مجموعة إثنية

المجموعة الإثنية (أو الإثنية، أو العرقية "حسب الترجمات العربية") (بالإنجليزية: Ethnic Group) مصطلح يدل على الأفراد الذين يعتبرون أنفسهم، أو يعتبرهم الآخرون، مشتركين فى بعض السمات و الخصائص التى تميزهم عن التجمعات الأخرى فى مجتمع يستطيعون فى إطاره تطوير سلوكهم الثقافى الخاص. وهي فئة من الناس الذين يُعَرِفون بعضهم البعض على أساس أوجه الشبه مثل السلف، اللغة، المجتمع، الثقافة أو الأمة. عادة ما تكون الإثنية حالة موروثة على أساس المجتمع الذي يعيش فيه الفرد. الانتماء إلى مجموعة إثنية يميل إلى أن يكون محدد بالاشتراك بالتراث الثقافي، أو السلف، أو أسطورة الأصل، أو التاريخ، أو الوطن، أو اللغة، أو اللهجة، الأنظمة الرمزية مثل الميثولوجيا والطقوس، المطبخ، أسلوب الملابس، والفن.

المجموعات الإثنية المستمدة من نفس تأثير المؤسس التاريخي، غالبا ما تستمر في تكلم لغات مرتبطة وتتبادل تجميعة جينات متماثلة. عن طريق التحول اللغوي، التثاقف، والتبني، يمكن أحيانا للأفراد أو الجماعات ترك مجموعة إثنية معينة وأن يصبحوا جزءا من مجموعة أخرى (باستثناء المجموعات الإثنية التي تؤكد على النقاء العرقي كمعيار أساسي للعضوية).

يمكن تقسيم المجموعات الإثنية الكبيرة إلى مجموعات فرعية أصغر تعرف باسم القبائل أو العشيرة، والتي قد تصبح بمرور الوقت مجموعات إثنية منفصلة بسبب زواج الأقارب أو العزلة المادية عن المجموعة الأم. وعلى العكس من ذلك، يمكن أن تندمج الإثنيات المنفصلة سابقا لتشكيل وحدة إثنية، وقد تندمج في نهاية الأمر في إثنية واحد. سواء من خلال الانقسام أو الاندماج، يشار إلى تشكيل هوية إثنية منفصلة باسم تكوين إثني.

الأصل اللغوي

المصطلح إثنية (ethnic) مشتق من الكلمة اليونانية ἔθνος إثنوس (ethnos) (على نحو أدق، من صفة ἐθνικός إثنيكوس، التي تم إقراضها إلى اللاتينية لتصبح إثنيكوس (ethnicus)). تأتي كإسم وتعني جماعة من الناس أو الشعب: قبيلة، أسرة. أيضا جماعة من الحيوانات: قطيع، سرب. والبلد والأمة وفي وقت لاحق أصبحت تطلق لتعني الأمم الأجنبية والبرابرة.

حول الفرق بين مفهوم العرقية وبين مصطلح الأثنية، فإنه في اللغة العربية نقلت الكلمة الأجنبية Ethnos إلى اللغة العربية بترجمتين، حيث ترجمت حرفيا إلى «إثنية» ودلاليا إلى «عرقية»، ويقل استعمال مصطلح « إثنية » من طرف الباحثين الناطقين باللغة العربية، عكس «عرقية» حتى أن أغلب القواميس العربية تترجم ethnicity إلى «عرقية» بدلا من «إثنية».

مصطلح «عرقية» (Racial) في المقال يستعمل كمصدر صناعي لمصطلح «عرق» (Race).

المصطلحات

وتبعا لمصدر تأكيد هوية المجموعة لتحديد العضوية، يمكن تحديد الأنواع التالية من المجموعات (المتداخلة في أغلب الأحيان):

الإثنية والجنسية

لمعلوماتٍ أكثر: دولة قومية وأقلية

في بعض الحالات، خاصة التي تنطوي على الهجرة العابرة للحدود، أو التوسع الاستعماري، ارتبطت الإثنية بالجنسية (nationality). علماء الأنثروبولوجيا والمؤرخين، بعد الفهم الحداثي للإثنية كما اقترح إرنست جيلنر وبنديكت أندرسون يرى أن الأمم (nations) والقومية (nationalism) تطورت مع صعود نظام الدولة الحديث في القرن السابع عشر. وقد توجت بظهور "الدول القومية" التي تزامنت فيها الحدود المفترضة للأمة (nation) (أو تزامنت بشكل مثالي) مع حدود الدولة. وهكذا، في الغرب، تطور المفهوم الإثني، كالعرق والأمة (nation)، في سياق التوسع الاستعماري الأوروبي، عندما كانت الإتجارية والرأسمالية تعزز الحركات العالمية للسكان في نفس الوقت الذي كانت فيه حدود الدولة أكثر وضوحا وصرامة.

