كارل يونغ

كارل غوستاف يونغ (بالألمانية: Carl Jung)، (26 يوليو 1875 - 6 يونيو 1961)، عالم سويسري مختص في علم النفس والطبّ النفسي والتحليل النفسي. أسهم بقسط وافر في بيان اللاشعور وفي تطوير مجال علم النفس التحليلي. وقد تخطت دراساته علم النفس وأثَّرت على مجالات أخرى شملت علم الأجناس، والفلسفة، واللاهوت. أصبح لفترة من الوقت الوريث الشرعي لسيجموند فرويد، الذي طور أسلوب العلاج المسمىالتحليل النفسي، على الرغم من أنه كان قد انفصل نهائياً عن فرويد فى عام 1913 بسبب عدم قبوله للأهمية الفائقة التى عزاها فرويد للجنس. ولكن كلاهما أكد تأثير الوعي واللاوعي على سلوك الإنسان. وتعد أعمال يونج ذات طابع أكثر روحانية من أعمال فرويد، قدم فيها تحليلات لدورة الحياة وللرمزية، ولكنه - بالقياس إلى فرويد - ظل محل تجاهل علماء الاجتماع على نحو غير مفهوم. ويقدم أنتونى ستور فى كتابه يونج، الصادر عام 1989 مدخلاً جيداً لفهم أعمال يونج.

استخدم يونج مصطلحيانطوائي ومنبسط لتصنيف الناس. وطبقًا ليونج يعتمد الانطوائيون بصفة أساسية على أنفسهم لتلبية احتياجاتهم الشخصية، أما المنبسطون فيؤثرون صحبة الآخرين لإرضاء متطلباتهم. وكان ينادي بأن يقوم المختصون بالمعالجة بمساعدة المرضى على إيجاد توازن بين النوعين المذكورين من الشخصية داخل أنفسهم.

واعتقد يونج أيضًا أن هناك عدة عوامل بجانب الجنس تحفز سلوك الإنسان. وأن الأبوين هما المؤثران الرئيسيان على الطفل. وخلافًا لفرويد، اعتقد بأن الجنس لايكون ذا أهمية حتى المرحلة التي تسبق سن البلوغ عند الصبيان. ومثله مثل فرويد، اعتقد يونج أن العقل الباطن (اللاوعي) يحتوي على دوافع شخصية وتجارب لايعيها الشخص، إلا أنه اعتقد أيضًا أن المنتسبين لكل جنس يشتركون في مستوى أعمق من اللاوعي أطلق عليه اسماللاوعي الجماعي. استنتج يونج أن اللاوعي الجماعي يشمل أنماطًا فكرية تدعى الطراز البدئي الذي نما عبر القرون. وتصور أن الطراز البدئي يمكِّن الناس من التفاعل مع أوضاع تتشابه في سماتها مع الأوضاع التي عاشها أسلافهم. ولهذا السبب اعتقد يونج أن اللاوعي الجماعي يحوي الحكمة التي توجِّه الصفات البشرية. واعتقد أيضًا أن العلاج النفسي يربط بين الناس واللاوعي الجماعي.

أسهمت دراسات يونج في علم الأساطير في إقناعه أن القوى الخارقة للطبيعة متأصلة بعمق في اللاوعي الجماعي. وكان يعتقد أن الدين يؤدي دورًا رئيسيًا في حياة الناس، من خلال تمكينهم من التعبير عن حاجة كامنة في اللاوعي لضرورة التجربة الدينية.

حياته

نشأته

ولد كارل غوستاف يونغ في 26 يوليو عام 1875 في بلدة كيسول من مقاطعة ثورغاو بسويسرا لأب كان يعمل قسيسًا كالفينيًّا في الكنيسة الأنجيلية بسويسرا، وكانت أسرة يونغ عريقة في المجال الديني وكذلك جده لأمه، لذلك كانت الكنائس والمقابر هي مكان طفولته. ومنذ صغره كان لديه اهتمام دائم بالخرافات والأساطير والسحر. كان طفلاً غريبًا ولم يكن له إخوة وأخوات ولذا فلم يكن أمامه سوى أن يتخيل ألعابا بل وأن يلعبها مع نفسه لذلك كان يونغ في طفولته الأولى شديد الحساسية ويميل للعزلة واللعب منفردا، أما في تلمذته فقد كان يميل للعلوم الخاصة، خاصة الجيولوجيا والحيوان والحفريات وكان شديد الاهتمام بالعقائد الدينية المختلفة والحضارات الإنسانية والآثار خاصة ما تعلق باليونان ومصر وعصور ما قبل التاريخ مع ميل واضح للتأمل والتفكير.

