كارولوس لينيوس

(بالتحويل من كارلوس ليناوس)

كارل لينيوس أو كارولوس لينيوس (بالإنجليزية: Carl Linné) عالم نبات سويدي الجنسية، عُرف بعد أن صنّفه ملك السويد أدولف فريدريك عام 1757 كأحد النبلاء (كارل فون لينيه). ولد في 23 أيار/مايو عام 1707م. وكان طبيباً وجيولوجياً ومربِ وعالم حيوان.

وهو رائد علم التصنيف الحديث ويعتبر أحد آباء علم التبيؤ. ألف كتاب "نظام الطبيعة" (Systema Naturae) الذي وضع فيه أسس التصنيف العلمي الحديث؛ فهو أول من وضع نظام التسمية الثنائية (أي اسم الجنس واسم النوع).

نشأته

ولد لينيوس لعائلة فقيرة في مزرعة في أحد الأرياف بجنوب السويد في مدينة فيكشيو، أعدّه أبوه نيلز لينيوس ليكون قساً كوالده؛ لكنه لم يرغب بذلك ولم يكن ميالاً له.

كان (نيلز) مزارعاً بارعاً، أحب اقتناء الأشجار والأزهار النادرة وزرعها حول منزله فأصبح كأنه مسبحة حية، شكّلت ملعباً لكارل وأصدقائه؛ فلما شب كارل كان يقول :"حبي للنبات لا ينتهي". وقد كان يهرب من المدرسة ليجمع عينات نباتية من الغابات والمزارع.

دخل لينوس إلى المدرسة الابتدائية في مدينة فاكسيو عام 1717 أي وعمره عشر سنوات، وتعلم اللغة اللاتينية خارج المدرسة رغبة منه بتعلمها لأنها اللغة الأم، وقبل أن يهتم بعلم النباتات كان مهتماً بالطب؛ وقد أدرك أن علم النبات ميوله فذهب إلى جامعة لوند وخلال دراسته بالجامعة حاول أن يستحدث حديقة نباتية لدراسة النباتات بالجامعة، ففكر بالانتقال إلى جامعة أوبسالا، وبعد عام غادر لينيوس إلى جامعة أوبسالا مع تزكيات كثيرة من معلميه، ولكنه لم يتلق أي دعم من والديه لأنه كان الابن الخامس، فقد كان لا يجد المال لإصلاح ملابسه فكان يرقعها بالورق ليقي نفسه البرد.

مسيرته العلمية

كان لينيوس طموحاً فلم يوقفه الفقر ولم يثبط من همته فأكمل دراسته، وفي عام 1731م عُين محاضراً مساعداً في النبات ومدرساً خاصاً في بيت الأستاذ رودبيك، الذي كان أباً لأربعة وعشرين طفلاً، فكتب يقول "إنني الآن بفضل الله أملك دخلاً".

فلما قررت جمعية أوبسالا العلمية إيفاد بعثة لدراسة نباتات (لابلاند)، أختير لينيوس لرئاستها، وبدأ هو وبعض الشباب الرحلة في 12 أيار/مايو 1732. وقد وصف رحيلهم بأسلوبه الرائع بطبيعته فقال:

"كان الجو مشرقاً لطيفاً، والنسيم الغربي العليل يهب مضيفاً على الجو برودة منعشة. وكانت براعم أشجار البتولا قد بدأت تتفتح، والأوراق كثيفة على معظم الأشجار، ولم يبق جافاً غير الدردار والبلوط. وكانت القنبرة تصدح في العلا. وبعد أن قطعنا ميلاً أو نحوه جئنا إلى مدخل غابة، وهناك هدأ تغريد القنابر، ولكن على قمة شجرة الصنوبر راح الشحرور يتدفق بأغنية حب...".

