلة أخرى للعمارة البيزنطية تشمل بازيليقا القديس مارك (منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) في مدينة البندقية بإيطاليا، وكنيسة القديس باسيل (1554ـ1560م) في موسكو.
العمارة الكارولنجية
سميت العمارة الكارولنجية على اسم شارلمان الذي كان ملكًا على الفرانكيين (الفرنجة) بين عامي 768 و 814 م. ومن عاصمته في موقع آخر حاليًا في ألمانيا الغربية، حكم شارلمان مساحات شاسعة شملت معظم أوروبا الغربية. أراد شارلمان وعائلته إحياء الثقافة المسيحية المبكرة في روما، وادعى المعماريون الكارولنجيون أنهم نقلوا عمارة المسيحية المبكرة، ولكنهم غيروا في النماذج حتى تناسب احتياجاتهم، وكانت لهم إسهامات شهيرة فيما يخص تصميم الكنيسة والدير، فقد اتبع المعماريون المسقط الأفقي للبازيليقا ولكنهم أضافوا أماكن للصلاة وأضرحة مطورة وأبراجًا عالية وابتكروا أيضًا مدخلا يعرف بالعمل الغربي (وستويرك) ضم ردهة ومصلى وأبراجًا صغيرة تسمى التورتات. طوّر الرهبان الكارولنجيون مسقط الدير الذي ترتبط به الكنيسة والمكتبة والمطبخ ومرافق أخرى بممرات مغطاة. عمارة الرومانِسك. بدأت هذه العمارة أواخر القرن التاسع الميلادي، وحققت أعظم إنجازاتها في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين. وأكثر مباني الرومانسك أهمية هي الكنائس التي صُمِّمت في إيطاليا أولاً، ثم في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وإنجلترا أخيرًا. وابتكر العلماء في القرن التاسع عشر الميلادي مصطلح الرومانسك الذي يعني: مِثْل الرومان. ويعتقد هؤلاء العلماء أن عمارة الرومانسك هي أساسًا انعكاس للتصميمات الرومانية، ومع ذلك فإن عمارة الرومانسك هي في الواقع مزيج من العمارة الرومانية والبيزنطية وأنواع أخرى. وتختلف كنائس الرومانسك نوعًا ما من بلد لآخر، ولكن معظم الكنائس تشترك في ملامح معينة، فكنيسة الرومانسك النموذجية لها جدران سميكة وأعمدة مبنية متقاربة وعقود ضخمة مقوسة، ويرتفع برج من السقف عند النقطة التي يتقاطع فيها الجناح الرئيسي مع الصحن الرئيسي للكنيسة، وتحمل البرج أربع ركائز تسمى الدعامات، وهناك عقود محمولة على أعمدة تفصل الصحن الرئيسي عن الممرين الجانبيين، وقد بُنيت شرفة داخلية تطل على الممر الجانبي المعقود تسمَّى ترايفوريم (رواق ثلاثي العقود)، ويعلو الشرفة إضاءة علوية من خلال صف من النوافذ في داخل عقود.
العمارة الرومانسية
وخلال فترة الرومانسك، جاء كثير من الناس إلى هذه الكنائس للزيارة، وكانت مجموعات من الزوار تسافر مخترقة أوروبا وفلسطين لزيارة الكنائس التي كانت تحتوي على رفات وممتلكات بعض القديسين. وكانت الكنائس المهمة ضخمة جدًا تستطيع أن تستوعب أعدادًا كبيرة، ومثال ذلك كنيسة سانت سرنين (حوالي 1080 - 1120 م) في تولوز بفرنسا، تضم هذه الكنيسة جناحين على جانبي الصحن الرئيسي، وتفتح على الممر الدائري المحيط بالقوصرة مصليات صغيرة، ويسمح هذا المسقط للزوار بالتحرك خلال المبنى على طول الممرات دون إزعاج للمراسم التي تقام عند المذبح الرئيسي (انظر: فن العمارة الرومانسكي).
