ثقة (علم الاجتماع)

من أجل استخدامات أخرى، انظر ثقة (توضيح).

الثقة (بالإنجليزية: Trust) هي علاقة اعتماد بين اثنان، الشخص المؤتمن عليه من المفترض ان يفى بوعده، هي رمز وقيمة اخلاقية وايفاء بالوعود.

الثقة تتضمن عدم الشك في اعتقاد الشخصية الجيدة، نوايا أو اخلاق الشخص الآخر. والثقة لا تتطلب ان تكون موجودة في الاشخاص ذو النوايا الحسنة فقط فإننا نرى ان الاشخاص المتورطين في الأعمال الإجرامية عادة ما يثقوا في بعضهم البعض. أيضا الثقة لا تتطلب حركة تشترك فيها أنت والشخص الآخر. الثقة هي توقع النوايا الحسنة، مبنية على معرفة المرء بالإنسان الآخر. الثقة هي كلمة عن ما هو المجهول—على سبيل المثال لانها لا يمكن التحقق منها في الوقت الحالي ولكن من الممكن رؤية نتائجها في المستقبل.

علم الاجتماع

في علوم الاجتماع، تكون مدى الثقة في البحث شيء مهم جدا. في علم الاجتماع أو علم النفس تكون درجة ثقة الشخص في الآخر هي معيار ايمانه وتصديقه لامانة الشخص الآخر. بناء على معظم الابحاث الحديثة، فإن فشل وانهيار أي ثقة من الممكن ان يتم مسامحته بسهولة إذا كان الفشل ناتجا عن ضعف في القدرة وليس قلة في الامانة أو الصدق.

من هذا المنطلق فأن الثقة حالة عقلية، لا يمكن قياسها مباشرة. الاعتماد هو نتيجة مباشرة للثقة يمكن قياسها من خلال التصرف، وبديلا عن ذلك فإن المرء من الممكن ان يقيس الثقة بالإحساس (مع أخذ الحذر في ذلك). الثقة من الممكن ان تعتبر خيار اخلاقى أو على الاقل اخلاقى، مما يسمح للإنسان بالتعامل مع التعقيدات التي تتجاوز التفكير العقلانى. في هذه الحالة، الثقة بين الإنسان والآلة ليس لها معنى، لان الحاسبات ليس عندها حس اخلاقى وتعتمد على الحسابات العقلية. أي ثقة في جهاز تحت هذه الحالة هي ثقة متوسطة من المستخدم في صانع أو مخترع هذه الآلة لانه هو الذي وضع القواعد العقلانية التي تسير عليها الآلة. فرانسيس فوكوياما وتيلر هما الأكاديميان الذان دافعا عن هذا المفهوم للثقة كمعنى وتصرف اخلاقى غير مباشر.

نظرة أخرى في نظرية الاجتماع تأتى من القواعد الأساسية لنظرية الاجتماع لجيمس كوليمان.

كوليمان عرض مصطلح بأربع اجزاء:

1- موضع الثقة يسمح للأفعال التي تكون غير ممكنة (مثلا الثقة تسمح بالقيام ببعض الاشياء بناء على معلومات غير كاملة وغير مؤكدة).

2-الشخص الموثوق فيه هو شخص مستحق للثقة، لذا من الأفضل ان يثق فيه الشخص ولكن إذا كان الشخص غير موثوق فيه فالأفضل عدم الثقة فيه.

3-الثقة هي حركة تتضمن عمل تطوعى بين اثنان فيجب على الأول ان يظهر ثقته لكى يثق فيه بالضرورة الآخر وإلا لبقى الاثنان فاقدين الثقة في بعضهما البعض.

4-توجد فترة زمنية بين تمديد الثقة ونتيجة تصرف الثقة.

قوة تعريف كولمان انه يسمح مناقشة تصرف الثقة. هذه المناقشات كانت مفيدة في تفسير الثقة بين الإنسان والاخر.

