ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء الثالث
يدي في جيبي تدغدغ إنتصابي ... متألما من خيبة تأجيل الأمل ... إن كان الفجر عاند في المجيء ... فكيف الحال بمنتصف الليل
سنوات السجن علمتني أن النوم هو دواء الانتظار ... غرقت في أحلامي الحمراء الوردية بالأسود كعادتي ... صوت سيّارة الشرطة يدوي في أذني ... صوت منبّه سيارة يخرق حلمي بقوة ... لم أعلم أهو حقيقة أو جزء من الحلم ...
مخمورا من قلّة النوم على الشرفة أشاهد حنان تقفز بجانب الباب ملوحة بيدها فرحة بوجودي بعد يأس ... قالت أنها خشيت أن أكون نسيت موعدنا ...
فتحت لها الباب ... حالتي ضاعفت رغبتها في عدم الخروج ... أدخلت سيّارتها وإنتظرتني في ركن الكيف ...
حمّام سريع عدت بعده مهندما كما يجب لإستقبالها ... خجلا من سوء إستقبالي لها ... وجدتها جالسة بجانب فتاة في منتصف العشرينيات ... تلبسان نفس اللبس الرياضي ... فتاة سمراء شعرها داكن مجعّد ... تشبه في وجهها الفنانة شيرين قبل أن تغييرها الشهرة ... قالت أنها توأم روحها الجديد ...
- بعتيني بسرعة ؟؟؟ معاكي حق ما حدّش كان متوقّع رجوعي ...
- إلا أنا ... كل ما أزور القرية ... أجي هنا ... قلبي كان بيوجعني من منظر البيت المقفول ... تعرف رجعت فيا الروح لما شفتك (ودون تنبيه حضنتني) وحشتني ...
- دي مجنونة (توجهت بالكلام لمرافقتها)
- (عانقت كتف صديقتها تريد أن تغيظني) دي هيفاء حبيبتي ... مستودع أساري وزي أختي وتوأم روحي والمساعدة بتاعتي وكل حاجة في حياتي ... (وقبّلتها من شفتيها) ... إنت مش حتضايفنا ؟؟؟
كنت أريد تفسير الوضع ... أني لم استقرّ بعد ... مارد الخاتم المطيع المقرف الخدوم المزعج أتى في وقته ... يلتصق بي كعادته ... يسأل .... " أي خدمة عرفي " ... وضعت ورقات نقدية في يده وبدأت أعدد له الطلبات ... قهوة ومرطبات وعصائر وفحم ولحم وثلج ومكسّرات وسجائر ... وكل ما يلزم لقضاء يوما جميل ... قبل مغادرته سالتني حنان...
- ماعرفتناش ؟؟؟ مين الأخ الكريم ؟؟؟
- (أردت إرجاع الدين لها فعانقت كتفه) داه نبيل ... مستودع أسراري وزي أخويا وتوؤم روحي والمساعد بتاعي وكل حاجة في حياتي ... (وقبّلته من شفتيه) ... أنا حأضايفكم
إنفلت نبيل مرعبا من بين يدي بسرعة البرق ... كنت أغيّر ريقي بكاس من الحليب وقطعة خبز ... حنان تلحس آخر رشفة قهوة في كأس جلبته من سيّارتها ...سوار صديقتها أو خادمتها تجلب بعض الأطباق من المطبخ حسب أوامرها ...
أشعلت سيجارة ... لم انهها بعد ... وصل الفتى يلهث من ثقل حمله... وضع المشتريات يرتبها ... كان يتحاشى النظر لي ...
وضعت هيفاء الحلويات في الأطباق وإنصرفت تساعد نبيل في إشعال النار وإعداد الشواء ...
سددت جوعي بوجبة دسمة من المرطبات اللذيذة ... رحت أشاكس حنان بذكريات الزمن الجميل ... تذكّرت كل شيء ...
ضحكنا حتى إنقطع نفسنا من الضحك ... زاد من ضحكي تحاشي مساعدي الإقتراب مني ... ينفذّ طلبي ويهرع للموقد ... أعتقد أنه فسّر دعابتي بالخطأ ...
صدمته من قبلتي الصباحية ... حرمته حتى متعة الإنسجام مع صديقة حنان ...
رائحة لحم ضأن يشوى في الضحى... هكذا كنا أيام زمان لا تتوقع أفعالنا... أوّل دفعة شواء ناضجة قدمت لنا ... قالت حنان أن الطاولة ينقصها شيء ترغب في الشراب ... ثواني وخادم المصباح يضع قارورة الويسكي المنقوصة من جرعات على الطاولة ...
كؤوس وثلج ووسكي ... طبق كبير يعج بالمكسّرات ... قالت أنها تقدّر كرمي في ضيافتها .... قلت لها أن القعدة ينقصها شريكنا الثالث ... لوت شفتيها بإمتعاض ... قالت " خلينا رجال صافيين " ... ضحكت من كلامها
فهمت أن أمرا جللا حدث بينهما في غيابي ... لم أرد إحراجها فتجاوزت الأمر ... ساعتان فاحت فيهما رائحة الشواء في أرجاء الحديقة ...
رائحة الخمر تفوح من بين شفاه هيفاء ... الخمر تشجّع وتذهب الخجل هكذا وصفها الأولون ... نزعت سترتها الرياضية ... بريق زيت السكر يلمع في عينيها ... وشم فراشة مزركشة أعلى ثدييها الأيسر ...
حرارة الكحول في دم حنان شجعتها لخلع سترتها كذلك ... صدرها إكتسب حجما مع مرور السنين ... وشم زهرة تعتلي نهدها الأيمن ...
تعالت ضحكات صديقتها ... أيمن منزوي بركن قرب الموقد ... يدخّن سيجارة ... يخاف أن أراوده ثانية ...
الخمر تلعب برأسي ... كلما إلتصقت هيفاء بحنان وهي تطارد حبات فستق ترقص في بقايا الطبق ...
منت أرى فراشة هيفاء ترفرف لتلثم رحيق زهرة حنان ...
الظهر يعلن عن آخر قطرات الخمر في القارورة ... صوت رعد يدوي في الأفق يعلن تلبّد سحب أوّل أمطار الخريف ... أول الغيث قطرة ... قطرة سببت جريان السيول... دقائق قليلة ... جمعنا فيها أغراضنا ... ولجأنا داخل البيت ...
الكل يقطر الماء منه ... حنان إلتصق شعرها بوجهها ... حلمات صدرها البنية تطل من قماش قميصها الوردي الذي صار شفافا بفعل البلل ...
هيفاء لجأت للحمام تحاول إصلاح سيول الماكياج على وجهها ... السيول جلبت طينا كثيرا إلتصق بحذاء نبيل ... إتخذها حجّة كي يلازم الشرفة ولا يدخل ...
مدة طويلة نراقب تحولّ ماء البحر للون البني ... توقف المطر كان فرصة أن أعفو عن نبيل ... طلبت منه جلب صندوقي بيرة ... هناك أحد ما يبيعها خلسة في القرية ...
