سيغموند فرويد
سيغموند شلومو فرويد (بالألمانية: Sigmund Freud) يعرف اختصارًا بـسيغموند فرويد (6 مايو 1856—23 سبتمبر، 1939) هو طبيب أعصاب ومفكر حر نمساوي من أصل يهودي، يعتبر مؤسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث. وهو الذى طور الأفكار الرئيسية التي ما تزال توجه التحليل النفسى فى صوره المختلفة. وكان تأثيره على علم النفس المعاصر كبيراً، وإن كان بشكل غير مباشر فى الغالب. حقق ثورة في الأفكار الخاصة بكيفية عمل عقل الإنسان. أسّس فرويد نظرية سيطرة الدوافع غير الواعية على كثير من السلوك مما ساهم كثيرًا في توسيع مجالات علم النفس. ولقد نظر إليه المنتمون للتيار الرئيسى فى علم النفس، والذى سيطرت عليه الاتجاهات السلوكية والمعرفية، نظرة شك بل عداء في أغلب الأحيان.
اشتهر فرويد بنظريات العقل واللاواعي، وآلية الدفاع عن القمع وخلق الممارسة السريرية في التحليل النفسي لعلاج الأمراض النفسية عن طريق الحوار بين المريض والمحلل النفسي. كما اشتهر بتقنية إعادة تحديد الرغبة الجنسية والطاقة التحفيزية الأولية للحياة البشرية، فضلًا عن التقنيات العلاجية، بما في ذلك استخدام طريقة تكوين الجمعيات وحلقات العلاج النفسي، ونظريته من التحول في العلاقة العلاجية، وتفسير الأحلام كمصادر للنظرة الثاقبة عن رغبات اللاوعي.
ولد فرويد في فريبرج، مورافيا ـ بتشيكوسلوفكيا (السابقة) وكان أكبر إخوته الثمانية. وعند بلوغه الرابعة انتقلت عائلته إلى فيينا، عاصمة النمسا. وتخرج فرويد في كلية الطب، بجامعة فيينا عام 1881م. وفيما بعد قرر التخصص في علم الأعصاب لدراسة وعلاج اضطرابات الجهاز العصبي.
ذهب فرويد إلى فرنسا عام 1885م ليدرس ـ تحت إشراف عالم الأعصاب الشهير مارتن شاركو ـ ثم عاد إلى فيينا عام 1886م وبدأ في العمل على نحو واسع في علاج مرض الهيستريا. تزايد اهتمامه تدريجياً بعلم النفس، والتنويم المغناطيسى، ومعالجة عيوب الكلام. واستخدم فرويد منهجالتحليل النفسي في نظرياته وطرقه في العلاج. ولم يحقق فرويد القفزة إلى ما يعتبر الأن محور النظرية التحليلية إلا بعد نشر كتابه تفسير الأحلام الذى صدر خلال عامى 1899 - 1900. واجتذب مجموعة من التلاميذ، وبحلول سنة 1910م ذاعت شهرة فرويد في الغرب.
ولقد كتب فيما تبقى من حياته بشكل مكثف، وكرس جل وقته وجهده لتنظيم حركة التحليل النفسى، والتى شهدت انقسامات عديدة، خاصة الانقسامات المرتبطة بأفكار ألفرد أدلر Adler وكارل جوستاف يونج Jung. كان فرويد يعدِّل آراءه باستمرار. وفي عام 1923م نشر نسخًا معدلة للعديد من نظرياته الأولى. وفي نفس العام عرف أنه مصاب بسرطان الفم. لكنه بالرغم من ذلك واصل عمله. وعندما سيطر النازيون على النمسا في عام 1938م هرب مع عائلته إلى إنجلترا، حيث توفي فى منفاه فى لندن فى عام 1938 متأثرًا بمرض السرطان.، بعد خمس سنوات من حرق كتبه فى برلين.
كتب فرويد عدة أعمال أهمها تفسير الأحلام (1900م)؛ مقدمة في التحليل النفسي (1920م). وتعتبر نظرياته في السلوك والعقل ومنهجه في العلاج أساس علم النفس الحديث.كما يُعتبر فرويد من أكثر المفكرين تأثيرًا في التاريخ. فقد غيرت أبحاثه وكتاباته الطريقة التي كان الناس ينظرون بها إلى الطبيعة الإنسانية.
وقد اختلف بعض علماء النفس والأطباء النفسيين مع فرويد فيما أورده من أفكار، من ذلك: 1- أن آراء فرويد افتراضية وليست من الحقائق النفسية أو المبادئ العلمية التي أثبتتها التجارب. 2- اعتمد فرويد في آرائه على الحالات المرضية الشاذة التي كان يعالجها، ويكمن الخطأ العلمي في التعميم الذي أطلقه فرويد إذ أخذ يفسر السلوك المتزن العادي لدى الأسوياء في ضوء ما عاينه من السلوك الشاذ عند المصابين. وقد أخذ زملاؤه وتلامذته عليه هذا الخطأ في التعميم، وانفصلوا عنه، وعارضوا أفكاره.
حياته
بداياته
ولد سيجموند فرويد في 6 مايو 1856 في أسرة تنتمي إلى الجالية اليهودية في فرايبرغ Freiberg (في إقليم مورافيا وكان آنذاك ضمن الإمبراطورية النمساوية، وصار بعد الحرب العالمية الأولى جزءاً من تشيكوسلوفاكيا، وهي الآن جزء من جمهورية التشيك). أنجبه والده جاكوب عندما بلغ 41 عامًا وكان تاجر صوف، يذكر أنه كان صارمًا متسلطًا، وكان قد أنجب طفلين من زواج سابق. والدته أمالي (ولدت ناتانسون) كانت الزوجة الثالثة لأبيه جاكوب. كان فرويد الأول من ثمانية أشقاء، ونظرًا لذكائه المبكر، كان والداه يفضلانه على بقية إخوته في المراحل المبكرة من طفولته وضحوا بكل شيء لمنحه التعليم السليم على الرغم من الفقر الذي عانت منه الأسرة بسبب الأزمة الاقتصادية آنذاك. وفي عام 1857، خسر والد فرويد تجارته، وانتقلت العائلة إلى لايبزيغ قبل أن تستقر في فيينا وهو في الثالثة من عمره. وفي عام 1865، دخل سيغموند مدرسة بارزة وهي مدرسة كومونال ريل جيمنازيوم الموجودة في حي ليوبولدشتات ذي الأغلبية اليهودية حينها. وكان فرويد تلميذًا متفوقًا وتخرج في ماتورا في عام 1873 مع مرتبة الشرف. كان فرويد قد خطط لدراسة القانون، لكن بدلًا من ذلك التحق بكلية الطب في جامعة فيينا للدراسة تحت إشراف البروفسور الدارويني كارل كلاوس. وفي ذلك الوقت، كانت حياة ثعبان البحر لا تزال مجهولة، مما حدى بفرويد أن يقضي أربعة أسابيع في مركز نمساوي للأبحاث الحيوانية في ترييستي ليقوم بتشريح المئات من الثعابين البحرية في بحث غير ناجح عن أعضائها الجنسية الذكورية.
كلية الطب
كفرويد تلميذًا متفوقًا دائمًا؛ احتل المرتبة الأولى في صفه عند التخرج ولم يكن مسموحًا لإخوانه وأخواته أن يدرسوا الآلات الموسيقية في البيت لأن هذا كان يزعج فرويد ويعوقه عن التركيز في دراساته. التحق بمدرسة الطب عندما بلغ السابعة عشرة من عمره، ولكنه مكث بها ثماني سنوات لكي ينهي الدراسة التي تستغرق عادة أربع سنوات، ويرجع ذلك إلى متابعته وانشغاله بكثير من الاهتمامات خارج مجال الطب. ولم يكن فرويد مهتمًا في الحقيقة بأن يصبح طبيبًا ولكنه رأى أن دراسة الطب هي الطريق إلى الانغماس في البحث العلمي. وكان أمل فرويد أن يصبح عالمًا في التشريح، ونشر عددا من البحوث العلمية في هذا المجال وسرعان ما أدرك أن التقدم في مدارج العلم ومراتبه سيكون بطيئًا بحكم انتمائه العرقي وإدراكه، فضلًا عن حاجته إلى المال دفعاه إلى الممارسة الإكلينيكية كمتخصص في الأعصاب عام 1881م. وقام في ميدانه بأبحاث جيدة معملية، نشرها سنة 1885 وسنة 1886.
