مارتن لوثر

تحول صفحة لوثر إلى هنا. لمعاني أخرى، انظر لوثر (توضيح).

هذه المقالة عن مؤسس المذهب البروتستانتي. لتصفح عناوين مشابهة، انظر مارتن لوثر (توضيح).

مارتن لوثر (10 نوفمبر 1483 - 18 فبراير 1546) راهب ألماني وقسيس وأستاذ للاهوت ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا، بعد اعتراضه على صكوك الغفران. نشر في عام 1517 رسالته الشهيرة المؤلفة من خمس وتسعين نقطة تتعلق أغلبها بلاهوت التحرير وسلطة البابا في الحل من "العقاب الزمني للخطيئة"؛ أدى به رفضه التراجع عن نقاطه الخمس والتسعين بناءً على طلب البابا ليون العاشر عام 1520 وطلب الإمبراطورية الرومانية المقدسة ممثلة بالإمبراطور شارل الخامس للنفي والحرم الكنسي وإدانته مع كتاباته بوصفها مهرطقة كنسيًا وخارجة عن القوانين المرعيّة في الإمبراطوريّة.

أبرز مقومات فكر لوثر اللاهوتي هي أنّ الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هديّة مجانيّة ونعمة الله من خلال الإيمان بيسوع المسيح مخلصًا، وبالتالي ليس من شروط نيل الغفران القيام بأي عمل تكفيري أو صالح؛ وثانيًا رفض «السلطة التعليمية» في الكنيسة الكاثوليكية والتي تنيط بالبابا القول الفصل فيما يتعلق بتفسير الكتاب المقدس معتبرًا أنّ لكل إمرئ الحق في التفسير؛ وثالثًا أنّ الكتاب هو المصدر الوحيد للمعرفة المختصة بأمور الإيمان؛ وعارض رابعًا سلطة الكهنوت الخاص باعتبار أن جميع المسيحيين يتمتعون بدرجة الكهنوت المقدسة، وخامسًا سمح للقسس بالزواج. ورغم أن جميع البروتستانت أو الإنجيليين في العالم يمكن ردهم إلى أفكار لوثر، إلا أن المتحلقين حول تراثه يطلق عليهم اسم الكنيسة اللوثرية.

قدّم لوثر أيضًا ترجمة خاصة به للكتاب المقدس بلغته المحليّة بدلاً من اللغة اللاتينيّة التي كانت اللغة الوحيدة التي سمحت الكنيسة الرومانية باستخدامها لقراءة الكتاب المقدس، ما أثر بشكل كبير على الكنيسة وعلى الثقافة الألمانيّة عمومًا، حيث عزز الإصدار من قياس مفردات اللغة الألمانيّة وطورت بذلك أيضًا مبادئ الترجمة، وأثرت ترجمته لاحقًا على ترجمة الملك جيمس باللغة الإنكليزية للكتاب المقدس؛ كما ألّف لوثر عددًا كبيرًا من التراتيل الدينيّة التي أثرت في تطور فن الترنيم في الكنائس. في السنوات الأخيرة من حياته، تزامنًا مع مرضه وتدهور حالته الصحيّة، كتب لوثر ضد اليهود وطالب بالتضييق على حرياتهم وحرق كنسهم ومنازلهم، ما دفع إلى رشقه بمعاداة الساميّة.

حياته المبكرة

الطفولة والتعليم

ملف:Hans and Margarethe Luther, by Lucas Cranach the Elder.jpg
هانز ومارغريت لوثر، والدا مارتن.

ولد مارتن لوثر من لودر هانز ومارغريت نيي يندمان في 10 نوفمبر 1483 في أيسلبن ضمن ألمانيا حاليًا، والتي كانت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ككاثوليكي روماني، وقد عُمّد في صباح اليوم التالي لمولده في عيد القديس مارتن. انتقلت عائلته إلى مانسفيلد في 1484، حيث استأجر والده منجمًا للنحاس وشغل منصب واحد من أربعة ممثلين للمدينة في المجلس المحلي. كان له عدد من الأخوة والأخوات، أقربهم لمارتن هو شقيقه جاكوب.

عرف عن هانز لوثر كونه طموحًا، إلى جانب رغبته في أن يرى مارتن ابنه الأكبر محاميًا؛ ولتحقيق هذه الغاية بعث به إلى إحدى المدارس اللاتينيّة في مانسفيلد، ثم إلى ماغديبرغ عام 1497، حيث انضمّ إلى مدرسة يديرها مجموعة من الرهبان على أسس الحياة المشتركة، وأخيرًا إلى إيزنباخ عام 1498. كان القاسم المشترك بين المدارس الثلاث اعتمادها بشكل مُركّز على ما يدعى «الفنون الثلاثة» أي النحو والبلاغة والمنطق. في عام 1501، حين كان لوثر في سن التاسعة عشر، دخل جامعة إيرفورت - والتي وصفها في وقت لاحق بأنها حانة للجعة وبيت للدعارة -، حيث كان نظام التعليم مركزًا، وصفه لوثر بأنه يوم شاق من التعلّم عن ظهر قلب، وغالبًا ما يكون مترافقًا مع تمارين روحيّة. حصل لوثر من جامعة إيرفورت على الماجستير عام 1505.

ملف:Portrait of Martin Luther as an Augustinian Monk.jpg
لوثر في الرهبنة الأوغسطينية.

طبقًا لرغبة والده، التحق لوثر بكلية الحقوق في إيرفورت عام 1505، غير أنه بدأ بالتسرب من الدراسة بعد مدة وجيزة تقريبًا واعتبر أن القانون يمثل عدم اليقين، ملتفتًا نحو اللاهوت والفلسفة، ومعربًا عن اهتمام خاص بأرسطو وعدد من الفلاسفة القروسطيين أمثال غابرييل بيال،

ركّز فكر لوثر اللاهوتي، أنّ الله يمنح المغفرة بمعزل عن أي عمل صالح، وأن الغفران يحلّ من أي عمل تكفيري أو عقوبة مرتبطة به، واعتبر أنه لا يجوز على أتباع المسيح القبول بمثل هذه «الضمانات الكاذبة» المتعلقة بالعمل الصالح. في يناير 1518 قام مجموعة من أصدقاء لوثر بترجمة الأطروحات الخمسة والتسعين من اللاتينية إلى الألمانية وطبعت ثم وُزعت النسخ على نطاق واسع، ما جعلها واحدة من أول أكثر الكتب انتشارًا في التاريخ، وفي غضون أسبوعين انتشرت في مختلف أنحاء ألمانيا، وفي غضون شهرين في جميع أنحاء أوروبا؛ وتعممت في فرنسا وإنجلترا وإيطاليا عام 1519، وفي فيتنبرغ احتشد الطلاب لسماع مواعظ لوثر وأفكاره. حيث نشر، بعد القضايا الخمس والتسعين، كتيبات أشبه بالتعليق على الرسالة إلى أهل غلاطية وسفر المزامير؛ كان هذا الجزء الأول من شهادة لوثر وأعماله الإنتاجية التي لاقت بدورها قبولاً واسعًا؛ غير أن أشهر ثلاث مؤلفات للوثر نشرت عام 1520، وهي: النبالة المسيحية والأمة الألمانيّة وكتاب السبي البابلي للكنيسة وكتاب حرية المسيحي.

بالإيمان وحده

طالع أيضاً: سولا فيدي

بين عامي 1510 و1520 كتب لوثر وحاضر عن سفر المزامير، والرسالة إلى أهل روما، والرسالة إلى العبرانيين والرسالة إلى أهل غلاطية؛ كما درس هذه الأجزاء وناقش استخدام مصطلحات خاصة مثل صلاح وتكفير في طريقة جديدة غير تلك التقليدية في الكنيسة الكاثوليكية. خرج نتيجة دراساته هذه بنتيجة مفادها بأنّ الفساد قد لحق بأساليب الكنيسة الرسمية في دراسة الكتب المقدسة، فقدت بنتيجتها الرؤية فيما عدّه جزءًا من الحقائق المركزيّة للمسيحيّة. وكان الأهم بالنسبة للوثر عقيدة التبرير - أي غفران الخطايا من قبل الله وتبرير الإنسان أمامه - حيث دافع لوثر عن كون التبرير يتم بنعمة من الله وحده، ولا حاجة لأي عمل كفاري يرافق أو يلي فعل التوبة لنيل الغفران. بدأ لوثر بتدريس هذه العقيدة واعتبرها إحدى صخور الإيمان، كما كتب أنها المادة الرئيسيّة للعقيدة المسيحية برمتها، والتي من خلالها يمكن فهم أسباب التقوى.

أضخم أعمال لوثر مناقشة لعقيدة التبرير بالإيمان وحده، كان كتابه عبودية الإرادة الذي نشر عام 1525، والذي كان ردًا على كتاب الراهب ايرازموس لعام 1524 حول الإرادة الحرة. استند لوثر في تدعيم موقفه على رسالة القديس بولس إلى أفسس 8: 2-10 ليبرهن أن الأعمال الصالحة التي يقوم بها المؤمنون لا تساهم في فعل التبرير، ومن ثم فالتبرير قادم من الله دون أي فعل مشاركة من الإنسان وذلك عن طريق سر الفداء؛ فسر الفداء حسب لوثر لا يمنح البر، بل هو البر بحد ذاته. كتب لوثر أنّ التبرير والغفران هما هدية من الله، وأنه عن طريق الإيمان شعر بأنه «شخص قد ولد من جديد»، وأن اكتشافه «بر الله» لا يقل سعادة عن دخوله الجنة، وأنّ المتبرر يعيش بالإيمان ويعضده بالعمل الصالح كثمرة له دون أن يكون داخلاً في تركيب سيرورته. ومن مقالات لوثر حول الموضوع:

بموت المسيح من أجل خطايانا لمرة واحدة تبررنا (روما 3: 24-25) وأنه وحده هو حمل الله الذي حمل خطايا العالم (يوحنا 1: 29) وأنّ الرّب قد وضع عليه إثم جميعنا (أشعياء 6: 53). فالجميع قد أخطأوا، والله قد برر وغفر لهم بغض النظر عن أعمالهم السابقة وتفاوتها (روما 3: 23-25)، وهو أمر ضروري يجب أن يكون موضع إيمان. فلا يمكن الحصول على التبرير أو اغتنام الغفران من قبل أي قانون أو عمل صالح، فالتبرير هو هدية للمؤمن، تثمر الأعمال الصالحة.