هذا الوصف ينبئ عن طبع لينيوس؛ فقد كان يقظاً أبداً بكل جوارحه لمشاهد الطبيعة، وأصواتها، وعبيرها؛ ولم يسلم قط بأي فرق بين علم النبات والشعر. وقد قاد جماعته نحو 1,440 ميلاً من لابلاند، في رحلة محفوفة بالمخاطر والمشاق؛ ثم عاد بهم سالمين إلى أوبسالا في 10 أيلول/سبتمبر. وإذ كان لا يزال رقيق الحال، فقد حاول أن يكسب قوته بالتدريس في الجامعة، ولكن منافساً له حظر محاضراته بدعوى أن لينيوس لم يكمل بعد دراسته الطبية أو ينل درجته الجامعية. وكان كارل في هذه الأثناء قد خطب ليزا، ابنة طبيب محلي. فقدمت له أموالها، وأضاف إليها بعض المال، ولما تهيأ له المال على هذا النحو انطلق متوجهاً إلى هولندا عام 1735. وفي جامعة هاردرفيك نجح في امتحاناته ونال درجته الطبية. وبعد عام التقى في لندن (بيوبرهافي)، وكاد ينسى ليزا. وأصدر لينيوس كتاباً من أمهات كتب النبات بإلهام وعون من ذلك النبيل العالم، وهو (نظام الطبيعة)، وطبع إثنتي عشرة مرة في حياته. وعلى مقربة من أمستردام تزود بما نقصه من مال بإعادة تنظيم المجموعة النباتية التي يرأسها جورج كليفورت وعمل قوائم بها، وكان (كليفورت) هذا مديراً لشركة (الهند الشرقية). فأصدر في 1736 بلا حماس، "مكتبة النبات". وفي 1737 "أجناس النبات". وفي 1738 قصد باريس ليدرس الجاردان دووا. وهناك، دون أن يقدم نفسه، انضم إلى مجموعة من الطلاب كان (برنار دو جوسيو) يحاضرهم باللاتينية في نباتات دخيلة: وقد حير الأستاذ نبات منها، واجترأ (لينيوس) على إبداء رأى فقال أن لهذا النبات مظهراً أمريكياً: ونظر إليه جوسيو، وقال وهو يحزر هويته "أنت (لينيوس)"؛ وأعجب الأستاذ بـ(كارل)، ورحب به (دجوسيو) ترحيباً حاراً. وعرض على لينيوس منصب الأستاذية في باريس، ولندن، وجوتنجن، ولكنه رأى أن قد آن الأوان ليعود إلى (ليزا) 1739. ولم تكن مثل هذه الخطبات الطويلة بالأمر الشاذ في تلك الأيام ولعلها عاونت في كثير من الحالات على استقرار الخلق ونضج الشخصية. وتزوجا، واستقر (كارل) في أستوكهولم طبيباً.

ظل حيناً يترقب عبثاً مجيء المرضى كما يفعل أي طبيب ناشئ. وذات يوم سمع وهو في حانة شاباً يشكو من أن أحداً لم يستطع علاجه من السيلان. وعالجه لينيوس، ومن ثم أتى له الكثير من الشبان المرضى بالسيلان يلتمسون العلاج. وامتدت خبرة الطبيب إلى أمراض الرئتين وتعرف إليه الكونت (كارل جوستاف تسين)، رئيس مجلس النبلاء في (الركزداج)، وحصل له على وظيفة طبيب للبحرية 1739. في ذلك العام ساعد لينيوس في إنشاء أكاديمية العلوم الملكية، وأصبح أول عميد لها. وفي خريف 1741 اختير أستاذاً للتشريح في (أوبسالا). وسرعان ما أصبح بروفيسور لعلم النبات، والمواد الطبية، والتاريخ الطبيعي (الجيولوجيا والأحياء)، وهكذا وضع الرجل المناسب في المكان المناسب أخيراً. وقد بث في تلاميذه تحمسه للنبات، وكان يعمل معهم في صداقة لا تكلف فيها، وأسعد أوقاته حين يأخذهم في جولة من جولات التاريخ الطبيعي. يقول:

"كنا نقوم برحلات كثيرة بحثاً عن النبات، والحشرات، والطيور، ففي الأربعاء والسبت من كل أسبوع نجمع الأعشاب من الفجر إلى العشاء ثم يعود التلاميذ إلى الميدان واضعين الأزهار على قبعاتهم، ويصحبون أستاذهم إلى حديقته، يتقدمهم موسيقيون بسطاء. ذلك منتهى الروعة في علمنا الجميل ".

أوفد بعض طلابه إلى شتى بقاع الأرض ليأتوه بالنباتات الغريبة، ووفر لهؤلاء الطلاب -الذين ضحى بعضهم بحياته في بحثهم هذا- أجرة الرحلة على سفن شركة الهند الشرقية الهولندية. ووعدهم بإضافة أسمائهم للنباتات في نظام التسمية الكبير الذي كان بصدد إعداده. وقد وسع تصنيفة ليشمل الحيوانات أيضا، توفي (لينيوس) في 10 يناير 1778 عن عمر يناهز 70 عامًا وثمانية أشهر تقريبًا.

تصنيف لينيوس

تصنيف لينيوس ليس تصنيف توزيعي فقط بل يعتمد على علوم مختلفة ولذلك يسمى تصنيف علمي، يعتمد التصنيف على المواصفات الجسدية في تصنيف الكائنات إلى مملكتين ((بالإنجليزية: Kingdoms)‏)، تقسم المملكة إلى شعب (Phyla) والشعبة إلى طوائف ((بالإنجليزية: classes)) ثم رتبة ((بالإنجليزية: orders)‏) ثم فصيلة ((بالإنجليزية: families)‏) ثم جنس ((بالإنجليزية: genera)) ثم نوع ((بالإنجليزية: species))، ومع تنوع الحيوانات واكتشاف أنواع أخرى أضيفت شعبة ((بالإنجليزية: phyla)‏) بين المملكة والطائفة، وتقسيمات أخرى فرعية.

