تحليل الخطاب

تحليل الخطاب أو دراسات الخطاب (بالإنجليزية: Discourse Analysis) مصطلح عام لعدد من المناهج لإستخدام تحليل كتابي، صوتي، أو لغة الإشارة، ويعني قراءة الخطاب ونقله من المجهول إلى المعلوم.

يشير مصطلح تحليل الخطاب إلى دراسة اللغة سواء من حيث بنائها، أو وظائفها، أو أنماط استخدامها. ففى رأى فردينان دى سوسير أن لغة الحديث، (الكلام) لا يمكن أن تصلح موضوعاً للدراسة فى علم اللغة، إذ يتضح عند مقارنتها باللغة (أى نسق القواعد الأساسية) أنها ذات طابع فردى، ومشروطة (أى متوقفة على شئ آخر)، فضلا عن صعوبة تعيينها وتحديدها. على أنه حدث فيما بعد أن عاد بعض أتباعدى سوسير فى مجال علم اللغة، فضلا عن أتباعه فى تراث البنيوية بشكل عام إلى توجيه اهتمامهم إلى دراسة لغة الكلام، أملا فى اكتشاف ما يكمن وراءها من أبنية مكملة لأبنية اللغة. أو بمعنى آخر اكتشاف الأبنية التى من شأنها أن تيسر اكتمال تحليل المعنى، وتسمح فى الوقت نفسه لعلم الدلالة أن يأخذ فى اعلباره مسالة البعدين الضمنى (أى المعنى الثانوى أو المتضمن) والدلالى (أى المقصود أو المدلول عليه بوضوح) للغة.

والواقع أن قلب الأولوية التى أعطاها دى سوسير للمعنى الدلالى على المعنى الضمنى قد أصبح بمثابة إحدى السمات و الخصائص المميزة لحركة مابعد البنيوية، وهذا المعنى الذى أضفى على مصطلح الخطاب معنى داخل هذا الاتجاه الفكرى (وليس داخل علم اللغة) أصبح يمارس تأثيرا قويا فى ميدان علم الاجتماع. ولعله لهذا السبب، أصبح أسلوب تحليل الخطاب فى علم الاجتماع أكثر اهتماما باكتشاف النماذج الأشمل من التفكير التى تحكم أبنية النصوص ككل، أكثر من اهتمامه بالنمذجة الدقيقة التى تحكم أبنية الجمل، وهى العملية التى يوليها المتخصص فى علم اللغة اهتمامه.

ولقد أشار رولاند بارت فى ختام كتابه علم الأساطير الصادر عام 1975، إلى أن ما يواجهنا فى الكلام هو سلسلة من "الدوال" وليست مشكلة العلاقات. والأكثر من هذا أنه غالباً ما يتضح لنا أن هذه الدوال تعنى أكثر مما هو وارد بالتعريفات المعجمية. وكان الاقتراح الذى طرحه بارت أنه يتعين علينا لكى نكتشف ذلك، أن نكون قادرين على إعادة بناء المجموعات الإضافية للعلاقات الأساسية التى تحدد الاستخدام الحقيقى للدوال فى سياقات خاصة. وقد وصف بارت نفسه هذه المجموعات الإضافية من العلاقات باسم "الأساطير"، وهو المصطلح الذى رفضه بارت ذاته وغيره فيما بعد، وذلك بسبب دلالاته السلبية وكونه يختزله إلى معنى اقتصادى.

ولقد كان ميشيل فوكو هو الذى استطاع فى نهاية الأمر أن يقدم تصوراً لهذه الأبنية الإضافية التى تحدد استخدام اللغة (بل وتحدد بالفعل الضوابط الاجتماعية عليها، وإن كان ذلك أبعد مايكون عن الاعتراف به) التى تجاور فى سعادة المتصور الإيجابى غير الاختزالى للمجال الإيديولوجى، الذى بات يتطلب اليوم تدعيماً واسعا. ففى رأى فوكوه فى كتابه المنهجى "أركيولوجيا المعرفة"، الصادر عام 1969، تتخلق هذه الأبنية الإضافية بفعل بعض الارتباطات -التى تتم على امتداد فترة تاريخية، وتتسم بأبنية فضفاضة- وهى ارتباطات بين الاهتمامات و المفاهيم و الموضوعات الأساسية، وأنماط القضايا التى أطلق عليها فوكو اسم "التكوينات الخطابية". وعلى المرغم من أن هذه التكوينات أو التشكلات الخطابية تبدو أكثر تحررا فى بنائها من الخطابات التى تعبر عنها، إلا أنها محددة بمايكفى للسماح بتنوع الأبنية الضمنية من بنية لأخرى، أى -مثلا-من علم الاجتماع إلى النزعة العنصرية، إلى القانون.