كافأت تفانيه بورقة خضراء ... قبل إنصرافه أغلق الباب ... حنان بدأت ترتعد من أثر البلل ... جلبت بنطلون وقميص لها ... إنتظرت خروج هيفاء من الحمام ...
تلف نفسها بفوطة .... من الصدر حتى أسفل البطن بقليل ... جلدها الأسمر يلمع بفعل قطرات ماء ... وقطرات تقفز من شعرها المجعّد وهي تنشفه ... بللت جفاف ليلة إنتظرت فيها قدوم حبيبة جاءت لتذكي نار شوقي وإنصرفت ...
دخلت ورائي الغرفة ... إختارت قميصا فقط ... بدأت تنزع فوطتها ... شيء ما يشدني للبقاء ... لكن إحترام صداقتي لحنان حسم الموقف ...
رصفت القوارير الخضراء فوق المنضدة القديمة ... وقع خطوات ورائي ... سيقان سمر متانسقة ... فخذان رياضيان تنتهي سمرتهما بقميص أصفر ... خياطته تلامس منبت فخذيها ...
رقم 09 مكتوب بالأسود على قماش بطن القميص ... تكوّر ثدييها حوّل الرقمين صفر عن المرسومين على صدره إلى حرفي B ... سمرة رقبتها المطلّة من حرف V في ياقة القميص ... ترسم BVB من فوق و09 من تحت ... إشراقة وجهها بعد الحمّام ... تجعلك تهتف ملأ حنجرتك .... عاشت درتمون العرب ...
رفعت يديها لتشد شعرها للأعلى ... إرتفع قماش القميص ... زاوية حادة لمثلّث قماش أحمر يلمع بين سمار فخذيها ... إبتسامتها قطعها صوت فتح باب الدش ... حنان تلف شعرها بمنشفة زرقاء ترفعها للأعلى ... ترفل داخل قماش بيجامتي ...
طيّات كثيرة من رجليها ومعصميها ... إختلاف المقاسات جعلنا نضحك من منظرها ... قابلت ضحكنا برمي فوطة كانت تنشّف بها وجهها علي ... وصفعة على مؤخّرة هيفاء سمع دويها بين جدران الغرفة الخالية ...
كلمتة " أحيّت " التي خرجت من شفتيها القرمزيتين ... أحسست بالأم مكانها ... فتحت قارورة بيرة ... توسدت مخدة و إستلقت على الحاشية على الأرض ...
نفس دخان سيجارتها في وجهي ... يدغدغ أنفاسي ... عطسة تتلوها أخرى تعلم أن مشروع إنفلونزا بدأ يتكوّن في صدري ...
تركتهما ودخلت أستحّم ... أثار الماء على أرضية الحمّام تنبأ أنّهما سيدتان مهملتان ... الماء الدافئ بعث الروح في أوصالي ... شعرة قصيرة لولبية ... سوادها يفرض نفسه على أرضية الدش البيضاء ... راحت تعاند الماء ...
عنادها دفع إصراري على إنتزاعها ... طولها لا يتجاوز الملمترين وهي متقلصة .. أمسكتها بطرف إصبعي أمططها بأصابع اليد الأخرى ... طولها يصل للسنتمتر وهي مستقيمة ... ثم سرعان ما تتقلص بفعل تجعّدها الطبيعي ...
الخمر والرغبة جعلت عقلي يركّز مع مصدرها ... ليست بلون شعر حنان ولا بطول شعر هيفاء ... ربما إنفلتت من بين فخذيها بفعل الفرك ؟؟ ماذا يخفي ذلك المثلّث الأحمر ...
أحاول التماسك وأنا أنشّف لحمي ... طرق خفيف على الباب الذي فتح قبل أن آذن بالدخول ... هيفاء تحمل ممسحة ... ظلمتهما .. لجأت لغرفتي أغيّر ملابسي ... عقلي ينبض كحركة الشعرة ...
إلتحقت بحنان ... جلست بجانبها... وضعت المخدّة الوحيدة ورائي وتوسدت فخذي العاري ... أنفاسها تحرق كيس بيضاتي ... طلبت وهي تفتح قارورة بيرة تضعها في يدي أن أحدثها عن سنين غربتي ...
ربما بعض المعلومات التي أخبرني عنها الضلع الناقص في مثلّث المراهقة شجّعتني ... رحت أروي لها بالتفصيل من ساعة قفزي بالمركب حتى وصولي للبر الآخر ... مغامرة الموت ...
موت الطموح في الأشغال الشاقة بمرسيليا ... الحياة الصعبة لمن لا أوراق له ... تفاصيل كان و مهرجان دراما المخدّرات التي عشتها ... لم توضع أساور العدالة في روايتي بعد ... هيفاء تسحبني بمنظرها ... قميصها الذي تبلل بفعل تنظيفها للحمام مشمّر بعقدة وسط بطنها ... قماش كيلوتها الأحمر يتوهج كشعلة بدأت تتوهج وسط أتون الفحم ...
فسّرت لنا الموضوع بسرعة ... حنان لم تبالي ... سألتني إن كان يزعجني شكلها هكذا... جرأة الخمر أطلقت ضحكات صحبها سعال حنان وأنا أردّ ... بالعكس هذا يسعدني ...
جمعت القوارير الفارغة وإستندت فخذ حنان ... تضع يدها على خدّها ... إشارة منها أنها تركّز مع كلامي ... هكذا كانت جلسة عصرنا ...
جالسا على الحشيّة .. ظهري على الحائط ... رجلاي ممدودتان ... حنان رأسها على فخذي وجسمها مسدول أفقيا ... هيفاء رأسها على فخذ حنان وجسمها عمودي يوازي رجلاي ...
عدّة لحكايتي المريرة ... تفاصيل المحاكمة وأيّام ربيع العمر المسجونة... مرارة الذكريات كان يحليها منظر فخذي هيفاء السمراوين يشتعل بينهما مثّلث كيلوتها الأحمر ...
كثرت القوارير الفارغة ... الشبابيك المغلقة ... جدران البيت الحجرية العتيقة ... سرعان ما إنبعث الدفئ في المكان ... البيرة تكثر من رغبة التبوّل ... ذهبنا تباعا لتلبية رغبة الطبيعة ... حملة نظافة سريعة من هيفاء ...
تغيّر الترتيب بيني وبين حنان ... هيفاء التي إندمجت مع قصّتي ... خدها يزحف على فخذي ... انفها يدغدغ رأس قضيبي ... تثني ركبة وترفع أخرى ... إنسحب قماش الجمرة الحمراء ... لم أكن مخطئا ... شعيرات داكنة مجعّدة تتطلع للحرية بجانب حافته ...
قطع تأملي تنهيدة حارقة من صدر حنان ... نفس سيجارة حارق ... قارورة وسكي و صندوق ونصف من البيرة بين ثلاثتنا أفقدني التركيز ... طلبت مني أن أحكي لها أيامي بالسجن ...
- شوفي هو السجن زي الكتاب ... بس كلّها صفحة وحدة ... تقلبيها و تعيدي قرائتها من جديد ... هي دي أيّام السجن ...