يقول يونغ إن حياته الفكرية بدأت بحلم رآه في الثالثة من عمره. حصل على منحة دراسية في جامعة بازل لدراسة الطب وتوفي والده وهو يبلغ من العمر 20 عاما وأحب يونغ الحياة الجامعية وكان يلتهم الأعمال الفلسفية وخاصة أعمال كانط ونيتشه بالإضافة إلى الكتب والمراجع الطبية، ودرس الروحانيات والظواهر الخارقة للطبيعة. أصبح يونغ عضوًا في جمعية الخطابة والمناظرة التي يطلق عليها نادي زوقنجيا. واستطاع يونغ أن يكشف شيئًا نال إعجاب وتقدير الجميع وهو الروح البشرية. كانت أفكاره تنادي بوجود توجهين للروح. أحدهما ينحو نحو الشئون الحياتية والآخر ينحو نحو عالم الروحانيات. وهناك حدثت بعض الأشياء ليونغ واعتقد يونغ أنه يجب عليه حضور جلسات استحضار الأرواح. ظلَّ يونغ يحضر هذه الجلسات على مدار عامين كاملين وكانت ابنة عمه هيلين بريسورك هي الوسيطة الروحية وكان والدها المتوفي صموئيل بريسورك هو مرشدها الروحي. وتوقف عن الذهاب لتلك الجلسات عندما بدأت هيلين تستغرق في تلك الاستحضارات ولم يكن يعلم يونغ بأن هيلين مغرمه به وكل ماتفعله لجذب انتباهه. وبذلك تكونت عند يونغ شخصيتان كانت الشخصية الأولى منغمسة في الأمور الحياتية، ويمكن أن تنفجر مشاعرها لأي موقف عاطفي. أما الشخصية الثانية فهي تؤمن بالخرافات وبعالم الخوارق، حيث كان يونغ يشعر أنه على صلة بالعالم الآخر. ويبحث عن كُنه ذلك الشيء الغريب الذي يدخل الجسد عند الميلاد ويغادره عند الوفاة، ولقد أدى به ذلك إلى أن يدرك أن ضالته المنشودة هي الطب النفسي الذي شرع ابتداءً من عام 1890 في دراسته كعلم ومهنة في آن واحد.

حياته اللاحقة

في عام 1895م، دخل يونج جامعة بازل لدراسة علم الآثار. ولكن اهتماماته تغيرت وتأهل طبيبًا في جامعة زيوريخ عام 1902م، وبدأ ممارسة الطب النفسي في بازل. بدأ حياته العملية بالتدرب على ممارسة الطب النفسي عام 1900 وذلك عندما أصبح طبيبًا مساعدًا تحت إشراف أويجن بلويلر Eugen Bleuler في مستشفى الأمراض العقلية في برجولزلي Burgholzli في زيورخ سويسرا، وهي مصحة ملحقة بجامعة زيورخ وكانت تحت إدارة الدكتور إيوجين بلولرو. استمرت أبحاث يونغ تحت إشراف هذا الدكتور إلى أن تطور يونغ في هذا المجال. ولم تكد سنة 1900 تدخل حتى أصبح يونغ كبير الأطباء ومحاضرا في كلية الطب بجامعة زيورخ.

في عام 1902 توجه كارل يونغ إلى باريس ودرس عند جانيت Janet فترة من الزمن ارتقى في خلالها إلى رتبة طبيب رئيسي. وفي ميدان التطبيق عمل تحت إشراف إيوجين بلولر ثم أصبح معاونا له فيما بعد. وكان من نتيجة الأبحاث التي قام بها في فرنسا منهج البحث الجديد الذي عرف باسم اختبارات التداعي Association tests وقد نشر عددا من المقالات أكسبته شهرة واسعة وكان قد منحته جامعة كلارك (مساتشوستس) درجة الدكتوراه الشرفية. ونشر في هذه الفترة "دراسات في ترابط الكلمات"؛ وفيها ابتكر لأول مرة الاصطلاح "مركب" ( أو "عقدة") الذي اشتهر اشتهاراً واسعاً جداً فيما بعد. ثم نشر كتابه ("علم نفس الجنون المبكر" (سنة 1906 - 1907).

وكان في غضون ذلك يقوم بإرساء قواعد الطب النفسي التحليلي واستخدم في وقت مبكر من حياته العملية نظريات التحليل النفسي التي استحدثها فرويد ويثبت تجريبيا ماذهب اليه سيغموند فرويد نظريا مما جعله يقابله شخصيا في عام 1907 وأثمر هذا اللقاء عن صداقة دامت عدة سنوات أشرف يونغ خلالها على تحرير المجلة الحولية التي كان يصدرها فرويد وبويلر. وفي عام 1911 انتخب يونغ أول رئيس لجمعية التحليل النفسي الدولية التي أنشأها هو بنفسه. في عام 1930 منحته الجمعية الألمانية لعلم العلاج النفسي رئاستها الفخرية، وفي عام 1932 كرمته بلاده فاستلم جائزة مدينة زيورخ للآداب، وفي عام 1933 عينته الجمعية الطبية العامة الدولية لعلم العلاج النفسي رئيسا لها. وفي عام 1936 قلدته جامعة هارفارد بمناسبة ذكرى احتفالها بالذكرى المئوية الثالثة لتأسيسها. وفي عام 1938 منحته جامعة أوكسفورد درجة دكتوراه شرف في العلوم وقد كانت أول درجة من نوعها يحصل عليها عالم نفسي في إنجلترا وفي عام 1943 عُيِّن عضو شرف في الأكادمية السويسرية للعلوم الطبية وفي عام 1944 رصدت له جامعة بازل كرسيا خاصا به لتدريس علم النفس وفي عام 1945 منحته جامعة جينيف درجة دكتوراه شرف.

وتوفي في 6 يونيو سنة 1961 في كوسنخت بجوار زيورخ.

