شخصية

من أجل استخدامات أخرى، انظر شخصية (توضيح).

الشَّخْصيّة (بالإنجليزية: "Personality") مصطلح لكثير من المعاني العامة؛ إذ يشير أحياناً إلى القدرة على حسن التعامل مع الناس اجتماعيًا. مثلا نتحدث أحيانا عن تجارب أو علاقات يقال: إنها تضفي على شخص ما "مزيدًا من الشخصية" وقد نشير إلى أوضح انطباع يخلِّفه الشخص لدى الآخرين، فنقول مثلا "شخصيته محبوبة" نعني أنه شخص محبوب.

منظري الشخصية المختلفین یقدمون تعاريفهم الخاصة بهم لهذه الكلمة بناء على مواقفهم النظرية.

 أما عالم النفس فينظر إلى مصطلح الشخصية، من خلال كونه موضوعاً للدراسة، له علاقة بالسلوك الإنساني المعقد بما في ذلك العواطف، والأفعال، والعمليات الفكرية أو المعرفية. ويدرس علماء النفس أنماط السلوك الثابتة، التي تميز بعض الأفراد عن بعض، كما يحاولون معرفة كيفية تطور هذه الأنماط ووسائل تنظيمها وتغييرها.

المصطلح مشتق من الكلمة اللاتينية Persona (وتعنى : القناع)،

تاريخ دراسة الشخصية

بدأت دراسة الشخصية مع أبقراط ب الأخلاط الأربعة وأدت إلى المزاجات الأربعة. تم التعمق والتفسير من قبل خلفه جالينوس خلال القرن الميلادي الثاني. تقول نظرية الأخلاط الأربعة بأن شخصية الفرد تعتمد علي توازن الأخلاط الجسدية؛ المرارة الصفراء، المرارة السوداء، البلغم، والدم. تميزت الشخصية الصفراوية بوجود فائض من المرارة الصفراء، مما يجعلها غضوباً. ارتفاع مستويات المرارة السوداء يدل على الحزن والتشاؤم. الناس الهادئون يعتقد بأن يكون بسبب وجود فائض من البلغم، مما يؤدي إلى المزاج اللامبالي والهادئ. أخيرا، الناس الذين كان يعتقدأن لديهم مستويات عالية من الدم يتميزون بتصرفاتهم المتفائلة ذات المرح العاطفي.

طبيعة الشخصية

أنماط الشخصية

منذ مئات السنين والناس يحاولون تصنيف الأفراد رغم فوارقهم الهائلة في وحدات بسيطة. ومن هذه التصنيفات تمييزهم تبعاً لأنواع شخصياتهم ووفقاً لخصائص معينة.

وقد قسم الطبيب الإغريقي أبقراط الناس إلى نوعين: الدموي المزاج أو المرح، والسَّوداوي المزاج أو المكتئب، وعزا الفوارق في السلوك إلى سيطرة أحد أخلاط الجسم. مثلا اعتقد أن الشخص يكون مرح المزاج، إذا كان الدم هو العنصر المسيطر على سلوكه.

وحاولت بعض النظريات الأحدث عهداً عن أنواع الشخصية ربط المزاج بالبنْية الجسدية. فقد طور عالما النفس إيرنست كرتشمار الألماني، ووليم شلدون الأمريكي تصنيفات تبعاً لمقاييس بدنية. أما عالم النفس السويسري كارل جوستاف يونج ـ الذي درس الخصائص النفسية ـ فقد قسَّم الناس إلى نوعين: الانطوائيين والمنبسطين.

قد تروق للبعض بساطة النظريات، التي تصنف أنواع الشخصية لكن هذه البساطة تحد من قيمة النظريات عملياً؛ ذلك لأن السلوك الفردي على درجة من التعقيد والتنوع، وقابلية التغيير؛ بحيث يكون من الصعب تصنيفه ضمن فئة ما.

