غاليليو غاليلي

(بالتحويل من جاليليو)

جالليو (بالإنجليزية Galileo Galilei) (1564-1642) رياضي، وفلكي وفيزيائي وفيلسوف، إيطالي

مولده

ولد في مدينة بيزا Pisa في 14 فبراير سنة 1564. وتوفي في أرشترى Arrettrl بالقرب من فيرنسته Firenze في 8 يناير 1642.

لقد عرف العالم الإيطالي جاليليو جاليلي، مثل نابليون، لدى الأجيال التي تلته باسمه الأول جاليليو. لقد كان والد العالم جاليليو، فنسینزو Vincenzo Galilei، (وهو أيضا أول من قام بكتابة السيرة الذاتية لهذا العالم عازفاً موسيقياً ومؤلفاً في نظريات الموسيقى، وقد انحدر من أسرة نبيلة عريقة في فيرنتسه اشتهرت بأطباء ورجال سياسة. وكان جالليو أكبر أبنائه السبعة ثم انتقل بأسرته في سنة 1562 إلى بيزا.

وقد اكتشف هذا العالم من خلال التجريب أن هناك علاقة حسابية بين شد أوتار الآلات الموسيقية وبين درجة النغم التي تنتجها مثل هذه الآلات. وبالتالي، كان للعالم جاليليو دور بارز من البداية في التجريب وفي استخدام الرياضيات للتعبير عن قوانين الطبيعة.

دراسته

تعلم جالليو أولاً في بيزا لكن لما عاد أبوه إلى فيرنتسه واستقر فيها حوالي سنة 1575، دخل جالليو مدرسة تابعة لدير سنتا ماريا في فلومـبروزا Vallombrusa. وفي سنة 1578 التحق بهذه الرهبانية کمرید، على عكس رغبة والده الذي أخذه معه إلى فرنتسه لكنه لم يستطع أن يحصل لابنه على منحة دراسية في جامعة بيزا، لهذا عاد جالليو واستأنف الدراسة عند رهبان فلومـبروزا في فيرنتسه حتى سنة 1581، حين استطاع الالتحاق بجامعة بيزا لدراسة الطب لكنه لم تجتذبه دراسة الطب، بل أولع بدراسة الفلك والرياضيات وكان تدريس الفلك مقصوراً على محاضرات في كتاب "في السماء" لأرسطو، كان يلقيها فيلسوف هو فرنتسكو بووناتشي Buonanci، كما كانت المحاضرات في الفيزياء مقصورة على فيزياء أرسطو، ركان يلقيها أندريا انشيزليبنو Gesalpion. وانصرف جالليو إلى دراسة الرياضيات في سنة 1582 وتلقي دروساً فيها خارج الجامعة على يد أوستيليو رتشي Ostilio Rici، لكن جالليو ترك الجامعة دون أن يحصل على شهادة، وذلك في سنة 1585، وعاد إلى فيرنتسه حيث واصل دراسة كتب اقليدس وأرخميدس.

وفي المدة من 1585 حتى 1589 کان يعطي دروساً خصوصية في الرياضيات في فيرنتسه كما كان يقوم بالتدريس في مدارس عامة في سيينا Siena. وألف في سنة 1581 رسالة صغيرة بعنوان: "الميزان" La Bilancetta بين فيها كيف اكتشف ارخميدس غش الجواهري في مسألة كمية الذهب في تاج هيرون Heron، ووصف ميزاناً هيدرو ستاتيكياً دقيقاً. وأهتم في نفس الفترة المسائل بالمتعلقة بمراكز الثقل في الأجسام الصلبة.

وضع جاليليو جاليلي لقانون بندول الساعة

قدم هذا العالم أول اختراع له عام 1581، وكان عمره في ذلك الوقت لا يتعدى ۱۷ عاماً. وتقول القصة الشهيرة إن جاليليو كان واقفا في الكنيسة الكاتدرائية التي توجد في مدينة "بيزا" وظل يشاهد المصباح الكبير أمام حرم الكنيسة وهو يتأرجح من جانب إلى آخر وقام بحساب توقيت التأرجح مقابل دقات نبضه ، حيث توفرت لديه بعض المعلومات عن الطريقة التي يعمل بها النبض من خلال دراسته للطب. ووجد أن كل تأرجح لبندول الساعة له عدد متساو من ضربات القلب. ولكن قام بعد ذلك صديقه، الطبيب سانتوريو، بالتشكيك في هذا الاكتشاف. وقد استخدم بندولا صغيرا لحساب فترات متساوية من الوقت لقياس نبض المريض.