عائلته

تزوج في 14 فبراير عام 1903 «إيما» Emma Rauschenbach وهي تنحدر من أسرة سويسرية-ألمانية عريقة وأنجب منها ولدا واحدا يسمى «فرانز» ولد في 28 فبراير 1908 و 4 بنات («أجاث» ولدت في 28 ديسمبر 1904, «جريت» ولدت في 8 فبراير 1906, «مريم» ولدت في 20 ديسمبر 1910, «هيلين» ولدت في 18 مارس 1914) ومنذ عام 1911 أصبحت «أنتوينا ولفا» عشيقة ليونغ واستمرت علاقتهما حتى وفاتها عام 1952. سمحت كلتا السيدتين بالعلاقة الثلاثية. عملت كل من «إيما» و«أنتونيا» كمساعدتين ليونغ. توفيت زوجة يونغ «إيما» عام 1955. كانت زوجته في سنواتها الأخيرة خير عون لزوجها وخير صديق.

علاقته مع فرويد

أدت أعماله إلى تقاربه مع سيجموند فرويد حيث توثقت أواصر الصداقة بينهما لسنوات طوال، حيث بدأت صداقتهما منذ عام 1906 واستمرت لعام 1913. وكان أول لقاء بينهما في مدينة فينا في عام 1907، فتعاونا على البحث معا في ميدان الأمراض النفسية. وفي عام 1909 سافر يونغ وفرويد إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليحاضرا في جامعة كلارك عن التحليل النفسي. وكان فرويد يطمع أن يخلفة على عرش التحليل النفسي، ولكن أراء يونغ وتجديداتة أدت إلى القطيعة بينهم، وذلك لوجود اختلافات نظرية في التحليل النفسي، حيث بدأ يونج يعتقد أن فرويد اهتم أكثر من اللازم بالغرائز الجنسية في سلوك الإنسان. وقد أدى عدم تركيز يونج على الجنس إلى تخليه عن فرويد وانتهاء صداقتهما في عام 1913م. وبدلاً من ذلك عنى بتعمق دراسة فكرته التى ابتدعها، أي "المركبات" أو "العقد" النفسية، وأكد العقد الحالية وقال إنه أهم من عقد الطفولة في تفسير العصابات neuroses. ولما نشر كتابه "علم نفس اللاشعور" (سنة 1911 - 1912) أدى ذلك إلى انفصاله عن فرويد في سنة 1913، واختير رئيساً للجمعية الدولية للتحليل النفسي من سنة 1910 إلى 1914.

الاختلافات النظرية

اعترف يونغ في عام 1906 أثناء دراسته للعته المبكر وتجارب تداعى الكلمات بأنه مدين للاكتشافات التي أحدثها فرويد. ولكنه كان غير متحمس لطريقة فرويد في العلاج النفسي وإصراره على النشاط الجنسي الطفولي المبكر. وظهر الخلاف بينهما علنا في محاضرات يونغ في فوردهام (نيويورك) عام 1912، كان من المفترض أن يكون يونغ ممثلا مدافعا عن التحليل النفسي لكنه تحدى مبادئ فرويد ويؤول كل شيء يتفق مع فكرته هو عن التحليل النفسي. اتفق يونغ مع فرويد أن الهيستريا والوسواس يمثلان إحلالا شاذا للطاقة الجنسية الليبيدو ولكن الحالات الذهنية مثل الفصام في الشخصية أو الشيزوفرينيا لا يمكن تفسيرها على ضوء الاضطرابات والطبيعة الجنسية وذلك لأن مرضى حالات العته المبكر يفقدون الصلة تماما بالواقع وبالتالي التجاهل التام لوظيفتها الجنسية.

ومنذ أن انفصل عن فرويد في سنة 1913 شق يونغ طريقه بنفسه، وكون آراءه الرئيسية في علم النفس، ونذكر منها: وصف الأنماط النفسية (النفس المنطلقة والنفس المنطوية / extraversion introversion) في سنة 1921، ونظرية الطاقة النفسية (سنة 1928) التى أكد فيها الغائية تجاه العلية الفاعلية؛ تصور الرمز بوصفه محولاً للطاقة (سنة 1928)؛ اكتشاف "اللاشعور الجماعى" بأنماطه الأولية بوصفه أساساً للاشعور الفردي؛ فكرة البسوخيه Psyche بوصفها جهازاً ينظم نفسه بنفسه، ويعبر عن نفسه في عملية الفردانية (التفرد individuation). وقد توسع في دراسة البسوخيه في الشطر الأخير من حياته وراح يتلمس تجلياتها في رموز الدين، وفي الأساطير، وفي علم الصنعة (الكيمياء القديمة).

الخيال الخالق للأساطير

علاقة يونغ بفيليمون

من منظور الطب النفسي، كان يونغ يتحدث مع نفسه وفيليمون. وهذا لم يكن سوى وهم أو عارض نفسي شبيه بالهلوسة أو الأوهام والأصوات التي يعاني منها المريض وإذا نظرنا لأعمال يونغ اللاحقة في علم النفس فسوف نطلق على فيليمون (الطراز الأول للروح) والذي هو نتاج عن اللاشعور الممتلئ بالأخيلة التي تعمل على إرباك وتشويش المريض إلا أنه ينبغى ألا تغفل أنها هي الرحم الذي يتفق عليه الخيال الخالق للأساطير الذي يتلاشى من عصرنا المغرق في العقلانية على الرغم من أنه موجود في كل مكان فإنه ممقوت ومحرم.

