دانتي أليغييري

(بالتحويل من دانتي)

دانتي أليغييري Dante Alighieri (وبالإيطالية تنطق [ˈdante aliˈɡi̯ɛ:ri][١]) (فلورنسا 1 يونيو 1265 - رافينا 14 سبتمبر 1321) ويعرف عادة باسم دانتي وهو شاعر إيطالي من فلورنسا، أعظم أعماله: الكوميديا الإلهية المكونة من ثلاثة أقسام الجحيم، المطهر والفردوس، تعتبر البيان الأدبي الأعظم الذي أنتجه أوروبا أثناء العصور الوسطى، وقاعدة اللغة الإيطالية الحديثة. فهي واحدة من الأعمال الرئيسية لعملية الانتقال من العصور الوسطى إلى عصر نهضة الفكر. وتعتبر تحفة من الأدب الإيطالي وواحدة من قمم الأدب العالمية. ومعروف دانتي في الأدب الإيطالي بالشاعر الأعلى. ويسمى أيضا دانتي «أبو اللغة» الإيطالية. وقد كتب جيوفاني بوكاتشيو (1313-1375) أول سيرة ذاتية لدانتي، في تراتاتيلو في مرتبة الشرف لدانتي.

شارك بحماس في الصراع السياسي الذي كان يوجد في وقته، وتم نفيه من مسقط رأسه. فكان مؤيدا نشطا للوحدة الإيطالية. وقال إنه كتب العديد من الأطروحات اللاتينية في الأدب والسياسة والفلسفة. فقام بعمل الأطروحة اللاتينية دي الموناركية، في عام 1310، وهي عرض مفصل لأفكاره السياسية، من بينها الحاجة إلى وجود الإمبراطورية الرومانية المقدسة والفصل بين الكنيسة والدولة. وحارب ضد الغيبلينيين من أرزو. لكن تاريخ ميلاد دانتي مازال غير معروف بدقة حتى الآن، على الرغم من أنه يعتقدون عموما أن يكون تقريبا عام 1265. هذا يمكن استخلاصه من تلميحات السيرة الذاتية الموجودة في لا فيتا نوفا.

حياته

طفولته

ولد دانتي في عام 1265، وقد قال بأنه ولد في برج الجوزاء، مما يشير إلى أنه تاريخ ميلاده يقع بين 21 مايو و21 يونيو. عندما كان رضيعا، عمد اسمه «دورانتي» في فلورنسا، وقد يكون الاسم «دانتي» نسخة مصغرة من ذلك الاسم.مع الأخذ في الاعتبار بعض تلميحات السيرة الذاتية في نوفا فيتا والجحيم (الذي يبدأ «في منتصف الطريق من حياتنا»، دانتي كان يعتقد أن منتصف حياة الرجل 35 عاما، بحيث إذا كان يبدأ رحلة خيالية في عام 1300، ينبغي أن يكون قد ولد حوالي عام 1265).

ولد دانتي في عائلة أليغييري المعروفة في فلورنسا، المتحالفين مع الغويلفيين، وهم الحزب السياسي الداعم للبابوية، الذي يعتبرون أعداء للغيبيلينيين. كان أبوه أليغييرو دي بيلينسيوني غويلفيا أيضا، لكنه لم يرد أن يقوم بأية أعمال انتقامية بعدما انتصر الغيبيلينيون في معركة مونتابيرتي.

كانت أم دانتي تدعى دونا بيلا أباتي؛ «بيلا» هي اختصار للاسم غابريلا، ولكنها أيضا تعني «الجميلة». توفيت عندما كان دانتي يبلغ من العمر 5 أو 6 سنوات، وتزوج أبيه أليغييرو بعد فترة وجيزة الآنسة لابا دي تشياريسسمو سيالوفي. حملت هذه الامرأة بطفلين هما أخ دانتي «فرانشيسكو» وأخته «تانا» (غايتانا).

عندما كان يبلغ من العمر 12 عاما، أي في عام 1277، تزوج جيما دي مانيتو دوناتي، ابنة ميسير مانيتو دوناتي. الزواج المبكر هذا كان يعتبر أمرا شائعا، وكان يتطلب مراسما مهمة كالتوقيع بشكل رسمي أمام كاتب عدل. دانتي كان له عدة أبناء من زوجته جيما. كما كان يحدث للكثير من المشاهير، يدعي العديد من الأطفال أنهم من نسل دانتي، ولكن يعتقد بأن أبناءه الحقيقيين هم جاكوبو، وبيترو، وغابرييل أليغييري، وأنطونيا. أصبحت أنطونيا راهبة باسم الأخت بيتريس.

التعليم والشعر

ليس الكثير معروف عن تعليم دانتي، ويفترض بأنه قد تلقى تعليمه في المنزل. من المعروف أنه درس الشعر التسكاني، في الوقت الذي بدأت مدرسة سيسيليان أن تصبح معروفة في تسكانيا. اهتماماته جعلته يكتشف المنشدين والشعراء البروفانسيين، والثقافة اللاتينية. وكان أيضا من الواضح إعجابه بفرجيل. ودرس اللغة العامية الإيطالية، واللاتينية (اللغة المشتركة في ذلك الوقت)، والبروفنسال، وإدرج بعض أبيات الشعر في تلك اللغة عن العذاب.

عندما أصبح عمره 18، قابل جيدو كافالكانتي، ولابو جياني، وسينو دا بيستويا، ومباشرة بعد ذلك برانيتو لاتيني، الذين أصبحوا سوية «الأسلوب الجديد الحلو». حصل برانيتو لاحقا إشارة خاصة في الكوميديا الإلهية لم علمه لدانتي. والجدير بالذكر أنه عندما انهارت الإمبراطورية الرومانية في العصور الوسطى، تركت عشرات الدول الصغيرة، لذلك كانت صقلية تختلف ثقافيا وسياسيا عن توسكانا، كما قال بروفانس: إن المناطق التي لم تشترك في نفس اللغة أو نفس كانت الثقافة كانت وسائل التواصل معها صعبة.

عندما كان عمر تسعة سنوات قابل بيتريس بورتيناري، ابنة فولكو بورتيناري، الذي وقع في الحب من أول نظرة معها، وعلى ما يبدو حتى دون أن يكلم معها. ورآها كثيرا بعدما بلغ من العمر 18 عاما، وأخذ يتبادل التحية معها في أغلب الأحيان في الشارع، إلا أنه لم يعرفها جيدا. حبه لبيتريس على ما يبدو هو السبب لشعره ومعيشة، وكذلك لعواطفه السياسية. عندما توفت بيتريس عام 1290، حاو دانتي إيجاد مأوى في الأدب اللاتيني. ثم كرس نفسه للدراسات الفلسفية في مدارس دينية مثل الدومنيكية في سانتا ماريا نوفيلا.

السياسة

ملف:Statua di Dante (Naples).jpg
تمثال دانتي في نابولي.

كان دانتي عضوا نشطا في الحياة السياسية والعسكرية لفلورنسا. التحق بالجندية عندما كان شابا، وتقلد مناصب مهمة في حكومة فلورنسا خلال التسعينيات من القرن الرابع عشر، أصبح منشغلا بصراع سياسي بين مجموعتين، مجموعة الغويلف ومجموعة الغبليون اللتين كانتا تتصارعان فيما بينهما للسيطرة على توسكانا، وقد استطاعت مجموعة سياسية من مجموعة الغويلف السيطرة على فلورنسا سنة 1301م. كانت هذه المجموعة السياسية تكره هذا الشاعر، مما أدى بها إلى نفيه سنة 1302م والحكم عليه بالموت في حالة رجوعه إلى فلورنسا، عاش دانتي ما تبقى من حياته بالمنفى وتوفي في رافينا ودفن بها.

