اشتراكية

الاشتراكية (بالإنجليزية: Socialism) هي نظام اقتصادي غربي الأصل وحركة سياسية ونظرية اجتماعية، تنهض على الملكية الجماعية أو ملكية الدولة لوسائل الإنتاج التوزيع والإدارة التعاونية للاقتصاد؛ أو هي فلسفة سياسية تدافع عن هذا النظام الاقتصادي، على الرغم من أنها -كنظام- تتخذ صورا وأشكالا عديدة متنوعة، شأنها فى ذلك شان النظام الرأسمالى. الملكية الاجتماعية تعود لأي شخص ما أو مجموعة مما يلي: شركات تعاونية أو ملكية شائعة أو ملكية عامة مباشرة أو دولة المؤسسات المستقلة. الاقتصاديات الاشتراكية تعتمد على الإنتاج من أجل الاستخدام والتخصيص المباشر لمدخلات الاقتصاد لإشباع المتطلبات الاقتصادية والحاجات البشرية (قيمة الاستخدام)؛ المحاسبة تعتمد على كميات طبيعية من الموارد، كمية طبيعية أو قياس مباشر لوقت العمل.

ويعتقد أغلب الاشتراكيين أن الحكومات الوطنية أو المحلية، هي التي ينبغي لها امتلاك موارد الأمة واستغلالها وليس الأفراد. وتقوم النظرية الاشتراكية على امتلاك الدولة للأراضي والمصانع وغيرها من وسائل الإنتاج؛ لأنهم يعتقدون أن الشر يدخل من باب الملكية الخاصة.

كحركة سياسية، تشمل الاشتراكية على مصفوفة مختلفة من الفلسفات السياسية، تتراوح ما بين الاشتراكية الإصلاحية إلى الاشتراكية الثورية. يدافع أنصار اشتراكية الدولة عن قومية وسائل الإنتاج، توزيع وتبادل خطة لتنفيذ الاشتراكية. يدافع الديموقراطيون الاشتراكيون عن إعادة توزيع الضرائب وتنظيم الحكومة لرأس المال من خلال هيكل اقتصاد السوق. بخلاف ما سبق، الحركة اللاسلطوية تدافع عن تحكم العامل المباشر في وسائل الإنتاج بدون الاعتماد على سلطة الدولة أو السياسيات البرلمانية أو ملكية الدولة للصناعة لتحقيق الاشتراكية.

ظهرت فكرة الملكية العامة منذ عهد الإغريق، حيث طرح الفيلسوف اليوناني أفلاطون في القرن الرابع مسألة الملكية الجماعية للطبقة الحاكمة. ومنذ ذلك الحين ظهرت جماعات عدة تطالب ببناء نظام اجتماعي يقوم على الملكية الجماعية.

استخدمت كلمة الاشتراكية لأول مرة في القرن التاسع عشر الميلادي، وقصد بها آنذاك الدعوة إلى محاربة الأنانية التي كان بعض الناس يعتقد أنها أصل الشرور في نظام رأسمالي أو عمل حر، وعزز هذا الاعتقاد أن الثورة الصناعية في العالم الغربي سببت في السنوات الأولى من القرن التاسع عشر في أوروبا الغربية مشكلات اجتماعية خطيرة، تمثلت في إلزام أصحاب المصانع لموظفيهم بالعمل ساعات طويلة، بأجور منخفضة وفي ظل ظروف غير صحية. وقد ادعى الاشتراكيون أن الأخذ بمبدأ الملكية العامة أو السيطرة على موارد الإنتاج يضمن معاملة أفضل لجميع أفراد المجتمع.

الاشتراكية الحديثة تنبع من مفكري القرن الثامن عشر والحركة السياسية للطبقة العاملة التي تنتقد آثار الصناعة والملكية الخاصة على المجتمع. على الرغم من أن المصطلح اشتراكي في القرن التاسع عشر كان يطلق على أي اهتمام بالمشاكل الاجتماعية للرأسمالية، بدون النظر للحل، بنهاية القرن التاسع عشر حدث تضاد واضح بين الاشتراكية والرأسمالية وأصبحت نظاماً بديلاً يعتمد على الملكية الجماعية. الاشتراكيون الخياليون أمثال روبرت أوين حاول أن يؤسس كميونات معتمدة على نفسها بالانفصال عن المجتمع الرأسمالي. ألهم النموذج السوفيتي لتطور اقتصاد الاشتراكيين أمثال اللينيين-الماركسيين، ودافعوا عن خلق اقتصاد مخطط مركزياً يوجهه حزب الدولة الحاكم الذي يملك وسائل الإنتاج. الحكومات الشيوعية اليوغوسلافية والمجرية والألمانية الشرقية والصينية أنشأت أشكال لاشتراكية السوق متعددة، تدمج نماذج الملكية التعاونية وملكية الدولة مع تبادل السوق الحر ونظام الأسعار الحرة (ولكن الأسعار الحرة ليست لوسائل الإنتاج).

وفي أغلب الدول توجد اليوم أحزاب سياسية اشتراكية، كما توجد حكومات اشتراكية في بعضها، ومن الجدير بالذكر أن معظم الدول غير الاشتراكية تبنت بعض الأفكار والأساليب التي هي جزء من البرامج الاشتراكية.

الفلسفة

تعتمد وجهة النظر الاشتراكية عامة على أساس مادي (عامة ما تتضمن المادية التاريخية أو الوضعية) وفهم للسلوك الإنساني يُشكل عن طريق البيئة الاجتماعية. وفي الخصوص الاشتراكية العلمية تحتوي العادات والقيم الاجتماعية والصفات الثقافية والمعاملات الاقتصادية هي صناعات اشتراكية وأيضاً قوانين طبيعية غير قابلة للتغيير. الهدف الأسمى للاشتراكيين الماركسيين هو رفع الولاية وتحرير العمال من العمل عند الآخرين. ويتجادل الماركسيون أن تحرير الفرد من ضرورة العمل عند الآخرين من أجل الحصول على بضائع سيجعل الناس تنساق إلى اهتمامتهم الخاصة ويطوروا مواهبهم الخاصة بدون الاهتمام بالعمل عند الآخرين. وهكذا بالنسبة للماركسيين يسمح بأن تكون مرحلة التطوير الاقتصادي مرحلة عرضية على التقدمات الموجودة بالقدرات الإنتاجية بالمجتمع.

عامة الاشتراكيون يثبتوا أن الرأسمالية تركز القوة والثروة في قطاع من المجتمع، فيتحكم هذا القطاع في وسائل الإنتاج ويستمد ثروته من النظام الإستغلالي. وهذا يخلق مجتمع طبقي يعتمد على علاقات اجتماعية غير متساوية مما يسبب الفشل في إمداد فرص متساوية لكل الأفراد لتعظيم قدراتهم، وهكذا لا يتم استخدام التقنيات المتاحة والمصادر لتعظيم قدراتهم لمصلحة العامة، وتركز على إرضاء وإشباع رغبات السوق المستحث في مقابل متطلبات الإنسان. ويثبت الاشتراكيون أن الاشتراكية تسمح بتوزيع الثروة على أساس مساهمة كل فرد في المجتمع وفي المقابل كم رأس المال الذي يمتلكه الفرد.

الاشتراكيون يؤكدوا أن رأس المال نظام اقتصادي غير شرعي، حيث أن هذا يخدم مصلحة الأغنياء وتسمح بإستغلال الطبقات الأدنى. وبالتبعية يتطلعوا إلى أن يستبدلوا النظام بالكامل بعمل تعديلات ضرورية له لكي يخلقوا عدالة اجتماعية لتولد مستوى معيشة أساسي. الهدف الأساسي للاشتراكية المساواة الاجتماعية وتوزيع الثروة على أساس المساهمة في المجتمع، وتنظيم اقتصادي يخدم مصلحة المجتمع ككل.

أهداف وأساليب الاشتراكية

يعتقد الاشتراكيون أن نظم المؤسسات الحرة غير فعالة، وتؤدي في النهاية إلى هدر كثير من الموارد، وأن الرأسمالية تصاحبها مشكلات، منها: البطالة والفقر والنزاع بين العمال وأرباب العمل. وينبغي لمواجهة هذه المشكلات توزيع ثروات الدولة بالتساوي وبعدالة. كما أنهم يعارضون بقوة عدم المساواة الاجتماعية والتفرقة بين المواطنين، ويهدفون إلى قيام مجتمع يرتكز على التعاون والأخوة، لا على المنافسة والمصلحة الفردية.

ويرى دعاة الاشتراكية أن أهدافها تتحقق بوضع وسائل الإنتاج الرئيسية بأيدي المواطنين، وذلك إما مباشرة وإما من خلال الحكومة. وفي هذا المجال يفضل العديد من مُنَظِّري الاشتراكية الاقتصاد المختلط، أي ملكية الحكومة للمصانع الأساسية وملكية الأفراد للعديد من النشاطات الأخرى، على أن تتم الرقابة عليها من خلال القوانين والتنظيمات التي تفرضها الحكومة. ويرى الاشتراكيون أن موارد الدولة ينبغي استخدامها ضمن خطة اقتصادية شاملة، يتم وضعها من قِبَل رجال الصناعة والمزارعين والعمال والمسؤولين في الحكومة، تراعي تكييف الإنتاج حسب احتياجات المواطنين. وبرغم أن قوى العرض والطلب قد تؤثر على الإنتاج والأسعار في ظل هذه الخطة الاقتصادية، فإن العديد من القرارات بخصوص الإنتاج والأسعار تتخذه السلطات السياسية.

وبخصوص حجم الثروة التي تبقى بأيدي الأفراد وتجريد الأغنياء من بعض ممتلكاتهم، يختلف الاشتراكيون فيما بينهم، فالعديد منهم ينادي بإعادة توزيع الثروة من خلال الضرائب وسن القوانين لمساعدة المسنين والعاطلين عن العمل والمعوقين وذوي العاهات والأرامل والأطفال القصَّر وغيرهم من المحتاجين. كما يرى آخرون أنه ينبغي علاوة على ما تقدم توفير التعليم المجاني والخدمات الطبية لكل المواطنين بجانب مساعدتهم في الحصول على مسكن صحي سليم، وبإيجار يمكنهم تحمُّل نفقاته.