- إنت قعدت كام مسجون ...
- انا سنين الغربة كلّها 17 سنة و 9 أشهر ... 3 شهور في مرسيليا أشغال شاقة ... و 6 شهور مع المافيا في كان و 17 سنة في 6 متر مربّع ....
- ياه يا جبروتك ... جبت الصبر منين ؟؟؟ ... (نفس دخان ودمعة حارّة حرقت قوة سقوطها خدّي) ... أنا ستة شهور روحي طلعت فيهم ؟؟؟
- ستة شهور ؟؟؟ إنت إتسجنتي ؟؟؟ (قطبت شفتيها وهزت رأسها بالإيجاب ) ليه ؟؟؟
- (صمت عكس ترددها ) ... زنا
- مش فاهم ؟؟؟
- قضية زنا ...
راحت تروي بالتفاصيل ... فشلها في الدّراسة ثم زواجها ... بخل زوجها وقلّة ماله دفعها للبحث عن عمل توفّر بهما مستلزمات طفلين أنجبتهما تباعا...
عملت ككاتبة عند طبيب... ثمّ سكرتيرة عند محامي ... وظائف يسمح بها مستواها الدراسي ... تعرّفت على أحد زبائن مكتب المحاماة ... عملت عنده ... تحسّنت أحوالها ... ضبطها زوجها تمارس الجنس مع رئيسها ... 6 أشهر سجن و طلاق ...
دوائر دموعها زينت قماش صدري ... تعاطفت معها ... نزعت قميصي ... حرارة المكان ساعدتني ... أنفاس هيفاء تحرقني ... خدها أصبح يستند قضيبي... حركتها تزيد في إنتصابي الذي يزيد في حركة رجليها ...
المفروض كنت أتعاطف مع حنان ... هي تعاطفت معي ... فتحت سلسة البيجاما ... نهدان كجزيرتين بيضاوين وسط جلد برونزي من أثر الشمس ... بين صدر أبيض وفخذين سوداوين ... من هنا جاءت فكرة مزج الحليب بالشكولاطة ...
تعرّفت على هيفاء خلال سجنها ... هيفاء التي كانت تنصت لصفحات حياتها من شفتي حنان ... إستهلاك مادة مخدّرة ... الصدفة جمعتهما في باب السجن دخولا وفي نفس الزنزانة إقامة وخارج أسواره يوم الإفراج ...
عشرة السجن أحيانا تنفع ... هكذا قالت هيفاء بفخر وإمتنان لحنان ... كنت أنوي سؤالها كيف تكسب حياتها الآن ... لم تترك لي المجال راحت تسرد لي أنها تدير منزلا سريّا ... حفلات جنس وقمار وغيره ... قالت أن زبائنها هم علية القوم ...
- ومش خايفة مالشرطة و العدالة ؟؟؟
- (ضحكها ملأ الغرفة) أصل كبراتهم زباين عندي ...
- (أردت تغيير الجو) طب مش حرام عليكي العشرة ... المية في إديك ومحسوبك عطشان ...
كلمتي دفعتها لتغني أغنية " يابنت السلطان " ... صوتها الرقيق دفعني للنقر على الطاولة متابعا لإنشادها ... سلطنة الطرب دفعت هيفاء للرقص ... راقصة شرقية بملامح إفريقيا ... الفن عدو الحدود ...
صدري يرعش مع رعشة نهديها النافرين ... على كبري عبّاس لم يمشي أحد من الناس ... ثمار الأناناس تتأرجح في شجرة مؤخرتها قادمة من بلادها السعيدة ...
تفانيها في متابعة ألحان أصابعي على خشب المنضدة ... دفع صرخة " ويوا " إعجابا وتصفيقا حارا من يدين أتعبها الكحول ...
هذه حنان التي أعرفها ... هيفاء تتفانا في إلهاب الجو ... لهاث طويل كتمته بسيجارة ... خدودها بدأ وهج ولعها يلمع ينافس الجمرة بين فخذيها ...
يدي تعانق كتف حنان أقاسمها المخدة ... سوار تفتح رجليا وتجلس بينهما ... ظهرها يتوسّد صدري ...
إحتكاك مؤخرتها بقضيبي ولهيب عرقها يشعل رغبتي ... حقيبة الذكريات لم تغلق بعد ... حنان تشجّعت ... روت لي بدموع حارقة ... نذالة عشيرنا وهي تطلب منه مساعدته في إيجاد عمل بعد خروجها من السجن ...
طلب منها بصفاقة ... الإتفاقية الأزلية ....الجنس مقابل العمل ... قالت أن صدمتها بموقفه لا تنسى ... هي صاحبة كيف ... لا تخضع للإبتزاز ... الكيف عند الناس مزاج ... والمزاج عندها كيف ...
كلامها أحرجني ... زبي يلامس مؤخرة صديقتها ... حاولت الهروب من الموقف للحمام ... خارجا منه قابلتني حنان تترنح وهي تنتظرني ... ملجئي مالإنفراد بهيفاء كان للشرفة ... آخر زجاجة خضراء بيدي وسيجارة تحرق حلقي ....
الأفق الأسود يشقه بين الحين والآخر برق يرسم قوّة الطبيعة بضوئه المنتشر ...
صوت قوارير الخمر الفارغة أرسلني لمدينة كان ثانية ... مرزاق كان يعشق أن يرصف ضحاياه من علب الخمر أمامه ... ثم يبدأ بالنديب على الكونتوار ... موجة الذكريات تلتقط أغنية الشاب حسني من جديد ... رحت أدندن بصوت واضح " البيضاء مون أمور" ثانية ...
سامحيني يا الزرقاء... قطعها ملمس يدين حنونتين تحضنان بطني و خد دافئ يتوسد ظهري ... صوت حنان مثقلا يخاطبني ...
- والسمرة عملتلك إيه ؟؟؟
- سمرة مين ؟؟؟ هو أصلا لا فيه بيضاء ولا زرقة ولا حمرة ؟؟ هي الخضرة بس (وأشرت لقارورة البيرة )
- طيب والسمرة دي ما تعجبش ؟؟؟ من إمتى إنت عنصري يإبن الكلب ؟؟
- ههههه عنصري مين ؟؟ دي صاحبتك ؟؟ أنا رد سجون صحيح لكني مش نذل ؟؟؟
- ههههههه حلوة منك دي (نصف القارورة صب في حلقها دفعة واحدة بعد أن خطفتها من يدي) ... هي صاحبتي أكيد ... وأنا عمري ما غصبتها على حاجة ... بس كمان عمري حرمتها من حاجة هي عاوزاها ....
قرصتني من مؤخرتي ودخلت للبيت ...
حنان مستلقية على وجهها ... جسمها نصفه عاري والنصف الآخر يستره قماش لحاف تتغطى به ... ملابسها ملقاة على الأرض ... دفعت باب الغرفة ببطئ ...
