لوغوس
لوغوس (بالإغريقية: Λούος) (بالإنجليزية: Logos)، وهي من أشد الكلمات أهمية وأكثرها غموضا في الفكرين الغربيين الديني والفلسفي، إذ تدل في سياقات شتى على مدلولات متعددة، كالخطاب، اللغة، العقل الكلي، كلمة الإله، من بين معان أخرى.
عند هرقليطس
هرقليطس، الفيلسوف اليوناني القديم اهتم بشكل عظيم بـ اللوغوس، فقد اعتبره «القانون الكلي للكون». يقول هرقليطس: «كل القوانين الإنسانية تتغذى من قانون إلهي واحد: لأن هذا يسود كل من يريد، ويكفي للكل، ويسيطر على الكل». ووافقه الرواقيون وقالوا أن العقل أو اللوغوس هو المبدأ الفعال في العالم، وهو الذي يشيع في العالم الحياة، وأنه الذي ينظم ويرشد العنصر السلبي في العالم ويعنون «المادة». وقال ذيوجانس اللائرسي عن مذهب الرواقيين: «يقول الرواقيون أن اللوغوس هو المبدأ الفعال في الهيولي، إنه الله، وهو سرمديّ، وهو الفعال لكل شيء من خلال المادة».
عند فيلون اليهودي
قال فيلون عن اللوغوس أنه أول القوى الصادرة عن الله، وأنه محل الصور، والنموذج الأول لكل الأشياء. وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها. وهو يتدخل في تكوين العالم، لكنه ليس خالقاً. وهو الوسيط بين الله والناس، وهو الذي يرشد بني الإنسان ويمكنهم من الارتفاع إلى رؤية الله. ولكن دوره هو دائماً دور الوسيط. ويقينه بأنه «إلهي» θέος ويميزه من الله بأداة التعريف التي تضاف إلى الله οθέος ولكنها لا تضاف إلى اللوغوس.
في العهد القديم
من بين اسفار العهد القديم في الكتاب المقدس، هناك سفر باسم «سفر الحكمة لسليمان» ويصف فيه صاحبه الحكمة بأنها بالقرب من الله أو عند الله تشاركه عرشه الإلهي وأنها صادرة عن مجده، وتساعده في عملية الخلق، وتسري في كل الأشياء وتحقق وحدة العالم. ويمكن أن تتصل بمن من البشر مستعدين لتلقيها، لتقدس أرواحهم وتؤمّن لها الخلود عند الله: وهذه الحكمة تسمى في عدة مواضع باسم «اللوغوس»، وهذا اللوغوس (الكلمة) الذي فيه جعل إله إسرائيل، رب الرحمة، كل الأشياء. وبه نجى شعب إسرائيل وسينجّي كل النفوس التي تتلقاه.
في العهد الجديد
يستهل يوحنا في الإنجيل الرابع المنسوب إليه، بالحديث عن (الكلمة): «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، والله هو الكلمة، به كل شيء كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان». وجاء في خاتمة رسالته الأولى وفي الرؤيا المنسوبة إليه أيضاً أن هذا اللوغوس أو الكلمة، هو الذي كان قبل خلق الكون، كان عند الله، وهو هو الله، وهذا اللوغوس أو الكلمة، تجسد، أي اتخذ جسداً، وحلّ بين الناس، فكشف لهم حقيقة النجاة (الخلاص) وبث فيهم الحياة الخالدة، ممكنا لهم من أن يصيروا أبناء الله. وبالجملة: أنه يسوع المسيح. وهذا اللوغوس، عند القديس يوحنا، لا يماثل تماماً الحكمة في سفر الحكمة، ولا اللوغوس عند فيلون والأفلاطونية المحدثة، لأنه عند يوحنا هو الله نفسه، وليس قوة تابعة لله كما هي الحال عند فيلون.
عند آباء الكنيسة
في أثر يوحنا جاء الآباء المسيحيون: يوستينوس، وكليمانس السكندري، واوريجانس السكندري، فوجدوا في فكرة اللوغوس وسيلة لتفسير الاتفاق بين الفلسفة اليونانية والعقيدة المسيحية، بأن ادعوا أن اللوغوس هو مصدر كلتيهما، والينبوع الوحيد لكل حقيقة. وفي تصوّر آباء الكنيسة لـ اللوغوس، أكدوا أمرين:
- التساوي التام بين اللوغوس وبين ابن الله وبين الله الآب.
- مشاركة الجنس البشري في اللوغوس من حيث هو العقل.
عند الغنوصيين
قرر الغنوصيون أن اللوغوس هو أدنى الأيونات، وأنه الذي يتولى تكوين العالم، فتصدى لهم القديس ارينايوس وأكد المساواة التامة بين الله وبين اللوغوس وبين الروح القدس.