والظروف الخاصة التى تخلق هذه التكوينات الخطابية وتعمل على استمرارها هى التى تضفى عليها طابعها البنيوى المميز لها. وتضم "قواعد التكوين المسئولة عن التكوين الخطابى"، فيما يتصل بطبيعة الأشياء التى تسمح بان يتناولها الخطاب، كلا مما يأتى: السياقات الاجتماعية أو النظامية التى تظهر بداخلها هذه الخطابات، والتى غالبا ما ينظر إليها باعتبار ها محل الاهتمام أو مبعث الاهتمام الخاص بشئ ما، و الهويات الاجتماعية لأولئك الذين يمتلكون أو يستطيعون الحصول على السلطة للكلام حول هذه المشكلات وأسبابها، و"شبكات التخصيص" أو القوالب الفكرية -إن جاز لنا استخدام هذا التعبير- التى تستخدم لفصل موضوعات الاهتمام عن الموضوعات الأخرى الكثيرة التى غالبا ما تتداخل معهافى الواقع.

ولكى يوضح فوكو أن الخطابات التى تتكون بهذه الطرق تضفى على اللغة المعنى، نجده لايصف نتاج تلك الخطابات بأنها جملة، وإنما يصفه بأنه "قضية" Statement. ثم يعرف تلك القضية بأنها سلسلة من العلامات التى تفترض، أولا، مكانة الموضوع الخاص التى يضفيه عليها التكوين الخطابى. وتسقط، ثاتيا دينامية معينة على مجموعة الدوال التى تشكلها، وتتسم أخيراً بنوع من المادية المحددة الراجعة إلى إدراك اختلافها عن القضايا الأخرى. فالخطاب -إذن- هو مجموعة من القضايا تبعاً لمدى تكونها بفعل نفس التكوينات الخطابية.

وعلى الرغم من الطبيعة الهائلة للتأسيس الفكرى الذى حتمته السمة ضد الحدسية للتصورات غير التمثيلية للظواهر الاجتماعية، واللغة المبهمة (وياللسخرية) لهذا الاتجاه بعض الشئ (الذى ربمانكون قد أخذناعنه قكرة من المصطلحات التى وردت فى هذا المدخل)، على الرغم من كل ذلك، فإن تحليل الخطاب لايمثل ممارسة بحثية فائقة الصعوبة. وذلك على نحو ما أوضحه كل من جوناثان بوتر ومارجريت ويذريل فى دراستهما الممتازة لمنهجية تحليل الخطاب فى كتابهما: "الخطاب وعلم المنفس الاجتماعى"، الصادر عام 1987.

لمحة تاريخية

الاستخدام المبكر للمصطلح

كان لدى الإغريق القدامى (من بين آخرين) الكثير ليقولوه في الخطاب، مع ذلك، هناك مناقشات مستمرة حول ما إذا كان كتاب ليو سبيتزر المولود في النمسا، بعنوان (دراسات أسلوبية) من عام 1928 هو أقدم الأمثلة على التحليل الخطابي (دي إيه). ترجمه ميشال فوكو إلى الفرنسية. في جميع الأحوال، فقد وصل المصطلح إلى الاستخدام العام بعد نشر سلسلة من الأوراق لزليج هاريس من عام 1952، تحتوي تقريرًا عن العمل الذي طور منه قواعد نحوية توليدية تحويلية في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين. تُوضح علاقات التكافؤ الرسمية بين الجمل في الخطاب المترابط باستخدام تحويلات الجملة لوضع النص بشكل قانوني. تظهر الكلمات والجمل مع معلومات مكافئة لها في نفس العمود من مصفوفة ما.

