ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء السادس

من قصص عارف

حرارة عناق دامع يشوي برود الموت في صدري ... يدي تعجز عن ملامستها حتى لدفعها من حضني ... صمم مؤقت أصابني ... نواقيس تدق في أذني ...

تجمد الدم في عروقي والشعور في صدري ... رأس صهري الأسبق يدخل من فتحة الباب الضيقة تليه إبنته ورجل آخر ...

إهتزاز كياني منعني من التسليم عليهم ... إنسحبت الفتاة من صدري تمسح دموعها ... جدها يفتح يديه يطلب عناقي ...

طليقتي تؤكد بهز رأسها أنها إبنتي ... لم تحملني ركبي لسلّم البيت ... جلسنا في الحديقة ... ولدتها أمها بعد 6 أشهر من سفري ... تاريخ ميلادها يطابق حسب ظني يوم حملني حيدر على درّاجته ...

أي أب أنا ... نسيت أصلا أن طليقتي كانت حامل ... لم يخبرني أحد منذ عودتي ... هذيان أمي كان حقيقة ....

طردت الجميع من بيتي وأغلقت الباب ... أردت الإنفراد بهذا الشيء الذي ينتسب لي في الأوراق الرسمية ... إبنتي ... الأبوّة شعور يكتسب ....

دلال هكذا هو إسمها مشتقّ من إسمي ... ملامحها تشبه والدتي في صغرها غير أنها ورثت لون جلد أمها القمحي ... تساميني في الطول ... شعرها أسود قاني ... غزير وثقيل يلامس كتفيها ...

صدرها ممتلأ لا يعكس عمرها ... جبينها تزينه علامة تدلّ على طفولة شقية ... أنفها مدبب كوالدي ... ذقن مثلثة كجدي ... عيناها سود تسبح في بياض ...

دقائق طويلة ونحن نتملى في بعض ... أنا أحاول أن أصدّق ما يحصل ... وهي تحاول إسترجاع صورة أب أمضت عمرا محرومة منه ...

شيء ما في صدري جذبها نحوي ... عانقت إبنتي وهي عانقت والدها ... دموعي تزيّن كتفها ودموعها توشّح صدري ... بكيت حتى سال أنفي ...

ربما هو لطف الأقدار أن عفت عني من عذاب مضاعف وراء القضبان ... بذرة شعور الأبوّة تنمو في صدري ... رفعت رأسها مسحت دموعها عن جفونها وخديها حضنت رأسها وقبّلته ...

عيناها إنكسرت أمامي وهي تشهق ... " ما تسيبنيش وحدي ثاني " ... لم أستطع منع نفسي من الإنخراط في نوبة بكاء ثانية ...

غسلت وجهها ... خفت على صباها ... مسحت عينيها و قالت من اليوم بدأ عصر الفرح ... توجهت للمطبخ ثم للغرف ... تفتح يديها وتدور راقصة بالبيت ...

قالت بفرحة يهزها شهيق يعقب البكاء ... من النهاردة بقالي بيت ؟؟ ... وقفت تنظر في عيني تعاتبني وهي تفتح الغرفتين الفارغتين ... أين غرفتي ؟؟؟ أين ملابسي ؟؟ أين هداياي؟؟

لم تنتظر إجابتي ... طفلة صغيرة تقفز فوق الكنبة ... لا يهم ... لا يهم ... هذا بيتي ... رجوعك يكفيني ...

رائحة قهوة بنت تدلل أباها لأوّل مرّة تخز أنفي ... وضعتها أمامي وجلست بجانبي تتوسد صدري ...

- إنت رجعت إمتى ؟؟؟

- من حوالي شهر ؟؟؟ سامحيني يا بنتي ؟؟؟ أنا أصلا ما كنتش اعرف إنّك موجودة

- أنا كمان ؟؟ تعرف إنهم قالولي إنك مت في البحر من زمان ؟؟

- مين إلي قالك كده ؟

- كلهم ... جدي وجدتي وعمامي وماما وزوجها والكل ...

- ممكن لأن أخباري إنقطعت عنهم منذ سفري...

- لا كانوا بيكذبوا عليا ... من 3 سنين سمعت خالك بيكلّم جدتي بيقلها إنهم خفضوا عنك الحكم من مؤبّد لعشرين سنة ...

راحة من رفع عنه حمل كذب أو تبرير غياب .... إبنتي تعلم كل تاريخي ... تهت في الذكريات ... يومها إسترجعت نسبة ضئيلة في أمل الحياة ... لحست إبهامي متذكّرا أثر البصمة على قرار العفو عني ... الأمل ينمو بفعل الأحداث ...

صوت دلال الرقيق يداعب أذني وأنفاسها تروي عروق الأبوّة في صدري ... شكرت الأقدار أني تراجعت عن قرار الإنتحار ... ماذا كانت ستفعل هذه المسكينة لو أحسّت اليتم مرّتين ...

رغبة شديدة في الحياة تهزني لأجلها ... قطعت شرودي بسؤالها ...