هناك تيار قوى فى علم الاجتماع يذهب إلى أن الحياة الجمعية المستقرة يجب أن تنهض على ما هو أكثر من حسابات المصلحة الخاصة، و أنه من الضرورى توفر عنصر الثقة فى هذه الحياة، حتى فى مجالات التجارة والأعمال. وقد أبرز دوركايم عبارة تقول: "ليس كل شئ فى العقد يخضع للتعاقد"، وهى عبارة تشرح هذا المعنى ببلاغة رائعة.

وقد قدم أنتونى جيدنز فى كتابه: آثار الحداثة، الذى صدر عام 1990، أهم المناقشات الحديثة لموضوع الثفة، حيث عرفها بأنها: "الثقة فى مصداقية شخص أو نظام معين"، وقدم فى هذا العمل تلخيصا مفيدا للقضايا الرئيسية التى يثيرها هذا المفهوم. وقد لاحظ جيدنز أن بعض سمات الثقة تصدق بصرف النظر عن نمط المجتمع الذى نتناوله. فالظرف الإنسانى فى جوهره يتسم بعدم اليقين وبأنه مصدر للتهديد، ولكن لكى يعيش الإنسان ويستمر تعمل عملية التنشئة على حماية معظم أفراد المجتمع من القلق العميق الجذور من خلال تنمية إحساس مبدئى بالثقة فى الآخرين فى داخل كل منهم وتدريبهم على طرق للحياة "مسلم بها". وترجع بعض الاتجاهات فى علم النفس وفى التحليل النفسى السلوك المشاذ، والعدوانى، والمضطرب إلى فشل الوالدين فى نقل الإحساس بالثقة المبدئية و العامة إلى أولادهم، بحيث يدرك هؤلاء أن الذات الداخلية والبيئة الخارجية تتسمان بعدم المصداقية والعداء.

وقد أوضحت الكتابات الكلاسيكية والحديثة على السواء أن دخول الحداثة قد أحدث تغييرا جوهريا فى مصادر الثقة المبدئية وموضوعاتها. كماتجمع هذه الكتابات على أن الحداثة تقوض أهمية روابط القرابة، وتدمر تماسك المجتمع المحلى، وتشكك فى سلطة الدين وفى الاعتماد على التراث. ويرجع جيدنز تلك الآثار إلى بعض "أليات التفكيك" المختلفة التى تنزع العلاقات الاجتماعية من سياقها المحلى الخاص ثم "تعيد بناء ها عبر مدى لامحدود من الإطار الزمانى والمكانى". وهناك نوعان من آليات التفكيك هذه، يتطلب كل منهما شكلا من اللقة أكثرتجريداًمماكان معروفاً فيما قبل هذه الظروف الحديثة، وهى: الأشياء و العلاقات الرمزية (و أبرز مثال لها هو النقود)، ونظم الخبراء المتخصصين (حيث تتجسد الثقة فى مجموعة من المعارف التأملية = الانعكاسية). غير أن تباعد العلاقات الاجتماعية فى الزمان والمكان يتطلب إتقان القدرة على الاحتفاظ بالثقة، مع التسامح فى نفس الوقت عندما يفقدها الفرد. من هنا تتسم الحداثة بأنها ذات حدين، من حيث أنها تهدد "أمننا الأنطولوجى"، أى الوجودى، بمعنى تهدد ثقتنا فى استمرار هويتنا الشخصية وفى البيئة الاجتماعية والمادية المحيطة بنا. كما أنها تزيد من احتمالات المخاطر و القلق، وتطلب منا الثقة فى نظم مجردة.