في القرن التاسع عشر، سعت الدول الحديثة عموما إلى الشرعية من خلال مطالبتها بتمثيل "الأمم" (nations). غير أن الدول القومية تشمل دائما السكان الذين استبعدوا من الحياة الوطنية لسبب أو لآخر. وبالتالي، فإن أعضاء المجموعات المستبعدة سيطالبون إما بالإدماج على أساس المساواة، أو السعي إلى الاستقلال الذاتي، وحتى في بعض الأحيان إلى حد الانفصال السياسي الكامل في دولتهم القومية. في ظل هذه الظروف - عندما انتقل الناس من دولة إلى أخرى، أو دولة واحدة غزت أو استعمرت شعوب خارج حدودها الوطنية - شكلت مجموعات إثنية من قبل أشخاص الذين عُرِفوا كأمة واحدة، ولكن عاشوا في دولة أخرى.

يمكن أن تتشكل دولة متعددة الإثنيات نتيجة لحدثين معاكسين، إما إنشاء حدود الدولة مؤخرا على خلاف المناطق القبلية التقليدية، أو الهجرة الأخيرة للأقليات الإثنية إلى دولة قومية سابقة. وتوجد أمثلة عن الحالة الأولى في جميع أنحاء أفريقيا، حيث ورثت البلدان التي أنشئت أثناء إنهاء الاستعمار حدودا استعمارية تعسفية، ولكن أيضا في بلدان أوروبية مثل بلجيكا أو المملكة المتحدة. ومن الأمثلة على الحالة الثانية بلدان مثل ألمانيا أو هولندا، التي كانت متجانسة إثنيا عندما وصلت إلى الدولة ولكنها تلقت هجرة كبيرة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ضمت دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا وسويسرا مجموعة إثنية متميزة في بنيتها ولقد شهدت أيضا هجرة كبيرة، مما أدى إلى ما اصطلح على تسميته المجتمعات "متعددة الثقافات" وخصوصا في المدن الكبيرة.

العالم الجديد كان متعدد الأثنيات منذ البداية، لأنه شكل مستعمرات فرضت على السكان الأصليين الحاليين.

الإثنية والعرق

يعتبر العرق والإثنية مفاهيم متصلة. وقد تم صياغة مصطلح الإثنية أصلاً تمييزا له عن مصطلح العنصر (أو العرق)، لأنه على الرغم من احتمال تحديد هوية الجماعة الإثنية على أساس السمات والخصائص العنصربة، فإن أعضاء هذه الجماعة الإثنية يشتركون فضلا عن ذلك فى بعض الخصائص الثقافية الأخرى كالدين، والمهنة، واللغة، أو حتى الممارسة السياسية.

غالبا ما يفترض أن تكون الإثنية نوعا من الهوية الثقافية لمجموعة ما، كثيرا ما تقوم على أساس النسب واللغة والتقاليد الثقافية، في حين يفترض أن يكون العرق تصنيفا بيولوجيا صارما يستند إلى الحمض النووي والبنية العظمية. العرق هو موضوع أكثر إثارة للجدل من الإثنية، نظرا لاستخدامه السياسي الشائع. ويفترض وجود، استنادا إلى علاقات القوة، "إثنيات معرقة " و "أعراق مؤثنة". ويرى رامون غروسفوغل (جامعة كاليفورنيا في بيركلي) أن "الهوية العرقية/الإثنية" مفهوم واحد، وأن مفاهيم العرق والإثنية لا يمكن أن تستخدم كفئة منفصلة ومستقلة.

قبل ويبر، كان ينظر للعرق والإثنية في المقام الأول على أنها جانبين من نفس الشيء. حوالي عام 1900 وما قبله، كان الفهم البدائي الأساسي للإثنية هو الغالب: الاختلافات الثقافية بين الشعوب كان ينظر إليها على أنها نتيجة للميول الموروثة والاتجاهات. مع مقدمة لمنظور الإثنية كمنشأ اجتماعي، العرق والإثنية انقسما عن من بعضهم البعض أكثر.

في عام 1950، اقترح بيان اليونسكو، "سؤال العرق"، الذي وقعه بعض العلماء المشهورين دوليا في ذلك الوقت (بما في ذلك آشلي مونتاغو، كلود ليفي شتراوس، غونار ميردال، جوليان هكسلي، الخ): " القومية، الجغرافية، واللغوية والمجموعات الثقافية لا تتطابق بالضرورة مع الجماعات العرقية: والصفات الثقافية لهذه الجماعات ليس لها علاقة جينية واضحة مع الصفات العرقية. لأن أخطاء جسيمة من هذا النوع عادة ما ترتكب عندما يستخدم مصطلح 'العرق' في اللغة الشعبية، في حين من الأفضل عند التحدث عن الأعراق البشرية إسقاط مصطلح 'العرق' تماما والتحدث عن 'المجموعات الإثنية'.".

