ذات

الذات أو الأنا (بالإنجليزية: Self) هو حصيلة تجربة المرء للظواهر المختلفة التي تشكل إدراكه، وعواطفه، وأفكاره. وهي تختلف تماما عن النفس. وهذا يعني أن أفكار ومشاعر ومدركات الفرد عن نفسه هي ذاته، ومن هنا نشأ علم تطوير الذات وعلم إدارة الذات وغيره.

البيئة الثقافية للفرد، مع حصيلة خبراته الحياتية أثر كبير في بناء شخصيته، أو بمعنى آخر هويته. فالطفل منذ وقت مبكر يبدأ في تكوين هويته متشبهاً بالأشخاص المهمين في البيئة من حوله. ففي الوقت الواحد يتشبه بأمه وأبيه أو أحد إخوته أو معلمه، إلا أن هذا الخلط يفرز شخصية متشعبة ذات أدوار مختلفة، مفككة الأوصال. أما المراهق فلأن خبراته الحياتية لا زالت محدودة فإنه يكون مذبذباً وغير متيقن من أمره وهو يسعى إلى تحقيق ذاته وتكوين هويته. فلذلك تراه يلعب أدواراً متضادة، مثلا في الوقت الواحد يكون مستقلاً ومعتمداً على غيره؛ جريئاً وجباناً؛ متحدياً وخضوعاً؛ جدياً وغير مكترث. وعليه في النهاية تخليص نفسه من لعب هذا الدور المزدوج ومن أن يكون نسخة من غيره، أو التذبذب بين الأدوار لكي يبدأ في تكوين هويته الخاصة به متجاوزاً هذه المرحلة الانتقالية.

ففكرة الفرد عن نفسه تتميز بالتفرد، ولكنها عرضة للتعديل بتأثير الظروف البيئية والاجتماعية التي تحيط به، وبوجهة نظر الآخرين عنه. فالفرد قد يرى ذاته بصورة ايجابية أحياناً، وبصورة سلبية أخرى، إلا أنه بصفة عامة له تصور شبه ثابت عن ذاته.

الذات هي معرفة شخصية، يمكن لأي فرد معرفة ذاته إذا كان صريحا مع المنطق.

علم الاجتماع

هناك اتفاق فى معظم الأحوال على أن مصطلح "الذات" فى علم الاجتماع مستمد من فلسفات كل من تشارلز هورتون كولى، ووليام جيمس، وجورج هربرت ميد، وأن هذا المصطلح يمثل أساس النظرية التفاعلية الرمزية. وهو يوضح القدرة التأملية والاسترجاعية للبشر على أن ينظروا لأنفسهم كأشياء أو موضوعات يخضعونها لتفكيرهم. فالذات على حد رأى ميد هى التى تجعل المجتمع البشرى المتميز ممكناً (انظر كتابه: العقل والأنا والمجتمع، الصادر عام 1934). ويميز هذا الكتاب بين مرحلتين فى عملية تكوين الذات: إحداهما بعبر عنها بضمير المتكلم "I" فى اللغة الإنجليزية، وهى تعبر عن الجانب التلقائى الداخلى الذاتى والخلاق، والثانية يعبر عنها بضمير الملكية "me"، وتعنى مجموعة الاتجاهات المنظمة عن الذات لدى الآخرين، وذات الصلة بالمجتمع الواسع. والمرحلة الثانية هذه هي الأكثر اجتماعية والأكثر تحديدا، ويطلق على هذا الجانب غالبا مفهوم The Self Concept - أى كيف يرى الناس أنفسهم فى عيون الآخرين - وهو الجانب الأكثر قابلية للدراسة. وتنمو الذات من خلال الاتصالات والرموز، حيث يصبح الطفل تدريجيا قادرا على تقمص أدوار الآخرين. وتوضح مناقشات ميد أن هذا النمو يتم خلال مراحل أنشطة اللعب والمباريات وما يطلق عليه الآحر العام. ويشير مفهوم "الآخر العام" إلى مجموعة الاتجاهات المنظمسة الخاصة بالمجتمع ككل - وليس فردا بعينه -والتى تمكن الناس من استدماج الإحساس بقيم المجتمع فى تصورهم أو مفهومهم عن الذات.

ومن بين أحدث الكتابات عن "الذات" تعد كتابات موريس روزنبرج الأكثر أهمية وتشويقا، خصوصا فى علاقاتها بدراسة تقافات الشباب (انظر على سبيل المثال الكتاب الذى شارك فى تأليفه عن: تقدير الذات عند السود والبيض الصادر عام 1973) وفى كتابه: فهم الذات، الصادر عام 1979، يحاول روزنبرج التمييز بين مجموعة عناصر فى تحليل "مفهوم الذات" هى: المحتوى والبناء والأبعاد والحدود. ويعرف "مفهوم الذات" بأنه: "مجموع أفكار ومشاعر الفرد عن نفسه كموضوع للتأمل. أما المحتوى فيتضمن الكيانات الاجتماعية (الجماعات والمكانات) المعسروف اجتماعيا أنه ينتمى إليها كان يكون أسودا أو أنثى أو غير ذلك، كما يتضمن النزعات (أو الاستعدادات للاستجابة انطلاقا من كونه أسودا أو أنثى أوغيرها من المسمات الأخرى التى يرى المرء أنه يتسم بها)، والعلاقة بين الكيانات الاجتماعية والنزعات أو الاستعدادات الداخلية هى التى تمثل بناء الذات. كما أن الاتجاهات والمشاعر المتى يمتلكها المرء عن نفسه تأخذ سلسلة من الأبعاد (تشمل من بين ما تشمل: الوضوح، والانساق، والاستقرار). كما يميز روزنبرج أيضا بين ما يطلق عليه الذات الموجودة The extant self (وهى صورتنا عما نحن عليه) والذات المرغوبة The desired self (وهى ما نود أن نكون عليه) والذات المعلنة The presenting self (وهى الطريقة التى نقدم بها أنفسنا فى موقف ما). وأخيرا يشير مفهوم الحدود بالنسبة للذات إلى ما يطلق عليه امتدادات الذات، والمتى يدخل ضمنها مثلا خجل المرء من أصوله المتواضعة، وفخره بما لديه من ملابس تساير الموضة.

العلاج والإرشاد وعلم النفس

يستخدم مفهوم الذات فى مجالات العلاج والإرشاد وعلم النفس، ولكن بطرق مختلفة إلى حد ما، حيث ينظر الى الذات باعتبارها حاجة داخلية أو إمكانية كامنة. ويعرض علماء النفس الاجتماعى عادة مجموعة من المصطلحات المرتبطة بالذات والمشتقة منها، مثل مفهوم الوعى الذاتى (الذى يركز نحو الداخل على الذات) ومفهوم تصور الذات (أى وجهة نظر المرء فى ذاته الحقيقية)، وكشف الذات (أى كشف المرء عن نفسه الحقيقية للآخرين)، والانطباعات الذهنية عن الذات (أى الانطباعات العارضة عن الذات التى تتغير خلال المواقف)، وإدراك الذات (أى العمليات التى من خلالها يفكر الأفراد فى أنفسهم ويتعرفون عليها).

انظر أيضاً