عنصرية

(بالتحويل من تمييز عنصري)


العُنْصُرية (بالإنجليزية: Racism أو Racialism) الاعتقاد بأن أعضاء جنس أو سلالة أو مجموعة من السلالات أعلى أو أدْنى درجة من أعضاء السّلالات الأخرى. ويسمى الناس الذين يعتقدون أو يمارسون ما يوحي بتفوق سلالة على أخرى عنصريين، فهم يدَّعون أن أعضاء سلالتهم أعلى شأناً في النواحي العقْلية والأخلاقية أو الثقافية من أفراد السّلالات الأخرى. ولأن العنصريين يفْترضون أنّهم أرفع مقامًا، لذلك فإنهم يعتقدون بأنهم يستحقّون حقوقاً وامتيازات خاصة.

يقصد بالممارسات العنصرية المعاملة غير العادلة لجماعة سكانية معينة لمجرد اتصافها ببعض الملامح الفيزيقية أو الخصائص الأخرى التى يعدها المجتمع مؤشراً على الانتماء إلى عنصر أو إلى سلاله معينة (انظر: الدراسة الاجتماعية للأعراق). أما التوجه العنصرى فهو نظام من المعتقدات يدعم الممارسة العنصرية بشكل حتمى، حيث يربط بين تلك الخصائص وبين سمات أخرى فيزيقية أو سيكولوجية أو اجتماعية سلبية. انظر دراسة فيلومينا أسد التى تقارن بين التوجه العنصرى فى الولايات المتحدة وهولندا، والتى جاءت تحت عنوان: فهم التوجه العنصرى فى الحياة اليومية، الصادرة عام1991.

العنصرية والتمييز العنصري، وكره الأجانب، وما يتصل بذلك من تعصب تحدث على أساس العنصر أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو العرقي، ويمكن أن يعاني الضحايا أن يعانوا من أشكال متعددة أو متفاقمة من التمييز استناداً إلى أسس أخرى ذات صلة مثل الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الملكية أو المولد أو أي وضع أخر.

أولئك الذين ينفون أن يكون هناك مثل هذه الصفات الموروثة (صفات اجتماعية وثقافية غير شخصية) يعتبرون أي فرق في المعاملة بين الناس على أساس وجود فروق من هذا النوع تمييزاً عنصرياً. بعض الذين يقولون بوجود مثل هذه الفروق الموروثة يقولون أيضاً بأن هناك جماعات أو أعراق أدنى منزلة من جماعات أو أعراق أخرى. وفي حالة المؤسسة العنصرية، أو العنصرية المنهجية، فإن مجموعات معينة قد تُحرَم حقوقاً و/أو امتيازات، أو تؤثر في المعاملة على حساب أخرى.

بالرغم من أن التمييز العنصري يستند في كثير من الأحوال إلى فروق جسمانية بين المجموعات المختلفة، ولكن قد يتم التمييز عنصرياً ضد أي شخص على أُسس إثنية أو ثقافية، دون أن يكون لديه صفات جسمانية. كما قد تتخذ العنصرية شكلاً أكثر تعقيداً من خلال العنصرية الخفية التي تظهر بصورة غير واعية لدى الأشخاص الذين يُعلنون التزامهم بقيم التسامح والمساواة.

وبحسب إعلان الأمم المتحدة فإنه لا فرق بين التمييز العنصري والتمييز الإثني أو العرقي.

هناك بعض الدلائل على أن تعريف العنصرية تَغير عبر الزمن، وأن التعريفات الأولى للعنصرية اشتملت على اعتقاد بسيط بأن البشر مقسّمون إلى أعراق منفصلة. يرفض جُل علماء الأحياء وإخصائيوا علم الإنسان وعلم الاجتماع هذا التقسيم مُفضِلين تقسيمات أخرى أكثر تحديداً و/أو خاضعة لمعايير يمكن إثباتها بالتجربة، مثل التقسيم الجغرافي الإثنية أو ماضي فيه قَدر وافر من زيجات الأقارب.

والجماعات، كالأفراد، يخْتلف بعضها عن بعض. إلا أنه لايوجد دليل علمي يساند دعاوى التفوق. ويؤكد باحثو علم الاجتماع بأنه لاتوجد جماعتان لهما بيئتان متماثلتان في جميع النواحي، ومن هنا فإن كثيراً من الاختلافات التي توجد بين الجماعات ترجع بالدرجة الأولى إلى اختلاف البيئات المختلفة. وقد ناقش العُلماء طويلاً الأهمية النِّسبية للوراثة والبيئة في تحديد هذه الاختلافات، لكن معظم الباحثين يعتقدون أن الوراثة والبيئة تتفاعلان بطرق معقدة متشابكة.

وبالرغم من عدم وجود دليل علْمي يُساند الدّعاوى العنصرية، فإن العنصرية واسعة الانتشار وسبّبت الكثير من المشكلات الرئيسية مستخدمةً دعاوى التّفوق والنّقص العنصريين لتبرير التمييز العنصري والفصل الاجتماعي والنزعة الاستعمارية، وحتى الإبادة الجماعية (القتْل الجماعي) في بعض الأحيان.

والعنْصرية هي أحد أشْكال التحيُّز، لذلك فإننا نجد كثيراً من الناس يميلون إلى اعتبار مظهرهم وسلوكهم النموذج الطبيعي للمظهر والسلوك، فهو على ذلك النموذج المطلوب، وقد يرْتابون في الناس الذين يتصرفون بطريقة مُغايرة أو يخشونهم. وعندما تَكون الاختلافات واضحة، كتلك التي في لوْن البَشْرة أو العبادات الدينية، يصبح الارتياب كبيرًا جدًّا. وهكذا، يُمكن أن تؤدِّي مثل هذه المواقف والاتجاهات إلى الاعتقاد بأن الذين يتصرفون على نحو مغايِر هُم أدْنى منهم. ولكن كثيراً من الناس لايكلفون أنفسهم مشقة البحث في السّلالات الأخرى لمعرفة ما يُعْجبون به في ثقافتهم الخاصة. كما أنهم قد لا يدركون الخصائص المغايرة والمفضلة في الوقت نفسه، مثل السمات الخاصة بأعضاء هذه السلالات.