- هو صحيح إنكّ قتلت حد في فرنسا ؟؟؟ عشان كده سجنوك ؟؟؟

- لا يا حبيبتي ... أنا كنت مسجون عشان المخدّرات

- تعاطي وإلا ترويج

- (صدمني إطلاع هذا الملاك على العالم) لا تجارة ؟؟ الواضح إنهم شوهوا صورتي قدّامك ... معذورين ... علاقتي بأمك وأهلها ما كانتش حلوة ...

- لا أبدا دول ديما يقولوا عنك كل خير قدامي ... بس سكان البيت الثاني هما إلي يحكوا عنك كده

راحت تقصّ عليا كل تفاصيل حياتها ... بعد ولادتها تكفّلت بها جدة أمها ... أحسست بالمرارة لفقدانها أخيها في الرضاعة نبيل ... قالت بحكمة الشيوخ ... الدنيا أخذت نبيل من هنا وأعادتك أنت من هنا ...

هزمتني حكمتها ... قبل دخولها المدرسة طالب أبي بحق تربية حفيدته ... قالت أنه كان يدللها ... ربما يعوض فقداني فيها ... مسحت كلماتها تراب غطّى صورته في قلبي ...

قالت أن زواج أخي الأكبر تزامن مع وفات جدّها ... جيهان التي تعتبرها طالع سوء على العائلة سقتها المر ... دموعها تلهب نار الإنتقام في صدري ... تتشنج وتحبس الغصة كلماتها عندما تذكر أيام العيد ... كيف كانوا يستثنونها من الهدايا أو اللبس الجديد ...

حتى طاولة الإفطار في رمضان كانوا يقصونها منها ... تبكي بحسرة سبب إنقطاعها عن الدراسة ... لا أحد يمكنه النجاح في مثل هذه الظروف ....

قالت أن دليلة وأمها كانتا تحنان عليها ... شعوري لم يخطأ تجاههما ...

بنت الدار تعامل كالغريبة ... حتى الأغراب لا يعاملون هكذا ... حضنتها معتذرا ... لم يكن الأمر بيدي ... لقد أصبح لك سند في هذه الدنيا ...

لا أعلم من سند من ... هل أنا سند تلك التي عاشت يتيمة وأبوها حي ... أم هي عمود سند حياتي المتهاوية ...

إنتصف الليل وهي تنوح بصدري ... دموعي المالحة تتساقط داخل فنجان قهوتها اللذيذة ... حتى مطلع الفجر كانت ليلة الإعتراف الأخير ... قصصت لها كصديقة كلّ ما عشته قبل وجودها وفي غيابي عنها ...

أشرقت نور الشمس على نوافذ سيّارة قيس تقودنا للمدينة ... لم يسأل من تكون مرافقتي ... مشروع خادم أمين هذا القيس ...

رسالة تكليف محامي بقضية تقسيم التركة كانت ردي على رسائلهم التي لم تدخل قضبان سجني ... زيارة للبنك سحبت نصف ما بقي من مدخراتي .... سرير وخزانة وسجاد وستائر مزينة إخترت ألوانها الوردية بدقّة ... رسوم متحرّكة لسندريلا تزينها ...

رسمت صورة للأب المتفهّم في مول تعج به محلات الملابس ... لم أتدخّل في ما تشتريه ... قلت لها إختاري ووالدك يدفع ... إشترت كلّ شيء ولا شيء ... فساتين أحذية مجوهرات صناعية ... عطور مكياج ملابس داخلية ... ساعات وإكسسوارات عديدة ...

كنت أسدد دينا لا أدين به ... لا يمكن وصف سعادتي وأنا أدفع فواتير تورّد وجنيها من السعادة ...

مدينة الملاهي كانت محطتنا الثانية ... طفولتي وصبايا وشبابي المهدور عشتها جميعا في ضحكها ... أمطار من القبل تغمر وجهي من شفتيها الحمراوتين ...

غذاء في مطعم في مدينة الملاهي ... المثلجات الحلويات ... لحية الشيخ السكرية تذوب في حلاوة سعادتي بها ...

أجنحة سعادتي يكسوهما ريش أهداب دلال ... دلال التي لم تعش دلال قبلي ودليل الذي وجد دليله فيها ...

يوم واحد لا يكفي لإسعادها ... ليلة حافلة في شوارع المدينة ... تعشينا المشوي وشربنا العصائر ... لاحظت أن سبابتها ووسطاها تكسوهما صفرة طفيفة ... أثر سجائر رخيصة ..

كانت تعد لي قهوة في مطبخ بيتنا .... حافية القدمين ترقص الفرحة في فخذيها العاريتين تحت قماش تنورة زرقاء ... رأسها يتمايل وهي تدندن أغنية لم أسمعها ....

جلست تقابلني ... وضعت فنجان القهوة أمامي ... مزقت صورة والدي وكلّ الأباء التقليدين ... وضعت علبة سجائري أمامها ... ترددت ... قلت لها عندما نكون لوحدنا نحن أصدقاء ... أمام الناس والد وبنته ...