بداية مشواره العلمي
في عام 1880، تعرف على جوزيف بروير Joseph Breuer وهو من أبرز أطباء فيينا، وكان ناصحًا لفرويد وصديقًا ومقرضًا للمال وتأثر به وأعجب بطريقته الجديدة لعلاج الهستيريا، وهي طريقة التفريغ Cathartic Method التي اتبعها بروير؛ يستخدم فيها الإيحاء التنويمي في معالجة مرضاه لتذكر أحداث لم يستطيعوا تذكرها في اليقظة مع المشاعر والانفعالات الخاصة بالحدث، مما يساعد المرضى على الشفاء عن طريق التنفيس Abreaction عن الكبت.
وبالتعاون مع بروير Breur سعى فرويد لتكميل هذه الطريقة لكنه تبين لهما أن التنويم المغناطيسي لا يفيد إلا في مساعدة المريض على التذكر واستعادة التجارب التي أدت إلى المرض. وبمزيد من التجارب تبين لبروير أن من الممكن الاستعاضة عن التنويم المغناطيسي بما سماه أحد مرضاه: «العلاج بالمحادثة»، وذلك بأن يتحادث مع المريض في موضوعات انفعالية دون الاستعانة بالتنويم المغناطيسي، لكن بروير ما لبث أن انصرف عن هذه الطريقة في العلاج، لما وجده في المناقشات مع المرضى حول تفاصيل شخصية وجنسية من أمور محيرة وغير واضحة. أما فرويد فقد وجد في تصريحات مرضاه وما يصحبها من ردود فعل انفعالية وسيلة يمكن استخدامها في العلاج. وهذه الملاحظة أدت به إلى فكرة التحويل Transference وهي من الأدوات الأساسية في التحليل النفسي.
1881: حصل على الدكتوراه وعمل في معمل إرنست بروك.
1882: عمل في مستشفى فيينا الرئيسي، ونشر أبحاث عديدة في الأمراض العصبية.
1885: عين محاضرًا في علم أمراض الجهاز العصبي، وكجزء من تدربه تسلم فرويد منحة صغيرة أتاحت له أن يسافر إلى باريس ويدرس في جامعة سالبتريير، حيث اتصل بعدد من الأطباء الفرنسيين المتخصصين في الأمراض النفسية وعلى رأسهم الطبيب النفسي الفرنسي المشهور جان مارتان شاركو (Charcot) وبيير جانيه (anetل Pierre) وكانوا في علاجهم للأمراض العقلية مثل الهستيريا يستعملون التنويم المغناطيسي. وكانت هذه الزيارة هامة لفرويد لسببين على الأقل: السبب الأول أن فرويد تعلم من شاركوه أنه من الممكن علاج الهستيريا كاضطراب نفسي وليس كاضطراب عضوي، وكان فرويد يستخدم في ممارساته العلاج الكهربائي أي يوجه صدمة كهربائية مباشرة إلى العضو الذي يشكو منه المريض كالذراع المشلولة مثلًا. والسبب الثاني أن فرويد سمع شاركوه ذات مساء يؤكد بحماس أن أساس المشكلات التي يعاني منها أحد مرضاه جنسي ولقد اعتبر فرويد هذه الملاحظة خبرة معلمة. ومنذ ذلك الحين عمد إلى الالتفات إلى إمكانية أن تكون المشكلات الجنسية سببًا في الاضطراب الذي يعاني منه المريض.
فاهتم فرويد بهذه الطريقة وأجرى تجارب مستعيناً بالتنويم المغناطيسي، أولاً في فرنسا، وبعد ذلك في النمسا. فاكتشف حينئذ أن من الممكن في أحوال كثيرة جعل المريض، تحت التنويم المغناطيسي، يتذكر حوادث ومشاعر يبدو انا كانت سبباً في إحداث اعراض مرضية عصبية أو نفسية. فاستتتج من هذا أن استعادة مثل هذه الذكريات وما صاحبها من تجارب انفعالية تفيد في علاج المريض، لأنه وجد أن أعراض المرض كانت تختفي غالباً متى ما كان التذكر ممكناً.
1886: عاد إلى فيينا. عمل طبيبًا خاصٍّا وطبق ما تعلمه من شاركو، وبدأ في إقناع زملائه بإمكانية تنفيذ ما وصل إليه من أبحاث الهستيريا، ولكنهم عارضوه، فأخذ على عاتقه تطبيق هذه الأبحاث. ولكن هذا النظام الجديد بدأت تظهر به بعض العيوب عند تطبيقه.
1889: سافر إلى فرنسا ليحسن فنه التنويمي وقابل الطبيبين ليبولت Liebault وبرنهايم Bernheim.
فرويد وبروير
بدأ الاثنان مشوارهم في دراسة مرض الهستيريا وأسبابه وعلاجه.
1893: نشرا بحثًا في العوامل النفسية للهستيريا.
1895: نشرا كتاب دراسات في الهستيريا وكان نقطة تحول في تاريخ علاج الأمراض العقلية والنفسية، فهو بمثابة حجر الأساس لنظرية التحليل النفسي، ويتناول الكتاب أهمية الحياة العاطفية في الصحة العقلية اللاشعورية، واقترحا أن كبت الميول والرغبات يحولها عن طريقها الطبيعي إلى طريق غير طبيعي، فينتج الأعراض الهستيرية.
1896- 1906: بعد ذلك حاولا أن يفسرا العوامل النفسية المسببة للهستيريا، ولكن الخلاف دب بينهما عندما فسر بريور الانحلال العقلي المصاحب للهستيريا بانقطاع الصلة بين حالات النفس الشعورية، وفسر أعراضها بحالات شبه تنويمية ينفذ أثرها إلى الشعور، وفرويد اختلف معه معللًا أن الانحلال العقلي هو نتيجة صراع بين الميول وتصادم الرغبات، فالأعراض الهستيرية هي أعراض دفاعية نتيجة ضغط الدوافع المكبوتة في اللاشعور التي تحاول التنفيس عن نفسها بأي طريقة، وبما أن هذه الدوافع المكبوتة في الشعور أمر مرفوض فتحاول التنفيس بطريقة غير طبيعية هي الأعراض الهستيرية. ازداد الخلاف أكثر حين اعتبر فرويد أن الغريزة الجنسية هي السبب الأول للهستيريا، واعترض بروير على ذلك وعارضه هو وجمهور الأطباء في عصره حتى انقطعت الصلة بينه وبين بروير.
انفصل بروير عن فرويد، لكن هذا الأخير استمر وحده في هذا الطريق، وجمع بين التنويم المغناطيسي ويين العلاج بالمحادثة. لكنه تبين له بعد ذلك ان التنويم غير فعال في بعض الأحوال، لأن بعض المرضى لا يمكن تنويمهم، ولأن من ينومون ويعانون تغييراً في الأعراض التي ظهرت عليهم أولاً نتيجة للإيحاء التنويمي قد تظهر عليهم فيما بعد أعراض أخرى. ومن هنا انصرف فرويد إلى طريقة «العلاج بالمحادثة» اكثر فأكثر، وقلل اعتماده على التنويم حتى لم يعد يفيد إلاً في جعل المريض يسترخي ويطلق العنان لعقله. لكنه كان من الضروري القيام بنوع من الرقابة على انطلاق المريض في سرد المعاني المترابطة. ووجد فرويد أن تحليل أحلام المريض هو وسيلة نافعة في إحداث هذه الرقابة.
وخلال هذا كله كان فرويد يولي أهمية خاصة لما يرد في هذه المحادثات العلاجية من تصريحات المرضى عن مشاكلهم الجنسية بخاصة، مما جعله يرجع إلى الغريزة الجنسية الأصل في كثير إن لم يكن في كل الأمراض العصبية والنفسية. وهو الاتجاه الذي أنكره عليه زميله يوسف بروير فانفصل عنه.