نظرية فرويد في التحليل النفسي

حظيت نظرية الطبيب النمساوي سيجموند فرويد فى الشخصية بأوسع استخدام فى مجال الدراسة المفصلة لشخصية الفرد، على نحو ما نجد -مثلا- فى دراستى تاريخ الحالة الكلاسيكيتين اللتين أجراهما فرويد عن دورا Dora والإنسان الذئب- ولكن تلك التحليلات المفصلة تنهض على نظرية عامة فى الشخصية ترى - فى أشهر صورها المعروفة - أن هناك بناء للشخصية ثلاثى الأبعاد أو المكونات، وهى:

  1. الهو ويمثل النَّزوات الجنسية والعدوانية والغريزية،

  2. والأنا، ويمثل مطالب الحياة الواقعية. والأنا الأعلى،

  3. والأنا العليا أو الوجدان؛ ويمثل معايير السلوك، التي نشأ عليها الفرد إبان طفولته.

    والسلوك هو محصلة التفاعل الدينامى بين عوامل الهو، والأنا، والأنا الأعلى. ويتوقف تحديد شخصية الفرد على نجاحه فى اجتياز المراحل المختلفة المتتابعة للنمو الجنسى النفسي خلال السنوات الخمس الأولى من العمر.

    ويقول فرويد: إن الحياة الذهنية مَشُوبَة بصراعات باطنية لانَعيها على الأغلب وتطمح نزوات الـ هو / الـ هي إلى إشباع فوري. لكنها تصطدم بالأنا العليا. وعندما تنذر النزوات غير اللائقة بالبروز على السطح، يعاني الشخص قلقاً، وقد يلجأ في سبيل تخفيف هذا القلق إلى استخدام مختلف التحصينات الدفاعية، كأن يحوِّل انفعالاته نحو أشياء أقل تهديدًا، فالطفل الذي يخشى أن يجابه والده بروح عدوانية، قد يوجه غيظه نحو شيء آخر عوضًا عن ذلك.

    كان لأفكار فرويد تأثير كبير في دراسات الشخصية. لكنها ماتزال موضع جدل عظيم، لذا اضطر علماء النفس إلى تعديل كثير من هذه الأفكار، بُغْيَة إعطاء العوامل البيئية والاجتماعية اعتبارًا أكبر.

    ولقد أصبحت نظريات فرويد ذات السطوة والتأثير الأقوى على المستوى الإكلينيكى، حيث يكون الفرد الواحد المعين هو محور البحث والتحليل، وحيث يكون من الضرورى وصف وتحليل شخصية الفرد تفصيلا. ويتم ذلك بالأساس من خلال الملاحظات التى تتجمع أثتاء جلسات التشخيص والعلاج. وإن كان يتعين الإشارة إلى أن الاختبارات الاسقاطية قد استخدمت هى الأخرى على نطاق و اسع فى السياق الإكلينيكى أيضاً، كأداة يمكن آن تساعد فى الكشف عن ديناميات الشخصية.

سمات الشخصية

فى دوائر علم النفس الأكاديمى، كانت الاتجاهات التعميمية أكثر شيوعاً، وتركز المقدر الأكبر من الاهتمام على تطوير المقاييس الموحدة لدراسة الشخصية. ومن تلك الاتجاهات المعروفة ما يعرف باسم اتجاه السمة. يشير مصطلح سمة الى إحدى سمات الشخصية أو ميول تلك الشخصية (أى ميل للفعل أو للاستجابة على نحو معين)، ويسعى هذا الاتجاه الى الوقوف على السمات الأساسية للشخصية، ووصف الأفراد من واقع ما يتميزون به من سمات، وكذلك دراسة ارتباط تلك السمات بالسلوك الصادر عن ذلك الفرد.

لنظريات تصنيف أنواع الشخصية صلة بالبحث عن سمات أو أمزجة عامة، تصنِّف الفروق الثابتة بين الناس. ومن أوائل المهتمين بهذا البحث عالم النفس البريطاني وليم ماكدوجال، الذي وجد أبعاداً لسمات الشخصية تتراوح ما بين العالي والمنخفض؛ فالقلق مثلاً سمة يتفاوت مداها بين القلق الشديد والبسيط، غير أن درجة القلق لدى معظم الناس، تقع مابين هذين الحدّين. وقد درس علماء النفس بعض الصفات المميزة للشخصية، كالعدوانية، والاتكالية، والانبساطية والانطوائية.