الاقتصاد

المقالة الرئيسة: الاقتصاد الاشتراكي

التصميم الأساسي للاشتراكية هو تصميم اقتصادي حيث أن الإنتاج منظم بطريقة مباشرة لإنتاج بضائع وخدمات لأجل قيمة استخدامها، التوزيع المباشر للموارد تبعا لإرضاء المتطلبات الاقتصادية بدون حسابات مالية وتعبئة الاقتصاد يعتمد على وحدات طبيعية في مقابل القوانين الاقتصادية للرأسمالية، وعادة تتبع نهاية الفئات الاقتصادية الرأسمالية مثل الإيجار والفائدة والربح والمال. وناتج الاقتصاد الاشتراكي بضائع وخدمات للاستهلاك يمكن توزيعها على الأسواق.

وبتباين مع الرأسمالية حيث الإنتاج يرجى منه الربح، وهكذا يعتمد على التوزيع غير المباشر. الرأسمالية المثالية تعتمد على التنافس الكامل، الضغوط التنافسية تجبر المشاريع الاقتصادية للاستجابة لمتطلبات المستهلكين حتى يكون السعي وراء الربح بتقريب الإنتاج للاستخدام خلال عملية غير مباشرة(ضغوط تنافسية على الشركات الخاصة).

اشتراكية السوق ترجع إلى مصفوفة من النظريات الاقتصادية المختلفة ونظم تستخدم آلية السوق لتنظيم الإنتاج وتخصيص عوامل الإنتاج بين الشركات المملوكة اشتراكياً، مع عائد اقتصادي زائد للمجتمع كحصة اشتراكية في مقابل مالكي رأس المال. تغيرات اشتراكية السوق تشمل المقترحات التحررية كالتبادلية Mutualism، والنماذج الاقتصادية الكلاسيكية الجديدة مثل نموذج لانجه.

الاقتصاد المخطط

المقالة الرئيسة: اقتصاد مخطط

الاقتصاد المخطط يجمع بين الملكية العامة لوسائل الإنتاج مع دولة مركزية التخطيط. عادة ما يرتبط هذا النموذج مع الاقتصاد المركزي أي على النمط السوفييتي. في الاقتصاد المخطط مركزيا، اتخاذ القرارات بشأن كمية السلع والخدمات التي يتم إنتاجها من قبل وكالة التخطيط. وكان هذا النوع من النظام الاقتصادي مع نظام الحزب الواحد سياسيا، ويرتبط بالتالي مع الدول الشيوعية في القرن 20.

في اقتصاد الاتحاد السوفييتي، كان الجمع بين ملكية الدولة لوسائل الإنتاج مع التخطيط المركزي، فيما يتعلق بالسلع والخدمات التي تم تقديمها، وكيف يجب أن تصدر، وكميات وأسعار بيع. وكان التخطيط الاقتصادي السوفياتي بديلا السماح السوق (العرض والطلب) لتحديد أسعار السلع المنتجة والمستهلكة. الاقتصاد السوفياتي تستخدم مواد المحاسبة العمومية من أجل تحقيق التوازن في المعروض من المدخلات المتاحة مع أهداف الإنتاج، على الرغم من هذا أبدا كليا محل المحاسبة المالية. على الرغم من أن الاقتصاد السوفياتي كان اسميا الاقتصاد المخطط مركزيا، في الممارسة العملية وقد وضعت الخطة على الحركة والتنقل كما كان جمع المعلومات ونقلها من الشركات لتخطيط الوزارات.

الاشتراكية من منظور علم الاجتماع

لقد أدى انهيار الشيوعية السوفيتية -بعدمايقرب من مائتى عام من الفكر الاشتراكى إلى ضعف سيطرة الرؤية الماركسية اللينينية لأصل هذا المفهوم. ومع ذلك فإن المسائل التى طرحها كل من مؤبدى هذا الفكر أو معارضيه حول قضية الاشتراكية لاتزال قائمة. ولاتزال أيضا ثنائيات مثل الحرية فى مقابل المساواة، وحقوق الفرد فى مقابل الحقوق الجمعية، بل وحتى فيما يتعلق بطبيعة العملية التاريخية (بدلالاتها الطوعية فى مقابل الحتمية)، مازالت كلها تحتل مكان الصدارة. وبعض هذه المشكلات يعاد إثارته من جديد الآن حيث أن نظام الاشتراكية القائمة بالفعل أو الاشتراكية الواقعية -كما كان يطلق عليها- عطلت ازدهار العديد من العمليات التى كانت توجه هذه المسائل. وتثير عودة الرأسمالية من جديد إلى أوربا الشرقية مرة أخرى مسائل منها حدود الحقوق الفردية وطبيعة المصلحة العامة، ومذهب الحرية فى مقابل الحياة المجتمعية (انظر: جماعية). وبدأت الأقليات القومية والعرفية باختلافاتها التاريخية المعروفة وعداءاتها التى كانت خاملة لفترة طويلة، بدأت تثير بقوة مسالة الحقوق الجمعية وما يبدو حثمية تاريخية.

ومن المتفق عليه، أن الاشتراكية كنظرية - أو يوتوبيا على حد قول البعض -قد ظهرت بصفة عامة كرد فعل للرأسمالية. وترجع جذور رؤية دوركايم فى هذا الصدد إلى مجرد الرغبة فى جعل الدولة أقرب إلى الاقتصاد، وجعل المجتمع قريباً من عالم النشاط الفردى، أى جعل كافة الأجزاء الحساسة قريبة من بعضها البعض الآخر. وبهذه الطريقة يمكن التخفيف من باثولوجيا الرأسمالية (بما فيها اللامعيارية) ثم التخلص منها فيما بعد نهائيا. لقد كانت الاشتراكية صرخة ألم لم تدع إلى المساواة فى الظروف، ولكنها دعت فقط إلى تكافؤ حقيقى فى الفرص. فالدعوة إلى المساواة فى الظروف ستؤدى -كما رأى دورنكايم-إلى تحطيم الظروف اللازمة لقيام مجتمع صحى، ولايمكن للمجتمع أن يدعو الى ماهو ضد مصالحه واستمراره.

ومن ناحية أخرى فقدر رأى ماكس فيبر أن الاشتراكية سوف تعمل على دعم عملية الرشد التى بدأت خطواتها الأولى فى ظل الرأسمالية. وقد حذر فيبر المفكرين الذين أرادوا أن يزاوجو بين الرشد الشكلى والمادى فى الدولة الاشتراكية، أو كما صاغها هو -المزاوجة بين بيروقراطية الدولة والاقنصاد- الأمر الذى لن يؤدى إلا إلى خلق قفص حديدى للعبودية فى المستقبل.

و التراث الانجليزى لما يسمى الاشتراكية الأخلاقية ينادى بالتدخل الحكومى الجبرى فى عمليات السوق، وبتحكم الدولة فى ظروف العمل والسياسة الاجتماعية الجماعية ودولة الرفاهية القوية، على النحو الذى تمثله الفابية التدريجية ذات الطابع العملى المسالم (غير الثورى). وتؤكد هذه الرؤية للاشتراكية على قيم الحرية و الإخاء (وخاصة أهمية المواطنة كمقابل يواجه مظاهر عدم المساواة بين الطبقات الاجتماعية)، والمساواة. وقد طرح هذه الرؤية بوضوح شديد هالس ونورمان دينيس فى كتابهما: "الاشتراكية الأخلاقية الانجليزية"، الذى صدرعام ١٩٨٨. وهى رؤية معارضة للنزعة التاريخية وتضع الدافع الأخلاقى فى مركز السلوك الإنسانى و التنظيم الاجتماعى. وهى أيضا تختلف مع الماركسية اللينينية. وتعد كتابات مارشال وتاونى أكثر الكتابات تعبيرا عن هذا الاتجاه.

هذه الفلسفة الخاصة للاشتراكية كانت ذات تأثير كبير على علم الاجتماع البريطانى ظهرت آثاره أو ملامحه واضحة على سبيل المثال فى مدخل الحساب السياسى فى دراسة علم الاجتماع التربوى الذى كان معنيا بالمقارنة بين فرص الأطفال من خلفيات اجتماعية مختلفة فى الالتحاق بالمراحل المتعاقبة فى العملية التعليمية. وتعد أعمال هيلسى Halsey نفسه خير مثال على ذلك. فدراساته المبكرة عن عدم المساواة فى نيل فرص التعليم وفى تحقيق الإنجاز التعليمى قد صاغت جانبا كبيرا من أجندة البحث فى علم الاجتماع التربوى فى بريطانيا خلال الستينيات والسبعينيات. وكانت مؤثرة فى صياغة السياسات الاجتماعية للتعليم الشامل والمتكميلى، بينما ظلت أعماله الأخيرة ثلفت الانتباه إلى أهمية المدارس (وليس المقدرة الأكاديمية) كمحدد للانجاز التعليمى (انظر كتابيه: الطبقات الاجتماعية والفرص التعليمية الصادر عام ١٩٦١ وكذلك الأصول والمصائر، الصادر عام١٩٨٠).

وعلى أية حال فإن آراء كارل ماركس عن المستقبل الاشتراكى وتحقيق الشيوعية كانت الأسوأ فى تأثيرها على تحديد تصوص الاشتراكية إن لم تكن روحها. فالاشتراكية حسب رأى ماركس تضمنت إلغاء النظر إلى الأسواق ورأس المال والعمل كسلع. وفى الحقيقة فإن الاقتصاديات الثانوية والأسواق السوداء وغيرها من أشكال النشاط الخاص لم تستأصل من الدول الاشتراكية حتى فى ظل نظام حكم ستالين. فسرعان ما ظهرت اشتراكية المسوق بقوة نظرا لمواطن الضعف فى جوانب الانتاج والتوزيع فى نظم الاقتصاد المركزى. فالعمل الحر (الخاص) فى الحقيقة خضع لتدخلات النقابات العمالية، كما أن الإدارة الذاتية لم تظهر إلابصورة سطحية وفى حالات الأزمات، أو فى بعض الأشكال الإدارية كما حدث فى بولندا ويوغسلافيا. وبدلا مسن أن يتحقق الفائض الموعود نتيجة القضاء على فوضى الانتاج الرأسمالى، ظهر عجز واضح بدلالة طوابير الممواطنين الذين ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام و أعمال الشغب بسبب الأسعار. وقد استمر التراكم داخل قطاع الصناعات الثقيلة فى ضوء تمكن الدولة البيروقراطية من ممارسة سلطتها بكل الطرق، بما فى ذلك استيراد التكنولوجيا الأجنبية بدلا من توفير الاستقلال لكل جزء فى المجتمع. و إذا كان للاشتراكية أن تعنى شيئا فكان يجب أن تعنى خلق العدالة الاجتماعية والتحول من معايير العمل إلى معايير الحاجة. والواقع أن الاشتراكية لم تخلق حتى نظاما للعمل قائما على الجدارة، وإنما خلقت فقط طبقة سياسية وأطلقت عليها مسميات من صنعها هى. وعلى الرغم من ادعائها الالتزام بدور قيادى للطبقة العاملة، فإنها كافأت العمال ببساطة بترقيتهم إلى مواقع إدارية وسياسية فى إطار عملية احتواء واضحة.

