حياة

هذه المقالة عن مفهوم مصطلح الحياة. من أجل استخدامات أخرى، انظر حياة (توضيح).

الحياة، تشير إلى الخاصية التي تميز الكيانات المادية ذات العمليات الحيوية، مثل تأشير الخلية والاكتفاء الذاتي، من تلك التي لا تتمتع بذلك لأسباب قد يكون منها توقف هذه الوظائف (الموت) أو عدم امتلاكها هذه الوظائف أساسًا (جماد). تتنوع أشكال الحياة بين النباتات والحيوانات والفطريات والطلائعيات والعتائق والبكتيريا، ويدعى العلم الذي يدرس الحياة علم الأحياء (البيولوجيا).

لم يُتفق بعد على تعريف موحد للحياة. يشير تعريف شائع إلى أن الكائنات الحية أنظمة مفتوحة تحافظ على الاستتباب، وتتكون من خلايا، وتتمتع بدورة حياة وخاضعة لعملية التمثيل الغذائي، وبإمكانها النمو والتكيف مع بيئتها والاستجابة للمنبهات، وبإمكانها أيضًا التكاثر والتطور. تتضمن التعريفات الأخرى أحيانًا أشكال الحياة غير الخلوية مثل الفيروسات وأشباه الفيروسات.

يعبّر مصطلح التولد التلقائي عن عملية طبيعية للحياة تنشأ من مادة غير حية، مثل المركبات العضوية البسيطة. تفيد الفرضية العلمية السائدة إلى أن الانتقال من الكيانات غير الحية إلى الكيانات الحية لم يكن حدثًا واحدًا، بل عملية ازداد تعقيدها تدريجيًا. ظهرت الحياة على الأرض لأول مرة منذ 4.28 مليار سنة، بعد وقت قصير من تشكل المحيط أي قبل 4.41 مليار سنة، وليس بعد تكوين الأرض بوقت طويل حتى أي قبل 4.54 مليار سنة. تدل الأحافير الدقيقة للبكتيريا على أقدم أشكال الحياة المعروفة، ويُفترض أن الحياة على الأرض تنحدر من عالم الحمض النووي الريبي، رغم أن الحياة الناشئة من الحمض النووي الريبي لم تكن ربما أول حياةٍ وجدت.

أثبتت تجربة ميلر يوري الكلاسيكية عام 1952 والأبحاث المماثلة أن معظم الأحماض الأمينية- المكونات الكيميائية للبروتينات المستخدمة في جميع الكائنات الحية- يمكن تصنيعها من مركبات غير عضوية في ظل ظروف تحاكي التي كانت في الأرض المبكرة. تتشكل الجزيئات العضوية المعقدة في النظام الشمسي وفي الفضاء بين النجمي، ويُحتمل أن هذه الجزيئات قد وفرت المركبات الطليعية لتطور الحياة على الأرض. غيرت الحياة على الأرض منذ بداياتها الابتدائية بيئتها على مقياس زمني جيولوجي، لكنها تكيفت أيضًا للاستمرار في معظم النظم البيئية والظروف. تزدهر بعض الكائنات الحية الدقيقة، التي تدعى أليفة الظروف القاسية، في البيئات المادية أو الجيوكيميائية المتطرفة التي تضر بمعظم أشكال الحياة الأخرى على الأرض.

تعدّ الخلية الوحدة الهيكلية والوظيفية للحياة، وتُقسم ما بين بدائيات النوى وحقيقيات النوى، ويتكون كل من النوعين من السيتوبلازم المحاط بغشاء والحاوي على العديد من الجزيئات الحيوية مثل البروتينات والأحماض النووية. تتكاثر الخلايا بعملية الانقسام الخلوي، إذ تنقسم الخلية الأم إلى خليتين أو أكثر من الخلايا الوليدة.