تطور هذا العمل على مدى العقود الأربعة التالية وتحول إلى تحليل علم اللغة الفرعية (كيتيريدج وليبربيرغر 1982)، بلغ ذروته في عرض الهياكل المعلوماتية في نصوص اللغة الفرعية للعلوم، علم المناعة (هاريس إيه آل. 1989)، ونظرية مفصلية تمامًا للمحتوى الإعلامي اللغوي (هاريس 1991). مع ذلك، وخلال هذا الوقت، تجاهل معظم اللغويون هذه التطورات لصالح سلسلة من النظريات المفصلة للنظريات المتزامنة على مستوى الجملة والمعاني الدلالية.

في يناير من عام 1953، كان هناك حاجة إلى وجود عالم لغويات يعمل في جمعية الكتاب المقدس الأمريكية، جيمس إيه. لوريولت/ لوريوت، لإيجاد إجابات لبعض الأخطاء الأساسية في ترجمة كيتشوا، في منطقة كوزكو في البيرو. بعد منشورات هاريس لعام 1952، عمل جيمس على المعنى ووضع كل كلمة في مجموعة من أساطير كيتشوا بالاستعانة بمتحدث أصلي للغة الكيتشوا وقد استطاع صياغة قواعد الخطاب التي تجاوزت هيكل الجملة البسيطة. بعد ذلك، طبق هذه العملية على الشيبيبون وهي لغة أخرى من شرق البيرو. درس النظرية في المعهد الصيفي للغويات في نورمان، أوكلاهوما في صيف عام 1956 و1957 ودخل جامعة ولاية بنسلفانيا ليدرس مع هاريس في السنة المرحلية. حاول نشر ورقة بحثية بعنوان هيكل نص الشيبيبو، لكنه تأخر حتى عام 1970 (لوريوت وهولينباخ 1970). في هذه الأثناء، درّس كل من كينيث لي بايك، وهو أستاذ في جامعة ميشيغان وآن آرببور النظرية في الجامعة، وعمل أحد طلابه، روبرت إي. لونغاكري، على تطويرها في كتاباته. طُورت منهجية هاريس في الكشف عن ارتباط الشكل مع المعنى في نظام للتحليل بمساعدة من الكومبيوتر، وذلك من خلال فريق بقيادة نيومي ساغر في جامعة نيويورك، والذي طُبق على العديد من مجالات اللغة الفرعية وكانت أبرز التطبيقات في المعلومات الطبية.

في العلوم الإنسانية

بدأت مجموعة متنوعة من المناهج الأخرى للتخصصات المتعددة الجديدة تطوير العلوم الإنسانية والاجتماعية بالتزامن مع التخصصات الأخرى ذات الصلة، في أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، دون الإشارة إلى هذا العمل السابق. يشمل هذا علم العلامات وعلم اللغة النفسي واللسانيات الاجتماعية والتداوليات. تفضل العديد من هذه الأساليب، خاصة تلك التي تتأثر بالعلوم الاجتماعية، دراسة أكثر ديناميكية للتفاعل الشفوي من خلال الكلام. هناك «تحليل تحادثي» كمثال على ذلك، والذي تأثر بعالم الاجتماع هارلود غارفينكل مؤسس المنهج الإثني.

التحليل

لغة: من حلّل العقدة: أي فكها وحلّل الشيء: أرجعه إلى عناصره الأولى. وحلَّلْت اليمين أحلِّلها تحليلا: أي لمْ أفعلْ إلاَّ بقَدْر ما حلَّلتُ به قَسَمي أنْ أفْعَلَهُ ولمْ أُبالغ، ثمَّ كثُر هذا في كلامهم حتَّى قيل لكل شيء لمْ يُبالغ فيه تحليلٌ.

اصطلاحا: هو بيان أجزاء الشيء ووظيفة كل جزء فيها ويقوم على الشرح والتفسير والتأويل والعمل على جعل النص واضحًا جليّاً. ومن هذا المنطلق يركز الناقد على اللغة والأسلوب والعلاقات المتبادلة بين الأجزاء والكل، لكي يصبح معنى النص ورمزيته واضحَين، من حيث يعتمد التلخيص لما فيها من تنظيم المعلومات بشكل منطقي، وقدرةً على فهم النص. لذا فإنّ قراءة النص على عَجَلٍ لا تعد تحليلا، فإذا وقف القارئ على النص وقفة سريعة وفهم فيها النص وأدرك مغزاه، وقرأ ما بين السُّطور، وكان على وعي بالدلالات الاجتماعية للألفاظ، وعرف عناصر الجمال والقبح فيه، دخل في منطقة النقد والتذوق الأدبي. أما عملية التحليل الفني فإنها تحتاج إلى جهد ووقت وخبرة وبحث وتنقير.