أصل الكلمة وتعريفها واستخدامها

  • في القرن التاسع عشر، اعتقد العديد من العلماء بأن البشر يمكن تقسيمهم إلى أعراق. المصطلح «عنصرية» هو اسم يصف حالة كون شخص ما عنصريًّا، أي اعتقاد الشخص بأنه يمكن أو يجب تصنيف البشر إلى أعراق ذات قدرات وميول مختلفة، مما يُحفّز بدوره الإيديولوجيات السياسية التي تهدف إلى توزيع الحقوق والامتيازات على أساس الفئات العرقية حيث يتم تميز عرق بحقوق وامتيازات أكثر من الآخر. قد يكون المصطلح «عنصري» صفة أو اسم، والصفة هنا تستخدم لتصف الشخص الذي يحمل تلك المعتقدات. أما أصل كلمة «عرق» فهو غير واضح. اتفق علماء اللغة بشكل عام على أن هذا المصطلح جاء الي اللغة الإنجليزية من اللغة الفرنسية الوسطى والتي كان يتحدثها الفرنسيون في القرن الرابع عشر وحتى القرن السابع عشر، لكن لا يوجد اتفاق عام مماثل حول كيفية وصوله إلى اللغات المنحدرة من اللاتينية. ولكن ظهر مقترح حديث ينص على أنه مشتق من الكلمة العربية رأس (ra's)، والتي تعني «رأس أو بداية أو أصل»، أو من الكلمة العبرية روش (rosh) التي لها نفس المعنى. اعتقد المؤسسون الأوائل لنظريات العرق بأن بعض الأجناس أدنى من غيرها، وبالتالي اعتقدوا أن المعاملة التفاضلية للأجناس لها ما يبررها تمامًا. بُنيت هذه النظريات المبكرة علي فرضيات البحث العلمي الزائفة؛ وتُعرّف المساعي الجماعية لتحديد وتشكيل فرضيات حول الاختلافات العرقية بشكل كافٍ بالعنصرية العلمية، ومع ذلك اعتبر هذا اللفظ مغلوط، بسبب نقص الأدلة العلمية الفعلية التي تدعم هذة الادعاءات.

حالياً، يرفض معظم علماء الأحياء والأنثروبولوجيا والاجتماع تصنيف الأجناس طبقًا لمعايير محدّدة و/أو معايير تجريبيّة مثل الجغرافيا أو العرق أو تاريخ زواج الأقارب. حتى الآن، هناك القليل من الأدلة في أبحاث الجينوم البشري التي تشير إلى أنه يمكن تعريف العرق بطريقة صحيحة لتحديد التصنيف الجيني للبشر.

وكما يوضح لنا التاريخ فإن الاستخدام الشائع لكلمة عنصرية حديث نسبيًا. حيث انتشرت الكلمة في العالم الغربي في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما تم استخدامها لوصف الأنتمائات الاجتماعية والسياسية للنازية، التي تعاملت مع «العرق» علي أنه وحدة سياسية محددة بشكل طبيعي. من المتفق عليه عمومًا أن العنصرية كانت موجودة قبل استخدام هذا المصطلح، ولكن لا يوجد اتفاق واسع على تعريف واحد لما يوصف العنصرية وما لا يوصف بالعنصرية. اليوم، يفضل بعض علماء العنصرية استخدام مفهوم العنصرية في التعددية العنصرية، من أجل التأكيد على العديد من الأشكال المختلفة التي لا تندرج بسهولة تحت تعريف واحد. كما يجادلون بأن أشكالًا مختلفة من العنصرية قد ميزت فترات تاريخية ومناطق جغرافية مختلفة. يلخص جارنر التعاريف المختلفة الموجودة للعنصرية ويحدد ثلاثة عناصر مشتركة واردة في تلك التعريفات للعنصرية. العنصر الأول هو العلاقة التاريخية الهرمية القوية بين مجموعات البشر؛ والعنصر الثاني هو مجموعة من الأفكار الأيديولوجية حول الاختلافات العرقية؛، والعنصر الثالث هو الممارسات والأفعال التمييزية.

القانون

على الرغم من أن العديد من البلدان حول العالم قد أقرت قوانين تتعلق بالعرق والتمييز، إلا أن أول قانون دولي هام لحقوق الإنسان طورته الأمم المتحدة كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948م. يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنه لكي يعامل الناس بكرامة، فإنهم يحتاجون إلى حقوق اقتصادية وحقوق اجتماعية والتي من ضمنها التعليم والحق في المشاركة الثقافية والسياسية والحرية المدنية. وينص كذلك على أن لكل فرد الحق في هذه الحقوق «دون تمييز من أي نوع كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو المولد أو أي وضع آخر».

لا تُعرّف الأمم المتحدة «العنصرية». ومع ذلك، فإنها تُعرف «التمييز العنصري». وذلك وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة الدولية لعام 1965م بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

يقصد بتعبير «التمييز العنصري» أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم علي أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يسُتتبع بتعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي مجال آخر من مجالات الحياة العامة.

في إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لعام 1978م بشأن العرق والتحيز العنصري (المادة 1)، تنص الأمم المتحدة على أن «جميع البشر ينتمون إلى نوع واحد وينحدرون من سلالة مشتركة. متساوون في الكرامة والحقوق ويشكلون جميعًا جزءًا لا يتجزأ من الإنسانية».

