نظرية التبادل الاجتماعي
نظرية التبادل الاجتماعي (بالإنجليزية: Social exchange theory) هي نظرية اجتماعية نفسية ورؤية اجتماعية تفسر التغير والاستقرار الاجتماعي كعملية تبادل تفاوضية بين الأطراف المختلفة. وتنظر نظريات التيادل إلى النظام الاجتماعي باعتباره النتاج غير المقصود لأفعال التبادل بين أعضاء المجتمع. وتطرح هذه النظرية فكرة أن العلاقات الإنسانية تنشأ من حسابات غير موضوعية للتكلفة والمنفعة cost-benefit analysis ومن مقارنة البدائل. وترجع جذور نظرية التبادل الاجتماعي إلى الاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع. وكثيرا ما تستخدم هذه النظرية اليوم في عالم الأعمال.
ظهرت نظرية التبادل الاجتماعي كإحدى الاتجاهات النظرية التي تبلورت في أوائل الستينات من القرن العشرين، نتيجة لما نشأ من رأي حول إخفاق البنائية الوظيفية في تطوير نظرية تعكس الواقع الإمبريقي، وتفسر السلوك الإنساني في مستوياته المختلفة. فجاءت المحاولة الأولى لتعتمد تفسير السلوك بناء على عوامل نفسية بحتة، ترتبط في بعض مضمونها بعوامل بيولوجية. أما المحاولات اللاحقة، فقد حاولت تجاوز اختزال السلوك الإنساني برده للعوامل النفسية بإدخال ارتباط السلوك بالبناء الاجتماعي والثقافية. وبالرغم من هذا التباين بين أصحاب التبادلية، إلا أنه يمكن الاستفادة من الجانبين الأول، في دراسة عملية التفاعل، وما يمكن أن تتضمن من تأثيرات متبادلة بين طرفي التفاعل. وأما الجانب الثاني فترتكز أهميته في إمكانية الانتقال من مستويات التفاعل الأولية إلى بحث مستويات التنظيمات معقدة التركيب والمستوى المجتمعي. استفاد أصحاب هذا الاتجاه، وخاصة في بدايته، من مصادر معرفية متعددة، من أهمها بعض أفكار وافتراضيات مفكري الاقتصاد السياسي الكلاسيكي، بما في هذا مبدأ النفعية، وكتابات الانثروبولوجيين، وبشكل خاص الافكارت التي جاءت في المدرسة السلوكية. ويرجع جذور هذا الفكر إلى الاتجاهات الفكرية في علم الاقتصاد وعلم الإنسان وعلم النفس.
كذلك وتعتمد نظرية التبادل الاجتماعي (SET) على فكرة أن الناس يفكرون في علاقاتهم من الناحية الاقتصادية وأنهم يرفعون التكاليف ويقارنونها بالمكافآت التي يتم تقديمها. ويجادل منظرو التبادل الاجتماعي بأن الناس يقيمون علاقاتهم من حيث التكاليف والمكافآت. وتتطلب جميع العلاقات بعض الوقت والجهد من جانب المشاركين. عندما يقضي الأصدقاء بعض الوقت مع بعضهم البعض، وهو ما يجب عليهم فعله من أجل الحفاظ على العلاقة، فإنهم لن يكونوا قادرين على القيام بأشياء أخرى في ذلك الوقت، وبالتالي فإن الوقت الذي يقضونه هو التكلفة. قد يحتاج الأصدقاء إلى الاهتمام في أوقات غير مناسبة، ومن ثم فإن التكلفة تزداد.
ويجادل منظور التبادل الاجتماعي أن الناس يحسبون القيمة الإجمالية لعلاقة معينة عن طريق طرح تكاليفها من المكافآت التي توفرها:
القيمة = المكافآت – التكاليف
الملامح الأساسية لنظرية التبادل الاجتماعي
نظرية التبادل الاجتماعي تعد أحد النظريات السيوسيولجية المعاصرة التي ظهرت كإحدى البدائل النظرية في علم الاجتماع الغربي، وترجع الجذور الفكرية لهذه النظرية إلى آراء بعض الفلاسفة والعلماء الذين اهتموا بعملية التبادل (الأخذ والعطاء) منذ القدم. فقد شغلت هذه العملية اهتمام بعض الفلاسفة اليونان من أمثال أرسطو، والفيلسوف الأخلاقي «آدم فيرجسون» و«آدم سميث» في القرن الثامن عشر.
مصادر نظرية التبادل
تأثرت نظرية التبادل الاجتماعي في نشأتها بثلاث مصادر هامة، هي:
الاقتصاد الكلاسيكي
استفادت نظرية التبادل الاجتماعي من آراء بعض الاقتصاد الكلاسيكي النفعي من أمثال: «دافيد ريكاردو» و«جون ستيوارت ميل» و«بنتام». إلا أن مفهوم المتبادل في الاقتصاد الكلاسيكي يشير إلى التبادل المادي فقط. بينما ينظر أصحاب نظرية التبادل الاجتماعي إلى مفهوم متبادل على أنه يعني كلا من التبادل المادي والتبادل الرمزي غير المادي.
الانثروبولوجيا الوظيفية
أثرت الانثروبولوجيا الوظيفية في نشأة نظرية التبادل الاجتماعي. إذ تأثرت هذه النظرية ببعض الدراسات الأنثروبولوجيا التي أجريت في بعض المجتمعات البدائية، والتي قام بها بعض علماء الأنثروبولوجيا الوظيفية من أمثال: «سير جيمس فريزر» و«برونيسلوماكينوفسكي» و«مارسيل موس» و«كلاودليفى ستراوس»
علم النفس السلوكي
نجد أن نظرية التبادل الاجتماعي قد تأثرت بآراء بعض علماء النفس السلوكيين من أمثال: «سكينر» الذي نشر بعض الدراسات عن السلوك الاجتماعي في كتابه عن (سلوك الكائنات العضوية) والتي لها تأثير كبير في نشأة نظرية التبادل الاجتماعي.