أخذ فرويد يواصل أبحاثه بالرغم من مهاجمة معارضيه، وبالفعل كشفت له أبحاثه دور الغريزة الجنسية للهستيريا، فوسع أبحاثه على أنواع أخرى من الأمراض العصابية وعلاقة الغريزة الجنسية بها، فأقنعه بأن أي اضطراب بهذه الغريزة هي العلة الأساسية في جميع الأمراض. ظل يعمل وحيدًا ضد المجتمع الطبي لمدة عشر سنوات. وفي 1902 بدأ الوضع يتغير حينما التف حوله عدد من شباب الأطباء المعجب بنظرياته وأخذت الدائرة تكبر لتضم بعض أهل الفن والأدب.
وقد رأى فرويد أن اهتمام عالم النفس وعالم الأمراض النفسية يجب أن ينصب على طبيعة تجارب الشخص في الحياة، وكيف حدثت كل واحدة من هذه التجارب، وكيف تفاعلت مع تجاربه السابقة. وافترض أن التجارب الأولى في حياة الطفل ذات أثر كبير في تكوين اساس الشخصية، وأن ما يحدث للإنسان بعد سن المراهقة لا يؤثر إلا قليلاً في نمط الشخصية الذي تكون قبل ذلك. ولئن كان اهتمام فرويد قد اتجه في المقام الأول إلى ذوي الأمراض العقلية، فإنه اعتقد أن من الممكن تعميم النتائج التي يصل إليها في دراسة المرض لتشمل ايضاً كل أنواع السلوك الإنساني.
والمنهج الذي استخدمه هو كما قلنا ترك خواطر المريض تنثال عليه في حرية، مع قيام المحلل النفسي بملاحظة المريض وتفسير خواطره. فكان يطلب من المريض أن يصرح له أو للمحلل النفسي بكل ما يجول بخاطره، بغض النظر عما عسى أن يكون فيها من تفاهة أو عته أو عدم معقولية أو مخالفة لقواعد الأخلاق والمعاملات، وذلك على أساس أن مجرى التفكير هو سلسلة من الخواطر المترابطة التي فيها ترتبط كل خاطرة بما يسبقها. والإنسان، في الأحوال العادية، يكتم الأفكار السيئة إما بسبب المخاوف أو القيم الأخلاقية المرعية أو التهذيب والآداب السائدة؛ ويريد فرويد بترك الخواطر تنطلق دون حسيب ولا رقيب، أن يصل إلى ما كتم في غور اللاشعور من خواطر وأفكار ورغبات. وتسلسل الترابطات يؤدي الى المشاعر والأفكار والدوافع القي تسببت في مشاكل نفسية عند المريض، ثم من وراء ذلك الى التجارب الأصلية التي أدت إلى حدوث عدم التكيف النفسي فيه. وباستمرار العملية، عملية ترك الخواطر الحرة تفصح عن نفسها دون رقيب، وقيام المحلل بتفسير المادة المتحصلة عن ذلك، يكتشف المريض والمحلل أن ثم علاقة بين التجارب الماضية وبين الأحوال الراهنة غير السوية الي يعانيها المريض.
طريقة التداعي الحر
- طالع أيضاً: طريقة التداعي الحر
طريقة التداعي الحر (بالإنجليزية: Free association) اكتشفها فرويد بعد أن وجد طريقة لتفريغ بعض العيوب، منها أن نجاح العلاج يتطلب استمرار العلاقة بين المريض والطبيب، فلجأ إلى أن يحث المرضى بطريق الإيحاء وهم في حالة اليقظة وكان بها عيوب هي أيضًا فابتكر فرويد طريقة التداعي وهي أن يطلب من المريض أن يطلق العنان لأفكاره لتسترسل من تلقاء نفسها دون قيد أو شرط، فيتكلم بأي شيء يخطر بباله دون إخفاء تفاصيل مهما كانت تافهة أو مؤلمة أو معيبة. وكشفت له هذه الطريقة الكثير من الحقائق، فمثلًا عرف لماذا يكون تذكر بعض الحوادث والتجارب الشخصية الماضية أمرًا صعبًا، حيث أنها قد تكون مؤلمة أو مشينة للنفس ولذلك تنسى، وبالتالي تذكرها مرة أخرى أمر شاق نتيجة المقاومة التي تحول دون ظهور هذه الذكريات في الشعور. ومن هذه الملاحظات كون فرويد نظريته في الكبت التي يعتبرها حجر الأساس في بناء التحليل النفسي.
1908: كان أول مؤتمر للتحليل النفساني بزيورخ بدعوة من يونج وتم إصدار مجلة التحليل النفسي تحت إدارة فرويد وبلولر، وكان يونج رئيس تحريرها.
1909: دعت جامعة كلارك بالولايات المتحدة الأمريكية فرويد ويونج للاشتراك في احتفال الجامعة بمناسبة عشرين عاماً على تأسيسها، وتم استقبالهم استقبالاً رائعاً وقُوبلت محاضرات فرويد الخمس والمحاضرتان التان ألقاهما يونج مقابلة جيدة.
1910: عقد المؤتمر الثاني للتحليل النفساني في نورنبرغ، وتم تأليف جمعية التحليل النفساني الدولية، وتقرر أيضاُ إصدار نشرة دورية تكون رابطة الاتصال بين الجمعية الرئيسية وفروعها ثم توالت مؤتمرات الجمعية وتكونت لها فروع في معظم البلدان الغربية.
فرويد والتحليل النفسي
توصل فرويد إلى أن الكبت صراع بين رغبتين متضادتين، وأن هناك نوعان من الصراع: واحد في دائرة الشعور تحكم النفس فيه لإحدى الرغبتين وتترك الثانية وهو الطريق الطبيعي للرغبات المتضادة دون اضرار النفس. بينما النوع الآخر هو المرضي؛ حيث تلجأ النفس بمجرد حدوث الصراع إلى صد وكبت إحدى الرغبتين عن الشعور دون التفكير وإصدار حكم فيها، لتستقر في اللاشعور بكامل قوتها منتظرة مخرج لانطلاق طاقتها المحبوسة، ويكون عن طريق الأعراض المرضية التي تنتاب العصابين. واتضح لفرويد أن دور الطبيب النفساني هي كشف الرغبات المكبوتة لإعادتها إلى دائرة الشعور لكي يواجه المريض الصراع الذي فشل في حله سابقًا، ويحاول حله تحت إشراف الطبيب أي إحلال الحكم الفعلي محل الكبت اللاشعوري، وسميت تلك الطريقة التحليل النفسي. لاقت هذه النظرية رواجًا كبيرًا خاصة في سويسرا، حيث أُعجب بها أوجين بلولر المشرف على معهد الأمراض العقلية بالمستشفى العام بزيورخ ويونج المساعد لأوجين.
المرضى
استخدم فرويد أسماء مستعارة في تاريخ الحالات، ومن بينهم سيسيليا إم. (آنا فون ليبن)، ودورا (إيدا باور، 1882-1945)، والسيدة إيمي فون إن. (فاني موسر)، والآنسة إليزايث فون أر. (إيلونا فايس)، والآنسة كاثارينا (أوريليا كرونيتش)، والآنسة لوسي أر. وليتل هانس (هربرت غراف، 1903-1973)، ورات مان (إرنست لانزر، 1878-1914)، وإينوس فينجي (جوشوا وايلد، 1878-1920)، وولف مان (سيرجي بانكجيف، 1887-1979). كان من بين المرضى المشهورين الآخرين الأمير البرازيلي بيدرو أوغستو (1866-1934)، وهيلدا دوليتل (1886-1961)، وإيما إيكستاين (1865-1924)، وغوستاف مالر (1860-1911)، الذي أجرى معه فرويد استشارة واحدة موسعة، والأميرة ماري بونابرت، وإديث بانفيلد جاكسون (1895–1977)، وألبرت هيرست (1887–1974).