تساعد دراسات سمات الشخصية على كشف الروابط بين مختلف صفات الشخصية عند الفرد. مثلاً يمكن اختبار ذكاء مجموعة من الأطفال، وتوجيه أسئلة إليهم في الوقت ذاته عن ميولهم. وفضلاً عن ذلك قد يطلب منهم، أن يحكموا على خصائصهم، كما قد يطلب من أساتذتهم تقدير هذه الخصائص. بعدها يتم ربط حصيلة النتائج بعضها ببعض إحصائياً، لمعرفة ما إذا كان ثمة ترابط بين جميع هذه المعلومات.

وقد طور عالم النفس الأمريكى جوردون أولبورت فى كتابه بعنوان: الشخصية، الصادر عام 1937، فكرة سمات الشخصية، وذلك من خلال تصنيف العدد الهائل من الكلمات المستخدمة فى لغة الحياة اليومية لوصف الأفراد والجماعات، واختيارها على أساس بدهى وحدسى. وقد انتهى ألبورت فى بحثه إلى تأكيد تفرد الفرد وتميزه، وترابط سمات الشخصية، وكانت توجهاته فى هذا البحث ذات طبيعة فردية (تخصيصية) أكثر منها تعميمية.

فى مقابل هذا استخدم رايموند كاتل التحليل العاملى فى انتقاء قائمة أكثر تحديدا من سمات الشخصية المستقلة، كما استطاع أن يطور اختبارا للشخصية لقياس تلك السمات. وتتكون قائمة السمات التى بلورها من ست عشرة سمة، كل منها ثنائية الوطبية: كالسيطرة فى مقابل الخضوع، والتطرف فى مقابل المحافظة، والحساسية العاطفية فى مقابل الخشونة (الفظاظة).

وفى نفس الاتجاه نجح هانز آيزنك فى تقليل عدد عوامل الشخصية إلى أقل من ذلك، مقترضا أن البعدين الرئيسيين فى الشخصية هما: الانبساط/ الانطواء، والعصابية. وعلى الرغم من أن أساليب التحليل العاملى التى استخدمها كاتل وأيزنك قد تعرضت لعديد من الانتقادات القوية، فإننا نجد أن اختبارات الشخصية من نوع اختبار الورقة والقلم التى طوراها أصبحت تحظى بانتشار واسع النطاق.

التقديرات والتقارير الذاتية

يتجه البحث في سمات الشخصية، إلى الاعتماد كثيرًا على تقديرات عامة للشخصية. أما التقارير الذاتية فيعبر فيها الشخص عن رأيه في مدى تمتع شخصيته بسمات معينة. ويمكن الحصول على تقديرات من الأساتذة أيضا، أو من آخرين يعرفون الشخص أو راقبوه في حالات خاصة.

لكن قد تشوب هذه التقديرات ضروب متنوعة من التحيز؛ فربما أعطى الشخص ردوداً يحسبها متوقعة منه، أو مرغوبة اجتماعيًا، حتى ولو لم تكن تلك الردود صحيحة. و فوق ذلك قد تعكس هذه الردود تصورات، أو أفكارًا مكونة سلفا، بدلا من كونها وصفًا دقيقًا للسلوك، وكذلك الاختبارات التي تسأل الشخص أن يحكم على بعض ميوله، كالتودُّد والتكيُّف، إذ يُخشى أن تعطي هذه الاختبارات تصويراً ذاتياً عامًا، لا وصفًا مفصلاً للسلوك. ولذا قد تعكس نتائج هذه الاختبارات بصورة جزئية المفاهيم والأفكار المكونة سلفا، والتي ينسبها الناس إلى أنفسهم أو غيرهم، بدلاً من أن تصف سلوك الناس الفعلي.

لهذا تصمّم بعض الأساليب بحيث تقلل من دور المعاني والمفاهيم الذاتية. بينما تعمد أساليب أخرى إلى توضيح مفاهيم الشخص عن نفسه. وتعتبر هذه المفاهيم الذاتية مهمة بصورة خاصة في النظريات التي تؤكد دور الذات، ونظرة المرء إلى نفسه. مثلا، يركز عالم النفس الأمريكي كارل روجرز في نظريته حول تحقيق الذات على مذهب تعرّف الظواهر أو تجارب الشخص الواقعية وتصوراته الذاتية.