العمارة القوطية
العمارة القوطية. ازدهرت في غربي أوروبا في الفترة الممتدة بين منتصف القرن الثاني عشر والقرن الخامس عشر الميلاديين. وكلمة قوطي أصلها مصطلح اشتُقَّ من كلمة تعني الرَفْض، واستخدمها الفنانون والكتاب في القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، الذين أرادوا إحياء العمارة الكلاسيكة لقدماء الإغريق والرومان في أوروبا. وقد اقترن الطراز القوطي بالقوط وبالشعوب الجرمانية التي دمرت كثيرًا من الفن الكلاسيكي في القرن الخامس الميلادي، وعارض كثير من الفنانين والكتاب التصاميم القوطية المعقدة وغير المنتظمة التي اختلفت كثيرًا عن النمط الكلاسيكي المتناسق. وقد مكن نظام تشييد جديد المعماريين القوط من تصميم كنائس بجدران رقيقة ودعامات أخف من تلك التي كانت في كنائس الرومانسك، وكثير من الدعامات مكونة من مجموعات من الأعمدة بارتفاع عدة طوابق، وقد مد المعماريون القوطيون الدعامات إلى السقف، ثم قوّسوا كل عمود في شكل أضلاع مثل المظلة المفتوحة، وسدوا الفراغات بين الأضلاع بالحجر، وكانت تلك الأقبية المضلعة ضمن أهم الخصائص التي تميزت بها العمارة القوطية. وهناك مظهر آخر للطراز القوطي هو العقود المدبَّبة والاستعاضة عن أجزاء كبيرة من الجدران بنوافذ ذات زجاج ملون، وكان لمعظم الكنائس دعامات طائرة، وهي دعامات على هيئة عقود بشكل متعامد من الطوب أو الحجر تبُنى على الجدران الخارجية. نحت المثَّالون أشكال القديسين وأبطال المسيحية على أعمدة مداخل الكنيسة. وقد اعتقد النصارى في القرون الوسطى بأن هؤلاء القديسين والأبطال سكنوا مبنى الكنيسة ودعَّموه
العمارة الباروكية
الاقتصاد
إلا أنه وتحت تأثير الأخلاق المسيحية صارت علاقات الأسرة تأخذ باطراد شكل العلاقات الشخصية التي لا تخضع للاقتصاد وإنما يحكمها علم الأخلاق المعروف منذ عهد الإغريق. ومع بداية تلاشي نظام الرقيق بدأت تنقص بشكل محسوس أهمية موضوع العلاقة بين السيد والخادم، وأخذت المسيحية تميل كل الميل هنا أيضا نحو هذه العلاقات وتضعها في كنف علم الأخلاق. ومن ثم فإنه لم يبق لعلم الاقتصاد من مجال سوى ما يتعلق ب’’ الذمة المالية وبالعناية بشؤون المنزل ‘‘.
العدالة الاجتماعية، وتقديم الرعاية، ونظام المستشفى
ساهمت الكنيسة في المجتمع من خلال عقيدتها الاجتماعية التي كانت موجهة لتعزيز العدالة الاجتماعية وتوفير الرعاية للمرضى والفقراء.
فترة العصور الوسطى
أنشأت الكنيسة الكاثوليكية نظام المستشفيات في أوروبا في القرون الوسطى التي كانت مختلفة عن كرم الضيافة المتبادلة من اليونانيين والالتزامات العائلية التي تستند إلى الرومان. وقد أنشئت هذه المستشفيات لتلبية الفئات الاجتماعية المهمشة خاصة من الفقراء والمرضى، والمسنين.
الثورة الصناعية
جلبت الثورة الصناعية مخاوف كثيرة عن العمل وتدهور الأوضاع المعيشية للعمال المدن. نشرت تأثر المطران الألماني فيلهلم إيمانويل Ketteler فرايهر فون، في 1891 البابا لاوون الثالث عشر في المنشور Rerum Novarum، التي وضعت في التعاليم الكاثوليكية السياق الاجتماعي من حيث أن رفض الاشتراكية لكن دعا إلى تنظيم ظروف العمل. جادل Rerum Novarum لإنشاء أجر المعيشة وحق العمال في تشكيل النقابات.