حضنتني وغرقت عيناها بالدموع .... تسحب نفسا من سيجارة تحرق به الحزن الذي سكن صدرها ...

ليلا سمعتها تتحدّث في الهاتف ... لم أشأ كسر صورة لأب متفهّم بالتنصت عليها ... نمت كنوم المهاجر ... عين تنام لتصحو عين ...

إحساس المسؤولية جديد على روحي لكنه جميل ... مع إشراقة شمس الصباح ... رائحة إفطار شهي حضرته بعناية ... دلال تفتح فاها دهشة من مواهب والدها ...

شيء ما يدفعني لبناء علاقة غير إعتيادية بين والد وإبنته ... هي أصلا علاقتنا غير عادية ... والد يعلم بوجود إبنته قبل بلوغها سن الرشد بقليل و وطفلة عاد والدها من الموت ...

قهوة وسجائر وإختليت بإبنتي ... كل لحظة أريد إسترجاع عمر فاتني بها ... كانت تحكي لي عن حياتها في بيت والدها ... طليقتي بعد وضعها لدلال واصلت دراستها ...

أصبحت مدرّسة تربي الأجيال ...شيء مضحك فعلا .... سخرت من نفسي ومن فشلي ... أنا الرجل العربي الذي لا يشوب سمعته شيء تحطّمت حياتي من نصف غلطة ...

والمرأة سيئة السمعة تجاوز الزمن أغلاطها ... نجحت في حياتها وتكسب رزقها وتزوجت ثانية وأنجبت وتعيش سعيدة ....

قالت دلال أن زوج أمها ليس بالشخص السيئ ... هي من نشأت في بيئة ملوثة في بيت أبي ... ربما لو تربت في بيت أمها منذ الطفولة لكان مصيرها شيئا آخر ...

بنت السابعة عشرة عرفت تحلل حياتها و إبن الأربعين لا يزال مراوحا يلوم الزمن ... إحساسي بالمرارة تحوّل لدافع عجيب للنجاح في الحياة ....

قررّت أن يكون نجاحي في نجاح دلال ... كيف ستنجح في حياتها وهي فارقت مقاعد الدراسة في مرحلة مبكّرة ...

قبل منتصف النهار ودّعتني ... ستغيب لمدة أسبوع ثم تعود لتستقرّ نهائيا في بيتها ... عليها جلب بعض الأشياء من بيت أمّها ....

رغم أن بعدها يحزنني لكنه منحني الفرصة ... عليا التفكير في طريقة جلب ثروتي من الخزنة ...

صوت أحلام يصدح بالسرور مع أول كلمة تصلها مني ... قالت أنّ أشغالنا تعطّلت ... قائمة طويلة من الطلبات توجهت بعدها لمركز البريد ... ألفة تطاردني بعينيها تستفسر سرّ برودي معهن ...

خاب أملنا جميعا ... الجلسة في مركز البريد فقدت نكهتها ... الحصول على أموال الخزنة يسيطر على تفكيري ... جفاف جنسي يحرق قلبي ... فكّرت في زيارة حنان ... ليلة حمراء في حضن هيفاء ستعيد التوازن لعقلي ... لكني تراجعت ...

قيلولة طويلة أفقت منها مبعثر التفكير ومتعب العضلات... طعام خفيف وقهوة سوداء... سيجارة أعادت تفكيري لهدفه الأوحد ... الخزنة

الطريق لها يمر عبر أحلام ... ثم خالي ... ستوافق مقابل نسبة محترمة ؟؟؟ هي طموحة وسيدفعها حبها للمال للتجاوب معي .... قرار نهائي سأفاتحها الليلة...

جمر إنتظار سماع صوتها يكوي مؤخرتي ... توتري ملأ مطفأة السجائر ... أمعائي تتقلّص كطفل مشاغب توعدته أمه بعقاب حال عودة أبيه ...

وجهها يطلّ على شاشة الهاتف وأصابعي ترتعش قبل الرد ... حديث طويل بلا فائدة .. ربما شعرت بضجري من الثرثرة ...

- مالك مش زي عوايدك ؟؟؟

- الحقيقة عاوزك في موضوع مصيري

- خير ؟؟؟ عاوزني أخطبلك ؟؟؟ هههه

- لا لا ... لازم نتقابل

تواعدنا في مقهى بالمدينة بعد أيام ... كابوس يهز سكون ليلي ... الصورة واضحة ... مرزاق يصفعني بمفتاح الخزنة ... أحشر زبي في كس أحلام ... الأموال تتهاطل على رؤوسنا ... خالي يرقص فرحا من ورائنا ...

لأوّل مرّة منذ بداية شريط الكوابيس أشعر بالنشوة ... حمام وإفطار دسم عند الفجر ... أحلام إنسحبت دون مدي بقائمة عمل هذا اليوم ... منذ مدّة لم أزر المقهى ...