النزاع مع البابوية

ملف:Pope-leo10.jpg
البابا ليون العاشر، بريشة رافائيل.

لم يقم مطران ماينز وماغديبرغ بالرد على رسالة لوثر التي طرح فيها القضايا الخمس والتسعين الخاصة به، وأعرب عن قناعاته بأنها تحوي بدعًا وهرطقات، وأرسل إشعارًا إلى روما بذلك. وجه البابا ليون العاشر أمرًا إلى سلسلة من اللاهوتيين المختصين في «إصلاح الهراطقة» لمحاججة لوثر وذلك «بقدر كبير من العناية» وكما «هو صحيح». and he responded slowly, "with great care as is proper." وعلى مدى السنوات الثلاث التالية نشر اللاهوتيون سلسلة مقالات ضد لوثر، التي لم يكن من أثارها سوى تصلّب معاداة لوثر للبابوية، حيث أشار مجددًا إلى الأموال التي تستخدم من أعمال التكفير في بناء كاتدرائية القديس بطرس. أخيرًا رفع الراهب الدومينيكاني سلفستر مازوليني دعوى قضائية على لوثر أمام محاكم العقيدة بتهمة الهرطقة، فاستدعي لوثر إثر قبول الدعوى إلى روما. غير أن القرار عدّل لاحقًا، بحيث تتم جلسات الاستماع إلى لوثر في أوغسبورغ برئاسة الموفد البابوي الكاردينال كاجيتان، في مبنى برلمان أوغسبورغ وبضمانته. عقدت الجلسة الأولى في أكتوبر 1518 حيث أعلن لوثر أنّ البابوية غير منصوص عنها في الكتاب المقدس، وتحولت الجلسة إثر إعلانه إلى مشادة كلاميّة، وطوال الجلسات ركز لوثر على مهاجمة البابا رغم كون قضية جلسات الاستماع هي مناقشته القضايا الخمس والتسعون الخاصة برسالته الشهيرة.

لم يستطع الموفد البابوي اعتقال لوثر في أوغسبورغ، حيث ضمنت الحكومة الأمان للوثر، رغم أن التعليمات الصادرة عن روما للموفد البابوي تنصّ على اعتقال لوثر في حال رفض الارتداد عن معتقداته. كما أن لوثر غادر المدينة في الليل ودون إبلاغ الكاردينال أو الحصول على إذنه. في يناير 1519 عينت البابوية القاصد الرسولي كارل فون ميلتيز في ألتنبرغ في ولاية سكسونيا لإعادة الاستماع إلى لوثر. كان القاصد الرسولي ذو نهج أكثر ميلاً للمصالحة وقدم بعض التنازلات للوثر في التفاصيل. وفي شهري يونيو ويوليو 1519 نظمت مناظرات بين أنصار لوثر وأنصار التقليد الكاثوليكي، وتمت دعوة لوثر شخصيًا للمناظرة. أكد لوثر بشكل أجرأ خلال هذه الفترة أن متى 18: 16 لا يضفي على البابوات الحق الحصري في تفسير الكتاب المقدس، ومن ثم طعن في العصمة البابوية في الأمور العقائدية.

في 15 يونيو 1520 أصدر البابا مرسومًا يقضي بالطرد والحرم الكنسي للوثر في حال لم يتراجع عن 41 جملة مأخوذة من كتاباته بما فيها القضايا الخمس والتسعين، وذلك ضمن مهلة ستين يومًا. حاول يوهان إيك في ميسين، وكارل فون ميلتيز والسفير البابوي التوسط في إيجاد حل؛ ولكن لوثر الذي أرسل للبابا نسخة من كتابه «حرية المسيحي» في أكتوبر، أضرم النار في المرسوم البابوي على الملأ في فيتنبرغ يوم 10 ديسمبر 1520. وانتهت هذه القضية بصدور الطرد والحرمان من قبل البابا ليون العاشر بحق لوثر في 3 يناير 1521.

تصاعد نشاطه

مجلس ورمز

ملف:Diet of Worms.jpg
لوثر قبيل مجلس ورمز.

في 18 أبريل 1521 عُرض مارتن لوثر على مجلس ورمز. كان المجلس مجمعًا في مدينة ورمز على نهر الراين يضم قضاة من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ويترأسه الإمبراطور نفسه. وكان سبب انعقاد المجمع الذي بدأ أعماله في 28 يناير وحتى 25 مايو، على مناقشة القضايا الخمس والتسعين التي طرحها لوثر، وآلية تفعيل الحرم الكنسي عليها. حضور لوثر لهذا المجلس، جاء بعد أن حصل على صكّ أمان من الأمير فريدريك الثالث.

قدّم يوهان إيك، متحدثًا نيابة عن الإمبراطور، نسخًا من كتابات لوثر، وسئل بداية إذا ما كانت الكتب من وضعه، ولا يزال موافقًا على محتوياتها. أكّد لوثر أن الكتب من تأليفه، وطلب وقتًا للإجابة على السؤال الثاني. صلى لوثر، واستشار أصدقاءه، وقدّم رده في اليوم التالي، بأنه مقتنع ولديه ثقة بشهادة الكتاب المقدس وحدها، دونًا عن البابا أو المجامع، التي تخطأ وتناقض نفسها في كثير من الأحيان. واعتبر لوثر نفسه في نصّ جوابه الرسمي «أسير كلمة الله»، ورفض الارتداد عن أفكاره، وقال أنه لا يجوز أن يكره بأن يعتقد ما هو ضد ضميره.

على مدى الأيام الخمسة التالية، عقدت جلسات متوالية لتحديد مصير لوثر. قدّم الإمبراطور المسوّدة النهائية التي يراها ملائمة في 25 مايو 1521، وفيها إدانة لوثر بوصفه خارجًا عن القانون، وحظر مؤلفاته، كما طالب باعتقاله بوصفه "زنديق سيء السمعة"؛ كذلك فقد نصّ القرار على تجريم كل مواطن في ألمانيا يأوي لوثر أو يقدم له مساعدة، كما أهدر دمه بمعنى أن قتله العمد لن يتسبب بأي أثر قانوني.

في قلعة فرتبرغ

ملف:Wartburg Eisenach DSCN3512.jpg
قلعة فرتبرغ، المكان الذي التجأ إليه لوثر بعد محاكمة مجلس ورمز.

قام الأمير فريدريك الثالث بنقل لوثر تحت حماية فرسان ملثمين إلى قلعة فرتبرغ بعد انفضاض مجلس ورمز. وخلال إقامته في القلعة الواقعة في منطقة إيزنباخ، ترجم لوثر العهد الجديد من اليونانية إلى اللغة الألمانية، ووضع عددًا من الكتب الجدليّة، كان من ضمنها كتابًا تهجم فيه على ألبريشت رئيس أساقفة ماينز، كما ألف كتبًا أخرى في شرح مبدأ التبرير، وتفنيد لاهوت التبرير في الكنيسة الكاثولكية، وشرح عدد من الكتابات اللاهوتية.

جميع هذه الأعمال، ركزت على الإيمان، وقال إنّ العمل الجيد الذي يقوم به المرء بهدف كسب أجر من الله هو خطيئة. وبيّن أنّ كل البشر خطاؤون بالطبيعة، وأنه بدون نعمة الله، لا يمكن للإنسان أن يقوم بعمل صالح. في 1 أغسطس 1521 كتب لوثر إلى ملنشثون حول الموضوع ذاته: «"كن خاطئا، بل وخطاياك قويّة، ولكن دع ثقتك في المسيح تكن أقوى، لتفرح في المسيح المنتصر على الخطيئة والموت.» في المرحلة ذاتها من مراحل تطوّر فكره، هاجم لوثر التقوى الشعبيّة، مثل الحج أو زيارة الكنائس أو سواها من الممارسات الكنسيّة. قال أن القداس الإلهي هو هدية من الإله، وأدان فكرة اعتبارها تجسيداً للتضحيّة، وذهب لحد وضع هذا التصوّر بأنه وثنية. رفض لوثر، خلال تواجده في قلعة واتبرغ، سر الاعتراف بشكل إلزامي، وقال أنه بدلاً من الاعتراف لدى قس، يجب التشجيع على الاعتراف والغفران بشكل خاص، وقال أنّ "كل مسيحي هو مُعرّف". وفي نوفمبر، اعتبر لوثر أن كسر النذور الرهبانيّة، وأهمها نذر العفّة، ليست خطيئة، لأن هذه النذور كانت محاولة غير شرعيّة وقاصرة ودون جدوى للفوز بالخلاص.

ملف:WartburgLutherstube1900.jpg
الغرفة التي أقام فيها لوثر، في قلعة فارتبورغ.