إن غياب الحقوق المدنية الأساسية (حربة الكلام، و الأشخاص، والضمير، و الحركة، و الملكية) والحقوق السياسية (حق الاجتماع، والحقوق الدستورية)، والتى قيل إنه سيمكن تعويضها بانتصار حزب الطليعة، لم يتم تعويضها بتحقيق دولة الرفاهية الإشتراكية، أو بإشباع الحاجات بعيدا عن دنيا قيمة التبادل. كما أن التدهور البيئى الذى صاحب التصنيع الاشتراكى، و المعدلات المرتفعة للمرض والوفاة التى بلغت مستويات لم يكن من الممكن أن يعلن عنها، والتقسيم النوعى المتحيز والمستتر وراء مظاهر الفقر الشامل، وعمليات الدعم أو الإعانة الحكومية للإسكان والغذاء والتى وفرت بعدا إضافياًلمظاهر عدم المساواة المتزايدة التى تتولد عن النظام الاشتراكى لإعادة التوزيع... كل هذه العوامل وغيرها تلخص لنا بشكل مؤسف الإتجازات الفعلية للاشتراكية. وقد تعلق الإيديولوجيون داخل الحزب بالشعارات والألفاظ الرنانة للاشتراكية حتى النهاية، على الرغم من حقيقة أن أى جيل آمن بها كان قد تحول بمرور الوقت إلى أقلية.

وربما يعد الانهيار المفاجى للأحزاب الجماهيرية الكبرى فى أوربا الشرقية والرفض التام تقريباً الذى واجهته رغم الإفقار الشديد، ربما يعد اتهاما رئيسيا للاشتراكية بالصورة التى كانت تطبق بها فى دول الكتلة السوفيتية. ولم يتضح بعد كيف سيؤثر كل ذلك على مصداقية النظرية، وماذا سينشاً لملء الفراغ القيمى الذى أفضى إليه توقفها عن النشاط. وإنما يمكن القول أن هناك بعض النزعات القومية والشعبية ومجموعة من الحلول التعاونية الجديدة التى سعت بالفعل الى أن تملأ المكانة الجماهيرية لليسار السياسى، نظرا لأن الاشتراكية لم تعد تجرؤ على استخدام اسمها. (انظر أيضا: الفوضوية، إدوارد برنستين، سان سيمون، سوريل، جورج، التعددية).

النظرية الاجتماعية والسياسية

المنظرون الاجتماعيون الماركسيون وغير الماركسيين يتفقون على تطور الاشتراكية كرد فعل للرأسمالية الصناعية الحديثة، ويختلفوا على طبيعة علاقاتهم. في هذا السياق استخدمت الاشتراكية لتشير إلى حركة سياسية، وفلسفة سياسية وشكل افتراضي للمجتمع تحاول هذه الحركات أن تحققها. وكنتيجة لذلك، في السياق السياسي فالاشتراكية تشير إلى إستراتيجية (لتحقيق مجتمع اشتراكي) أو السياسيات المروجة من قِبل المنظمات الاشتراكية والأحزاب الاشتراكية السياسية، كل ما سبق ليس له علاقة بالاشتراكية كنظام اشتراكي اقتصادي.

الماركسية

المقالة الرئيسة: ماركسية

في معظم النظريات الاشتراكية تأثيراً، كارل ماركس وفريدريك أنجلز آمنوا بأن وعي كل شخص يحصل على أجر أو مرتب (الطبقة العامة بالمعنى الماركسي الواسع) يمكن أن يصب شروطهم من العبودية المأجورة، مما يؤدي إلى الميل إلى البحث عن حريتهم أو رفع الولاية بنزع ملكية الرأسماليين لوسائل الإنتاج. طبقاً لآراء ماركس وأنجلز، الشروط تحدد الوعي وإنهاء دور الطبقة الرأسمالية وبالتالي سيتكون مجتمع غير طبقي عندئذٍ ستنتهي الدولة.

كتب ماركس: (ليس الوعي العام للناس هو مايحدد وجودهم، ولكن الوجود الاجتماعي/الاشتراكي هو مايحدد وعيهم).

المبدأ الماركسي للاشتراكية أنه لحالة معينة تاريخية سيتم استبدال الرأسمالية وستتقدم الشيوعية. الخصائص الأساسية للاشتراكية (خصوصاً ما استنبطه ماركس بعد كميونة باريس عام 1871) هي ان البروليتارية ستتحكم بوسائل الإنتاج من خلال العمال، وستقوم دولة من أجل مصالح العمال. وسيزال النشاط الاقتصادي منظم من خلال استخدام أنظمة دافعة والطبقات الاجتماعية ستظل موجودة ولكن سيتم تحديدها وتقليص أبعادها عما كانت تحت الرأسمالية.

الماركسية بالنسبة للماركسيين المتشددين هي أدنى مرتبة للشيوعية فهي تعتمد على مبدأ "من كل فرد حسب مقدرته إلى كل فرد حسب مساهمته." بينما المرحلة الأعلى للشيوعية فهي تعتمد على مبدأ "من كل فرد حسب مقدرته إلى كل فرد حسب حاجته." وستكون المرحلة العليا ممكنة فقط بعدما تصل المرحلة الاشتراكية لكفاءة اقتصادية عالية وتُساق عجلة الإنتاج إلى وفرة من المنتجات والخدمات.

قال ماركس أن القوى المادية المنتجة (في الصناعة والتجارة) أنشأتها الرأسمالية التي تنبات بمجتمع تعاوني حيث أصبح الإنتاج وزن اجتماعي نشاط جماعي للفئات العاملة لخلق سلع ولكن عن طريق ملكية خاصة (علاقات الإنتاج أو علاقات ملكية). هذا الصراع بين الجهود الجماعية في المصانع الكبيرة والملكيات الخاصة من الممكن ان تجلب رغبة وعي في الطبقة العاملة لإنشاء ملكية جماعية متناسب مع الجهود الجماعية لخبراتهم اليومية.

وفي مرحلة ما من التطور، القوى المادية المنتجة للمجتمع تدخل في صراع مع علاقات الإنتاج أو "-هذا تعبر عنه بوضوح البنود القانونية- مع علاقات الملكية خلال إطار العمل الذي يعملوا من خلاله حتى يومنا هذا. ومن ثم يبدأ عهد ثورة اجتماعية. التغيرات في الأساس الاقتصادي يؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى تحول البنية كلها." وهكذا فسينهض المجتمع الاشتراكي الذي يعتمد على تعاون ديموقراطي. وفي النهاية الدولة -المرتبطة بجميع المجتمعات السابقة- التي تنقسم إلى طبقات من أجل قمع الطبقات المقهورة ستندثر.

على نقيض ما سبق، افترض إميل دوركايم أن جذور الاشتراكية تنجلي في الرغبة من تقريب الدولة من عالم النشاط الفردي، في مقابل شذوذ المجتمع الرأسمالي، معتبراً ان الاشتراكية "تمثل ببساطة في المبادئ الاخلاقية التي اكتشفها علم الاجتماع ويمكن تطبيقها". يمكن اعتبار دوركايم ديموقراطي اجتماعي حديث للدفاع عن إصلاحات المجتمع ولكن برفض خلق مجتمع اشتراكي.

سعى تشي جيفارا إلى أن تكون الاشتراكية تعتمد على الفلاحة الريفية عن أن تكون طبقة عمال حضرية، في محاولة لإلهام فلاحي بوليفيا، وبعينة من تغيير الوعي قال جيفارا عام 1956: " لا يمكن ان توجد الاشتراكية بدون تغيير في الوعي الناشئ في الموقف الودي تجاه الإنسانية، كل على مستوى فردي من خلال مجتمعات حيث تبنى الاشتراكية أو بُنيت، ولعى مقياس العالم، ومع الأخذ في الاعتبار لكل الناس الذين يعانوا من القمع الاستعماري."

الاشتراكية الخيالية والعلمية

الاشتراكية الخيالية هي الاشتراكية الطوباوية نسبة لمدينة أفلاطون يوطوبيا. الفرق ما بين الاشتراكية الخيالية والاشتراكية العلمية وضحها صراحةً فريدريك انغلز في كتابه (الاشتراكية: الخيالية والعلمية) حيث بين أن "الخيالية تصور ظروف اجتماعية مثالية" للمصلحين الاشتراكيين بمبدأ ماركسي اشتراكي علمي. بدأت الاشتراكية العلمية باختبار الظواهر الاجتماعية والاقتصادية -دراسة تجريبية للعمليات الحقيقية في المجتمع والتاريخ.

بالنسبة للماركسيين، تطور الرأسمالية في غرب أوروبا زود قاعدة مادية لإحتمالات جلب الاشتراكية، وطبقاً للبيان الشيوعي، "ما يتنجه البرجوازي فوق الكل هو بمثابة حفارات لقبره"، بمسمى الطبقة العاملة، لابد أن نعي المنظورات التاريخية التي يضعها المجتمع.

راجع إدوارد بيرنشتين هذه النظرية ليقترح أن تحرك المجتمع نحو الاشتراكية هو أمر حتمي، ليجلب العنصر الآلي والغائي للماركسية ومشعلاً لمبدأ الاشتراكية التطورية. رأى ثورشتين فيلبن أن الاشتراكية كمرحلة فورية في عملية التطور المتواصلة في الاقتصاد أن الناتج من التدهور الطبيعي لنظام العمل التجاري، وبمناقضة ماركس لم يؤمن بأن نتيجة الصراع السياسي أو ثورة الطبقة العاملة ولم يؤمن بأنها الهدف الأسمى للإنسانية.

أسس الاشتراكيون الطوباوين مجموعة من المُثل والأهداف التي تقدم الاشتراكية بديلاً للرأسمالية، مع سمات فعالة أفضل. مثالاً لذلك الهيئة الاشتراكية التي تشمل مجتمع روبرت أوين الذي يدعى (نيو هارموني New Harmony).

