علم النفس الاجتماعي

علم النفس الاجتماعي (بالإنجليزية: Social Psychology) هو فرع من فروع علم النفس يدرس الأسس النفسية لعلاقات الناس بعضهم ببعض، كما يدرس السلوك الاجتماعي للفرد والجماعة، كالاستجابة للمثيرات الاجتماعية، وهدفه بناء مجتمع أفضل قائم على فهم سلوك الفرد والجماعة، وبمعنى آخر فإن علم النفس الاجتماعي عبارة عن الدراسة العلمية للإنسان ككائن اجتماعي. يهتم هذا العلم بالخصائص النفسية للجماعات، وأنماط التفاعل الاجتماعي، والتأثيرات التبادلية بين الأفراد، مثل العلاقة بين الآباء والأبناء داخل الأسرة، والتفاعل بين المعلمين والمُتعلمين.

ومن مكونات علم النفس الاجتماعي هو «السلوك الاجتماعي وديناميات الجماعة» فالجماعة هي وحدة اجتماعية مكونة من مجموعة من الأفراد تربط بينهم علاقات اجتماعية ويحدث بينهم تفاعل اجتماعي متبادل فيؤثر بعضهم في بعض.

علماء النفس الاجتماعي

يقوم علماء النفس الاجتماعي بدراسة عمليات مثل الاتصال والتعاون والتنافس واتخاذ القرار والزعامة والتغيير في المواقف. ويبدأ علماء النفس الاجتماعي، بحوثهم كأقرانهم العلماء الآخرين، بوضع النظريات، وبعد ذلك يجمعون الأدلة التي تؤيد نظرياتهم. فعلى سبيل المثال، استحدث عالم النفس الاجتماعي الأمريكي ليون فستنجر، النظرية التي تقول بأن الناس يُصَابون بالقلق عندما يصل إلى علمَهم معلوماتٍ جديدة تتعارض مع ما كانوا يعتقدونه من قبل. ويرى أن الناس قد يقومون بفعل الكثير كي يتجنبوا هذا القلق، وقد سَمَّاه التنافر المدرك. ولتوضيح نظرية فستنجر، قام الباحثون بجمع البيانات التي أوضحت أن الأفراد الذين يعتقدون أنهم فاشلون، يتجنبون النجاح دائمًا، حتى ولو كان من السهل عليهم الحصول عليه. إذ إن نجاحهم سيتعارض مع اعتقادهم في أنفسهم بوصفهم أشخاصًا فاشلين.

وكثيرًا ما يدعم علماء النفس الاجتماعي نظرياتهم بالتجارب. فمثلاً قامت إحدى الدراسات بالتحقيق حول مدى تأثير جنس كاتب مقالة ما، على آراء الناس حول المقالة. فالذين كانوا يعتقدون أن الكاتب رجل، كان انطباعهم عن المقالة جيدًا مقارنة بالذين كانوا يعتقدون أن الكاتب امرأة. ويَسْتَخْدِم علماء النفس الاجتماعي أيضًا مصادرَ أُخرى للمعلومات، منها مُسُوحَات الرأي العام، والملاحظات المسجلة عن السلوك، والإحصاءات المَسْتَخْرَجَة من المؤسسات الحكومية.

ويقوم العديد من علماء النفس الاجتماعي بتدريس وعرض أبحاثهم في الكليات والجامعات. كما يعمل آخرون لدى المؤسسات الحكومية، أو التجارية، أو المنظمات الأخرى. وقد يقومون بالمساعدة في وضع الخطط لبرامج شؤون الأفراد أو قياس إمكانية بيع سلع جديدة.

تعريف علم النفس الاجتماعي

تتعدد تعريفات علم النفس الاجتماعي social psychology ولكنها تشترك في أبرز الصفات التي يمكن تلخيصها في العبارة التالية: الفهم العلمي لاستجابات الفرد الإنساني للمثيرات الاجتماعية. وبعبارة أخرى، إذا كان من المسلَّم به أن الإنسان كائن اجتماعي فإن علم النفس الاجتماعي يسعى إلى فهم هذه الكينونة باكتشاف آلياتها في الفرد الإنساني. تعريف غوردون البورت يعتبر تعريفه الأشمل بتحديد هوية هذا العلم ضمن مجالات علم النفس والعلوم السلوكية ويعرفه بأنه: الدراسة العلمية لكيفية تأثر أفكار ومشاعر وسلوك الأفراد بحضور الآخرين حضوراً فعلياً أو خياليا أو ضمنياً.