عند أوريجانس فيما بعد
حاول أوريجانس في القرن الثالث أن يفرّق في الدرجة بين الله الآب وبين اللوغوس. وقرر أنه يمكن ان ننعت اللوغوس بأنه وجود الموجودات، وجوهر الجواهر، وصورة الصور، لكننا لا نستطيع أن ننعت الله الآب بمثل هذه النعوت، لأنه يتجاوزها جميعا. صحيح أن اللوغوس أزليّ مع أزلية الله الآب، لكن ذلك ليس بنفس المعنى. إن الله الآب هو الحياة و«الابن» يستمد الحياة من «الآب».
قرار المجامع الكنسية
رفضت الكنيسة في مجامعها (نيقيه، أفسس 325 - 431) تفسير أوريجانوس، واعتبرته هرطقة. وبقيت على الرأي الأول وهو القول بالتساوي بين الله وبين الابن والذي هو الكلمة (اللوغوس). ومنذ ذلك التاريخ صار اللوغوس يشكل معنى دينياً، أكثر منه فلسفياً.
عند الصوفية المسلمين
منذ تحول اللوغوس إلى معنى ديني، وُجد خصوصا عند الصوفية المسلمين، بخاصة عند ابن عربي.
هناكَ مِن المعاصرين ـ وهو الدكتور حسن ظاظا في كتابه (اللسان والإنسان مدخل إلى معرفة اللغة) ـ ذهب إلى القول باضطراب القدماء حول اشتقاق كلمة اللغة، وأنّه لا يوجد شاهدٌ واحدٌ على استعمال العرب لكلمة اللغة بهذا المعنى العلمي الذي نعنيه، ثم قررَ أنَّ أصل كلمة (لغة) يوناني غير عربي، وهو كلمة (لوغوس)، التي تعني باليونانية الكلمة أو الكلام.
عند الفلاسفة المحدثين
لم يعد لـ اللوغوس مكان عند المحدثين، اللهم إلا على سبيل التعبير الديني عن بعض الإتجاهات، كما هو موجود عند فيشته في كتابه «المدخل إلى الحياة السعيدة» حين استشهد بمطلع إنجيل يوحنا للتدليل على الاتفاق بين مثاليته وبين المسيحية، يرى في اللوغوس أنه هو «الأنا».
لوغوس
وهو « الكلمة » الإلهية . لكن معانيها اختلفت :
١ ) فاللوغوس عند هرقليطس ، وهو اول من قال به ، هو القانون الكلي للكون . يقول هرقليطس : « كل القوانين الانسانية تتغذى من قانون إلهي واحد : لأن هذا يسود كل من يريد ويكفي للكل ويسيطر على الكل» . ( الشذرة رنم ١١٤ في نشرة ديلز Diels) وبهذا الرأي أخذ الرواقيون فقالوا إن العقل أو اللوغوس هو المبدأ الفعال في العالم ، وهو الذي يشيع فيه الحياة ، وهو الذي ينظم ويرشد العنصر السلبي في العالم وهو المادة . ويحكي ذيوجانس اللاثرسي مذهبهم هذا هكذا : « يقول الرواقيون إن اللوغوس هو المبدأ الفعال في الهيولى ، إنها لله ، وهو سرمدي ، وهو الفعال لكل شيء من خلال المادة» (ذيوجانس اللأرسي، فصل ٧ : ١٣٤ ). ومن ناحية أخرى يجعلونه هو المصير ( الكتاب نفسه ٧ : ١٤٩).
٢ ) ثم جاء فيلون اليهودي فقال عن اللوغوس إنه أول القوى الصادرة عن الله وأنه محل « الصور» والنموذج الأول لكل الأشياء (راجع كتابه deopific. mund ٢٤-٢٥ في مجموع مؤلفاته Opera نثرة لاعء420في مجلدين ، لندن سنة ١٧٤٢). وهو لقوة الباطنة التى تحى الأشياء وتربط بينها : اإنه رباط الكون ، الحافظ على كل اجزائه وبدونه تنحل، ( راجع 18 ,de uga, I) . وهو يتدخل في تكوين العالم، لكنه ليس خالقاً . وهو الوسيط بين الله والناس، وهو الذي يرشد بني الانسان ويمكنهم من الارتفاع إلى رؤية اله ، لكن دوره هودائماً دور الوسيط . ويقينه بأنه « إلهي » ؟960 ويميزه من الله بأداة التعريف التي تضاف إلى ال ؟0٤0 0 ، لكنها لا تضاف إلى اللوغوس . ( راجع « مسائل في سفر التكوين » ٢: ٦٢، وقد أورد هذا القول يوسابيوس في : « التمهيد
٣٧٢
لوغوس
للانجيل, ٧: ١٣ ).