يونغ والمندالا

المندالا كلمة سنسكريتية معناها: الدائرة السحرية. وبدأ يونغ يرسم دوائر صغيرة كل صباح. التي تشبه المندالا التي تستخدم في تمارين التأمل الروحي. في سيكولوجية يونغ ترمز المندالا إلى المركز أو الهدف أو التفسير. رأى يونغ أن المندالا تعود بكل شيء إلى نقطة مركزية مفردة، كما رأى أن التركيب الدائري للمندالا يرمز للذات وهي المحصلة لكلية للفرد، مشتملة الشعور واللاشعور وهي المفوضة بحمل على كل ما هو ذات معنى أو هدف يسعى الفرد لتحقيقه.

نظريات يونغ

اللاشعور

كان علم النفس عند نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قد أدرج "اللاشعور" بين المعاني الرئيسية في علم النفس، بعد أن أكده وبين دوره إدورد فون هرتمن في كتابه "فلسفة اللاشعور" (سنة 1869 ومن قبله كارل جوستاف كاروس (1789 - 1869) في أبحاثه في اللاشعور. وحوالي نهاية القرن التاسع عشر قامت محاولات عديدة في وقت واحد تقريباً وفي استقلال بعضها عن بعض - من أجل فهم اللاشعور بواسطة التجريب. وكان الرواد في هذا المجال هم بيير جانيه Pierre Janet في فرنسا، وسجموند فرويد في النمسا. واشتهر جانيه بأبحاثه في الناحية الشكلية، وفرويد بأبحاثه في مضمون الأعراض النفسية التكوينية Psychogenic. فقام فرويد، انطلاقاً من أعراض العصابات، باتخاذ الأحلام وسائط للمضمونات اللاواعية. وقد خيل إليه - هكذا يقول يونج - أن عناصر اللاشعور "قد كُبتت بسبب طبيعتها غير الملائمة أخلاقياً. وهكذا فإنها، مثل مضمونات منسية، كانت قبل ذلك شعورية ثم تسامت، ومن غير الممكن استعادتها، بسبب تأثير مارسه موقف العقل الواعي ... وهذا الكشف الأولي أدى منطقياً إلى تفسير اللاشعور على أنه ظاهرة كبت repression يمكن أن يفهم بمعان شخصية إن محتوياته كانت عناصر مفقودة كانت قبل ذلك ذات يوم شعورية. وأقر فرويد بعد ذلك باستمرار وجود بقايا عتيقة على شكل أحوال أولية للعمل، وإن كانت هذه فُسرت عل نحو شخصي، ووفقاً لهذ ا الرأي فإن البسوخيه اللاشعورية تبدو ملحقاًمتساومياً subliminal للعقل الواعي. والمحتويات التي رفعها فرويد إلى الوعي (الشعور) هي تلك الأسهل في الاسترداد، لأن لها قدرة على أن تصير واعية (شعورية) وكانت في الأصل واعية" (يونج: "روح علم النفس" في "هذه فلسفتي" ص 130، لندن سنة 1958).

ويوضح يونج أن اللاشعور ليس هو اللامعروف فقط، بل هو بالأحرى "النفسي اللامعروف" unknown Psychic، ونعنى به، من ناحية، كل الأشياء الموجودة فينا، والتى لو صارت شعوراً، من المحتمل ألا تختلف عن المحتويات النفسية المعروفة، مع إضافة النظام شبه Psychoid system من ناحية أخرى. فاللاشعور، معرفاً على هذا النحو، يمثل حالة غامضة تماماً غير محددة: إنه كل شىء أعرفه، ولكنني لا أفكر فيه الآن؛ وكل شيء كنت واعياً به ذات مرة لكنني نسيته الآن؛ وكل شيء أدركته حواسي، لكن لم يسجله عقلي الواعي؛ وكل شيء أشعر به، وأفكر فيه، وأتذكره، وأحتاجه، وأعمله، لكن على نحو غير إرادي ودون انتباه إليه؛ وكل الأمور المتقبلة التى تتخذ لها شكلاً في نفسي وستبلغ مرة مرتبة الوعي: ذلك هو محتوى اللاشعور.

اللاشعور الشخصي والجماعي

أما اللاشعور الشخصي فيقوم في المركبات (أو العقد) Complexes، التي هي أنسجة من الأفكار والانفعالات التي كبتت في الشعور، لأن الشعور وجدها مؤلمة في الاقرار بها، وكذلك من إدراكات الواقع التي لم تشق طريقها أبداً إلى الوعي. وهكذا فإن كل لا شعور شخصي عند فرد ما يمكن - إلى حد ما - تفسيره عن طريق تاريخ حياته. لكن بعض ملامح اللاشعور الشخصي مشتركة بين كل الأفراد وليست مشتقة من تاريخ الفرد الشخصي.

ويستخدم يونج فكرة اللاشعور الجماعي لتفسير ليس فقط ما يحدث في الأحلام، بل وأيضاً تكرار ظهور نفس الرموز والموضوعات، في أوقات مختلفة متباعدة وأماكن نائية، في الأساطير والأديان. لقد وجد يونج في أحلام ورسوم بعض المرضى مادة تشبه كثيراً ما يوجد في كتب الأديان الشرقية.

وزيادة الفهم العلمي أدت إلى تجريد العالم الطبيعي والاجتماعى من جانبه الإنساني. فمثلاً تفسير الرعد تفسيراً علمياً وليس على أنه صوت إله معناه إبعاد الانسان عن الطبيعة الخارجية. وزوال الاعتقاد في الآلهة والجن قد أدى إلى انعدام إدراك الانسان للقوى الموجودة في الطبيعة الإنسانية. ومن ثم صار الإنسان العصري فريسة للاضطرابات النفسية.