مراهقون ينتظرون حافلة تقلّهم لمعاهدهم ... قطع شعوري بالألم لإنقطاع دلال عن الدراسة رنين هاتفي ... رقم غريب يتصل في هذا الوقت ... صوت سيدة من الجانب الآخر يبدو مؤلوفا ... قالت أني أخطأت في إرسال طلبها ... هي تريد كريم لتضييق فتحة الكس وأنا أرسلت لها كريما لتكبير الصدر ...

قالت أن صدرها جميل ... مشكلتها أن زب زوجها صغير وهي تريد تضييق كسّها للمتعة أكثر ... أي متعة أكثر من أن تستهل يومك على حديث عن النيك في هذا الصباح الجميل ... قلت لها سأتثبت في الأمر ثم أعاود الإتصال بها ...

جلسة صباحية مع الحرفيين في المقهى ... حلقة كبيرة تجمعت حولي ... عقلي كلّه مع أحلام وطريقي لثروتي ...

التاسعة صباحا إتصلت بها ... تعللت بأنها نسيت قائمة طلبات الزبائن ... تغيرت نبرة صوتها ... كأنها تتحاشى مكالمتي ... ربما أخطأت في تفسير الموقف ...

زيارة سريعة لمركز البريد ... إستقبال دافئ من الموظفات الثلاث ... ألفة تتحاشى النظر في عيني ...

يومان مرا على قلبي كثقل الجبال ... أحلام صارت أكثر إلتزاما في حديثها معي ... عادت الكوابيس تطارد نومي ... جفاف يحرق صدري ... وعقلي أرهقه التفكير في حلّ لغز الخزنة ...

دلال تهاتفني يوميا من بيت والدتها ... مكالمتها وصوتها تروي بذرة إحساس الأبوّة في صدري ...

تلك البذرة أصبحت نبتة ... تروى قطرة قطرة من ينبوع حنان صوتها ومن شلال حقد دفين على عائلتي ... لا مفر من المواجهة

جلسة طويلة مع أحلام ... عليها مساعدتي على إقناع زوجها ... خالي رغم حبه للمال لكنه جبان ... زوجته تسطيع إقناعه ...

أسبوع آخر من الإنتظار ... كل أهداف حياتي صارت مرتبطة بالحصول على المال ... خفقان قلبي يراوح بين الريبة تارة وبين الرغبة تارة أخرى ...

وصول خالي الذي قطع عمله بفرنسا بعد مكالمات عديدة من زوجته تطلب منه العودة سريعا لسبب هام ...

جلسة طويلة جدا ... أحلام تتفانى في إقناع زوجها ... رعبه من الفكرة يرتسم على محياه ... وقع الإتفاق ... نسبة العشر ستكون نصيبه ... كما سيسحب نسبة خمسة بالمائة تكلفة تحويل الأموال لتونس ....

نقل مباشر للأحداث من ميناء كان ... تقنية السكايب كانت دليل خالي للوصول لمكان الخزنة .... الحقيبة في مكانها ... لهاث خالي وهو يسرع عائد لسيارته يؤكد ثقل وزنها ...

صورة مباشرة من منزله لرزم الأموال تأتيني عبر شبكة الإنترنات ... إنه تعويض على سنين العمر المسروقة .... الإتفاق كان بتحويل مبلغ 300 ألف يورو أسبوعيا لتجنب لفت الأنظار ...

دلال تضع حقائبها للإستقرار في بيتها مع وصول آخر دفعة من المبلغ ... 3 مليون دينار ... أو كما يحلو للتونسيين تسميتها 3 مليارات من مليماتنا ....

شهران من الزمن لم أشعر بمرورهما .... نتيجتهما كانت إنقلاب حياتي رأسا على عقب ... دليلة تروي صحراء عاطفة الأبوة في صدري ... ومنظر أموالي المخبأة بعناية في مخزن البيت تذكي نار رغبة الحياة في قلبي .... الأموال وقود الرغبة ...

إنقطعت علاقتي بالجميع ... إنتهت شراكتي بأحلام ... علاقتي بالموظفات إنقطعت بإنقطاع سبب التواصل معهن ... سعاد طردت من حياتي ... لم أزر عائلتي منذ شهرين ...

جالسا بالمقهى بالميناء أسترجع ذكريات عمري الضائع وأخطط لمستقبل توفرت كل سبل نجاح بنائه كما أريد ... قيس يلازمني بصمت ...

الجميع تحلّق بموظف يلصق معلّقة بباب المقهى ... إلا أنا ... سرعان ما عاد قيس يتحسّر على ضياع الفرصة ... قال أن مركبا ضخما للصيد كان تحت الحجز سيعرض للبيع بالمزاد العلني ...

راح يعدد لي مزايا إمتلاكه .... لا أعلم سبب تركيزي مع حديثه ... فهمت أنه إذا عرف مالكه الجديد كيف يستغلّه سيسترجع ثمنه في موسم واحد ... قرّرت المنافسة للإمتلاكه ...

أنا صيّاد بالفطرة لكني لا أعرف شيئا عن البحر ... عينا قيس تطير من الفرح وأنا أكلّفه بمهمة قيادته والإشراف عليه إذا كان إمتلاكه من نصيبنا ...