الإصلاح والثورة

يعتقد الإصلاحيون -مثل الديموقراطيون الاشتراكيون القدامى- أن النظام الاشتراكي يمكن تحقيقه بإصلاح النظام الرأسمالي. الاشتراكية في وجهة نظرهم يمكن أن تُحقق من خلال نظام سياسي موجود بانتخاب الاشتراكيين للمكتب السياسي للقيام بإصلاحات اقتصادية ضمنية.
يعتقد الثوريون أمثال الماركسيين واللاسلطويين أن مثل هذه الطرق ستفشل لأن الدول ستقوم بالعمل من أجل مصالح الأعمال الرأسمالية، والحزب الاشتراكي إما سيندرج تحت النظام الرأسمالي أو سيجد نفسه غير قادر على عمل الإصلاحات الأساسية. ويعتقدون أن الثورة العفوية هي الطريقة الوحيدة لإقامة نظام اقتصادي اجتماعي جديد. مهمة المنظمات أو الأحزاب الاشتراكية هي تعليم الجماهير على بناء وعي اشتراكي. يريدون ألا تعرف الثورة بانها تمرد عنيف، ولكن تغير شامل وسريع.
خلافاً لما سبق، يدافع اللينيون والتروتسكيون عن حزب الطليعة، الذي يقوده ثوريون متمرسون، ليقود الطبقة العاملة لامتلاك الدولة. بعد الحوز على السلطة، يبحث اللينيون خلق دولة اشتراكية يسطر عليها الحزب الثوري، حيث يجدون ذلك جوهرياً لإرساء قواعد اقتصاد اشتراكي.
يقول النقابيون الثوريون أن تجارة الثورة أو الإتحادات الصناعية -خلافاً للدولة أو مجلس العمال- هي الطرق الوحيدة لقيام الاشتراكية.
هناك منظرون آخرون أمثال جوزيف شومبيتر وثورشتاين فيبلن وبعض الاشتراكيين الخيالين يعتقدوا أن الاشتراكية طبيعياً أو تلقائياً بدون أو بجزء محدود من العمل السياسي كنظام الاقتصاد الرأسمالي سيتآكل إلى أن يُهجر ويبطل استعماله.

الاشتراكية من الأعلى والأسفل

تعود الاشتراكية من أعلى إلى الرأي القائل بأن إصلاحات وثورات الاشتراكية ستأتي من أو ستقاد بواسطة أعضاء مجتمع من ذوي المراكز العليا راغبين في نظام اقتصادي أكثر كفاءة وعقلانية. يعتقدكل من كلود هنري دي سان سيمون والاقتصادي التطوري ثورشتين فيبلن أن الاشتراكية هي ناتج عمل مهندسين مبدعين وعلماء وفنيين يريدوا أنن يرتبوا المجتمع والاقتصاد بطريقة عقلانية بدلاً من الطبقة العاملة. الديموقراطية الاشتراكية تدافع عن العقلانين والطبقة الوسطى، وبالمثل قطاعات من الطبقة العاملة.
أما الاشتراكية من الأسفل فتعود إلى الموقف الذي يمكن أن تأتي منه الاشتراكية فقط، ويقودها تحرك تضامني وسياسي من الطبقات السفلى، مثل الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة السفلى. أنصار منظور الاشتراكية من الأسفل أمثال النقابيين والماركسيين المتشددين وعادة مايشبه منظور الاشتراكية من الأعلى بالنخبوية و، أو الستالينية.

تخصيص الموارد

تخصيص الموارد هو موضوع جدلي جداً بين اشتراكي السوق وأنصار التخطيط الاقتصادي.
يدافع العديد من الاشتراكيين التخطيط اللامركزي التشاركي، حيث صنع القرار الاقتصادي يعتمد على إدارة النفس وحكم النفس والطريقة الديموقراطية من الأسفل لأعلى بدون أي سلطة مركزية موجهة. أيد ليون تروتسكي المخططين المركزيين، مهما كانت سعة عقلانيتهم، والعمل بدون مدخول واشراك الملايين من الناس الذين يشاركوا في الاقتصاد والاستجابة للظروف المحلية الاقتصادية؛ حيث أن المخططون المركزيون لن يكونوا قادرين على محورة كل النشاط الاقتصادي بكفاءة.
من الناحية الأخرى، يدافع اللينيون وبعض اشتراكيو الدولة عن التخطيط المباشر حيث يتم تمرير التوجيهات من تخطيط عالي للأسفل، السلطات لمديري المشاريع الذين يعطوا الأوامر للعمال.

المساواة في الفرص والمساواة في خرج الإنتاج

يدافع أنصار المساواة في الفرص عن المجتمع الذي يحوي فرص متساوية لكل الأفراد لتعظيم قدراتهم لتحقيق مراكز في المجتمع. وسيجعل ذلك ممكناً بوصول متساوي لضروريات الحياة. يعود تساوي خرج الإنتاج إلى الدولة التي تمنح كل فرد فيها عدداً متساوي من المنح والمكافأت ومستوى من قوة صنع القرار متساوي مع الإيمان بأن كل الأدوار في المجتمع ضرورية وهكذا لايمنح ي شخص أكثر من الآخرين. يشارك في هذا الرأي الاشتراكيون الطائفيون الطوباويون والماركسيون والديموقراطيون الاشتراكيون والشيوعيون اللاسلطوين.

الاشتراكية والشيوعية

دَلّ مصطلحا الاشتراكية والشيوعية ـ في فترة ما ـ على معنى واحد وهو مجتمع يعتمد علىالملكية العامة لوسائل الإنتاج. أما اليوم فهناك من يرى وجود اختلافات واضحة بل وكبيرة بين المصطلحين؛ فأعضاء الأحزاب الشيوعية يعتبرون الاشتراكية مرحلة من مراحل تحقيق المجتمع الشيوعي، وفي خلال هذه المرحلة تتم إزالة أغلب الملكيات الخاصة وإدارة الاقتصاد على أساس خطة إنتاج وطنية. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تلجأ الحكومة إلى إجبار المواطنين على العمل الجاد مقابل عوائد قليلة لا تكفل لهم الوفاء بكل احتياجاتهم. وفي مرحلة تالية ونتيجة لهذه السياسة تصبح الدولة قادرة اقتصاديًا بشكل كاف يتيح لها تحقيق رغبات المواطنين الاقتصادية، وتسمى هذه المرحلة من التطور بالشيوعية. ويدعي الشيوعيون أن القمع أو الإجبار سوف يختفي في ظل الشيوعية. ولا يقبل الاشتراكيون الديمقراطيون ـ في غير البلدان الشيوعية ـ ذلك القول من الشيوعيين، فبرغم اعتقادهم أن بعض القسر الذي تفرضه الحكومة، قد يكون ضروريًا، لأن بعض الناس ينبغي إجبارهم حتى يكونوا مواطنين صالحين، إلا أنهم يرفضون معظم الأساليب التي تستخدمها الأحزاب الشيوعية، مثل اللجوء إلى الثورة والأشكال الأخرى للعنف وسائل للوصول إلى السلطة، وكذلك الأساليب الاستبدادية لإدارة الدولة بعد توليهم الحكم. وعلى خلاف الشيوعيين، ينادي الاشتراكيون الديمقراطيون بجدوى الممارسات الديمقراطية، ويقبلون وجود الأحزاب المعارضة، ويهتمون بالتوزيع العادل للسلع والخدمات أكثر من اهتمامهم بالنمو الاقتصادي السريع، ويأخذون بالأساليب الديمقراطية عند تحديد السلع التي يراد إنتاجها.

سياسياً

الحركات السياسية الاشتراكية الأساسية كما سيلي شرحها بعد هذه الفقرة. المنظرون المستقلون الاشتراكيون والكتاب الاشتراكيون الخياليون والمدعمون الأكاديميون للاشتراكية من الممكن ألا يمثلوا في أي من الحركات السياسية التالية. أطلقت بعض الأحزاب السياسية على أنفسهم اشتراكيين بينما يؤمنوا بآراء تناقض الأفكار الاشتراكية. استخدم بعض الساسة مصطلح اشتراكي على اليمين السياسي كصفة ضدالافراد الذين لا يعتبروا أنفسهم اشتراكيين، وضد السياسيات التي لا تعتبر الاشتراكية من أنصارها.

اللاسلطوية

تحوي مبادئ اللاسلطوية (الأناركية) المبدأ الذي يقول أنه لايمكن للدولة أن تقيم اقتصاد اشتراكي ويقترح ببديل سياسي يعتمد على مجتمعات اتحادية لامركزية مستقلة، تشمل أنصار اللاسلطوية الفردية واللاسلطوية الاشتراكية. يدافع التبادليون (المناصرين لنظرية التبادل الاقتصادية) عن اشتراكية السوق الحر، اللاسلطويون الجمعيون والتعاونيات العمالية والمرتبات تعتمد على مقدار الوقت المساهم في الإنتاج، يدافع الشيوعيون اللاسلطويون عن الانتقال المباشر من الرأسمالية للشيوعية التحررية والتحرك المباشر لللعمال النقابيين اللاسلطويين والإضراب العام.

الاشتراكية الديمقراطية والديمقراطية الاشتراكية

إن الاشتراكية الديمقراطية الحديثة حركة سياسية واسعة الانتشار تبحث عن الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية من خلال سياق نظام ديمقراطي. تطلق الاشتراكية الديمقراطية عامة على أي حركة سياسية تبحث عن نظام اقتصادي يعتمد على الديمقراطية الاقتصادية. يرفض الاشتراكيون الديمقراطيون المركزية الديموقراطية وحزب الطليعة الثوري اللينيني. من الصعب تعريف الاشتراكية الديمقراطية، وهناك مجموعات من الباحثين وضعوا تعريفات مختلفة لهذا المصطلح. تصنف بعض هذه التعريفات كل أشكال التنظيمات الاشتراكية التي تتبع نظام انتخابي أو ثوري ديمقراطي تحت خانة "الاشتراكية الديمقراطية".