إسهامات كارل لينين في علم التصنيف

في عام ١٧٣٠ ، تم تعيين كارل لينين - الذي لم يكن يبلغ من العمر سوى ٢٣ عاما - مساعد أستاذ علم النبات في جامعة أبسالا. وهذه هي بدايات عمله في السويد والتي جعلته صاحب شهرة واسعة (منذ أن قام الملك بتكريمه) أو منذ تأليفه معظم كتبه باللغة اللاتينية. بوجه عام، يعود الفضل له في تقسيم النظام الحديث لأسماء النباتات والحيوانات (والذي نطلق عليه علم التصنيف). كما أن نظام كارل لينين في التصنيف لا يزال مستخدما حتى الآن، لكن مع بعض التعديلات والتوسعات التي أجريت عليه. فلم يأت هذا النظام من فراغ. وكما يقر كارل لينين نفسه، قدم الكثير من العلماء من قبله إسهامات عظيمة في هذا المجال.

من العلماء الذين أسهموا بالكثير في هذا العلم أندريس سيزالبينوس وهو الطبيب الشخصي لواحد من أشهر رجال الدين في ذلك الوقت، إلى جانب كونه أستاذ الطب في جامعة بيزا (وربما يكون قد قام بالتدريس لجاليليو الذي كان طالبا في مجال الطب في هذا الوقت). ولقد تم إصدار كتابه المعروف باسم De Plantis في عام ١٥٨٣. وكانت هذه أولى المحاولات لتسجيل وتصنيف النباتات منذ زمن بعيد. وقد قام أندريس سيزالبينوس بترتيب النباتات في قائمة من الأسهل إلى الأكثر تعقيدا. لم يكن هذا الأمر معقدا ولكنه كان مجرد بداية.

لمدة ٤٠ عاما، في عام ١٦٢٣، قام عالم النبات السويسري كاسبر بوهين بوضع قائمة تتكون من ٠٠ ٦ نوع من النباتات. وقد أعطى كاسبر بوهين كل نبات اسما مزدوجا (الأمر الذي أدى إلى ابتكار كاسبر بوهين لنظام التسمية الثنائية)؛ الأول منهما سمي فيما بعد بالجنس وتندرج تحته مجموعة من النباتات المرتبطة ببعضها البعض. والثاني هو اسم النوع ويضم النباتات التي تنتمي لهذا النوع من النباتات فقط.

إسهامات كارل لينين في تصنيف الكائنات الحية

ندين بالفضل لعالم الطبيعة السويدي كارل لينين في تصنيف الكائنات الحية وتسميتها. إذ لا يزال النموذج الذي وضعه في التصنيف يستخدم حتى الآن - لكن مع بعض التعديلات التي أجريت عليه - على الرغم من مرور ٢٥٠ عاما على وجوده. وعلى الرغم من اعتماده على أعمال بعض العلماء الآخرين (١٧٣٠)، فإن ذلك لا يشكك في وصفه بلقب "مؤسس علم التصنيف". ويعد عام ١٧٥٣ الذي نشر فيه كتابه العظيم عن علم النباتات والذي أطلق عليه اسم Species Plantarum هو التاريخ الرسمي لبداية التصنيف الجديد للحيوانات والنباتات.

هذا، ونظرا لولعه الشديد بالنباتات منذ صغر سنه وتوجيهه منذ البداية إلى الكنيسة أو دراسة الطب، أصبح لينين أستاذ علم النباتات بجامعة أبسالا لمدة ٤٠ عاما تقريبا - ابتداء من عام ١٧٤١ حتى وفاته. وقد سافر كارل لينين إلى العديد من الدول، وخاصة شمال أوروبا لجمع المعلومات عن النباتات وتصنيفها. وقد برز هذا الجهد المضني واضحا في سلسلة الكتب التي قام بإصدارها ومن أشهرها Systema Naturae الذي ظهر لأول مرة عام ١٧٣٥ ، ثم ظهرت منه العديد من الطبعات بعد ذلك.

هذا، ويقوم ذلك التصنيف على أساس وضع الأنواع والأجناس في صورة مجموعات أكبر تضم الكائنات المتشابهة وتسمى تلك المجموعات الرتب والطوائف والمملكة. وبالتالي، تضم مملكة الحيوان طائفة الفقاريات (التي يحتوي جسمها على عمود فقاري) التي تضم رتبة الرئيسيات. ويعني مصطلح الرئيسيات الأول ويشتمل على الجنس البشري بشكل عام.