لا يميز تعريف الأمم المتحدة للتمييز العنصري بين التمييز على أساس العرق والإثنية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن التمييز بين الاثنين كان محل نقاش بين الأكاديميين، بما في ذلك علماء الأنثروبولوجيا. وبالمثل، في القانون البريطاني، تعني عبارة «المجموعة العرقية» أي مجموعة من الأشخاص يتم تحديدهم بالرجوع إلى عرقهم أو لونهم أو جنسيتهم (بما في ذلك الجنسية) أو أصلهم العرقي أو القومي.

في النرويج، حُذفت كلمة «العرق» من القوانين الوطنية المتعلقة بالتمييز لأن استخدام هذة الكلمة كان يعتبر غير أخلاقي ومسبب للمشاكل. يحظر قانون مناهضة التمييز النرويجي التمييز على أساس العرق والأصل القومي والنسب ولون البشرة.

العلوم الاجتماعية والسلوكية

طالع أيضاً: علم اجتماع العلاقات الإثنية والعرقية

عرف علماء الاجتماع «العرق» بالبنية الإجتماعية. هذا يعني أنه على الرغم من أن مفاهيم العرق والعنصرية تستند إلى خصائص بيولوجية يمكن ملاحظتها، فإن أي استنتاجات مستخلصة حول العرق على أساس تلك الملاحظات تتأثر بشدة بالإيديولوجيات الثقافية. العنصرية كأيديولوجية موجودة في المجتمع على المستويين الفردي والمؤسسي.

في حين أن الكثير من الأبحاث التي أُجريت خلال نصف القرن الماضي أو نحو ذلك قد ركزت على «العنصرية البيضاء» في العالم الغربي، يمكن العثور في الروايات التاريخية على الممارسات الاجتماعية القائمة على أساس التميز بين الأعراق في جميع أنحاء العالم. وبذلك يمكن تعريف العنصرية بشكل مفصل لتشمل التحيزات الفردية والجماعية وأعمال التمييز التي ينتج عنها مزايا مادية وثقافية تُمنح للأغلبية أو لمجموعة اجتماعية مهيمنة. فنجد أن تلك العنصرية البيضاء المزعومة تركز على المجتمعات التي يشكل فيها السكان البيض الأغلبية أو المجموعة الاجتماعية المهيمنة. ذكرت الدراسات التي أجريت على هذه المجتمعات ذات الأغلبية البيضاء أنه يُطلق على على كل أنواع المزايا المادية والثقافية عادةً اسم الامتياز الأبيض.

الدراسات التي أجريت على العرق والعلاقات بين الأعراق هي من أبرز المجالات في كلاً من علمي الاجتماع والاقتصاد. يركز الكثير من الأدب الاجتماعي على العنصرية البيضاء. كانت مؤلفات العالم الاجتماعي دبليو إي بي دو بوا أول أمريكي من أصل أفريقي حصل على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد من أوائل الأعمال الاجتماعية حول العنصرية. كتب دو بوا "إن مشكلة القرن العشرين هي مشكلة خط اللون." في عام 1993م عرف ويلمان العنصرية على أنها من المعتقدات المسموح بها ثقافيًا والتي بغض النظر عن النوايا المعنية، فإنها تدافع عن المزايا التي يتمتع بها البيض بسبب أن لأقليات العرقية كانت تشغل الوظائف التبعية". في كل من علم الاجتماع والاقتصاد غالبًا ما تُعرف نتائج الأعمال العنصرية بعدم المساواة في الدخل والثروة وصافي الثروة وكيفية الوصول إلى الموارد الثقافية الأخرى (مثل التعليم) بين جميع الطوائف العرقية.

في علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي غالبًا ما تُستخدم الهوية العرقية واكتساب تلك الهوية كعامل في دراسات العنصرية. تؤثر الأيديولوجيات العنصرية والهوية العرقية على تصور الأفراد للعرق والتمييز. في عام 1999م عرف كلاً من كازناف وماديرن العنصرية على أنها «ظام شديد التنظيم من الامتياز الجماعي القائم على 'العرق' الذي يعمل على جميع مستويات المجتمع ومتماسكًا بأيديولوجية متطورة من سيادة اللون أوالعرق. ويبدو أن المركزية العرقية (مدى اعتراف الثقافة بالهوية العرقية للأفراد) تؤثر على درجة التمييز التي يراها الشباب الأمريكي من أصل أفريقي في حين أن الأيديولوجية العنصرية قد تعوق الآثار العاطفية الضارة لذلك التمييز». وجد سيلرز وشيلتون في عام 2003م أن العلاقة بين التمييز العنصري والاضطراب العاطفي كانت معتدلة بسبب الأيديولوجية العرقية والمعتقدات الاجتماعية.

يذهب بعض علماء الاجتماع أيضًا ولا سيما في الغرب حيث كثيراً ما تُعاقب العنصرية سلباً في المجتمع إلى أن العنصرية تغيرت من كونها تعبيراً صارخاً إلى تعبير أكثر تبطنًا عن التحيز العنصري. الأشكال الأحدث للعنصرية «الأكثر خفية والأقل قابلية للاكتشاف» والتي يمكن اعتبارها جزءًا لا يتجزأ من العمليات والهياكل الاجتماعية هي أكثر صعوبة في الاستكشاف وكذلك التحدي. بينما ظهر أنه في حين أن العنصرية العلنية أو الصريحة في العديد من البلدان أصبحت من المحرمات بشكل متزايد، حتى بين أولئك الذين يظهرون مواقف صريحة للمساواة، لا تزال العنصرية الضمنية أو المكروهة قائمة دون وعي.