أنواع نظريات التبادل الاجتماعي
هناك نوعان أساسيان من نظريات التبادل: الأول تظرية الاختيار الرشيد (أو كما تعرف أحياناً، نظرية الفعل الرشيد) والتى ترد مصدر النظام إلى المزايا الفردية التى يحققها الأفراد من خلال التبادل التعاوني. أما نظرية التبادل الأنثروبولوجية فتذهب إلى أن كلا من النظام والسعى قى إثر المزايا الفردية هما نتاج للطقوس والطبيعة الرمزية الكامنة للأشياء المتبادلة. وفى كلا التوجهين يعتبر الصراع الاجتماعى (أو اللانظام) مجرد نتيجة من نتائج تحلل عملية التبادل.
نظرية الفعل الرشيد
ويمكن رد أصول نظرية الاختيار الرشيد إلى الاقتصاد السياسى الكلاسيكى للقرن الثامن عشر، والذى تعتبر نظرية أدم سميث فى تقسيم العمل التى عرضها فى بداية كتابه ثروات الأمم (الذى صدر عام ١٧٧٦) أكثر الأمثلة عليها شيوعاً. ويرى سميث أن اليد الخفية للسوق الحر تفضى بالأشخاص المدفوعين بمصالحهم الشخصية إلى تشجيع الرفاهية العامة، حتى وإن لم يكن ذلك أبدا من مقاصدهم. ولقد طور علم الاقتصاد الحديث - الذى نشاً من رحم الاقتصاد السياسى - نماذج بالغة التجريد ذات طابع رياضى متنام لنظرية الاختيار الرشيد، حيث تذهب هذه النماذج إلى أن الأسعار وتخصيص الموارد النادرة يمكن أن يفهم من خلال التعظيم الرشيد للمنفعة من جانب الفاعلين الاقتصاديين فى علاقتهم بعرض النقود. ولقد أفضى النجاح الواضح لهذه النظريات الحاذقة ذات الطبيعة المنسقة نسبياً بالضرورة إلى القول بإمكانية تطبيق ذات المنهج على الموضوع الأعم لعلم الاجتماع. ويشير مصطلح "نظرية التبادل" - فى الولايات المتحدة على وجه الخصوص - إلى أن تلك المحاولات هى التى تستطيع - وحدها تقريباً - أن تفهم الحياة الاجتماعية فى ضوء مناهج الاختيار الرشيد. وتشتمل أمثلة ذلك على الكتابات الخلافية لجورج هومانز، وبيتر بلاو، والاقتصادى جارى بيكر، الذين حاولوا جميعا بطرق شتى تطبيق فكرة الفعل الفردى المحسوب على تلك المجالات من الحياة الاجتماعية التى قد تبدو للوهلة الأولى غير ملائمة لذلك. وتشتمل هذه المجالات على: الأسرة، وعلاقات الحب، والمشاعر الغيرية والالتزامات الجمعية.
ويقدم بيتر بلاو واحدة من أكثر المعالجات التى تناولت هذا الموضوع دقة وإحكاماً (انظر على وجه الخصوص كتابه بعنوان: «التبادل والقوة في الحياة الاجتماعية» ، الصادر عام 1964) ويطور بلاو صيغة "بنائية" لنظرية التبادل تتجاوز النزعة الاختزالية السيكولوجية التى تسم مؤلفات كتاب آخرين - مثل جورج هومانز - حيث يذهب بلاو إلى القول بأن تبادل المنافع الخارجية بين الفاعلين قد يكون غائبا أو منقوصا، كما هى الحال على سبيل المثال، فى المواقف التى تستخدم فيها القوة. ويؤدى هذا إلى أن تصبح نظرية التبادل - على الأقل بالنسبة لأولئك الذين يرون أن الجانب الأكبر من السلوك الاجتماعى يستهدى بالتبادل - أكثر معقولية من الناحية السوسيولوجية (انظر مؤلف إكه بعنوان: نظرية التبادل الاجتماعى - الاتجاهان الرئيسيان، الصادر عام، ١٩٧٤).
وقد تباعدت المؤلفات الأحدث عن نظريات التبادل الاجتماعى، وحاولت أن تربط الاختيار الرشيد بالمدارس النظرية ذات التوجه الاجتماعى الأوضح، مثل الإطار المرجعى للفعل لكى يمكنها أن تولد نماذج افتراضية محددة (المقصود هنا القابلية للتحديد الإحصائي للنموذج Model specification أى تحديد العلاقات الافتراضية بين المتغيرات) قابلة للاختبار الإمبيريقى (انظر مؤلف كولمان المعنون: آسس النظرية الاجتماعية، الصادر عام ١٩٩٠)، وتحليل الشبكات ونظرية التنظيم كما تتبدى فى عمل كارين كوك (يوثق الكتاب الذى حررته بعنوان نظرية التبادل الاجتماعى، الصادر عام١٩٨٧، للعديد من منشورات كل هؤلاء). وقد استخدمت مفاهيم نظرية الفعل الرشيد بحماس فى علم السياسة، حيث استشف كتاب من أمثال أنتونى داونز ومانكور أولسون الاعتبارات الحسابية الكامنة وراء الالتزام السياسى والسلوك التصويتى، وحركات الاحتجاج وكل من التنظيمات التطوعية والقهرية. وقد حاول جون إليستر وجون ريمر وغيرهما إعادة صياغة النظرية الماركسية فى الطبقات لكى تتسق مع الخطوط العامة لنظرية الاختيار الرشيد. (انظر على وجه الخصوص كتاب جون إليستر بعنوان: فهم مارس، الصادر عام 1985) ويعرف إليستر ذاته نظرية الفعل الرشيد بأنها "نظرية معيارية أولاً وقبل كل شئ. فهى تدلنا على ما يتعين علينا أن نفعله لكى تحقق أهدافنا بالشكل المذى ينبغى أن يكون. وهى لا تدلنا -فى صياغتها القياسية - على ما ينبغى أن تكون عليه أهدافنا .... حيث يمكننا من خلال التحليل المعيارى أن نشتق نظرية تفسيرية، وذلك بافتراض أن الناس يتسمون بالرشد بالمعنى المعيارى الملائم". والمفهوم التفسيرى المحورى فى هذه النظرية هو الأقعال. ويجب أن تكون هذه الأفعال أفضل طريقة للتعبير الأمثل عن رغبات الأفراد فى ضوء معثقداتهم، ويتعين أن تكون تلك الرغبات والمعتقدات نفسها رشيدة (أو على الأقل متسقة داخلياً) فحال صياغتهم لمعتقداتهم، يتوجب على الناس أن يقوموا بجمع الكم المناسب من المشواهد، وهو قرار يجب أن يخضع بحد ذاته لقواعد الرشد. بكلمات أخرى، "ينطوى الفعل الرشيد على ثلاث عمليات لتحقيق الوضع الأمثل هى: التوصل إلى أفضل فعل بالنسبة لمعتقدات ورغبات بعينها؛ صياغة أفضل تبرير للمعتقد، بالنسبة لأدلة بعينها؛ وجمع الكمية المناسبة من الأدلة بالنسبة للرغبات والمعثقدات المسبقة (انظر، الحكم السليمانية: دراسات فى حدود الرشد، الصادر ١٩٨٩).