صدر Quadragesimo أنو من قبل البابا بيوس الحادي عشر، في 15 مايو 1931، بعد 40 عاما Novarum Rerum. خلافا لليو، الذي تحدث شرط أساسا من العمال، وتتركز بيوس الحادي عشر على الآثار الأخلاقية المترتبة على النظام الاجتماعي والاقتصادي. دعا إلى إعادة بناء النظام الاجتماعي القائم على مبدأ التضامن والتبعية. وأشار مخاطر كبيرة من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، والتي تنشأ من الرأسمالية المنفلتة والشيوعية الشمولية.
التعاليم الاجتماعية البابا بيوس الثاني عشر كرر هذه التعاليم، وتطبيقها في بمزيد من التفصيل ليس فقط للعمال وأصحاب رؤوس الأموال، ولكن أيضا لمهن أخرى مثل السياسيين والمربين والبيت الزوجات، الماليه المزارعين، والمنظمات الدولية، وجميع جوانب الحياة بما في ذلك الجيش. بيوس الحادي عشر تتجاوز، وقال انه يعرف أيضا التعاليم الاجتماعية في مجالات الطب وعلم النفس، الرياضة، والتلفزيون، والقانون، والعلوم والتعليم. ودعا بيوس الثاني عشر "البابا للتكنولوجيا، لرغبته وقدرته على دراسة الآثار الاجتماعية المترتبة على التقدم التكنولوجي. وكان الشاغل المهيمن حقوق المستمر وكرامة الفرد. ومع بداية عصر الفضاء في نهاية بابويته، استكشاف بيوس الثاني عشر الآثار الاجتماعية لاستكشاف الفضاء والأقمار الصناعية على النسيج الاجتماعي للبشرية يسأل عن معنى جديد للمجتمع والتضامن في ضوء تعاليم البابوية القائمة على التبعية.
العادات الصحية والنظافة الشخصية
وكانت تصحب الكتيبة الطيبية بعض العذارى من القبطيات الذين كانوا يعدون الطعام ويقومون برعاية الجرحى وغير ذلك من الأعمال وكانت من بينهن القديسة قيرينا التي نشأت في مدينة جراجوس بالقرب من مدينة طيبة (الأقصر) ويعنى اسم فرينا باللغة القبطية الثمرة أو البذرة الطيبة، ولما قتل أفراد الكتيبة الطيبية كلهم لم تغادر المكان راجعة إلى مصر وإنما مكثت تهد الرب يسوع في مكانها فعلمت الشعب الوثنى المسيحية، وقامت بتعليمهم أسس العلاج من الأمراض باستعمال بعض الأعشاب الطبية، وعلمتهم النظافة الجسدية بالأغتسال بالماء، وكانت تزور مدافن شهداء الكتيبة الطيبية، ويعتقد الكثيرين أن القديسة فيرينا هي ابنه عم القديس موريس قائد الكتيبة الطيبية، وقد أعتبر كثيرين من المؤرخين أنه أم الراهبات في أوروبا. تبنّى «جيش الخلاص» الذي شكَّله وليم وكاثرين بوث عقيدة النظافة من الايمان وقد كان لهم دور في نشر والتوعية عن النظافة الشخصية [١١] ونقلا عن كتاب الصحة والطب في التعاليم الانجيلية (بالانكليزية)، كان أحد شعاراتهم الابكر: «الصابون، الحساء، والخلاص» والكتاب المقدس هنالك عدد من الايات التي تحث وتدعو إلى النظافة الشخصية: ان النظافة من سمات الاله الطاهر والقدوس يهوه، وهو مَن انشأها. انه يعلِّمنا لننتفع بالصيرورة قدوسين، نظفاء، وأطهارا في كل طرقنا. — اشعياء 48: 17؛ 1 بطرس 1: 15. كتب الرسول بولس: «ايها الأحباء، فلنطهِّر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح، مكملين القداسة في خوف الله». (2 كورنثوس 7: 1)
الحضارة البيزنطية
- طالع أيضاً: الإمبراطورية البيزنطية
عندما اعتلى قسطنطين سنة 306 عرش الامبراطورية، تمكن من توحيد البلاد الرومانية وأخذ على عاتقه مهمة إتمام الإصلاحات التي كان قد بدأها سلفه دقلديانوس. وكانت الخطوة الأهم التي أقدم عليها قسطنطين انتقاله إلى مدينة القسطنطينية التي باشر ببنائها سنة 324 م على الموقع الذي كانت تقوم عليه بيزنطة. وفي سنة 330 م اتخذها عاصمة للامبراطورية الرومانية. وبهذا فقدت روما أهميتها كعاصمة كبرى، وانتقل الثقل السياسي والاقتصادي في الامبراطورية إلى الشرق، حيث أصبحت الدولة مسيحية في دينها، إغريقية في لغتها وشرقية في اتجاهاتها وميولها.