مثل الكثير من أبناء فلورنسا تورط دانتي في النزاع الغويلفي الغيبيلي. قاتل في معركة كامبالدنو (11 يونيو 1289) مع فرسان غويلف. في عام 1294 كان من أبرز الفرسان الذين رافقوا كارلو مارتيلو دانجو (ابن تشارلز) حينما كان في فلورنسا. وصل إلى حد أبعد من مهنته السياسية، فعمل طبيبا وصيدليا.

بعد هزيمة الغيبيلينيين، انقسم الغويلف إلى قسمين: الغويلف البيض، الحزب الذي انتمى إليه دانتي، الذي قاده فييري سيرتشي، والغويلف السود، تحت قيادة كورسو دوناتي. الألوان أعطيت عندما حمى فييري سيرتشي عائلة غراندي في بيستويا، التي كانت تدعى محليا الحزب الأبيض، وأصبحت هذه الألوان الألوان المميزة للأطراف في فلورنسا.

الانشغال في السياسة لم يكن أمرا سهلا عندما كان البابا بونيفايس الثامن يخطط بالاحتلال العسكري لفلورنسا. في عام 1301 تشارلز دي فالويس، أخ الملك الفرنسي فيليب لو بيل، توقع زيارته لفلورنسا لأن البابا عينه صانع سلام لتسكانيا. لكن حكومة المدينة عاملت سفراء البابا بشكل سيئ قبل أسابيع قليلة، بغية الاستقلال عن التأثيرات البابوية. المجلس أرسل وفدا إلى روما لكي يحقق نوايا البابا، وكان دانتي رئيسا لهذا الوفد.

وبعد وفاة دانتي أدركت حكومة فلورنسا أنها أخطأت في حقه خطأ فادحا، وحاولت تدارك هذا الخطأ بطبع أعماله، ودعوة ابنه وبعض الأساتذة المتخصصين في الأدب إلي إلقاء المحاضرات عنه، ومنهم جيوفاني بوكاتشو (1303 ـ 1375) الذي يعد أكبر الدارسين للشعر اللاتيني وقد جمعت نصوص محاضراته في كتاب «حياة دانتي».

وظلت الحكومات المتتالية تتحين الفرص لنقل رفات دانتي من مدينة رافينا إلي فلورنسا فلما فشلت مساعيها أقامت له في عام 1829 قبرا تذكاريا في كنيسة الصليب المقدس، يعلوه تمثال لدانتي، توج رأسه بأكليل الغار، مثلما حدث للعالم الإيطالي جاليليو (1564 ـ 1642) الذي تعرض في حياته علي نحو ماتعرض دانتي، لغضب الكنيسة ومحاكمتها له وتحديد اقامته، ولكنها بعد مايقرب من مائة سنة من وفاته رفعت الكنيسة الحظر عن كتبه المدرجة في قائمة التحريم. وأقامت له نصبا تذكاريا في الكنيسة.

ورغم معاناة دانتي في المنفى فقد استطاع ان يكتب فيه أثره الخالد «الكوميديا الإلهية» تحت اسمه عبارة «الفلورنسي مولدا لا خلقا»، تنصلا من الانتساب لهذا البلد الفاسد الناكر للجميل. وللقيمة الكبرى للكوميديا الإلهية ليست هناك لغة من لغات الأرض الحية، وليست هناك جامعة من جامعات العالم، لم تهتم بها وبشاعرها، ملك البيان، دانتي أليغييري.

إدانته ونفيه ووفاته

ملف:Dante Alighieri01.jpg
تمثال دانتي أليغييري في معرض أوفيز.

لم تنشأ الدولة المدنية في أوروبا إلا بعد القضاء علي الدولة الدينية التي كانت ترى أن الملوك يستمدون سلطتهم في الحكم من بابوات الكنيسة، وليس من الله مباشرة، وأن البلاد إذا افتقدت الحاكم أو الرئيس الحازم المستقل امتلأت بالظلمة، وغدا مآلها الخراب والدمار.[٢]

ويعد دانتي أليغييري (1265 ــ 1321) أحد هؤلاء الأحرار العظام في التاريخ، الذين وضعوا في مطلع عصر النهضة الأوروبية أساس الدولة المدنية الحديثة التي تفصل بين سلطة الكنيسة وسلطة السياسة، ويقوم فيها الحكام بالحكم وفق القانون، دون وساطة رجال الدين وبذلك حمى دانتي كل سلطة من طغيان الأخرى عليها أو قهرها لها. ولولا هذه البداية الجريئة التي قام بها دانتي لمداواة النفوس وإصلاح العالم، لما أمكن بزوغ الدولة القومية، ولا لحركة الإصلاح الديني.

وعلى الرغم من أن دانتي لم يتنكر في حياته للدين، أو يقصر في تبجيل الكرسي البابوي، وبعبارة صريحة على الرغم من أن الإيمان كان هو الموجه لحياة دانتي وإنتاجه، فقد غضب عليه البابوات، وحكموا عليه في عام 1302 بالنفي من بلاده، فلورنسا، ودفع غرامة باهظة، فاذا عاد إلى وطنه أعدم.

وذنب دانتي الذي جعله في مرمى سهام البابوية لم يكن سوى تقديم مصلحة الوطن علي مصلحة الأحزاب المتصارعة في مجالات السياسة والدين والتعليم، وتأليب الجماهير ضد السلطة، دفاعا عن العدالة والحرية، ولأنه في الخصام بين البابا والإمبراطور، رأيهما يملك حق رعاية البشر، وقف دانتي مع الحق والقانون، لا مع القوة والعدوان. وفي الصراع بين الإقطاع والفقراء انحاز دانتي إلي عامة الشعب. كان دانتي يرى أن الأخلاق هي التي تمنح الإنسان الإرادة الحرة، ولا سبيل إلي هذه الإرادة إلا بالعلم والفن. وعلي الإنسان ألا يثق ثقة عمياء بوجهة نظره، لأن غلال القمح لا تحسب إلا بعد أن ينضج المحصول.

ملف:Dante exile.jpg
دانتي في المنفى.

بقي دانتي في روما والوقت الذي دخل فيه تشارلز دي فالويس (1 نوفمبر 1301) فلورنسا مع الغويلف السود الذي قام في ستة أيام بتدمير كل شيء وقتل معظم أعدائه.

ذهب دانتي إلى فيرونا بعد ذلك كضيف لبارتولوميو ديلا سكالا، ثم انتقل إلى سارزانا (ليجوريا)، وبعد ذلك اعتقد بأنه عاش لبعض الوقت في لوكا مع السيدة جينتوكا، التي جعلت اقامته مريحة. وتقول بعض المصادر أيضا بأنه كان في باريس بين عامي 1308 و1310، بينما تقول مصادر أخرى أنه رحل إلى أكسفورد.

دعي دانتي من قبل الأمير جيدو نوفيلو بولينتا إلى رافينا في عام 1318، وقبل دانتي بذلك. رحل إلى هناك وأنهى عمله الأخير «الجنة» وتوفي أخيرا في عام 1321 عندما بلغ من العمر 56 عاما بينما هو في طريقه للعودة إلى رافينا من مهمة دبلوماسية في فينيسيا، بعتقد بأن سبب ذلك هو مرض الملاريا. دفن دانتي في كنيسة سان بيير ماجيور. قام القاضي بيرناردو بيمبو من فينيسيا بالعناية ببقاياه منظما قبرا أفضل في عام 1483.