شرح تعريف غوردون البورت لعلم النفس الاجتماعي

يبدأ التعريف بذكر الدراسة العلمية. وصفة العلمية ترتبط في أذهان العامة بدراسة المظاهر المادية في الطبيعة كالطاقة والكواكب وكل ماهو مادة وبهذا يخلطون بين العلم science وموضوعات العلم والصحيح ان العلم منهج الدراسة وليس موضوعها. العلم كيف نفكر وليس مانفكر فيه، كيف نحلل ونفسر وكيف نحاول فهم الأشياء وليس الأشياء نفسها. فهناك منهج علمي scientific method ومنهج غير علمي ولكن لايمكن أن تصنف الظواهر إلى ظواهر علمية وغير علمية فدراسة الظواهر سلوكية أو إحيائية أو فيزيائية أو كيميائية تصبح علمية إذا استخدمت المنهج العلمي وتنتفي عنها هذه الصفة إذا اعتمدت التأمل أو التخمين.

تاريخ علم النفس الاجتماعي

نشرت أوائل الكتب الدراسية في علم النفس الاجتماعي في بداية القرن العشرين الميلادي. ويدين علم النفس الاجتماعي الحديث بالكثير لعلماء النفس السلوكيين في بداية ثلاثينيات القرن العشرين الميلادي الذين نادوا بالدراسة العملية للسلوكيات التي يمكن ملاحظتها. واليوم يستمر تأكيد علم النفس الاجتماعي على التدقيق في قياس أفعال الناس.

وكان لأعمال جورج هربرت ميد، وكيرت لوين أثر كبير آخر في علم النفس الاجتماعي. وقد حاول ميد، وهو نفساني وفيلسوف أمريكي، أن يبرهن على أن فكرة الناس عن أنفسهم إنما تنشأ من خلال الاحتكاك الاجتماعي. أما لوين، العالم النفساني الألماني المولد، فقد بحث في كيفية تأثر الأفراد داخل المجموعة بالأفراد الآخرين. وقد ادعى كل من ميد ولوين أن السلوك يعتمد في المقام الأول على تفسير الناس للعالم الاجتماعي. وقد استمرت أعمال هذين الباحثَيْن في التأثير على علماء النفس الاجتماعيين الذين يقومون بدراسة إدراك الناس لأنفسهم وللآخرين.

أنواع الجماعات

الجماعة المرجعية: هي جماعة يرجع إليها الفرد في تقويم سلوكه الاجتماعي في تكوين السلوك بين الفرد والمجتمع، وهي ذات فاعلة على الصعيد الفردي والاجتماعي، كما يجب على الإنسان الالتزام بها، لأنها من أهم مقومات الفرد والجماعة والمجتمع.

الجماعة الأولية: وهي جماعة تجمع بين أفرادها بالصداقة والحب والمعرفة الشخصية مثل الأسرة.

الجماعة الثانوية: هي جماعة تسعى إلى المشاكل وهي تريد أن تكون أقوى الجماعات.

الجماعة الرسمية: وهي جماعة تتكون في المنظمات الرسمية لتحقيق أهداف معينة مرتبطة بمصلحة تلك المنظمة.

الجماعة غير الرسمية: وهي جماعة تتكون داخل المنظمة الاجتماعية بشكل تلقائي نتيجة تواجد الأفراد في مكان واحد لمدة طويلة، وهي تجمع أفراداً معينين - ترابط اجتماعي وعلاقات إنسانية من أجل إرضاء وإشباع حاجتهم المختلفة، كالعلاقات بين الموظفين في العمل.

المفاهيم التي يرتكز عليها منهج علم النفس الاجتماعي

ويتضح التزام علم النفس الاجتماعي بالمنهج العلمي في أربع مفاهيم هي:

  1. التجريب experimentation (أو الاندهاش).
  2. الحساب الآلي automatic computation.
  3. الثبات الإحصائي statistical reliability.
  4. إمكانية إعادة الاختبار replicability.