الاختبارات الإسقاطية

حاول بعض الباحثين تجنُّب المشاكل الناجمة عن الاعتماد على تقديرات الشخص، أو تقاريره الذاتية، وذلك بتكوين أساليب سريرية غير مباشرة، تدعى بالاختبارات الإسقاطية، غايتها الكشف عن دوافع الفرد وشخصيته. وتتطلب هذه الأساليب أن يستجيب الشخص لحالات ليس لها ضوابط واضحة أو إجابات صحيحة أو خاطئة. ففي اختبار رورشاخ، قد يُسأل الشخص أن يصف بقع حبر كما تبدو له. وفي اختبار الفهم الموضوعي قد تُعرض على الشخص سلسلة من الصور ليبتدع قصة عن كل شخصية من شخصياتها. ويشترط في استخدام الأساليب الإسقاطية ألا يقـــوم بها ســـوى المتخصص الطبـــي المدرب، والقادر على ترجمـــة إجـــابات الاختبارات بصورة غير مباشرة إلى تغييرات عن صفات الشخص. ومع ذلك ماتزال صلاحية هذا النهج للكشف عن جوانب شخصية الفرد موضع جدل وقيد البحث.

الاتجاهات الفردية فى مقابل الاتجاهات التعميمية

طالع أيضاً: الاتجاهات الفردية فى مقابل الاتجاهات التعميمية

هناك اختلافات هائلة فى الطرق الدقيقة لقياس الشخصية والإحاطة بها. فهناك خلاف أساسى مستعر بين مضمون للمفهوم يرى أن كل فرد كائن فريد متميز له شخصيته الخاصة التى يتعين وصفها والإحاطة بها فى كليتها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى حاجة العلم الوضعى إلى الوصول إلى تعميمات قائمة على دراسة ملامح الشخصية المنوالية أو النمطية المشتركة بين عدد كبير من الأفراد.

وهكذا نرى الاتجاه الأول ينتمى إلى الاتجاهات الفردية (التخصيصية) فى دراسة الشخصية، حيث يتمحور البحث حول وصف وتحليل الفرد المتفرد المتميز. أما الرأى الثانى فيوحى بالاتجاه التعميمى الذى يقوم فى الأساس على دراسة عدد كبير من الناس والوقوف على السمات المشتركة بينهم. ويرتبط كل من هذه الاتجاهات ببعض نماذج الشخصية الأكثر جزتية وتفتيتا. ولكنا نستطيع القول أن هذا التعارض خادع إلى حد ما، لأننا نجد فى الواقع أن أغلب الاتجاهات المعروفة فى دراسة الشخصية تجتهد فى محاولة بلورة نماذج عامة للشخصية فى نفس الوقت الذى تقوم فيه بوصف الحالات الفردية.

الشخصية والبيئة

تفترض نظريات سمات الشخصية ونظريات التحليل النفسي، أن سلوك الناس في كثير من الحالات مرجعه أمزجة عامة، تكمن داخل شخصياتهم. غير أن البحوث الجارية حول درجة ثبات سمات الشخصية، تدل على أن أفعال الناس وتفكيرهم وشعورهم، قد تعتمد إلى درجة كبيرة على الظروف المحيطة بالسلوك.

فقد يتحلى الإنسان بالأمانة في إحدى الحالات، وبعكسها في حالات أخرى. وقد يكون مسالماً في بعض الحالات وعدوانياً في حالات أخرى، أو مع أناس آخرين. لذا تضع كثير من المناهج المعاصرة لدراسة الشخصية تأكيداً على الدور الذي تؤدِّيه التجارب الاجتماعية، والأحداث البيئية في تطور السلوك وتعديله. وتبعاً لذلك أخذ علماء النفس يبتعدون تدريجيًا عن صياغة نظريات عامة حول طبيعة الشخصية. وعوضًا عن ذلك، يقومون بدراسة الظروف التي تحدد السلوك الإنساني المعقد.

تطور الشخصية

درس بعض علماء النفس تأثير التجارب المبكرة في تطور الشخصية، بينما درس آخرون مدى ثبات بعض سمات الشخصية على مر الزمن، وتشير نتائج بحوثهم إلى أن بعض السِّمات، كالتعب في سبيل تحقيق هدف ما، قد تستمر من عهد الطفولة حتى الكبر، غير أن البحوث دلَّت أيضا على أن شخصية الإنسان دائمة التغير مع تغير التجارب والبيئة.