حاولت العديد من الفرضيات سابقًا تعريف «الحياة» من خلال مفاهيم عفا عليها الزمن مثل قوة أود، والهيلومورفية، والتوليد الذاتي، والمذهب الحيوي، ودُحضت جميعها الآن من خلال الاكتشافات البيولوجية. كان أرسطو أول من صنف الكائنات الحية، وقدم كارولوس لينيوس نظامه للتسميات الثنائية لتصنيف الأنواع. اكتُشفت لاحقًا مجموعات وفئات جديدة من أشكال الحياة، مثل الخلايا والكائنات الحية الدقيقة، مما أفضى إلى تنقيحات مهمة في بنية العلاقات بين الكائنات الحية. لا يتعين- رغم كون الحياة معروفة حاليًا على الأرض فقط- حصرها في الأرض فقط، إذ يتكهن العديد من العلماء بوجود حياة خارج كوكب الأرض. تشير الحياة الاصطناعية إلى محاكاة حاسوبية أو إعادة بناء من صنع الإنسان لأي جانب من جوانب الحياة، والتي تُستخدم غالبًا لفحص الأنظمة المتعلقة بالحياة الطبيعية.

يشير الموت إلى الانتهاء الدائم لجميع العمليات الحيوية التي تبقي على الكائن الحي، وبالتالي نهاية حياته. يصف مصطلح الانقراض، زوال مجموعة أو صنف، أو نوع غالبًا. تتمثل الحفريات ببقايا الكائنات المحفوظة أو آثارها.

الخلايا

تشكل الخلية الوحدة الأساسية للتركيب في كل كائن حي، وتنشأ جميع الخلايا من خلايا موجودة مسبقًا عن طريق الانقسام. صيغت نظرية الخلية بواسطة كل من هنري دوتروشيه وثيودور شوان ورودولف فيرشو وآخرين خلال أوائل القرن التاسع عشر، وأصبحت فيما بعد مقبولة على نطاق واسع. يعتمد نشاط الكائن الحي على النشاط الكلي لخلاياه، إذ تتدفق الطاقة داخلها وفيما بينها. تحتوي الخلايا على معلومات وراثية تنتقل كرمز جيني أثناء انقسام الخلية.

تفتقر بدائيات النوى -أحد نوعي الخلايا الأساسيين- إلى النواة والعضيات الأخرى المرتبطة بالغشاء، رغم احتوائها على دنا دائري وريبوسومات. البكتيريا والعتائق نطاقان من بدائيات النوى. تمتلك حقيقيات النوى- النوع الأساسي الآخر من الخلايا- نوى مميزة مرتبطة بغشاء نووي وعضيات مرتبطة بالغشاء، تشمل المتقدرات، والبلاستيدات الخضراء، والجسيمات الحالة، والشبكة الإندوبلازمية الخشنة والملساء، والفجوات. تمتلك الخلايا كروموسومات منظمة تخزن المواد الوراثية. تنتمي جميع أنواع الكائنات الحية المعقدة الكبيرة إلى حقيقيات النوى، شاملة الحيوانات والنباتات والفطريات، رغم أن معظم أنواع حقيقيات النوى عبارة عن كائنات أولية. يفترض النموذج التقليدي تطور حقيقيات النوى من بدائيات النوى، إذ تكونت العضيات الرئيسية لحقيقيات النوى من خلال التعايش الداخلي بين البكتيريا وحقيقية النواة السلف.

تعتمد الآليات الجزيئية لبيولوجيا الخلية على البروتينات. تُصنّع معظم هذه البروتينات بواسطة الريبوسومات من خلال عملية محفزة بالإنزيم تسمى الاصطناع الحيوي للبروتين. تُجمع سلسلة من الأحماض الأمينية وتُضَم معًا بناءً على التعبير الجيني للحمض النووي للخلية. يمكن بعد ذلك نقل هذه البروتينات ومعالجتها من خلال جهاز غولجي استعدادًا لإرسالها إلى وجهتها، وذلك في حقيقيات النوى.

تتكاثر الخلايا من خلال عملية الانقسام الخلوي، إذ تنقسم الخلية الأم إلى خليتين أو أكثر من الخلايا الوليدة. يحدث الانقسام الخلوي بالنسبة إلى بدائيات النوى، من خلال عملية انقسام ثنائي يحصل فيها نسخ الحمض النووي، ثم تُربط النسختين بأجزاء من غشاء الخلية. تحصل عملية أكثر تعقيدًا من الانقسام المتساوي في حقيقيات النوى، إلا أن النتيجة النهائية نفسها، إذ تكون نسخ الخلية الناتجة متطابقة مع بعضها البعض ومع الخلية الأصلية (باستثناء الطفرات)، وكلا النوعين قادر على الانقسام بعد فترة الطور البيني.