أثارت هذه الكتابات الكثير من الاضطرابات، لاسيّما في أوساط الرهبنة الأوغسطينية التي تخرج منها لوثر، والتي تمرد بها الرهبان محطمين الأيقونات في الكنائس ومعلنين دعمهم لأفكار لوثر وشجبهم مجلس ورمز؛ بعد زيارة سريّة وسريعة قام بها إلى فيتنبرغ في ديسمبر 1521، كتب لوثر عتابًا لمناصريه على هذه التصرفات، ودعا كافة المسيحيين لتوقي خطر التمرد والثورة. التقلبات في فيتنبرغ استمرت إلى ما بعد عيد الميلاد، حيث دأبت عصابات صغيرة من أنصار لوثر الأكثر تعصبًا، على أعمال شغب، ووعظ حول معمودية الكبار، والعودة الوشيكة للمسيح. وقبيل نهاية العام، سمح مجلس فيتنبرغ بعودة لوثر إليها.

العودة إلى فيتنبرغ وحرب الفلاحين

عاد لوثر سرًا إلى فيتنبرغ في 6 مارس 1522. وكتب "خلال غيابي، دخل الشيطان إلى حظيرة الأغنام في بلادي، جالبًا ويلات عديدة لا يمكن إصلاحها عن طريق الكتابة فقط، بل من خلال وجودي الشخصي وكلماتي المعاشة". ابتداءً من يوم الأحد 9 مارس، ولمدة ثمانية أيام لمناسبة الصوم الكبير، أعلن لوثر ثمانية خطب، أصبحت تعرف باسم "العظات"، ناقش خلال هذه الخطب أهمية سيادة «القيم المسيحية» الأساسية مثل الحب، والصبر، والإحسان، والحرية، والثقة بكلمة الله بدلاً من العنف في إحداث تغيير ولو كان ضروريًا. وعظ لوثر فيما يخصّ الموضوع الأخير: "هل تعرف بماذا يفكر الشيطان عندما يرى الرجال يستخدمون العنف لنشر الإنجيل؟". ليستنتج أنّ الشيطان هو من يجني الفائدة في ذلك، وأنه يخاف بالأحرى وينهزم عندما يرى الكلمة والعمل هما سلاحا الميدان في المعركة. لكن منشورات لوثر عن رفض التراتبية الهرمية في الكنيسة، وتكرار استخدام عبارات مثل حريّة وليبرالية، أجج اعتقاد الطبقات الفلاحيّة بأن لوثر سيدعم أي هجوم على الطبقات العليا بشكل عام. اندلعت ثورات في فرانكوفونيا، وشوابيا، وساكسونيا السفلى في عام 1524، وتحول الأمر إلى صدامات مسلحة أشبه بحرب.

تعاطف لوثر مع شكاوى بعض الفلاحين، وأظهر ردًا مستفيضًا في مقالاته الإثني عشر التي صدرت في مايو 1525، لكنه أكّد في الوقت ذاته على وجوب طاعة السلطات الزمنيّة. وصرّح خلال جولة له في ساكسونيا السفلى، أنه غضب على نطاق واسع من حرق الأديرة ومقرات الأساقفة والمكتبات؛ وعمليات القتل والسرقة؛ التي قامت بها عصابات الفلاحين الداعمة له. بعد عودته إلى فيتنبرغ، قدّم تفسيره لرأي الإنجيل في الثورة، وأدان بشدة أعمال العنف التي وصفها بكونها أعمال إبليس، بل دعا النبلاء إلى إخماد المتمردين «مثل الكلاب المسعورة».

تبريرات لوثر لمعارضته ثورة الفلاحين كانت في ثلاثة أسباب، السبب الأول أنهم اختاروا العنف في وجه حكومة زمنيّة شرعيّة، متجاهلين قول المسيح في «تقديم ما لقيصر لقيصر، وما لله لله»، واستشهد أيضًا بالرسالة إلى روما 13: 1-7 حيث أوضح القديس بولس أنّ السلطة هي من الله وبالتالي لا يمكن مقاومتها. والسبب الثاني، الأعمال المخالفة للوصايا الإلهية خلال الثورة من قتل وسرقة ونهب والتي وضعت الفلاحين خارج «شرع الله وقوانين الإمبراطورية» لذلك فهم «يستحقون الموت في الجسد والروح، إذ غدوا قطاع طرق وقتلة» والسبب الثالث هو التجديف، إذ إنهم قد قاموا بأفعالهم هذه، تحت شعار الإنجيل.

ومن دون دعم لوثر للانتفاضة، ألقى العديد من المتمردين أسلحتهم، وشعر البعض الآخر بالخيانة. وبعد معركة فرانكن هوسن في 15 مايو 1525، انتهت حرب الفلاحين. ليجد بعض المتطرفين ملاذهم في جماعات أخرى نشأت على غرار اللوثرية مثل حركة تجديد العماد.

ملف:Katharina-v-Bora-1526-1.jpg
كاترينا فون بورا، زوجة مارتن لوثر.

زواجه

تزوج مارتن لوثر من كاترينا فون بورا، وهي واحدة من اثني عشر راهبة كاثوليكية هربنّ من دير سترسن في أبريل 1523، وساعدهنّ لوثر في الهروب. كان عمر كاترينا 26 عامًا، بينما لوثر 41 عامًا. تزوج لوثر في 13 يونيو 1525.

كان بعض القسس المناصرين للوثر متزوجًا بالفعل قبلاً، مثل كرلستدت أندرياس وجوناس يطس، ولكن زفاف لوثر كان ختم الموافقة على زواج رجل الدين. ورغم أن بعض كتاباته قد أدانت عهود العفة التي برأيه لا يمكن أن تنسب إلى الكتاب المقدس، لكن قراره بالزواج قد فاجأ كثيرين، بمن فيهم مقربون منه، أمثال ملنشثون الذي وصف تصرفه بالمتهور. كتب لوثر في 30 نوفمبر 1524 مبررًا زواجه، فإلى جانب الحب، و«اكتشاف الجسد»، فإن لوثر كما اعترف كان يعيش على أبسط أنواع الطعام، ودون أدنى اهتمام، بحاجياته، كسريره مثلاً.

كان لوثر ذي زواج «سعيد وناجح»، أنجب منه ستة أطفال، هانز - يونيو 1526؛ إليزابيث -ديسمبر 1527، والتي توفيت بعد شهور قليلة؛ المجدلية -1529، التي توفت عام 1542؛ مارتن - 1531؛ بول -يناير 1533؛ مارجريت - 1534. إلى جانب عمله الكنسي، فإن لوثر قد ساعد زوجته كاترينا في زراعة الأرض، وبيع منتوجاتها. صرّح لوثر في 11 أغسطس 1526، أنه يملك كل شيء، وأنه لن يبدل «فقر بلده، بثروات كرويسوس».

تنظيم الكنيسة

ملف:MartinLutherWindow.jpg
زجاجية تظهر مارتن لوثر يعظ بالإنجيل في كنيسة القديس متى، في الولايات المتحدة.

مع عام 1526 وجد لوثر نفسه وبشكل متزايد، ينظّم كنيسة جديدة. بين عامي 1525 و1529 شكّل لوثر هيئة للإشراف على الكنيسة، لخدمة المكان ووضع الكتب والشروح وتنظيم أشكال العبادة. أراد أن تكون الكنيسة لا مركزية، بحيث لا يمكن استبدال النظام التراتبي المعمول به في الكنيسة الكاثوليكية بآخر شبيه، ولذلك فقد أوجد الكنائس المحليّة، مثل كنيسته في ولاية سكسونيا والتي لا تتدخل في شؤون الكنائس في سائر الولايات الألمانيّة، وإنما تتعامل كمستشار لكنائس المناطق الجديدة لا غير. فصل لوثر الإدارة المالية من رجال الدين، وأناطها بمسيحيين عاديين في مجالس خاصة لهذه الغاية، حسب بريشت كاتب سيرة مارتن لوثر، فإن هذه الخطوة، كانت بداية تطور غير مقصود في تاريخ البشرية، حول سيطرة السلطة الزمنيّة على ممتلكات وأموال الكنيسة. تصريحات لوثر التي أطلقها لرعاة الكنائس عام 1528 شكلّت تراجعًا عن حدة مواقفه السابقة، فالبيان الذي صاغه ملنشتون بموافقة لوثر، شدد على دور التوبة في غفران الخطايا، على الرغم من موقف لوثر أن الإيمان كافي للتبرير؛ كذلك فقد أدان تدريس كون الإيمان منفصل عن الأعمال. هذه التعليمات، في وثيقة رسمية صادرة عن لوثر، شكلت مشكلة لأولئك الذين يسعون لتطور ثابت في الفكر والممارسة عند لوثر.

كان لوثر، وبناءً على طلب أتباع الكنيسة، قد كتب ونشر قداسًا ونشره في بداية عام 1526، وهو يشبه إلى حد بعيد الرتبة الرومانيّة الكاثوليكية، غير أن الفروق تميزت باللغة، فالكنيسة الرومانية كانت توجب تلاوة نصّ القدّاس باللاتينية حتى المجمع الفاتيكاني الثاني الذي انعقد في النصف الثاني من القرن العشرين، في حين أن لوثر ومنذ القرن السادس عشر وضع نصّ القداس باللغة الألمانية السائدة؛ كما أنه قام بتبسيط بعض الحركات الطقسية؛ وأغفل من النص أي عمل كفاري من قبل المشاركين في القدّاس عن خطاياهم. احتفظ لوثر بالتنظيم الكنسي التقليدي، من حيث ارتفاع الهيكل ووجوب الكأس، في حين جعل الشموع وغطاء المذبح وثياب القس المحتفل اختياريّة. بعض المصلحين البروتستانت اللاحقين أمثال زوينجلي نظر إلى قداس لوثر وتنظيمه على أنه «بابوي جدًا»؛ المؤرخون لاحظوا أن أغلب تعديلات لوثر أدخلت لاحقًا على رتبة القداس الكاثوليكي الروماني نفسها.