أعماله

حياة جديدة (فيتا نوفا)

"دانتي وبياتريس في الحديقة" ، لوحة عام 1903 بواسطة سيزار ساكاجي
"دانتي وبياتريس في الحديقة" ، لوحة عام 1903 بواسطة سيزار ساكاجي

هذا العمل هو سيرة ذاتية لدانتي ويحكي فيه أنه في عمر الثامنة عشرة تعلم «فن قول الكلمات بايقاع مقفى»، إلا انه لم يظهر اصالة إلا بعد ان كتب سوناتات إلى بياتريك، الفتاة التي أحبها في مقدم حياته، والتي تحدث عنها بتفصيل في سيرته هذه. بعد ذلك أعترف به سريعا (1283) كشاعر جديد. موضوعها قصة حب دانتي لبياتريتشه التي التقاها أول مرة وهو في التاسعة من عمره وكانت هي في الثامنة، واجتمع بها ثانية عام 1283 وهو في الثامنة عشرة. كان حبا تحلى بروحانية سامية، لازمه طوال حياته وكان سببا في تعاسته؛ فقد وافتها المنية وهي في الرابعة والعشرين من دون أن تبادله الحب. ويدل اسم بياتريتشه على المرأة التي توفر النعيم. وخشي دانتي من أن يتعرف قراؤه على اسم حبيبته الحقيقي، إذ كانت متزوجة، فيدان لتجاوزه العرف وتقاليد البلاط فأدخل في روايته صورة لامرأة أخرى.

وقسم دانتي، في هذا العمل، أعماله إلى ثلاث مراحل متميزة: المرحلة الأولى، هي مرحلة الحياة الجديدة، مرحلة تقديس بياتريك الحقيقية، التي رأى ولمس فيها الشاعر عدة اشياء من خلال وعيه وادراكه كما لو انها أحلام. هذه المرحلة تتضمن عمله سيرة حياة، واشعارا إلى بياتريك والتعهد بالكتابة والاهتمام بها أكثر من أية امرأة أخرى. المرحلة الثانية، هي مرحلة المعاناة، الاضطراب السياسي والبحث الفلسفي، وملاحظة تقدمه بشكل كبير في اغلب الاتجاهات تقريبا. انها تتضمن الجزء الأكبر من مجموعة الأناشيد والأشعار والمسودتين النثريتين غير الكاملتين والرسائل السياسية مع هنري السابع والدراسة اللاتينية «الحكم المطلق» ربما تعود أيضا لهذه المرحلة. وهنا يمكن ملاحظة ان نماذج إمبراطوريات القياصرة الالمان، البابوية، فينيسيا، إسبانيا وعائلة بوربون الفرنسية (وهي الإمبراطوريات التي مهدت لظهور الإمبراطورية البريطانية الحديثة) موجودة في كتاب «الحكم المطلق». ولربط المرحلة الثانية والثالثة تأتي الرسالة الموجهة إلى الكارديناليين الإيطاليين حول موت كليمنت الخامس 1314. اما المرحلة الثالثة، فهي مرحلة الكوميديا الالهية، العودة إلى بياتريك، ولكن الآن بياتريك (المجازية)، وكذلك قصيدتين رعويتين ورسائل إلى صديق فلورنسي وإلى كان غراندة.

يعترف دانتي بان غويدو غوينسيلي هو أستاذه في فن الشعر ومؤسس المدرسة الجديدة للشعر الإيطالي، الذي يدافع دانتي عن مذهبه في الحب في «انشودة القلب الرقيق». ولعل «سيرة حياة» تعتبر كمقدمة لـ «الكوميديا الالهية»، التي تخبرنا كيف أن هذا المغني يصبح شاعرا، وكيف انها تقطع طريق حياته ورائده الروحي. انها أبلغ وأعمق صورة للحب، لكن نقاءها لا يتأتي من روح تتسم بالبساطة والبراءة وانما من كبح جماح النفس. انها تتحدث عن القصة الكاملة لحب دانتي إلى بياتريك منذ أول نظرة اليها وهما في التاسعة من العمر وحتى الرؤية التي تتضمن تقديسها.

بلاغة العامية (دي فولغاري إيلوكينشيا)

طالع أيضاً: دي فولغاري إيلوكينشيا
ملف:Dante in Florence, Italy..jpg
تمثال دانتي في فلورنسا.

دي فولغاري إيلوكينشيا (بالإيطالية: De vulgari eloquentia) أو في البلاغة في العامية هو عنوان مقالة كتبها دانتي أليغييري. كتبها بداية باللغة اللاتينية وقصد أن يجعلها مبدئيا أربعة كتب، لكنه تخلى عنها في منتصف الكتاب الثاني. يعتقد بأنه ألفها بعد وقت قصير من نفيه. تشير الأدلة الداخلية إلى تاريخ ما بين 1302 و1305. يتناول الكتاب الأول العلاقة بين اللاتينية والعامية، والبحث عن عامية لامعة في المنطقة الإيطالية، في حين أن الثاني هو تحليل لبنية «كانتو» أو الأغنية (كما توجد أيضا باسم «كانزوني» باللغة الإيطالية) كنوع أدبي.

وهو كتاب غير مكتمل ويحث فيه على تكوين لغة عامية إيطالية، وقد كتبه دانتي باللاتينية، حيث أراد من خلاله أن يعرض فكرة بعث الوجود بلغة بديلة عن اللاتينية، ولها القدرة على أن تصبح وسيلة تفكير مشتركة في كل إيطاليا، بهذا العمل أصبح دانتي أبا للغة الإيطالية الحديثة، وهذا القول لا يعني أن دانتي قد تخلى عن اللاتينية نهائيا، إذ على مدى فترة وجوده بالمنفى كان عليه أن يكتب باللاتينية رسائل خصصها لمساندة هنري السابع.

الكوميديا الإلهية

طالع أيضاً: الكوميديا الإلهية
ملف:Dante03.jpg
دانتي في المطهر.
ملف:Eugène Delacroix - The Barque of Dante.jpg
قارب دانتي بريشة الفنان الفرنسي أوجين ديلاكروا سنة 1822 ، تصور اللوحة بشكل فضفاض الأحداث المسرودة في القصيدة الملحمية لدانتي أليغييري «جحيم دانتي». معلق حاليًا في متحف اللوفر ، باريس.

الملهاة الإلهية أو الكوميديا الإلهية (بالإيطالية: Divina Commedia) هو عمل ألفه الإيطالي دانتي أليغييري منذ عام 1308 حتى وفاته في عام 1321. تعد الكوميديا الإلهية من أهم وأبرز الملحمات الشعرية في الأدب الإيطالي، ويرى الكثيرون بأنها من أفضل الأعمال الأدبية في الأدب على المستوى العالمي.[٣] تحتوي الملحمة الشعرية على نظرة خيالية بالاستعانة بالعناصر المجازية حول الآخرة بحسب الديانة المسيحية، وتحتوي على فلسفة القرون الوسطى كما تطورت في الكنيسة الغربية (الكاثوليكية الرومانية).وقد ترجمت الملحمة إلى اللغة العربية بالشعر الحر لأول مرة في يناير 2003.
وتؤكد عدة دراسات أن الكوميديا الإلهية هي النسخة الأوروبية المقلدة عن رسالة الغفران لأبي العلاء المعري.

بل وقد تمت محاكمته بعد أن حاول البعض إثبات سرقته لرسالة الغفران، وحتى بعد أن نجحوا بعض الشيء إلا أنه تمت تبرئته.

تنقسم الكوميديا الإلهية إلى 3 أجزاء (الجحيم، الفردوس، والمطهر – والمطهر توازى الأعراف في رسالة الغفران لأبي العلاء المعري التي قام «دانتي» بسرقة الفكرة منها-)

تضم الكوميديا الإلهية 100 أنشودة (34 للجحيم، و33 لكلا من المطهر والفردوس). ويقال أن «دانتي» اختار العدد "3" رمزاً للثالوث، والرقم "100" لأنه يمثل العدد "10" مضروباً في نفسه (لأن أهل العلم والمعرفة الغربيين في القرون الوسطى كانوا يعتبرون الرقم "10" رمزاً للكمال). أما عن سبب التسمية بالـ«كوميديا» فلأنها تبدأ بما يزعج وتنتهي بما يفرح (على نقيض التراجيديا التي تبدأ بما ترتاح إليه النفس ثم تنتهى بمأساة).

