برجوازية
البرجوازية (بالإنجليزية: Bourgeoisie) مصطلح فرنسى الأصل يطلق على طبقة اجتماعية ظهرت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وأصلها من كلمة bourg أي المدينة. وكان يشير إلى شريحة الأحرار من سكان المدن الذين يتمتعون بالحقوق المدنية ولهم حق العيش داخل المدن، ويمتلكون رؤوس الأموال والحرف، وهم أعلى شريحة في الطبقة المتوسطة ومنهم الموظف ومنهم التاجر. والبورجوازية هي طبقة اجتماعية من ضمن طبقات كثيرة مثل طبقة النبلاء وطبقة الأرستقراطيين.
فالطبقة البورجوازية هي المتحكمة في رأس المال التي تمتلك القدرة على الإنتاج والسيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة للمحافظة على امتيازاتها ومكانتها بحسب نظرية كارل ماركس.
تحول استخدام المصطلح تدريجياً فيما بعد ليصبح مرادفاً لمصطلح الطبقة الرأسمالية، وبوجه خاص عند الماركسبين. أما الاستخدام المعاصر له فيشير إلى ملاك وسائل الإنتاج فى المجتمع الرأسمالى، على الرغم من أن المصطلح أصبح الآن بسبب توزيع رأس المال- ينطوى على طبيعة غير عملية وتجاوزته الأيام إلى حد ما.
وبشكل أدق البورجوازية هي الطبقة المسيطرة والحاكمة في المجتمع الرأسمالي، وهي طبقة غير منتجة لكن تعيش من فائض قيمة عمل العمال، حيث أن البرجوازيين هم الطبقة المسيطرة على وسائل الإنتاج، ويقسمهم لينين إلى فئات، حيث يشمل وصف البرجوازيين بالعديد من الفئات تنتهي بالبورجوازي الصغير وهم المقاولون الصغار وأصحاب الورش. والجدير بالذكر هنا أن الطبقة البورجوازية هي التي قامت بالثورة الفرنسية بتحالف مع طبقة العمال والفلاحين، وبعد ذلك انقلبت على مباديء الجمهورية الأولى بدعم الجيش بقيادة نابوليون بونابارت، وبالتالي سيطرت البورجوازية على إدارة الثورة الفرنسية، بعدما استطاعت الإطاحة بطبقة النبلاء ورجال الدين الإكليروس، وتمكنت بتحالف مع الجيش بالسيطرة على الأوضاع واخماد غضب الطبقة الكادحة بعد تصدير الأزمة الداخلية والصراع إلى الخارج باحتلال الجزائر كأولى مؤشرات بداية عهد الإستعمار الأوروبي نتيجة التفوق الاقتصادي والعلمي والمعرفي والفكري والسياسي والعسكري، نظرا لتصاعد دور فئات شعبية جديدة، وتوسيع هامش الحريات والحقوق للشعوب الأوربية عامة، وتساقط أنظمة الحكم الإستبدادية التقليدية التي كانت ترتكز على الإقطاعية ونفوذ الأرستقراطية والإكليروس، وبشرت برؤى جديدة حول الحياة وميكانيزمات الحكم السياسي والاقتصادي.
الديمقراطية البرجوازية
هي مصطلح استعمله فلاديمير لينين ومن بعده استعمله الشيوعيون لوصف الديمقراطية السائدة في أوروبا الغربية آنذاك والولايات المتحدة الأمريكية حيث إن مصطلح الديمقراطية هي حكم عامة الناس أو بتعبير آخر حكم الشعب نفسه بنفسه وترى الدول الليبرالية أن ديمقراطيتها هي ديمقراطية شرعية في تمثيل الشعب لكن الشيوعيين يرون أن من يترشح للانتخابات البرلمانية غالباً يكون من طبقة غنية مادياً لكي يستطيع تمويل حملته الانتخابية فهو بالتالي يمثل مصالح هذه الطبقة دون غيرها أو أنه يتمول من شركات وأصحاب مال ليمثل مصالحهم ولهذا سميت الديمقراطية المطبقة في الدول الليبرالية بالديمقراطية البرجوازية. ويعتبر الشيوعيون أن الديمقراطية الإشتراكية هي التمثيل الحقيقي للشعب.