٣ ) ومن بين اسفار العهد القديم من ٠ الكتاب المقدس، سفريدعى ٠ سفر الحكمة لسليمان ا ويصف فيه صاحبه «الحكمة ا بأنها بالقرب من الله أوعند اله تشاركه عرشه الإلهي وأنها صادرة عن مجده ، وأنها تساعد الله في عملية الخلق ، وتسري في كل الأشياء وتحقق وحدة العالم . ويمكن ان تتصل بمن من البشر مستعدون لتلقيها، لتقدس أرواحهم وتؤمن لها الخلود عند الله : وهذه الحكمة تسمى في عدة مواضع باسم ٠ اللوغوس » ( والسفر مكتوب باليونانية ، بخلاف سائر اسفار العهد القديم إذ هي بالعبرية ) ، هذا « اللوغوس» ( الكلمة ) الذي فيه جعل إله اسرائيل، رب الرحة ، كل الأشياء ( اصحاح ٩، العبارة٢٧ ). وبه نجى شعب اسرائيل وسينجي كل النفوس التي تتلقاه .
٤ ) والانجيل الرابع المنسوب إلى يوحنا يستهل بالحديث عن « الكلمة»: « في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند اله ، واله هو الكلمة ، به كل شيء كان ويغيره لم يكن شىء مما كان ، وكذلك ذكره يوحنا في خاتمة رسالته الأولى وفي ,الرؤيا، Apocalypse المنسربة إليه ايضاً ( اصحاح ١٩، عبارة ١٣ ). وهذا اللوغوس - أو الكلمة -هو الذي كان قبل خلق الكون ، كان عند اش ، وهوهو اله . وهذا اللوغوس - اوالكلمة — تجسد ، أي اتخذ جسداً ، وحل بين الناس ، فكشف لهم حقيقة النجاة ( الخلاص ) وبث فيهم الحياة الخالدة ، ممكناً لهم من ان يصيروا أبناء اشه .
وهذا اللوغوس ، عند القديس يوحنا ، لا يماثل تماماً الحكمة في سفر الحكمة ولا اللوغوس عند فيلون والأفلاطونية المحدثة ، لأنه عند يوحنا هو اسه نفسه ، وليس قوة تابعة لله كما هي الحال عند فيلون ، إنه عنده الكلمة الخالقة والصورة القي عليها يتجلى الله ، لكنه متميز من الآب . إنه ابن الله الذي تأنس ، اي صار انساناً ، وعاش ومات من أجل بني الانسان . ويالجملة : إنه يسوع المسيح .
وفي اتر القديس يوحنا جاء الآباء المسيحيون : يوستينوس ، وكليمانس ا لكندري ؛ واوريجانس السكندري ، فوجدوا في فكرة اللوغوس وسيلة لتفسير الاتفاق بين الفلسفة اليونانية وبين العقيدة المسيحية ، بأن ادعوا أن اللوغوس هومصدر كلتيهماوالينبوع الوحيد لكل
وفيتصورآباء الكنيسة للوغوس، اكدوا امرين : (١) التساوي التام بين اللوغوس ويين ابن اللم وبين الله الآب ؛ (٢) وثانيا مشاركة الجنس البشري في اللوغوس من حيث هو العقل. يقول يوستينوس: ا لقد تعلمنا ان المسيح هو اول مولود لله وأنه اللوغوس الذي فيه يشارك كل الجنس البثري» (46 ,Apologia Prima)
وجاء الغنوصيرن فقرروا أن اللوغوس هو أدن الايونات 2005 وأنه الذي يتولى تكوين العالم . فتصدى لهم القديس ارينايوسعم112 .!5وأكد المساواة في الماهية والمكانة بين الله وين اللوغوس وبين الروح القدس ,.Odvhaeres) (8 ,13 ,11
لكن جاء بعد ذلك اوريجانس في القرن الثالث فحاول التفرقة في الدرجة بين الله الآب وبين اللوغوس، وقرر انه يمكن ان ننعت اللوغوس بأنه وجود الموجودات، وجوهر الجواهر، وصورة الصور، لكننا لا نستطع ان ننعت الله الآب بمثل هذه النعوت ، لأنه يتجاوزها جميعا( ,39م ع10 ٧1,64) .صحيح أن اللوغوس ازلي مع أزلية الله الأب، لكن ذلك ليس بنفس المعى . إن الله الآب هوالحياة واالابن» يستمد الحياة من « الآب ) (2-1 11 ,.InJoann)
بيد أن الكنيسة في مجامعها (نيقيه سنة ٣٢٥، وأفوس سنة ٤٣١) رفضت تفير اوريجانس هذا، واعتبرته هرطقة ، و بقيت على الراي الأول وهو القول بالتساوي بين اله وبين الابن الذي هو الكلمة (الوس).
ومنذ ذلك التاريخ صار االلوغوس» معفى دينياً، اكثر منه فلسفياً نجده خصوصاً عند الصوفية ، وبخاصة عند ابن عري بين الصوفية المسلمين .
لم يعد له مكان عند الفلاسفة المحدثين، اللهم إلاً على سبيل التعبير الديفي عن بعض الاتجاهات ، كما نجد ذلك عند فشته Fichte في كتابه االمدخل الى الحياة السعيدة» ( سنة ١٨٠٦) حين استشهد بمطلع انجيل يوحنا للتدليل على الاتفاق بين مثاليته وبين المسيحية ، لكنه يرى في اللوغوس أنه هو « الأنا»( راجع مزلفاته 475 .p ٧ . Werke).