تمت دراسة هذة العملية دراسة مستفيضة في علم النفس الاجتماعي بوصفها رابطات ضمنية ومواقف ضمنية، وهي عنصر من عناصر الإدراك الضمني. المواقف الضمنية هي التقييمات التي تحدث دون وعي واع بموضوع الموقف أو بالنفس. هذه التقييمات بشكل عام إما أن تكون مواتية أو غير مواتية، وهي تأتي من التأثيرات المختلفة للتجارب الفردية. لا تُحدد المواقف الضمنية بوعي (أو بشكل غير دقيق) من آثار التجارب السابقة التي ترتبط بشكل غير مباشر بالمشاعر أو الأفكار أو الإجراءات المواتية أو غير المواتية تجاه الأشياء الاجتماعية. هذة المشاعر أو الأفكار أو الأفعال لها تأثير على سلوك الفرد الذي قد لا يكون على علم به.

لذلك، يمكن أن تؤثر العنصرية اللا واعية على معالجتنا البصرية وكيف تتعمل عقولنا عندما نتعرض بشكل لا شعوري لوجوه بألوان مختلفة. عند التفكير في الجريمة على سبيل المثال، ترى عالمة النفس الاجتماعي جينيفر إل إبرهارت من جامعة ستانفورد أن «السواد مرتبط جدًا بالجريمة، فأنت على استعداد لاختيار هدف هذة الجريمة.» ويمكن أن تتسبب عنصرية اللاوعي في سلوكنا تجاه الآخرين أو حتى تجاه الأشياء." وبالتالي يمكن أن تنشأ الأفكار والأفعال العنصرية من قوالب نمطية ومخاوف لسنا على علم بها. على سبيل المثال حذر العلماء والناشطون من أن استخدام الصورة النمطية "الأمير النيجيري«للإشارة إلى المحتالين الذين يطلبون رسومًا مسبقة هو أمر عنصري، أي اختزال صورة نيجيريا إلى دولة من المحتالين والأمراء المحتالين، وهذا ما يفعله ولا يزالون يفعلونه بعض الأشخاص عبر الإنترنت، هو الصورة النمطية التي يجب استبعادها».

العلوم الإنسانية

تعد دراسة مجالات كاللغة وعلم اللغويات والخطاب من أنشط الدراسات في العلوم الأنسانية، إلى جانب الأدب والفنون. يسعى تحليل الخطاب إلى الكشف عن معنى العرق وأفعال العنصريين من خلال دراسة متأنية للطرق التي يتم بها وصف هذه العوامل في المجتمع البشري ومناقشتها في مختلف الأعمال المكتوبة والشفوية. على سبيل المثال، قام فان دايك عام 1992م بدراسة وفحص الطرق المختلفة التي يتم بها وصف أشكال العنصرية والأفعال العنصرية من قبل مرتكبي مثل هذه الأعمال وكذلك من قبل ضحاياهم. ولاحظ فان ديك أنه عندما يكون لوصف مثل هذة الأفعال آثار سلبية على الأغلبية، وخاصةً على النخب البيضاء، فإنه كثيراً ما ينظر إليها على أنها مثيرة للجدل وعادة ما تكون هذه التفسيرات المثيرة للجدل مشفوعة بعلامات اقتباس أو يتم استقبالها بعبارات البعد أو الشك. الكتاب المذكور سابقا «أرواح الناس السود» للمؤلف وليام إدوارد بورغاردت دو بويز والذى يمثل الأدب الأمريكي الأفريقي المبكر الذي يصف تجارب المؤلف مع العنصرية عندما كان مسافرا في الجنوب كأمريكي من أصل أفريقي.

ركز الكثير من الأدب الخيالي الأمريكي على قضايا العنصرية و«التجربة العرقية» السوداء في الولايات المتحدة، بما في ذلك الأعمال التي كتبها البيض، مثل مقصورة العم توم، و لتقتل الطائر المغرد، ومحاكة الحياة، أو حتى في الأعمال غير الخيالية مثل الأسود يشبهني. تتغذى هذه الكتب وغيرها من مثيلاتها على ما أُطلق عليه «رواية المخلص الأبيض في الفيلم»، حيث يكون الأبطال والبطلات من البيض رغم أن القصة تدور حول أحداث تحدث لشخصيات سوداء. يمكن أن يتناقض التحليل النصي لمثل هذه الكتابات بشكل حاد مع أوصاف المؤلفين السود للأميركيين الأفارقة وتجاربهم في المجتمع الأمريكي. تم تصوير الكُتاب الأمريكيين من أصل أفريقي في بعض الأحيان في الدراسات الأمريكية الأفريقية على أنهم يتراجعون عن القضايا العرقية عندما يكتبون عن «العرق الأبيض»، بينما يعرف آخرون هذا على أنه تقليد أدبي أمريكي من أصل أفريقي يسمى «أدب القطيعة البيضاء»، جزء من جهد متعدد الجوانب لتحدي وتفكيك سيادة البيض في الولايات المتحدة.

أمثلة

في البلْدان التي يشكِّل فيها البيض الأكثرية، توجه العنصرية بصفة عامة ضد جماعات الأقليات السّلالية أو العِرْقية. وتشتمل مثل هذه الجماعات على السُود والهنود الأمريكيين والأمريكيين المكسيكيين وسكان أستراليا الأصليين والآسيويين. وقد تعرّضت هذه الأقليات للتّعصب والتمييز في المجالات المختلفة مثل الإسكان والتّعليم والتّوظيف.