دلال قررّت الإلتحاق بمدرسة خاصة لفنون التفصيل والخياطة ... ستستغل موهبتها في بناء مستقبلها ... الدراسة لا تتطلب الحضور يوميا ... لكن المدينة بعيدة ...

إجراءات الترسيم ودفع رسوم الإلتحاق لم تكن مشكلة بالنسبة لي ... فكّرت في تأجير بيت لها بالمدينة لكني تراجعت ... بيت جدها أولى بها ...

دون مقدمات نزلنا كالقضاء على بيت أبي ... حقائبها وأثاث جديد ... جهاز كمبيوتر حديث ... أرقى الملابس و أفخمها ... نظرات أمي تتوسل أن لا أصعّد الموقف ... مشاعر الحقد والحسد والغيرة تختلط في عيني جيهان ...

دليلة ترقص فرحا بهدايا عمها ... جلسة قصيرة على إنفراد مع شيراز أوصيتها بالعناية بإبنتي ...

قبل المغادرة ... تهديد واضح وصريح وأنا أتوجه بالكلام لإبنتي ... إن أزعجك أحد ... هاتفيني وفي ساعتها سأهدم المعبد على كهنته ....

عائدا للقرية سعيدا بنظرة الإنكسار في عيني إخوتي وزوجاتهم ... مستغربا من سعادة شيراز ... حزينا على فراق مؤقت لدلال ... قيس يحدثني عن موعد المزاد العلني ...

ليلة طويلة لوحدي بالبيت ... الرغبة تحرق خصيتي ... أشهر طويلة بدون جنس ... أصلا أنا متعود على ذلك ... ربما توفر الأموال هو ما يوقد نار الرغبة في صدري ... فكّرت في الإتصال بحنان .... هي تعرف الكثير من من يمكنهن إطفاء رغبتي لكني خجلت ...

غالبني النعاس أخيرا ... هاتفي يرن ... رقم غريب يظهر على الشاشة في هذه الساعة المبكرة ... الصوت مألوف ... سيدة تعاتبني على تأخري في تلبية طلبها بتوفير مرهم لتضييق الكس ...

هي نفس السيدة التي كانت تكلمني منذ شهور ... كنت سأعتذر لها أني لم أعد أعمل في هذا المجال ... ربما شوقي للجنس دفعني للإستمرار ... رحت استفسر عن طلبها بالتفصيل ... يدي تداعب قضيبي وهي تصف لي جسدها ... قضيب زوجها الصغير وسرعة إنهائه لعملية الجماع هو سبب إنزعاجها ...

أغلقت الخط بعد حوالي ساعة ألهبت نار الرغبة بين فخذي ... صوتها مألوف لكني لم أستطع تحديده ... 3 أيام متتالية أنام بصعوبة لأصطبح على حديث جنسي معها ... هي لا تريد مرهما هي تبحث عن طريقة تنفس بها عن كبتها ...

الصبيحة الرابعة كنت أستمع لحديثها الساخن حين قطع حديثها صوت منبه الحافلة الأولى يعلن إنطلاق رحلتها ... لم أستوعب الأمر ... لكن إرتباكها فضحها ... أغلقت الخط بسرعة ... من تكلمني تسكن قريتنا بالتأكيد ...

الفضول يقتلني للتعرف على شخصيتها ... من أين أتت برقمي ... ماذا تريد مني ... هل حقا هي زبونة ... راجعت كل صور مقتطعات البريد ... لا يمكن أن أكون أرسلت طردا من قريتنا لقريتنا ...

حتى وإن أغفلت التفطن لذلك فالموظفات كن سيتندرن بهذا الموقف ... قيس كان يقوم بدوره كخادم مطيع وسائق متفاني ... فكّرت في شراء سيّارة فخمة لكني لا أعرف القيادة ...

زيارة لمعرض درّاجات نارية ... خرجت منه أمتطي درّاجة فخمة ... أسابق الريح التي تمحو نسماتها على جبيني هموم سنين تراكمت في ذاكرتي ...

دلال تسرع من أمام معهدها ترتمي في حضني ... تقبلني بلهفة أمام زميلاتها ... ركبت خلفي تطالب بجولة طويلة على متن هذه المكنة الفخمة ... سعادتها وإبتسامة وجهها الحنون ذابت لمجرد لمحي لسمر تدخل باب المعهد ... كنت سأترك إبنتي وألحقها ...

هززت رأسي أطرد صورة يدها تداعب قضيبي في مقهى خالتها من رأسي ... لا صوت الريح ولا هدير محرك الدراجة ولا ضياع عقلي سمحا لي بالتركيز في كلمات دلال التي تقطر سعادة في أذني وهي تحيط خصري بيديها من الخلف ...

نعومة أناملها على عضلات بطني وهي تتمسك بها بقوة .... حرارة أنفاسها وهي تهمس في أذني بكلمات لا أفهمها ... صورة سحر التي عادت من بعيد تدفع قضيبي للإنتصاب ... الخجل وتأنيب الضمير منعاني من التمتع بالغداء الذي شاركت إبنتي فيه نخب دراجتي الجديدة ....