قدّم لوثر أيضًا رتبًا عن العماد والزواج، وعيّن مواعيد يوميّة في الكنائس لتلقين التعليم للأطفال أو الشباب أو الفقراء. هذا التنظيم، الذي بدأ في العام 1527، شكل بنوع أو بآخر، أساس مدارس الأحد لدى سائر الطوائف حديثًا؛ والدافع الأساسي له، كتابات لوثر عن عدم معرفة الناس كثيرًا عن العقيدة المسيحية، وأشار إلى كون كثير من القساوسة تنقصهم المهارة والأسلوب في الوعظ والتدريس، لذلك فقد وضع لوثر نظامًا آخر، لتقوية الوعظ في الكنائس؛ كما نشر عام 1529 كتابه الشهير عن التعليم المسيحي، والذي قدّمه كدليل للرعاة والمعلمين، ويشتمل على تعاليم مسيحية سهلة الفهم مثل الوصايا العشر، والصلاة الربيّة، والعشاء الأخير. أشار لوثر أنه من غير المطلوب أن يحفظ المسيحيون فقط عن التعليم المسيحي، بل أن يفهموها أيضًا. ولا يزال، كتاب لوثر عن التعليم المسيحي مستعملاً حتى اليوم، إلى جانب العديد من الترانيم التي صاغها، وترجمته الخاصة للكتاب المقدس. ولقد أثبت التعليم الذي قدمه لوثر - لا سيّما المنشورات اللاحقة التي قدمها في كرّاسات صغيرة - فعاليّة كبيرة، في مساعدة الآباء تعليم أطفالهم، وكذلك كان فعالاً بالنسبة للقساوسة. استخدام اللغة الألمانية العاميّة وتبسيط العقيدة، كانتا النقطتان الأساسيتان في تأليف لوثر.

ترجمة الكتاب المقدس

ملف:Lutherbibel.jpg
النسخة الأصلية لترجمة لوثر للكتاب المقدس عام 1534.

نشر لوثر ترجمته الألمانية للعهد الجديد عام 1522، ثمّ أنهى ومعاونيه ترجمة العهد القديم عام 1534، ليُتمّ بذلك ترجمة الكتاب المقدس كلّه. واستمرّ على دراسة اللغات القديمة والعمل على صقل الترجمة حتى نهاية حياته. انتُقد لوثر لإضافته كلمة "وحده" بين كلمة "الإيمان" في روما 3: 28، غير أن لوثر استفاض بتبرير عمله لكون الخلاص بالإيمان وحده حسب رأي لوثر هو العقيدة الأساسية في المسيحية، وأن القديس بولس كان يريد أن يوصل هذه الفكرة، وبالتالي فإضافة الكلمة أمر ضروري لكي يتضح بشكل ناصع فحوى العقيدة المسيحية في التبرير كما رآها لوثر.

انتشرت ترجمة لوثر في جميع أنحاء ألمانيا، وقال أنه يعتزم العمل بكامل طاقاته لجعل الوصول إلى الكتاب المقدس سهلاً ويوميًا بالنسبة لجميع الألمان، وإزالة أي عائق قد يراه الشخص أمام بعض المفاهيم أو الألفاظ. حظيت ترجمة لوثر بشعبية كبيرة وتأثيرًا كبيرًا في ترجمة الكتاب المقدس، ودفعت إلى ارتفاع الطلب على المنشورات باللغة الألمانية، كما ساهمت مساهمة فعالة في تطور اللغة والأدب الألمانيين؛ وذهب البعض إلى أن انتشار اللوثرية في مختلف أصقاع ألمانيا يعود لترجمته هذه؛ ومما يذكر، هو تأثير هذه على ترجمات أخرى لاحقة مثل ترجمة الكتاب المقدس للإنجليزية عام 1525، ومن ثم ترجمة الملك جيمس الشهيرة لاحقًا.

الترانيم

ترك لوثر إرثًا غزيرًا من الترانيم، التي جاء بعضها تلحينًا لمقاطع من الكتاب المقدس، أو وحيًا من مقاطع بعينها منه. قدّم لوثر ألحانًا للطبقات العليا، وكذلك استخدم الموسيقى الشعبية، بحيث تجمّع حول ترانيمه رجال الدين والرجال العاديين والنساء والأطفال. انتشرت ترانيم لوثر في العبادات، والمدارس، والمنازل، والساحات العامة. الكثير من ترانيم لوثر، كانت مرتبطة بمواقف معينة من حياته لاسيّما كفاحه في سبيل الإصلاح، فمناظراته مع الكنيسة الرومانيّة هي التي دفعت لتقديمه ترنيمة نشيدًا جديدًا، نرفع نحن. (بالألمانية: Ein neues Lied wir heben an) والتي ترجمت لاحقًا إلى الإنجليزية ولحنتها ماريا تيدمان عام 1875.

في عام 1524 قدّم لوثر ترنيمته العقائديّة التي تشرح وجهة نظره للمعتقدات المسيحية بعنوان نحن جميعًا نؤمن بإله واحد حقيقي (بالألمانية: Wir glauben all an einen Gott) وهي من ثلاث مقاطع تشرح إيمان الرسل، وتشكل أحد أساسات التعليم المسيحي؛ وتم توسعتها وتطويرها في مراحل لاحقة وباتت أحد أهم الاناشيد الواسعة الانتشار في الكنائس اللوثرية، كما تعتبر من أشهر الترانيم اللاهوتيّة في القرن الثامن عشر، غير أن لحنها الصعب جعل استخدامها نادرًا في القرن العشرين. قام لوثر بالرد على أطروحات أغريكول في ستة رسائل مفتوحة، بيّن فيها لوثر قراءة جديدة للوصايا العشر، فهي برأيه تساعد في اكتشاف الخطيئة وبالتالي تحثّ على التوبة وطلب الغفران، وتبيّن بشكل جلي ما جاء المسيح ليعمله في الإنجيل. ومن ناحية ثانية، أشار لوثر إلى أن الوصايا العشر تشكل إرادة الله الأبديّة أي بمعنى آخر القانون الطبيعي، الذي يبين كيف يمكن للمسيحي أن يعيش.

كذلك، فإنّ من الآراء والمواقف الجدليّة البارزة التي عُرف بها لوثر، علاقته بزواج فيليب الثاني مع احتفاظه بزوجته الأولى، أي رعايته تعدد الزوجات. كان فيليب قد التمس موافقة لوثر وملنشثون وعددًا من كبار اللاهوتيين حول تعدد الزوجات، مستندًا إلى تعدد الزوجات الذي قام به عدد من الآباء الأولين أمثال إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى. لم يكن لاهوتيو الكنيسة الناشئة، بمن فيهم لوثر نفسه، قادرين على مواجهة الحاكم والنفوذ السياسي، لذلك فقد رخصوا له بالزواج الثاني شرط أن يكون سريًا وغير مفضوح، ونتيجة هذا الترخيص تزوج فيليب الثاني في 4 مارس 1540 من مارغريت فون ديرسيل.

لاحقًا هدد فيليب الثاني بفضح لوثر، الذي قام بدوره بإنكار أي صلة له بالزواج الثاني، أما كاتب سيرة مارتن لوثر بريخت، يرى أن الموافقة الضمنيّة التي قدمها لوثر على زواج فيليب الثاني كانت «واحدة من أسوأ الأخطاء التي قام بها لوثر»، وأنه أخطأ في حساب الآثار السياسية المترتبة على عمل كهذا، ومن ثم فإن افتضاح هذه القضيّة تسببت بأضرار بالغة على سمعة لوثر.

لوثر والأديان الأخرى

موقفه من الإسلام

طالع أيضاً: البروتستانتية والإسلام

خلال انعقاد مجلس ماربورغ، كان سليمان القانوني يحاصر فيينا عاصمة النمسا. كان لوثر قد رفض مقاومة العثمانيين في شرح له يعود لعام 1518 للقضايا الخمس والتسعين، فاتهم بالانهزاميّة. كان لوثر يرى الأتراك آفة أرسلت لمعاقبة المسيحيين من قبل الله، وأنهم جزء من الويلات التي تحدث عنها سفر الرؤيا إلى جانب البابوية التي اعتبرها لوثر خلال تلك المرحلة ضد المسيح. لبث لوثر معارضًا أي حرب على أساس ديني، معتبرًا إياها مخالفة لعقيدة المسيح، ومن ثم عاد عام 1526 وقبل بحق الدفاع عن النفس ضد الأتراك أو سواهم، وفي أواخر حصار فيينا، كتب لوثر صلاة من أجل الخلاص من الأتراك، سائلاً الله أن «يعطي الفوز للإمبراطور، دائمًا على أعدائنا».

في عام 1542 قرأ لوثر ترجمة لاتينية للقرآن، وكتب عدة تعليقات عن الإسلام الذي كان يدعوه «المحمدية» أو «الأتراك». وعلى الرغم من أن لوثر قد وجد الإسلام «أداة للشيطان»، إلا أنه عارض منع نشر القرآن في أوروبا، وعبّر عن أهمية تعرضه للتدقيق والتمحيص في الغرب، كما أبدى عدم مبالاة تجاه العبادات الإسلامية وكتب: «دعوا الترك، يؤمنون ويعيشون كما يشاؤون».