بهذه الصياغة ذات العبارات المحدودة، التى حرص فيها إليستر على أن يعين حدود وجوانب قصور الرشد فى تفسير الفعل (على سبيل المثال، حيثما يكون الفعل فعلا لا أداتيا، بل ربما ينبع عوضاً عن ذلك من المعايير الاجتماعية وتفضيل العدالة الاجتماعية)، يصبح من العسير أن نرى كيف يمكن لعلماء الاجتماع أن يعترضوا على البرنامج البحثى لنظرية الاختيار الرشيد. ومع ذلك، فقد ظل العديد منهم متشككا بشكل عام- فى محاولات تطبيق تظرية الاختيار المرشيد فى علم الاجتماع (على وجه الخصوص فى صياغتها المرتكزة على فكرة التبادل)، ويرجع ذلك إلى ثلاثة أسباب على الأقل. أولا، يعتمد نجاح النظرية الاقتصادية على وجود عملة محددة فى سوق التبادل، وهى متاحة لكل من الفرد والمفكر النظرى، ويمكن استخدامها كمقياس مستقل للعلاقة بين الفعل و الميزة وقد صيغت مفاهيم المسعادة، والقبول الاجتماعى، والهيبة والتأثير فى علم الاجتماع باعتبارها عملات غير اقتصادية مكافئة -وظيفيا- للعملات الاقتصادية. ولكن هذه الأهداف الفردية عادة ما تكون فى حالة تنافس مع بعضها البعض، ومن ثم يتطلب تفسير النظام الاجتماعى فهما للكيفية التى يتم بها ترتيب القيم الأساسية ترتيبا تفاضليا. فضلا عن ذلك، يجب على هذا الفهم أن يتجنب السقوط فى براثن المفهوم الدورى. فالترتيبات المختلفة لملقيم لا يمكن تفسير ها بما قد تتيحه من ميزات (أو قيمتها) بالنسبة للفاعل. ثانيا، فإن المنظرية ليست ميسورة الدحض، ذلك أن أفعال الأفراد تعامل بحد ذاتها من قبل منظرى الاختيار الرشيد باعتبارها موضوع المتفسير ودليل النظرية فى الآن معا: فأيا ما كان الفعل الذى يقع، فإنه يفرز ميزات أعظم، حتى ولو كان ذا نتائج غير مرضية بالنسبة للفرد، مقارنة بعدم حدوث قعل على الإطلاق. (بكلمات أخرى، فإن النظرية تنحو نحو تكرار المعانى). و أخيرا، ثمة تقليد راسخ فى علم الاجتماع يميل إلى النظر إلى حدوث التبادل بين الأفراد باعتباره تتيجة وليس سببا للنظام الاجتماعى، وذلك لأن العلاقات الثابتة للتبادل تعتمد على الوجود المسبق لحد أدنى من الثقة وفرض القانون (انظر عرضا ممتازا للقضايا ذات العلاقة بهذا الموضوع فى دراسة بردمير، بعنوان "نظرية المتبادل"، المنشور فى الكتاب الذى حرره بوتومور، و نيسبت المعنون: تاريخ التحليل السوسيولوجى، الصادر عام ١٩٧٩).
نظرية التبادل الأنثروبولوجية
نمت نظرية التبادل الأنثروبولوجية من واقع أن نظم السوق فى المجتمعات غير الصناعية تعد - من الوجهة المنموذجية - أكثر أهمية وتجذرا من تلك القائمة فى الافتصادات الحديثة. فالتبادل يوجد بالفعل، ولكنه يحتوى على عنصر مهم هو الالتزام، فى حين أن تعاملات المسوق تتهض بالمتحديد على الاختيار. وقد أفضت المقارنة بين الاتنين إلى القضية القائلة بان الحياء الجمعية المنظمة تمثل شرطا مسبقا، وليست تداعيا، للاختيار المدفوع بالمصلحة الذاتية. ويعتمد هذا التصور على ادعاء دوركايم القائل بأنه ليس كل ما يشمله العقد يكون تعاقديا، أى أن التبادل الرشيد (فى عالم الأعمال) لامكن أن يكون بحد ذاته مصدرا لنظام اجتماعى مستقر ومنظم أخلاقيا، وإنما هو - بدلاً من ذلك - يفترض وجوده مسبقا. فالمشاعر الاجتماعية لابد أن تتجسد ف ىصورة رموز (أو تصورات جمعية) للقواعد والأوامر الإلزامية للمجتمع التى تحدد أبعاد المجال المتاح للسعى فى إثر المصالح الفردية.