مرارة تحرق حلقي ... الكوابيس عادت تهز ليالي بعنف ... دلال ودليلة وسحر وكل بنات جيلهن يتفنن في تعذيبي ... السيدة المكبوتة إختفت من حياتي ...

سعادة قيس بفوزنا بالمزاد لم أستطع مجارتها ... ما نفع الأموال إذا لم تسعد صاحبها ... نسيم خفيف يرضي غروري وجميع أهل القرية يباركون لي ... حتى عشيري زارني للمباركة ...

ثور سمين وزع لحمه على كل أهل القرية تبركا وجلبا للرزق ... المركب لم يبحر بعد وجميع الرقاب صارت تطاردني ...

قيس الذي صار يعاملني معاملة السيد ... رجل عاشر الفقر والذلّ لسنين تمسك بي كآخر فرصة لنجاته ... مسؤول على مركب صيد كبير بمداخيله وعماله وبحارته وعتاده ...

ربما أنا أكثر من يفهمه ... لكني لا أستطيع البوح بذلك ... كنت أراقبه يأمر وينهى وهو يشرف على إعداد مركبنا للإبحار ... غدا أوّل رحلاته للصيد ... عزومة أصّر عليها للعشاء في بيته ...

نزلت من سيّارته أما باب بيته ... بيت يبدو فخما ... قال أنه كل ما نجا من بقايا أيام الثروة القديمة ... يفتح الباب مرحبا بي ... خطواتي وجلة وهو يسبقني معلما زوجته بقدومنا ... إنقطع الدم ونبض القلب والأنفاس وأنا أنظر لوجه زوجته الذي تحوّل للأزرق بفعل المفاجأة ...

ألفة هي زوجته ... إحدى صديقاتي الموظفات ... بل أكثرهن قربا مني ... تمالكت نفسي وأنا اسلّم عليها وهي تأخذ من يدي أكياس غلال قدمتها لها .... سرعان ما عاد لونها لطبيعته وهي تدعوني لطاولة تفننت في إعداد أصنافها ...

غابت كلمات المجاملة عن حلقي ... لم أستسغ ولى لقمة حشرت غصبا في حلقي ... قيس يعتبر خادمي الوفي ... لكن ليس هناك سبب لكل هذا أنا وزوجته مجرّد أصدقاء ...

عاد نبضي لطبيعته ونحن نجلس بالصالون ... حاولت مسايرة هذا الموقف المحرج ... ساعة عتيقة على الحائط تشير لقرب الساعة التاسعة مساءا ... إنسحبت شاكرا الزوجين على حفاوة الإستقبال وكرم الضيافة ...

أصررت على العودة على قدماي .... رفض قيس ذلك لكني تعللت برغبتي في هضم الأكل الدسم الذي أكرمتني به زوجته ... صوته وهو يودعني عند الباب إمتزج بصوت تسع دقات من ساعة الحائط ....

توقف نبض قلبي مع دقاتها ... ذلك الصوت سمعتها مرارا في مكالمة السيدة المكبوتة ... الصورة إكتملت ... ألفة هي التي كانت تكلمني عن معانتها مع زوجها في السرير ...

خطواتي تثقل شيئا فشيئا ... راجعت كل ذكرايتي معها ومع صديقتيها ... لم أجد إشارة إعجاب واحدة منها ... ربما كانت تكلمني لتتسلى ...

إستلقيت على سريري ... صورة ألفة تلاحقني ... حاجبها المنمقان ... غمازتاها اللتان تتوسطان خديها ... شفتاها الحمراوتان ... فمها الواسع ... شعرها الأسود ... فخذاها البيضوان المكتنزان يطلان من تحت تنورتها ...

صارعت نذالة نفسي ... هي متزوجة وزوجها يعتبر صديقي ... أغلقت كل طرق التفكير فيها ونمت ... طاردتني في منامي ... ليس كابوسا بل حلم وردي ... ترضع قضيبي بشفتيها المكتنزتين ... زبي يخترق كسها ... تصرخ من الرغبة ... آهاتها إمتزجت برعشة هزتني من نومي ...

حمام سريع وإفطار... سيجارة وقهوة سوداء ... السابعة صباحا موعد مكالمتها قبل كشف سرها ... ترددت ثم أمسكت هاتفي وكتبت رسالة ... كلمات بسيطة " أكلك لذيذ " ... أرسلته على الرقم الذي كانت تحدثني منه ..

لم ترد ... خجلها منعها ... لم تتقبل كشف سرّها ... كنت أودع طاقم مركبي يشق البحر لاول مرة تحت رايتي عندما رنّ هاتفي ... دلال تدعوني لزيارتها أمام المعهد ... دراجتي تطوي الطريق ...

إبتسامتها وهي تعانقني أمام صديقاتها ... إلتحق بها ثلاثة منهن ... كانت تناديني بإسمي أمامهن ... رحن يتفقدن الدراجة ... صور صدورهن ومؤخراتهن لا يمكن تجاهلها ... رغبتي في اللحم الطري تطفو على قلبي من جديد ...