في عام 1982 لخص الأنثروبولوجي ديفيد كريغ غريفيث أربعين عاما من البحوث الإثنوغرافية، بحجة أن الفئات العرقية والإثنية هي علامات رمزية بطرق مختلفة أن الناس من مختلف أنحاء العالم قد أدرجوا في الاقتصاد العالمي:

«تتعزز المصالح المتعارضة التي تقسم الطبقات العاملة من خلال النداءات التي تدعو إلى الفروق "العنصرية" و "الإثنية". وتهدف هذه النداءات إلى تخصيص فئات مختلفة من العمال لتدرج على نطاق أسواق العمل، مما يؤدي إلى إبعاد السكان الموصومين بالعار إلى المستويات الدنيا، وإلى عزل المستويات العليا عن المنافسة من الأسفل. لم تخلق الرأسمالية جميع الفروق بين الإثنية والعرق التي تعمل على فصل فئات العمال عن بعضهم البعض. ومع ذلك، فإن عملية تعبئة اليد العاملة في ظل الرأسمالية التي تضفي على هذه القيم قيمها الفعالة.»

وفقا لولف، تم بناء فئات عرقية وأدرجت خلال فترة التوسع التجاري الأوروبي، والتجمعات الإثنية خلال فترة التوسع الرأسمالي. الكتابة عن استخدام مصطلح "الإثنية" في اللغة العادية لبريطانيا العظمى والولايات المتحدة، في عام 1977 أشار والمان إلى ذلك

«مصطلح 'الإثنية' يشير شعبيا إلى '[العرق]' في بريطانيا، فقط أقل تحديدا، ومع حمولة قيمة أخف وزنا. في أمريكا الشمالية، على النقيض من ذلك، '[العرق]' الأكثر شيوعا يعني اللون، و 'الإثنية' هم أحفاد المهاجرين الجدد نسبيا من البلدان الغير ناطقة باللغة الإنجليزية. "[الإثنية]" ليست اسما في بريطانيا. في الواقع لا لوجود لل'الإثنية'.»

في الولايات المتحدة الأمريكية، يحدد قانون الهجرة مفهوم العرق كما هو موضح في تعداد الولايات المتحدة على أنه ليس "علمي أو أنثروبولوجي" ويأخذ في الاعتبار "الخصائص الاجتماعية والثقافية فضلا عن النسب"، وذلك باستخدام "المنهجيات العلمية المناسبة" التي ليست "في المقام الأول" البيولوجية أو الوراثية في المرجع ".

الإثنية والطبقات الاجتماعية

ينبغى تمييز الجماعات السلالية عن الطبقات الاجتماعية، على أساس أن عضوية الجماعة السلالية قد تتقاطع مع التدرج الاقتصادى الاجتماعى داخل المجتمع، حيث تستوعب مثل هذه الجماعة الأفراد الذين يشتركون (أو يعتقد أنهم يشتركون) فى بعض الخصائص التى تجب الطبقة وتحل محلها. فاليهود مثلا يشكلون فى الولايات المتحدة جماعة إثنية طرازية، إذ تضم بداخلها أفرادا ينتمون إلى أصول عرقية (عنصرية) مختلفة (بدءا من شرق أوربا حتى شمال أفريقيا)، كما أنهم ينتمون إلى طبقات اجتماعية متباينة، و يتكلمون لغات أم متعددة، ويؤمنون بمعتقدات سياسية متنوعة، وانتماءات دينية مختلفة (بدءا من المتزمتين حتى الملحدين)، ولكنهم ما زالو رغم ذلك يرون أنهم ينتمون إلى هوية يهودية مشتركة تميزهم عن غيرهم، ولاتضعهم بالضرورة فى موضع مناوئ للمجتمع الأمريكى الأوسع.

من هنا تتسم الجماعات الإتنية بالسيولة فى تركيبها، وتعرضها لتغيرات التعريف. ويشهد كل يوم تكون جماعات إثنية جديدة باستمرار، طالما استمرت هجرات السكان بين الدول. فالهنود فى بريطانيا، على سبيل المثال، يشكلون جماعة إثنية واحدة -على الرغم من أنهم كأفراد فى الهند نفسها يمكن أن يعدوا أعضاء فى جماعات مختلفة تماما، تبعاً للطائفة التى ينتمون إليها واللغة التى يتحدثون بها ومع ذلك فإن لمفهوم الإثتية أهمية خاصة عندما يشكل أساسا لعملية التمييز الاجتماعى (كما هو الحال، على سبيل المثال، بالنسبة لحالة اليهود فى ألمانيا النازية)، أو منطلقاً للحركات الانفصالية الداعية إلى الاستقلال (كما هو الحال فى الاتحاد السوفيتى).