يُرجّح أن الكائنات متعددة الخلايا قد تطورت أولًا من خلال تكوين مستعمرات من خلايا متطابقة. يمكن أن تشكل هذه الخلايا كائنات مجموعة ما من خلال التصاق الخلية. يمكن لأعضاء المستعمرة البقاء على قيد الحياة بمفردهم، في حين أن أعضاء الكائن الحي متعدد الخلايا الحقيقي قد طوروا تخصصات، مما يجعلهم يعتمدون على بقية العضوية من أجل البقاء. تتشكل هذه الكائنات بشكل مستعمرات أو تشكل خلية جنسية واحدة قادرة على تكوين مختلف الخلايا المتخصصة التي تشكل الكائن الحي البالغ. يسمح هذا التخصص للكائنات متعددة الخلايا باستغلال الموارد بشكل أكثر كفاءة من الخلايا المفردة. أفاد العلماء في يناير 2016، أن تغير جيني طفيف في جزيء واحد، يسمى GK-PID، قد سمح للكائنات الحية بالانتقال من كائن وحيد الخلية إلى عديد من الخلايا قبل حوالي 800 مليون سنة.

طورت الخلايا طرقًا لإدراك بيئتها الميكروية والاستجابة لها، وبالتالي تعزيز قدرتها على التكيف. ينسق التأشير الخلوي الأنشطة الخلوية، لذا يتحكم بالوظائف الأساسية للكائنات متعددة الخلايا. يمكن أن يحدث التأشير بين الخلايا من خلال الاتصال الخلوي المباشر باستخدام التأشير المعتمد على الاتصال، أو بشكل غير مباشر من خلال تبادل العوامل كما هو الحال في نظام الغدد الصماء. يمكن أن تُنسق الأنشطة من خلال الجهاز العصبي المخصص في الكائنات الحية الأكثر تعقيدًا.

مفهوم الحياة

الحياة في اللغة هي نقيض الموت وحَيَّ يَحْيَا ويَحَيُّ فهو حَيٌّ، وللجميع حَيُّوا، بالتشديد، قال: ولغة أُخرى حَيَّ وللجميع حَيُوا، خفيفة.

تعتبر الحياة حالة تميز جميع ما يدعى الكائنات الحية من حيوانات ونباتات وبشر وفطريات وحتى البكتريا والجراثيم مميزة إياها عن غير الأحياء من الأغراض اللاعضوية أو الكائنات الميتة. يتميز كل كائن حي بقدرته على النمو من خلال الاستقلاب، والتكاثر لضمان استمرار النوع الحيوي، وقدرة التكيف مع البيئة من خلال تغيرات داخلية أو جسمانية. يمكن أن نلاحظ ضمن الكرة الحية على سطح الأرض تنوعات هائلة من أشكال الحياة. ما يجمع جميع الحياء من حيونات ونباتات وفطريات وحتى البكتريا والأوليات هي أناه أشكال خلية تعتمد على الكربون والمياه مع تعضي organization معقد ومعلومات جينية. تقوم بالاستقلاب وتمتلك قدرة النمو والاستحابة للمنبهات stimuli، تتكاثر، تستمر حسب اصطفاء طبيعي حسب نظرية التطور اتستمر على شكل أجيال متلاحقة.

بعض تعريفات الحياة تقتصر فقط على اشتراط إمكانية التكاثر وإنجاب نسل مع إجراء تعديلات تكيفية، من وجهة النظر هذه تصبح الفيروسات ذات مظاهر حيوية أحيانا عندما تكون في استضافة كائن حي يسمح لها بالتكاثر بالرغم من أنها لاخلوية acellular ولا تقوم بأي استقلاب. تعريفات أكثر عمومية للحياة قد تعطى بحيث تشمل حياة غير كربونية الأساس وغيرها من أشكال الحياة الأخرى alternative biology.