وقد حددت دراسات عديدة للمجتمعات المحلية غير المصناعية شكلين أساسيين للتبادل الملزم هما: تبادل الهدايا وإعادة التوزيع السبياسى. ولقد كان ابن شقيقة إميل دوركايم مارسيل موس أول من تعمق فى دراسة شعائر التهادى فى أوساط المجتمعات المقبلية والقديمة التى تجسد ما أصبح يعرف منذ ذلك الحين باسم معيار التبادلية، وذلك فى مؤلفه بعنوان: الهدية، المنشور عام 1925) وشملت تلك الشعائر احتفال الكولا المشهير عند سكان جزر التروبرياند واحتفالات تبادل الهدايا بين الهنود الحمر الأمريكيين. ففى هذه الاحتفالات والعديد غيرها، يحتل التبادل النفعى الخالمص منزلة ثانوية بالمقارنة مع الالتزام (أو التقديم الملزم للهدايا) الذى يقع عبئه الملزم على مجموع أفراد البدنات أو القباتل أو الأسر ٠ كما أن التبادل يمكن أن يشتمل على المجاملات، والترفيه، والشعائر، والمعاونة العسكرية، وتقديم النساء والأطفال، وأداء الرقصات، وإقامة الولائم . والواقع أن الهدايا والمدفوعات لم تكن أبدا منفصلة عن أولئك الذين يصنعوها ويثلقوها: فالمشاركة والتحالفات التى تنشئوها غير قابلة للتحلل، ومن ثم تنطوى عمليات التبادل على عنصر غائى فعال. فهى ترمز إلى الإحساس بضرورة رد الهدية والمعاونة المتلقاة بما يوازيها أو يفوقها، وتقديمها عندما تكون هناك حاجة إليها. وينبع من هذا - وبالتوازى معه- اقتصاد اجتماعى للمقايضة والتبادل الافتصادى. وقد أثمر عمل موس، إجراء طائفة من البحوث الميدانية ومحاولات التنظير المكثقة فى الأنثروبولوجيا. وقد توصلت إلى الكشف عن التعقد الكامن وراء عمليات التبادلات الاحتفالية. وتتضمن هذه البحوث الدراسة الشهيرة الاتنوجرافية التى أجراها برونيسلاو ماليتوفسكى حول الكولا، بالإضافة إلى العمل الميدانى الأكثر حداثة لهيلين كودر عن نظام البوتلاتش. أما فى فرنسا فقد نهضت احدى مدارس الأنثروبولوجيا البنيوية برمتها على الاهتمام ببحث العلاقة بين الرموز والمشعائر والبناء الاجتماعى. والمثال المعروف على ذلك هو التحليل الثنائى الذى قام به كلود ليفى شتراوس و أوضح فيه كيف أن عملية تبادل العراتس عند سكان استراليا الأصليين — يعبر ويرمز عن قواعد تصنيفية موجودة مسبقا وعن التتظيم القرابى. (يجد القارئ عرضا مفيدا للتراث الأنحروبولوجى قدمه هاريس ووضعه فى إطاره بطريقة جيدة فى مؤلفه بعنوان: نشأة النظرية الأتثروبولوجية، الصادر عام 1986).
ويتطلب إعادة التوزيع عن طريق التبادل وجود مركز إدارى سياسى يتولى جمع الضرائب والمكوس التى يعاد تخصيصها. وهذا هو المبدأ الكامن وراء دولة الرفاهية الحديثة أيضا، إلا أنه كان شائعا على نطاق واسع فى مجتمعات ما قبل الصناعة، مع أنه نادرا ما كان يستهدف مثل هذه الأهداف الإصلاحية. لقد كانت عملية إعادة التوزيع السياسى عادة بمثابة آلية أو بديل لعملية تخصيص السلع والموارد بواسطة السوق، ولكنها أصبحت منذ زمن آدم سميث موضعاً للرفض والهجوم من جانب أنصار الممذهب الليبرالى المدافعين عن المصالح الذاتية فى عصر التنوير، وأنصار التبادل السوقى غير المقيد، والداعين إلى المجتمع الحر.
وفى عرض حديث للأدبيات الفياضة والمتسارعة النمو المتعلقة بنظريات الفعل الرشيد، ليس فقط قى مجال علمى الاجتماع والأنثروبولوجيا، بل فى الفلسفة والعلوم الاجتماعية الأخرى، طور جولدثورب تنميطسه للتنويعات العديدة لتلك النظريات (انظر مقاله بعنوان: تظرية المفعل المرشيد فى علم الاجتماع، المنشور فى المجلة البريطانية لعلم الاجتماع، عام ١٩٩٧) وهو يميز بين هذه الأنماط المختلفة استنادا إلى ثلاثة معايير هى على وجه التحديد: ما إذا كانت تنطوى على متطلبات رشد ذات صياغة متشددة أم رخوة؛ والتركيز على الرشد الإجرائى فى مقابل الررشد الموقفى؛ وأنها تدعى دطوير نظرية عامة فى الفعل وليس نظرية محدودة حوله.
وتغطى نظريات الرشد المشددة أهداف الفاعلين فضلا عن معتقداتهم والأفعال التى ينتهجونها لتحقيق هذه الأهداف استنادا إلى هذه المعتقدات، وتعبر عنها نظرية الفعل الرشيد التى تفرضها متطلبات الاتساق والتعدى المنطقى فى المتفضيلات الذى يسم التيارات الأساسية فى علم الاقتصاد: إذا ما كان شخص ما يفضل البديل رقم (١) على البديلين رقم (٢) ورقم (٣)، إذن فلا بد أنه يفضل البديل رقم(١)على البديل رقم (٣).
وتلقى نظرية هربرت سيمون حول الرشد المقيد الضوء على شروط الرشيد الضعيف أو الرخو، وهى تذهب إلى أن الفاعلين سوف يمارسون الاختيار الرشيد (يختارون مسارا للفعل جيدا بالقدر الكافى)، إما نظرا لأنهم يفتقرون إلى معلومات كاملة أو بسبب المتعقد الواضح للموقف المذى يواجهونه (وهو ما يجعل التعظيم المتواصل للمنفعة مستحيلاً إمبيريقياً).