بعد وفاة الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير سنة 395م، انشطرت الإمبراطورية بين ولوديه أركاديوس الذي اعتلى عرش الإمبراطورية البيزنطية في الشرق عاصمتها رواما، حتى انهارت تحت ضربات الشعوب البربرية. وقد شملت الإمبراطورية البيزنطية الشرقية، بلاد البلقان وآسيا الصغرى وبلاد الشام ومصر. وأبرز من تولى عرشها الإمبراطور جوستينيان الكبير الذي اشتهر بمجموعة قوانينه. وتحت تأثير الحروب بدأت بيزنطية تفقد ممتلكاتها تدريجيا، في الشرق بسبب غزوات الفرس وفتوحات العرب. وبعد أن سيطر الأتراك على آسيا الصغرى سقطت القسنطينية في أيديهم سنة 1453 م.
كان النظام السياسي يتصف بالمركزية. فسلطة الإمبراطور فيه أصبحت مطلقة، وتجمعت بين يديه جميع السلطات، وزالت المؤثرات التي كانت تجمع بينه وبين مجلس الشيوخ، واختفت تدريجيا المؤسسات التمثيلية التي عرفتها الإمبراطورية من قبل. ومجلس الشيوخ لم يعد مجلساً تشريعياً، أو استشاريا، بل أصبح مجلسا عاديا لمدينة روما فقط. ثم أوجد الإمبراطور قسنطين مثله في مدينة القسنطينية أيضا. أما الحكام فقد أصبحت وظائفهم اسمية من دون نفوذ يذكر، وأصبحوا يعينون جميعهم بقرار من الإمبراطور مباشرة.
كان للديانة المسيحية أثر ملحوظ في القانون الروماني، وفي تطور قواعده، لا سيما بعد أن انتصرت المسيحية واعتنقها الأباطرة الرومان. فألغيت القوانين القديمة مع الديانة الجديدة، ونشأت قواعد جديدة تتفق مع مبادئ الدين الجديد.
أما القانون الروماني فقد عرف قبل الإمبراطورية عدة تشريعات أهمها قانون الألواح الاثني عشر والمجموعات الفقهية. وهذه الأعمال القانونية تشكل تشريعات المصادر القديمة وتبعثرها. لذلك أمر الإمبراطور جوستينيان بوضع مجموعات قانونية تشمل القوانين الرومانية كافة، وقد تم إنجازها بعد ست سنوات.
إن أعظم أثر حقوقي يذكر في تاريخ الإمبراطورية الرومانية كلها، هو ذلك الأثر التشريعي الذي صدر عن الإمبراطور جوستينيان والذي يقع في المجموعات التالية: مجموعة الدساتير الإمبراطورية، الموسوعة، مجموعة النظم.
جمع الاقتصاد البيزنطي بين الحرية الاقتصادية الفردية والاقتصاد الحكومي. كما لجأ الامبراطور جوستينيان إلى السيطرة على الأثمان والأجور. وبقيت القسنطينية ردحا من الزمن أعظم الأسواق التجارية، ومركز النقل البحري في الشرق. ومن أهم العوامل في النشاط الاقتصادي، النقد الامبراطوري الذي كان عمله مقبولا في جميع أنحاء العالم تقريبا لسلامته وثباته. فكان امتلاك الفلاحين للأراضي التي يزرعونها، القاعدة المعمول بها في الزراعة.