هيفاء مستلقية على السدّة تفتح يديها مرحبة بقدومي ... وجها يضيء ظلال المكان ... نهداها السمراوان يتوجان تألّق جلدها ... القماش الأحمر بدأت ناره تسري فيما جاوره...
لعنت من فكّر في إستعباد هذا العرق يوما ... ملكة تتربع على عرش ... شهد جولات رغبة منذ قرون ...
صعدت بجانبها على السرير ... تخلّصت من بنطالي ... شكل الثعبان الراقص تحت قماش البوكسر الأسود دفع غمّازتين للبروز على وجنتيها ...
وضعت رأسها على صدري العاري ... يدها تداعب شعيرات خشنة على دائرة حلمتي ... غاب عنا الكلام ... الموقف محرج بالنسبة لي ... لست خبيرا في العلاقات الإنسانية عموما ...
نصفا عاريان على السرير دون تعارف ... التعارف لا يحتاج لكلام ... عكس كلّ برتوكولات المجتمعات... هي من قدّمت نفسها ...
شفتها تلثم شفتي ... يدها تزحف نزولا حتى عضلات أسفل بطني ... دغدغة أصابعها الخبيرة أخرجت رأس الثعبان ... يزحف مكتشفا جحرا عانى سنينا أن يبيت فيه ...
شجاعتها وهي تخلع عني لباسي قابلتها أصابعي بالبحث عن مصدر لهيب جمرتها ... لهيب حار ينفثه بركان ما بين فخذيها ... شعيرات كالنوابض تعاند ضغط يديا على قماشه ... تخلّصت منه ...
ربما خبرتها وتعوّدها ... دفعتها لأخذ زمام الأمور ... أو ربما رغبة كبتتها منذ رأتني ... فتحت رجليها وبركت فوق بطني ... يدها تلقمني ثديها في فمي ... عينها تقول ... إشرب لتروي عطش السنين ...
حلمة صلبة تداعب شفتي ... لهيب حار من ملمس شعيرات خشنة تحمّس زبي أن ينحشر بين جانبي أتون ناره موقدة ...
نار تلفح قضيبي وهي تنزل بمؤخرتها ببطئ ... حركة متأنية كأنها تتمتع بكل جزء من قضيبي يشوى داخلها ...
نصفه داخلها وحميم رغبتها يسيل على كيس بيضاتي ... تكتم أهات تحوّلت لفحيح تكتمه بيدها ... بدأت تتحرك صعودا ونزولا ... ثديها يصفع أنفي مع كل رجّة ...
وضعت يديها على بطني ترجوني أن أتوقّف عن تحريك وسطي ... متعتها زادت وكل زبي منحشر فيها ... تتحرّك صعودا ونزولا ... رأسها للأعلى ...
لا تلبث أن تعيد ثديها بفمي تلومني على إهماله ...
سيطرتها على حركاتي منعتني من التمتع بمشاهدتها ... يكفيني من المشاهدة إنه وقت الإحساس... رفعت رأسها للأعلى وإنسحبت بظهرها للخلف ... تجاوب قضيبي مع سحب جسدها له ...
إضطراب سرعة رهزها فوقي وحركاتها الغير منتظمة مع إرتعاشة عضلات بطنها ... سبقت حميم نار يختلط بإرتعاشة ركبي ... لم تستطع كتم آهاتها المدوية ... مع الصوت الرعد ....
سيلان المطر المنهمر على سطح البيت يختلط بماء قذفنا المشترك ...
مائي يقطر من بين فخذيها وهي تهرول لتغلق الباب ... ضربات من يد حنان على الحائط تنبئ أن صوتنا أقلق نومها ...
إستلقت بنصف جسدها على صدري ... لهاثها وهي تشعل سيجارة نتقاسمها يهتز معه نبض قلبي ... حرارتها تحرق جلدي ... أغمضت عينيها ... خلت أنها نامت ... يدي تتحس نعومة جلدها الأسود ...
شعرة مجعدّة تطل من الخلف ... بين شفرتي كسّها وفتحة شرجها ... دفعتني لمناكشتها ... حركة اللولب النابضة .. أسحبها بحنية لتستقيم وأراقبها وهي تعود للتجعّد عندما أطلقها ... لهوي قابلته بلهو ...
نفس حركتها طبّقتها مع قضيبي الذي تراجع مزهوا بهزيمته ... أربعة أصابع من فوق وإبهام من تحت ... تسحب قضيبي لتختفي دواره السوداء ثم تتركه ليتقوقع من جديد ... إن كانت الشعرة إستبسلت أن لا ستقيم بين أصابعي ... فزبي إستسلم منتصبا بين يديها .
دون مقدمات عدنا لما كنّا فيه ... الإجهاد والسكر وحلاوة الروح لما رجعت تدب في أوصالي ... حلم جميل ...
هيفاء تفتح رجليها تدغدغ أنفي بشعيراتها لساني يغوص داخل الماء المغلي الذي ينسكب من قدر رغبتها ...
رأسها على السرير ومؤخرتها مرفوعة نحوي ... زبي ينتزع آهات بداخلها تمتزج بطرق حنان على الحائط ... سمر تقف عند الباب مصدومة من هول ما تراه ...
سمر ولونها أبيض وهيفاء جلدها أسمر ... صدق الخط خليفة الخط في قوله ... تزوير في أجساد رسمية ....
نوم عميق رأيت فيه كلّ شيء ... صداع يلّم برأسي ... خطوات مترنحة تسحبها حركة قادمة من المطبخ ...
نبيل يستقبلني ببسمة حذرة ... حلم جميل كاحلى كوابيسي ... رائحة قهوة تستفزّ أنفي ... حمام بارد لم يجدي نفعا مع ثملي ... قارورة مياه غازية قدّمها لي نبيل قال ستساعدني على الإستفاقة ... شعرة مجعّدة على طرفي شفتي تذكرني ان ما عشته كان واقعا ....
سيجارة إختلط دخانها برائحة القهوة الزكية برائحة الأرض التي إستخرجها كرم السماء بمطر ليلة أمس ...
أشعّة شمس الظهيرة تنبأ أنها ستعاود بسط سيطرتها على بداية الخريف ... لون البحر المتدرّج من البني للرمادي لكل درجات الأزرق ... كلوحة فنّان تشكيلي مسطول ...
منظر البحر سحبني لذكريات ليلة أمس ... الهم والحزن والألم الممتزج بالرقص والخمر والصحبة الطيّبة ... ذكرى حلم الواقع الوردي تراودني ...
قفزت صورة سمر أمامي ... نسيت موعدنا ... هل حقا كانت تقف بالباب تراقبني ... هل جاءت و إنتظرتني ؟؟؟
شعور بالمرارة دفعني للدخول مسرعا لأغيّر ثيابي ... وجدت ملابسي التي أعرتها للبنات مغسولة ومعلّقة ... جهاز هاتف صغير فوق المنضدة ... إحدى البنات نسيت هاتفها ...
وجدت رسالة مكتوبة على شاشته ... " الهاتف داه عشان تعرف تتصل بيا ... هدية مني ليك ... رقمي مسجّل عندك ... حنان ... بس حرام عليك إلي عملته في البنت يا شقي ... بحبّك ..."