السرطان
اكتشف فرويد إصابته بمرض الصداف في فبراير عام 1923، وهو ورم حميد مرتبط بالتدخين المفرط. لم يخبر أحدًا في البداية، ولكنه أخبر إرنست جونز في أبريل عام 1923، وأخبره أيضًا بأن الورم قد استؤصِل. استشار فرويد طبيب الأمراض الجلدية ماكسيميليان شتاينر، الذي نصحه بالإقلاع عن التدخين ولكنه كذب بشأن جدية الورم، وقلل من أهميته. رأى فرويد لاحقًا فيليكس دويتش، الذي رأى أن الورم كان سرطانيًا. أخبر دويتش فرويد بذلك باستخدام تعبير ألطف، وهو «الصداف السيئ»، بدلًا من التشخيص الفني للورم الظهاري. نصح دويتش فرويد بالتوقف عن التدخين وإزالة الورم. عالج ماركوس هاييك، وهو عالم الأنف الذي شُكِّك في كفاءته سابقًا، فرويد. أجرى هاييك جراحة تجميلية غير ضرورية في قسم العيادات الخارجية في عيادته. نزف فرويد أثناء العملية وبعدها، وربما نجا من الموت بصعوبة. رأى فرويد دويتش مرة أخرى فيما بعد، وطلب منه إجراء جراحة أخرى، ولكنه لم يخبر فرويد بأنه مصاب بالسرطان بسبب خوفه عليه من الانتحار.
الهروب من النازية
سيطر الحزب النازي على ألمانيا في يناير عام 1933، وكانت كتب فرويد ذات أهمية بين تلك التي أحرقوها ودمروها. قال فرويد لإرنست جونز: «ما هذا التقدم الذي نحققه! كانوا سيحرقونني لو كنت في العصور الوسطى، ولكنهم راضون اليوم عن حرق كتبي فقط». استمر فرويد في التقليل من شأن التهديد النازي المتزايد، وظل مصممًا على البقاء في فيينا حتى بعد الضم (عملية أنشلوس) في 13 مارس عام 1938، الذي ضمت فيه ألمانيا النازية النمسا، واندلعت فيه معاداة السامية العنيفة التي تلت ذلك. ذهب جونز، رئيس جمعية التحليل النفسي الدولية آنذاك، من لندن إلى فيينا عبر براغ في 15 مارس مصممًا على إقناع فرويد بتغيير رأيه والسعي إلى المنفى في بريطانيا.
أقنع هذا الاحتمال، بالإضافة إلى صدمة اعتقال واستجواب آنا فرويد من قبل الغيستابو، فرويد أخيرًا أن الوقت قد حان لمغادرة النمسا. غادر جونز إلى لندن في الأسبوع التالي مع قائمة قدمها فرويد من حزب المهاجرين لمن سيتطلب منهم تصاريح للهجرة. استخدم جونز معرفته الشخصية لوزير الداخلية، السير صمويل هور، في لندن للإسراع في منح التصاريح. كان هناك سبعة عشر شخصًا بحاجة للتصريح، وقُدِّمت تصاريح العمل عند الحاجة. استخدم جونز أيضًا نفوذه في الأوساط العلمية، وأقنع رئيس الجمعية الملكية، السير ويليام براغ، بالكتابة إلى وزير الخارجية اللورد هاليفاكس مطالبًا بممارسة الضغط الدبلوماسي في برلين وفيينا نيابة عن فرويد. حصل فرويد أيضًا على دعم من الدبلوماسيين الأمريكيين، ولاسيما مريضه السابق والسفير الأمريكي في فرنسا ويليام بوليت. نبه بوليت الرئيس الأمريكي روزفلت إلى الأخطار المتزايدة التي تواجه فرويد، فأدى ذلك إلى وضع القنصل العام الأمريكي في فيينا، جون كوبر وايلي، مراقبة منتظمة لشارع بيرغاس 19. تدخل أيضًا عن طريق مكالمة هاتفية أثناء استجواب الغيستابو لآنا فرويد.
بدأ الرحيل من فيينا على مراحل خلال شهري أبريل ومايو عام 1938. غادر حفيد فرويد، إرنست هالبرشتات، ونجل فرويد مارتن مع زوجته وأطفاله إلى باريس في أبريل. غادرت شقيقة زوجة فرويد، مينا بيرنايز، إلى لندن في 5 مايو، ومارتن فرويد في الأسبوع التالي، وابنة فرويد ماتيلد وزوجها روبرت هوليتشر في 24 مايو.
توقفت الترتيبات الخاصة بمغادرة فرويد إلى لندن بحلول نهاية الشهر، وغرقت في عملية عصيبة من الناحية القانونية وابتزاز مالي للتفاوض مع السلطات النازية. عُيٍّن الرايخسوميسار (مفوض الإمبراطورية) لإدارة أصول فرويد وأصول جمعية التحليل النفسي الدولية التي يقع مقرها الرئيسي بالقرب من منزل فرويد، وذلك بموجب اللوائح التي فرضها النظام النازي الجديد على السكان اليهود. خُصِّص فرويد للدكتور أنطون سوروالد، الذي درس الكيمياء في جامعة فيينا تحت إشراف البروفيسور جوزيف هيرزيغ، وهو صديق قديم لفرويد. قرأ سوروالد كتب فرويد لمعرفته أكثر، وأصبح متعاطفًا مع وضعه. لم يكشف سوروالد عن تفاصيل جميع حسابات فرويد المصرفية لرؤسائه ولترتيب تدمير المكتبة التاريخية للكتب الموجودة في مكاتب جمعية التحليل النفسي الدولية، وذلك على الرغم من مطالبته بذلك. نقل سوروالد أدلة حسابات فرويد المصرفية الأجنبية إلى خزنته الخاصة بدلًا من ذلك؛ ورتب مخزون مكتبة جمعية التحليل النفسي الدولية في المكتبة الوطنية النمساوية حيث بقيت حتى نهاية الحرب.
فُرِضت رسوم كبيرة أخرى بخصوص ديون مكتبة التحليل النفسي الدولية والمجموعة القيمة من الآثار التي يمتلكها فرويد؛ وذلك على الرغم من تخفيف تدخل سوروالد من العبء المالي لضريبة «الرحلة» على الأصول المعلنة لفرويد. لجأ فرويد إلى الأميرة ماري بونابرت بسبب عدم تمكنه من الوصول إلى حساباته الخاصة، وهي من أبرز وأثرى أتباعه الفرنسيين، والتي سافرت إلى فيينا لتقديم دعمها، وكانت هي التي وفرت الأموال اللازمة. سمح هذا لسوروالد بالتوقيع على تأشيرات الخروج اللازمة لفرويد وزوجته مارثا وابنته آنا. غادروا فيينا على قطار الشرق السريع في 4 يونيو برفقة مدبرة منزلهم وطبيب، ووصلوا إلى باريس في اليوم التالي، ومكثوا هناك ضيوفًا لدى ماري بونابرت، ووصلوا إلى محطة فيكتوريا في لندن في 6 يونيو.
تسارع البعض لتقديم احترامهم إلى فرويد، ومن ضمنهم سلفادور دالي، وشتيفان تسفايغ، وليونارد وولف، وفيرجينيا وولف، و إتش. جي. ويلز. دعا ممثلو الجمعية الملكية مع ميثاق الجمعية فرويد، الذي انتُخِب عضوًا أجنبيًا في عام 1936، للتوقيع على عضويته. وصلت ماري بونابرت قرب نهاية يونيو لمناقشة مصير شقيقات فرويد الأربع المسنات اللواتي تُرِكن في فيينا. فشلت محاولاتها اللاحقة للحصول على تأشيرات خروجهن، وماتوا جميعًا في معسكرات الاعتقال النازية.
وصل سوروالد إلى لندن في ظروف غامضة في أوائل عام 1939، والتقى ألكسندر شقيق فرويد. حوكم وسجن في عام 1945 من قبل محكمة نمساوية لأنشطته كمسؤول في الحزب النازي. ردت آنا فرويد على ادّعاء من زوجته، وكتبت لتأكيد أن سوروالد «استخدم مكتبه كمفوض معين لدينا بطريقة تحمي والدي». ساعد تدخلها في تأمين إطلاق سراحه من السجن في عام 1947.