ضحكات رنانة ... دلال تداعب عضلات ذراعي وصدري أمامهن ... إنتصابي يخرق نظر الأعمى ... سمر تدخل من باب المعهد مسرعة ... نظرت تجاهي لكنها لم تهتم ... قتلتني لامبالاتها ...

دلال تعلمني أن عيد ميلادها آخر الأسبوع... هو عيد ميلادها الأوّل بالنسبة لي ... وعدتها بإقامة حفلة صاخبة يمكنها دعوة من تشاء من زميلاتها ...

كنت أركّز على تفاصيل الحفلة ... مرطبات مشروبات ... موسيقى بالونات ... تنشيط ...

هي ولدت وانا اعاني قضبان زنزانة قبل 18 سنة ... سأعوض لها ولي كل ما فات ... مشاعري تتصارع ...

3 أيام وانا أجول بين المحلاّت ... كل شيء جاهز ... الحفلة يوم السبت ... يوم الخميس زارني قيس ... أعمالي بدأت تتطور ... راحة نفسية بدأت تسري في عروقي ..

قراري بتخصيص حياتي لإبنتي كان نتيجة وضعيتي الجديدة ... الأموال متوفرة والوقت والصحة موجودة ...

يوم السبت كان مليئا بالأعمال ... تزيين البيت ... شرائط الزينة الحديقة تشع بفوانيس للزينة ... موسيقى صاخبة تنبعث كتجربة لمضخمات الصوت ... الحلويات ... اللأكل ...

دلال تتصل بي من عند الكوافيرة لتتأكد من كل التفاصيل ... قالت أنها تحتفل بعيدها لاوّل مرّة ... بدأت صديقاتها بالتوافد ... مراهقات جميلات ...

خجلات من لقاء والد زميلتهن لأوّل مرّة ... بدأت الحديقة تعج بالضحكات ... أغلبهن قدمن مجاملة لإبنتي ... نظرات وهمسات تخصني بها أغلبهن ...

الساعة الرابعة بعد الزوال ... كل شيء جاهز حوالي العشرين صبية تزين نهودهن النصف عارية وأفخاذهن الطرية حديقة بيتي ...

حاولت التظاهر بالوقار ... لعب دور الأب جديد على شخصيتي ... دلال تتسلل من الباب الكبير نحو غرفتها ... حاولت مجارات بعض الحوارات مع زميلاتها ... حقيقة الوضع صعب ...

إختلاف الأجيال مع جهل بإهتمامات هذا الجيل أعاقني ... كنت أتخيل كل واحدة منهن شريكة في فراشي .... الخامسة مساءا ... دلال تنزل السلم .... فستان وردي قصير يصل حتى نصف فخذيها ... صدرها يرفع قماشه ... مكياج خفيف زادها سحرا ...

تحلّق الجميع حولها ... كلمات ثناء على جمالها تملأ أذني ... صخب كبير مع إنطلاق موسيقى شبابية تفنن الدي جي إنتزاع آهات الإعجاب من صدور الحاضرات ...

مؤخرات تهتز رقصا وتمايلا تتناغم مع إرتعاش الصدور الغضة .... موقف صعب لمن يشعر بالجوع للحم الطري مثلي ... قررت الإنسحاب إحتراما لإبنتي ...

إنزويت بركن في الحديقة تاركا للشباب مسحة حرية ... عبثا حاولت صرف منظر المؤخرات الطرية عن عقلي ... إنتصاب خفيف يداعب قضيبي مع خيالات وردية ممزوجة بحرقة من ضاع شبابه ...

دلال هي أجملهن ... هكذا كنت أراها أو ربما هي الحقيقة ... كل ضيوف إبنتي بنات ... فقط أنا ومسؤول الموسيقى ونادلان من الذكور ...

حوالي الساعة من الرقص الصاخب ... رائحة العرق الفتي تفوح من أجسادهن ... مجموعة من الضيوف المتأخرين تتحلّق بباب البيت ... بنتان وولدان ... لا أعلم سر إمتعاضي من قدومهم ....

دلال تقودهم نحوي لتعرفني عليهم ... شابان في نفس عمرها لم أركز في أسمائهما ... وجودهما لم أستسغه ... إنزعاجي غطى عليه إقتراب بنتين تسلمان علي ... سمر تصافح يدي مبتسمة ببرود كأنها لا تعرفني ...

صدفة غريبة أن تكون حبيبتي المراهقة المشاكسة صديقة إبنتي ... مرارة مزدوجة يغص بها حلقي ... كيف لها أن تعاملني بهذا البرود ... مرارتي تزداد الشابان يراقصان سمر وصديقتها ...

كنت أظن أن أحدهما صديق دلال ... لم أفهم شعوري وعجزت عن تفسيره ... المفروض أن ذلك سيسعدني ... أب تقليدي يراقب تصرفات إبنته الشابة ...