كانت الدولة تحتكر معظم أنواع المنسوجات الحريرية والصبغات الارجوانية في مدينة القسنطينية في حوانيت داخل القصر الإمبراطوري أو قريبة منه. أما التجارة الداخلية والخارجية فكانت ناشطة، نظرا لتوفرالطرق والجسور. وقد شجع الإمبراطور جوستينيان إنشاء المرافئ على البحر الأسود، لتفادي عبور الطريق البحري إلى الهند، لأن الفرس كانوا يسيطرون على ثغور الهند ويفرضون رسوما مرتفعة على السلع والبضائع وكأنها تمر عبر بلاد إيران نفسها.
كان لانقسام الامبراطورية ولظهور الاضطرابات السياسية أثر واضح على الأحوال الاجتماعية في الامبراطورية البيزنطية، فظهرت طبقات اجتماعية جديدة لكل منها امتيازات خاصة بها مما زاد في سوء الأوضاع الاجتماعية. فتألفت من طبقة الأشراف، الصناع والعمال وطبقة الفلاحين، مما أدى إلى سوء أوضاع الطبقات الشعبية إلى فقدانها الإيمان بالسلطات الحاكمة.
اهتمت بيزنطية بالتعليم فأنشأت المدارس والمعاهد وأهمها جامعة القسنطينية التي كانت تدرس الفلسفة والقانون والطب ونحو اللغة اللاتينية واليونانية وبلاغتها. وفي الفلسفة برعت الفيلسوفة هيباشيا التي سارت على خطى أفلاطون، وعينت أستاذة للفلسفة في جامعة الاستكندرية. أما العلوم، فقد عرف البيزنطيون الطب فكتبوا الموسوعات الطبية التي تضمنت شروحا في أمراض العين والأذن والفم والعمليات الجراحية، وقد ترجمت هذه الموسوعات إلى اللاتينية والسريانية والعربية.
كما تطور البيزنطيون في حقول كيمياء المعادن والسبائك والرياضيات والهندسة الجغرافية، وكانوا يؤمنون بأن الكواكب والنجوم لها تأثير على أحداث الأرض.
يدين الفن البيزنطي بجمال قصوره وعظمة كنائسه وروعة زخارفه لبلاد الشرق. فقد اندفعت سورية وآسيا الصغرى ومصر بحضاراتها الغنية إلى بيزنطية، بعد أن انحطت حضارة روما وتلاشت حين غزتها القبائل الجرمانية المتبربرة.
ولما انتصرت المسيحية على الوثنية، احتاجت إلى صروح فخمة تأوي عبادها المتزايدين، فارتفعت الكنائس فوق أنقاض الوثنية القديمة. وأصبح التصوير البيزنطي من الفسيفساء ذات المربعات الصغيرة الملونة من الرخام أو الزجاج، وسيلة لتزيين الكنائس والقصور. وكان البيزنطيون مولعين بالمنسوجات الملونة والمزدانة بالصور والرسوم والثياب الحريرية المطرزة وبفن حفر المعادن الثمينة والأحجار الكريمة.
برع الفنان البيزنطي في الأشياء الدقيقة أيضا، فكانت زخرفة المخطوطات المسيحية واضحة في كتاب الأناجيل الذي زخرفه الراهب رابولا وكتاب سفر التكوين المكتوب في القرن الخامس ميلادي.