معاداة اليهودية والساميّة

طالع أيضاً: مارتن لوثر ومعاداة السامية
طالع أيضاً: المسيحية ومعاداة اليهود
ملف:1543 On the Jews and Their Lies by Martin Luther.jpg
غلاف كتاب لوثر المعادي للساميّة عن اليهود وأكاذيبهم.

كتب لوثر عن اليهود في جميع مراحل نشاطه، على الرغم من العدد القليل جدًا من اليهود الذين تعامل معهم، لكن مواقفه كانت تعكس التقاليد اللاهوتية والثقافية في الغرب آنذاك والتي صنفت اليهود شعبا رفض قبول المسيح ومن ثم تورط في قتله، وعاش ضمن مجتمعات منعزلة عن المحيط العام في أوروبا. اعتبر لوثر اليهود غير مؤمنين لأنهم رفضوا الاعتراف بأن يسوع هو المسيّا، رغم أنه في الوقت نفسه، كان يعتقد بأن جميع البشر على اختلاف مللهم وأعمالهم قد اشتركوا في الذنب نفسه وفي ارتكاب الشر ضد الله. في عام 1523 نصح لوثر بالعطف تجاه اليهود، وبرر ذلك بأن يسوع نفسه قد ولد يهوديًا، لكنه أوضح أن الهدف من المعاملة الحسنة بهدف تحويلهم إلى المسيحية، وأمام فشل مثل هذه الجهود، زادت عدائية لوثر لليهود.

كانت أعمال لوثر الرئيسية عن اليهود هي نحو 60,000 مقالة جمعها في كتاب عن اليهود وأكاذيبهم (لغة ألمانية: Von den Juden und Ihren Lügen) وكتاب الاسم المقدس ونسب المسيح (لغة ألمانية: Vom Schem Hamphoras und vom Geschlecht Christi) وكلاهما نشرا في عام 1543 أي قبل ثلاث سنوات من وفاته. قال لوثر، بأن اليهود لم يعودوا شعب الله المختار وإنما «أناس الشيطان»، ودعا لإحراق الكنس اليهودية وتدمير منازلهم ومنع الحاخامات من الوعظ والاستيلاء على أملاكهم، ووصفهم بأنهم "الديدان السامة" التي يجب أن "تعمل أو تطرد إلى الأبد"، وبين أنه " من الخطأ عدم قتلهم". أعمال لوثر، تركت تأثيرًا على أتباعه حتى بعد وفاته، وعلى الرغم من أن السلطات المدنية آنذاك رفضت طرد اليهود بناءً على اقتراح لوثر، فإن أعمال شغب اندلعت خلال عقد 1580 تعرض خلالها اليهود لطرد جماعي من المقاطعات الألمانية اللوثرية. وبحسب عدد كبير من المؤرخين، فإن للوثر وشعبيته أثر بالغ في تطوير معاداة السامية في ألمانيا، وخلال فترة 1930-1940 استخدم الحزب النازي كتابات لوثر، لتكون "الدعامة المثالية" لمعاداتهم الساميّة ومحاولات القضاء على اليهود، وبحسب روبرت مايكل، فإن كل كتاب مطبوع خلال عهد الرايخ الثالث يحوي اقتباسات من لوثر. وفي 10 نوفمبر 1938 تزامنًا مع عيد لوثر، أُحرقت العديد من الكنس في ألمانيا، ووفقًا لجيري ديك وهو مدرس تاريخ، فإنّ النازية حصلت على دعمها الشعبي والكم الأكبر من أصواتها من المقاطعات البروتستانتية في ألمانيا، خلافًا للمقاطعات الكاثوليكية. في المقابل، فإن بعض المؤرخين برأ لوثر من كونه أصل معاداة السامية، وقال أن تأثير كتبه عن اليهود كان محدودًا ومؤقتًا، لكنّ النازيين استغلوا اسمه بشكل انتهازي. كاتب سيرته مارتن بريخت، أشار إلى وجود فرق شاسع بين اعتقاد لوثر بأن الخلاص لن يناله اليهود، وبين الكراهية لهم على أساس عنصري. ورغم محاولات التبرير هذه، فإن صورة لوثر كمعاد للسامية، والمتسبب بالكراهية لليهود، لا تزال بارزة؛ ومن أصحاب الآراء الشهيرة في هذا الخصوص رولاند باينتون وهو مؤرخ كنسي لوثري، قال أنه يتمنى لو كان لوثر قد مات قبل أن يضع كتابه "عن اليهود وأكاذيبهم".

تباعًا خلال عقد 1980 تنكرت الكنائس اللوثرية من تصريحات مارتن لوثر حول اليهود، ورفضوا استخدامها للتحريض ضد اليهود أو ضد اليهودية بأي شكل من الأشكال.

تصوير لوثر

خلافًا لقديسي الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسيّة، قدُمت صور لوثر من دون رموز، يتضح من خلالها بأنه رجل قوي البنية، مع ذقن مزدوجة وفم قوي وعيون عميقة، ورقبة غليظة وقصيرة. هذه الصورة «المدنية» للوثر، كانت تهدف إلى إبراز عدم ابتعاد لوثر عن الملذات الدنيوية مثل الشرب أو الزواج، وهو ما كان يتناقض بشكل صارخ مع التقشف المأمور به في الحياة الدينية للقرون الوسطى. صدرت أغلب صور لوثر خلال مرحلة 1530 - 1540، وكانت ترفق بكتاباته، التي شكلت العامل الأبرز لانتشار البروتستانتية.

السنوات الأخيرة ووفاته

لوثر كان يعاني من اعتلال صحي لسنوات عديدة، لا سيّما الدوار، والإغماء، والطنين، وانسداد إحدى عينه، بدءًا من عام 1531 وحتى 1546 حين تدهورت حالته الصحية بشكل كبير. الصراع مع روما، والانشقاقات بين زملائه الإصلاحيين، والفضيحة التي نجمت عن موافقته قيام الأمير فيليب بزوجتين، كل ذلك أدى إلى المزيد من التدهور في حالته الصحية. في عام 1536 أخذ لوثر يعاني من الحصى في الكلى والمثانة، والتهاب المفاصل، والتهاب الأذن، وتمزق طبلة الأذن. وفي ديسمبر 1544، بدأ يشعر بآثار الذبحة الصدرية.[١]

ملف:Luthers Sterbehaus Eisleben.jpg
المنزل الذي توفي فيه لوثر في آيسبلن.

تدهور صحته البدنية، جعله سريع الغضب، وأشد قسوة في كتاباته وتعليقاته، وقد قالت زوجته كاترينا صراحة: "لقد كنت وقحًا للغاية". آخر خطبة للوثر كانت في كنيسة أيسلبن مسقط رأسه في 15 فبراير 1546، قبل ثلاث أيام من وفاته. وقد خصصها بشكل كامل، لليهود، واقترح فيها الاستعجال بطردهم من ألمانيا إن لم يصبحوا مسيحيين، لتتخلص ألمانيا من الربا والافتراء، كما برر. في 17 فبراير اختتم بنجاح مفاوضاته مع أشقائه حول إرث والده في التجارة والتعدين. وفي مساء تلك الليلة نفسها، بعد الساعة الثامنة مساءً، قال أنه شعر بآلام في الصدر. وعندما ذهب لينام، صلّى: "يا رب في يدك أستودع روحي". العبارة المقتبسة من سفر المزامير 31: 5، وهي من صلوات الاحتضار. وفي 1.00 صباحًا، استيقظ نتيجة شعوره بآلام مبرحة في الصدر، والتي خفف عنها بالمياه الساخنة. آخر سؤال كان للوثر، من قبل صديقيه جوستوس جوناس وماكيل كوليوس: "أيها القس الأب، هل أنت مستعد للموت بثقة في المسيح، وأنت متعرف بالمذهب الذي كنت قد علمت باسمه؟"، وبشكل متميز كان رد لوثر: "نعم". السكتة الدماغية اللاحقة، منعته من الكلام، وتوفي بعدها بوقت قصير في 2:45 صباحًا يوم 18 فبراير 1546 وله من العمر 62 عام، في أيسلبن مسقط رأسه، ودفن في كنيسة القلعة في فيتنبرغ تحت المنبر، وترأس صلاة الجنازة عليه عدد من أصدقاءه أمثال ملنشقون فيليب. وفي العام التالي، دخلت قوات الإمبراطور شارل الخامس - عدوّ لوثر - البلدة، لكن أمرًا من الأميز تشارلز، منع تدنيس قبره.[٢]

وعُثر في وقت لاحق على قطعة من الورق التي كان لوثر قد كتبها خلافًا لعادته باللاتينية، كتب فيها، لا يمكن للمرء أن يفهم فيرجيل ما لم يكن مزارعًا لخمس سنوات على الأقل؛ ولا يمكن لمرء أن يفهم رسائل شيشرون أو حتى يدرسها ما لم يكن قد شغل نفسه في السياسة مع الدول العظمى عشرين عامًا؛ ولا يمكن لأحد أن ينغمس في الكتاب المقدس كليًا، ما لم يكن قد أدار كنائس لمائة عام، مع أنبياء مثل إيليا واليسع ويوحنا المعمدان والمسيح والتلاميذ الرسل، "نحن متسولون وهذا صحيح."

يحتفل بعيد لوثر في 18 فبراير في الكنيسة اللوثرية وفي الولايات المتحدة؛ أما في كنيسة إنكلترا يحتفل به مع عيد جميع القديسين في 31 أكتوبر.