وتتعلق تفرقة جولدثورب الثانية بدرجة التأكيد على الرشد فى الفعل باعتباره يتحدد إجرائيا وليس موقفيا. ويمكن النظر إلى منطق السوق باعتباره مقيدا للفاعلين بدرجة فائقة، بحيث يفضى إلى النموذج المثالى للإنسان الاقتصادى (وهو نموذج يتخذ شكل رد المقعل إلى حد بعيد). وبالتعارض مع ذلك، حاول بعض علماء علم النفس الاجتماعى أن يطوروا أسساً سيكولوجية لفكرة الفعل الذى يعد رشيدا من - الناحية الذاتية، وهى تنبع من تعريف الفاعل للموقف، (انظر: تعريف الموقف) مؤكدين على سبيل المثال على الطريقة التى يتم بها تأطير الفعل (انظر: إطار، وضع الإطار).
وآخيرا يذهب جولدثورب إلى القول بأن هناك تبايناً واسعاً بين نظريات الفعل الرشيد من حيث درجة سعيها إلى تقديم نظرية عامة فى الفعل وليس تقديمها لنظرية محدودة حوله. فعلم الاقتصاد ينظر إلى نفسه باعتباره علما مستقلا إلى حد كبير، يدرس عادة الأفعال الموجهة نحو السعى فى إثر الثروة، أو من أجل إشباع الحاجات المادية، فى إطار نظم للتبادل تعتمد على النقود و الأسواق. ومن ثم، تصبح نظرية الفعل الرشيد نظرية محدودة قابلة للتطبيق على هذا المجال من الحياة فقط. ومع ذلك، فإن العلماء الاجتماعيين الآخرين (بل وحتى بعض الاقتصاديين) قد ذهبوا إلى القول بأن نظرية الفعل الرشيد فى بعض صورها يمكن أن تعمل كأساس لنظرية عامة فى الفعل، وأنها قابلة للاستخدام فى تفسير التقسيم المحلى للعمل على سبيل المثال أو معدلات الانتحار، بذات القدر الذى يمكن به تطبيقها على المتعاملات الاقتصادية بمفهومها الضيق. ويمثل عمل بيكر (وعلى وجه الخصوص كتابه بعنوان: الاتجاه الاقتصادى فى دراسة السلوك البشرى، المصادر عام ١٩٧٦) هذا التوجه نحو ما أطلق عليه البعض "الإمبيريالية الاقتصاديسة"، أى محاولة تطبيق نظرية الفعل الرشيد على كافة أشكال الفعل الاجتماعى، حيث يتم النظر إلى هذه الأخيرة من وجهة نظر الأفراد الذين يعظمون منفعتهم من مجموعة ثابتة من المتفضيلات ويراكمون أقصى قدر من الممكاسب من الأسواق التى ينخرطون فيها (مالية أو غير ذلك).
ويذهب جولدثورب نفسه إلسى القول بأن أفضل صورة من نظرية الفعل-يمكن أن تكون مفيدة لعلم الاجتماع هى تلك التى تشير إلى الفعل الذي يمكن معالجته باعتباره رشيدا ذاتيا، ومن ثم فإنه يتصف بوجود متطلبات للرشد متوسطة الطابع؛ أى يقر بأن هناك حاجة لتحديد ما يمكن اعتباره فعلا فى حد ذاته، ومن ثم يركز انتباهه بصفة أساسية على الفهم الموقفى؛ وهو لذلك ينتمى إلي نطاق النظرية المحدودة وليس النظرية العامة. ومع ذلك، وعلى الرغم من أنه يوافق على أن أنماطا بعينها من الفعل تقع خارج نطاق مثل هذه النظرية، فإنه مقسع بأن اتجاه الفعل الرشيد يقدم إمكانيات أعظم للفهم مقارنة بأى بديل متاح آخر (على سبيل المثال، تلك الاتجاهات التى تؤكد على أهمية التقاليد، والقيم، والمعايير الثقافية)، وذلك من كل من وجهة النظر التى تفسر الكيقية التى يولد بها الفعل الفردى منظومات اجتماعية من خلال الرابطة بين المستوى الميكرو والمستوى الماكرو، ويحفز إلى إجراء مزيد من البحوث المتى يمكن أن تؤدى إلى آفاق أوسع من الفهم (وذلك كلما أخفقت قدرته التفسيرية أو تراجعت)، ولا تقتصر على تقديم التفسيرات الدفاعية الاعتباطية.
بعض القواعد والأسس التنظيرية في التبادل الاجتماعي
ما هو مكلف بالنسبة لفرد معين قد لا يكون كذلك بالنسبة لفرد آخر. وما هو غير مكلف لفرد معين قد لا يكون كذلك بالنسبة لفرد آخر مشترك معه في علاقة تبادلية.
ما هو نافع لفرد قد يكون غير ذلك لفرد آخر. وما هو نافع لفرد معين قد يكون نافعا لفردا آخر مشترك معه في علاقة تبادلية. قد يكون النشاط التبادلي ذا كلفة ومنفعة لفرد فيما يكون أكثر من ذلك لفرد آخر. وقد يكون النشاط المتبادل ذا كلفة ومنفعة عالية لفرد، بينما يكون أقل من ذلك بالنسبة لفرد آخر مشترك معه في علاقة تبادلية.
مفاهيم نظرية التبادل الاجتماعي
- السلوك الإنساني الذي يتكون من النشاط والتفاعل والعاطفة يقوم بها الفرد، وهو يختلف عن السلوك الحيواني لأنه يملك ارثا اجتماعيا وثقافة شاملة وقدرة عقلية عالية.
- المكافآت الاجتماعية أي ثمن قيام الفرد بعمل يطلب المجتمع منه القيام به فهي محفز بقدر ماهي هدف للحصول عليه.
- المنفعة أي قدرة النشاط الإنساني على تقديم منفعة للآخرين وامكانية تبادله بنشاط إنساني آخر.
- الكلفة الاجتماعية أي كمية النشاط الذي يستوجب من الفرد القيام به لقاء حصوله على منفعة مرتقبة أو متوقعة.
- المصالح أي الطموحات الذاتية – مادية أو معنوية – التي يستوخى الفرد تحقيقها.
