عدوان

(بالتحويل من العدوان)
من أجل استخدامات أخرى، انظر عدوان (توضيح).

العُدْوان (بالإنجليزية: Aggression) يشير إلى أعمال عدائية أو ضارة أو عنيفة أو التأكيد المتطرف للذات، أو هو تفاعل اجتماعي (عملية التأثير المتبادل الذي يمارسه الأفراد على بعضهم البعض أثناء اللقاءات الاجتماعية) سري أو علني وغالبا ما يكون مؤذيا بقصد إلحاق ضرر أو أذى من شخص لشخص آخر، وقد يحدث إما بشكل تفاعلي أو بدون استفزاز مسبق. عند البشر قد تحدث العدوان بسبب مجموعة متنوعة من العوامل، تتراوح من عدم الرضا عن الذات بسبب عدم تحقيق الأهداف إلى الشعور بالإهانة من الطرف الآخر.

العُدْوان في علم النفس، هو السلوك العدائي الذي قد يؤذي الآخرين أو يضايقهم. وقد يتخذ هذا السلوك شكل الهجوم البدني على الناس أو ممتلكاتهم، أو شكل الشتائم.

يعرف العدوان على أنه "مجموعة من الآليات التي نشأت خلال مسار التطور لإثبات تفوق الذات أو الأقارب أو الأصدقاء ضد الآخرين، بهدف كسب الموارد أو الدفاع عنها (الأسباب النهائية) بطرق مؤذية." غالبًا ما تكون هذه الآليات مدفوعة بمشاعر مثل الخوف أو الإحباط أو الغضب أو الشعور بالتوتر أو الهيمنة أو المتعة (الأسباب المباشرة)، وأحيانًا يكون السلوك العدواني بمثابة تخفيف التوتر أو الشعور الذاتي بالقوة. قد لا يعتبر السلوك الدفاعي أو الافتراس بين أعضاء الأنواع المختلفة من الكائنات عدوانًا بنفس المعنى.

وفقًا للتعريفات المستخدمة بشكل عام في العلوم الاجتماعية والعلوم السلوكية، فإن العدوان هي أي فعل أو رد فعل من قبل شخص ما يتسبب في الشعور بعدم الراحة للشخص الآخر. ووفقًا لبعض التعريفات، يجب أن ينوي الجاني إلحاق الأذى بشخص آخر لكي يوصف سلوكه بالعدوان.

يمكن تصنيف العدوان عند البشر إلى: عدوان مباشرة أوغير مباشرة؛ يتميز النوع الأول بالسلوك الجسدي أو اللفظي بنية إلحاق الأذى بشخص ما، أما النوع الثاني فيكون بغرض الإضرار بالعلاقات الاجتماعية للفرد أو المجموعة.

كما ينقسم العدوان عادةً إلى نوعين أساسيين، الأول يشمل على العدوان الوجداني (العاطفي) بالإضافة إلى العدوان العدائي أو التفاعلي أو الانتقامي ويحدث كرد فعل على الاستفزاز ، بينما يشمل النوع الثاني العنف الفعال أو الموجه نحو الهدف الذي يستخدم كطريقة لتحقيق الهدف.

يصير الناس عُدوانيين لأسباب مختلفة. فالعدوانية قد تكون استجابة تلقائية لتجارب مثل الألم أو الخطر. وفي حالات أخرى، تكون العدوانية تصرّفًا مدبَّرًا محدَّد الهدف. فعلى سبيل المثال، يسلك بعض الناس سلوكًا عدائيًا للحصول على منفعة مثل السلطة، أو المال، أو المجد، أو المتعة. أما السلوك العدواني الآخر، فيُقْصَد به الإيذاء البدني أو النفسي .

ترتبط العدوان والعنف ببعض الحالات المرضية مثل اضطرابات الشخصية المضادة للمجتمع، والاضطرابات الذهانية، وتحت تأثير بعض الأدوية، ويدخل تحت بند العدوان جرائم العنف مثل القتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه والمشاجرات، ويهتم الطب النفسي بتحديد دوافع السلوك العدواني، والعوامل الاجتماعية والنفسية، وأساليب الوقاية والسيطرة على العنف والعدوان.

يمكن أن يكون للعدوان فوائد تكيفية أو عواقب سلبية. يُعرَّف السلوك العدواني بأنه تفاعل اجتماعي فردي أو جماعي معاد بطبيعته بقصد إحداث أذى أو ضرر.

يختلف علماء النفس حول مسببات السلوك العدواني. وقد بُنِيَتْ عدة نظريات على فرْضية تقول إن العدوان استجابة طبيعية للإحباط (العدوان الإحباطي). لكن بعض علماء النفس يشددون على الحاجة لوضع عوامل أخرى أيضًا في الحُسْبان، مثل قابلية تَحمُّل الشخص للإحباط، ووجود هدف للعدوان. وتركِّز نظريات أخرى على التعلُّم الاجتماعي، أي العملية التي يتعلّم بها الأفراد السلوك الذي يتوقعه المجتمع منهم. ووفقًا لتلك النظريات، فإن الناس يتعلمون العُدْوانية لمشاهدتهم العدوان، مثل المشاجرات العائلية، وبرامج العنف التلفازية. كما تشدِّد نظريات التعلّم الاجتماعي على أدوار الجنسين، وهي الاعتقادات الشائعة حول كيفية وجوب سلوك كل من الجنسين، وما إذا كانت ثقافة ما تقدر العدوان.