مؤلفاته

الاسم
الاسم بالألمانية
تاريخ الإصدار الموضوع العام
الخطبة في الغفران والرحمة
Eynn Sermon von dem Ablasz unnd Gnade
1518 لاهوت التبرير وآلية الغفران عن الخطايا.
حصن قويّ هو إلهنا
Ein feste Burg ist unser Gott
1529 مجموعة ترانيم دينية، مع ألحانها.
حول الحرب ضد الأتراك
Vom Kriege wider die Türken
1528 يناقش العقيدة المسيحية في الحروب والدفاع عن النفس.
التعليم الكبير 1529 من أهم الكتب، ناقش فيها الكتاب المقدس ونصوصه كالصلاة الربيّة، والوصايا العشرة.
ترجمة الكتاب المقدس 1534 تعتبر أول ترجمة للغة محليّة في الغرب، نالت انتشارًا واسعًا.
عن عبودية الإرادة
De Servo Arbitrio
1525 ينافح لوثر في هذا الكتاب عن كون حرية الإرادة في الإنسان محدودة وغير مطلقة، وهي محكومة بالنزوع نحو الخطأ.
في الحرية المسيحية
Von der Freiheit eines Christenmenschen
1520 ناقش فيه لوثر المفهوم الكتابي للحرية، والمعروف باسم "حرية أبناء الله".
حول عبودية بابل في الكنيسة 1520 من أكثر الكتب هجومية على الكنيسة الكاثوليكية، اعتبر فيها البابا بمثابة ضد المسيح. فكرة بابل، تعود لسفر الرؤيا، حيث تمثل بابل رمز الشرّ الذي سيقضي عليه المسيح في مجيئه الثاني.
التعليم الصغير
Der Kleine Katechismus
1529 استكمالاً لما بدأ في التعليم الكبير، يقوم لوثر باستكمال شروحه وتفاسيره للكتاب المقدس.
تكريم الأسرار
Vom Anbeten des Sakraments des heiligen leichnams Christi
1523 خصصه لوثر لمناقشة سر القربان.
حول سر جسد ودم المسيح- ضد المتعصبين
Sakrament des Leibes and Blutes Christi wider die Schwarmgeister
1526 كتابه الثاني حول سر القربان. "المتعصبين" هنا، الذين قالوا بتمام تحول الجوهر واختفاء جوهر الخبز. نافح لوثر عن بقاء جوهر الخبز لدعم الشكل، ووجود جوهر المسيح في القربان دون شكل.
لاهوت الصليب
Theologia Crucis
1518 من كتبه المبكرة، ناقش فيه سر الفداء، والتبرير المجاني الذي يمنحه الله للإنسان في المسيح.
القضايا الخمس والتسعون
Disputatio pro declaratione virtutis indulgentiarum
1517 يحتوي خمس وتسعين نقطة يعترض فيها لوثر على لاهوت التبرير الكاثوليكي وأهمية أعمال التكفير؛ كان بداية سبب الخلاف مع البابوية.
النبالة المسيحية للأمّة الألمانية
An den christlichen Adel deutscher Nation
1520 خصصه لوثر للحديث عن السلطة والعلاقة بين السلطة المدنية والسلطة الدينية وفعل الروح في الأمة.
العقيدة فيما يتعلّق بعشاء المسيح
Vom Abendmahl Christi, Bekenntnis
1528 كتابه الثالث عن سر القربان، ينافح به عن نظرية الجوهريين، وانعدام المعجزة ببقاء الشكل غير مسنودًا بجوهر.
التعليم حول المملكتين
Zwei-Reiche-Lehre
1528 كتابه الثاني حول السلطة، المملكتين هما مملكة السماء أي السلطة الدينية ومملكة الأرض وهي السلطة المدنية.
صيغة القداس
Formula missae
1523 يعتبر أول كتاب طقسي ليتورجي، يشرح تعديلات لوثر على الطقوس اللاتينيّة في القداس وسواه.
القداس الألماني
Deutsche Messe
1526 ثاني كتبه حول الليتورجيا.
ضد القتلة
Wider die räuberischen und mörderischen Rotten der Bauern
1526 مقالات كتابها لوثر ضد أتباعه من الفلاحين الذين ثاروا على الإقطاع مرتكبين جرائم كالسرقة والقتل.
مقالات حول التعليم
Schmalkaldische Artikel
1537 ثالث كتب لوثر عن التعليم المسيحي، يعتبر الجزء الثالث من التعليمين الصغير والكبير.
عن اليهود وأكاذيبهم
Von den Jüden und iren Lügen
1543 مجموعة مقالات متفرقة، اتهم فيها لوثر اليهود بمختلف الشوائب، وأقذع النعوت. ويعتبر من المؤلفات اللا سامية.
عن الاسم الغير مدرك، ونسب المسيح
Vom Schem Hamphoras
1543 كتابه الثاني ضد اليهود، قارن فيه بين اليهود والشيطان.
في المجامع الكنسية 1539 ناقش أعمال المجامع المسكونية، وأقر فيه قوانينها.

انظر أيضًا

لوثر (مارتن)

مصلح ديفي مسيحي شهير، ومؤسس المذهب البروتستنتي.

ولد في ايسليبن Eisleben (في نواحي هله Halle بشمالي المانيا) في العاشر من نوفمبر سنة ١٤٨٣ ، وفي نفس البلدة توفى في ١٨ فبراير سنة ١٥٤٦ . وكان أبوه عامل مناجم. وتعلم في مدارس مجدبورج Magdburg وايزناخ؟ع02ع5نك.

وفي سنة ١٥٠١ دخل جامعة ارفورت Erfurt وحصل على الإجازة الجامعية في سنة ٠٥ ١٥.

ويقول عن نفسه في «أحاديث الماثدة» إن قسوة أبويه عليه حملاه على دخول الدير الأوغطيني في ارفورت سنة ١٥٠٥,

وفي سنة ١٥٠٧ رسم قسياً. وفي سنة ١٥٠٨ قام بتدريس الفلسفة في جامعة فتنبرج Wittenberg، فتولى شرح

لونر

كتاب «الأخلاق إلى نيقوماخوس» لأرسطو، واستمر في ذلك عامي ١٥٠٨ -١٥٠٩. وقد شعر بأن هذه المهمة كانت شاقة عليه! كما يبدوما كتبه إلى صديقه يوهانس براون Johannes Braun القيس في ايزناخ، إذ يقول: «إذا أردت أن تعلم كيف حالي، فاعلم أنفي في حال طيبة بفضل النه؛ لكن الدراسة صعبة شاقة خصوصا دراسة الفلسفة، وكان بودي أن أستبدل بها، منذ البداية، دراسة اللاهوت، أعني اللاهوت الذي يبحث عن بذرة الجوزة، ولباب حبة القمح ونخاع العظام». («الرسائل» ١: ١٧ ).

وفي هذه العبارة يعبر لوثر عن تبرمه بفلسفة أرسطو، ذلك أنه كان من أتباع مذهب أوكام Occam، وكان اللاهوتيون في عصره ينقسمون إلى توماويين، وألبرتيين (أتباع البرتس الكبير) ، واسكوتيين (أتباع دون اسكوت) . ونجده ينعت أوكام بأنه استاذه الروحي فيقول : «كان استاذي اوكام أحن المجادلين، لكنه لم يملك موهبة الكلام الرشيق» («أحاديث المائدة»، ج٢ ، برقم ٢٥٤٤) لكنه في حواشيه على كتاب «الأقوال» لبطرس اللومباردي يتجاوز مذهب الاسميين؛ وقد كتبها في عامي ١٥٠٩، ١٥١٠.

وفي سنة ١٥١١ سافر إلى روما، وهذه الرحلة هى التى غيرت مجرى حياته. ولما عاد منها بدأت سيرته مصلحاً للدين المسيحي. لقد كان البابا في أشد الحاجة إلى المال ولم يجد سبيلاً للحصول عليه إلآ عن طريق إصدار وبيع صكوك الغفران؛ اي الصكوك التي تشتري بها مغفرة الله للذنوب التي ارتكبها المذنبون والخطاة. وكان يطلب إلى الناس شراؤها لبغفر الله ذنوب أقربائهم او من يشاؤون ممن يعذبون في المطهر بسبب ما اجترحوا في الدنيا من ذنوب. وكان يشرف على هذه «التجارة، راهب دومنيكي يدعى يوحنا تتسل Johann Tetzel (حوالى ١٥١٩,١٤٤٥) وذلك في سنة ١٥١٦، فراح يروج لها بدعاوة ظاهرة اثارت ثائرة مارتن لوتر، فأصدر لوتربيانا يحتوي على خس وعشرين قضية ضد صكوك الغفران. ولصق هذا البيان على باب كنيسة فتنبرج Wittenberg في يوم ٣١ أكتوبر سنة ١٥١٧. فسافر تتسل إلى فرنكفورت ٠شتأر الأودر، وهناك رد على قضايا لوتر الخمس والعشرين ببيان مضاد فند فيه بيان لوتر، وأحرق بيان لوتر علتاً ٠ فانتقم الطلاب في فتنبرج بأن أحرقوا بيان تتسل,

وفي سنة ١٥١٨ انضم ملانكتون Melanchton إلى لرتر.

وتدخل البابا، ليو العاشر 0ع1 في النزاع فاستدعى لوتر إلى روما في سنة ١٥١٨ لاستجوابه في أمر قضاياه تلك. فتدخلت الجامعة كما تدخل ناخب سكسونيا، وأخفقت المفاوضات التي أجراها الكردينال كاجتان Cajetan وملتتس Miltitz .