- التبادل أي تقديم نشاط اجتماعي من قبل الطرف الأول المشترك في عملية المبادلة إلى الطرف الثاني لقاء حصول الأول على نشاط سابق في الثاني.
- المنافسة أي التسابق في الحصول على أكبر عدد ممكن من النشاطات الاجتماعية بأقل كلفة واعلى قيمة في عملية المبادلة.
- الاستثمار الاجتماعي أي تنمية المناشط الاجتماعي لصالح ممارسها.
أنماط التبادل: فاعلية نظرية التبادل الاجتماعي
التسلسل السلوكي
سلسلة من الإجراءات المصممة لتحقيق الهدف
القوة
درجة اعتماد الشخص على شخص آخر لتحقيق النتائج عندما ينخرط الناس في التسلسلات السلوكية، فإنهم يعتمدون إلى حد ما على شريكهم العلائقي. على سبيل المثال، إذا كان هناك شخص يرغب في لعب لعبة جين رمي gin rummy، فيجب التعاون من شريك. يجلب هذا الاعتماد المتبادل مفهوم القوة – الاعتماد على الشخص على الآخر من أجل النتائج. التحكم في المصير القدرة على التأثير على نتائج الشريك هناك نوعان من القوة في نظرية ثايبوت وكيلي: التحكم في المصير والتحكم في السلوك. التحكم في المصير هو القدرة على التأثير على نتائج الشريك.
التحكم في السلوك
القدرة على تغيير سلوك الآخر التحكم في السلوك هو القدرة على تغيير سلوك الآخر من خلال تغيير سلوك الفرد. يذكر ثايبوت وكيلي أن الناس يطورون أنماطًا للتبادل للتعامل مع فروق القوة والتعامل مع التكاليف المرتبطة بممارسة القوة. تصف هذه الأنماط القواعد أو القواعد السلوكية التي تشير إلى كيفية تداول الأفراد للموارد في محاولة لتعظيم المكافآت وتقليل التكاليف. يصف ثايبوت وكيلي ثلاث مصفوفات مختلفة في التبادل الاجتماعي لتوضيح الأنماط التي يطورها الناس. تتضمن هذه المصفوفات المصفوفة المحددة والمصفوفة الفعالة ومصفوفة التصرف.
المصفوفة المحددة
القيود المفروضة على اختياراتك بسبب البيئة و / أو مستويات المهارات الخاصة بك تمثل المصفوفة المحددة الاختيارات والنتائج السلوكية التي يتم تحديدها من خلال مجموعة من العوامل الخارجية (البيئة) والعوامل الداخلية (المهارات المحددة لكل متفاعل). عندما يشارك شخصان في عملية تبادل، قد تجعل البيئة بعض الخيارات أكثر صعوبة من غيرها.
المصفوفة الفعالة
التحويلات التي يمكنك إجراؤها على مصفوفة محددة، من خلال تعلم مهارة جديدة، على سبيل المثال قد يكون الأشخاص مقيدين بالمصفوفة المحددة، لكنهم غير محاصرين بها. يمكنهم تحويلها إلى مصفوفة فعالة، «والتي تمثل توسعًا في السلوكيات البديلة و / أو النتائج التي تحدد في نهاية المطاف الخيارات السلوكية في التبادل الاجتماعي» (رولوف، 1981، ص 51). إذا كان هناك رجلاً لا يجيد رقص التانجو، فيمكنه أخذ دروس في هذه الرقصة وتعلمها، مما يحول المصفوفة المحددة إلى مصفوفة فعالة.
مصفوفة التصرف
المعتقدات التي لديك حول العلاقات تمثل المصفوفة النهائية، مصفوفة التصرف، الطريقة التي يعتقد بها شخصان أنه يجب تبادل المكافآت بينهما. يؤكد ثايبوت وكيلي أنه إذا علمنا أنواع التصرفات التي لدى الشخص (مصفوفة التصرف) وطبيعة الموقف الذي يتصرف فيه (المصفوفة المحددة)، عندها سنعرف كيف نتوقع التحولات التي سيقومون بها (المصفوفة الفعالة) للتأثير في النهاية على التبادل الاجتماعي. في نظريتهما، لا يتعامل ثايبوت وكيلي بشكل صريح مع سلوكيات التواصل، مثل الكشف عن الذات، وهو موضوع شرحناه في الفصل العاشر بالتزامن مع نظرية الاختراق الاجتماعي. ومع ذلك، فإن بعض نقاشاتهما حول المصفوفات الثلاثة تعني أن الكشف عن الذات يلعب دوراً مهماً في التبادل الاجتماعي. كما يلاحظ رولوف (1981)، يبدو أن الكشف عن الذات يعني ضمناً الاتصال بين شيئين: (1) التصرفات التي لدى الفرد، و (2) التحولات (الاستراتيجية) التي سيستخدمها الفرد في هذا التبادل. نظرًا لأن التصرفات تؤثر على إستراتيجية الفرد، فقد نفترض أن معرفة التصرفات قد تسمح لنا بالتنبؤ بالتحولات. (ص 77) علاوة على ذلك، يحتوي هذا الكشف عن الذات، مثله مثل جميع الإفصاحات عن الذات، على مخاطر. يمكن أن تزود الشريك العلائقي بالمعلومات التي يمكن استخدامها ضد الكاشف. إذا كان الناس يعرفون كيف يقوم الشخص الآخر بتحويل المصفوفة المحددة، فيمكن أن يكون لهم ميزة في التبادلات الاجتماعية.
طرق البحث في نظرية التبادل
هناك ثلاث طرق بحث لهذه النظرية وهي:
الطريقة الأولى الملاحظة المباشرة أي مراقبة سلوك أعضاء عملية التبادل الاجتماعي بشكل مباشر دون وجود واسطة وتسجيلها بدقة حسب برنامج متضمن أهدافا واضحة لهذه لمراقة الموجودة.
الطريقة الثانية المختبرات النفسية المتكونة من أجهزة إلكترونية وكهربائية لرصد سلوك أعضاء الجماعة التجريبية الخاضعة للمراقبة المباشرة.