أعيد إنشاء غرفة استشارات فيينا التابعة لفرويد بتفاصيل دقيقة في منزله الجديد الواقع في شارع 20 ماريسفيلد غاردنز، هامبستيد، شمال لندن. استمر في رؤية المرضى هناك حتى المراحل النهائية من مرضه. عمل أيضًا على مؤلفاته الأخيرة، مثل كتاب موسى والتوحيد، الذي نُشر بالألمانية في عام 1938 وباللغة الإنجليزية في العام التالي، وكتاب مخطط التحليل النفسي غير المكتمل والذي نُشر بعد وفاته.
آخر حياته
والطريق الذي سلكه فرويد سلكه وحده. فبعد أن فارقه بروير، انفصل عنه الفرد أدلر في سنة 1911، ثم فلهلم اشتكل Wilhelm Stekel في سنة 1912، ثم كارل يونج في سنة 1914، ثم أوتو رانك Otto Rank في سنة 1924.
في عام 1886 تزوج مارتا برزنيز وأنجب منها ستة أطفال؛ ثلاثة من البنين وثلاث من البنات، وأصبحت إحدى بناته طبيبة نفسية وهي آنا ولقد اشتهرت بعلاج الأطفال في لندن.
لما احتل النازي النمسا في مارس سنة 1938 ارتحل فرويد إلى لندن، حيث توفي في السنة التالية في 23 سبتمبر سنة 1939 بعد أن جاوز الثالثة والثمانين، بسبب مرض السرطان الذي حاول إخفاءه مراراً لكن لم يفلح في ذلك، وحاول مرات عديدة الانتحار وذلك بسبب حالة الندم والحسرة في آخر عمره.
لاقى فرويد الكثير من الانتقادات ممن جاؤا بعده، وأثبتت دراسات حديثة انتقادات لنظرة فرويد الجامدة للجنسية عند الإنسان وكيف أنه أرجع كثير من الاضطرابات إلى عوامل جنسية بحتة، وتجاهل الجانب الاجتماعي وكيفية تأثيره في الشخصية السوية وتأثيره في العقد الجنسية. ولكن رغم الانتقادات كان لفرويد عظيم الفضل في تطور علم النفس ومبادئ كثيرة تستخدم في العلاج النفسي الآن.
أفكار فرويد ونظرياته
عن السلوك
لاحظ فرويد أن عددًا كبيرًا من المرضى كانوا يتصرفون وفقًا لدوافع وتجارب لم يكونوا في حالة وعي بها. ومن ثَمَّ فقد اقتنع بأن اللاوعي يؤدي دورًا رئيسيًا في تشكيل السلوك. وبالإضافة إلى ذلك فقد توصل إلى أن العقل اللاواعي مليء بذكريات لأحداث حدثت منذ الطفولة الأولى، وقد تعود هذه إلى أول عهد الطفل بالحياة. ولاحظ فرويد أنه لو كانت هذه الذكريات أليمة فإن الناس كانوا يحتفظون بها خارج نطاق الوعي. وكان يستعمل مصطلح آليات الدفاع أوالحيل الدفاعية للطرق التي كان يستخدمها الناس في ذلك. وكان فرويد يرى أن المرضى يستخدمون كميات كبيرة من الطاقة لتكوين آليات الدفاع. وقد يؤثر ربط الطاقة في آليات الدفاع على قدرة الشخص في أن يعيش حياة منتجة، وقد يصاب بمرض يسميه فرويد العصاب (مرض الاضطراب العصبي الوظيفي).
وتوصل فرويد أيضًا إلى نتيجة مفادها أن كثيرًا من ذكريات الطفولة لها علاقة بالجنس. ويزعم في إحدى نظرياته بأن العمل الجنسي يبدأ منذ الولادة، وأن الإنسان يمر بمراحل نفسية (سيكلوجية) عدة من النمو الجنسي. وخلال فترة هذا المرور من الجنس الوليدي إلى بلوغ الرشد الجنسي فإن المرء يكتشف عدة اكتشافات بنفسه، ويتعلم التحكم في غرائزه الجنسية.
كان فرويد يرى بأن النمط الطبيعي للنمو الجنسي يصادف بعض الاضطراب في بعض الأشخاص، وأن هؤلاء الأشخاصيثبتون في طور يوجه الرغبة الجنسية نحو شكل طفولي من أشكال الإشباع في مرحلة مبكرة غير ناضجة. وكان يشعر بأن هذا الشكل الطفولي من أشكال الإشباع الجنسي، قد يسهم في مرض عقلي عند بلوغ سن الرشد.
عن العقل
قَسَّم فرويد العقل إلى ثلاثة أقسام: 1- الـ هو والـ هي أي ذلك الجانب اللاشعوري من النفس الذي يعتبر مصدر الطاقة الغريزية أو البهيمية 2-الذات أوالأنا 3- الذات العليا أو الأنا العليا. ويرى فرويد أن كل إنسان ولد بغرائز متنوعة مثل الدافع لإرضاء الجوع، والدافع لإشباع الاحتياجات الجنسية. أما الذات فهي الممثل العقلي لهذه الغرائز البيولوجية. ولا تفرِّق الذات بين العقل الداخلي والبيئة الخارجية. فمثلاً تثير الأنا أو الذات دوافع الأكل، ولكنها لا تميِّز بين صورة عقلية للطعام والطعام ذاته.
وتُميِّز الذات بين العقل الداخلي والحقيقة الخارجية، وتتحكم في السلوك الذي يقرِّب بين الصور العقلية والعالم الخارجي. فمثلاً توجه الذات شخصًا جائعًا للبحث عن طعام حقيقي وأكله.
أما الذات العليا فتتحكم في السلوك الخلقي، وهي التمثيل العقلي لقانون أخلاق المجتمعات. وتهدف الذات العليا إلى الحدّ من السلوك القائم على دوافع الذات.
وفي الأشخاص الأصحاء عقليًا تعمل أقسام العقل الثلاثة في تناسق تام. ولكن، في بعضهم الآخر فإن هذه الأقسام قد تتعارض. فمثلاً قد تعارض الذات العليا كافة السلوك الجنسي، وبهذا تمنع إنجاز دوافع الذات الجنسية. وفي مثل هذه الحالات قد تحدث بعض الاضطرابات النفسية.
عن العلاج
عالج فرويد في أول أمره أولئك الذين يعانون الاضطرابات النفسية الوظيفية عن طريق التنويم المغنطيسي ـ وهي الطريقة التي تعلمها من تشاركوت. ولكنه عدّل هذه الطريقة بعد عدة سنوات، وكان فقط يجعل المرضى يتكلمون حول كل ماكان في أذهانهم. وكان يسمي هذه الطريقة التداعي الحرّ. وعن طريق التحدث بحرية، كان المريض أحيانًا يعثر على تجربة أسبق ربما أسهمت في الاضطراب العصبي.
وكثيرًا ما يحدث، أن تغلق الذكريات الأليمة التي تسبب العُصاب في العقل الباطن عن طريق آليات الدفاع. ثم يحلل فرويد تلك الأفكار العشوائية التي تتضح أثناء التداعي الحر. وكان يفعل ذلك في سبيل اختراق آليات دفاع المريض. كذلك أخذ يفسر أحلام المريض التي كان يعتقد أنها مفاتيح رمزية لذكريات غير واعية. وبعد أن يشعر بأنه قد فهم جذور المشكلة يتحدث فرويد مع المريض عن ماضي تجاربه. وكان يهتم اهتمامًا خاصًا بالمشاعر الأليمة (الخصومة أو الحب مثلاً) التي كان يوجهها المريض لفرويد نفسه. وعن طريق نقل هذه المشاعر القديمة إلى الحاضر يمكن للمريض أن يتخلص من الذكريات الأليمة، ويمكن لأعراض العُصاب أن تختفي عند ذاك.