هذا، وقد وضع جاليليو النظرية التي أطلق عليها "التماثل الزمني لبندول الساعة": وتفترض هذه النظرية أن أي شيء يتدلى من سلسلة أو حبل يأخذ فترات متساوية من الوقت للتأرجح من جانب إلى آخر، بغض النظر عما إذا كان مقدار التأرجح كبيرا أو صغيرا. كما أن طول السلسلة هو الشيء الوحيد الذي يحدد فترة التأرجح. وعلى الرغم من أن نظرية التماثل الزمني لم تكن حقيقية ودقيقة إلا في حالة التأرجح الصغير فقط، فإنها كانت بمثابة الأساس الذي تم وفقا له اختراع بندول الساعة الذي أدى بدوره إلى التمكن من قياس الفترات الزمنية القصيرة بشكل دقيق لأول مرة. لقد قدم جاليليو هذه الأفكار، ثم توفي بعد ذلك. لكن، قام العالم الهولندي كریستیان هایجنز بصناعة أول اختراع من هذا النوع عام 1656.

هذا، ويعد بندول الساعة واحداً من أبسط الاختراعات العلمية ، على الرغم من أنه ساعد في حدوث تقدم علمي كبير على مدار قرون؛ حيث ساعد في تحديد شكل الأرض عام 1736 وإثبات أن كوكب الأرض کوکب متحرك في عام 1851.

"فيما يتعلق بالتقدم العلمي، لا تقل النظريات التي يقدمها عالم واحد أهمية عن تلك التي يتفق عليها ألف من العلماء. جاليليو جاليلي

وفي سنة 1588 دعته أكاديمية فيرنتسه لإلقاء محاضرات عن جغرافية "جحيم" دانته معالجة بطريقة رياضية. وتقدم للحصول على كرسي الرياضيات في جامعة بولونيا في سنة 1588، لكن الجامعة فضلت عليه جوفاني أنطونيو ماجيني Magin ربما لأن ماجيني كان أوفر علماً في علماً في علم الفلك، ذلك لأن جالليو لم يكن حتى ذلك الحين قد أهتم كثيراً بهذا العلم.

تحدي جاليليو لنظريات أرسطو

حصل في سنة 1589 على كرسي الرياضيات في جامعة بيزا، بفضل توصية من جويد وبلدو، وقد كان عمره في هذه الفترة لا يتعدی 25 عاما. وقد ظهرت ثمرة العامين اللذين عمل خلالهما هناك في الكثير من الإنجازات. فمثلاً، نجد أنه قام بتجريب أول أشكال الترمومتر الذي أطلق عليه المكشاف الحراري والذي كان يقوم بقياس درجة حرارة الجو من خلال تمدد الهواء.

الأهم من ذلك، أنه بدأ العمل في أحد الأبحاث لاكتشاف القوانين التي تتحكم في حركة الأشياء، مثل حركتها عند السقوط، حيث كتب رسالة عن الحركة هاجم فيها رأي أرسطو. وفي مستهلها عرض نظرية في سقوط الأجسام تعتمد على مبدأ الأجسام الطاقية لأرخميدس. كذلك عرض القانون الذي يحكم توازن الأثقال على مستويات مائلة، وحاول الربط بين هذا القانون وبين سرعة السقوط.

وقد كانت النظريات التي تسيطر على العقول في هذا المجال في هذه الفترة هي نظريات أرسطو التي تقول إن حركة الأشياء إما أن تكون حركة طبيعية أو غير طبيعية. والحركة الطبيعية للأشياء هي الحركة التي تقوم بها الأنواع المختلفة المادة لأخذ أماكنها المناسبة في الطبيعة، فمثلا الماء والأرض يتميزان بالجاذبية وبالتالي، يتجهان إلى أسفل. أما الهواء والنار فهما خفيفة الوزن للغاية، وبالتالي يتجهان إلى أعلى وبما أن جميع الأشياء تتكون من مزيج مختلف من هذه العناصر، فإن كل شيء يتجه إما إلى أعلى أو إلى أسفل بسرعته وحسب وزنه.