الطريقة الثالثة ملاحظة سلوك طيور الحمام الذي قام بها (جورج هومنز) حيث بدأ بتقديم حبوب الطعام إلى الحمام كمحفز للسلوك الغريزي لها من أجل معرفة رغبتها في الطعام (كمكافأة) وعلاقة ذلك باندفاعها في ممارسة سلوك آخر ومعاقبتها بواسطة حرمانها من تقديم هذه الحبوب عند عدم استجابتها لبعض متطلبات تجربته. ومن هذه التجربة ساق (هومنز) فرضيات نظرية التبادل الاجتماعي.
أبرز رواد نظرية التبادل الاجتماعي
جورج هومانز (1910-1989)
بدأ جورج هومانز في علم الاجتماع عام 1933م في جامعة هارفارد في قسم إدارة الأعمال. وأهتم بدراسة المبادلات الاقتصادية وأثارها وعلاقتها بالتبادل الاجتماعي في المجتمع البدائي. كما أن له اهتمامات بعلم الاجتماع الثقافي. من مؤلفاته: «الجماعة الإنسانية» و«النظرية المعاصرة في السوسيولوجيا» و«السلوك الاجتماعي». يعد جورج هومانز أحد أهم المنظرين في مجال التبادل. والذي سعى إلى وضع نموذجا لنظريته التي أطلق عليها «نظريه تبادلية استنباطية». والتي أعتمدت على العديد من نتائج البحوث الميدانية في مجال الجماعات والسلوك الاجتماعي. يعرف جورج هومانز التبادل أنه تفاعل الأفراد التقابلي (وجها لوجه) عاكسا الأوجه النفسية والاقتصادية والاجتماعية لتكون قاعدة لعملية التبادل فيما بعد بين المتفاعلين قوامها وأهداف وغايات اجتماعية كالسمعة والاعتبار والاحترام والتقدير والنفوذ الاجتماعي وليس المنفعة المادية الصرفة لأنها ليست دائما هدف التبادل الاجتماعي ولأن الفرد داخل جماعته يشترك في عدة عمليات تبادلية مستمرة تستهدف القبول الاجتماعي من قبل أعضاء جماعته واحترامهم له الذي يزيد من اعتباره الاجتماعي ومكانته الاجتماعية وبدوره يكثف من تماثله الاجتماعي لقواعد جماعته.
بيتر بلاو
ولد بيتر بلاو في فيينا عام 1918م. وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1943م. وحاز على درجة الدكتوراة من جامعة كولومبيا عام 1950م في دراسة حول التنظيمات الرسمية. ويعد أحد أهم علماء الذين أسهموا في تطوير نظرية التبادل الاجتماعي. ففي مؤلفه بعنوان «التبادل والقوة في الحياة الاجتماعية» قدم منظوره عن التبادل في الحياة الاجتماعية. وقد ذهب «بيتر بلاو» في هذا المنظور إلى أن التبادل الاجتماعي يعد المبدأ الرئيسي الذي تنهض عليه الطبيعة البشرية. ويؤدي هذا التبادل إلى استقرار البناء الاجتماعي، كما أنه يؤدي إلى حدوث عملية التغير الاجتماعي. ومن أهم مؤلفات «ديناميكية البيروقراطية» عام 1955م، وكتاب «البناء المهني الأمريكي» و«بناء المنظمات». بالرغم من أن بيتر بلاو يبدأ بدراسة عملية التبادل الاجتماعي وتحليلها على مستوى العلاقات الفردية، إلا أنه يعمل على تجسير العلاقة بين هذا المستوى الأولي ومستوى التنظيمات والمجتمع. ويرى بيتر بلاو أن عملية التبادل تتم في أساسها بافتراض الأفعال الطوعية، فترتبط الحوافز والاختيارات فيها بالمردود المتوقع من قبل الآخرين. وفي تناوله لعملية التبادل الاجتماعي ينظر بيتر بلاو إلى الحياة الاجتماعية علي انها سوق تفاوض تتيح للإنسان الاختيار من بين بدائل.
ريتشارد أميرسون
ريتشارد أميرسون هو عالم اجتماع أمريكي معاصر ينتمي إلى الاتجاه التبادلي. وقد أنضم أميرسون لقسم الاجتماع بجامعة واشنطن. وقام بإضافات إلى النظرية التبادلية تكمل ماجاء به كل من جورج هومانز وبيتر بلاو. لكنه لم يبدأ في بناء نظريتة من ملاحظات اجتماعية أو تأثيره بفلسفة اجتماعيه معينة أو نقده لنظريات غي تبادلية، بل وضع مفاهيم وانطلق منها لتوضيح أسس العلاقة التبادلية بين فردين أو أكثر. أسهم مع كارن كوك في تطور النظرية الاجتماعية التبادلية. وقد لاقت دراستهم القبول في الأوساط العلمية. وأسهمت في تبلور الاتجاهات الاتجاهات الحديثة في علم النفس الاجتماعي. وكذلك تعد كتابات ريتشارد اميرسون من المحاولات الحديثة الجادة في تطوير التبادلية. والأساس هنا هو التحول من الانطلاق في تحليل التبادل من الأفراد، إلى التركيز على عملية التبادل نفسها، وما تتضمنه من علاقات، وعد هذه وحده من التحليل. وفي هذا تحول من الاهتمام بالفرد وحوافزه والمكافأة إلى الاهتمام بالعوامل الاجتماعية والثقافية التي تحدد شبكة العلاقات فالعلاقات التبادلية تتمثل في حدها الأدنى في العلاقة بين فردين، وتتشكل عندما يدرك كل طرفة أو أحدهما على الأقل الفرص التي يمكن أن تترتب على هذه العلاقة، ويتوقف استمرار هذه العلاقة على تعزيز متبادل من قبل اطرافها.