أما وصفها بـ«الإلهية» فلا يرجع إلى ما أورده «دانتي» من رؤيته لله في السماوات العلا في آخر أنشودة الفردوس، وإنما هي صفة تخلع مجازاً في اللغة الإيطالية على كل ما يبعث على الإعجاب والروعة لإتقانه وكماله، وبذلك تكون ترجمتها الصحيحة إلى اللغة العربية هي «الكوميديا الرائعة» أو «الكوميديا المتقنة», ولكن نظرا لأن الخطأ الشائع المشهور يحل عادة محل ما هو صحيح مهجور، فقد تركت التسمية كما هي في كل الترجمات (وليس ذلك قاصراً على الترجمة إلى اللغة العربية بل يسري أيضاً على الترجمات إلى اللغات الأخرى)

دانتي في الثقافة الحديثة

كان لحياة وأعمال دانتي تأثير كبير جدا وحاسم في بناء الهوية الإيطالية وفي الثقافة الحديثة بشكل عام. وقد استخدم العديد من الكتاب والمثقفين الكوميديا الإلهية وغيرها من أعمال دانتي بمثابة إلهام للموضوع واللغة المعبرة.

ملف:Dante, Cesare Zocchi.jpg
صورة دانتي، للرسام تشيزاري زوكتشي، في حدائق جوان بروسا، في بارشلونا.

الأدب

لقد اقترن اسم دانتي باسم رائعته الشعرية «الملهاة الإلهية». وله مؤلفات أخرى، لا ترقى إلى مصاف قصيدته هذه، أولها «حياة جديدة» (نحو 1292-1293) وهي مزيج من الشعر والنثر في إطار رواية استوحاها من مؤلفات كتبت باللغة اللاتينية في العصور الوسطى. ويعد دانتي الأول في وصف عاطفة صادقة خارجة عن رهان الفوز أو الهزيمة، فرأى في بياتريتشه الطفلة الجميلة التي تحنو عليه ثم المرأة المتألقة في السماء بعد وفاتها، فصمم أن يقول فيها ما لم يقله أحد قبله في حبيبته. وبدأ دانتي كتابة الكوميديا الإلهية في عام 1308م تقريبا وتحكي هذه الملحمة الشعرية انتعاشه الروحي، وتركز الاهتمام على موضوع الحياة بعد الموت، لمزيد من المعلومات عن عمله. ألف دانتي أعمالا غير أدبية كذلك، وقد كتب حول الفصاحة باللغة العامية في عامي 1303م و1304م. ويؤكد هذا العمل الذي كتب بالنثر اللاتيني على أهمية الكتابة باللغة الإيطالية، وتفضيلها على اللغة اللاتينية، أو أي لغة محلية ثانوية أخرى. وكان دانتي يسعى إلى أن يطور الإيطاليون لغة أدبية وطنية من شأنها أن توحد وطنهم. أما عمله المأدبة فهو عمل غير مكتمل كتبه بالإيطالية ويحتوي على ثلاث قصائد غنائية، كل قصيدة ملحقة بتعليقات طويلة ومفصلة لمعانيها. كما يتضمن هذا العمل المعرفة الفلسفية والعلمية الواسعة لدانتي. أما حول الحكومة العالمية (1313م) فهي مقالة طويلة بالنثر اللاتيني، حاول فيها دانتي دعوة الدولة إلى أن ترتبط بالكنيسة، حتى تستطيع قيادة الناس إلى حياة أفضل، وذلك على شكل الإمبراطورية الرومانية المقدسة. كتب دانتي مجموعة من الأعمال الأخرى، وتضم مجموعة من القطع الشعرية ومجموعة من الرسائل.

الفنون البصرية

ملف:Cristobal Rojas 25a.JPG
صورة لدانتي وبياتريس عام 1889 على ضفاف نهر النسيان للرسام الفنزويلي، كريستوبال روخاس.

في إيطاليا، تم تصميم صورة لدانتي على عملة بقيمة 2 يورو على يد الفنان رافيل سانزيو توجد في جناح قصرالفتيكان للبابا يوليوس الثاني. وفي عام 2007، قام العلماء الإيطاليين في جامعة بولونيا برسم وجه دانتي «الحقيقي» وهو بالفعل الأقرب إلى الحقيقي. كما رسم بوتيتشيلي صورة له. وكان لدانتي العديد من الأعمال الأدبية ذات الطابع المعاصر، مثل جيوتو في كنيسة بارجيلو. ومن أشهر الأعمال الخالدة دانتي وملهاته الآلهية (1465)، لدومينيكو دي ميشيلينو وتوجد في دومو في فلورنسا. وقام أيضا الرسام الفلورنسي الشهير، أندريا ديل كاستجنو برسم وجه دانتي في (أوفيزي، 1450). العديد من الفنانين في كل العصور قاموا بعمل رسوم توضيحية لدانتي ومؤلفاته مثل بوتيتشيلي، وغوستاف دوريه، وسلفادور دالي، ومايكل أنجلو، ووليام بليك الإنجليزية، والإيطالية أنطونيو روسيني دجواكينو والألماني روبرت شومان، وغيرهم. والتمثال المعروف باسم رودان المفكر يرجع في الأصل إلى أن رودان مثل دانتي كلاهما يفكر في أبواب جهنم. على الرغم من أنه معروف باسم المفكر، إلا أن عمل أوغست رودان عن أبواب جهنم يقوم على الكوميديا الإلهية لدانتي وقصائد بودلير في عمله زهور الشر، في محاولة لعمل ملحمة بين الحب والإدانة. وقام ورودان أيضا في عمله قبلة (Le Baiser)، وفي البداية كان اسمها فرانشيسكا من ريميني، وهي واحدة من شخصيات جحيم دانتي التي وقعت في الحب مع شقيق زوجها، واكتشف ذلك وقتلها.

دانته

شاعر ايطالي عظيم له آراء فلسفية وسياسية ولاهوتية. ولد في الفترة ما بين ه ١ مايو و٥ ١ يونيو سنة ١٢٦٥ ، في مدينة فيرنتسه Firenze، لأسرة عريقة في النبالة، نبالة المدن لا نبالة الريف. فقد كان أجداده وأهله يعملون في التجارة والصناعة وتسليف النقود. وجده الأعلى كتشاجويدا Cacciaguida( في نهاية القرن الحادي عشر) كان الأمبراطور الألماني كونراد الثالث قد خلع عليه لقب «فارس»؛ وقد قتل أثناء الحملة الصليبية الثانية فيسنة١٤٧. لكن دانته في القسم الثالث («الجنة») من «الكوميديا الإلهية» يرتفع بنسبه حتى تأسيس الرومان لمدينة فيرنتسه، أما أبوه ويدعىd’Alighero Alighero Bellinane ع1غ1٥*ا1ع8فكان يعمل في تسليف النقود، وتوفيقبل سنة ٢٨٣ .

ومن الناحية السياسية كانت أسرة دانته من الحزب المناصر للبابا («جلف») في مواجهة الحزب المناصر للأمبراطور («جبلين») لكن يبدو أنها لم تكن بارزة النشاط في الصراع الدامي المستمر بين حزب البابا وحزب الأمبراطور في فيرنتسه في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، والدليل علىذلك أنه لما انتصر حزب الأمبراطور («الجبلين») على حزب البابا («الجلف») في معركة مونتايري (سنة ١٢٦٠) واستولى على الحكم في مدينة فيرنتسه، لم يقم بنفي أسرة دانته، كمافعل ع الأسر البارزة الجلفية. . لكن شارل الأول،

دوق انجو Anjou هزم وذبح مانفرد Manferd نصير لأمبراطور في معركة بنفنتو Benevento سنة ١٢٦٦، فعادت السيطرة على مدينة فيرنتسه لحزب البابا («الجلف"). ومن ذلك التاريخ صارت مدينة فيرنتسه تحت سلطان دوق أنجو والبابا. بيد أن الصراع بين الحزبين ظل مع ذلك عنيفاً في الحياة الاجتماعية للمدينة.