ولهذا يحتاج الناس إلى عقائد وتجارب دينية قوية، لأنهم في الشكل الديني يستطيعون أن يلتفوا بمضمونات اللاشعور الجماعي وأن يقبلوها - ويرى يونج أنه لا يمكن بيان أن العقائد الدينية صحيحة، وفي الوقت نفسه لا يمكن أيضاً بيان أنها باطلة.

الغرائز والطرز الأولية

اكتشف يونغ أن الأوهام التي تنتاب المجانين تبدو على أنها تستمد زخمها من مخزون جمعي من الصور والرموز والخيالات المماتة. تأكدت لديه فكرة وجود هذه الخيالات عندما قابلها جميعا في رحلته البحرية (نيكيا). في عام 1919 استخدم يونغ مصطلح (الطرز الأولية) الصور البدائية مشيرا إلى هذه الذاكرة، كما افترض وجود عقل لا واع جمعي بالإضافة إلى اللاوعي الفردي، حيث يتكون هذا الأول من شقيق هما الغرائز والطرز الأولية وتعتبر الغرائز بمثابة الدوافع التي تنفذ حركتنا كما تحمل صبغة بيولوجية شبيهه بغريزة. كذلك الغرائز هي التي تحدد أفعالنا. إلا أن هناك طرائق للفهم سليقية ولا واعية وتسمى هذه الطرز الأولية وهي أشكال فطرية من (الحدس) وتمثل محددات مهمة في جميع العمليات النفسية. فكما أن الغرائز تحدد أفعالنا كذلك فإن الطرز الأولية تحدد طرائق فهمنا وتنقسم الغرائز والطرز الأولية بصفة جمعية لأنهما معنيتان بالمكونات العالمية المتورثة والتي تمتد إلى ما وراء كل شخصي أو فردي النزعة كما أنهما متلازمتان ولا عمل لأحدهما بمعزل عن الآخر.

الطرز الأولية والصور الذهنية

ميّز يونغ بين الطراز الأولى بذاته والصورة الذهنية، فلا يمكن معرفة الطراز الأولى إلا باستنتاج، حيث إنه ليس واعٍ بطبيعته، بينما نجد أن الصور الذهنية الأولية تقحم نفسها في الوعي، كما أنها هي الطريقة التي ندرك من خلالها الطرز الأولية ونفسرها لأنفسنا. ولذلك فإن الطرز الأولية أو طرائق إدراكنا قد تنكشف أو تنحجب من خلال الصور الذهنية.

الأحلام

كان يونغ يؤمن أن الأحلام تكشف عن الحقائق النفسية، بل وقد تقدم أحياناً نبؤات صادقة ويقول يونغ أن الحلم ((باب خفي في تجاويف النفس، أعمقها غوراً وأخفاها سراً، مفتوح على ذلك الليل الكوني من النفس قبل أن يكون ثمة أنية واعية بزمن بعيد، النفس التي سوف تبقى نفساً مهما امتد الزمان بأنيتنا الواعية....الواعية مفرقه؛ لكننا في الأحلام نشبه ذلك الإنسان الكلي، الخالد القابع في ظلمة ليل البدء. هو الكل ما يزال ثمة، والكل فيه، غير متمايز من الطبيعة، عارياً من كل أنية. من هذه الأعماق الجامعة الكلٍ، ينشأ الحلم لا شيء أكثر منه طفولية، ولا شيء أكثر غرابة ولا شيء أقل منه خلقاً)) إن الأحلام عند يونغ، تسهم في صنع العالم الخارجي فيما تستشف المستقبل البعيد وتسوق الإنسان سوقاً نحو تحقيقها.

مكونات الشخصية عند يونغ

إنطوائي وانبساطي

قسم يونغ الطاقة النفسية، مثل كرتشمر، إلى اتجاهين أساسين هما: الانبساطي أو الشخصية المنفتحة extraverted type وهي الشخصية الاجتماعية والمتفائلة، والاتجاه الانطوائي التي هي أميل إلى الانسحاب من الواقع، وأقل اجتماعية، وأكثر انغماساً في حياتها الباطنة. وهما موجودان في كل إنسان لكن بدرجات متفاوته. تستطيع أن ترى هذه الاتجاهات في الفلسفات المتصارعة لكل من فرويد ويونغ. يميل الانطوائيون والانبساطيون إلى عدم فهم بعضهم البعض بل وعدم احترام الطرف الآخر. ولا يمكن للانطوائية والانبساطية أن يعملا معا في نفس الوقت وبنفس الدرجة. ذاع صيت هذا التصنيف الذي وضعه يونغ وأصبح العامة يتناولون مصطلحات الانبساط والانطواء في أحاديثهم العادية.

ورافق هذا التمييز تمييز بين أربع وظائف للشخصية هي: الإحساس، التفكير، الشعور، والعيان intuition ويقصد بالإحساس: كل ما نكتسبه بالادراكات الحسية؛ وبالتفكير: المعنى العادي لهذا اللفظ. أما الشعور فهو القدرة على تقويم الإنسان لنفسه ولغيره من الناس. أما العيان - عنده - فهو إدراك الوقائع التي لا تدرك عن وعي، وهو يعمل تلقائياً لحل المشاكل التي لا يمكن حلها بطريقة عقلية.