عقدة أوديب
- طالع أيضاً: عقدة أوديب
مرحلة في تطور الطفل بين ثلاث وست سنوات تتميز برغبة الطفل في الاستئثار بأمه، لكنه يصطدم بواقع أنها ملك لأبيه، مما يجعل الطفل في هذه المرحلة من تطوره التي تمتد من السن الثالثة إلى التاسعة يحمل شعورًا متناقضًا تجاه أبيه: يكرهه ويحبه في آن واحد جراء المشاعر الإيجابية التي يشمل بها الأب ابنه. تجد عقدة أوديب حلها عادة في تماهي الطفل مع أبيه لأن الطفل لا يستطيع أن يقاوم الأب وقوته فإنه يمتص قوانين الأب وهنا يأتي تمثل عادات وأفكار وقوانين الأب في قالب فكري لدى الطفل. يرى فرويد أن السمات الأساسية لشخصية الطفل تتحدد في هذه الفترة بالذات التي تشكل جسر مرور للصغير من طور الطبيعة إلى الثقافة، لأنه بتعذر امتلاكه الأم يكتشف أحد مكونات القانون متمثلا في قاعدة منع زنا المحارم.
لهذه العقدة رواية أنثوية إن جاز التعبير، يسميها فرويد بعقدة إلكترا تجتاز فيها الطفلة التجربة نفسها، لكن الميل يكون تجاه أبيها. كما للعقدة نفسها عند فرويد رواية جماعية تتمثل في أسطورة اغتيال الأب التي يعتبرها منشأ للعقائد والأديان والفنون والحضارة عموما.
فرويد والكوكايين
كان يظن فرويد أن الكوكايين ذو أثر إيجابي في شفاء النفس، فقام بعلاج أحد مرضاه باستخدام الكوكايين ولكنه توفي جراء ذلك.
العقل الباطن
العقل الباطن هو ما يعرف عند فرويد باللاشعور وهو يتكون من الدفعات والرغبات والخبرات المكبوتة منذ الطفولة المبكرة وتؤثر في كل حياة الفرد في المستقبل، وهي ليست مكبوتة ولا تظهر، ولكنها تظهر من خلال الهفوات والأحلام والأعراض المرضية. ولذلك يقول فرويد إن الخمس سنوات الأولى من حياة الفرد هي أهم مرحلة في حياته، لأن خبراتها تؤثر في مستقبل الفرد والمجتمع بالتالي.
التطور النفسي الجنسي
استخدام مصطلح (ليبيدو) كان يهدف فيه إلى إبراز قيمة الغرائز الطبيعية وجعلها المؤثر الأول في السلوك.
الهو والأنا والأنا الأعلى
رأى فرويد أن الشخصية مكونة من ثلاثة أنظمة هي الهو، والأنا، والأنا الأعلى، وأن الشخصية هي محصلة التفاعل بين هذه الأنظمة الثلاثة.
الهو
- طالع أيضاً: الهو (علم النفس)
الهو أو النفس المشتهية؛ يقصد به طبيعتنا الأساسية التي لم يهذبها التعلم أو الحضارة وهو مكون افتراضي يحتوي على الغرائز الحيوانية لدى الإنسان، والتي تشكل رغبتنا الجامحة وهي تتطلب الإشباع فوريا دون الاعتبار لقواعد أو معايير. والمبدأ الذي يحكمه هو اللذة. ويستمد الهو طاقته من الاحتياجات البدنية مثل نقص الطعام أو الجنس الذي يتحول إلى طاقة نفسية ضاغطة. ويحتل الهو وغرائزه اللاشعور أي خارج نطاق شعور الإنسان وتحكمه الإرادي.
الأنا
- طالع أيضاً: الأنا
- الأنا كما وصفه فرويد هو شخصية المرء في أكثر حالاتها اعتدالًا بين الهو والأنا الأعلى، حيث تقبل بعض التصرفات من هذا وذاك، وتربطها بقيم المجتمع وقواعده، ومن الممكن للأنا أن يقوم بإشباع بعض الغرائز التي يطلبها الهو ولكن في صورة متحضرة يتقبلها المجتمع ولا يرفضها الأنا الأعلى.
- مثال: عندما يشعر شخص بالجوع، فإن ما تفرضه عليه غريزة البقاء (الهو) هو أن يأكل حتى لو كان الطعام نيئًا أو بريًا، بينما ترفض قيم المجتمع والأخلاق (الأنا العليا) مثل هذا التصرف، بينما يقبل الأنا إشباع تلك الحاجة ولكن بطريقة متحضرة فيكون الأكل نظيفًا ومطهوًا ومعدًا للاستهلاك الآدمي ولا يؤثر على صحة الفرد أو يؤذي المتعاملين مع من يشبع تلك الحاجة.
- يعمل الأنا كوسيط بين الهو والعالم الخارجي فيتحكم في إشباع مطالب الهو وفقًا للواقع والظروف الاجتماعية.
- وهو يعمل وفق مبدأ الواقع.
- ويمثل الأنا الإدراك والتفكير والحكمة والملاءمة العقلية.
- ويشرف الأنا على النشاط الإرادي للفرد.
- ويعتبر الأنا مركز الشعور إلا أن كثيرًا من عملياته توجد في ما قبل الشعور، وتظهر للشعور إذا اقتضى التفكير ذلك.
- ويوازن الأنا بين رغبات الهو والمعارضة من الأنا الأعلى والعالم الخارجي، وإذا فشل في ذلك أصابه القلق ولجأ إلى تخفيفه عن طريق الحيل الدفاعية.
الأنا الأعلى
- طالع أيضاً: الأنا الأعلى
- الأنا الأعلى كما وصفه فرويد هي شخصية المرء في صورتها الأكثر تحفظًا وعقلانية، حيث لا تتحكم في أفعاله سوى القيم الأخلاقية والمجتمعية والمبادئ، مع البعد الكامل عن جميع الأفعال الشهوانية أو الغرائزية
- يمثل الأنا الأعلى الضمير، وهو يتكون مما يتعلمه الطفل من والديه ومدرسته والمجتمع من معايير أخلاقية.
- الأنا الأعلى مثالي وليس واقعيا، ويتجه للكمال لا إلى اللذة – أي أنه يعارض الهو والأنا.
- إذا استطاع الأنا أن يوازن بين الهو والأنا الأعلى والواقع عاش الفرد متوافقا، أما إذا تغلب الهو أو الأنا الأعلى على الشخصية أدى ذلك إلى اضطرابها.
- أنظمة الشخصية ليست مستقلة عن بعضها، ويمكن وصف الهو بأنه الجانب البيولوجي للشخصية، والأنا بالجانب السيكولوجي للشخصية، والأنا الأعلى بالجانب السوسيولوجي للشخصية.
العلاج النفسي
توصف مكونات الشخصية عند فرويد بالديناميكية. وإذا كانت هذه الديناميكية تسير في طريق مستقر وتتفاعل بطريقه سوية أدت إلى وجود إنسان مستقر، ولكن حين تتضارب مكونات الشخصية وتتصارع سيؤدي ذلك إلى الاضطراب النفسي من وجهة نظر فرويد.
مبادىء الحياة النفسية كما يراها فرويد
الفكرة الأساسية التي يقوم عليها مذهب فرويد هي أن الغرض الأساسي من كل فعل يقوم به الإنسان هو تحصيل أكبر لذة وجعل الألم أقل ما يمكن. ذلك لأنه رأى أن السلوك يتجه نحو السعادة بمعنى تحصيل أكبر لذة، أو اشباع الحاجات الحية.
والطفل يسعى إلى تحصيل اللذة بغض النظر عن نتائجها. وفي هذه النقطة يترشد سلوكه «بمبدأ اللذة». وكلما كبر تعلم كيف يضبط سلوكه بما يواجهه من حقائق. فيحقق أكبر لذة مع أقل ضرر ناجم عنها. وهذا الاتجاه يسمى «مبدأ الواقع». وهو ثمرة نضوج قدرته على ضبط نفسه. وعملية الضبط، والتخطيط، والتكيف مع الواقع هي الأنا».
وكلما تقدم الطفل في السن وصار مراهقاً تتغير قيمه الأخلاقية، فينشأ ما يسميه فرويد ب «الأنا الفوقاني» الذي هو ثمرة محاكاة الطفل لسلوك أبويه.