وقد توسعنا في ذكر هذه التفاصيل لأن حياة دانته وأفكاره السياسية والفلسفية أنعكست عليها هذه الأحداث.

وأما من حيث تنشثته الأدبية والفكرية فإنه تأثر في شبابه بعلمين من أعلام الأدب في فيرنتسه في ذلك الوقت، هما؟ برونتو لاتيني Bunetto Latini وجويدو كفالكان تي Guido Cavalcanti. . أما لاتيني Latini فقد كان شاعراً وعالماً وسياسياً. ولد في فيرنتسه حوالي سنة ١٢٢٠، وتوفي حوالي سنة ١٢٩٤. وكان من «الجلف» فنفي إلى فرنسا حين تغلب حزب الأمبراطور (الجبلين)، وعاش في فرنسا منسنة ١٢٦٠ حتى ١٢٦٦ حين عاد إلى فيرنتسه بعد انتصار حزب البابا من جديد. وعين في سنة ١٢٧٣ مستشاراً في فيرنتسه . وقد كتب باللغة الفرنسية موسوعة عنوانها: «كتاب الكنز». كذلك نظم شعراً تعليمياً بعنوان: «الكنز الصغير» 11 Tesoretto، بواسطته أدخل الشعر التعليمي الرمزي في ايطاليا. وبهذين الكتابين أثر لاتيني في تكوين دانته تأثيراً عميقاً، وكان نموذجاً احتداه دانته سواء في الشعر وفي النثر باللغتين اللاتينية والايطالية. وقد قال دانته عن لاتيني بأنه هو الذي علمه «كيف يصبح الإنسان خالداً» ، وذلك بأن

دانته

يؤلف كتباً تضمن له الخلود بعد وفاته , أما جويدو كفالكانتي Cavalcanti فكان شاعراً في المقام الأول ٠ وقد ولد في فيرنتسه حوالي سنة ١٢٥٥ وتوفي في شهر أغسطس سنة ١٣٠٠ . وهو مؤسس المدرسة الفيرنتسيه في الشعر المعروفة باسم: مدرسة «الأسلوب الجديد الحلو» Dolce Stil nuovo . وفي قصيدته : «المرآة ترجوني أن أتكلم» وضع أساس الشعر الغرامي الايطالي. . وكان لكلفالكانتي تأثير بارز في الفن الشعري عند دانته. وقد أرسل إليه دانته بسوناتة عنوانها: «إلى كل طيب السيرة وكل قلب رقيق«، وهي السوتانة التي عاد دانته فأورد ه في مطلع كتابه: «الحياة الجديدة" Vita nuova .

وهذا الكتاب الذي ألفه دانته حوالي سنة ١٢٩٣ يتألف من ١ ٣ قصيدة غنائية كان قد نظمها بين عامي ١٢٨٣ و١٢٩١، ورتبها داخل اطار نثري يحيط بهذه القصائد ويشرحها؛ والكل يتخذ شكل قصة تقوم على أساس سيرته الذاتية وهذه السيرة الذاتية، تشمل قرابة ١٨ عاماً، وتمتد من اللقاء الأول بين دانته وحبيبته بياترتشي Beatrice وهي في التاسعة من عمرها. والتقى بها للمرة الثانية بعد ذلك بتسع سنين. ورآها في المنام مرتين، وكانت الرؤيا مزعجة في كلتا المرتين، إذ كانت إرهاصاً بموت بياترتشي . وتو فيت فعلاً في سنة ١٢٩٠ . فراح دانته يتعزى عن موتها بإيمانه بأنها إنما «تحلق في أعلى عليين هناك حيث تقيم الملائكة» ٠

وكان موت بياترتشي النقطة الحاسمة في تطور حياة دانته.فقد دفعه ذلك إلى الانكباب - طوال ٠ ٣ شهراً كما قال في كتابه «المأدبة» Convivio - على الدراسات الدينية والفلسفية: فتعمق في دراسة فرجيل، ولوكان واستاتيوس Statius . وقرأ شروح القديس توما على مؤلفات أرسطو، خصوصاً كتاب «الأخلاق إلى نيقوم خوس» ، وكتاب «السياسة» . كذلك قرأ بعض مؤلفات ألبرتس الكبير، وبونا فنتورا، وابن رشد (في ترجماته اللاتينية) . فوسعت هذه الدراسات الفلسفية آفاق دانته، ولم يعد محصوراً في الدائرة العنيفة للغرام والشعر الغنائي الغزلي فراح ينظم قصائد Canzoni تتناول المعاني الفلسفية والأفكار المتعلقة بالسلوك فى الحياة، وسنرى نموذجاً لها في النشيد الثامن من قسم «الجحيم» في "الكوميديا الإلهية».

وخاض دانته غمار السياسة العملية، واشترك -بوصفه فارساً - في معركة كمبلدينو Campaldino (١ ١ يونيو سنة ١٢٨٩) ضد مدينة أرتسو Arezzo التي كان يسيطر عليها أنصار الامبراطور، كما اشترك في العمليات الحربية. بعد ذلك بشهرين ضد قلعة كبرونا في بيزا Pisa، وبين نوفمبر ١٢٩٥ وأبريل ١٢٩٦ كان عضواً في المجلس الخاص. وبين مايو وسبتمبر سنة ١٢٩٦ صار عضواً في المجلس العام للمائة (وهو مجلس يعد بمثابة برلمان للمواطنين) وأيد القرارات التي صدرت ضد الأغذيا۶.

وهنا ندع دانته يصلى نار السياسة التي احتدم أوارها بين البابا بونيفاس الثامن وبين الأسر العريقة في فيرنتسه ونجتزىء بالقول بأن تجربة السياسة هذه قد انتهت بادان ته بسوء التصرف في أموال المدينة L فحكم عليه بغرامة مقدارها خمسة آلاف فلورين، وبالنفي خارج إقليم توسكانيا لمدة عامين كذلك اتهم بمعارضة البابا وشارل دي فالوا، وذلك في ٢٧ يناير سنة ١٣٠٢؛ وفي ٠ ١ مارس حكم عليه وعلى أربعة عشر متهماً آخر بالإعدام وكان الحكم قد صدر غيابياً.

فاضطر دانته إلى التجوال شارداً في أنحاء إيطاليا . وذهب إلى فولي وفيرونا سنة ١٣٠٣، باحثاً عن حام يحميه وسند يأوي إليه. وبين عام ١٣٠٤ و١٣٠٦ لجا إلى مدينة بولونيا Bologna ، حيث وجد ملجأ ملائماً لمواصلة دراساته في الفلسفة والقانون والخطابة. وهنا في بولونيا بدأ في تأليف كتابين رئيسيين من كتبه وهما: «المأدبة» II convivio و«الفصاحة العامية» De volgari eloquentia . وكلاهما لم يتم.

أما «المأدبة» فكان دانته قد خطط له كي يقع في ١٥ مقالة وأراد منه أن يكون كتاباً تعليمياً موسوعياً، على غرار كتاب «الكنز» لأستاذه الروحي برونتو لاتيني. لكن لاتيني كان قد ألف كتابه هذا باللغة الفرنسية، أما دانته فقد الف كتاب «المأدبة» باللغة الايطالية العامية، أي الناشنة التي يتكلم بها عامة الناس في اقليم توسكانيا وفيرنتسه بوجه أقصى وفي المقالة الأولى عبرعن نيته في تقديم مادة لأربع عشرة قصيدة أخلاقية وفلسفية . وفي المقالة الثالثة أشار إلى حادثة «السيدة الجميلة» الواردة في كتابه «الحياة الجديدة» وفسرها على أنها نزاع بين حبه

لبياترتشي وحبه للفلسفة . والمقالة الثانية خصصها لتمجيد الفلسفة. والمقالة الراء مة تفصل القول في نبالة لإنسان غير المقيد بالامتيازات الوراثية أو بالثراء، وإنما يلتزم بطيب الطبيعة البشرية الفردية وامتلاك الفضائل الأخلاقية والعقلية.