كانت من أولى الأعمال العنصرية والأكثرها انتشاراً هي تجارة الرقيق التي كانت تمارَس عادةً ضد الأفارقة السود. كما توجد أمثلة معاصرة للعنصرية مثل:

  • العزل العنصري ضد الأفارقة السود (قوانين الفصل في جنوب أفريقيا): سيطرت أقَلّية بيضاء في جنوب إفريقيا على الحُكْم لسنوات طويلة، وفرضت قوانين عنصرية في مجالات الإسكان والتّعْليم والتوظيف كان لها تأثيرها على الغالبية العُظْمى من غير البيض. وهي السياسة المعروفة باسم سياسة التفرقة العنصرية (الأبارتيد).
  • الحركة الصهيونية ضد السكان العرب لفلسطين: مضى زمن طويل والفلسطينيون يرزحون تحت الغطرسة الصهيونية التي ترى أن جنسها هو الجنس المختار فقتلت وعذبت وصادرت وانتهكت الحرمات تحت سمع العالم وبصره. وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها التاريخي باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري عام 1974م. وعملت الأمم المتحدة على تنظيم المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري. وقاطعت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل المؤتمر الأول (1978م)، والمؤتمر الثاني (1983م)، وانسحبتا من المؤتمر الثالث الذي عقد في مدينة ديربان بجنوب إفريقيا في سبتمبر 2001م.
  • الحركة العنصرية ضد اليابانيين في أمريكا خلال الحرب العالمية.
  • حركة معاداة السامية ضد اليهود في أوروبا عموماً وفي ألمانيا النازية.
  • العنصرية في الامبراطورية العثمانية وتركيا الحديثة ضد الطوائف المسيحية أدت إلى حدوث مذابح الأرمن والمذابح الآشورية ومذابح اليونانيين وبوغروم إسطنبول، وكذلك ضد العرب في بدايات القرن العشرين.
  • العنصرية ضد الشرق أوسطيين والمسلمين في أمريكا والغرب بعد أحداث 11 سبتمبر.
  • جمهورية البوسنة والهرسك: تعتبر إبادة الجنس أعْظم الآثار المتطرفة المترتبة على الكراهية العُنْصُريّة. ولقد فعل ذلك الصرب حين أعلنت جمهورية البوسنة والهرسك استقلالها من جمهورية يوغوسلافيا السابقة فوجد أهالي البوسنة جميع أنواع الإبادة الجماعية والفردية بذريعة تطهير العرق، فقتل من جراء ذلك آلاف البوسنيين، وشرد كثيرون من وطنهم تحت سمع وبصر الاتحاد الأوروبي.

نبذة تاريخية

وجدت أشكال العنصرية منذ بدايات التاريخ. فقبل أكثر من ألفي عام، استعْبد الإغريق القدماء والرومان الشعوب التي اعتبروها أدنى منهم. وظل الصينيّون لمئات من السنين بعد رحلات ماركو بولو إلى الصين في القرن الثالث عشر الميلادي، ينظرون إلى الغربيين على أنهم بيض همج كثيفو الشعر.

منذ قرون مضت غزت جماعات البدو الناطقة بالهندية - الأوروبية الهند وهي جماعات من أصول آرية. وأنشأت نظام الطبقات وهو نظام نخبوي تَشكّل من خلاله النظام الاجتماعي الذي يفصل الغزاة من غيرهم من القبائل أو السكان الاصليين من خلال إنفاذ وفرض الزواج العنصرى، وقد كان نظاماً صارماً يخضع فيه كل شيء لقوانين صارمة وقد قيد السكان الاصليين بمهن محددة.

أسبرطة

العسكريون في أسبرطة أسسوا واحداً من أقسى النظم القائمة على العنصرية في التاريخ. أقلية صغيرة كانت تحكم عدداً كبير من السكان من السكان الاصليين، الذين تكاد تنعدم حقوقهم المدنية أو السياسية.

القرن الثامن عشر

تمكن الأوروبيون في القرن الثامن عشر وحتى أوائل القرْن العشرين الميلاديين من فرض سيطرتهم على أجزاء كبيرة من آسيا وإفريقيا. وبرّر هؤلاء المستعمرون سيطرتهم على أساس أن السلالات ذات البشرة السوداء والسمراء والصفراء لابد من تمدينهم بوساطة البيض المتفوقين. وهذه المهمة التثقيفية، كما ادعوا، هي التي أصبحت تسمى عبء الرجل الأبيض. وفي كل مكان من الإمبراطورية البريطانية، كان الزعم الزائف بتفوق البيض يتغلغل في مُعظم مجالات الحياة. ففي الهند المستعمرة على سبيل المثال، لم يكن هناك سوى قدر ضئيل جدًا من الاختلاط بين الوطنيين الهنود والموظفين البيض. كما نظر المستوطنون البيض في أستراليا، إلى السكان الأصليين على أنهم أدنى مرتبة. ومع أن معظم السياسات الاستعمارية كانت قد انتهت في أواسط القرن العشرين الميلادي، إلا أن آثارها على العالم مازالت باقية إلى اليوم.

وضع كثير من البِيض في الولايات المتحدة، منذ القرن السابع عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين، كثيراً من السّود تحت نير الاسترقاق الذي كان سبباً رئيسيًّا في قيام الحرْب الأهلية الأمريكية (1861 - 1865م). ومع أن تحْرير الرق تم خلال ستينيات القرن التاسع عشر الميلادي، فإن العزل الاجتماعي والتمييز العُنصري ظلا مستمرين ضد السود.