تزداد دراية الناس على مر الأيام بحقيقة أنفسهم وعالمهم بفضل مراقبة غيرهم من الناس ومشاهدة الأحداث، كذلك يتعلمون مباشرة بتجربتهم أنواعاً جديدة من السلوك؛ إذ يثابون على بعضها ويعاقبون على بعضها الآخر، ويؤثر ذلك في سلوكهم في المستقبل عندما يواجهون حالات مماثلة. كذلك يتعلم الناس بمراقبة سلوك الأشخاص الذين يتطلعون إليهم، كآبائهم، فعلى سبيل المثال، إذا شاهد الأطفال بأمِّ أعينهم مرارًا وتكرارًا كيف يجني الكبار ثمرة أعمالهم الإجرامية أو المنافية لنُظُم المجتمع ـ بدلاً من أن يعاقبوا عليها ـ فمن الأرجح أن ينشأوا على هذا السلوك؛ إذ لدى الأطفال استعداد كبير لمحاكاة أفعال الذين يتمتعون بالقوة أو بالقدرة على مكافأتهم أو العناية بهم.

ويقتبس الأطفال أثناء نموهم بعضًا من سلوك المعجبين بهم كآبائهم وأصدقائهم، ونتيجة لذلك تتكون لديهم أنماط جديدة من السلوك، كذلك يكتسبون مباشرة ـ بفضل المشاهدة ونمو المعرفة لديهم ـ معايير وقيماً تساعدهم على ضبط سلوكهم والحكم عليه. هكذا تتكون لديهم تدريجيا مجموعة هائلة من أشكال السلوك الممكن اتباعها. لكن شكل السلوك الذي يصدر عنهم يتوقف على عوامل متصلة بحوافزهم. انظر: الدافع.

وتختلف تجارب الناس في اكتساب المعرفة والخبرة الاجتماعية باختلاف الظروف الاجتماعية والثقافية، التي يعيشونها في بيوتهم ومدارسهم وغيرها من الأماكن. ومع أن معرفة سمات الشخصية تمكِّن من التكهُّن بالكثير من جوانب السلوك المهمة، إلا أن الظروف المحيطة بالسلوك تكون غالباً خير دليل على تصرفات الناس في المستقبل. ورغم الفوارق الهائلة في معظم أفعال الناس؛ فهنالك كثير من التشابه والتجانس فيها عندما تؤدي الظروف البيئية دوراً قوياً جداً. فعلى سبيل المثال؛ إذا صادف الإنسان نجاحاً عظيماً في تجارب جديدة فربما تغلَّب هذا النجاح على سلبيات الإخفاق في تجارب قديمة، وعلى سمات الشخصية عند التكهن بردود الفعل لتلك الحالات الجديدة في المستقبل. كذلك قد تؤدي أية تغيرات بيئية شديدة أو مديدة ـ كقضاء مدة طويلة في المستشفى أو السجن ـ إلى تغييرات عظيمة في شخصية الإنسان، ويقال عن الشخص الذي يصعب عليه إقامة علاقات شخصية مع الناس: إنه يعاني اضطراباً في شخصيته. انظر: الأمراض العقلية.

ردود الفعل الانفعالية

أثناء نمونا نكتسب ردود أفعال انفعالية شديدة لكثير من المؤثرات. وقد تصبح الأحداث التي لم نُعرْها اهتماماً في الماضي مدعاة للسرور أو الألم بفعل الردود الشرطية.

وقد تنطوي بعض ردود الفعل على قلق عظيم، ولذا ربما تخلِّف آثاراً كاسحة. فعلى سبيل المثال، قد يصبح الأطفال الذين يتعرضون لتجربة مريعة مع كلب واحد، خائفين من جميع الكلاب. وقد يُعَمَّم هذا الخوف فيشمل حيوانات أخرى، وحتى أشياء كالشعر أو معطف الفرو. ويصبح التخلص من هذه المخاوف أمراً صعبًا جدا؛ لأن هؤلاء الناس يحاولون تجنب جميع الأوضاع الباعثة على الخوف. وينجم عن ذلك حرمان هؤلاء الناس أنفسهم من فرصة مواجهة تجارب أخرى، قد تزيل مخاوفهم، كلمس كلاب غير مؤذية. ومن الممكن اكتساب مثل هذه الانفعالات العاطفية بمجرد مشاهدة ردود فعل الخوف لدى الآخرين.