كانت عينيا تراقب بحنق ذلك الشاب وهو يراقص محبوبتي ... وضع طبيعيي ... لقد تركتني لمن هو في مثل سنها ويليق بها ...

سحبت قارورة خمر وإنزويت أحتسي مرارة عادت لتثقل صدري ... شربت كحبيب مكلوم في قصة عشق لم تولد بعد ... تحلق الجميع حول مائدة الطعام ... دلال كأميرة توزع إهتمامها بالجميع إلا أنا ...

إن كانت إستثنتني من إهتمامها فقد سرقت إعجابي بجمالها وشخصيتها كغيري من الحاضرين ... سعادة خفيفة غطت على مشاعري ....

عادت الموسيقى وعاد صخب الشباب .... الخمر بدأت تلعب في رأسي ... يد دلال تسحبني لمشاركتها الرقص .... لا أعلم من أين أتتني تلك الموهبة وتلك القدرة ...

كنت أتفنن في مراقصة إبنتي مرسلا رسائل لسمر ... لا زلت أحتفظ بشبابي ... أنا خير ممن إختارته بديلا عني ...

تجمع الكل في حلبة الرقص ... البنات صرن يتنافسن للفوز بفرصة مشاركتي الرقص ... كنت سعيدا لا أدري لماذا ... عرقي يتصبب ... رائحة العطور والعرق تمتزج في أنفي ... أهملت الكل وركّز في عيني سمر ...

كم هي قوية تلك الشابة ... نظراتها تتجاهلني ... بل تعاملني كمن تعرفت عليه حديثا ... عدت لركني أكمل بقية قارورتي ... عبثا حاولت طرد ذكرياتي معها بمقهى خالتها على الشاطئ ...

قضيبي ينتصب لذكرى أناملها الطرية تداعبه ... صوت يصدر من مكبّر الصوت يدعو الجميع للتحلّق حول قالب الحلوى ...

دلال تستعد بوجه تورد سعادة لإطفاء شموعه ... الجميع يعد ... الكل سعيد ... أنا فقط كنت تائها ... كأن الزمن يستكثر عليا أن أعيش سعادة بسرور إبنتي ... لماذا عادت سمر لحياتي ...

قبلة حارة من شفتي دلال تشوي خدي شكرا على هذه الحفلة الرائعة ... الجميع يستمتع بالحلويات والمشروبات ...

دلال تفتح الهدايا البسيطة المقدمة من زميلاتها ... رأيت سمر تقف بعيدا عن المجموعة ... لا أدري من أين إستجمعت الجرأة والشجاعة ... تقدمت منها وقفت ورائها ... داعبت رائحة عطرها أنفي ...

قرصتها من مؤخرتها ... همست في أذنها " كده بردو ... حد ينسى أحبابو " ... إرتعشت رعبا من حركتي ... نظرت في عيني مباشرة ... لا يمكن ان انسى نظرتها .... إنسحبت مفزوعة مني لتختبأ وسط أصدقائها ....

كدت أخنق نفسي على حماقتي ... حركة غبية من رجل يقترض انه صار يحسب خطواته ... تاهت سمر وسط الحاضرين ... عيني تلاحقها كمن يتصيد فريسة وعينها تراقبني كمن تخاف القنص ...

دلال تقترب مني بدلال ... تتسائل عن هديتها ... أي أب أنا ؟؟؟ ... لقد أفسدت كل شيء ... أشعلت نور المخزن ... وضعت يدي على عينيها ... دفعتها برفق داخله ... ثم أبعدت يدي ... صرخة سعادة مما تشاهده ....

المخزن تحوّل لمشغل خياطة وتفصيل مجهز بكل ما يلزم ... أرقى المصممات لا تمتلكن مثله ... صراخها جذب الجميع نحونا ... آهات إعجاب تصدر من الجميع ... كيف لا وهم من يحلمون بتحقيق مستقبل في هذا الميدان ...

دلال تعانق رقبتي ... تمطرني بقبلات حارة ... كل شيء يبدو سعيدا إلا أنا ... كنت أبحث عن سمر ... يجب إنهاء الأمر إنها الطامة العضمى ... أب يتحرّش بصديقة إبنته ... يجب غلق هذا الملف ...

إنشغل الجميع بتفقد آلات القص والخياطة والتصميم ... سحبت سمر من يدها بعنف ... حاولت التملّص لكني هزمت مقاومتها ....

سحبتها كسجينة داخل المنزل ... دون مقدمات صرخت في وجهها ...

" إنت بتعملي معايا كده ليه يا سحر ؟؟؟ "

وجهها البريء صار لونه أصفر من الرعب ... كلمات تخنقها العبرة وعينها الجميلة تغرق بالدمع ...

" عمو إنت فاهم غلط ... أنا سحر مش سمر ... سمر دي تبقى أختي "

قبل أن استوعب الصدمة ... تذكرت كلام سعاد عن بنتي أختها ... حاولت التفكير في كذبة تخرجني من هذا الموقف المحرج ...

لم أتكلّم بعد حتى دوى صوت دلال من خلفي

" إنتو بتعملو إيه هنا ؟؟؟ "