القرن التاسع عشر

في حين أصبحت العنصرية في القرن التاسع عشر متشابكة بشكل وثيق مع القومية، مما أدى إلى الخطاب القومي العرقي الذي حدد «العرق» مع «الشعبية»، مما أدى إلى حركات مثل رابطة الشعوب الجرمانية، القومية التركية، القومية العريبة، والقومية السلافية، العنصرية في القرون الوسطى، قسمت الأمة على وجه التحديد إلى «أعراق» غير بيولوجية مختلفة، والتي كان يعتقد أنها نتيجة للفتوحات التاريخية والصراعات الاجتماعية. وقد تتبع ميشال فوكو أنساب العنصرية الحديثة إلى هذا «الخطاب التاريخي والسياسي للصراع العرقي» في القرون الوسطى. ووفقاً له، فقد قسمت نفسها في القرن التاسع عشر وفقاً لخطين متنافسين: فمن ناحية، تم دمجها من قبل العنصريين وعلماء الأحياء وعلماء النسل، الذين أعطوها الشعور الحديث بـ «العرق»، كما حولوا هذا الخطاب الشعبي إلى«عنصرية الدولة»(مثل النازية). من ناحية أخرى، استولت الماركسية أيضاً على هذا الخطاب القائم على افتراض الصراع السياسي الذي وفر المحرك الحقيقي للتاريخ واستمر في العمل تحت مسمى السلام. وهكذا، حوّل الماركسيون المفهوم الأساسي لـ «العرق» إلى المفهوم التاريخي«للصراع الطبقي»، الذي تم تعريفه بمواقف منظمة اجتماعياً: رأسمالية أو بروليتاريا، في «إرادة المعرفة» (1976)، حلل فوكو خصمًا آخر لخطاب «الصراع العرقي»: التحليل النفسي لـ سيغموند فرويد، الذي عارض مفهوم «وراثة الدم»، السائد في الخطاب العنصري في القرن التاسع عشر.

وقد قال مؤلفون مثل حنة أرنت، في كتابها عام 1951 «أصول الشمولية»- إن الأيديولوجية العنصرية(العنصرية الشعبية)التي تطورت في نهاية القرن التاسع عشر ساعدت في إضفاء الشرعية على الفتوحات الإمبريالية للأراضي الأجنبية والفظائع التي رافقتها في بعض الأحيان (مثل التطهير العرقي في ناميبيا في 1904-1907 أو الإبادة الجماعية للأرمنفي 1915-1917). إن قصيدة روديارد كيبلينغ، عبء الرجل الأبيض (1899)، هي واحدة من أكثر الرسوم التوضيحية شهرة للاعتقاد بالتفوق المتأصل للثقافة الأوروبية على بقية العالم، على الرغم من أنه يعتقد أيضا أن يكون تقييما ساخرا لمثل هذه الإمبريالية. وهكذا ساعدت الأيديولوجية العنصرية على إضفاء الشرعية على غزو الأراضي الأجنبية وإدماجها في إمبراطورية، والتي اعتبرت التزاما إنسانيا جزئيا نتيجة لهذه المعتقدات العنصرية.

ألمانيا النازية 1933م-1945م

فرض حظر الزواج من خارج العِرق الآرى هو جزء من القوانين التي سُنّت في نورمبرغ على أيدي النازيين في ألمانيا ضد الجالية اليهودية الألمانية خلال الثلاثينيات من القرن العشرين. وقد كانت القوانين تحظر الزواج بين اليهود والألمان الآريه، التي صُنفت على أنها أجناس مختلفة. في إطار القانون العام للحكومة في بولندا المحتلة في 1940م، تم تقسيم السكان إلى مجموعات مختلفة وبحقوق مختلفة في الحصص الغذائية، النقل العام، والمحال في إطار العزل العنصري.

العنصرية الفردية والعنصرية المنظمة

يميز علماء الاجتماع دائمًا بين العنصرية الفردية والعنصرية المنظمة. تشير العنصرية الفردية بصفة أساسية إلى المعتقدات التحيزية والتصرفات التمييزية التي يمارسها الأفراد البيض ضد السود وجماعات الأقليات الأخرى. والواقع أن هذه العنصرية الفردية تنبني أساساً على فرْضيات عنصرية تتعلق بادعاءات التفوق والدونية.

أما العنصرية المنظمة، فتشير إلى التمييز الذي تمارسه المجتمعات والمدارس والمؤسسات التجارية وغير ذلك من الجماعات والمُنظمات التي تحد الفرص أمام جماعات الأقلية. ومن الممكن ألا تكون العنصرية المنظمة قد بدأت بقصد ممارسة التمييز العنصري. لكنها، على أية حال، لها نتائجها وتأثيراتها الضارة. فعلى سبيل المثال، الشركة التي تشترط الحصول على الشهادة الجامعية، حتى للوظائف التي لاتحتاج إلى مؤهل جامعي في الولايات المتحدة، قد تضر بالسود لأن نسْبة السود الذين يحتمل أن يكونوا قد حصلوا على مثل هذه الدرجة أقل بكثير جدًا من البيض. وبهذا الشَّكْل، تقلِّل سياسة الشركة فرص العمل أمام السود على الرغم من أنها ربما لاتكون تعمدت فعْل هذا.

أسباب نشوء العنصرية في العالم من منظور تطوري

خلال مراحل التاريخ التطوري للإنسان عندما كان الإسان جامع للصيد حيث أن ظهور صياد آخر في نفس البقعة يؤدي إلى انخفاض عدد الحيوانات والنباتات التي يمكننا الحصول عليها.وإذا كانوا أقرباء فإنه من الممكن أن يتشاركوا ذلك الطعام – أو على الأقل يمكن لجيناتهم المشتركة عبر القرابة أن تستفيد من هذا الاختلاط. لكن أي شخص تبدو عليه علامات ثقافة مختلفة فانه من المرجّح سيكون منافِساً لنا بحسب رأي الدكتورة ڤيكتوريا آيسس من جامعة ويسترن اورانيو في لندن.