لكن، جاليليو قام بالتشكيك في هذه النظريات، وقام بقذف شيئين لهما وزنان مختلفان تماما (قذيفة مدفع وقذيفة بندقية) من أعلى برج بيزا المائل، وأثبت أنهما وصلا إلى الأرض في وقت واحد. ويرى البعض أن هذه القصة قد ألفها أحد الأشخاص الذين قاموا بكتابة السيرة الذاتية لحياة جاليليو، أي والده فنسینزو أو تلميذه فيفياني. ولكن قام العالم الهولندي سیمون ستيفن (1589) بتجربة مماثلة قبل ذلك بعدة سنوات، وبالتالي، فإن هناك احتمالا بسيطا أن قد يكون جاليليو قد أعتقد في صحة هذه التجربة، بشرط أن يكون قد تجاهل أثر عوامل مقاومة الهواء. وبعد ذلك بحوالي 400 عام، قام أحد رواد الفضاء وهو على سطح القمر الذي يخلو من الهواء بقذف مطرقة وريشة ووجد أنهما يستغرقان الوقت نفسه للسقوط.

إذا، ما الشيء الذي يتحكم في معدل سقوط الأشياء؟ وهل يمكن ربط هذا الأمر بالنوع الآخر للحركة الذي تحدث عنه أرسطو والذي أطلق عليه الحركة غير الطبيعية؟ لكن، الإجابة عن مثل هذه الأسئلة لم تأت إلا بعد سنوات من التجريب (1604).

هناك علاقة وثيقة بين هذه النظريات وبين الاكتشافات التي قدمها جاليليو حول بندول الساعة (1581)؛ حيث إن الوقت الذي يستغرقه بندول الساعة للتأرجح لا يعتمد على مدى ثقل هذا البندول، فسواء كان هذا البندول خفيفا أم ثقيلا، فإنه يستغرق الوقت والسرعة نفسهما - شأنه في ذلك شأن الأشياء الخفيفة والثقيلة عند إلقائها. ويرجع ذلك إلى سبب واحد وهو أن كل من الشيء الذي يتم قذفه من أعلى أو بندول الساعة يستجيبان لقوة الجاذبية الأرضية. ويعتمد تأثير الجاذبية على الأشياء على ثقل الشيء (الذي يعرف بالكتلة التجاذبية) وسرعة حركته، أما وقت جذب الشيء، فيعتمد على مقاومة الحركة التي تعرف بالقصور الذاتي، الذي يختلف أيضا باختلاف كتلة الشيء. هذا ، مع العلم أن النتائج التي تم التوصل إليها من خلال إجراء التجارب على بندول الساعة والأشياء المتساقطة قد أثبتت أن الكتلة التجاذبية تساوي الكتلة القصورية. وعلى الرغم من أن السبب وراء تساوي هذه الكتل ليس واضحا، فإنها متساوية بالفعل. ويتم الآن اختبار "مبدأ التكافؤ" بدرجة عالية من الدقة.

نظرية الحركة عند جاليليو جاليلي

لكن نظرا لقلة مرتبه في بيزا، فإنه انتقل إلى جامعة بادوا حيث عين أستاذاً للرياضيات في سنة 1591. وكانت جامعة بادوا في ذلك الحين تضم خيرة العلماء في إيطاليا، كما أنها كانت تتمتع باستقلال کامل تجاه السلطات الحاكمة، وهنا في بادوا كان جالليو بلقي دروساً في الـمـوضـوعـات المقررة، وهي: هندسة اقليدس، وفلك بطلميوس، وكتاب "المسائل في الحيل" المنسوب إلى أرسطو وألف متوناً كي يدرس فيها طلابه، ومن بينها متن بقي لنا، ويعرف بعنوان "الميكانيكيات" Le meccaniche.

وفي مايو سنة 1597 كتب إلى زميله السابق في بيزا ۔ پاكيوي متسوني Mazzoni - مدافعاً عن نظام كوبرنيكوس ضد من انتقد هذا النظام وفي أغسطس من نفس السنة تلقى نسخة من کتاب يوهانس کپلر Kepler وهو أول مؤلفات كيلر بعنوان "السر الكوسموجرافي"، وهو أول مؤلفات كبلر. فكتب جالليو اليه معبراً عن إعجابه بنظام كوبرنيكوس.