وهو يميز بين أنماط الشخصية وفقاً للوظيفة السائدة من بين هذه الوظائف الأربع ووفقاً لكون الشخص منفتحاً أو منطوياً. فمثلاً: المنفتح الذي تسود فيه وظيفة التفكير ينجذب إلى الوقائع ويهتم بترتيبها ترتيباً عقلياً، ويقلل من قيمة الانفعالات، وبهذا يصير خاضعاً بين الحين والحين لانفجارات للانفعال لا يتحكم فيها وربما لا يتعرفها. أما النمط المنطوي الذي يسوده التفكير فلا يرى للوقائع قيمة في ذاتها، وإنما قيمتها عنده هي فقط في علاقتها بقدرته الخلاقة على وضع النظريات وابداع الأفكار. وكلا النمطين من التفكير مصحوب بوظيفة شعور غير نامية، لأن التفكير والشعور متضادان في جوهرهما ومتعاديان.

ومن رأي يونج أن من النادر وجود شخص هو نموذج خالص لواحد من هذه الأنماط. وإنما الغالب أن تسود إحدى الوظائف الأربع، معدلة بحضور واحدة من الثلاث الأخرى. وفي الشخصيات الأكثر تعقيداً يمكن أن توجد وظيفتان معاً مسيطرتين، وأندر من هذا أن توجد ثلاث وظائف مسيطرة معاً؛ لكن دائماً توجد وظيفة مهملة أو غير معترف بها.

القناع والظل

وميز يونج بين «الشخص» persona و«الظل» Shadow. وكلمة «برسونا» هو مصطلح يوناني قديم ومعناه القناع؛ وقد إتخذه يونغ ليصف به الوجه الذي يتقدم به الإنسان للمجتمع؛ فالشخص هو القناع المقبول عند الناس اجتماعياً والمفروض من الجماعة، والذي وراءه يقيم الأنا الحقيقي. وهذا القناع يكون مشروطاً بوضع الفرد الاجتماعي ووظيفته وجنسيته وهناك العديد من الأقنعة التي نلجأ اليها في المواقف المختلفة ولكننا نتبنى قناعاً عاما يقوم بالأساس على نمط الوظيفة العليا لدينا (التفكير على سبيل المثال) حيث أن ذلك النوع يكون أسهل الأقنعة استدعاءً. ووجود هذا القناع ضرورة لا مفر منها، لكن الأنا قد يخفق في تحقيق ذاته إما بوضعه هوية قوية بينه وبين شخص، أو بعدم تنمية شخص موافق على الاطلاق. ويعتمد التوازن والصحة النفسية على تبني قناع تكييفه جيداً، حيث يجعل هذا القناع التبادل الاجتماعي أمراً ممكناً. يؤدي القناع الكامل أن تصبح الشخصية أحادية الجانب وقاسية، ومغتربة عمن حولها.

والمقابل للشخص هو الظل، هو الجانب الأسفل من الشخصية. ومحصلة كل العناصر الفردية والجماعية التي لا تتوافق مع الموقف الذي تتخذه الواعية (الشعور). والظل هو الشيماء الذي لا يريد الفرد أن يكون عليه. ويتألف من مجموع الشهوات، والانفعالات، والمواقف، التي رفضت وحبست، والتي تشخصها في الأحلام على هيئة معادية أو كريهة. والظل في جوهره طفولي، لأنه لم تمسه عملية النضوج أو التربية. وعجز المرء عن تعرف ظله هو دائماً خطر محتمل على شخصيته، لأن الظل غير المتعرف وغير المقر به أقوى وأشد نزاء من الظل المقر به المتعرف. ويكون الظل من نفس جنس الفرد ومن الممكن أن يظهر على هيئة الأحلام والأوهام أو أن يتم إسقاطه، ويقول يونغ (يشخص الظل كل ما ترفض الذات الاعتراف بأنه فيها. ومع ذلك يقحم نفسه عليها مباشرة أو مداورة. كأن يكون فيه صفات دنيا أو ميول أخرى لا تتوافق مع الذات)

الأنيما والأنيموس

وعل الرغم من أن لكل فرد ظلاً، فإنه لما كان الظل هو ناتج ما كبته شعوره الخاص، فإنه ينتسب إلى اللاشعور الشخصي. لكن يوجد إلى جانبه في اللاشعور الشخصي قوة أكبر هي «الصورة» image، والصورة تكون المؤنت في الرجل، والمذكر في المرأة، ويسميها يونج باسم anima «أنيموس» وanimus «أنيموس» على التوالي وهما الإسمين اللاتينيين للذكر والأنثى. وعادة ما يمثل صورة الروح على هيئة الجنس المخالف لجنس الفرد. صورة الروح لدى المرأة هي مذكر (الأنيموس)، صورة الروح لدى الرجل هي مؤنث (الأنيما). تظهر صور الروح في الأحلام مثل (فتاة الأحلام) والأساطير والخرافات والأوهام ولكن ممكن إسقاطها عن طريق انطباعات ذهنية مشوشة عن الجنس الآخر. من هنا تنشأ قدرة الرجل والمرأة على فهم كل منهما الآخر بما يملكه في نفسه من جزء منه؛ والدليل على امتلاك كل منهما جزء من الآخر .