الحياة وتعريفاتها

تختلف عادة تعريفات مصطلح الحياة لكن بشكل عام تعرف الحياة تقليديا بانها الخاصية التي تظهرها الأحياء التالية :

الحياة


ليناوس
1735
مملكتين
هيكل
1866 [١]
ثلاث ممالك
شاتون
1937[٢]
إمبراطوريتين
كوبلاند
1956[٣]
أربع ممالك
ويتاكر
1969[٤]
خمس ممالك
فوسه وزملاؤه.
1977[٥]
ست ممالك
فوسه وزملاؤه.
1990[٦]
ثلاث نطاقات
(not treated) مملكة الطلائعيات بدائيات النوى مونيرا مونيرا بكتريا حقيقية بكتريا
جراثيم عتيقة عتائق
حقيقيات النوى طلائعيات طلائعيات طلائعيات حقيقيات النوى
مملكة الكائنات الخضراء مملكة النباتات فطريات فطريات
مملكة النباتات مملكة النباتات مملكة النباتات
مملكة الحيوانات مملكة الحيوانات مملكة الحيوانات مملكة الحيوانات مملكة الحيوانات
  1. ^ E. Haeckel (1866). Generelle Morphologie der Organismen. Reimer, Berlin. 
  2. ^ E. Chatton (1937). Titres et travaux scientifiques. Sette, Sottano, Italy. 
  3. ^ H. F. Copeland (1956). The Classification of Lower Organisms. Palo Alto: Pacific Books. 
  4. ^ R. H. Whittaker (1969). "New concepts of kingdoms of organisms". Science 163: 150–160. 
  5. ^ C. R. Woese, W. E. Balch, L. J. Magrum, G. E. Fox and R. S. Wolfe (1977). "An ancient divergence among the bacteria". Journal of Molecular Evolution 9: 305–311. 
  6. ^ Woese C, Kandler O, Wheelis M (1990). "Towards a natural system of organisms: proposal for the domains Archaea, Bacteria, and Eucarya.". Proc Natl Acad Sci U S A 87 (12): 4576–9. doi:10.1073/pnas.87.12.4576. PMID 2112744. 


انظر أيضًا

-based life

-life، عكس الحياة

الحياة

الحياه «بالمعنى الفلسفي» هي المبدأ الذي يجعل الكائن متصفاً بصفات معينة أبرزعا الإحساس، والحركة، والزيادة والنقصان، والحركة بوجه عام.

ونجد هذا المعنى لأول مرة عند أفلاطون وهو يقول إن •الحي» مزود بمبدأ الحركة الذاتية، وهذا هو ما يكون جوهر الحياة (أفلاطون: «فيدرس» ٢٤٠ ح٠٧ ٨) . وعنده أن مبدأ الحياة هو النفس («فيدون ١٠٥ح -د). إنها حياته أي حركة ذاتية («النواميس» ٨٩٥ -٨٩٦). وكان أفلاطون يرى أن الكون كله كائن حي («طيماوس» ٢ ٣د) ، مزود بنفس واحدة («طيماوس» ٣٤ب) وأثار مشكلة العلاقة بين الوجود، والحياة، والعقل.

اما أرسطو فيرى أن الحياة هي «ما به الموجود يتغذى، وينمو ويضمحل بذاته» («في النفى» م٢ ف١ ٤١٢أ١٠ - ٢٠). ودراسة الحياة لا تنتسب إلى الفيزياء ولاإلى التاريخ الطبيعي، بل إلى علم النفس وعلم النفس لي - عند أرسطو محدوداً كما هو اليوم، بل كان يشمل صورة ومبدأ الوجود في الكائنات الحية. ولهذا كان يرى أن الحياة تظهر بمظهرين: حياة الجسم، وحياة النف. والنفس هي "كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة» .