وفي هذه الجامعة، بدأ جاليليو جاليلي دراسة الحركة وقوانينها بدقة؛ من ناحية ليدعم وجهة نظره وحججه المعارضة لنظريات أرسطو، ومن ناحية أخرى، لكي يقوم باكتشاف ما يحدث بالفعل في الحقيقة. ولقد اعتب جاليليو جاليلي في نظرياته على التجارب الدقيقة. وقد ذكر لنا النتائج بالأرقام وليس مجر. کلمات. فقد كان يهتم كثيرا بالكم مثلما يهتم بالكيف.

كان التفسير الأول الذي تطرق إليه جاليليو جاليلي فيما يتعلق بهذه المشكلة هو أن السرعة التي يقطعها جسم يسقط من مكان ما تعتمد على المسافة التي يبعدها هذا الجسم عن الأرض ومن المؤكد أنه كلما كانت المسافة أبعد، زادت سرعة هذا الجسم لكن، إذا تدبرنا الأمر قلي سنجد أن هذا ليس ما يحدث بالفعل. بداية الجسم الذي يترك ليسقط، لا يتحرك على الإطلاق. حتى إذا سقط هذا الجسم لمسافة صغيرة قدرها دقيقة واحدة، فلا تكن لديه أية سرقہ وبالتالي لن يسقط. وإذا بدأ في السقوط، فقد يسقط خلال أية مسافة في الوقت نفسه. لكن، ما الواضح أن هذه النظرية كانت خاطئة.

أما التفسير الثاني، فهو أن السرعة التي يقطعها الجسم الذي يسقط تعتمد على الوقت الذي يستغرقه الجسم في أثناء السقوط. فكلما طالت المدة التي يسقط خلالها الجسم، زادت معدل السرعة. إذا كان ذلك صحيحا، فإن سرعة أي جسم يسقط من سكون قد تكون ضعف معدل السرعة حتى لحظة سقوطه. ويمكن الحصول على معدل السرعة عن طريق قسمة المسافة على الزمن.

في حوالي عام 1604، بدأ جاليليو في إجراء سلسلة من التجارب المهمة لحسم هذا الأمر. فقد كان جاليليو يريد الحصول على دليل قاطع للعلاقة بين المسافة والزمن. والتحدي الحقيقي هو أن تقوم بتقليل سرعة السقوط بالنسبة للأجسام حتى يمكن قياس العناصر الأخرى المسافة والزمن). إذ عادة ما تسقط الأجسام بسرعة شديدة، لذلك قام جاليليو بوضع كرة على لوح خشبي منزلق بطول يقدر بحوالي ستة أمتار، معتقد بأن القواعد نفسها تنطبق على هذه الحالة إذا تم سقوط الجسم بالطريقة العادية. ولقياس الفاصل الزمني، قام جاليليو باستخدام ساعة مائية ، حيث انساب الماء في إناء وبدأ تدفق الماء ينساب ويتوقف مع وقت الحركة نفسه. كان وزن الماء في الإناء متناسبا مع الفاصل الزمني.

اكتسبت من خبرتي الطويلة بعض الأمور عن الإنسان، لا سيما فيما يتعلق بالأشياء التي تحتاج منه إلى بعض التفكير، ومنها أن القليل من الناس لديهم القدرة على فهم الآخرين. كما أنه كلما كانت معرفة الإنسان بالآخرين محدودة، زاد احتمال جداله لهم. على الجانب الآخر، لمعرفة وفهم العديد من الأشياء، فإن الإنسان يحتاج إلى شيء من الدقة في الحكم على الأشياء الجديدة. جاليليو جاليلي

ببساطة، من المهم إيجاد القوانين الرياضية التي تحكم الحركة. بالنسبة للجسم الذي يقطع مسافة بمعدل ثابت، فإن الزيادة في السرعة ستكون متناسبة مع الزمن المقطوع. أما المسافة مقطوعة فتتناسب مع مربع الزمن. إذا قطعت كرة متدحرجة مسافة قدرها متر واحد في الثانية لأولى ، فإنها بالتالي ستقطع مسافة قدرها أربعة أمتار في ثانيتين وتسعة أمتار في ثلاث ثوان.