و يدعم العديد من السياسيين، من ناحية أخرى، الديمقراطية الاشتراكية كطريق لإصلاح النظام الرأسمالي الحالي. الديموقراطية الاشتراكية الحديثة تؤكد على برامج الإصلاح التدريجي للرأسمالية لتصبح أكثر إنصافاً وإنسانية، وأما الهدف النظري النهائي (بناء مجتمع اشتراكي) فهو إما متجاهل تماماً أو معاد قولبته بطريقة رأسمالية متقدمة. يدعم الديمقراطيون الاشتراكيون التقليديون إنشاء الاشتراكية من خلال إصلاحات سياسية، بالعمل من خلال النظام الرأسمالي السياسي القائم. تتبع الحركة الديمقراطية الاشتراكية سياسات انتخابية من أجل تنفيذ الإصلاحات. تخلت الحركة الديمقراطية الاشتراكية الحديثة عن هدف التحرك تجاه اقتصاد اشتراكي مخطط وبدلاً من ذلك تدافع عن الإصلاحات الاجتماعية لتحسين الرأسمالية، كدولة الرفاهية وتعويضات البطالة. نجحت في تطبيق هذه الأفكار بعض الأنظمة الاقتصادية في دول مثل السويد والدنمارك والنرويج وفنلندا في العقود القليلة السابقة. وسميت هذه التجربة بالنموذج الشمال أوروبي.

لينينية

تشجع اللينينة على تأسيس حزب طليعي يقوده ثوريون متمرسون، ليقودوا الطبقة العاملة للسيطرة على الدولة. يعتقدوا أن الاشتراكية لن تقوم عفوياً من خلال التدهور الطبيعي للرأسمالية، وذلك لأن العمال بأنفسهم غير قادرين على تنظيم وتطوير الوعي الاشتراكي، ولذلك مطلوب قيادة للطليعة الثورية. بعد امتلاك السلطة، يبحث اللينيون إقامة دولة اشتراكية حيث تكون الطبقة العاملة في محل قوة وسلطة، حيث ينظر إليهم أنهم ضروريون لإرساء الأسس لانتقالية اندثار الدولة تجاه الشيوعية (مجتمع بلا دولة). طريقة التنظيم الصناعي - الذي دافع عنه اللينيون واللينينية الماركسية - هو نموذج رأسمالي لإدارة علمية مستوحاة من فريدريك تايلور. تفرعت اللينينية إلى لنينية ماركسية وتروتسكية وستالينية وماوية.

اشتراكية تحررية

تقوم الاشتراكية التحررية على مجتمع غير هرمي وغير بيروقراطي بلا دولة وبدون ملكية خاصة لوسائل الإنتاج. يعارض الاشتراكيون التحرريون كل أشكال المنظمات الاشتراكية القسرية وتشجع تكوين مؤسسة حرة محل الحكومة، وتعارض العلاقات الاجتماعية الرأسمالية القسرية كاجور العمالة. ويعارضوا هياكل القيادة الهرمية كأحزاب الطليعة ويرفضوا استخدام الدولة لإقامة الاشتراكية. تيارات الاشتراكية التحررية تشمل ميولاً ماركسياً كاليسار الشيوعي ومجلس الشيوعية والاستقلالية الذاتية، بالإضافة لحركات غير ماركسية كاليسار اللاسلطوي والكميونالية (بالإنجليزية: Communalism) والبارتسيبية (بالإنجليزية: Participism) والديموقراطية الشاملة.

نقابية

النقابية هي حركة اشتراكية تعمل من خلال اتحادات تجارية صناعية وترفض اشتراكية الدولة، أو استخدام الدولة لإقامة الاشتراكية. يدافع النقابيون عن مجتمع اشتراكي يعتمد على نقابات اتحادية أو نقابات عمالية لتملك وتدير وسائل الإنتاج.

الناصرية

في سنة 1962، بدأ عبد الناصر سلسلة من القرارات الاشتراكية والإصلاحات التحديثية في مصر. وعلى الرغم من النكسات التي تعرضت لها قضيته القومية العربية، بحلول سنة 1963، وصل أنصار عبد الناصر للسلطة في عدة دول عربية. وقد شارك في الحرب الأهلية اليمنية في هذا الوقت. قدم ناصر دستوراً جديداً في سنة 1964، وهو العام نفسه الذي أصبح فيه رئيساً لحركة عدم الانحياز الدولية. بدأ ناصر ولايته الرئاسية الثانية في مارس 1965 بعد انتخابه بدون معارضة. وتبع ذلك هزيمة مصر من إسرائيل في حرب الأيام الستة سنة 1967. واستقال عبد الناصر من جميع مناصبه السياسية بسبب هذه الهزيمة، ولكنه تراجع عن استقالته بعد مظاهرات حاشدة طالبت بعودته إلى الرئاسة. بين سنتي 1967 و1968 عين عبد الناصر نفسه رئيساً للوزراء بالإضافة إلى منصبه كرئيس للجمهورية. وشن حرب الاستنزاف لاستعادة الأراضي المفقودة في حرب 1967. وبدأ عملية عدم تسييس الجيش وأصدر مجموعة من الإصلاحات الليبرالية السياسية.

تاريخ وتطور الاشتراكية

الاشتراكيون الأوائل

في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، انتقد عدد من الكتاب والمصلحين الغربيين حركة التصنيع، لما صاحبها من جور ومعاناة بين صفوف العمال. وقد قدم رجال مثل روبرت أوين من المملكة المتحدة وتشارلز فورير وكونت دي سان سيمون من فرنسا مقترحات لتنظيم المجتمعات القائمة وفق ظروف مثالية اجتماعيًا واقتصاديًا. وقد أنشأ أوين وأتباع فورير مستوطنات تعاونية نماذج لهذه المجتمعات، ولكنها لم تعمر طويلاً. وقد لُقب هؤلاء الاشتراكيون بالمثاليين. والمثالية هي وصف لمجتمع مثالي تسود بين أفراده المساواة والعدالة.

يُنسب مصطلح اشتراكية لبيير ليرو ولماري ريباود وفي بريطانيا لروبرت أوين لعام 1827، والد الحركة التعاونية. النماذج والأفكار الاشتراكية التي تؤيد الشيوع أو الملكية العامة موجودة منذ عصور قديمة. أَقَرَ مزدك الشيوعي الفارسي المناصر للاشتراكية بشيوع الملكية ودافع عن الصالح العام. وقد صُرحَ -على الرغم من الجدل القائم في هذا الموضوع- بوجود عناصر فكرية اشتراكية في سياسة الفلاسفة الإغريق القدامى أفلاطون وأرسطو.

المدافع الأول للاشتراكية وفضل التساوي الاجتماعي لخلق مجتمع جدير وتكنوقراطي معتمد على مهارة الفرد كان كونت هنري سان سيمون وكان أول من صاغ مصطلح اشتراكي. ولع سان سيمون بوضع وقدرة العلوم والتكنولوجيا وحبذ مجتمع اشتراكي فيه يمكن إزالة الأشكال الغير متناسقة الرأسمالية وتعتمد على فرص متساوية. وأشار إلى تكوين مجتمع فيه يصنف الفرد ويكافأ حسب قدرته ومساهمته. التركيز في اشتراكية سيمون كانت على الكفاءة الإدارية والصناعية وأن مفتاح النجاح هو الإيمان بالعلم.

وهذا كان مصاحباً للرغبة في تطبيق نظام اقتصاد عقلاني يعتمد على التخطيط ومُساق نحو نجاح على مقياس كبير من العلم والمادية، وهكذا تجسدت الرغبة في اقتصاد مبائر أو مخطط. أما المفكرون الاشتراكيون المبكرون أمثال طوماس هودجكن وشارلز هال أرسوا أفكارهم على نظريات ديفيد ريكاردو الاقتصادية. وفسروا ذلك بأن قيمة توازن السلع تُقرب لأسعار يضعها المنتج عندما تكون السلع في عرض مرن، وأسعار هذا المنتج تتوافق مع العمالة المتجسدة- تكلفة العمالة (الرواتب مدفوعة أساساً) المطلوبة لإنتاج هذه السلع. رأى الاشتراكيون الريكارديون الربح والفائدة والريع كخصومات لقيمة التبادل هذه.

كان النقاد الغرب أوروبيين الاشتراكيون -بما فيهم من روبرت أوين وشارل فورييه وبيير جوزيف برودون لويس بلانك وشارلز هال وسان سيمون- أول الاشتراكيين الحديثين الذين انتقدوا الفقر المدقع وعدم المساواة الفجة في الثورة الصناعية. حبذوا الإصلاح، والبعض كروبرت أوين أشار إلى تحويل المجتمع إلى جماعات صغيرة بدون ملكية خاصة. كانت مساهمة روبرت أوين للاشتراكية الحديثة هي فهمه أن الأفعال والخصائص للأفراد تحددها البيئة الاجتماعية التي يتعرضوا لها طيلة نموهم وحياتهم. على الطرف الآخر، أشار شارل فورييه الفالنستير التي هي مجتمعات تحترم رغبات الأفراد (بما فيها الميول الجنسية)، والانتماءات والإبداعية ورأى أن العمل أصبح ممتعاً للناس. جُربت أفكار أوين وفورييه عملياً في العديد من المجتمعات المتعمدة (بالإنجليزية: Intentioanal communties) في أنحاء قارتي أوروبا وأمريكا في منتصف القرن التاسع عشر.

لغوياً، المفهوم المعاصر لكلمتي اشتراكي وشيوعي يتفق مع المناصرين والمعارضين للموقف الثقافي للدين. في أوروبا المسيحية لكلاهما الشيوعية هي طريقة حياة الملحد. أما في إنجلتر البروتستانتية، كلمة شيوعية كانت قريبة ثقافياً وسمعياً من شعيرة الروم الكاثوليك التواصلية، ولهذا أسمى الملحدون الإنجليز أنفسهم بالاشتراكيين.

في عام 1848 عندما نشر البيان الشيوعي أثبت أنغلز " الاشتراكية تحترمها اليابسة، بينما الشيوعية ليست كذلك." أما الأوينيون في إنجلترا والفورييرون في فرنسا يعتبروا اشتراكيين محترمين، بينما حركات الطبقة العاملة "تنادي بتغير كلي اشتراكي ضروري" يشيرون لأنفسهم بأنهم شيوعيون. هذا الفرع الأخير من الاشتراكية انتج العمل الشيوعي لإتيان كابي في فرنسا وفيلهلم فايتلينج في ألمانيا.