الحياة تكون الغارق بين ما له نفس وبين ما ليس

بذي نفس، لأنها فعل نفسي («في النفس،» ٤١٣أ ٢١)، رقدرة على الحركة بذاتها («في النفس من م٢ ف١ ص٤٠٣ب ١٦). وعمليات الحياة هي: العقل، الإحساس، الحركة والسكون، رالحركة في المكان، والزيادة والنقصان. والنبات يتصف بالحياة (م٢ ف٢ ٤١٣أ ٢٢ وما يليه، اجزاء الحيوان ه م٢، ص٧ رما يلي). وتفكير الشه هو حياة سعيدة (اما بعد الطبيعة» م٠ ١ ف٧ص١٠٧٢ب٢٤وما يليه).

وقال الرواقيون إن مبدأ الحياة هو البنويما Pneuma (روح الحياة).

وعند أفلوطين: الحياة "انرجيا» تزداد روحانية بمقدار ما تكون أكبر كمالاً («التساعات»، التساع الثالث ٦ : ٦. والحياة كلها عملية روحية («التساع الثالث ٨: ٨) . ويتحدث عن العلاقة بين الواحد رالحياة والعقل.

وعند فالنتينوس Valentinus الغنوصي أن الحياة تصدر عن العقل.

ويرى برقلس أن الحياة هي الحد الثاني (الواحد، الحياة، العقل) من ثالوث يناظر الأقنوم الثاني. وهو يقول: «كل الأشياء التي تشارك في العقل يسبقها العقل الذي لا مشاركة فيه. فالاشيام التي تشارك في الحياة تسبقها الحياة، والاشياء التي تنارك ني الوجود يسبقها الوجود. ومن بين المبادى ء الثلاثة غير المشارك غيها: الوجود سابق على الحياة، والحياة سابقة على العقل» (»مبادى اللاهوت» ، القضية رقم ١٠١). وإذن ما يشارك في العقل يشارك - تبعاً لذلك - في الحياة، لكن العكس ليس بصحيح، لأنه توجد أشياء تنبت حية، ولكنها خالية

اب¡

من المعرفة. ويتابع فيقول : «كل ما يحيا يملك حياة ذاتية خاصة يسبب الحياة الأولية» (القضية رقم ٢ ٠ ١). «وكل الأشياء موجودة في كل الأشياء، لكن في كل واحد بحسب طبيعته. ذلك أن في الوجود حياة وعقلاً، وفي الحياة وجود وعقل، وفي العقل وجود وحياة وهكذا نرى أن برقلس يجعل من الحياة أقنوماً، وكأن ثمة حياة أولية.

ويرى فورفوريوس، وايامبلخوس وسوريانوس أن الحياة هي الأقنوم الثاني من ثلاث يتكون من: الوجود -الحياة-العقل.

وفي العصر الوسيط الأوروبي يعود المفكرون إلى رأى أرسطو فنجد جان اسكوت اريجين يقول إن النفس لا تحرك إلا جسمها («في تقسيم الطبيعة» ٤ : ٥) والقديس توما الأكويني يقول: «إنا نسمي حياً من يملك بذاته حركة أو ما يناظرها من العمليات» («في الحقيقة» ٤ : ٢٨). والحياة هي القدرة على التحرك بالذات، وفقاً للطبيعة الخاصة بالكائن الحي («الخلاصة اللاهوتية» ق١، المسألة رقم ١٨، المادة ١، ٢.

وفي العصر الحديث نجد أولاًكمبانلاً يقول إن قوة الحياة هي النفس الحساسة، التي تفعل بواسطة فكرة («في أمور الحس» ٢ : ٣ وما يليها). ويقول باراسلسوس Paracelsus إن مبدأالحياة مبدأأول وبالجملة نرى أنه في عصر النهضة كان تصور «الحياة» واسعا، وكانت تشمل الكون كله، على نحو ما نرى عند الرواقيين وبعض الأفلاطونيين المحدثين. إذ كانوا ينظرون إلى الكون على أنه «حيوان كبير» ، أو «كائن عضوي كبير» . وفرقوا بين الحياة العضوية والحياة النفسية.