ويتسم التراث المنشور حول هذا الموضوع بالضخامة والتنوع، منه على سبيل المثال ما قدمه جون ركس وديفيد ميسون فى كتابهما المعنون "نظريات العنصر (العرق) والعلاقات الإتنية"، الصادر عام ١٩٨٦، حيث عرضا فى هذا الكتاب مجال التنوع و اختلاف المداخل المستخدمة حاليا فى هذا المجال. وهناك كذلك دراسة مايكل بانتون المعنونة "التنافس العنصرى والإثنى" الصادرة عام ١٩٨٣، والتى تمثل تلخيصاً ممتازا للتراث المنشور حول هذا الموضوع فى كل من الولايات المتحدة وبريطانيا. وبالنسبة للموضوع فى الولايات المتحدة انظر كتاب: ناتان جلاسر "معضلات الإثنية خلال الفترة من ١٩٦٤ حتى ١٩٨٢"، والمنشور عام ١٩٨٣ (١٠) وقد حاول أنتونى سميث فى كتابه "الإحياء الإثنى" المنشورعام١٩٨١، الذي يوضح أهمية المفهوم بالنسبة للفهم السوسيولوجى للصراع و التغير فى العالم المعاصر أما فرانك بين ومارتا تيندا فقد استخدما فى دراستهما المعنونة "السكان من أصل أسبانى فى الولايات المتحدة" والمنشورة عام ١٩٩٠، البيانات الكمية فى تقديم دراسة حالة عن الإثنية فى أمريكا المعاصرة. كذلك قدمت إيرا كاتزنلسون دراسة عن تاريخ السياسة الحضرية فى حى شمال مانهاتن، وذلك فى دراستها المعنونة "خنادق المدينة" المنشورة عام ١٩٨١،وهى دراسة حالة لصور التفاعل بين الإتنية و الطبقة.

الصراع الإثني-قومي

لمعلوماتٍ أكثر: صراع عرقي

أحيانا تخضع المجموعات الإثنية لمواقف وتصرفات تضر من قبل الدولة أو مكوناتها. في القرن العشرين، بدأ الناس يجادلون بأن الصراعات بين المجموعات الإثنية أو بين أعضاء المجموعة الإثنية والدولة يمكن وينبغي حلها بإحدى طريقتين. ويرى البعض، مثل يورغن هابرماس وبروس باري، أن شرعية الدول الحديثة يجب أن تقوم على فكرة الحقوق السياسية للموضوعات الفردية المستقلة. ووفقا لهذا الرأي، لا ينبغي للدولة أن تعترف بالهوية الإثنية أو القومية أو العرقية، بل بدلا من ذلك، تطبق المساواة السياسية والقانونية بين جميع الأفراد. آخرون، مثل تشارلز تايلور وويل كيمليكا، يجادلون بأن مفهوم الفرد المستقل هو في حد ذاته بناء ثقافي. ووفقا لهذا الرأي، يجب على الدول أن تعترف بالهوية الإثنية وأن تطور العمليات التي يمكن من خلالها تلبية الاحتياجات الخاصة للجماعات الإثنية داخل حدود الدولة القومية.

شهد القرن التاسع عشر تطور الأيديولوجية السياسية للقومية الإثنية، عندما كان مفهوم العرق مرتبطا بالقومية، أولا من قبل المنظرين الألمان بما فيهم يوهان غوتفريد فون هيردر. وقد أدت حالات المجتمعات التي تركز على الروابط الإثنية، التي يمكن القول بأنها تستبعد التاريخ أو السياق التاريخي، إلى تبرير الأهداف القومية. وفترتين كثيرا ما استشهد بها كأمثلة على ذلك توطيد وتوسع الإمبراطورية الألمانية في القرن التاسع عشر وألمانيا النازية في القرن العشرين. وعزز كل منهم فكرة الوحدة الإثنية بأن هذه الحكومات لا تكتسب إلا الأراضي التي كان يسكنها دائما الألمان الإثنيين. التاريخ المتأخر للقدوم نحو نموذج الدولة القومية، مثل تلك التي نشأت في الشرق الأدنى وجنوب شرق أوروبا من حل الإمبراطوريات العثمانية والنمساوية المجرية، فضلا عن تلك الناشئة عن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية السابق، تتسم بالصراعات الإثنية. وتحدث هذه الصراعات عادة داخل دول متعددة الإثنيات، غالبا ما توضف الصراعات بشكل مضلل بأنها حرب أهلية في حين تكون صراعات بين إثنيات في دولة متعددة الإثنيات.

انظر أيضاً