لم تسعدني رسالتها أو هديتها ... شعور بالمرارة يهزني... قافزا على المدرج نحو الحديقة أنوي البحر وجهة لي ... نبيل يعطّلني بطلب لم افهمه... يريد تخزين أوعية بنزين في المخزن ... قال أنه سيتاجر فيها لأصحاب الدرّاجات ....
وافقت على طلبه متخلّصا منه ... وصولي لباب الحديقة الكبير تزامن مع منبّه سيّارة أمام البيت ... خالي يفتح الباب ليحتضنني ... دموعه لم أستجب لها ... توقيت قدومه خاطئ ... عاتبني على برودي ...
جولة طويلة في بيت أبيه يشكرني على إعادة البهاء لأركانه ...
طالت جلسة إزالة الشوق بيننا ... ضجرت منه ... حاولت الإعتذار لدقائق أصل فيها مقهى سعاد ثمّ أعود ... قال أن زوجته تنتظرنا للغداء ببيته ... قابلنا نبيل يعاني حمل وعاءين يدخلهما المخزن ... أوصيته بالإهتمام بالبيت حتى عودتي ...
دائما حركاتي سجينة ورغباتي مقيّدة ... ركبت بجانبه مجبرا ... طريق طويلة من دروس الأخلاق من خالي ... الحقيقة أنه أوصاني بحلين عندما لجئت له مهاجرا ... إما الإنضباط أو العودة ...
إختياري لحل ثالث كانت نتيجته ضياع عمري ... لولى تقديري لصنيعه معي وعلمي اليقين بحبه لي لكان ردي مختلف عن السكوت ... ألا تكفي سنين عمري التي ضاعت وراء القضبان لتربيني ...
وصلنا بيته ... ترحاب شديد من زوجة خالي ... هو محضوض بها زوجة ... عمرها 45 سنة ... أسمها أحلام ... تربي ولديه بتفاني ... تحافظ على أمواله الصغيرة ... تصبر على فراقه شهورا وهو يعمل خارج الوطن ...
عندما تزوجها لم تكن متحجبة ... أذكر أن جدي قال لي يوم زفافه أنه يحسده عليها ... ربما تحجّبت بعد الثورة ككثير من نساء البلد ...
غداء وحكايات طويلة تواصلت حتى الثالثة ظهرا... وضع خالي 5 رزم من الأوراق النقدية على الطاولة ونحن نشرب الشاي ... بطاقة تعريفي وبعض وثائق وسلسلة مفاتيح ... أغراض سلّمتها له الشرطة قبل نقلي من المحكمة للسجن ...
أصرّت زوجة خالي على أن لا أغادر البيت والأموال معي ... مبلغ 25 ألف دينار يمكن أن تجلب لي عيون الطامعين ... غدا صباحا سيرافقني لفتح حساب إدّخار يحفظ ثروتي من أي خطر ...
إصرارها أن أبيت عندهم تلك الليلة لم أفهمه ... خالي قال أن له عدّة ارتباطات خارج البيت يمكنني الراحة بينما زوجته تذاكر لأولادها ... عاندت إصرارها على البقاء معها بالبيت ...
خرجت متجوّلا بين شوارع المدينة ... رجلاي سحبتني لنفس الطريق الذي اعرفه ... مررت بجانب المقبرة ... سلّمت على أبي وإنصرفت ... دخلت نفس المقهى ... نظري يجول أبحث عن النادلة..
تذكّرت رقمها .. لقد أهملت أخذ الورقة من جيب ثيابي القديمة ...
تهت بين الحزن لضياع فرصة وبين مرارة الخوف من فقدان سمر... تقدّم مني النادل يضع فنجان قهوة أمامي ... همس في أذني وهو يرى ذهولي ... المقهى شبه خاوية ... قال أن هذا المحل كسوق الخضار ... البضاعة الطازجة تعرض صباحا فقط ...
أعجبني تشبيهه ... هممت بسؤاله عن زميلته لكني خفت أن اسبب لها إشكالا ... خرجت أجر أقدامي ... سحبني الشوق لأمي ... أكياس مشتريات تليق بعائد بعد طول غياب ... فستان جميل لدليلة ... لعبتان لأبناء أخي الآخر ...
فتح الباب بعد رن الجرس ... دليلة تعانق رقبتي ... صوتها يلعلع داخل البيت "عمي جاه " ... أمي تجاهد عجلات كرسيّها ... قبل حارة على يديها ...
جلسة غاب عنها إخوتي ... دليلة صعدت بسرعة تقيس هديتها ... الولدان سعيدان بلعبتيهما .. إعتذرت زوجة أخي الأوسط ... المتدينة إسمها نورة ... بقيت الصهباء زوجة الأصغر إسمها شيراز ...
كانت تراقب حديثي بإهتمام من خلف نظاراتها ... شعرها الأحمر المجعّد يحيط بتكوّر لا شعر فيه أعلى جبينها .... تلبس بنطلون قماش خفيف وقميص بحمّالات ...
يزيّن صدرها قلادة ذهبية ثقيلة ... قلادة جدّتي ... كانت ملكي يوما ما ... نسيتها مع جملة أدباشي يوم هربت من غضب أبي ... تعصبي كونها إستولت عليها دفعني للتركيز على صدرها ...
قامت تفتح الباب لطارق ... منظر مؤخرتها المكوّرة تتأرجح وراء القماش جذبني ... سعدت لما وجدت نظر أمي مركّزا على طبق فواكه تحاول مضغها بما أبقى الزمن في فمها من أسنان ...
سلّمت زوجة الكبير عليّا بحفاوة تعكس بعض الريبة ... كعادتها قميص بحمالات وشورت قصير يكشف بعض النمش على فخذيها ...
شيراز تقف بباب الصالون تتسائل عن نوع قهوتي ... كسّها منفوخ تحت القماش المزركش ... أجبتها بسعادة أن أي شيء من يديها يكفيني ... إنسحابها مبتسمة سحب نظري لمؤخرتها ثانية ...
صدق جدي في مثل دائما يكرره أمامي دون خجل ...
" الزك عالعمشة و الزعكة عالفرطاسة " ... بما معناه أن من كان نظرها قصيرا " العمشة " يكون كسها كبيرا ومن كان شعرها خفيفا من الأمام " فرطاسة " فمؤخرتها كبيرة ...
شيراز جمعت الإثنين معا نظرها قصير وشعر أعلى جبينها خفيف ...
إبتسامة إحتقار من عيني زوجة أخي الأكبر وهي تراقب متابعتي لخطوات شيراز ... إسمها جيهان علمت فيما بعد أنها لا تنجب ... عيناها تدلّ على أنها الأخبث والأشد دهاءا ومكرا بنساء العائلة ... هي قائدة سريّة الأعداء ...
رسالة مضمونة الوصول غيّر مشفّرة ... طالبت أمي بأن تنتزع قلادة جدتي من رقبة شيراز ... الحق حق هي ملكي بالوراثة ... لون جيهان تحوّل للأصفر بينما إخضّر جبين شيراز بعروق إنتفخت غضبا ...