غرائزنا أيضاً تجعلنا حذرين من التواصل مع الغرباء أو الناس المختلفين، لأننا نعتقد بأن في ذلك حماية لنا من بعض الإصابات المرضية كما فعل أسلافنا ذلك في الماضي، كما يقول مارك سكلر من جامعة برتش كولومبيا في كندا. المجاميع المنعزلة عن بعضها تمتلك تاريخ حافل بأمراض مختلفة التي تعرضت لها ثم اكتسبت المناعة لتلك الأمراض. على سبيل المثال المرض الذي يحمله شخص بدون أن يؤذيه قد يسبب المرض والهلاك لآخر من مجموعة مختلفة (لاختلاف أنظمة المناعة)، كما حدث لسكان أمريكا المحليين بعد وصول الأوربيين إليهم.

أيضاً لاحظ ستيڤن نيوبرگ من جامعة ولاية أريزونا أن الجماعات طورت فيما بينها وسائل خاصة بها للنجاة حيث يقول “الغرباء القادمون لهم قواعدهم وقوانينهم الخاصة التي ربما تعيق التنسيق المجتمعي السائد للقيام بفعاليات مهمة للمجتمع، أو ربما بدلاً من ذلك، يقوم عدد من أعضاء المجتمع المضيف باتباع قوانين وقواعد أولئك الغرباء.قد تُحدث الفوضى إذا قامت المجموعة المضيفة باتخاذ قرار بالإجماع يتناسب مع ثقافتها السائدة، بينما هذا الأمر قد يعتبره الغرباء القادمون نوع من أنواع الاستبداد”.

كخلاصة فإن المناعة والأمراض ستُشكّل نوعاً من الانتقاء الطبيعي الذي سيُغربِل ويقتل الاشخاص المرحبين بالغرباء عن طريق الأمراض التي سيأخذونها منهم بينما سيبقى العنصريون، وجهة نظر الموارد الاقتصادية والمنافسة أيضاً واردة وكذلك ما يتعلق بالقوانين والتقاليد المشتركة التي قد تتعرض للفوضى عند دخول الغرباء وهذا ما سيؤدي إلى نوع آخر للانتقاء عبر التاريخ.

العنصرية برعاية الدولة

لعبت عنصرية الدولة -وهي اعتماد مؤسسات وممارسات دولة ما على أيديولوجيا عنصرية- دوراً هاماً في كل أمثلة الاستعمار الاستيطاني من الولايات المتحدة إلى أستراليا، كما لعبت دوراً بارزاً في نظام ألمانيا النازية وفي الأنظمة الفاشية في جميع أنحاء أوروبا وفي السنوات الأولى من فترة شووا في اليابان. دعمت هذه الحكومات وطبّقت أيديولوجيات وسياسات عنصرية وكارهة للأجانب، وفي حالة النازية دعمت سياسة الإبادة الجماعية. دعمت سياسات زيمبابوي التمييز العنصري ضد البيض، في محاولة لتطهير الدولة عِرقياً.

منعت قوانين نورمبرغ في 1935م العلاقات الجنسية بين العرق الآري وبين اليهود باعتبارها Rassenschande «تلوث عرقي». حرمت قوانين نورمبرغ كل اليهود (حتى أنصاف وأرباع اليهود) من مدنيتهم الألمانية، مما عنيَ أنه لم يعد لهم أي حقوق مدنية مثل حق التصويت. في 1936م، حُرم اليهود من كل الوظائف المهنية، مما أدى إلى منع وجود أي تأثير لهم على التعليم أو السياسة أو التعليم العالي أو الصناعة. في 15 نوفمبر 1938م، حُرم الأطفال اليهود من ارتياد المدارس العادية. في 15 نوفمبر 1939م، كانت كل المصانع الألمانية قد انهارت تحت الضغط المالي وتراجُع المكاسب، أو أُقنعت ببيعها للحكومة النازية. قلل هذا أيضاً من حقوقهم الإنسانية إذ كانوا منفصلين في معظم الجوانب عن السكان الألمان. كان هناك قوانين مشابهة في كل من بلغاريا والمجر ورومانيا والنمسا.

من المعروف تطبيق الحزب الوطني في جنوب أفريقيا لعنصرية الدولة الدستورية أثناء نظام الأبارتايد بين 1948م و1994م. في هذه الفترة، تم تطبيق العديد من تشريعات الأبارتايد في الأنظمة القانونية لجعل الأمر قانونياً أن يكون للبيض الجنوب أفريقيين حقوق أعلى من حقوق غير البيض. لم يكن من المسموح للجنوب أفريقيين من غير البيض بالتدخل في أي من أمور الحكومة بما في ذلك التصويت أو الوصول إلى الرعاية الطبية المناسبة أو استخدام الخدمات الأساسية بما في ذلك المياه النظيفة أو الكهرباء أو ارتياد المدارس العامة. كان الجنوب أفريقيين من غير البيض ممنوعين أيضاً من الوصول إلى بعض الأماكن العامة، ومن استخدام بعض وسائل المواصلات العامة، وكانوا مُلزمين بالعيش في أماكن معينة مخصصة لهم. كانت ضرائب غير البيض أيضاً مختلفة عن ضرائب البيض كما كان مطلوباً منهم أن يحملوا بعض الوثائق الإضافية طوال الوقت للتأكيد على كونهم جنوب أفريقيين غير بيض. تم إلغاء كل هذه القوانين والتشريعات العنصرية من خلال سلسلة من قوانين حقوق الإنسان التي تم تطبيقها في نهاية عصر الأبارتايد في بداية التسعينيات.

الدستور الحالي لليبيريا –كما تم تشريعه في سنة 1984م- هو دستور عنصري في المادة رقم 27 حيث لا يسمح لغير السود بحمل الجنسية الليبيرية: «فقط الأشخاص الزنوج أو المنحدرون من سلالة زنجية هم من يتأهلون عن طريق الميلاد أو طبيعياً ليكونوا مواطنين في ليبيريا».