ولكن البعض يذهبون إلى أن فكرة التقة مازالت مهملة ولم تتطور بعد فى ميدان التحليل الاجتماعى، وان كان هناك أمارات واضحة على صحوة الاهتمام بها (انظر على سبيل المثال كتاب جامبيتا (محرر) المعنون: الثقة، والمنشور عام 1988). ويمكن القول على أى حال أن المفهوم لم يستخدم بشكل رئيسى فى بحوث علم الاجتماع إلا فى الدراسات السوسيولوجية المقارنة لعلاقات العمل والإدارة. من هذا مثلا اقتراح آلان فوكس (فى كتابه: ماوراء التعاقد، الصادر عام 1974) التمييز ين نظم الإدارة العمالية ذات المستوى المنخفض من الثقة (Low-Trust System) والنظم ذات المستوى العالى من الثقة (High Trust System) (حيث توجد روح الجماعة وطرق الضبط)، موضحاً أن هذا التمييز يمكن أن ينطبق على الفروق فى المنظمات الفردية وأبنية الاتفاق على المستوى القومى. وترتبط مدى حرية التصرف او الاختيار المتاح للعامل بمقدار المكافأة وبطبيحة ظروف العمل، ومدى ضمان الوظيفة، وأسلوب المشرفين فى معاملته، والسياسة الممتبعة تجاه المساومات الجماعية وهلم جرا. وعلى حين نجد تاريخيا أن أساليب الإدارة البريطانية والأمريكية كانت تميل إلى أن تعكس ديناميات ذات مستوى منخفض من الثقة، فإن كلا من المانيا واليابان تعد مثالا للثقافات الصناعية ذات الممستوى العالى من التقة. ومن المهم أن نلاحظ على أية حال أن طرق التعامل بمستوى عال من الثقة يمكن أن تتبناها الإدارة الصناعية فى أى مكان لأسباب عملية محسوبة، ومن الممكن أن يدرك العمال فى المدى الطويل أن هذه المعاملة ليست سوى نوع من التلاعب، أو أنها محاولة من الإدارة لاصطناع الرضا والقبول اصطناعا.

وقد قام عدد من الباحثين بإعادة اكتشاف ثنائية فوكس هذه (وإعادة تسميتها أيضا). وهكذا نجد أندرو فريدمان، فى كتابه: المصناعة والعمال، الصادر عام 1977، يقابل بين الاستراتيجيات الإدارية القائمة على "السيطرة المباشرة" (التى تتمثل فى الإشراف الدقيق، ومنح العامل الحد الأدنى من المسئولية، واستخدام التهديدات القائمة على القهر) وبين الاستراتيجيات الإداربة القائمة على "الاستقلال المسئول" (الذى يتمثل فى تشجيع العمال على معرفة أهداف المشروع والمشاركة فى صياغتها، وأن يسوسوا هم جهودهم بأنفسهم، وتحمل المسئولية). والمهم على أية حال، بصرف النظر عن المصطلح أو التسمية المستخدمة لوصف هذا التناقض، فإنه فى جوهره عرضة لنقد مؤداه أن أنماط السيطرة الإدارية فى العالم الواقعى أكثر تعقيدا من هذا، ولايمكن اختزالمها فى ثنائية استراتيجية أيا كان نوعها.

علم النفس

في علم النفس الثقة هي تكاملية للتأثير الاجتماعى فهى التي تسهل التأثير أو الإقناع لشخص بالاتمئان على شخص آخر. ان فكرة الثقة يتم تبنيها في شكل واسع على نطاق الاشخاص، المؤسسات (الوكالات الحكومية) والاشياء مثل الماكينات. على اية حال، مرة أخرى فهم الامانة والإحسان والقدرة هما اشياء ضرورية من اجل الثقة. عندما يتم فقدان الثقة، عن طريق انتهاك واضح لاحد الاشياء الثلاثة، وانه شيء صعب لاعادة اكتساب الثقة مرة أخرى. وهذا يوضح التناظر بين بناء وتدمير الثقة. ولكن لاحظ ان التصرف بشكل موثوق فيه يعتبر تأهيل للوصول إلى مرحلة الثقة.

انظر أيضًا