وهي على حد تعبير غوردون البورت كلمات الرقابة watchwords في دراسات علم النفس الاجتماعي.

الهدف العلمي لعلم النفس الاجتماعي

الهدف العلمي الرئيسي لعلم النفس الاجتماعي التفسير وليس الوصف الوصف العلمي للظاهرة المدروسة خطوة أولى نحو الهدف الرئيسي للعلوم وهو تفسير الظواهر أي فهم كيفية حدوثها ونوع الأسئلة التي يتصدى لها علم النفس الاجتماعي أسئلة تبحث في الأسباب أو العوامل التي تؤثر في سلوك الأفراد وأفكارهم ومشاعرهم في مواقف التفاعل مع الآخرين (كيف ولماذا تصرف الفرد بطريقة معينة في موقف معين ؟).

اختبار أثر العوامل المؤثرة

يختبر علماء النفس الاجتماعي أثر العوامل التي يحتمل تأثيرها في استجابة الأفراد النفسية «فكرية أو عاطفية أو سلوكية» في مواقف التفاعل الاجتماعي سواء كانت هذه العوامل ذهنية أو ثقافية أو بيولوجية أو بيئية طبيعية وهذا يشير إلى أن الهدف الرئيسي لعلم النفس الاجتماعي هو تفسير سلوك الأفراد الاجتماعي بطريقة تشمل كافة جوانبه. ويلخص بارون وزملاؤه العوامل الممكن دراسة أثرها على استجابات الفرد النفسية للآخرين كالتالي:

  1. العمليات الذهنية الأساسية كالذاكرة والتفكير(العمليات التي تحكم أفكارنا واعتقاداتنا وأحكامنا التي تتعلق بالآخرين أو بسلوكهم)
  2. المتغيرات الطبيعية التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للبيئة الطبيعية كالحرارة والازدحام والخصوصية وغيرها.
  3. المحيط الثقافي يحدث ضمنه السلوك والفكر.
  4. العوامل والعمليات البايولوجية التي تتعلق بالسلوك الاجتماعي بما في ذلك الموروث الجيني.

وحدة الدراسة في علم النفس الاجتماعي

يبين التعريف السابق أن اهتمام علم النفس الاجتماعي ينصب على الأفراد وليس على المجتمعات. فهدفه تفسير سلوك ومشاعر وأفكار الفرد الإنساني عموما في تفاعله مع الآخرين. فالفرد الإنساني هو وحدة الدراسة في جميع فروع علم النفس العام.

دراسة الأفكار والمشاعر والسلوك

إن علم النفس الاجتماعي لا يعنى بدراسة السلوك فقط بل إنه يدرس الأفكار والمشاعر التي يخبرها الفرد في مواقف التفاعل مع الآخرين كما أشير في التعريف. فالسلوك عبارة عن حركة وقد يكون ظاهرا بارزا كالدفع أو اللمس أو رفع اليد للتحية. وقد يكون سلوكا تعبيريا كالابتسامة أو رفع الحاجب. والمشاعر عبارة عن وجدان خبرات عاطفية كالانفعالات (الحزن، الفرح، الغضب، الخوف..الخ. أو المزاج والأفكار تتمثل في اعتقادات الفرد وأحكامه المتعلقة بالاخرين أو بالأحداث الاجتماعية أو به هو. ويصدق ذلك سواء كان الفرد في تفاعل مباشر (كالتحية وردها) تفاعل متخيل (كالتحضير للذهاب لموعد لقاء).

سلوك المجموعات

الصفات المميزة للمجموعات

  • المحاباة: يعمد أفراد المجموعة ذاتها للانحياز إيجابياً تجاه الأفراد الآخرين للمجموعة، والتمييز لصالحهم.

المصادر الأصيلة لعلم النفس الاجتماعي

كتابات الفلاسفة الاجتماعيين، سواء في الحضارات الماضية أو المعاصرة، ومنهم على وجه الخصوص: أفلاطون في جمهوريته. الرواد الأوائل في علم الأنثروبولوجيا حيث يعد ما كتبوه من الأجناس، وما بدءوا به عن العمليات العقلية للشعوب البدائية نقطة البداية في هذا العلم، من حيث اتصالها بالتراث الثقافي للإنسان.

انظر أيضاً