رحت أقلّب القلادة بين يدي مترحما بصوت عالي على من تركها لي... صوت الباب دفع المرأتين للنهوض ... صدى حوار قصير لم أفهمه قبل فتح الباب...
قطعته أمي مترجية أن أعيد العقد لها... شيراز أحنهن على أمي... قبل ردي بالرفض والموافقة دخلت دليلة تقطر سعادة بفستانها الجميل ... بنت الخمسة عشر ربيعا بدت متألقة في ذوقي ... جلست على فخذي تغمرني بقبلات بريئة ...
إكراما لأمي وكي لا أفضح ضعفي أمامها ... شيراز تجلس مقابلة لي ... وضعت العقد في رقبة دليلة ... قلت لها داه هدية مني ليكي ... قالت ببراءة " بس داه بتاع ماما "
ردت أمها التي بدأت مشاعرها تضطرب من تصرفين متناقضين صدرا مني في دقائق
" لا يا حبيبتي داه بتاع عمّك ... رجع يطالب بحقه "
لهجتها لم تعجبني ... قلت بنبرة صارمة " ماحدّش يزعل من الحق " ثم تعمّدت تجاهلها ... كنت أطمئن على صحة أمي وعلى دراسة دليلة ...
صوت المغرب دعاني للمغادرة ... شيراز توصلني للباب ودليلة تتعلق بذراعي ... ساعدتني على أخذ علبة تخصّني كانت مهملة في غرفة صغيرة على السطح ...
قبل مغادرتي أوصيت البنت أن تعيد العقد لأمها كي تحفظه لها حتى تكبر ...
وجه دليلة بدأ يعود للإشراق ... إشراق سرعان ما غرب مع ردي على دعوة دليلة إعادة الزيارة ...
" طبعا يا حبيبيتي ... أنا صاحب بيت "
سعادتي بوقع كلماتي على وجهها دفعني للقفز سرورا ... نقاش طويل وليالي سوداء ستفرضها زيارتي لهم ... حياتهم ستتحوّل لجحيم ...
دخلت بيت خالي ... الكرم المبالغ فيه على السفرة دفعني للإعتذار من أحلام على إتعابي لها ... ردها الحنون " تعبك راحة " قطع عني شاهية الأكل ... سهرة قصيرة ثم إنسحب الجميع للنوم ...
طبعا أصررت على أن لا أزعج أحدا فنمت في الصالون ... عبثا حاربت النوم ... لجأت لشرفة صغيرة أجلس على إحدى الكراسي ... فتحت صندوق ذكرياتي ...
أوراق كثيرة ... شهادات شكر وتفوق وتشجيع ... من التعليم الإبتدائي حتى البكالوريا ... نتائجي تتدرج تنازليا ... هكذا بدأت الطريق ...
صور مدرسية قديمة ... مسحت الغبار عنها ... مارد الذكريات الجميلة ينتصب بين يدي مناديا شبيك لبيك ... دمعت عيناي لذكريات ضحك الطفولة ...
أكثر أصدقائي نسيتهم ... غريب أمر ذاكرة الإنسان ...
صورة ثلاثية ... أنا وحنان وثالثنا ... فطيرة دفعت حنان ثمنها ... وجوهنا تتقاسم الضحكة كما كانت قلوبنا ... تعجّبت من نذالة عشيري ... أصلا حنان لم تكن تعجب أحدا زمن الدراسة ...
دموعي لا زالت تنهمر ... صوري مع جدّي ... صوري وأنا أتسلّم جوائز تفوقي من مدير مدرستي ... رحلات مدرسية ... وقف متأملا صورة لجدي يعلّمني الصيد بالطرّاحة ...
الطراحة شبكة مدوّرة مثقلة برصاص مرصوف بدقة على الجوانب ... تمسك بطريقة محددة وترمى لتنفتح وتسقط فوق الأسماك ثم تسحب ما علق فيها ...
نفس سيجارة حارق وذكريات دامعة ... ضوء خفيف يتسلل من باب غرفة نوم خالي ... خيال يتسلل عبره نحو الحمام ... صوت خطوات تتجه نحوي ... أحلام زوجة خالي تلبس روب منزليا وتغطي شعرها بشال دون عناية .... تطمئن إن كنت بخير ...
لم أستطع إخفاء دموعي ... إنسحبت لتفسح المجال لشريط الذكريات أن يواصل البث ... دقائق وعادت ... لم أستمع لوقع خطاها الحافية ... أصرّت على إعداد مشروب ساخن يهدّأ أعصابي ...
وضعت على طاولة صغيرة كأسين كبيرين يفوح من بخارهم رائحة عجيبة ... سحبت الكرسي تجالسني ... عبثا حاولت سبر أغوار حزني ... تجاهلي لحنانها أزعجها ... سحبت مجموعة صور تقلّبها ... قطعت صمتها بهمس خفيف ...
- تعرف إنت ما تغيّرتش أبدا ؟؟
- هوه ... بالشكل ممكن ... لكن ؟؟؟
- لكن إيه ؟؟؟ إنت زي ما إنت ؟؟ ممكن زمان الظروف ما سمحتش إننا نتعرّف على بعض كويس ... بس أنا لسة شيفاك لما شفتك أوّل مرّة ...
- ممكن بس الزمن بغيّر ... (صورة من يوم زفافها ... هي وخالي بالوسط جدي بجانبها وأنا بجانب خالي ...)
- بس باين جدّك ماكانش بيحبني ...شوف نظرتو ليا ؟؟؟
- (مرّات قليلة شاهدت فيها هذه الصورة ... لكن لأول مرّة أركز عليها ... جدي يستغل طوله الفارع ليلقي بنظره بين مفرق صدرها) إنت شايفة كده ؟؟
- إنت شايف حاجة ثانية ؟؟؟
- أنا شايف إنو كان بيحبك جدّا (أخفت ضحكتها بإحناء رأسها) إنت كمان ما تغيّرتيش
قامت تتسحب بخطوات خفيفة ... دقائق وعادت تحمل ألبومات صور ... من زفافها وبعض صور لأولادها وهم صغار ... ألبوم قديم لصورها وهي شابة مراهقة ... الميني جيب والسترات القصيرة ... تسريحات الشعر ... مجموعة كبيرة من الأصدقاء القدامى ...
كنا نضع الألبوم بيننا ... كتفانا متلاصقان ... الشال الذي تغطي به شعرها سقط على ظهر الكرسي … واصلت سرد ذكرياتها مع كلّ صورة ... لم تنتبه لشعرها الأسود مكشوفا ... صوت بكاء أحد أولادها دفعها للإنسحاب مسرعة نحوه ...
كنت أراقبها تطل من فتحة مفتاح بيت نومها تتأكد من نوم زوجها ... عادت تتمهل في خطاها ... سحبت الشال طوته وضعته على الطاولة ... قالت أن الدنيا حرّ وأنا لست غريبا ...