أصل التسمية

مصطلح (اشتراكية) صاغه هنري دي سان سيمون، مؤسس الاشتراكية الطوباوية. خُلقت مصطلح اشتراكية لتناقض المذهب الليبرالي للفردية. أدان الاشتراكيون الأصليون الفردية التحررية لأنها فشلت في الاهتمام بمشاكل الفقر في المجتمع والقهر الاجتماعي وتضخم اللامساواة في الثروة. ينظرون للمجتمع الفردي التحرري على أنه مجتمع غير منتج يدعم الأنانية وأنه يضر بحياة المجتمع من خلال اقتراح مجتمع تنافسي. وقدموا الاشتراكية بديلاً للفردية التحررية وأشاروا لمجتمع معتمد على التعاون بين أفراده.

كارل ماركس

عالم اقتصادي وفيلسوف اجتماعي ألماني، أصبح أكثر المؤثرين الاشتراكيين في القرن التاسع عشر الميلادي. وقد عبّر عن أفكاره الاشتراكية الرئيسية ـ بداية ـ في البيان الشيوعي (1848م) الذي كتبه مع صديقه فريدريك أنجلز. وقد سمى ماركس اشتراكيته بالاشتراكية العلمية، ليفرق بينها وبين الاشتراكية المثالية. ويعتقد ماركس أن التاريخ صراع بين المالكين والعاملين، وأن الاشتراكية ستنهي هذا الصراع الطبقي وتحل محل الرأسمالية.

الجمعية الدولية الأولى والثانية

تأسست الجمعية الدولية العمالية بلندن عام 1864. عُقد أول اجتماع عام 1865، وفي العام التالي المؤتمر الأول بجينيف. ونظراً لوجود الفلسفات المتعددة في الدولية الأولى، كان هناك صراع من البداية. أول الاعتراضات على ماركس جاءت من التبادليين الذين عارضوا الشيوعية والدولانية. ومع ذلك بعد وقت قصير، بعدما التحق ميخائيل باكونين وأتباعه (الذين يدعوا بالجمعيين في الدولية) عام 1868، أصبحت الجمعية الدولية الأولى مستقطبة لمعسكرين، مع ماركس وباكونين كرؤوس للمُعَسكرَين. الفروق الأكثر وضوحاً للمجموعتين ظهرت من خلال خططهم لتحقيق نظرتهم للاشتراكية. أصبحت الجمعية الدولية الأولى هي أول منتدى دولي رئيسي لنشر الأفكار الاشتراكية.

ولما تجسدت أفكار كل من ماركس وأنغلز خصوصاً في منتصف أوروبا، سعى الاشتراكيون لتوحيد المنظمة الدولية. في عام 1889، في مئوية الثورة الفرنسية تم تأسيس الجمعية الدولية الثانية 384 مندوباً من عشرين دولة لتمثل 300 منظمة للعمال والاشتراكيين. صيغت "دولية اشتراكية" وانتخب أنغلز كرئيس شرفي في ا مؤتمر الثالث عام 1893. طرد اللاسلطويين ولم يسمح لهم بالحضور نتيجة ضغط الماركسيين.

الحركة الاشتراكية العالمية

في أواخر القرن التاسع عشر تكونت أحزاب سياسية اشتراكية في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية وبمرور الوقت اتحدت هذه الأحزاب في تنظيم عالمي مبادئه مستوحاة من كتابات ماركس. وقد أطلق عليه حركة الاشتراكية العالمية. وقد شهدت هذه الحركة انقسامات، بل وخلافات بين أعضائها، فكان هناك المعتدلون والمتطرفون، بل والثوريون الذين رفض بعضهم المذهب الماركسي. كما ضمت هذه الحركة جماعات وأحزابًا غير ماركسية مثل الجماعة الاشتراكية المسماة بالجمعية الفابية، وهي جمعية إنجليزية استمدت آراءها من الأفكار النصرانية لتحقيق الإصلاحات. وانهارت الحركة الاشتراكية بعد بداية الحرب العالمية الأولى في عام 1914م.

الثورات من عام 1917 وحتى 1936

بحلول عام 1917، وطنية الحرب العالمية الأولى تحولت إلى تطرف في المعتقدات السياسية في معظم أنحاء القارة الأوروبية والولايات المتحدة وأستراليا. في شباط/فبراير 1917، تفجرت الثورة بروسيا. أقام العمال والجنود والفلاحون السوفيت (مجالس العمال) ووقع الحكم الفردي، والحكومة المؤقتة المستدعاة تنتظر انتخاب مجلس تأسيسي.

وفي نيسان/أبريل من نفس العام، وصل فلاديمير لينين روسيا من النمسا مُنادياً "كل السُلطة للسوفيت." وفي تشرين الأول/أكتوبر، اكتسب حزبه البلاشفة تأييد معظم السوفييت في مؤتمر (كل الروس) للسوفييت، بينما قاد هو وتروتسكي معاً ثورة تشرين الأول/أكتوبر. كنوعٍ من البراغماتية، عَكَسَ لينين ترتيب ماركس للاقتصاد على السياسة، ليسمح بالثورة السياسية التي يقودها حزب الطليعة بالثوريين المُتمرسين على القيام بإنشاء مؤسسات اشتراكية عفوية تُقاد بانتفاضة عفوية للطبقة العاملة كما توقع كارل ماركس. وفي الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير عام 1918، صرح لينين في مجلس العمال بسان بيترسبيرج " فلتحيا الثورة الاشتراكية العالمية!" واقترح وقف قتال حالي في كل الجبهات، ونقل الأراضي من مُلاك الأراضي والعرش الملكي والأديرة جمعيات زراعية بدون أية تعويضات.

وفي 26 من كانون الثاني/يناير عام 1918، وبعد يومٍ من تقلد السلطة التنفيذية، كتب لينين مشروع اللائحة التنفيذية عن سلطة العمال، التي منحت العمال التصرف في أمور أعمالهم مع أكثر من خمسة عمال وموظفيين مكتبيين، والوصول لكل الكتب الوثائق والمخازن، والذين قرارتهم "تُطوى حسب المُلاك والشركات". والحكم أصبح من خلال المجالس العمالية المُنتخبة، وفي تحالف مع الثوريين الاشتراكيين المُنتمين لليسار المعتمد على الزراعة، وبدأت الحكومة البلشفية تأميم البنوك والصناعة والتنصل من الديون الوطنية التي خلفها نظام رمانوف الملكي. وتم رفع دعوى قضائية من أجل السلام، الانسحاب من الحرب العالمية الأولى واستدعاء مجلس تأسيسي والذي فيه الحزب الثوري الاشتراكي الزراعي فاز بالأغلبية.

انتخب المجلس التأسيسي القائد الثوري الاشتراكي فيكتور تشيرنوف رئيساً للجمهورية الروسية، ورفض العرض البلشفي الذي يوافق على لائحة السوفيت للأرض والسلام وسلطة العمال واعتماد سلطة المعرفة للعمال والجنود والفلاحين السوفييت. فصرح اليوم التالي البلاشفة أن المجلس أُنتخب كان من خلال قوائم حزبية قديمة، واللجنة التنفيذية المركزية لكل الروس حلتها.

تولدت من الثورة الروسية البلشفية بكانون الثاني/يناير 1918 الأحزاب الشيوعية عالمياً، وثوراتهم المُصاحبة لعام 1917 لـ 1923. شك القليل من الشيوعيين من أن نجاح الاشتراكية الروسية اعتمدت على ثورة طبقة عمال اشتراكية ناجحة في الدول الرأسمالية. في 1919، نظم كل من لينين وتروتسكي الأحزاب الشيوعية العالمية لجمعية جديدة دولية للعمال -الشيوعية الدولية- المعروفة أيضا بالدولية الثالثة.

وبحلول عام 1920، هزم الجيش الأحمر تحت قيادة تروتسكي الجيوش البيضاء الملكية. وفي العام التالي، انتهت الحرب الشيوعية وتحت سياسة اقتصادية جديدة، وسُمحت الملكية الخاصة للشركات الزراعية الصغيرة والمتوسطة. بينما ظلت الصناعة تحت سلطة الدولة، عَلِم لينين أن السياسة الاقتصادية الجديدة كان تقدير رأسمالي لابد منه لدولة غير جاهزة للاشتراكية. وعاد الاستغلال بشكل رجال (السياسة الاقتصادية الجديدة) والمزارعين الأغنياء ليفرضوا سيطرتهم على الريف بأكمله.

في عام 1922، انعقد المؤتمر الرابع للدولية الشيوعية ليأخذ سياسة جديدة بتكوين جبهة موحدة، باستعجال الشيوعيين للعمل مع تنقيح وترتيب الديموقراطيين الاشتراكيين بينما يبقوا متأهبين لقادتهم الذين أُنتقدوا بخيانتهم للطبقة العاملة بتدعيم جهود الحرب لكل الطبقات الرأسمالية. لهذا الجزء، أشار الديموقراطيون الاشتراكيون للإزاحة التي تسببت بها الثورة، ولاحقاً نمو سلطوية الأحزاب الشيوعية. عندما طبق الحزب الشيوعي البريطاني تبني حزب العمال في عام 1920، تم رفضه.

في عام 1923، بمشاهدة الدولة السوفيتية تنمو بسلطة جبرية، قال لينين المحتضر أن روسيا تحولت لآلة قيصرية برجوازية التي بالكاد تتماشى مع الاشتراكية." وبعد موت لينين في كانون الثاني/يناير 1924، رفض الحزب الشيوعي للإتحاد السوفييتي -وبتزايد تحت قيادة جوزيف ستالين- النظرية التي تقول ان الاشتراكية لايمكن أن تبنى بمفردها بالإتحاد السوفييتي. على الرغم من مطلب المعارضة اليسارية المُهمش لإستعادة الديموقراطية السوفييتية، طور ستالين حكومة سلطوية بيروقراطية وقد أدانت الاشتراكيين الديموقراطيين واللاسلطويين والتروستكيين لتقويضهم المبادئ الأولية الاشتراكية للثورة الروسية البلشفية.

جلبت الثورة الروسية لتشرين الأول/أكتوبر عام 1917 التقسيم التعريفي والعقائدي للشيوعيين والجانب الآخر من الاتجاهات الشيوعية والاشتراكية الأخرى كالشيوعية اللاسلطوية والديموقراطيين الاشتراكيين. دفعت المعارضة اليسارية في الاتحاد السوفييتي لأعلى التروستكية التي ظلت معزولة وغير مُعتد بها لخمسين عام أخرين، فيما عدا سيرلانكا جيث جَنَت التروستكية الغالبية والجناح المناصر لموسكو طُرد من الحزب الشيوعي.