الخطاب

الخطاب هو مراجعة الكلام بين طرفين أو أكثر، بحيث يتم تبادل رسائل لغوية. وهو نفس المعنى الذي نجده عند التهانوي حين عرف الخطاب بأنه توجيه الكلام نحو الغير للإفهام، ونجده كذلك عند أبي البقاء الكفوي في «الكليات» حين يقول: ((الخطاب هو الكلام الذي يقصد به الإفهام، إفهام من هو أهل للفهم، والكلام الذي لا يقصد به إفهام المستمع، فإنه لا يسمى خطابا)).

مناهج تحليل الخطاب

هناك مجموعة من المنهجيات في تحليل الخطاب تقترب من هذا المنهج أو ذاك، منها على سبيل التمثيل: 1 – التحليل البنيوي:

يمكننا تحليل النص تحليلا بنيويا، هذا المنهج الذي لا يبالي بغير النص نفسه، فالظروف والمؤثرات الخارجية، وحياة المؤلف أمور تهملها البنيوية الأدبية، محاولة بذلك الكشف عن أدبية.

2- التحليل السيميائي:

ويمكننا تحليله تحليلا سيميائيا، وقد "ارتبط ظهور هذا العلم بمنبعين أساسيين هما: العالم اللغوي السويسري "فردينا ن دي سوسير" الذي هو الأصل في تسمية العلم بالسيميولوجيا، والفيلسوف الأمريكي "تشارلز ساندرس بيرس" الذي هو الأصل في تسميته بالسيميوطيقا.

3- التحليل وفق المنهج الذي يركز على الانزياحات اللغوية:

الأسلوب: هو القالب الذي تصب فيه التراكيب التي تستمد قوتها، وتميزها من التزام المتكلم بالمعايير اللغوية، واعتماده على قدرته الخاصة باعتبار ملكة اللسان العربي. وبما أن الأسلوب هو القالب، فلابد أن يكون لكل شخص قالبه المعد وفقا لقوانين اللغة، وبهذا تكون الأسلوبية علما يهتم بدراسة الخصائص التي تخرج الخطاب عن وظيفته الإخبارية الإبلاغية، إلى وظيفته التأثيرية والجمالية، فهي البحث في الوسائل اللغوية التي تجعل الخطاب الأدبي الفني مزدوج الوظيفة والغاية، يؤدي ما يؤديه الكلام عادة من وظيفة تواصلية...ويؤدي وظيفة جديدة يسلط - من خلالها- على المتقبل تأثيرا ضاغطا، ينفعل به للرسالة المبلغة انفعالا ما. كائنات تحليل الخطاب – الخطاب، الكتابة، المحادثة، والتواصل الحدث، إلخ-تتحدد درجات متفاوتة من حيث تسلسل مترابط من الجمل، والمقترحات، وأفعال الكلام أو يتحول في الحديث. خلافا لكثير من الدراسات اللغوية التقليدية، محللي الخطاب ليس فقط دراسة استعمال اللغة 'تتجاوز حدود الجملة'، ولكن تفضل أيضا لتحليل استخدام اللغة 'طبيعيا'، ولم اخترع أمثلة. ويرتبط لسانيات النص . الفرق الأساسي بين لسانيات النص وتحليل الخطاب أن ذلك يهدف إلى الكشف عن الخصائص الاجتماعية والنفسية للشخص/الأشخاص بدلاً من بنية النص.

وقد تم تناول تحليل الخطاب في مجموعة متنوعة من التخصصات في العلوم الاجتماعية، بما في ذلك اللغويات، علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، العمل الاجتماعي، علم النفس المعرفي، وعلم النفس الاجتماعي، العلاقات الدولية، الجغرافيا البشرية، دراسات الاتصالات، ودراسات الترجمة، كل منها يخضع للافتراضات الخاصة، وأبعاد التحليل، ومنهجيات.

انظر أيضًا