وفي سنة 1609 بدأ في تأليف بحث عن الحركة جمع فيه نتائج دراساته عن السطوح المائلة وعن البندول، وانتهى منها إلى وضع قانون التسارع.

هناك المزيد من المعلومات فيما يتعلق بهذا الموضوع. فقد ذكر أرسطو على عكس الحركة الطبيعية (1589)، فإن الحركة العنيفة تكون نتيجة لفعل ما - مثل الشد أو السحب. فإذ توقفت عن شد أو سحب جسم ما، فإن هذا قد يتسبب في إيقاف حركته. لكن، الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لكل من جاليليو وعلماء آخرين قبله. فقد وجد جاليليو أن الكرة قد تستمر في التدحرج على لوح خشبي أفقي لحين إيقافها بطريقة متعمدة. وفي هذا الشأن . یری جاليليو أنه ليس هناك سبب واضح لعدم استمرار تدحرج تلك الكرة للأبد، طالما أنه ليس هناك أي نوع من الاحتكاك.

من هذا المنطلق، استمد جاليليو قانونه المعروف باسم قانون القصور الذاتي. يعني هذا القانون أن كل الأجسام تقاوم أي تغير يطرأ على حركتها (السرعة و/أو الاتجاه) وتسمى هذه الخاصية بالقصور الذاتي؛ أي أن أي تغير يتطلب قوة دافعة. ولقد قام جاليليو بإصدار هذا القانون في عام 1638 في نهاية حياته، حيث أصيب بالعمى وتم القبض عليه في عام 1633 لكن، تناول كل من رينيه ديكارت في عام 1644 وكریستیان هایجنز في عام 1673 هذه الفكرة بمزيد من التوضيح. وبعد 50 عاما (1686)، قام إسحاق نیوتن بتحويل قانون القصور الذاتي إلى قانونه الأول للحركة واعترف بفضل العالم جاليليو عليه.

اختراع التلسكوب

في أكتوبر سنة 1608 كان صانع عدسات يدعى هانز لبرهاي Hans Lipperhey، من هولندة قد كتب إلى الكونت موريس فون نساو Maurice de Nassau للحلوص على براءة عن اختراعه لآلة من شأنها أن تجعل الأشياء البعيدة تبدو قريب. وعلم بهذا الأمر ساربي Sarpi الذي كان يراسل جاليلو بإنتظام، وذلك بعد شهر فقط من تقديم ذلك الطلب للحصول على البراءة (الباطنطا). فأخبر جالليو بهذا الأمر. وتشكك جالليو في هذا النبأ، ولهذا كلف أحد تلاميذه السابقين وهو جاكومو بادور Badoer بالاستعلام عن المزيد عن هذا الأمر. كذلك سمع جالليو، وهو في فينيسيا، الناس يتحدثون عن هذا الاختراع، وذلك في يوليو سنة 1609، كذلك أكد له ساربي صحة الخبر، وأكثر من هذا، سمع أن أحد الأجانب وصل إلى بادو ومعه هذا الاختراع، فأسرع جالليو بالعودة إلى بادو ليلتقي بهذا الأجنبي، لكن هذا كان قد سافر إلى فينيسيا، وحاول جالليو في الوقت نفسه أن يصنع آلة مثلها. وأفلح في ذلك، وأرسل يخبر ساربي Sarpi بذلك، وعمل على تحسين الاختراع. وكانت حكومة فينيسيا قد كلفت ساربي بتقدير ثمن الآلة التي عرضها هذا الأجنبي عليهم، لكن ساربي نصح بعدم شرائها! وفي أواخر أغسطس 1608 جاء جالليو إلى فينيسيا ومعه تلسكوب ذي تسع قوى، وكانت قدرته أكبر من قدرة الآلة التي أتى بها الأجنبي - بثلاث مرات .