دور المسيحيون في الحضارة الاسلامية
لعب المسيحيون دورا مهما في ظل الدولة الإسلامية ابان القرن الأول الهجري حيث برزت مساهمة القبائل المسيحية (خاصة السريانية) ابان الفتوحات العربية، وفي تثبيت اركان الحكم، وبقيت مجتمعات مسيحية على دينها مثل اقباط مصر، وموارنة لبنان، وتغالبة الجزيرة، وكان مسيحيون الشام من القبائل التغلبية يشكلون سندا للامويين في الجيش، وفي الاسطول. اعتمدت الدولة الإسلامية على المسيحيين في إدارة الدولة ودواوينها، فاستفاد الأمويون والعباسيون منهم في تعريب الدواوين والإدارة وأبقوهم على رأس وظائفهم؛ وكذلك فعل الفاطميون في مصر وكان "معظم الكتاب في الشام ومصر من النصارى"، حسب المقدسي، ولم يقتصر الأمر على موظفي الإدارة، بل تعداه إلى الوظائف الكبيرة في الدولة. ففي زمن معاوية، كان منصور بن ياسر سرجيون وزيراً، وكان طبيب معاوية الخاص وشاعر بلاطه مسيحيّين، وعين معاوية الطبيب ابن آثال عاملاً على ولاية حمص، وكان شاعر البلاط في عهده الأخطل الشاعر المسيحي المشهور. وعين سليمان بن عبد الملك كاتباً نصرانياً، كما عين المأمون العباسي اسطفان بن يعقوب مديراً لخزينة الخليفة، وتم تقليد ديوان الجيش لمسيحي مرتين، وشغل سعيد بن ثابت وزارة، وتولى عبيد بن فضل قيادة الجيش، وكان عيسى بن نسطور وزيراً في بلاط العزيز الخليفة الفاطمي، وكان لعضد الدولة وزير نصراني اسمه نصر بن هارون، وكلف نصارى كثيرون بمسؤوليات حكومية أيام الدولة الفاطمية (الأسد بن ميقات رئيس ديوان الجيش وأبو سعد بن منصور وزير الخليفة المنتصر).
كان للمسيحيين دور مهم في الترجمة، بخاصة أيام الدولة العباسية، وأدت الترجمة مهمة رئيسة في ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، وقد أتقن العرب (والمسيحيون منهم خاصة) الترجمة واستوعبوا محتويات الكتب المترجمة، بعدما عربوها وأعادوا صياغتها وطوروا مضمونها وأجروا عمليات نقد عليها وأعادوا إنتاج الثقافات السابقة لهم ووضعوها بين يدي العالم في ما بعد. لقد ترجم العرب المسيحيون من اليونانية والسريانية والفارسية، واستفادوا من المدارس التي ازدهرت فيها العلوم قبل قيام الدولة العربية خصوصاً مدارس مدن "الرها ونصيبين وجند يسابور وإنطاكية والإسكندرية"، واشتهر من المترجمين شمعون الراهب وجورجيوس (أسقف حوران) ومارأبا ودنحا (مترجماً وشارحاً أرسطو) وجوجيس بن يختشوع (في الطب خصوصاً)، وبقيت أسرته مسؤوله عن الطب في الدولة العباسية طوال ثلاثة قرون، وعين المأمون يوحنا بن ماسويه (ترجم وألف خمسين كتاباً) رئيساً لبيت الحكمة، وحنين بن إسحق العبادي (كان أيضاً رئيساً لبيت الحكمة وترجم 95 كتاباً) ويحيى بن عدي وابن البطريق وقسطا بن لوقا وإسحق الدمشقي ويحيى بن يونس والحجاج بن مطر وعيسى بن يحيى، وقد ترجموا وألفوا في الفلسفة والنواميس والتوحيد والطبيعيات والإلهيات والأخلاق والطب والرياضيات والنجوم والموسيقى وغيرها. وأسهم الأقباط بدورهم في التطور العلمي، فهم الذين قاموا بالدور الأساسي في بناء الأسطول العربي في بداية العصر الأموي، وهم الذين أقاموا دار الصناعة في الإسكندرية، ودار الصناعة في تونس، وذهب عدد من العمال (الفنيين) القبط إلى الشام للهدف نفسه. فقد كان للمسيحيين العرب دور بارز في العصر الأموي، في إنشاء الدواوين «الهيكل التنظيمي للدولة»، وكان منهم الأطباء المهرة. وقد كان طبيب معاوية بن سفيان مسيحياً. «ميسون زوجة معاوية التي طلبت الطلاق منه مسيحية».