وكل سلوك ذو غرض، وغرضه هو تحصيل أكبر لذة وتقليل الألم الضروري إلى أقل درجة. وفي العادة يوجد أكثر من دافع لتوجيه أي فعل، ومن الدوافع ما هو حاضر ومنها ما هو ناشيء عن تجارب ماضية. وتنشأ المنازعات حين يقع أحد هذه الدوافع في تناقض وتنازع مع باقي الدوافع. وفي عملية النضوج البيولوجي تحدث عدة صعوبات. والتطور يتضمن العثور على بعض وسائل للتكيف مع هذه الصعوبات. ولما كانت مشاكل التطور ذات أصل بيولوجي، فينبغي مواجهتها وحلها بواسطة كل طفل على حدة.
والدوافع، وتجارب الحياة، والموقف الحالي، والقيم الأخلاقية، وضروب بذل الطاقة، والتحريات كلها تتفاعل معاً لتكوين الشخصية.
ونمط هذا التفاعل يتقرر في الطفولة على أنه ناتج النضوج الفزيائي (الطبيعي) والاجتماعي.
الشعور
يميز فرويد بين ثلاث مناطق داخل الشخصية: المنطقة الأولى يسميها «الهو» Id و«الهو» Id يتألف من دوافع بيولوجية متعددة تكون كلها في أحوالها الأولية غير المتكيفة اجتماعياً. ويمكن أن يسمى ذلك الجانب الحيواني في الإنسان. والمنطقة الثانية يسميها فرويد باسم «الأنا». والأنا هو الجزء من الشخصية الذي ينشد العثور على مخارج واقعية لدوافع «الهو»، وفي نفس الوقت يؤمن الشخص من الوقوع في نزاع مع محيطه ويجنبه التجارب الأليمة. و«الأنا» Ego هو مصدر ضبط النفس، والوسيلة للإبقاء على الاتصال مع المحيط. وهو حاكم يصدر قرارات. أما المنطقة الثالثة، وتسمى «الأنا الفوقاني» Super Ego فهي تشمل القيم الأخلاقية التي يهتدي بها الشخص، أعني ضميره.
ولكل منطقة من هذه المناطق الثلاث علاقة محددة مع الوعي (الشعور). ومهمة الأنا في التوفيق بين مطالب «الهو» Id و«الأنا الفوقافي»، وبين الواقع مهمة واعية (شعورية) لا محالة، كما هو الشأن ايضاً في تعامله مع العالم الخارجي وكذلك بعض القيم الشخصية واعية، وإن كان فرويد يعتقد أن «الأنا الفوقافي» كثيراً ما يؤثر في الشخص دون أن يكون واعياً بهذا التأثير. والسبب في هذا أن كثيراً من القيم الاجتماعية قد تعلمها الطفل قبل أن يستطيع فهمها وتعقلها.
والهو، بدوافعه الوحشية، لا شعوري. وهذه المادة اللاشعورية تسعى للتعبير عن نفسها على نحو غير مباشر. فمثلاً الأحلام وهفوات اللسان هي تجليات مقنعة لمضمونات لا شعورية افلتت من «الأنا» وصارت علنية. وفي حالة الأحلام، فإن التخلف غير المباشر من المواد الاندفاعية تصرف مواد كان من شأنها لو بقيت حبيسة أن تحدث اضطراباً في النوم وفي نشاطات أخرى.
وإلى جانب الشعور واللاشعور هاك ظاهرة يسميها فرويد باسم «ماقبل الشعور» precocious، وهو المادة التي يستطيع الشخص أن يتذكرها بحسب إرادته، لكنها لم تكن في وعيه وانتباهه طوال الوقت. وهذه المادة لا تبرز من أجل مراقبة الجهاز العضوي، بل بالأحرى من أجل التمكين له من العمل على نحو أكثر فاعلية. ذلك لأن وعي الإنسان بكل قصد وكل ذاكرة باستمرار قد يتدخل في نشاط الإنسان ويعيقه؛ لكنه لا بد من أن تكون هذه المعلومات ميسورة للجهاز العضو حين يحتاج إليها.
وهكذا كان فرويد يرى أن العقل يتاثر بدوافع حيوانية أولية، ويراقب من قبل قيم أخلاقية، ويتكيف وفقاً لمتطلبات الواقع.
التفكير المعرفة والذاكرة
وفي بداية الأمر، الطفل لا يفكر، بل يرد الفعل باندفاع وينشد لذات مباشرة. وسلوكه هذا يتفق مع «مبدأ اللذة» الذي ذكرناه من قبل. وبعد عام أو عامين، يتعلم الطفل أن عليه أن ينظر في نتائج ما يفعله حى يتجنب ما قد يحدث من ألم ينتج عن مباشرة اللذة، وهذا هو مبدأ الواقع. واعتبار النتائج على هذا النحو هو التفكير. والتفكير امتثال رمزي للموضوعات والأحداث والمشاعر. وكثير من هذه الرموز قد تعلمها الطفل من أبويه أو بيته، وبعضها مي مفهومات لا شعورية تكون جزءاً من وراثته التكوينية. والأحلام غنية بهذه الرموز؛ ولما كانت تتحدد اساساً بقوى لا شعورية، فإغها تكشف عن نوازع ونزاعات مستورة.
السلوك والشخصية
ونمو الشخصية يمرّ بعدة مراحل. وكل مرحلة منها تتضمن التفاعل بين البنية النفسية القائمة، والحاجات البيولوجية (خصوصاً الجنسية منها)، والبيئة المحيطة. وبسبب هذا التفاعل، فإنها تسمى مراحل نفسية جنسية Psycho Sexuel. ويعين النمو بيولوجياً، وكل مرحلة تجلب دوافع جديدة لا بد من التوفيق بينها وبين الآخرين في المجتمع.
والمرحلة الأولى للنمو تقوم في العيلولة التي تتميز بتركيز الانتباه عل الأفعال الشفوية والأكل ومن هنا سميت بالمرحلة الشفوية، لأن الشفتين تلعبان فيها دوراً رئيسياً.
ويتلو ذلك فترة تسود فيها العادات المتعلقة بالبراز والمثانة، ويزداد فيها التوكيد على أفعال الاست، ولهذا يسميها فرويد باسم «المرحلة الاستية».
ويتلو ذلك المرحلة التي يسميها باسم المرحلة «الاحليلية» phallic وتتميز بمحاولة الطفل حل مشاكله الجنسية مع أبويه (نزاعات عقدة اوديب). وفي أثناء هذه المرحلة يؤدي خوف الطفل من الانتقام (بالخصي) بسبب تنافسه مع من في مثل جنسه من أبويه إلى أن يشعر الطفل بالتأحد identity مع هذا الوالد (أو الوالدة، بحسب الأحوال)، بما في ذلك قيمه (أو قيمها) الأخلاقية. وبهذا يتقرر «أنا فوقاني» Superego، ويدخل الطفل في مرحلة كمون فيها تكبت كل دواخله الجنسية حتى بداية عهد المراهقة.
فإن مضت المراهقة بدون مشاكل، يقترب الشخص من المرحلة التناسلية genital stage، وإن كان من النادر تحقيق شخصية تناسلية كاملة لأن القليل من الأشخاص هم القادرون على أن يمروا بالمراحل السابقة دون أذى.
وإذا وقع الطفل في مشاكل خطيرة خلال أية مرحلة من هذه المراحل، فإن المهارات الاجتماعية التى يكون قد تعلمها فقيرة أو معدومة بتاتاً. وقد يحدث ان يتوقف عن النمو ويثبت على حال معينة، وربما يتعثر ويعرج خلال المراحل الأخرى ويرتد إلى الخلف، وربما يعود إلى مهارات أتقنها من قبل على نحو أفضل حين كان واقعاً تحت ضغط. والتوقف في حال معلوم نتج عن نوع خاص من التكيف المرضي (الباثولوجي)، مثل العيلولة dependency في ثبوتات شفوية أو جنسية كاذبة، أو دون جوانية، ونشاطات شيطانية في ثبوتات fixations احليلية.
والعصابات neuroses والأمراض النفسية psychoses هي ارتدادات في أوقات الضغط إلى مراحل سابقة في النمو أمكن حلها على نحو أفضل. والضغط المؤدي إلى الارتداد ينشأ عن نزاعات بين الأشخاص حول قهر دوافع محرمة. إن الدافع لما لم يكن مقبولاً فإنه اندفع خلفاً الى اللاشعور، وعبر عن نفسه، بطريق غير مباشر فقط، بواسطة سلوك وسط compromise يمكن من شكل مقنع من أشكال الإرضاء، وفي الوقت نفسه يرضي التحريمات الأخلاقية والاجتماعية.