مناهضة العنصرية

طالع أيضاً: مناهضة العنصرية

تشمل مناهضة العنصرية المعتقدات والأفعال والحركات والسياسات التي يتم تبنيها أو تطويرها بهدف معاداة ومناهضة العنصرية عموماً، تشجع مناهضة العنصرية على مجتمع متكافئ لا يتم التمييز بين الناس فيه على أساس العِرق. الحركات مثل حركة الحقوق المدنية وحركة مناهضة الأبارتايد هي أمثلة للحركات المناهضة للعنصرية. عادة ما تُمدح المقاومة السلمية كعنصر فعال في حركات مناهضة العنصرية، على الرغم من أنها لم تكن الحالة دائماً.

سنت قوانين لمقاومة العنصرية والتأكيد على المساواة في الفرص في بعض المجتمعات المتعددة السلالات والجنسيات، منعت هذه القوانين التمييز على أساس اللّون والجنْس أوالقومية أو الأصل العرقي فيما يتعلق بمجالات توفير السّلع والخدمات والتوظيف والتعليم. كما منعت القوانين الجنائية التّحْريض على الكراهية العنصرية. أصدرت بريطانيا قوانين علاقات الأعراق في ستينيات القرن العشرين وذلك إثر قدوم أعداد من المهاجرين من جزر الكاريبي والهند والباكستان ثم بنغلادش خلال الخمسينيات والستّينيات. وفي هذا الصدد أسس قانون العلاقات العنصرية الصادر عام 1976م، لجنة مساواة الأعراق. وبدأت مجالس العلاقات داخل المجْتمع تعْمل على المستوى المحلي. كذلك أجازتْ حكومة الولايات المتحدة مجموعة من القوانين تستهدف إعطاء فرص متكافئة للزنوج وغيرهم من الجماعات التي تعيش في ظل ظروف غير مناسبة. وبالرغم من ذلك، ما زالت المشكلات العنصرية تمثل كارثة للولايات المتحدة الأمريكية.

وألغت جنوب إفريقيا سياسة الفصل العنصري في عام 1991م، وأقامت أول انتخابات رئاسية حرة في عام 1994م، فاز فيها نلسون مانديلا الذي أصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا.

العنصرية العلمية

مقالة مفصلة: العنصرية العلمية

وضع التعريف البيولوجي الحديث للعِرق في القرن التاسع عشر مع النظريات العنصرية العلمية. يشير مصطلح العنصرية العلمية إلى استخدام العلم لتبرير ودعم المعتقدات العنصرية، التي تعود إلى أوائل القرن الثامن عشر، على الرغم من أنها اكتسبت معظم نفوذها في منتصف القرن التاسع عشر، خلال فترة الإمبريالية الجديدة. والمعروف أيضاً باسم العنصرية الأكاديمية.

وقد اقترنت هذه النظريات العنصرية التي طُرحت على الفرضية العلمية مع نظريات أحادية الخط للتقدم الاجتماعي، والتي افترضت تفوّق الحضارة الأوروبية على بقية العالم. وعلاوةً على ذلك، كثيراً ما استخدموا فكرة «بقاء الأصلح»، وهو مصطلح صاغهُ هربرت سبنسر في عام 1864م، وارتبط بأفكار المنافسة، التي سميت الداروينية الاجتماعية في الأربعينيات، وعارض تشارلز داروين نفسه فكرة الاختلافات العرقية الجامدة في نزول الإنسان (1871م)، حيث جادل بأن البشر كانوا جميعاً من نوع واحد، يتقاسمون النسَب المشترك. واعترف بالاختلافات العرقية على أنها أصناف من الإنسانية، وشدد على أوجه التشابه الوثيقة بين الناس من جميع الأعراق في القدرات العقلية والأذواق والتصرفات والعادات، في حين لا يزال يتناقض مع ثقافة «أدنى الهمج» مع الحضارة الأوروبية.

في نهاية القرن التاسع عشر، تشابك دعاة العنصرية العلمية مع خطابات تحسين النسل «انحطاط العرق» و «وراثة الدم». ومن الآن فصاعداً، يمكن تعريف الخطابات العنصرية العلمية بأنها مزيج من تعدد النسل، والنزعة الأحادية، والداروينية الاجتماعية، والأوجينية. وجدوا شرعيتهم العلمية على الأنثروبولوجيا الفيزيائية، علم الأنثروبوم، وغيرها من التخصصات التي فقدت مصداقيتها الآن من أجل صياغة الأحكام المسبقة العنصرية.

قبل أن يتم استبعاده في القرن العشرين من قِبل المدرسة الأمريكية للأنثروبولوجيا الثقافية (فرانز بواس، إلخ)، والمدرسة البريطانية للأنثروبولوجيا الاجتماعية (برونسيلاف مالينوفسكي، ألفريد رادكليف براون، وما إلى ذلك)، والمدرسة الفرنسية لعلم الإثنولوجيا (كلود ليفي شتراوس، وما إلى ذلك)، فضلا عن اكتشاف التوليف الداروينية الجديدة، مثل هذه العلوم، في علم الإنسان خاصة، واستخدمت لاستنتاج السلوكيات والخصائص النفسية من الخارج، والمظاهر المادية.

أدى التوليف الدارويني الجديد، الذي تم تطويره لأول مرة في ثلاثينيات القرن العشرين، في نهاية المطاف إلى رؤية تُركّز على الجينات للتطور في الستينيات. وفقا لمشروع الجينوم البشري، فإن أكمل رسم خرائط للحمض النووي البشري حتى الآن يشير إلى أنه لا يوجد أساس وراثي واضح للجماعات العرقية. في حين أن بعض الجينات هي أكثر شيوعاً في بعض السكان، لا توجد الجينات التي توجد في جميع أفراد مجموعة واحدة وليس أعضاء من أي دولة أخرى.

انظر أيضًا