وطلقها معاوية ملبياً رغبتها في العودة إلى حياة البداوة، وكان منهم شعراء مشهورون في البلاط الأموي، ومنهم الشاعر المشهور في هذا العصر «الأخطل»، وكان ثالث أشهر شعراء في «النقائض» مع جرير والفرزدق. وكان منهم أيضاً حرفيون مهرة، شارك عدد غير قليل منهم في بناء الجامع الأموي الكبير، الذي أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك ببنائه، وقد كان الأخطل الشاعر رئيس الديوان في هذا العهد.
وكان ثمة شروط موضوعية ليبرز المسيحيون العرب، ويشاركوا في توطيد أركان الدولة العربية بدءاً من العهد الأموي، منها أن وجود الرومان في بلاد الشام أهلّهم ليشاركوا في إقامة الدواوين والإدارة، وكذلك كان شأنهم في العهد الفاطمي في مصر، وقد كان معظم الكتاب «كتاب الدواوين» من النصارى، «منصور بن ياسر، طبيب معاوية الخاص كان عربياً مسيحياً ومنهم من تقلد الوزارة كسعيد بن ثابت».
وقد كان للمسيحيين العرب، في هذين العصرين، لاسيما العصر العباسي دور كبير في التعريب، إذ كانوا يترجمون الكتب عن اليونانية ترجمة تعريب بصياغة عربية مبينة، بحيث يبدو الكتاب مؤلفاً بالعربية، ومن أشهر المترجمين النصارى في العصر العباسي «جرجيس بن يحتشوع»، وكان لترجمتهم كتب الفلسفة إلى العربية أثر كبير في ظهور «فرق المعتزلة» التي تجعل من العقل الحكم الوحيد في تفسير أحكام الشريعة الإسلامية.
النهضة العربية الحديثة
أسهم المسيحيون العرب في النهضة العربية الحديثة، فكانوا أول من أدخل المطبعة إلى البلدان العربية "مطبعة دير قزحيا في لبنان" ثم مطبعة حلب العام 1706، وساعدوا منذ منتصف القرن التاسع عشر على نشر التعليم وتأسيس المدارس العربية، وطالبوا بتعريب التعليم والقضاء في البلدان العربية وإحياء اللغة العربية، وشاركوا في نقل مفاهيم النهضة الأوروبية والدولة الحديثة إلى العرب كمفاهيم الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص والحق بالتعليم وتحديث الدولة، وأكدوا اعتزازهم بانتمائهم القومي. ومنهم بطرس البستاني الذي دعا إلى تعليم العلوم الحديثة، وعمل لنشر مبدأ العدالة وفصل السلطات في الدولة وإدخال التعليم الإلزامي، وألف القاموس المحيط ثم بدأ تاليف "دائرة المعارف" وأنشأ صحفاً "الجنان، الجنينة"، وافتتح مدارس على أسس قومية طلابها مسلمون ومسيحيون، وأسهم في إحياء التراث العربي. ومنهم ناصيف اليازجي (اهتم بالنحو والبلاغة والعروض) وفرنسيس مراش (تحزب للعقل ونادى بالحرية والمساواة ومحاربة الاستبداد والاستعباد وطالب بالمواطنة مرجعية للجميع)، ومنهم أيضاً أديب إسحق (انضم إلى حلقة الأفغاني)، أصدر صحفاً في مصر وباريس، وناصر ثورة عرابي، وعارض الاستعمار والتدخل الاجبني، ونادى بالوحدة العربية، وإبراهيم اليازجي الشاعر والأديب والمفكر القومي العربي. ولعل فرح أنطون من أهم النهضويين العرب، فقد كان محرراً في عدد من الصحف وترجم إلى العربية مؤلفات عديدة وألف كتباً وساجل محمد عبده ونادى بالمساواة والعدالة والولاء القومي. أسهم المسيحيون العرب في تأسيس الجمعيات، بدءاً من أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأخذت الجمعيات أسماء غير سياسية، لكنها كانت أحزاباً بأسماء جمعيات، أهدافها الحقيقية سياسية وقومية وتنويرية، وضمن مسلمين ومسيحيين من دون تفريق، وعملوا