ثم جاء ديكارت فميز بين الفكر وبين الامتداد. وقرر أن الموجودات الحية ليست لها خواص غير الخواص الميكانيكية. ومن ثم بدأت الحياة ينظر إليها على أنها عملية ميكانيكية خالصة. فقال هوبز إن «الحياة ليست شيناً آخر غير حركة مبدؤها باطن في موضع من الجسم» («الوياثان»، المقدمة) وقال اسبينوزا «إن الحياة قوة بها يستمر الموجود في البقاء» (تأملات ميتافيزيقية» Cogit. reb ٢: ٦) وليبنتس قال إن الحياة هي «مبدأ للإدراك الحسي» (نشرة أردمن، ص٤٦٦) وقال إن «كل شيء يحيا، ولهذا فإنه ليس في حاجة إلى مبدأ للحياة،

لأن الذرات الروحية (المونادات) حية بطبعها.

وبالجملة، فإنه بعد ديكارت صار ينظر إلى الحياة على أنها «مجموع من العمليات الميكانيكية والنفسية». وكما لاحظ ماكس شيلر «في النظرة الميكانيكية للحياة، الموجود الحي يتصور على صورة ماكينة، وتركيبه يعد مثل مجموع من الآلات النافعة، لا تختلف إلاً من حيث درجته في انتاج الأمور النافعة للبقاء. فإن كان هذا صحيحاً، فلا يمكن أن تكون للحياة قيمة جوهرية» («الذحل في الأخلاق") ويمكن تلخيص نتائج هذه النظرةكما يلي:

١ - المجموع الحي هو حاصل جمع أجزائه.

٢ - العضو في الجسم الحي هو بمثابة آلة مصنوعة مما ليس بحي؛

٣ - عمليات النمو والتطور ترجع إلى ميول للمحافظةعلى لبقاء ؛

٤ - الجهاز العضوي الجسمي ليس وعاء لعمليات حيوية، بل الحياة ما هي إلا خاصية للمواد والقوى التي تؤلف الجهاز العضوي .

وفي مقابل هذه النزعة الميكانيكية في تصور الحياة، جاء امانويل كنت Kant فقرر أن الحياة ليست خاصية لمادة. بل مبدأ الحياة يبدو أنم غير مادي، «لأن الحياة هي القدرة الباطنة على التصرف وفقاً للإرادة الحرة» («أحلام صاحب رؤى ٠ .)ا ص١٥). »إن الحياة هي قدرة الجوهر على أن يفعل بحسب مبدأ باطن» («البدايات الميتافيزيقية للعلوم الطبيعية» ص٢٩٢ وما يليها؛ وراجع "نقد ملكة الحكم«، قسم ٢، بند ٧٣، ٨١؛ ص٢٥٦؛ ٢٩٢). وقال أيضاً م «الحياةهي فعل موجود بسيط، لأنها تفعل بواسطة امتثال «لغرض». «والمبدأ الموجه هو غير مادي، والحياة تصدر عن مبدأ أولى». ويقول في «نقد العقل العملي» (ص ٢١٠): «الحياة هي قدرة الموجود على السلوك وفقاً لقوانين القدرة على التشوق».

وعرف فشته Fichte الحياة بأنها «القدرة على أن يحدد الموجود نفسه بنفسه باطنياً، وبمقتضى هذا التحديد الذاتي يكون علة لأن يكون خالقاً لوجود خارج ذاته» (مجموع مؤلفاته ح٣ ص١٤) وإذن «الحياة إرادة

الحياة

لتكوين الذات وتشكيلها» («مصير الإنسان»). والحياة الفعالة الحية تنبع دائماً سن ذاتها ٠ إن «الصورة» Idee تريد أن تحيا، وأن توجد كيما توجد. إن الوجود حي وفعال في ذاته، ولا يوجد وجود آخر غير الحياة، وحياة الله لا تتغير في ذاتها ولذاتها، والعالم هو المعرض الذي تتجلى فيه.

وهردر Herder يولج الإنسان في داخل قوانين تطور الطبيعة، ولا يضع فاصلاً حاداً بين الحياة وبين العالم اللاعضوي. وجيته يؤكد الغائية الباطنة في الأشكال الحية، ويبرز - بعبارات تنطوي على وحدة الوجود - البغد الباطن الخلاق (راجع بحثه بعنوان: «الطبيعة» في مجموع مؤلفاته نشرة كاوليشر، ح٣٨، خصوصاً ص٥٩ وما يليها، حيث يتكلم عن سرمدية الحياة).