الـ anima لا تتحدد بتاريخ الإنسان الخاص، بل تتحدد بالكيفية التي بها الجنس المضاد يُدْرَك أو يُساء إدراكه. والـ anima صورة جماعية موروثة للمرأة بما هي امرأة. وهكذا فإن ما يهم الطفل ليس فقط كيف تعامله أمه؛ بل إن تجربته مع الأم تنتج من أمرين: السلوك الحالي للأم، والكيفية التي بها الـ anima تحدد نظرته إليها وشعوره نحوها. وربط يونج بين الـ animus ووظيفة التفكير، وبين الـ anima ووظيفة الشعور، على أساس افتراض أن التفكير أكثر سيطرة في الرجل، والشعور أكثر سيطرة في المرأة.

والـ animus والـ anima ينتسبان إلى اللاشعور الجماعي للإنسانية؛ وهما من بين الأنماط العليا archetypes، أي الميول الموروثة للعمل النفسي الموجود في اللاشعور الجماعي. ومن بين الأنماط العليا الأخرى الرئيسية: الشيخ الحكيم، الأرض الأم، والذات. والنمط العالي يلعب أدواراً متعددة: فهو ليس فقط يكيف الطرق التي تبعاً لها تتكون تجربة شعورنا، بل هو أيضاً يستطيع أن يظهر مباشرة في عدد من التقنعات في الأحلام والتهاويل، وقد يسيطر على الشخص سيطرة تجعله يضع هوية بين ذاته وبينه. وإذا حدث هذا تكون الشخصية في خطر.

الأنا (الأنية) Ego والذات (النفس) Self

يضع يونج الذات self في مقابل الأنا ego. فالأنا هو المركز الفعلي للشعور الذي يعطى للفرد إحساسه بالهدف والهوية وينظم العقل الواعي كما يتوسط بين الوعي واللاواعي، ويعتبر الأنا بمثابة الضوء الهادئ للوعي والذي لا بد من الإعتناء به. أما الذات فهي مفهوم الوحدة الشخصية ككل ومركز اللاشعور. والرؤى الدينية ، والأحلام ، ويرمز لها بالدائرة والمربع والرباعية والمندالا. فالشكل السحري الذي يسميه البوذيون مندلا mandala كلها صور لوحدة ممكنة تكون فيها الذات في المركز. وتحقيق هذه الوحدة لدى أي انسان مهمة تنتسب خصوصاً إلى النصف الثاني من العمر. أما في النصف الأول فإن الفرد مضطر إلى الانشغال بعمله، وبالزواج، وتربية أولاده. وحين تنجز هذه الأشغال، فإن على الفرد أن يتفاهم مع نفسه. ومن هنا تجيء الأزمة النفسية التي تحدث في أواخر الأربعينات من عمر الإنسان.

ويقول يونغ (أن النفس كم يعلو على (الأنية) الواعية وهي لا تشتمل الواعية وحسب، وإنما على النفس غير الواعية أيضاً ولذلك هي ما نحن، إن جاز لنا التعبير والأمل ضئيل حتى في الوصول إلى درجة قريبة من النفس الواعية، لأننا مهما بلغ بنا الوعي يظل ثمة مقدار غير مححدة، وغير قابل للتحديد، من المادة غير الشعورية التي لها صلة بكلية النفس) والذات ليست فقط هي المركز ولكنها أيضا المحيط الكامل الذي يطوق كلاً من الوعي واللاوعي. إنها مركز هذه الكلية، مثلما الأنا مركز العقل الواعي.

الكتاب الأحمر

في عام 1913 في سن الثامنة والثلاثين عانى يونغ من تجربة مريرة من «المواجهة مع اللاوعي». كان يرى صوراً ويسمع أصواتاً. كان قلقا من احتمال إصابته بانفصام الشخصية. كان يكتب كل ما يراه ويسمعه في كتاب له جلد أحمر سماه فيما بعد بالكتاب الأحمر. كتابة هذا الكتاب امتد لستة عشر سنة عاشها يونغ بعزلة. اعتبر يونغ أن هذه الفترة كانت فترة خاصة وثمينة في حياته وأثرت في طريقة تفكيره. وبعد وفاة يونغ احتفظت عائلته بهذا الكتاب في أحد المصارف السويسرية، وظلَّ الكتاب محجوب عن الباحثين والقراء حتى وافقت أسرته على إصداره في عام 2009, وذلك بعد محاولة الكاتب Sonu Shamdasani إقناع العائلة لنشر الكتاب . وتم إصدر الكتاب نهاية عام 2009 باللغتين الألمانية والإنجليزية، واستقطب الآلاف لشرائه، ويعتبر الكتاب بمثابة سيرة ذاتية روحية ليونغ، ووضع فيه يونغ ما لم يدونه في مؤلفاته العلمية المنشورة .