بداية النشاط
قامت البرجوازية في مراحلها الأولى بدور ثوري تقدمي في الصراع مع النظام الإقطاعي، فتحْتَ قيادة البرجوازية صُفِّيت العلاقات الإقطاعية وإسقاط التصوّر الطبقي الإقطاعي للإنسان. وقد أسهمت البرجوازية في تطوير العلم والتكنولوجيا وفي رفع إنتاجية العمل، وحطّمت نمط الحياة الذي كان غالباً في العصور الوسطى. وبنتيجة الثورات البرجوازية الممتدة من القرن السادس عشر إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر وصلت البرجوازية إلى السلطة السياسية وأصبحت هي الحاكمة في أغلب بلدان أوروبا الغربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية. ومع تحوّل الرأسمالية إلى الامبريالية (أواخر القرن التاسع عشر) ثم إلى رأسمالية الدولة الاحتكارية (منذ الحرب العالمية الأولى تقريباً)، ومع دخول حكم الطبقة العاملة مسرح التاريخ تغير أثر البرجوازية في المجتمع تغيراً جذرياً، وصار نضال طبقة العمّال في مواجهة الرأسمالية مضمون المرحلة المعاصرة من تاريخ البشرية وسمتها الأساسية.
الطبقة الوسطى
أما الاستخدام الثاني للمصطلح فينظر إلى البورجوازية على أنها الطبقة الوسطى التي صعدت في العصور الوسطى حيث اعتمدت بالأساس على التجارة وأرباحها، لا على الأرض الزراعية، ومن ثم، ارتبطت حياتها ارتباطاً وثيقاً بأخلاقيات وأسلوب الحياة في المدينة وأصبح هذا من أهم ما يميزها عن الطبقة القديمة – طبقة الأرستقراطيين – حيث ثروتهم، وبالتالي مصدر قوتهم وسلطتهم كانت الأرض الزراعية، فكانت حياتهم مرتبطة بأخلاقيات وأسلوب الحياة في الريف وليس الحضر. ولقد أضحت طبقة البرجوازيين «الجديدة» مادة للسخرية بين المفكرين في فرنسا ابتداء من القرن السابع عشر، حيث رماها معظمهم بأنها ينقصها ذلك الطابع المميز وتلك الشخصية المستقلة، مركزين على أنها تحاول جاهدة التشبه بطبقة الأرستقراطيين رغم عدم توافر عناصر الانتماء إلى هذه الطبقة لديها، تظهر وجهة النظر هذه واضحة في كتابات موليير، لم يتوقف موليير عن العزف على وتر السخرية من الطبقة البرجوازية، ولنتذكر كتابات سارتر على سبيل المثال، إلا أنها ابتداء من القرن التاسع عشر ظهرت مجموعة من المفكرين الذين رأوا أن الطبقة البرجوازية، على العكس تماماً، فقد وقع عليها ظلم كبير لأنها لم تدرس الدراسة الدقيقة والمحايدة والمستقلة بوصفها طبقة جديدة، كان في الحديث عنها مجموعة من الانطباعات النابعة من معايير تقليدية للحكم.
الانتقادات
كانت قابلية المفهوم للتطبيق على المجتمعات الرأسمالية المتقدمة عند غير الماركسيين موضع تساؤل دائم، وبخاصة منذ ثلاثينيات القرن العشرين. فقد ذهب كل من أدولف برل وجارديز مينز فى مؤلفهما: الشركات الحديثة و الملكية الخاصة، الذى صدر عام 1932 إلى القول بأنه بسبب الفصل بين الملكية والسيطرة الذى أصبح واضحاً فى الشركات الأمريكية الكبرى خلال ثلاتينيات القرن العشرين، فإن القوة الاقتصادية بدأت فى الانتقال من أصحاب المشروعات الملاك (الرأسماليين) إلى المديرين. وقد ظهرت إلى حيز الوجود أطروحات مماثلة مارست تأثيرا واسعاً فى الخمسينيات (انظر على سبيل المثال مقال دانيل بل حول تدهور الرأسمالية العائلية الذى أعيد طبعه فى كتابه المعنون: نهاية الإيديولوجيا الذى صدر عام 1960). ثم ظهرت مرة أخرى فى الستينيات عندما صك جون كينيت جالبرايت مصطلح البناء التقنى فى كتابه الدولة الصناعية الجديدة، الذى صدر عام 1967، لإشارة إلى الطبيعة المؤسسية للقوة فى الاقتصادات الحديثة بدلاً من طبيعتها الشخصية السابقة. ففى رأى جالبرايت أنه بنشأة المؤسسة الحديثة، حلت هذه الشركات محل المنظمين الأفراد باعتبارها ذات شخصية اعتبارية وكقوة موجهة للاستثمار، من خلال الفكر الجماعى الموجه الذى يشمل كل الموظفين الذين يشغلون المواقع المختلفة التى تتوسط أعلى درجات الإدارة العليا وصغار الموظفين (التكنوقراطيون) الذين يسهمون فى عملية صنع القرارات الجماعية بالنيابة عن الشركة التى يكونونها ولصالحها.