هارولد كيلي
هارولد كيلي (بالإنجليزية: Harold Kelley) فبراير 1921 - 29 يناير 2003) عالم النفس الاجتماعي الأمريكي وأستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا، لوس انجليس. كانت مساهماته الكبرى في تطوير نظرية الترابط (مع جون ثيبوت)، والعمل المبكر لنظرية العزو، والاهتمام بفهم العلاقات الوثيقة علي مدى حياته. وفي دراسة استقصائية لعلم النفس العام، نُشرت في عام 2002، وضعت كيلي في المرتبة الثالثة الأربعين كأكثر علماء النفس استشهدا في القرن العشرين.
جون والتر ثيبوت
علم النفس الاجتماعي الأمريكي. أستاذ في جامعة نورث كارولينا. بعد حصوله على شهادة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1949، أصبح أستاذاً مساعداً في جامعة بوسطن وأصبح أستاذاً بجامعة نورث كارولينا في عام 55. تعاون مع صاحبه هارولد كيلي في مجموعة من الابحاث.
ألفن جولدنز
كان ألفن جولدنز ممن عملوا على تطوير تصور تبادلي بالتركيز على عمليات الصراع في عمليات التبادل، بالرغم من أنه ظل قريبا من طروحات الصراع الوظيفي الذي كان أسسه زيمل وطوره كوزر، ويظهر هذا في بعض افتراضاته كقوله إن الإنسان يساعد من يساعده، وإنه لا يجب أن يحلق الضرر بمن يساعده. وقد ربط علاقات التبادل بالإطار الثقافي – الخلقي. فالإنسان يتمثل بالقيم الجماعية ومعاييرها وأخلاقها، فتصبح هذه جزء من بنائه الشخصي واتجاهاته وضميره، يترجمها إلى أفعال وعلاقات.
ييتر سنجلمان
حاول ييتر سنجمان ربط المفاهيم الأساسية في التفاعلية الرمزية بالنظرية التبادلية. ويرى ييتر سنجلمان أن كلا النظريتين تنظران إلى الإنسان كفاعل نشط، يستطيع إدراك المواقف والمواضيع والطموحات والتوقعات. كما هو في التفاعلية الرمزية، من حيث اعتماد كشف الحقيقة على الجانب الذاتي، فإن تقييم المكافأة في التبادلية يتم أيضا على أسس ذاتية، وبهذا فحقيقة المكافأة ليس في ذاتها، وإنما تعتمد في رؤية الإنسان وتقييمه لها، وتأخذ بناء على تعريفة لها، دورا تعزيزيا.
القضايا الرئيسية للنظرية التبادلية
أولا يتطلع البشر في علاقاتهم الاجتماعية إلى تجنب السلوك المكلف الذي لا يعود بالفائدة عليهم ويتأسس التبادل وفقا لذلك على أساس حساب التكلفة والعائد.
ثانيا السلوك البشري يتم من خلال المقارنة بين البدائل المختلفة تبعا لمبدأ التكلفة والعائد ومن ثم الحياة الاجتماعية تعد سلسلة مختلفة من الاختيارات ويفهم التفاعل بين الناس تبعا لذلك على أساس التبادل الذي يكون محددا في العلاقات التجارية وغير واضح الحدود في علاقات الصداقة.
ثالثا التبادل لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط وإنما يرتبط بالجوانب النفسية والاجتماعية فتسير الحياة وفق سلسلة من التبادل تزيد وتنقص من مخزون الأفراد أو الجماعات من القوة أو الصيت ويتم التبادل وفق قيم المجتمع ومعاييره فينتج عنه ما يطلق عليه التبادلية المعممة. وتعني أن الفرد عندما يقدم على مساعدة الآخرين يأمل في أن يصل على مثلها عندما يحتاجها وهي نظرية تقوم على تفسير السلوك التفاعلي بين الأفراد وكذلك تفسير عمليات الجماعة.
نقد الموجهة لنظرية التبادل الاجتماعي
استخدام فكر التبادل الاجتماعي في بداية مرحلته الأولى تقييم ظواهر اجتماعية درسها في مجتمعات بدائية صغيرة ثم عممها على المجتمع الإنساني كافة بغض النظر عن مرحلة تطوره الاجتماعي والصناعي والفكري.
عندما تقول النظرية أن الأشخاص يبذلون ما في وسعهم لتعظيم المكافآت ثم تجادل أيضًا بأن ما يفعله الأشخاص هو مكافأة السلوك، فمن الصعب، إن لم يكن مستحيلًا، فك الارتباط بين المفهومين. طالما تعمل نظرية التبادل الاجتماعي مع هذه الأنواع من التعاريف الدائرية، فإنها ستكون غير قابلة للاختبار، وبالتالي فهي غير مرضية من حيث هذا المعيار. ومع ذلك، يلاحظ رولوف (1981) أنه قد تم القيام ببعض الأعمال لإنشاء قوائم بالمكافآت قبل مجرد ملاحظة ما يفعله الناس ووصفه بأنه مجزي لأن الناس يفعلون ذلك. بدأ إدنا فوا وأوريل فوا (1974، 1976) هذا العمل المتمثل في تحديد المكافآت بوضوح. علاوة على ذلك، يقول رولوف أنه على الرغم من هذه المشكلة، كان هناك قدر كبير من العمل التجريبي باستخدام نظريات التبادل الاجتماعي.
- فسر هذا الفكر التناقض والتماسك الاجتماعي من خلال زاوية المنفعة المتبادلة وأهمل الزوايا الأخرى كالمشاركة الوجدانية والعقائدية والفكرية والمشاركة القومية.
- أهمل هذا الفكر دراسة عملية التبادل الاجتماعي في المجتمعات الزراعية والتقليدية والاشتراكية والدينية. فهناك عوامل مؤثرة في هذه المجتمعات تختلف عن العوامل المؤثرة على عملية التبادل الاجتماعي في المجتمع الصناعي الذي درسه هومنز.
- لم يفسر هذا الفكر مدة وشدة الصراعات التي حدثت داخل التبادل الاجتماعي.
- أهمل الخبرات الاجتماعية عند الافراد المشتركين وأثرها في عملية التبادل وتقيميه لها.