النازية

يونغ والنازية

كان سبب اتهام يونغ بمعاداة السامية هو رئاسته للجمعية الطبية العامة للعلاج النفسي، وكان مقر الجمعية بألمانيا، والتي بدأت تباشر أعمالها في عهد النازية وكانت الجمعية تصدر جريدة تدعى زنترابلات . وعندما صعد النازيون إلى منصة الحكم عام 1933، كان رئيس الجمعية إيرنست كريتشيمر وكان يونغ نائباً له . وفي عام 1933 قدّم كريتشيمر استقالته عقب إدراكه أن النازيين يمارسون ضغطاً على الجمعية لتخضع للأيديولوجية النازية وتقوم باستبعاد الأعضاء اليهود. وعندئذ أجبر الأعضاء الرئيسيون في الجمعية يونغ على تقلد منصب الرئيس وذلك بحكم موقعه القوي الذي يمكنه من منع تحويل الجمعية إلى مؤسسة نازية . فكونه سويسريا سيضمن له بوسيلة أو بأخرى التمتع بالحرية الفكرية. وبناء عليه، فقد وافق يونغ على تولي منصب الرئيس للحفاظ على نشاط التحليل النفسي في ألمانيا، وكذلك لتدعيم المحللين النفسيين وخاصة اليهود. في غصون شهور قام يونغ بمراجعة الميثاق الأمر الذي يجعل الجمعية مؤسسة عالمية. نتج عن هذه التعديلات عدة انقسامات قومية، كان يونغ رئيسا للجمعية ككل بالأضافة إلى القسم السويسري، وفي سبتمبر 1933 تم إنشاء قسم ألماني في برلين تحت رئاسة غورينغ ابن عم المارشال الألماني النازي هيرمان غورينغ. وقبل هذه التعديلات الأيديولوجية النازية داخل الجمعية العالمية. إلا أن التعديلات التي أدخلها يونغ على الميثاق أصبحت تعطي حق العضوية لأية مجموعة قومية . وفي مايو من عام 1934 وافق مجلس الجمعية على إقرار التغيرات الدستورية التي قال بها يونغ . وقال يونغ إن الجمعية ينبغي أن تكون على موقف حيادي فيما يتعلق بالسياسة والعقيدة . وفي عام 1936، أصبح غورينغ مساعداً لرئيس التحرير إلا أن يونغ ومحررته السويسرية المنفذة إيبير استمرا في النشر والمراجعة لمؤلفين يهود على الرغم من محاولات غورينغ من إضفاء الصبغة النازية على النزنترابلات . وبعد استقالة يونغ نصب غورينغ نفسه عام 1940 رئيسا للجمعية الدولية مخالفا بذلك ميثاقها حيث جعلها ومجلتها لسان حال النازية وقام بنقل مقرها من زيورخ إلى برلين. في عام 1946 قام ليوبابك بزيارة زيورخ ورفض طلب يونغ لمقابلته بعد سماعه بالاتهامات التي وجهت ليونغ بمعاداة السامية وعندما أقنع ليوبايك بأن تلك الاتهامات لم تكن سوى زوراً، ردد الكلمة التي كان يونغ قد قالها وهي (حسنا قد أخطأت). في العام نفسه تمت مصادرة كتب يونغ في ألمانيا وتم إدراج اسمه على القائمة السوداء. في عام 1943 ساعد مكتب الخدمات الاستراتيجية في تحليل شخصية الزعماء النازيين لصالح الولايات المتحدة.

تأثره

هناك مفهوم مهم في نظرية يونغ وهو وجود نوعين مهمين مختلفين وأساسين من الشخصية والاتجاهات الشخصية والوظيفة. عندما تتجه اللبيدو واهتمامات الفرد العامة إلى الخارج نحو الناس وموضوعات العالم الخارجي يسمى انبساطي وعندما يتمركز اللبيدو والاهتمام نحو الذات نسميه انطوائي. يونغ رفض تمييز فرويد بين الأنا والأنا الأعلى وعرف الجزئين على أنهما في الشخصية مشابه للأنا للأعلى وسماها القناع حيث يتألف القناع مما يظهر الشخص للإخرين على عكس حقيقة ما هي وهو دور الفرد الذي يختار وهو الانطباع الذي يريد الفرد تأثيره في العالم.

أعماله

كارل يونغ من أوائل طلاب فرويد أسس مدرسة اسمها علم النفس التحليلي كما يطلق عليها أحيانا علم النفس اليونغي نسبه ليونغ. وقد استخدم مصطلح اللبيدو ولم يقصد بها فقط الطاقة الجنسية بل طاقة الدوافع الكلية النفسية. بناءاً على نظريته تألف اللاشعور من قسمين: اللاشعور الفردي نتجة لخبرة الفرد الكلية والكبت، واللاشعور الجمعي وهو مخزن لخبرة البشر العرقي. في اللاشعور الجمعي يوجد صور بدائية شائعة للبشر في منطقة أو تاريخ محدد. ويحتل أجزاء من النفس الفردية ويختلط مع المعرفة الحدسية، عندما لا تحتوي النفس على صور في أثناء النوم وتغيب اليقظة فان الصور البدائية تعمل، والصور البدائية هي أنماط أولية للفكر تميل لتشخيص العمليات الطبيعية بلغة أسطورية ميتافزيقية المفاهيم كالخير والشر والأرواح الشريرة، والوالدين مصدر للنموذج الأصلي.

مؤلفاته الرئيسية

  • التحولات ورموز اللذة الجنسية: 1952
  • الأنماط النفسية: 1920
  • العلاقات بين الأنا وبين اللاشعور: 1928
  • علم النفس والدين: 1939
  • علم نفس التحميل: 1946
  • في الطاقة النفسية وماهية الأحلام: 1948
  • رموز الروح: 1948
  • الدهر: أبحاث في تاريخ الرموز: 1951
  • الرد على أيوب: 1952
  • في جذور الشعور: 1953

انظر أيضًا

مواضيع

أشخاص