حملت الكأسين الفارغين ... قالت ستحضر المزيد ... مفعوله سحري يهدأ الأعصاب ... إرتخاء أعصابي دفعني لوضع قدماي على حافة الشرفة .... رأسي للخلف ... أنفي تدغدغه رائحة المشروب العجيبة .... أحلام تائهة في شيء تفكّر به ... قالت بصوت خافت
- أنا عاوزة أقلّك على سر ... بس توعدني ما تجيبش سيرة لخالك
- خير ؟؟
- شوف ... أنا وشلّة من الستات صاحباتي عاملين مشروع ... بنستورد أعشاب ومراهم علاج طبيعي ... وبنبيعها ...
- حلو جدّا ؟؟؟ ودي بتكسّب فلوس ؟؟
- مكسبها حلو ومضمون
- وفين المشكلة ؟؟ مش عاوزة خالي يعرف ليه ؟؟
- أنا حأصارحك ... أصل خالك بيبعثلي كل فلوسه ... أنا بخبيهم في حساب خاص ... كل مرّة قبل الإيداع آخذ منهم شوية اشتري بضاعة أبيعها وبعدين أرجعهم
- طيب حلو ؟؟ فيها إيه سرّ دي ؟؟؟
- أولا لو خالك عرف مش حيبعثلي مصروف لا للبيت ولا للأولاد ... حيقلي إصرفي مالي بتكسبيه ... ثانيا ودي المشكلة أصل كان فيه خصم ... إشتريت كمية عشان الربح أكبر وخالك كان المفروض يرجع راس السنة ....
- جيت أنا وخربطت الدنيا
- ههه لا وإنت تعرف منين ؟؟؟ خايفة لما بكرة نروح البنك ويكتشف حيعملي مشكلة ...
صوت مجموعة مراهقين تمرّ بالحي دفعت بأنوار شبابيكه للإنارة تباعا ... إنسحبت أحلام للحمام ... تظاهرت بالنوم على الأريكة وخالي ينادي عليها ... سمعته يلومها على التجول مكشوفة الرأس بوجودي بالبيت ...
مفعول الأعشاب سحري ... نمت حتى حرق جلدي وهج شمس ينسل من بين خشب شباك الشرفة ... البيت هادئ ... كنت متجها للحمام ... باب المطبخ مفتوح أحلام تعتلي كرسيا ... نصف فخذيها عاريين وهي تبحث عن علب فوق خزانة بالمطبخ ...
كانت تركز في قراءة التعليمات عليها ... حين أصدرت صوت كحة مفتعلة تعلن أني مستيقظ ...
خارجا من الحمام ... تحضّرت لمشوار البنك الإلزامي ... أحلام تضع الفطور أمامي ... سترت جسدها لكن شعرها مكشوف ...
تائها في تصرفاتها أنهي ما لذ وطاب من خيرات الصباح أمامي ... خالي يفتح الباب ... وزوجته تخرج من غرفة النوم مستعدة للخروج ... جلباب أسود طويل وقماش بنفس اللون يغطي شعرها ....
الأولاد أوصلهم خالي لبيت أختها ... كنت أرى إنعكاس توتر أحلام في المرآة الداخلية ... من خلال صعوبة بلع ريقها ...
فكرة لا أعلم من أين جاءتني طلبت من خالي زيارة أمي ... السبب جس نبض إخوتي حول فكرة قسمة ميراث أبي ...
زوجته تشجعه خصوصا أنه لم يزرها خلال عطلته الأخيرة ... فكرتي رحمتها وقتيا ... سعادتها جعلتها تتعلق بكتفي ونحن نقف في الصفّ أمام شبّاك البنك ... صديقة لها تكفّلت بطلبي ...
الموضوع غير معقد ... الموظفة منشغلة بتصوير أوراق ... سألت أحلام عن قيمة المبلغ الذي إختلسته من زوجها ... 2000 دينار ...
كانت تضع رزم الأوراق أمام موظف الخزنة ... سحبت رزمة من الخمس المرصوفة ... أودعت 20 ألفا ... أعطيتها 2000 تعبت في عدها .. قلت لها أن تحلّ مشكلتها ثم تسدد لي على مهلها ...
عيناها ترقص فرحا ... وضعت ورقتين في يدي قالت أني أخطأت العد ... أصررت أن لا آخذهما ... هديتي للأولاد ...
على باب البنك ... مكالمة هاتفية مع خالي يؤكّد فيها إنتظاره للمساء ... يتوجّب عليه مقابلة إخوتي بعد رجوعهم من العمل .... كما أن أمي أصرّت على أن يتغذّى معهم ...
سيارات التاكسي تأبى التوقف... مررنا أمام محلّ لبيع التجهيزات الكهربائية والأثاث ... تذكّرت ما ينقصني بالبيت ... نقاش عنيف بين أحلام وصاحب المحلّ .... جهاز تلفاز ولاقط وثلاجة صغيرة وموقد وصالون وطاولة وبعض اللوازم الأخرى خفضت فيها الثمن 500 فوق الثلاثة آلاف ...
ستصل غدا للعنوان ... الوقت أمامنا طويل ... قررت مكافأتها بدعوتها لشرب شيء ... دخلنا لمقهى فخم ... إستقبلنا النادل بحفاوة ... وجهنا للدور العلوي قال أنه ركن هادئ للأزواج ...
طاولات منعزلة ... زبائن قليلة ... أزواج يعبرون عن حبهم بالنظر في عيون بعض ... أحلام تخلّت عن حذرها مني ... خلعت حجاب رأسها ... فتحت جلبابها وألقت بجانبيه للخلف ...
صدرها الضخم خلف قماش قميص وردي ... ترهل صغير يعاني في حزام بنطلون جينز أزرق ...
- مش عارفة أشكرك إزاي ؟؟
- لا عادي إحنا أهل وستر وغطى على بعض ...
- بس جميلك مش حانساه ... ما تتصوّرش كنت مرعوبة قد إيه ؟؟ لو خالك عرف حتبقى مصيبة
- ليه بس دا خالي إنسان طيّب ؟؟ حرام عليكي ؟؟
- هو طيّب وزيادة عن اللزوم لكن مع الفلوس يركبو 60 عفريت
راحت تقصّ لي نوادر عن بخل خالي وحبه للمال ... أنا أعذره كمّ الشقاء الذي يعانيه لكسبه يجعله يعرف قيمته ... قطع حديثنا قدوم النادلة ... إبتسامة عريضة تعلو وجهي لهذه الصدفة ... نفس النادلة التي أضعت رقمها ...
سألتها عن سبب تواجدها هنا ... إستغربت سؤالي ... لم تعرفني لتغير شكلي ربما ... أو ربما تتحاشى كلامي ... إحراج شديد أوقعت نفسي به ...
حاولت الهروب من عيني أحلام التي سألتني ألف سؤال ... غيّرت الموضوع عن مشروعها وأرباحه ... قالت أن ارباحه كثيرة لكن رأس المال يعيقها ...