أما كتاب «الفصاحة العامية» فقد كتبه في عامي ١٣٠٤ و١٣٠٥ وهو بمثابة بيان أدبي لتوجيه الشعراء نحو وضع معاير يمكن بها أن يكونوا مفهومين على نطاق واسع ففي المقالة الأولى وضع تعارضاً بين اللغة العامية كوسيلة للتفاهم، وبين اللغة الأدبية الثابتة بالقواعد . وراح يستعرض تاريخ اللغات منذ عهد آدم . وعني خصوصا بالفحص عن ثلاث لغات عامية هي لغة إقليم ا لبرو فا نص، واللغة الفرنسية، واللغة الايطالية. وركز القول على مختلف اللهجات العامية في ايطاليا، واختار واحدة منها للإشادة بها ورفعها إلى مرتبة اللغة لأدبية، وهي لهجة إقليم توسكانا وكتابه هذا مكتوب باسة اللابية.

وبغد ذلك بفترة، ألف دانته كتاباً بعنوان : «في الملكية» De Monarchia، وقد كتبه باللاتينية، في ثلاث مقالات. وفي المقالتين الأولى والثانية عالج موضوعاً سبق أن تطرق إليه في «المأدبة»، وهو: هل الأمبراطورة ضرورة لسعادة العالم. وفي المقالة الثالثة بحث في مسألة؟ هل الأمبراطور يستمد سلطانه من الله مباشرة، أو بتوسط البابا نائب الله على الأرض؟ وانتهى دانته إلى أن سلطة البابا وسلطة الأمبراطور كلتيهما قد فرضها اله على كل الإنسانية، وإحداهما يوصل إليها في الزمان، والأخرى في السرمدية: والسعادة الدنيوية يتوصل إليها بإرشاد الأمبراطور، أما السعادة الأخروية فيتوصل إليها بإرشاد البابا. ولكن على الأمبراطور أن يدين بالاحترام للبايا.

وهنا نصل إلى أعظم مؤلفات دانته، وإحدى الروائع الأربع الكبرى في الأدب العالمي، ونقصد بها «الكوميديا الإلهية» La Divina Commedia .

بدأ دانته العمل في «الكوميديا الإلهية» حوالي سنة ١٣٠٨ وقد قسمها إلى ثلاثة أقسام هي: الجحيم -المطهر- الجنة فألف القسم الأول في سنة ١٣١٢، والثاني حوالي سنة١٣١٥، والثالث بين عامي ١٣١٦

و١٣٢١ وهي سنة وفاته. وقد نظمها باللغة الايطالية «العامية» في ٢٣٣و ١٤ بيتاً من الوزن الحادي عشري، والتزم فيها القافية الثلاثية (aba٠j bebj (cdé وهكذا باستمرار). وتتألف في مجموعها من ١٠٠ نشيد Canto الأول منها بمثابة تمهيد لسائر الأناشيد، وكل قسم من لأقسام الثلاثة يحتوي على ٣٣ نشيداً وهكذا نجد أن العدد ٣، رمز الثالوث المقدس، حاضر في كل أجزاء الكتاب.

وقد عنون الكتاب بعنوان «الكوميديا» Commedia لأنه وإن بدأ مخيفاً مروعاً في قسم الجحيم، فإنه ما يلبث أن يتخلص من الترويع تدريجياً في القسم الثاني: المطهر، وينتهي في القسم الثالث: الجنة أسعد نهاية، شأن كل كوميديا.

آراؤه الفلسفية

الله: يبرهن دانته على وجود الله ببرهان المحرك الأول والعلية، فيقول إن كل متحرك فهو متحرك بمحرك، وهذا بدوره يحركه محرك، وهكذا. بيد أن هذا الأمر «لا يستمر إلى غير نهاية فيما يتصل بالعلل الفاعلة ٠ كما تبرهن في المقالة الثانية من كتاب «الميتافيزيقا»، ولا بد من الوقوف عند علة أولى - هي اله («الرسائل» Epistolae، الرسالة رقم ١٣ ، ص٥٥-٥٦؛ وراجع «في الملكية» م١ ف٩: ٢؛ والرسالة رقم ه ص٢٣؛ و«الجنة» من الكوميديا الإلهية (النشيد رقم ١٣ ، البيت رقم١٠٠).

والله محرك لا يتحرك أبداً وهو الموجود الكامل فوق كل كماله، ويبقى دائماً هوهو في كل فعل من أفعاله والناقص هووحده الذي يتغير؛ ولهذا فإن الله الكامل لا يمكن أن يتغير أبداً (الرسائل، الرسالة رقم ١٣: ٧١ - ٧٢). فالموجودات إذنعلى نوعين: الله الصمد الذي لا يحتاج إلى غيره، واجب الوجود الذي يملك في ذاته علة وجوده، وسائر الموجودات وهي كلها ممكنة وليست واجبة الوجود.

وقيما يتعلق بصفات الله، يقول دانته «إن العلة الأولى، التي هي الله، بسيطة جداه («المادبة» ٣: ٢ : ٤ ) . واله عليم بكل شيء ، عليم بعلم هو ذاته واله حق لا نهاية له، ونحوه يقصد عقلنا بالطبع (راجع استهلال

١٧٢

«المأدبة» و«في الملكية») . وفي رؤيته الواهبة للسعادة تقوم أعظم سعادة لنا واللهعادلعدلاً مطلقاً، ويحكم كل شيء بمحبة، وبرحمة؛ ويسمح مع ذلك بحدوث الشر، لكن الشر ليس من فعله بل من فعل الإنسان. والله هو الأول الذي عنه صدر كل شيء، وهو الآخر الذي يقصده كل شيء، وإليه المرجع والمآب («المأدبة» ٤ : ١٤:١٢).

العالم: أما العالم فيتألف من مادة (هيولي) وصورة. وكل الأفراد الذين منهم تتكون الحقيقة الواقعية العينية، هم صور جوهرية أو مركبة «وكل صورة جوهرية متحدة بمادة» («المطهر» النشيد رقم ١٨ ، البيت ٤٩ , ٥٠؛ وراجع «المأدبة« ٢: ١٣ : ١٧) وكل الموجودات تتدرج في ترتيب مستمر وفي الأمورالعقلية يقع الترتيب صعوداً ونزولا في درجات متواصلة من الصورة الدنيا إلى الصورة العليا، ومن الصورة العليا إلى الصورة الدنيا («المأدبة» ٣: ٧ ٦) والصورة الدنيا تتمثل في الهيولي الأولي، التي هي مبدأ التعدد والفردانية، وتحتوي بالقوة («بالإمكان)، على كل الصور» («الملكية8 ١٥:١: ٧). إن المادة هي الأصل في التفرد (أو الفردانية). «وكل الصور موجودة بالقوة في المادة الأولى («المسألة» Quaestio ٤٥) والصورة تشارك بدرجات متفاوتة - في ماهية الله. (المأدبة ٣: ٣: ٦٠٥)■ وإذا ارتفعنا فى مراتب الوجود، وجدنا أولاً العناصر الأربعة التي منها تتألف كل الأجسام الأرضية، وهي: التراب، الماء، الهواء، النار. وهذه العناصر الأربعة تكون الهيولي (المادة) الثانية، التي تقبل ضوراً جوهرية جديدة («الجنة» النشيد، الأبيات ١٢٦٠١٢٤). وتنقسم الأجسام إلى جمادات، وأجسام حية، والأجسام الحية هي التي تملك نفوساً والنفس في الحيوان والنبات مائتة («المأدبة» ٣: ٧: ه).