وكل مرحلة من مراحل النمو تحمل معها مهارات يمكن أن تستعمل وسائل حماية defenses مثل التخيلات في المرحلة الشفوية، والاسقاطات في المرحلة الاستية، وألوان الكبت وردود الفعل في المرحلة الإحليلية.
إسهام فرويد في التفكير السوسيولوجي
يمكن التعرف فى أعمال فرويد على أربعة مداخل لدراسة المجتمع:-
الأول: وهو الأقل قبولاً فى علم الاجتماع الحديث، يذهب إلى أن المجتمع البشرى والإنسان الفرد يمران بنفس المراحل التطورية. وغالباً ما يركز هذا النوع من التحليل على تطور الدين كأحد مظاهر الأنا الأعلى الاجتماعى (انظر كتابة التوتم والتابو الصادر عام 1913، وكتابه: موسى والتوحيد الصادر عام 1939؛ وكتابه: مستقبل وهم، الصادر عام 1927)).
أما النظرية الثانية، والتى يتم استيعابها داخل علم الاجتماع أحياناً، فإنها تنظر إلى المجتمع فى ضوء كبح الغرائز وما يصاحب ذلك الكبح من إعلاء. ويعنى ذلك أن تتحول الغرائز العدوانية والجنسية المحطمة إلى أنشطة اجتماعية مفيدة، مثل المصداقة فى حالة الغرائز الجنسية، والنضال ضد الأعداء المخارجيين فى حالة الغرائز العدوانية. و لقد نظر فرويد إلى هذا على أنه بتضمن علاقة متناقضة. فالإعلاء ينطوى على التضحية بالإشباع اللحظى لرغباتنا، ومن ثم فإنه يخلق درجة من البؤس (أو الشقاء): وكلما تطورت الحضارة كلما تطور البؤس الناتج عن الإعلاء (انظر على وجه الخصوص كتاب: الحضارة وسلبياتها الصادر عام 1930). ولقد طور تالكوت بارسونز هذه الأطروحة كجزء من نظريته فى التنشئة الاجتماعية (انظر كتابه المعنون مقالات فى نظرية علم الاجتماع الصادر عام 1949)، كما تم تطويرها من وجهة نظر راديكالية من خلال هربرت ماركيوز Marcuse (فى كتابه الحب والحضارة، الذى صدر عام 1955).
وثالثاً فإن نظرية فرويد عن تطور السلوك الجنسى من مرحلة الانحراف الجنسى المتعدد الأشكال مرورا بالمرحلة الأوديبية إلى الجنسية المتجهة إلى الطرف المختلف، هذه النظرية قد تطورت إلى نظرية فى أصول الحضارة، والتى فكر فيها فرويد أيضاً. كما استخدمت من قبل بعض دعاة الاتجاه النسوى المحدثين فى تفسير وجود نظام سلطة الأب. ويعد كتاب جولييه ميتشل بعنوان التحليل النفسى والاتجاه الأنثوى (الصادر عام 1978) نموذجاً ممثلاً لهذا الاتجاه.
رابعاً و أخيراً قدم فرويد فى كتابه الذى يحمل عنوان: علم نفس الجماعة وتحليل الأنا (والصادر عام 1921) طريقة لصياغة مفهومية للعلاقات الاجتماعية بالاستناد إلى صور التوحد والاستدماج Introjection، والاسقاط. ولقد استخدمت هذه الطريقة أيضاً من قبل أنصار الاتجاه النسوى الذين يكتبون عن هوية النوع. ومن الأمثلة على ذلك دراسة نانسى شودوروف بعنوان إعادة إنتاج الأمومة، التى صدرت عام 1978.
تأثيره
يُعتبر فرويد أحد المفكرين الذين طغى تأثيرهم في التاريخ. ولذلك فمن اللائق معرفة أفكاره وأبحاثه لأنها تتعلق بالإنسان وكيانه، ودراستها جيدًا لغربلتها وإبقاء ما يتمشى مع الفكر الإسلامي ومثله العليا. وقد رأى لفيف من الناس أن ما كتبه قد غير الطريقة التي كان يراها الناس في الطبيعة البشرية. وكانت أبرز نظريات فرويد هي التي عالجت التحليل النفسي والطب النفسي. وقد عارض كثير من محللي الشخصية والباحثين في علم النفس بعض آرائه في هذين الفرعين من العلوم. إلا أن عمل فرويد في علاج الأمراض العقلية ساعد في وضع أساس التحليل النفسي العصري. أما في علم النفس فقد أثر فرويد بشكل خاص في حقل علم نفس الشواذ ودراسة الشخصية.
أدت نظريات فرويد عن النمو الجنسي إلى مناقشات مفتوحة ومعالجة الأمور الجنسية ومشكلاتها. وكان اهتمامه المكثف بأهمية الطفولة قد ساعد على تدريس قيمة توفير بيئة للأطفال مليئة بالغذاء العاطفي. كذلك أثرت نظرياته في ميادين علم الإنسان وعلم الاجتماع. وقد قبل الباحثون في علم الاجتماع في البيئة الغربية بعض مفاهيمه القائلة بأن علاقات الكبار الاجتماعية تنتظم وفقًا للعلاقات الأسرية الأولى. ويرى عدد من الآباء والمعلمين في الغرب بأن المشكلات السلوكية يمكن أن تأتي من نزاعات الطفل العاطفية. وذهب التأثر بطائفة منهم إلى الحد الذي أصبح فيه عدد من الباحثين في علم الجريمة يرون أن من المجرمين مَن يرتكبون جرائمهم تحت دوافع غير واعية، وأن مثل هؤلاء الناس يمكن مساعدتهم عن طريق الاهتمام النفساني أكثر من اللجوء إلى الزج بهم في السجون.
وفي مجال الفن والأدب تركت نظرية فرويد أثرها على السريالية. والتصوير التشكيلي السريالي والكتابة مثل التحليل النفسي يكتشفان أعماق العقل الباطن. وقد زودت آراء فرويد ومفاهيمه بعضًا من المؤلفين والفنانين والنقاد بمواضيع لتحليلها فنيًا وأدبيًا على ضوء مايراه فرويد. ولكن يبقى فرويد شخصًا من البشر ينتفع الناس منه بما كان مفيدًا، ويتركون ما كان شاذًا لا يتمشى مع العقيدة الصحيحة والمثل الإسلامية العليا.
مؤلفاته
- طالع أيضاً: قائمة أعمال سيغموند فرويد
- تفسير الأحلام
- قلق في الحضارة
- مستقبل الوهم
- موسى والتوحيد
- الشذوذ الجنسي
- تغلب على الخجل
- الجنس عند فرويد
- الذاكرة
- السيكولوجية النفسية
- نقطة الضعف.
- الإدراك.
- ما فوق مبدأ اللذة
- ثلاث مقالات في النظرية الجنسية.
- خمس محاضرات في التحليل النفسي.
- السلوك.
- تطور المعالجة النفسية.
- خمس دروس للتحليل النفسي
- النرجسية الجنسية
- الطوطم والتابو
من أقواله
- يكون المرء في غاية الجنون عندما يحب.
- البشر أقل أخلاقية مما يعتقدون وأكثر فسوقا بكثير مما يمكنهم تخيله.
- نستطيع أن نقاوم الهجوم والنقد، لكننا عاجزون أمام الثناء.
- بالتقدم الذي نحرزه! في العصور الوسطى كانوا سيحرقونني، أما الاَن فهم راضون بحرق كتبي.
- إنه لتدريب جيد أن يكون المرء صادقا تماما مع نفسه.
- ليس بمؤمن من لا يعيش وفقا لإيمانه.
- كما أنه لا يمكن إجبار أحد على الإيمان، فلا يمكن أيضا إجبار أحد على عدم الإيمان.
- الوقت الذي يقضيه المرء مع القطط لا يكون مهدرا أبدا.
-مستلزمات العدالة أول مستلزمات الحضارة.