لكن منذ ذلك الحين، تمت إضافة مستويات أخرى إلى هذا التسلسل كي تمثل الصلة. لكن، تم استبدال العديد من الأسماء التي أطلقها كارل لينين اعتماد على خصائص وسمات أخرى. وعلى الرغم من ذلك، ظل نظام التسمية الثنائية والترتيب التسلسلي الذي وضعه هو أساس علم التصنيف حتى الآن. في البداية، كان لينين يعتقد أن الأنواع جميعها ثابتة وغير متغيرة. لكن بعد ذلك، انتابه الشك عندما لاحظ أنه توجد بعض الكائنات المهجنة التي تجمع بين صفات أكثر من نوع أو جنس. على أية حال، أصيب لينين بالذهول من الأفكار التي قدمها تشارلز داروين (١٨٥٩) الخاصة بتطور الكائنات الحية بشكل لانهائي دون تدخل من الخالق. ذلك، لأن تلك الأفكار تتعارض تماما مع معتقداته الدينية.

ترك لينين تراتا علميا آخراً تم الكشف عنه من خلال طلابه الذين سافر ١٩ منهم في رحلات استكشافية. ومن بين هؤلاء الطلاب انيال سولاندر الذي صاحب جيمس كوك (١٧٦٩) في رحلاته واكتشف أول الأنواع النباتية في أستراليا وجنوب المحيط الهادئ.

إسهامات كارل لينين في مجال التصنيف الطبيعي

يعد عالم الطبيعة السويدي كارل فون لينين أحد علماء التصنيف البارزين حيث كان يجوب العالم بحثا عن أسماء جميع الأشياء وأماكن وجودها في الطبيعة. هذا، ولا يضم كتابه Systema Naturae عن التصنيف الطبيعي - الذي صدرت النسخة العاشرة منه عام ١٧٥٧ - فقط أسماء جميع النباتات والحيوانات المعروفة، وإنما يحتوي على جميع المعادن والأحجار الكريمة والعناصر اليونانية القديمة وجميع الأجرام السماوية المعروفة والجنس البشري الذي أسبغ عليه صفة الحكمة. هذا، بالإضافة إلى سرد الطرق العلمية المتبعة في التصنيف.

أما، التسلسل الذي أعده كارل لينين لتصنيف المعادن، فقد كان عديم الجدوى ومضيعة للوقت مثله في ذلك مثل تصنيف الأمراض الذي قام به. ويرجع ذلك إلى أنه اعتمد على عوامل قليلة مثل لون المعدن ودرجة لمعانه ومدى صقله والشكل الذي يأخذه. لكن، لم تكن لديه أدنى فكرة عن التركيب الكيميائي لتلك المعادن. على أية حال، تم تصنيف المعادن وفقا لتركيبها الكيميائي بعد ذلك بعدة عقود. وكان لبعض العلماء السويديين من أمثال كارل شايلي دور عظيم في تصنيفها وفقاً لتركيبها الكيميائي. لكن لم يظهر تصنيف المعادن وفقا لقدرتها على الانقسام سوى عام (١٧٨٤) وكذلك لم يكن مقياس موهز لقياس صلابة المعادن (١٨٢٠) متاحا.

كان من الضروري أن يجد كارل لينين أسماء لوصف جميع النباتات والحيوانات المعروفة التي كان عددها كبيرا للغاية ويتزايد بسرعة هائلة. لذا، لم يكتف باستخدام اللغة اللاتينية التي كانت تكتب بها العلوم في شمال أوروبا (أما في إنجلترا وفرنسا، فقد كانت العلوم تكتب في ذلك الوقت باللغة العامية) في ذلك الوقت، بل استخدم أيضا اللغة اليونانية القديمة. وقد تم تدريس ذلك التصنيف في الجامعات بعد قرون من الشقاق بين جناحي الكنيسة اللاتيني واليوناني الذي حدث في القرن الحادي عشر.

علاوة على ذلك، بذل كارل لينين مجهودا مضنيا لاستخدام المصطلحات الدقيقة التي تعبر عن شكل الحيوانات والنباتات وتركيبها، بالإضافة إلى وصف البيئة التي تعيش فيها. وقد سعى عالم الكيمياء الفرنسي أنطوان لافوازييه وزملاؤه لاستخدام ذلك الأسلوب الدقيق في تصنيف اgمواد الكيميائية بعد ذلك بثلاثين عاما (١٧٨٧). وقد كان الأسلوب المتبع في ذلك التصنيف يتواءم مع إدراك العلماء المتزايد لأهمية المقاييس والملاحظة والدقة كأساس لتقدم العلوم في جميع أنحاء العالم.

انظر أيضًا