معاً لنشر الثقافة العربية، وإحياء اللغة العربية والتراث العربي، وتنوير الشعب بالأهداف القومية العربية، والعمل لانتزاع حقوق العرب من السلطة العثمانية، وأخيراً تحقيق اللامركزية. وانتشرت الجمعيات في المدن العربية، وأصدرت الصحف والكتب والمنشورات، وقامت بنشاطات ثقافية وسياسية واسعة، وكان من أبرز الجمعيات: الجامعة العربية والإخاء العربي العثماني والمنتدى الأدبي والجمعية العربية الفتاة وجمعية العهد والجمعية القحطانية وحزب الإصلاح، وكان حوالي نصف عدد أعضاء المؤتمر العربي الأول (باريس 1913) من العرب المسيحيين. تؤكد المصادر التاريخية أن الأساقفة العرب شاركوا في المجمعات المسيحية الرئيسة الثلاثة (نيقيا 325م، أفسس 430م، خلقيدونية 451م) وأنهم انشقوا أكثر من مرة ورفضوا في الغالب الأعم الهيمنة البيزنطية وتعاليم كنيستها العصر العثماني كان لهم دور في التنوير، وفي إدخال المطبعة، وفي أواخر العهد العثماني كان لهم فضل في المشاركة بمقاومة التتريك والاستبداد التركي.
وكانت جمعية «العربية الفتاة» مكونة منهم وكان لها دورها في الداخل، وفي أوروبة «مؤتمر باريس». وشنق عدد منهم في عام (1916) بأوامر الوالي جمال باشا السفاح.
وفي العصر الحديث ظهر منهم مع عدد من العرب المسلمين ـ عدد كبير من المفكرين العروبيين، المحاربين لأي نزعة طائفية، وساهموا بفكرهم ومؤلفاتهم، في آخر العصر العثماني وبداية عصر النهضة في ظل الاحتلال الإنكليزي لمصر، والاحتلال الفرنسي لسورية ولبنان، وكان منهم بطرس البستاني، وأديب اسحاق، وعدد من الأدباء والشعراء العروبيين، كالشاعر القروي، وبشارة الخوري... إلخ، ومن بينهم كان مؤسسو صحيفة الأهرام في مصر، إضافة إلى شعراء المهجر المسيحيين، بسبب كون كثير منهم من المتعلمين.
وكونوا في العصر الحديث الطبقة البرجوازية الأساس في سورية، ولبنان مما جعل مساهمتهم في النهضة الاقتصادية ذات أثركبير، على نحو ماكانوا أصحاب أثر كبير في النهضة الثقافية، وفي الثورة على الاستعمار الفرنسي ـ لسورية ولبنان ـ بفكرهم ومؤلفاتهم، وعملهم، وقد كان فارس الخوري عضو الكتلة الوطنية، في ظل الاحتلال الفرنسي، واحداً من أهم الشخصيات السورية التي ساهمت في صنع استقلال سورية. وكما لعبوا دوراً حضارياً وثقافياً وعلمياً وقومياً خلال التاريخ العربي.
أنظر أيضا
مصادر
- ^ تاريخ الكنيسة
- ^ المسيحية والحضارة المحاضرة التي ألقاها المطران جاورجيوس في دير القديس جاورجيوس البطريركي الحميراء
- ^ نيوزويك العربية، عدد 16 تشرين ثاني 2006، تقرير عودة الإيمان، إريك كاوفمان، ص.44
- ^ انظر تاريخ الحضارة المجلد الثالث، الكتاب الخامس، الفصل الثامن والعشرون، الفصل الأول
- ^ أ ب خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةالكنيسة والعلم خامس
- ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.267
- ^ أ ب ت الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.294
- ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.257
- ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.220
- ^ الكنيسة والعلم، مرجع سابق، ص.263
- ^ كيف تنظرون إلى النظافة؟
Role of the Catholic Church in Western civilization]] id:Gereja Katolik Roma dan peradaban manusia