ثم جرت مناظرة بين اك *ط ومارتن لوتر في لييتسك سنة ١٥١٩ حول سلطة البابا. وصار لوتر يهاجم البابوية ككل، اي كنظام ميحي. ودخل حلبة الصراع كل من ارزمس وألرش فون هوتن Hutten.

وفي سنة ١٥٢٠ نشر لوتر نداءه الشهير الموجه إلى «النبلاء المسيحيين في المانيا» وتلاه برسالة عنواغها : «في الأسر البابلي للكنيسة» وفي كليهما هاجم المذهب النظري لكنيسة روما. فأصدر البابا ليوالعاشرمرسوماً ضد لوتر، يحتوي على إحدى وأربعين قضية. لكن لوتراحرق المرسوم علناً امام جمع حاشد من العلماء والطلاب والأهالي في مدينة فتنبرج

.Wittenberg

وامتد الهيجان إلى سائر أنحاء المانيا. فدعا الأمبراطور كارل الخامس (شارلكان) إلى عقد مجمع Diet في مدينة ثورمس Worms في سنة ١٥٢١؛ وأصدر المجمع قراراً بتدمير كتب لوتر، وأمرلوتربالمثول أمام هذا المجمع، وصدرقرار بنفيه من سائر بلاد الأمبراطورية الألمانية. وبعد أن عاد لوثر من فورمس ألقي القبض عليه بإيعاز من ناخب سكسونيا وأودع في فارتبورج Wartburg، وكان ذلك في الواقع لحمايته. وأثناء العام الذي قضاه في هذا الحجز، ترجم الكتاب المقدس إلى اللغة الألمانية ترجمة رابعة ستظل خيرترجمة إلى هذه اللغة حتى الآن، وتعد من أوائل روائع النثر الألمافي؛ كما قام ايضاً بتأليف عدة رسائل.

وفي سنة ١٥٢٢ لما قامت الاضطرابات الشديدة، أعيد لوترإلى بلدته فتنبرج Wittenberg ، حيث اعلن سخطه على الثائرين، كما أعلن سخطه على الطغاة.

وفي نفس السنة - سنة ١٥٢٢ - كتب رده الحاد على هنري الثامن - ملك انجلتره حول الطقوس السبعة.

وفي تلك الأثناء بدأ الخلاف يدب بينه وبين ارزمس، حتى انفجر في سنة ١٥٢٥ لما أن أصدر أرزمس كتابه بعنوان: «في حرية الإرادة» فردعليه لوثربكتاب مناقض بعنوان: «في عبردية الإرادة،.

لوتر

وفي سنة ١٥٢٥ أيضاً تزوج لوتر من كترينا فون بور ٧0 Bora Katharina، وكانت إحدى الراهبات التع الواي تركن حياة الرهبنة.. وكانت كاترينا (١٤٩٩ -١٥٥٢) راهبة في دير الستسترسيين Cistercienne في Nimptschen (بالقرب من Grimma) وانضمت إلى دعوة لوتر فيسن ١٥٢.

وفي سنة ١٥٢٩ انعقد مؤتمر في ماربورج حضره لوتر ورجال الإصلاح الديني في سويسرة وعلى راسهم اتسفنجلي Zwingli (١٤٨٤- ١٥٣١). واحتدم النقاش بين لوتر واتسفنجلي حول مسالة لافخارستيا (أي تحول النبيذ والخبز في القداس إلى دم المسيح وجسده) فأصر لوتر على رأيه في الحضور الحقيقي الفعلي لدم المسيح وجسده في الافخارستيا، بينما راى اتسفنجلي انه لا يوجد اي حضور محلي او جسدي سواء عن طريق التحول الجوهري transubstantiation اًو الاختلاطالجوهري2110ذم2^5س2005. وهكذا لم يفلح هذان المصلحان الدينيان الكبيران في الاتفاق على عقيدة واحدة نلاصلاح الديني، رغم اتفافهما في كثيرمن الأمور الأخرى التي عرضها اتسفنجلي في القضاياالسبع والستين.

وبلغت حركة الاصلاح الديني في المانيا التي قام بها لوتر اوجها بإصدار امانة (أو اعتراف) أوجسبورج في سنة ١٥٣٠ .

وقد أمضى السنوات الباقية من عمره في زيارة الكنائس التي أخذت بحركة الإصلاح، وفي إلقاء المواعظ التي نشر الكثير منها، وفي لقاءاته مع مثلي الكنائس الانجليزية التي انضمت إلى حركة الاصلاح الديني. وقد عقد في سنة ١٥٣٩ مع Bucer وسائرممثلي الكنائس الألمانية المصلحة ميثاقايسمى ميثاق فتنبرج. ولما اثيرت سنة ١٥٤٠ قضية تزوج فيليب فون هسه ٧01 Hesse Philip وقد تورط فيها صاحباه بوكرعل8 وملانختون، اتهم لوتر بأنه ضالع فيها، أي بالفتوى بالسماح لفيليب بالزواج من امرأتين.

ومن بين رساثله الأخيرة رسالة حول «المجامع الدينية والكنائس» (سنة ١٥٣٩)، رسالة ضد «مجددي التعميد»، ورسالة عنيفة بعنوان : «بابوية روما أسسها الشيطان» .

وفي سنة ١٥٤٦ دعي لفض نزاع قام في بلده ايسليبن Eisleben وبعد أن أفلح في فض النزاع أصيب بنوبة برد ما لبث أن توفى في اثرها وذلك في ١٨ فبراير سنة ١٥٤٦.

اراؤه الفلسفية

١ - نظرته إلى اللاهوت:

كات تقاليد اللاهوت المسيحي منذ أنسلم هي أن اللاهوت هو «الايمان الذي ينشدالتعقل».

لكن لوتر وقف معارضاً لهذا الاتجاه الذي ساد العصور الوسطى من القرن الحادي عشرحتى السادس عشر: وقال هو إن اللاهوت ليس تعقلا لمصدر العقيدة الايمانية، بل هوفعل، ونشاط عملي ينتسب إلى مجال الحياة العاطفية. واكد أن اللاهوت لا يسعى إلى الفهم العقلي، بل إلى السلوك العاطفي اوجداني ابتغاء العمل والطاعة. ومن هنا قال زوس (1 (1969 ,29. Paris .م 55: Lutherن9),إن اللاهوت عند لوتر وجودي. والواقع ان لوتر-عن طريق كيركجور - هو سلف التيار الوجودي في الفلفة الحاضرة.، وفي هذا الحكم قدر كبيرمن المبالغة من غيرشك.

وكان لوتر اوكامي النزعة، لهذا كان من الطبيعي ان يتخذ موقف أوكام من العلاقة بين الفلسفة واللاهوت، ومفاده ان كليهما ينفصل عن الآخر، لأن ملكة المعرفة في اللاهوت هي الإيمان، بينما ملكة المعرفة في الفلسفة هي العقل . وقد زاد لوتر على هذا ان ميدان كليهما غتلف أيضاً، لأن ميدان العقل هو العالم المرئي المحسوس، هو هذه الدنيا -هو عالم الكون وافساد، الذي فيه كل شيء فان. ووظيفة العقل هي ان يكون الوسيلة التي يتوجه بها الإنسان في هذه الدنيا، التي هي المكان الطبيعي للفلسفة. اما ميدان اللاهوت فهو الحقائق الإلهية والسماوية، السرمدية، الروحية. وهي حقائق نحن إنما نعرفها عن طريق الوحي، عن طريق انجيل يسوع المسيح، عن طريق كلام الله، وندركها بواسطة الإيمان وتجارب الإيمان.

ولوتر إذن لا ينكر الفلسفة ولا مهمة العقل - كما زعم بعض المتسرعين في عرضهم لمذهب لوتر-بل انه قال عن العقل إنه شيء حسن جداً وإنه إلهي (راجع رسالة: اجدل حول الإنسانية» تحت رقم ٩، القضية رقم ١). وفقط إساء، استعمال العقل وتجاوزه حدود طاقته هو الأمر الىء. وهذا إنما يحدث حين يترك ميدانه الخاص؛ ويخوض في أمور تنتب إلى ملكوت كلام الله. يقول لوتر: «يجب على الفلسفة أن تقنع بالبحث في المادة وفي الكيفيات الأولية واكثانوية، وأن تقوم بالتمييز بين الأعراض والجوهر. اما عن العلل فإغها لا

لوتر

تستطيع ان تعرف شيئا يقينياً. . . فأف للفلفة ان تتحدث عن العلل حديثاً صحيحاً، بينما الحقيقة الواقعية تفترض وجود الله والشيطان، وأولهما يسمى الخالق والثاني يسمى أمير هذه الدنيا» («أحاديث المائدة» ٥ :١٧ : ١٠ - ٣١ بأرقام ٥٢٢٧، ٥٢٢٨، ١٥٥٠).