الخلق: اله خلق كل شيء. لكن مخلوقاته إما مباشرة وهي الجواهر الخالدة، وإما غير مباشرة بواسطة العقول الملائكية التي تحرك السموات، وتستخرج من الهيولي الصور الجوهرية، الجزئية والمتوالية للكائنات القابلة للفساد («الرسائلا) ١٣ : ٥٦). ومن خلال هذه السموات (أو: الأفلاك) التي تتحرك دائرياً داثماً أبداً، يقوم بتحقيق عنايته الإلهية، بحيث يؤدي كل موجود

دوره المخصص له وفقا لما قدره الله له («الجنة»، النشيد الثامن، الأبيات ٩٧_٩٩).

الإنسان: وللإنسان مكانة خاصة لأنه بين عالمين: العالم الروحي، والعالم المادي يقول دانته: «الإنسان هو وحدة القائم في مرتبة وسطى بين (العالم) الفاسد و(العالم) الخالد» («في الملكية» ٣: ١٦ : ٣). ذلك أن الإنسان مؤلف من مبدأين: الروح والجسم، وهما متحدان جوهرياً بحيث يكونان معاً فرداً واحداً. والروح هي الفعل الذي يوحد الجسم ويشيع فيه الحياة («المأدبة» ١٠٦٠٣).

والروح واحدة، لكنها ذات وظائف عديدة، وتحتوي في ذاتها على كمالات خاصه بالحياة المباركة، والحسيه والعقلية. ويمكن تشبيهها كما فعل ارسطو بشكل هندسي مركب، يحتوي على أشكال أقل تركيباً («المأدبة» ٧:٤: ١٤ - ١٥)،

والله يخلق الروح مباشرة في اللحظة التي فيها نمو الجنين في بطن أمه يحتاج إلى نفس عاقلة. تميز بالعقل «الممكن»، وهو العقل الذي يعرف حقا وفيه توجد بالقوة كل الصور. («المأدبة» ٤: ٢١: ١-١٠).

الروح تتحد جوهرياً بالجسم، لكنها لا تفنى بفناء الجسم ويبرهن دانته على خلود النفس (الروح) بالبراهين الأربعة التالية:

١ - إجماع الحكماء على القول بخلود النفس.

٢ - الكمال الموجود في بني الإنسان - بالمقارنة مع سائر الموجودات .

٣ - التنبوء الصحيح في الرؤيا أثناء الأحلام.

٤ - وحي السيد المسيح ٠

ويفصل دانته القول في البرهان الثاني ويسوق أدلة فلسفية عقلية لتأييده ٠

يضاف إلى هذا أن دانته يؤكد خلود النفس في القسم الثالث من «الكوميديا الإلهية» - أعني في قسم «الجنة» - على أساس أن الله خلق النفس مباشرة، وعلى الأقل في جزئها الأنبل وهو العقل (الأبيات ٣٩ - ٤٤)، وما يخلقه الله مباشرة هو خالد لا يقبل الفناء (الأبيات ٦٤-٧٢).

وقد خص برناردو ناردي Nardi مسألة «خلود

١٧٣

النفس» عند دانته بفصل جيد في كتابه : «دانته وثقافة العصور الوسطى» (باري Bari ط١٩٤٩٢، ص٢٨٤ -٣٠٨) وبين أن المصدر الرئيسي للحجج التي ساقها دانته في موضوع خلود النفس هو شيشرون؛ أما فيما يتعلق بالحجة القائمة على الرؤيا في المنام فإن دانته تأثر بالرواقيين وبالأفلاطونية المحدثة وبابن سينا. أما الحجة الرابعة، حجة السلطة، فقد تأثر فيها دانته يالتيار المبتدى ء من لاكتانس («النظم الإلهية» ٧: ٨) حتى أوغسطين («في التثليث» ١٣ : ٨) وبونا فنتورا («في الكنيسة"، الفصل ٣، راجع نشرة كواركي ح٦ ص٣٦) ودونس اسكوت (طبعة أوكسفورد لمؤلفاته 2 .9 ,43 ٠ل ,IV).

وبالجملة، فإن دانته - في موضوع النفس - قد سار على نهج فلاسفة العصور الوسطى بوجه عام, وفيم يتصل بموضوع العلاقة بين النفس والجسم أخذ بمذهب أرسطو، وهو المذهب الذي أعتنقه بالإجماع اللاهوتيون في عصره: سواء منهم أنصار الأرسططالية المعتدلة الممثلة في القديس توما، وأنصار التيار الأوغسطيني. لكنه لم يأخذ برأي ابن رشد (راجع «الجحيم» النشيد الرابع البيت رقم ١٤٤) القائل بأن النفس العاقلة جوهر مفارق اتحد بالإنسان في الفعل in operando، لا في الوجود in essendo (راجع «المطهر» النشيد رقم ٢٥ الأبيات ٦٢-٦٦).

ويرى دانته أن النفس الإنسانية مؤلفة من عقل وإرادة وبالعقل يستطيع الإنسان أن يتعلم وأن يتأمل الحقيقة والموضوع الأول للعقل هومجموع الماهيات المادية وبمراعاة النظير يدرك الماهيات الروحية. وتبدأ المعرفة من الحواس، لا من الأفكار الفطرية؛ أما الأفكار فنحن نحصل عليها بالتجريد العقلي بواسطة المخيلة («الجنة»، النشيد الرابع، الأبيات ٤٠ - ٤٢). والمبادئء الأولى العقلية هي من البينة بحيث تبدو لنا فطرية («المطهر»، النشيد رقم ١٨ ، الأبيات ٥٥ - ٦ه).

أما الإرادة فإن فعلها خاضع للعقل الذي يقدم لها الموضوع الذي على الإرادة أن تتوجه نحوه. لكن الإرادة حرة، ولأنها حرة، فإنه توجد قواعد أخلاقية («في الملكية» ١: ١٢: ١ - ٦)؛ وراجع «الجنة» النشيد الخامس، الأبيات ١٩ -٢٢).

ويرفض دانته رأي ابن رشد الذي أنكر- على الأقل

بحسب ما شاع عنه في العصور الوسطى الأوروبية -خلود النفس الفردية، وقصر الخلود على العقل الفعال العام، أيعقل لإنسانية الكلية

أما فيما يتعلق بمفهوم الفلسفة عند داته، فإنه يقول إن الفلسفة هي كما عرفها فيثاغورسم محبة الحكمة، ولهذا فإنها لا تعني الكبرياء والاستعلاء بل التواضع («المأدبة» ٣: ١١: ٥) وموضوعها هو الفهم، وصورتها هي ما يشبه الحب الإلهي، وعلتها الفاعلة هي الحقيقة، وعلتها الغائية هي السعادة العظمى التي تتحقق فيالتأمل العقليللحقيقة (الموضع نفسه بند ١٣ ، ١٤).

ريصنف دانته العلوم على النحو التالي: أولا: الفنون السبعة المكونة للثالوث (المنطق، النحو، الخطابة) والرابوع (الحساب، الهندسة، الفلك، الموسيقى، وفوقها الفيزياء وا لميتافيزيقا معا، وفوقهما الأخلاق، وفوق العلوم كلها: اللاهوت.

ويردد دانته العبارة الأفلاطونية المحدثة المشهورة التي تقول إن الحكمة هي التشبه باله قدر الطاقة («المأدبة»٣: ١٤ :٣).