وقد اكتسب هذا التغير الذى طراً على بؤرة التحليل مؤخراً مزيداً من قوة الدفع الذاتى تتيجة لما طرأ من تطورات على تخصص تاريخ الأعمال، خاصة فى أعقاب ظهور دراسات الفريد شاندلر فى التغير التنظيمى فى الشركات الأمريكية الكبيرة (انظر على سبيل المثال مؤلفه: اليد المرئية: الثورة الإدارية فى الأعمال الامريكية"، الصادر عام 1977). وقد أرسى مجمل هذا المذهب الفكرى كتاب دانيل بل "نشوء مجتمع ما بعد الصناعة"، الصادر عام 1973، الذى ذهب إلى القول بأن الدور المركزى الجديد للمعرفة فى عملية الإنتاج لم يغير فقط من توزيع القوة الافتصادية، ولكنه غير أيضاً من لب طبيعتها.
أما فيما يتعلق بقضية الملكية على وجه الخصوص، فقد ادعى بعض الدارسين (وبالطبع بعض السياسيين) أن التوسع المتزايد فى ملكية الأسهم وما صاحبه من زيادة النصيب النسبى الذى تمتلكه صناديق المعاشات والمؤسسات المالية الوسيطة الأخرى، قد أفضى فى نفس الوقت إلى تحول بنية الملكية فى المجتمعات الرأسمالية المتقدمة، كما جعلها أكثر ديموقراطية (انظر على سبيل المثال كتاب دركر: الثورة غير المنظورة، الصادر عام 1976.
و جاءت استجابة الماركسيين و أولئك الذين يتفقون معهم حول هذه القضية من شقين. ففى الشق الأول ذهبوا إلى أن الدراسات الإمبيريقية توضح أن قوة الأفرلد المالكين لم تتدهور كثيراً، وأنها لم تتدهور بصورة جذرية كما ادعي البعض. على العكس من ذلك، ووفقاً لهؤلاء الباحثين، فإن اتساع نطاق ملكية الأسهم لا تعنى سوى أنه أصبح من الممكن الأن أن تكون ذات تأثير هام على الأسلوب الذى تمارس بمقتضاه مجالس الإدارة سطوتها (فيما يتعلق بقرارات الاستثمار مثلاً)، فى حين أن نسبة ما هو مملوك لأعضائها قد لايزيد عن نسبة محدودة (تقل عن عشرة يالمائة) من مجمل الأسهم. فضلا عن ذلك، وكما ذهب مؤخرا بعض المهتمين بشبكات الملكية، وبسبب القوة المتولدة عن ملكية أنصبة صغيرة نسبياً وبخاصة ما إذا كانت هذه الأنصبة من الأسهم لشركات كييرة مهيمنة على الأسواق، فإن ذلك يمكن مالكيها من ممارسة القوة فيما وراء حدود شركاتهم، إما من خلال ممتلكات هذه الشركات أو بأنفسهم مباشرة بصفتهم ملاكاً. انظر على سبيل المثال، مقال مينتز وشوارتز، المنشور فى كتاب زوكين وديماجيو (محررين) "بنى رأس المال" (1990) أو سكوت "من يحكم بريطانيا"، الصادر عام 1990.
أما الشق الثانى من رد فعل الماركسية حول قضية الملكية والسيطرة، فقد غلب عليه التوجه النظرى، وهو ينطوى على الادعاء بأن قضية ملكية الأفراد فى مقابل ملكية المؤسسات لا تمثل أى مشكلة إلا بسبب رواسب المذهب الإنسانى فى معظم الفكر الماركسى، وهو الاتجاه الذى يتطلب منا إضفاء أولوية نظرية على عملية تحديد الحائزين الفعليين لعلاقات الملكية (أى الأفراد المحددين)، وليس (كما يذهب ماركس فى أطروحته السادسة حول فيورباخ) إلى تحديد العلاقات الاجتماعية للملكية، والسيطرة، وسندات الملكية التى تشكل هؤلاء الحائزين أنفسهم. وبسبب إضفاء الأولوية النظرية على هذه الأخيرة، و لأن الحائزين الفعليين المحددين على هذا النمو قد يكونون أشخاصا طبيعيين أو مؤسسات، فإننا نستطيع القول بوجود طبقة رأسمالية، رغم أنها قد لاتكون بالضرورة قابلة للتحديد بوضوح ككتلة من الناس يمكن وصفها بأنها طبقة بورجوازية، بغض النظر عن الطبيعة الملموسة لحائزيها أو العلاقات بينهم (انظر على سبيل المثال: وودى ويس: النظرية الاجتماعية فيما بعد الحداثة، الصادر عام 1990.