ونتيجة التعلم الاجتماعي، تعمم تجاربنا لتشمل أوضاعاً جديدة، ولكنها شبيهة أو مماثلة، لكننا نعمم دون تمييز أو تقييد، إذ قد يتعود صَبي التعبير فعلاً عن روح عدوانية في مواضع كثيرة، بما في ذلك المدرسة، وميدان اللعب، والبيت، ولكنه يتعلم أيضا كبح جماح هذه الروح في حالات أخرى عند زيارة جده مثلاً.

تغيير الشخصية

تقودنا البحوث الجارية حاليا حول سبل اكتساب المعرفة والتعلم الاجتماعي، نحو أشكال جديدة من العلاج النفسي لمساعدة من لديهم مشاكل نفسية. وبعض هذه المشاكل وليدة التخلف التعليمي، مثلاً هنالك أناس يفتقرون إلى معرفة أية حرفة، أو لم يتلقوا تعليماً رسمياً فيعجزون عن القراءة والكتابة. وهنالك أناس يجهلون أصول التعامل مع الآخرين، وعليهم تعلم مهارات ضرورية في المعاملات الشخصية. وقد يتحلى بعض الناس بهذه المهارات الأساسية، ولكنهم عاجزون عن استعمالها بسبب المخاوف الانفعالية وموانع الكبت.

ويركز العلاج النفسي الرامي إلى تغيير الشخصية، على أهمية التنقيب عن جذور هذه المشاكل. وتحاول مناهج التعلم معالجة اضطراب السلوك ذاته، باستخدام وسائل، مثل إعادة التعلم المخطط، وردود الأفعال الشرطية. وثمة أشكال أخرى من تغيير الشخصية يمكن تحقيقها بخلق بيئات خاصة لتعلم أنماط أدعى لتكييف الشخصية.

نظرة تحليلية للشخصية

عوامل السلوك: نظرة تحلیلة تجزيئية

  • العوامل الجينية
  • التربية والأشخاص المحيطين
  • تجارب الطفولة
  • نمط الحياة
  • الجماعة - المجتمع
  • الاختلافات - الخصائص
  • القيم والمعتقدات
  • الدافع
  • الكفاءة والقدرات
  • الذكاء - مزاج
  • الأزمات - الوقت
  • النمو
  • الإدراك - الوعي
  • الشعور - العاطفة

الشخصية: نظرة تحلیلة تركيبية

الشخصية: طريقة المزج بين كل العوامل السابقة.

الشخصية: نظرة تحليلية شاملة: العوامل السابقة عندما يتم الجمع فيما بينها.

الشخصية:

  • أ. الوظيفة: لماذا وكيف تتصرف.
  • ب. البنية: ما هي العوامل التي تُأثِّر على سلوك الشخص؟

الشخصية: تشرح (تلهم) السلوك. وتشير إلى الأسباب الموجدة للسلوك.

علم النفس

تتضمن بعض الأفكار في الدراسة النفسية للشخصية والعلمية ما يلي:

علم الاجتماع

الشخصية أحد المفاهيم العديدة التى يستخدمها المشتغلون بالعلوم الاجتماعية للإشارة إلى الفرد (ومن تلك المفاهيم الأخرى الذات والهوية). وهو يعنى مجموع السمات والخصائص التى تتسم بقدر من الاستقرار، يقدر ها ويحكم عليها الآخرون، والتى تميز فردا عن آخر. ويعتقد أن تلك السمات لديها القدرة على الاستمرار عبر الزمان والمكان، وهى تمثل أساسا للسلوك الصادر عن صاحبها. معنى ذلك أن مصطلح الشخصية يشير إلى الفرد كموضوع (موضوع للتقويم الخارجى) على حين يشير مصطلح الذات إلى الفرد كذات (كمصدر للفعل والتأمل الذاتى).