- يعني مثلا بتكسبي كام في الشهر ؟؟
- هي مش بالشهر هي بالنسبة ... عمولة يعني ؟؟
- مش فاهم ؟؟
- طيب .. مثلا البضاعة الي معايا مرابيحها 400 د ... لو إشتريت ب 3 آلاف تبقى الأرباح 800 لو 4 يبقو ألف ومتين ... وكده
- طيب لما هو الموضوع مربح كده ... ليه ما حوشتيش مبلغ تشتغلي بيه من الأرباح ..
- (ترددت قبل الإجابة) أولا انا لسة جديدة ... وثانيا البضائع إلي فيها الربح أنا ماكنش قادرة عليها وثالثا ما إنت عراف خالك والبيت والأولاد ...
- فهمت
- طيب تتخيل خالك يديني فلوس أشتري بيها ملابس زي دي
وقامت تخلع جلبابها ... مؤخرتها تكاد تنفجر وسط قماش بنطلونها الضيق ... كانت تضع يديها على وسطها تحسر ترهل بطنها ... ثديها إرتفع للأعلى ... وقضيبي إرتفع معه ... خجل ومرارة حمراء تعتري وجهي ...
حاولت إخفائه بالهروب للحمام ... النادلة تخطفني أمام باب الحمام ... أحلام تراقبها وهي تسجّل رقمها على هاتفي ...
حسرتها تبدو على وجهها وأحلام تصرّ على أخذ الباقي منها ... لا بقشيش هذه المرة ... في البيت الفارغ إلا مني ومن زوجة خالي ... أحلام تخلّت عن حجابها وجلبابها ... على طاولة الصالون ... علب كثيرة وأكياس أعشاب ...
هذه للتنحيف وهذه للتسمين ... علبة لشد البطن والأخرى لتبييض البشرة ... شد نظري مجموعة علب ... تسائلت عنها ... ردت بخجل ...
- دي لتكبير الثدي والأرداف ... ودي ... دي حاجة بتستعملها الستات عشان ترجع بنت صغيّرة ...
- طب ودي ؟؟ (أشرت لعلبة رسم عليها بطن رجل يلبس بوكسر رمادي)
- دي عشان الرجالة ؟؟؟
- طب ودي بتكبّر وإلا بتصغّر؟؟ عشان العضلات مش كده ؟؟
- إقرى وإنت تعرف
رحت أطالع التعليمات ... وجهي حرقته الحمرة ... كريم لتكبير حجم القضيب وتأخير القذف وشدة الإنتصاب ... أردت الهروب من خجلي ... لكن المحادثة إنحرفت
- ودي عليها إقبال ؟؟ بالنسبة للستات أيوة بالنسبة للرجالة مش كثير ...
- هههه الرجالة عندنا 100/100
- هههه لا وإنت الصادق مش بيحبو يعترفو ... الست بتحاول تصلّح من مفعول الزمن إنما الراجل شايف نفسو ديما شباب
- مش يمكن تحليلك غلط
- لا أبدا في رجالة كثير يكلموني لما يلاقوني وحدة ست يقفلوا ... ممكن عشان الخجل
- طيب ليه الستات ما تشتريش لأزواجها ؟؟ مثلا ؟؟
- لو وحدة ست جابت لزوجها كريم كده ... يجرح في رجولته وداه ممكن يقلب حياتها جحيم .. فتصبر وبس
- تصبر إزاي (أحسست أني تماديت من رد فعل وجهها) طيب ودي مضمونة
- بالنسبة للستات أن جربتها بنفسي ومضمونة 100/100 (وأشارت لصدرها) بالنسبة للرجالة خد جرّب بنفسك
- أجرّب ليه أنا كويس وزي الفلّ
- اها شفت كلامي صح إزاي
- لا بجد أنا زي الفل ... أنا لسة أول إمبارح
تداركت نفسي ... إنها زوجة خالي ... كيف وصل الحديث بنا إلى المنطقة المحرّمة ... حاولت الهروب عن ضمان فاعلية الدواء... أحلام دخلت غرفتها تجلب صورا لها بعد ولادتها لأحكم وأشاهد الفارق ...
قبل عودتها .... الباب يفتح ... كلمة ماما تنطلق من حنجرة الطفلين ... خالي يعلمني بنتيجة جلسته مع عائلتي ... أخفيت العلب في كيس ... وجه أحلام عادت له الدماء وأنا أعلمه أنها بعض الأدوية لألم ظهري ...
ضحك من كميتها متباهيا بصحته أمامي ... أحلام تدير رأسها مستهزئة بكلامه ... قبل المغادرة أصرّ خالي على تذكيري بكيس دوائي المزعوم ... أحلام تلحقني عند باب الشقة ... لقد نسيت هاتفي ...
نعمة النسيان فقدت بمجرّد دخولي البيت ... تذكّرت سمر رحت أهرول نحو مطعم سعاد ... لا مطعم ولا أثر له سوى بعض الأطلال ... إقتربت من الباب الخشبي ... نباح كلب مربوط جذب رجلا نحيلا نحوي ...
هربت منه كطفل ضبط يسرق اللوز في أرض غريبة .... قدمي تهرول نحو الإتجاه المعاكس لبيتي ... رحلة طويلة بين الممرات الفلاحية ... تخلّصت من مطاردة الرجل لتتكفل مجموعة كلاب بذلك ...
وصلت المقهى مجهدا ... جلست التقط أنفاسي بقارورة ماء باردة تبل ريقي ... الكل يتحدث عن موضوع الساعة ... الحرقة ...
الحرقة هي المرادف في العامية لعملية إجتياز الحدود البحرية خلسة .... مجموعة شبّان من أهل القرية غادروا الشاطئ منذ ليلتين ... غياب إتصال يعلم بوصولهم البر الآخر وعاصفة ليلة أمس المفاجئة تنذر بوقوع كارثة لم تتأكد أخبارها ...
بعد المغيب بقليل ... عائدا أجرّ كل الأذيال ورائي ... ذيل الخيبة من فقدان سمر ... ذيل مرارة لم أفهمه تجاه خالي ... وأذيال خيبات لا تزال تلتصق بمؤخرتي ....
على الطريق الرئيسي قبل الإتجاه لبيتي ... أضواء حمراء دوارة تألم العيون ... عدّة سيّارات للحرس الوطني تقف بترتيب ... نجوم وخطوط تزيّن قارعة الطريق فوق أكتاف الأعوان ...
كرهي لرجال الأمن دف دفعني لملاصقة أشجار حافة المسلك المؤدي لبيتي ... أمام الباب سيّارة واقفة ... قبل الدخول فتحت أبوابها نزل منها ضابطان ... سألني أحدهما هل أنا صاحب البيت ... أجبت بالإيجاب ...
يد قويّة تمسك معصمي ... صوت جوهري يصم أذني
" إتفظلّ معانا من غير شوشرة "
ما بعد الغربة ... (الدليل)
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء الأول
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء الثاني
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء الثالث
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء الرابع
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء الخامس
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء السادس
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء السابع
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء الثامن
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء التاسع
- ما بعد الغربة ... (الدليل) - الجزء العاشر