ويؤكد شلنج أنه لا حاجز يحجز بين الوعي واللاوعي داخل وحدة الحياة الإلهية، وهي تتجلى -خارج المتوسطات المنطقية التصورية , في فعل العيان الفني (راجع كتابه: «برونو» أو في المبدأ الطبيعي والإلهي للأشياء»، سنة ١٨٠٢ ؛ وكتابه «في نفس العالم«، مؤلفاته، القسم الأول، ح٢ ص٠ ٣٥).

وهيجل في كتابه «علم المنطق» يميز بين الحياة كمقولة منطقية وبين الحياة الطبيعية . فالحياة، بوصفها مقولة منطقية هي «الصورة Idee المباشرة»؛ أما الحياة الطبيعية فهي الحياة من حيث أبقى بها خارج الوجود، أي الحياة من حيث هي موجودة في الطبيعة اللاعضوية. ويقول إن الحياة تمتل محافظة الكل على ذاته في أجزائه («فلسفة الطبيعة»ص٤١١ ، ٣، ٤، ٤٦٥ وما يليها، ٥٩٦ وما يليها).

أما شوبنهور فيقول إن «قوة الحياة» هى التى تمسك القوى في الكائن العضوي، وتسيطر عليها، وتغير في فعاليتها والحياة هي في ذاتها إرادة للحياة (parerga، بند ٩٦ ؛ "العالم إرادة وامتثال» في مجموع مؤلفاته حم ١ ص٧٦ وما يليها، و١٠١ وما يليها). والحياة تقوم دائماً في «اطراح ماذة وتمثيل مادة جديدة» (ح١٠ ص ٣٧١ وما يليها) والحياة «موت دائم مكبوح» وهي بذل مستمر للفرد وللمادة مع بقاء الصورة» (ح١١ ص٣٣٨؛ parerga بند ٩٥). والموت والميلاد أمران متضايفان

(ح١١ ص٦٩، ٣٣٨ وما بعدها). والحياة العضوية تقوم في «صيرورة مستمرة" (ح. ١ ص٨٣، وما يليها. والحياة معناها «إرادة الوجود الزماني ومواصلة الإرادة» (ح١ ١ ص٧٩ وما يليها). ومعرفة ماهية الإرادة، وأسباب الألم، وشقاء الوجود , هي الغرض من الحياة. والحياة هي الوجود اللانهائي على شكل التناهي. إنها حركة، وتلقائية.

ونيتشه يرى أن الحياة هي «إرادة القوة«، و«تكريس القوة والغرض هو التغلب، والامتلاك، والاستحواذ («مؤلفاته»حه١ ص٢٩٦، ٣٠٣، ٣١٤ وما بعدها). والحياة العضوية هي صورة دائمة لضروب القوة (مجموع مؤلفاته ح٩ ص٤٧٢ وما يليها) والروح هي في خدمة السمو بالحياة» (ص٤٧٤). وصعود الحياة وانحدارهما هما دائما المعيار لكل القيم. والحياة هي القيمة العليا. والحياة عملية خلق دائم وتدمير دائم.

ويرى جوييو Guyau أن الكون كله حي. وماهية الحياة - في نظره - هي الخصوبة، والسعي نحو التوسع، والانتشار، والتبليغ والحياة تعني البذل كما تعني الأخذ وهي ينبوع التضامن والتعاطف («أخلاق بلا إلزام ولا جزاء» ص٩٩ وما يليها، ٢٧٠ وما يليها؛ «عدم التدين في المستقبل»).

وبرجسون يرى أن الحياة صيرورة دائمة. والسورة الحيوية تسمو بالحياة. والحياة تعني المحافظة على الماضي في الحاضر الذي يسير بدوره نحو المستقبل. وتسعى الحياة إلى مزيد من التفاضل بين الأنواع: ودور الحياة هو إحداث عدم التعين، أي إدخال الحرية وعدم إمكان التنبوء في المادة، ومساعدة ما هو روحي على السيادة، دون أن تكون الحياة موجهة نحو غرض معين («التطور الخالق ص١١ وما يليها، ١٧ وما يليها، ٩٥ وما يليها، ٣٧ وما يليها، ٧٤ وما يليها». والحياة لا يمكن أن ترد إلى الكم.