ما بعد الحرب العالمية الثانية

في عام 1951، عبر وزير الصحة البريطاني عن رأيه قائلاً " من المحتمل صحة أن أوروبا الغربية قد إتجهت للاشتراكية بعد الحرب إن لم يعط السلوك السوفييتي صورة قاتمة جداً، الشيوعية والاشتراكية السوفييتية لم تفرق بينهم العقول بعد."
وفي عام 1951 اعاد تأسيس الدولية الاشتراكية الأحزاب الاشتراكية الأوروبية. وصرحت "شَقت الشيوعية الحركة العمالية الدولية وأعادت للوراء تحقيق الاشتراكية في عديد من الدول لعقود من الزمن... وتدعي الشيوعية مغالطةً أن لها سهماً في التقليد الاشتراكية. حقيقةً شوهت هذا التقليد بدون تمييز. وبنت لاهوتاً جامداً لا يتماشى مع الروح النقدية للماركسية."
وفي الأعوام التابعة للحرب، أصبحت الاشتراكية ذات تأثير متزايد فيما يسمى بالعالم الثالث. أممت دول بأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية الصناعات التي إمتلكها مُلاك أجانب. أما الاتحاد السوفييتي فأصبح قوة عظمى من خلال تبنيه للاقتصاد المُخطط. ولو على التكلفة البشرية. هذا الإنجاز أصبح وقعاً من الخارج، وأقنع العديد من القوميين في المستعمرات السابقة ليسوا بالضرورة شيوعيين أو اشتراكيين، لهم مميزات بأنهم يخططوا للدولة ويحتذوا النماذج المُرشدة للتطور الاشتراكي. وهذا لاحقاً كان له نتائج هامة في بلاد كالصين ومصر والهند حيث حاولت استيراد وتجربة النموذج السوفييتي.

السلطة في يد الديموقراطيين الاشتراكيين

حزب العمال الأسترالي هو من أوائل الأحزاب العمالية الديموقراطية الاشتراكية في العالم، تم تأسيسه عام 1891. في عام 1904 انتخب الأستراليون أول رئيس وزراء عضو لهذا الحزب؛ كريس واطسون. في عام 1945، حزب العمال البريطاني، الذي كان يقوده كليمنت أطلي، أنتُخب للإدارة ببرنامج اشتراكي متشدد. سيطرت الأحزاب الديموقراطية الاشتراكية سياسيات ما بعد الحرب في الدول مثل فرنسا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا والبلجيك والنرويج. أما في السويد تقلد السلطة الحزب الديموقراطي الاشتراكي من عام 1936 إلى 1976 ومن 1982 إلى 1991 ومن 1994 إلى 2006. وفي وقت ما، صُرح أن فرنسا هي أكثر رأسمالية بها تحكم دولة. المؤسسات العامة المؤممة تشمل مناجم الفحم الفرنسية وكهرباء وغاز فرنسا والطيران الفرنسي والبنك الفرنسي. حكومات ما بعد الحرب العالمية الثانية قدمت إصلاح اجتماعي وإعادة توزيع للثروات بواسطة رفاهية وضرائب الدولة.

المملكة المتحدة

تأثر حزب العمال بالمملكة المتحدة بالإصلاحي الاشتراكي البريطاني وليام بيفريدج، الذي حدد الشرور الخمسة التي تعاني منها الطبقة العاملة في فترة ما بعد الحرب: العوز والمرض والجهل وانعدام المأوى والبطالة. فوائد البطالة والتأمين القومي ومعاشات الدولة قدمتهم الحكومة العمالية عام 1945. أنورين بيفان الذي قدم الخدمة الصحية الوطنية عن طريق حزب العمال عام 1948، انتقد حكومة أطلي لعدم التقدم وطلب التخطيط الاقتصادي ونقد تطبيق التأميم لعدم تقليد السلطة للعمال مع التحكم الديموقراطي للعمليات.

أممت الحكومة العمالية البريطانية أكبر المؤسسات العامة كالتعدين والغاز والفحم والكهرباء والسكة الحديد وحديد الصلب وبنك إنجلترا. وتمت خصخصة البترول البريطاني عام 1987 الذي كان قد أُمم عام 1951، وحدثت تداخلات حكومية خلال فنرة الحكومة العمالية من 1974 إلى 1979. قال أنطوني كروسلاند في عام 1965، أن 25 بالمائة من الصناعة البريطانية أُممت، أما الموظفيين بما فيها من صناعات مؤممة شكلوا نسبة مشابهة للكثافة العمالية للبلاد. ومع ذلك الحكومة العمالية لم تبحث إنهاء الرأسمالية ولم تكن في نيتها تطبيق الملكية العامة لوسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل، والصلب العمالي المعاد تأميمه عام 1967 بعد ما خصخه المحافظون وإنتاج السيارات القومية. وفي عام 1977 تم تأميم شركات الطيران الرئيسية وبناء السفن.

زودت الخدمة الصحية الوطنية برعاية صحية مدفوعة عن طريق الضرائب لجميع المواطنين مجاناً. وزد مجلس الإسكان للدولة الطبقة العاملة بالسكن، وأصبح التعليم في المتناول بواسطة نظام المنح المدرسية. إلين ويلكنسون، وزيرة التعليم قدمت حليب مدفوع عن طريق الضرائب للمدارس قائلة في عام 1946 بمؤتمر حزب العمال "الحليب المجاني سيوزع في هوكستون وشوريدتش وفي إيتون وهارو. ما هي المساواة الاجتماعية التي يمكن أن تأخذها أكثر من ذلك؟" صرح كاتب سيرة كليمينت أطلي هذه السياسة قائلاً "مساهمة بشكل ضخم للدفاع عن صحة الأطفال من الأمراض الناتجة من الحمية السيئة التي يتبعها الأطفال. أجيال من الأطفال الفقيرة تنمو أقوى وأكثر صحة بسبب فعل واحد كريم صغير وغير مكلف قامت به حكومة أطلي."

النموذج الشمال أوروبي

يعود النظام الشمال أوروبي للنماذج الاقتصادية والاجتماعية للبلاد الشمال أوروبية مثل الدنمارك وأيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا. فهذا التبني للاقتصاد المختلط للسوق يُصف بأكثر البلاد رخاءاً ورفاهية مقارنةً بالدول الأخرى المتطورة، حيث تهدف لتحسين استقلال الفرد، وتأكيد التوفير العالمي لحقوق الإنسان الأساسية واستقرار الاقتصاد. وهذا مختلف عن الدول ذات الرفاهية الأخرى مع أهداف مماثلة بتأكيد تعظيم إعادة توزيع القوة العاملة، والاستخدام التحرري للسياسة المالية التوسعية. وهذا شامل لدرجات عالية من عضوية اتحاد العمال. في عام 2008، كانت كثافة اتحاد العمال بنسبة 67.5 في المائة بفنلندا، و67.6 في المائة بالدنمارك، و68.3 في المائة بالسويد. مقارنةً بعضوية الاتحاد ذات نسبة 11.9 في المائة بالولايات المتحدة، و7.7 في المائة بفرنسا. ومع ذلك فالنموذج الشمال أوروبي ليس نموذجاً مفرداً به مكونات محددة من القوانين؛ كل البلاد الشمال أوروبية لها نظامها الاقتصادي والاجتماعي الخاص بها، وفي بعض الأوقات بها اختلافات كبيرة عن جيرانها.

إتجاه الديموقراطيين الاشتراكيين لسياسات السوق الحر

تبنت العديد من الأحزاب الديموقراطية الاشتراكية -وخصوصاً بعد الحرب الباردة- سياسات السوق المعتمد على النزعة التحررية الجديدة التي تشمل الخصخصة والتحرير ورفع القيود والتمويل؛ مما أدى لهجر تتبع التطور للاشتراكية المُعتدلة من أجل صالح تحرر السوق. وعلى الرغم من الاسم، هذه السياسات المناصرة للرأسمالية هي مختلفة بشدة عن العديد من نظريات السوق الحر الغير رأسمالية التي تواجدت خلال التاريخ.

في عام 1959، تبنى الحزب الديموقراطي الاشتراكي الألماني برنامج جودسبيرج الرافض لصراع الطبقات والماركسية. وفي عام 1980، مع صعود السياسين المحافظين ذوي النزعة التحررية الجديدة أمثال رونالد ريجان في الولايات المتحدة، ومارجريت تاتشر في بريطانيا، وبراين مولروني في كندا، وهاجم خبراء النقد والتحرريون الجدد أنظمة رفاهية الدولة الغربية كعوائق لتنفيذ المشاريع الخاصة على نفقة الدولة.

في الثمانينات والتسعينات، ضُغط على الاشتراكيون الأوروبيون الغريبون لتوفيق برامجهم الاقتصادية الاشتراكية مع اقتصاد أوروبا الطائفي المعتمد على السوق الحرة. وفي المملكة المتحدة، قام رئيس حزب العمال نييل كينوك بهجوم عاطفي وعام ضد الميل العسكري للحزب في مؤتمر حزب العمال، وتَنكر لمطالب عمال المناجم المهزومين المُضريين بعد إضراب عامي 1984-1985 ضد إغلاق حفر المناجم. وفي عام 1989، بستوكهولم، المؤتمر الثامن عشر للدولية الاشتراكية التي أخذت على عاتقها إلقاء مبادئ جديدة:

اشتراكية إن الاشتراكية الديموقراطية هي حركة دولية جديدة تجاه الحرية والعدالة الاجتماعية وتضامن. وتهدف لتحقيق عالم آمن حيث أن القيم الأساسية يمكن أن تحسن لكي يستطيع الفرد أن يعيش حياة لها معنى تمتلئ بتطور شخصيته ومواهبه، مع ضمان الحقوق الإنسانية والمدنية في إطار عملي ديموقراطي للمجتمع. اشتراكية

أما في التسعينات، انطلاقاً من ضغط اليسار، فإن حزب العمال البريطاني بقيادة طوني بلير افترض سياسات تعتمد على اقتصاد السوق الحر لتقديم خدمات عامة عن طريق عقود خاصة. وفي عام 1995، أعاد حزب العمال وقفته مع الاشتراكية بإعادة صياغة البند الرابع من الدستور، لرفض الاشتراكية بحذف أي وكل المرجعيات للعامة، العامل المباشر والملكية العامة لوسائل الإنتاج. في عام 1995، راجع حزب العمال البريطاني أهدافه السياسية: "حزب العمال هو حزب اشتراكي ديموقراطي. يُعتقد أنه بقوة سعينا سنحقق أكثر مما سنحقق بمفردنا، ولذا لخلق طرق لإدارك قدرتنا الحقيقية، ولأجلنا كلنا، مجتمع فيه القوة والثروة والفرصة في متناول أيدي العديد، وليس القليل."