ويؤكد أن أكبر سعادة في «الجنة» هي التأمل العقلي لله. ذلك أن الفلسفة في أكمل درجاتها توجد في الله: إذ فيه توجد الحكمة العليا والمحبة العليا والفعل الكامل («المأدبة» ٣: ١٢: ١٢ - ١٣) والفلسفة الإلهية هي من ماهية الله، لأنه في الله لا يمكن وجود أمر مضاف إلى ماهيته. ويشبه دانته هذه الفلسفة الإلهية بالحكمة التي يتحدث عنها سفر «الأمثال» (أصحاح ٨، العبارات ٢٢ -٣١).

ودانته يؤكد ستقلال الفلسفة عن اللاهوت وعن الوحي، لكنه يقول أيضاً باتفاق الفلسفة مع اللاهوت (راجع "الجحيم»، النشيد رقم ١١، البيت رقم ٩٧ وما يليه). كما يؤكد أن الغرض من الفلسفة هو بلوغ الغاية الزمنية (الدنيوية) التي يستهدفها الإنسان؛ والوسائل المحققة لهذه الغاية قد بينها العقل الإنساني («في الملكية» ٣: ١٥: ٩) ويؤكد أن الغاية الطبيعة للإنسان ما كان من الممكن تحقيقها لو لم يحصل العقل على الرضا التام فيما يتعلق بمطالبه في المعرفة.

وفي كتاب «الملكية» يوضح دانته معنى استقلال الفلسفة، ويقيم هذا الاستقلال على أساس التمييز الدقيق بين غايتين نهائيتين للإنسان («الملكية» ٣: ١٥ : ٦) ذلك أن الإنسان، من حيث أنه يشارك في مرتبتين: مرتبة فانية، ومرتبة خالدة، لأنه مؤلف من جسم (فان) ونفس (خالدة) - فإنه وحده من بين الموجودات يملك غايتين نهائيتين، بينما لكل موجود من الموجودات الأخرى غاية نهائية واحدة. وهاتان الغايتان النهائيتان عند الإنسان هما: الغاية الدنيوية، والغاية الإلهية. وبسبب هذا القول هوجم دانته: فقد هاجمه Guido Vernani بعد ظهور كتاب «في الملكية» بسنوات قليلة؛ وأمر الكردينال في سنة ١٣٢٩ بإحراق كتاب Bertrando del Poggetto «الملكية»! وذلك بحجة أن هذا الكتاب مصدر خطر على العقيدة الدينية، وذلك لأن غاية الإنسان - فيما يزعم هؤلاء - وغاية الكون كله غاية واحدة فقط هي: الله.

ودانته في توكيده لاستقلال الفلسفة عن اللاهوت إنما تأثر خصوصاً بابن رشد في كتابه: «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال» - إما مباشرة وإما عن طريق تلميذابن رشد في العالم اللاتيني وهوت سيجر البرابنتي siger de Brabant وأتباعه . لكن دانته لم يذهب إلى المدى الذي ذهب إليه ابن رشد في هذا الشأن.

دانتي أليجيري

دانتي أليجيري (1265 - 1321م). أحد أكبر شعراء إيطاليا في القرون الوسطى، ويعده الكثيرون أحد أكبر شعراء الغرب قاطبة. تعد ملحمته الكوميديا الإلهية من بين الأعمال الكبرى في عالم الأدب، وقد أثنى عليها النقاد، ليس فقط لكونها تشكل شعرًا رفيعًا ولكن لما فيها من حكمة وعلم.

يُعد دانتي مفكرًا شهيرًا، وواحدًا من بين أكبر المثقفين في عصره. وينظر عدد من الدارسين إلى الكوميديا الإلهية بوصفها ملخصًا لأفكار العصور الوسطى. كان تأثير دانتي قويًا على الكُتّاب الذين جاءوا من بعده. قلد أعماله كل من جفري تشوسر وجون ميلتون، كما أثر دانتي في أدباء القرن التاسع عشر مثل هنري ودزورث لونجفلو وبيرسي بيش شيلي واللورد بايرون واللورد تنيسون وفيكتور هوجو وفريدريك شليجيل إضافة إلى تي.إس. إليوت في القرن العشرين.

حياته. ولد دانتي بفلورنسا. وتلقى تعليمًا زاخرًا بموضوعاته الكلاسيكية والنصرانية. ويحتمل أن يكون قد درس في بولونيا وبادوا وربما بباريس.

كان حب دانتي العذري للفتاة الجميلة بياترس بورتيناري (1266 - 1290م) مصدر إلهام لأعماله الأدبية. لم يلتق بها سوى مرتين، مرة عندما كان في التاسعة من عمره، والمرة الثانية بعد تسع سنوات من لقائهما الأول، خلف موتها المبكر صدمة عنيفة لدى دانتي. وقبل سنة 1294م تزوج دانتي من جما دوناتي، وأنجبا ثلاثة أطفال.

كان دانتي عضوًا نشطًا في الحياة السياسية والعسكرية لفلورنسا. التحق بالجندية عندما كان شابًا، وتقلد مناصب مهمة في حكومة فلورنسا خلال التسعينيات من القرن الرابع عشر، أصبح منشغلاً بصراع سياسي بين مجموعتين، مجموعة الغويلف ومجموعة الغبليون اللتين كانتا تتصارعان فيما بينهما للسيطرة على توسكاني، وقد استطاعت مجموعة سياسية من مجموعة الغويلف السيطرة على فلورنسا سنة 1301م. كانت هذه المجموعة السياسية تكره هذا الشاعر، مما أدى بها إلى نفيه سنة 1302م والحكم عليه بالموت في حالة رجوعه إلى فلورنسا، عاش دانتي ما تبقى من حياته بالمنفى وتوفي في رافينا ودفن بها.

أعماله. من بين كتابات دانتي الأولى، يوجد أحسن عمل له وهو الحياة الجديدة والذي كُتِب نحو سنة 1293م، ويتضمن 31 قطعة شعرية ملحقة بتعليق نثري، يصف فيه حبه لبياترس، ويُظهر عملهالحياة الجديدة مدى تأثره بالشعر الذي أنشده الشعراء المتجولون، وهو شكل شعري انتعش في جنوبي فرنسا خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين.

بدأ دانتي كتابة الكوميديا الإلهية في عام 1308م تقريبًا وتحكي هذه الملحمة الشعرية انتعاشه الروحي، وتركز الاهتمام على موضوع الحياة بعد الموت، لمزيد من المعلومات عن عمله، انظر: الكوميديا الإلهية.

ألف دانتي أعمالاً غير أدبية كذلك، وقد كتب حول الفصاحة باللغة العامية في عامي 1303م و 1304م. ويؤكد هذا العمل الذي كُتِب بالنثر اللاتيني على أهمية الكتابة باللغة الإيطالية، وتفضيلها على اللغة اللاتينية، أو أي لغة محلية ثانوية أخرى. وكان دانتي يسعى إلى أن يطور الإيطاليون لغة أدبية وطنية من شأنها أن توحد وطنهم.

أما عمله المأدبة فهو عمل غير مكتمل كتبه بالإيطالية ويحتوي على ثلاث قصائد غنائية، كل قصيدة ملحقة بتعليقات طويلة ومفصلة لمعانيها. كما يتضمن هذا العمل المعرفة الفلسفية والعلمية الواسعة لدانتي. أماحول الحكومة العالمية (1313م) فهي مقالة طويلة بالنثر اللاتيني، حاول فيها دانتي دعوة الدولة إلى أن ترتبط بالكنيسة، حتى تستطيع قيادة الناس إلى حياة أفضل، وذلك على شكل الإمبراطورية الرومانية المقدسة. كتب دانتي مجموعة من الأعمال الأخرى، وتضم مجموعة من القطع الشعرية ومجموعة من الرسائل.

  1. ^ Duden Aussprachewörterbuch. 6. Auflage. Bibliographisches Institut & F. A. Brockhaus AG, Mannheim 2006, ISBN 978-3-411-04066-7.
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة مولد تلقائيا1
  3. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة مولد تلقائيا2