وماتزال نظريات أخرى تدَّعي أن العدوان ينجم عن الغرائز، أو عوامل الشذوذ الوراثي أو عطب الدماغ.

نظريات العدوان

هناك عدد من النظريات المتتافسة التى تفسر أسباب تحول الناس الى العدوانية. وأكثر تلك النظريات ذات نغمة بيولوجية أو غريزية. وهكذا فان الفيلسوف توماس هوبز -على سبيل المثال يذهب إلى أن الناس جبلوا على العنف، وأن فوضى "حرب الجميع ضد الجميع" أمكن تجنبها بعبقرية وجهد كبيرين. وتشترك العديد من المدارس النفسية فى قبولها لهذا الادعاء، وتذهب إلى أن العدوان يتم تفاديه بواسطة التعليم المكثف أو التنشئة الاجتماعية المصحوبة بمعايير صارمة للضبط الاجتماعى. بعبارة أخرى، فإن التنشئة الاجتماعية وحدها ليست كافية، ولذلك فإن الناس يجب أن يثابوا دائماً على سلوكهم المتحضر وأن يعاقبوا على أفعالهم العدوانية غير المقبولة.

ولكن معظم النظريات السوسيولوجية عن العدوان لا ترجعه إلى البناء التحتى البيولوجى ولا إلى البناء الفوقى النفسى للفرد، ولكن إلى علاقته بالبيئة الاجتماعية. ولعل أكثر هذه النظريات شيوعاً تلك المسماة بنظرية أو فرضية الإحباط - العدوان، والتى تذهب إلى القول بأن السلوك العدوانى ينشأ نتيجة الإحباط وهو شعور سيء ناتج عن أي إعاقة للوصول إلى هدف مُرضٍ (انظر صياغة كلاسيكية فى كتاب دولارد وآخرون، الإحباط والعدوان، الصادر عام 1939). وهكذا، فإن الأطفال قد يهاجمون أقرانهم الذين يستولون على لعباتهم. وسع العالم ليونارد بيركوفيتس فرضية الإحباط العدوان هذه واقترح أن المشاعر غير السارة (وليس الإحباط) هي التي تثير الميول العدوانية، وأن جميع الأحداث المؤلمة التي لها تأثير سلبي تسبب ميولًا عدوانية، فضلاً عن ميول للخوف.

وقد انتقدت هذه النظرية مع ذلك، بسبب عدم قدرتها على تفسير الظروف التى لا يفضى فيها الإحباط إلى سلوكيات أخرى غير العدوان. (فبعض الأطفال على سبيل المثال قد يؤثرون الانسحاب بهدوء فى مثل هذه المواقف). وقد ارتبطت هذه الأطروحة (الإحباط - العدوان) أيضاً بالأعمال المبكرة لسيجموند فرويد الذى ذهب إلى القول بأن الإحباط - إعاقة الأنشطة الهادفة إلى الاستمتاع و إلى تجنب الألم، يفضى دائماً إلى العدوان، إما نحو المصدر المدرك لهذه الإعاقة، أو (فى حالة قمعه) فإنه يستبدل بموضوع آخر للعدوان. (وقد افترض فرويد فى مرحلة لاحقة أن العدوان ينتج عن غريزة الموت -الثاناتوس).

وثمة توجه نظرى ثالث - يضم نظريات التعلم - التى ترى العنف كنتاج للتنشئة الاجتماعية الناجحة والضبط الاجتماعى. أى أن السلوك العدوانى بصفة عامة والسلوك العنيف بصفة خاصة يحدث حيثما يكون متوقعا، حتى فى ظل غياب الإحباط. فأعضاء الثقافة الفرعية، على سبيل المثال، قد يتعلموا أن يتصرفوا وفقا لمعايير العنف التى تم تعريفهم بها على أنها مقبولة اجتماعياً، كما هى الحال حيث يكون استخدام القوة (مثل الملاكمة) مرتبطا بالذكورة. وبالمثل، فإن الجنودفى الجبهة والمراهقين فى العصابات قد يشعرون بأن العنف أمر مقبول و أنه ما يجب أن يكون، لأنهم قد نشئوا على الاعتقاد بأن الأمور تسير على النحو الذى يجب أن يتوقعوا فيها أن يحوزوا قبول الآخرين ويحققوا قدرا من الهيبة إذا ما تشاجروا بشجاعة وهم يأملون أن يتجنبوا التعنيف أو الاستهجان المترتب على جبنهم.

اقرأ أيضاً