والشخصية، شأنها شان فكرة الاتجاه، قد نبتت فى الأصل فى ثنايا محاولة التنبؤ بسلوك الفرد أو تفسير هذا السلوك، ومن ثم يشير إلى الأشياء التى يؤديها الفرد فى موقف معين مما ينتمى إليه. ولكن فى الوقت الذى تعد فيه الاتجاهات لصيقة بالموضوع وخاصة به (أى آنها موجهة نحو أشخاص أو أشياء معينة) نجد أن مصطلح الشخصية يشير إلى توجهات وميول أعرض مساحة و أكثر عمومية. والفرض الأساسى الكامن وراء ذلك آن السلوك يمثل دالة لعاملين هما: الشخصية (أو الاتجاهات) والموقف، وأن الأهمية النسبية لكل منهما تتباين من موقف لآخر. فجناك بعض المواقف التى تكاد تتجاوز الفروق يين الشخصيات، من قبيل موقف اشتعال حريق فى دار للسينما، وما يرتبط بذلك من ذعر عام يلف كل الموجودين فى القاعة. فى حين هناك بعض الموافف التى تسمح بظهور الفروق بين الشخصيات وتتيح لها فرصة النمو.

والملاحظ أن علاقة علم الاجتماع بدراسة الشخصية كثيراً ما اتسمت بالازدواجية، هدا إن لم تكن قد اتسمت بالعداوة الصريحة. فتأكيد دوركايم على الحاجة المى تفسير سوسيولوجى خالص لظاهرة الانتحار قد قاده إلى رفض الإشارة إلى العوامل النفسية أو الاستعانة بها، مثل "حالات المرض النفسى. كما لاحظنا وجود اتجاه عام يرى أن موضوع الشخصية ينتمى إلى ميدان علم النفس، لا إلى علم الاجتماع. ومعنى ذلك فى الواقع تضمين بعض المسوح الاجتماعية بعض مقاييس الشخصية لإثبات أن الفروق الملاحظة بين الأفراد ليست راجعة إلى الشخصية. ولكن عرف علم الاجتماع - مع ذلك “ بعض رموزه، مثل تالكوت بارسونز، الذين حاولوا دراسة العلاقات التى يمكن أن تقوم بين المشخصية والبناء الاجتماعى. واعتمد علماء الاجتماع هؤلاء على بحوث علماء الأنثروبولوجيا الثقافية الذين ربطوا بين الثقافة والشخصية، وهى نفسها البحوث التى تأثرت بقوة بنظريات فرويد فى الشخصية، اعتمدوا عليها فى تأكيد تشكل الشخصية بفعل العوامل الاجتماعية، ولكن الأهم أنهم اعتمدوا عليها فى دراسة التوافق بين سمات الشخصية والتتنظيم الاجتماعى (سواء كان هذا التتظيم مجتمعا كبيرا أو مؤسسة أو ننظيما أكثر تحديدا من ذلك كشركة تجارية أو جماعة دينية). ويمكن أن يعد كتاب ماكس فيبر: الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، الصادر عام 1905، واحدا من تلك النوعية من البحوث السوسيولوجية.

أصول شخصية الفرد الحديثة

المعنى الحديث لشخصية الفرد هو نتيجة للتحولات في الثقافة الناشئة في عصر النهضة، وهو عنصر أساسي في الحداثة. على النقيض فإن معنى النفس في القرون الوسطى الأوروبية ارتبط بشبكة من الأدوار الاجتماعية: «إن الأسرة، شبكة القرابة، والنقابات، والشركات - كانت هذه هي اللبنات الأساسية للشخصية» وذلك حسب ملاحظات ستيفن غرينبلات في سرد الانتعاش (1417) وقصيدة لوكريتيوس: أن «في صلب القصيدة وضع المبادئ الأساسية للفهم الحديث للعالم». .جاك Gélis يلاحظ أن: «عندما یعال من قبل الأسرة، فإن الفرد وحده لا شيء»

ان أول من بحث الشخصية بطريقة ممنهجة هو زيغموند فرويد ويدين له كل من أتى بعده من علماء النفس سواء وافقوه في الرأي أم خالفوه.

انظر أيضاً