وعند زمل Simmel أن الحياة تسعى إلى تجاوز كل شكل يهددها بالتوقف. ولها طابع ديالكتيكي، وتحقق الوحدة في المتقابلات («كنت وجيته» صم ١) وما يليها، «النزاع في الحضارة الحديثة» سنة ١٩١٨ ، والحياة علو مستمر على ذاتها، وبناء واختراق لإطاراتها، الحياة هي «مزيد من الحياة» و«أكثر من الحياة» ،

الحياة

وثم صطلاحان يتعلقان بالحياة نشير إلى مضمونهما بإيجاز :

١ - فلسفة الحياة : وهي تدل على معنين : الأول هو ذلك الاتجاه في الفلسفة الذي يؤكد أن الحقيقة المطلقة هي الحياة، أو تدرك بالتجربة الحية rlebnis. وهو بهذا يعارض التيار العقلي الخالص الذي يرى أن الحقيقة لا تدرك إلا بالعقل المحض. ومن أنصار هذا الاتجاه نذكر: هردر، جيته، شلنج، شوبنهور، نيتشه، جوييو، برجسون، اشبنجلر، دلتاي، زمل، ماكسشيلر والمعنى الثاني هوم فلسفة السلوك في الحياة: وتبحث في واجبات الإنسان في الحياة، وأهدافه، وأغراضه منها. ويندرج فيها أبحاث في الأخلاق، وفي الدين. ومن الممكن أن تسمى: «الحكمة في الحياة» . وقد عالجها الفلاسفة من عهد أفلاطون حتى اليوم، كما عالجها مفكرون أو كتاب لا يبلغون مرتبة الفلاسفة . ونذكر من بينهم : في العصر الروماني: شيشرون، سنكام، بكتاتوس، ماركس أورليوس، وفي العصر لحديث: مونتاني («المقالات» Essais سنة ١٥٨٠)، وجرثبان (Oracian: manual ١٦٤٧)؛ وبادر («أقوال في التربية والتأسيس للحياة، سنة ١٨٢٠)، رسكن Ruskin (أقوال في حكمة الحياة»)، أمرسون («قيادة الحياة»)، الخ

٢ - مذهب الحيوية vitalisme: وهو مذهب علمي وفلسفي معاً يحاول تفسير وظائف الحياة عن طريق فعل قوة للحياة خاصة. وهو بالجملة يقوم على آراء القائلين بوجود «قوة حيوية» أو «مبدا حيوي لا يمكن رده إلى العمليات الفيزيائية - الكيماوية في الأجهزة العضوية وقد قسم البعض أنماط هذه النزعة إلى أربعة:

١ — مذاهب تقول بوجود مبدأ حيوي، غير جسماني، في الجسم العضوي، ويسمى هلمونت هذا المبدأ باسم archeus، ويسميه اشتا لا40ا5 باسم: anima,

٢ - مذاهب تقول بوجود قوانين خاصة تنظم الظواهر الحيوية.

٣ - مذاهب تقول بوجود عناصر غير كيماوية في الأجسام العضوية، مثل «الأرواح الحيوانية» التي قال بها ديكا رت.

٤ - مذاهب تقول بوجود قوة حيوية متميزة من القوى التي من نوع قوى التفاعل الكيماوي أو الكهرباء ■

والصفة المشتركة بين كل هذه الأنماط من المذهب الحيوي هي رفض إمكان رد العضوي إلى اللاعضوي • هم لا ينكرون وجود علاقة بين العضوي واللاعضوي لكنهم يرفضون إرجاع العضوي إلى اللاعضوي، ويؤكدون أن للعضوي خصائص لا يمكن استنباطها من اللاعضوي، وأن العمليات العضوية لا يمكن إرجاعها إلى علميات لاعضوية.