أهداف حزب الاشتراكيين الأوروبيين، الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي الآن "تتبع دولية تهدف لاحترام المبادئ التي يعتمد عليها الإتحاد الأوروبي، هذه المبادئ هي حرية ومساواة وتضامن وديموقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترام حكم القانون." وكنتيجة في يومنا المعاصر، الصراخ المحتشد للثورة الفرنسية المنادي بـ "مساواة، وحرية، ومؤاخاة" حيث ينادي بالمطلق ويلقي الضوء على الصناعة في المجتمع الفرنسي، ومقترح كقيم اشتراكية جوهرية.

في بداية القرن الحادي والعشرين

الذين بَجَلوا الاشتراكية في صراعهم الماركسي والطبقي المتعدد بحثوا عن ساحات أُخرى غير الأحزاب الديموقراطية الاشتراكية في بداية القرن الحادي والعشرين. برزت الحركات المناهضة للرأسمالية والعولمة خصوصاً خلال الأحداث مثل الحدث الذي عارض مؤتمر منظمة التجارة العالمية لعام 1999 كنشاط احتجاجي بمدينة سياتل. الجماعات التي ألهمتها الاشتراكية لعبت دوراً عظيماً في هذه الحركات الجديدة، التي مع ذلك احتضنت طبقات أعرض من السكان، ونصرها أعلامٌ مثل نعوم تشومسكي. قاد احتلال العراق عام 2003 إلى حركة كبيرة ضد الحرب حيث يوضح فيه الاشتراكيون قضيتهم.

قادت الأزمة المالية من عام 2007 إلى 2010 إلى مناقشات عامة إذا ما كان ماركس مُحِقاً. نشرت مجلة تايم مقالاً عن إعادة التفكير في منهجية ماركس ووضعت صورة كارل ماركس على غُلاف النسخة الأوروبية خصوصاً لمؤتمر دافوس الاقتصادي عام 2009. وفي استطلاع عام عالمي للرأي في عام 2009 قامت به شبكة البي بي سي في للسنوية العشرين لسقوط جدار برلين، وجدوا أن 23 بالمائة من المستطلعين يعتقدون أن الرأسمالية بها أخطاء قاتلة ويجب اللجوء لنظام سياسي آخر، وبنسبة 40 بالمائة من تعداد سكان فرنسا؛ بينما أغلبية بما فيهم أكثر من 50 بالمائة من المستطلعين الأمريكيين يعتقدون أن الرأسمالية بها مشاكل يمكن أن تُوجه وتُصلح. من السبع وعشرون دولة المستطلعة، أغلبية في 22 منهم تطرح تدعيم الحكومات التي توزع الثروة بالتساوي.

أفريقيا

كانت وما زالت الاشتراكية الأفريقية عقائدية أساسية في قارة أفريقيا. ألهمت المبادئ الفابية جوليوس نيريري الذي كان مؤمناً صارماً بالفلاحين الأفارقة وتقاليدهم والأوجاما الذي هو نظام جمعي موجود قبل الاستعمارية الأوروبية طبقاً لنيريري. وكان مؤمناً بأن الأفارقة اشتراكيون بالفعل. ألهمت الاشتراكية فيلا كوتي فنادى بجمهورية أفريقية ديموقراطية. أما في جنوب أفريقيا ترك المؤتمر القومي الأفريقي ميوله الاشتراكية الحزبية بعد امتلاك السُلطة وتبعت طريق تحرري حديث قياسي. ومن عام 2005 إلى 2007، عصف العديد من المتظاهرين من الأحياء الفقيرة البلاد. وإحدى هذه الاحتجاجات أعطت دَفعَة لحركة جماهيرية لسكان الأكواخ. وعلى الرغم من سياسة القمع، دافع أبهالالي بَيزمجوندولو لتخطيط الشعب ضد خلق اقتصاد سوق في الأراضي والإسكان. اليوم أُتهمت العديد من الدول الأفريقية بأنها فشلت تحت اقتصاد تحرري جديد.

آسيا

جمهورية الصين الشعبية وكوريا الشمالية ولاوس وفيتنام هي الدول الآسيوية الباقية من اشتراكية التيار الماركسي اللينيني في القرن العشرين. ذهبت الدول ذات الاقتصاد الاشتراكي بعيداً عن تخطيط الاقتصاد المركزي في القرن الحادي والعشرين لتركيز أكبر على الأسواق. تشمل أشكالاً من اقتصاد اشتراكي صيني واقتصاد سوق فيتنامي يميل للاشتراكية. فهم يستخدمون نماذج إدارة تعاونية تملكها الدولة كمقابل لنمذجة مشروع اشتراكي على أساليب إدارة تقليدية تُوظفها هيئات حكومية.

في جمهورية الصين الشعبية، قاد الحزب الشيوعي الصيني انتقالاً من اقتصاد قيادي لفترة ماو إلى برنامج اقتصادي يدعوه اقتصاد سوق اشتراكي أو اشتراكية بمعايير صينية. تحت سُلطة دينج شياو بينج، شرعت القيادة الصينية برنامج إصلاح يعتمد على السوق أكثر كسحاً من برنامج القائد السوفييتي ميخائيل جورباشتوف (البيروستريكا) في آخر الثمانينات. برنامج دينج على الرغم من احتفاظه بحقوق الدولة لملكية الأرض والدولة لكثير من قطاعات الصناعات الثقيلة وتأثير الدولة في قطاعات البنوك والماليات.

وفي مكان آخر بقارة آسيا، بعض الأحزاب الاشتراكية المُرشحة والأحزاب الشيوعية ظَلَت بارزة، خصوصاً بالهند ونيبال. وخاصة يدعو الحزب الشيوعي في نيبال بديموقراطية الأحزاب المتعددة والمساواة الاجتماعية والرخاء الاقتصادي. أما في سنغافورة معظم الناتج المحلي الإجمالي ما زال إنتاجه من قطاع الدولة تضم الحكومة والشركات المرتبطة. وفي اليابان، كان هناك تجدد اهتمام بالحزب الشيوعي الياباني بين العمال والشباب. وفي ماليزيا اُنتخب أول عضو من الحزب الاشتراكي الماليزي بالبرلمان مايكل جياكومار ديفاراج بعد الانتخابات العامة عام 2008.

الاشتراكية اليوم

يلتزم أغلب الاشتراكيين اليوم التزامًا قويًا بالعمل ضمن الإطار الدستوري للدولة، ويسعون إلى التعاون مع جميع الأحزاب انطلاقًا من أن الاشتراكية تمثل الاهتمامات الشعبية الواسعة، وليست محصورة فقط في العمال، ويتساهلون في تطبيق مبدأ أن تكون جميع وسائل الإنتاج الرئيسية ضمن الملكية العامة، مع اقتناع بأن تكون الأعمال الخاصة تحت رقابة الحكومة. وأغلب الاشتراكيين يقفون من الشيوعية موقف المعارض أو الرافض.

ويتولى الحزب الاشتراكي الحكم في بعض الدول، بينما يكون في بعضها الآخر ضمن حكومة ائتلافية. ولا توجد الآن بلدان اشتراكية بالكامل، فحتى البلدان التي تحكمها الأحزاب الشيوعية ما زال لديها بعض أشكال المؤسسات الفردية برغم أن معظم الموارد فيها بأيدي الحكومة.

نقد الاشتراكية

يرى التحرريون الاقتصاديون والتحريريون الموالون للرأسمالية والتحريريون القدامى أن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والتبادلات السوقية كأمور طبيعية وحقوق معنوية حيث أن ذلك مركز مبادئهم للحرية والتحرر، وهكذا فهم يرون أن الملكية العامة لوسائل الإنتاج والتخطيط التعاوني والاقتصادي هي تعديات على الحرية، بعض الانتقادات الأولية للاشتراكية هي أن مؤشرات الأسعار مشوشة أو غائبة، وانخفاض الحوافز وانخفاض الازدهار والجدوى وآثارها السياسية والاجتماعية.

ينتقد نقاد المدرسة الكلاسيكية الحديثة للاقتصاد ملكية الدولة ومركزية رأس المال على أسس تفتقر لحافز في مؤسسات الدولة لتقوم بالعمل على أساس سير أعمال الشركات الرأسمالية بنفس الكفاءة لأنهم يفتقروا إلى قيود الميزانية الصارمة، مما يؤدي إلى انخفاض الرفاهية الاقتصادية للمجتمع ككل. اقتصاديو المدرسة النمساوية يصرحوا بأن الأنظمة الاشتراكية التي تعتمد على تخطيط اقتصادي غير مجدية بسبب افتقارهم للمعلومات المطلوبة لتنفيذ حساباتهم الاقتصادية في المقام الأول، نظراً لافتقارهم لمؤشرات الأسعار ونظام الأسعار الحرة حيث أن حجتهم أن ذلك مطلوب من أجل حسابات اقتصادية صحيحة.

تقوم الاشتراكية على إلغاء الملكية الخاصة وهيمنة الدولة على الملكية العامة، بما في ذلك ملكية وسائل الإنتاج.

والواقع أن في إلغاء الملكية الخاصة إلغاء لحرية الإنسان ولحقه في التملك، أما التذُّرع بأن الملكية الخاصة توقع الظلم من بعض الناس أو من بعض الملكيات الفردية على آحاد الناس أو على ملكيات فردية أو جماعية فليس مبررًا لهضم الناس حقهم. فالظالم يُرد إلى الحق، والمظلوم تعاد إليه حقوقه.

أما ملكية وسائل الإنتاج فهي ملكية خاصة، لأن المالك الفرد قد يبدع في إنتاجه ويأتي باختراع أو ابتكار يسهل به الحياة على الناس، وفي هذا خير للفرد وللمجتمع، فلماذا تحرم الدولة الفرد من خدمة المجتمع؟ ولماذا يحرم المجتمع من عطاء آحاده المبدعين. وإلغاء الملكية الخاصة يجعل الدولة صاحبة الشأن، تعطي وتمنع كما تشاء. وهذا يفتح باب القهر والتشكك؛ إذ إن الدولة قد تمنع من تشاء وتعطي من تشاء، فتصبح بذلك قوة غاشمة ظالمة. وهو عكس ما قامت الدولة لأجله وهو العدل.

انظر أيضًا