٢ -مع الله:

ويرى لوتر أننا نعرف الله بالفطرة «ذلك أن الناموس موجود في القلب بالطبع. ولولم يكن الناموس الطبيعي منقوشاً في القلب بواسطة اله، لكان من الضروري أن نعظ طويلاً جداً قبل ان تتأثر الضمائر. ولا بد من القبام بالوعظ طوال مائة ألف سنة قبل أن يقبل الحمار أو الثور أو الفرس أو البقرة لإقرار بالناموس، على الرغم من أن لها آذانا وعيونا وقلوباً مثلما للإنسان ٠ إنها تستطيع أن تسمعه، لكنه لا يقع ابداً في قلبها. لماذا ؟ وماذا ينقصها ؟ إن نفسها لم تصنع ولم تخلق بحيث يمكن أن تنفذ فيها هذه الأمور. أما إذا ذكر الناموس لإنسان، فإنه يقول على الفور: نعم، هذا صحيح، أنا لا استطيع انكار هذا . وما كان يمكن اقناعم بهذه السرعة لو لم يكن من قبل مكتوباً في قلبه». وينتهي لوتر من هذ إلى توكيد اً ن اس يعرف بالفطرة، لقد جبل الإنسان بحيث يمكن إيقاظه على المعرفة الطبيعية بوجود اله وبالأمور الإلهية. لكن الانسان لا يستطيع بنفسه أن يسهم في هذا الايقاظ. والسبب في ذلك هو أن الخطيئة الأولى (الأصلية) قد أفسدته بحيث ان كل ما يفعله بنفسه لنجاته إنما يزيده ضلالاً . ولهذا لا يوجد سبيل آخر للنجاة -في نظر لوتر-إلا بالانجيل وبالمشاركة في يسوع ا مسيح.

٣-:

ولوتر يتصور الله كما تصوره القديس أوغطين والنزعة الأوغسطينية بعامة طوال العصور الوسطى لأوربية، أعني أن «اللههو!لخير الذي يفيض بذاته» وهو نفس التصور الذي نجده من قبل عند أفلوطين، الذي قال إن الخير الكامل يفيض عنه الخير كما يصدر الشعاع عن الشمس.

٤-اللطف الإلهي:

وهذ يفضي بنا إلى نقطة مهمة في مذهب لونر هي مسألة اللطف الإلهي. وهويؤكد في هذه المسألة مجانية اللطف الالهي، بمعفى أن الله يفيض بلطفه على من يشاء دون اعتبار

لأي مبرر. إنه يهب اللطف لمن يشاء، براً كان او عاصياً، بريئاً كان او مليئاً بالخطايا. وهو يهذا يخالف اساتذته الأكاديميين الذين كانوا يرون أن اللطف الإلهي مرتبط بما يسمونه الاستحقاق المناسب» Convenance ع0 mérite استناداً منهم إلى مبدأ العدل. فموقفهم شبيه بموقف المعتزلة، بينما كان مذهب لونر أقرب إلى مذهب الأشعرية في الإسلام.

والحجة التي يسوقها لوترها هنا مقنعة. فهويقول: أي لطف هذا الذي يكون مجرد جزاء عن عمل ؟ إن اللطف هبة مجانية، والهبة تتناقضب تماماً مع فكرة الجزاء، لأن لن تكون هبة، بل ثما مدفوعاً عن عمل,

ثم إن العلاقة بين الته والانسان - هكذا يتابع لوثر حجاجه - هي علاقة حرة تماماً من كل التزام من جانب الله نحو الإنسان. فالته ليس ملزماً بمجازاة اي فعل يفعله الإنسان، ولهذا يجب ان يكون فضله grâce حراً من كل التزام أوجزاه.

ثم إن الانجيل يدعوإلى مجازاة الشربالخير. فبالأحرى والأولى ان يفعل الله ذلك، فيجازي الشر والخطيئة والذنوب بالخيروالإحان والمغفرة. (راجع «مؤلفاته»ع*٧٧2٣ج٤ ص ٢٦٩).

٥ - لا وسيط بين - الله والإنسان:

ويعزولونركل قوة وكل علة إلى اله، الذي هوالعلة الأولى. ولهذا لا يعزو إلى العلل الثانية إلا دوراً ثانوياً تماماً. وقد استخلص النتائج اللاهوتية العملية، لهذه الفكرة. ومن أهم النتائج العملية التي استخلصها من هذا المذهب هو وجوب اسقاط كل توسط بين الانسان وبين اس، أي إلغاء دور القسيس في التوسط بين اله والإنسان، وبالتالي إلغاء نظام البابوية الذي يقوم على رأس هؤلاء الوسطاء. وقدسار في هذا الاتجاه شوطاً طويلاً ، حتى نعت بابوية روما بأنها من صنع الشيطان.

ومن نتائج هذا المبدأ ايضاً القول بأن الإيمان هبة من الله، وليس نتيجة عمل الإنسان. فالانسان لا يقترب من المسيح أو من الته بالعقل أو بقوته. بل إنها مهمة الروح القدس وحدها أن تقرب الإنسان من المسيح وأن تقرب المسيح من الإنسان وإذا قدر للإنسان النجاة، فهذا بفضل الروح القدس وحدها، وإذا هلك، فإنما ذلك بسبب مقاومة

لوت

٣٦٧

الإنسان العنيدة لقبول فضل له ولطفه ونعمته. وليس ثم درجات لتبرير الإنسان أمام الل، إن التبرير كامل، مهما يكن من ضعف الايمان.

٦ - القضاء والقدر وعدم حرية الإرادة:

ويلح لوتر في توكيد القضاء السابق والقدر وفي إنكار حرية الإرادة الإنسانية، وقد رأينا كيف أنه ردعلى كتاب أرزمس«في حرية الإرادة» بكتاب مضاد عنوانه«في استعباد الارادة». وهو يرى أن القضاء السابق وانعدام حرية الارادة عقيدة اساسية يجب أن توضع ملحقاً للعقيدة في المسيح.

نشرة مؤلفاته

النشرة الكاملة لمؤلفات مارتن لوتر هي المعروفة بنشرة فيمار، وقد بدأت في الظهور ابتداء من سنة ١٨٨٣ ولا تزال تظهر حتى اليوم، ومن المقرر لها أن تصدر في حوالى مائة مجلد، وعنوا نها :

Gesammtausgabe وع*٢٧21 10, Martin Luthers

وتثتمل على رسائله Briefe وعلى «أحاديث المائدة» Tischreden وأولى مؤلفات لوثر هي حواشيه على «كتاب الأقوال» لبطرس اللومباردي، وعلى بعض مؤلفات القديس أوغطين.

ومنذان عين أستاذافي جامعة فتنبرج Wittenberg في سنة ١٥١٢ أخذ في تفسيربعض أسفار «العهد الجديد» من الكتاب المقدس، وظل يقوم بهذا التفسيرحتى آخرحياته، ونذكر منه تفسيره لرسائل القديس بولس الثلاث الآتية: الرسالة إلى أهل روما، الرسائل إلى أهل غلاطية، والرسالة إلى العبرانيين. كذلك قام بتفسير بعض أسفار ,العهد القديم» ونخص بالذكرتفسيره «للمزامير» ولاسفار موسى الخمسة، ولبعض أسفار الأنبياء.

كذلك يشمل نشاطه المجادلات التي خاض فيها، ثم المواعظ التيألقاها. وتحتوي النشرة الكاملة المذكورة على قدر كبير من المجادلات (المجلد التاسع والثلاثون، الجزان الأول والثاني)، وعلى المواعظ التي نشرها لوترإبان حياته.

اما نشاطه مترجماً للكتاب المقدس فعظيم ٠ وقد هدف خصوصاً إلى الترجمة بلغة أقرب ما تكون إلى لغة الشعب الألمافي البسيطة الخالية من كل اصطلاح وتعقيد: وقد ترجم

الكتاب المقدس عن النص اليوناني الذي نشره ارزمس (الطبعة الثانية).

لوثر، مارتن

لوثر، مارتن

( 1483-1546م). زعيم حركة الإصلاح الديني الكنسي التي أدت إلى ميلاد البروتستانتية. وقد تجاوز تأثيره البروتستانتية وحتى النصرانية نفسها. قام بترجمة الكتاب المقدس إلى الألمانية، كما كان له أثر كبير في تطور اللغة الألمانية الحديثة. وقد كان لدور لوثر في تاريخ الموسيقى أيضا الأهمية نفسها، التي كانت لإسهاماته في الأدب الألماني واللغة الألمانية.

وُلد لوثر في آيشليبن في سكسونيا في العاشر من نوفمبر عام 1483م. والتحق بجامعة إيرفورت عام 1501م، وقرر أن يصبح محامياً. لكنه دخل ديرًا عام 1505م، بعد وقت قصير من مروره بتجربة دينية عاصفة. وعُين لوثر قسًّا عام 1507م، ودَرَس لمدة وجيزة في جامعة ويتنبيرج عام 1508م. وفي عام 1512م حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت، وعُين أستاذاً للاهوت. وفي عام 1517م، أعلن لوثر مبادئه التي هاجم بها ما يسمى صكوك الغفران، وفضح فيها مفاسد الكنيسة، وأعلن أن الإنسان يمكن أن ينال الخلاص من خلال الإيمان بالمسيح، وهو اعتقاد يناقض تعاليم الكنيسة في الفضل الإلهي، كما أعلن أن العمل الصالح هو طريق النجاة والخلاص. ونتيجة لذلك، أعلن البابا ليو العاشر طرد لوثر واعتباره مارقاً.

وحينما طلب الإمبراطور تشارل الخامس من لوثر الرجوع عن آرائه رفض ذلك، فوقَّع الإمبراطور وثيقة إدانة له تعتبره خارجاً على القانون وتبيح دمه، ولكن أمير سكسونيا بسط عليه حمايته، واستمر لوثر في الدفاع عن آرائه. وكتب العديد من الكتب في ذلك، وبلغ مكانة في تاريخ النصرانية جعلته موضع خلاف بين الناس، الذين انقسموا بين عدو ومناصر له، واتُخذت آراؤه أساساً لحركة الإصلاح الديني.

انظر أيضًا: اللوثريون.

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Edwards, 9
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة MacKim19