واستمر جالليو في تحسين للسكويه إلى أن جعله، في نهاية 1609، ذا ثلاثين قوة. وقام في أوائل يناير سنة 1610 بتوجيه هذا التلسكوب نحو السماء لرصد النجوم، فحصل على نتائج باهرة: إذ لم يقتصر الأمر على الكشف عن أن القمر يحتوي على جبال، وأن طريق التبانة Milk Way مزيج من نجوم منفصلة، على عكس ما قال أرسطو، بل أيضاً استطاع جالليو به أن يكشف عدداً كبيراً من النجوم الثوابت وأربع توابع (كواكب) للمشتري وأسرع جاليو فأعلن هذه الاكتشافات في كتاب بعنوان "رسول النجوم" Sidereus nuneius ظهر في أوائل شهر مارس سنة 1610 في مدينة فينيسيا.

فذاع صيت جالليو أولاً في ايطاليا، وعينه عوق توسكانيا في منصب رياضي وفيلسوف في حاشيته، كما عُين رئيساً لأساتذة الرياضيات في جامعة بيزا، دون الالتزام بإلقاء دروس.

وأثار كتاب جالليو هذا ضجة في كل أوربا، وأصدر جالليو طبعة ثانية منه في نفس السنة في مدينة فرانكفورت.

لكن هاهنا مشكلة أثيرت في ذلك الوقت ولا تزال مستعرة الأوار حتى يوم الناس هذا بين المؤرخين، وهي: من صاحب الفضل في اختراع التسلكوب؟ هل هو صانع العدسان الهولندي: هانز لبرهاي Hans Lipperhey أو جالليو؟ ألم يكن السبق لهذا الصانع الهولندي، ولم يفعل جالليو إلا تحسين هذا الاختراع؟ يلوح أن هذا هو الرأي الأصوب. وقد أشار برتولت برشت Brecht إلى هذه المسألة في مسرحيته "جالليو"".

ومن النتائج الأخرى التي توصل إليها جالليو بفضل التلسكوب: أنه في سنة 1610 اكتشف الشكل البيضاوي لزحل، وأوجه الزهرة. لكن تلسكوبه لم يستطع أن يكشف عن حقيقة الحلقات التي حول زحل، إذ ظنها جالليو مجرد کواکب (توابع) قريبة جداً من هذا النجم .

وفي بداية سنة ١٦11 سافر جالليو إلى روما ليعرض ما اكتشفه بفضل تلسكوبه. لكن اليسوعيين في الكلية الرومانية ارتابوا في مكتشفاته في بداية الأمر، ثم اقتنعوا بعد ذلك بسلامتها، وأعجب به فدریکو اتشيزي Fedrico Cesi، وعينه عضواً في أكاديمية لنشاي، وكانت أول أكاديمية علمية في أوروبا، وقد أنشئت سنة 1603. كذلك أبدى البابا وبعض الكردينالات تقديرهم لهذه الاكتشافات.

إسهامات جاليليو في علم الفلك

لم يقم عالم الفيزياء الإيطالي جاليليو جاليلي باختراع التليسكوب. ولم يكن جاليليو حتى هو أول من نظر إلى السماء ليلا باستخدام التليسكوب ، وإنما كان هو أول من أخبر العالم بما شاهده في الفضاء. وبعد سماعه خبر اختراع أول تليسكوب في عام 1608 في هولندا، قام جاليليو باختراع التليسكوب الخاص به. ولقد قام هذا التليسكوب بتقريب الأجرام السماوية البعيدة ثلاثين مرة أقرب وتكبيره بحوالي ألف مرة مقارنة بالحجم الحقيقي. فما دونه جاليليو في كتابه The Starry Messenger في عام 1610 كان مذهلا، إذ كان ما قاله يتحدى كل الآراء المتفق عليها رسميا فيما يتعلق بالكون والمكان الذي نعيش فيه على كوكب الأرض.

لقد كان جاليليو يرى أن القمر - على الرغم من التصور القديم بأن القمر جسم کامل وممهد - مغطى بسلاسل من الجبال وفوهات البراكين مثله مثل كوكب الأرض. ووراء نطاق القمر، استطاع التليسكوب رؤية العديد من النجوم التي لا تستطيع العين المجردة رؤيتها.

تحولت كوكبة الأخوات السبع النجمية في كوكبة الثريا إلى ۳۰ نجما. ولقد تحول مسار ضوء درب التبانة إلى نجوم لا حصر لها. وبشكل واضح، كان الكون شاسگا۔

كانت المفاجآت الحقيقية تكمن في رؤية القمر وكل ما له علاقة بالنجوم. فقد كان کوکب الزهرة، الذي كان يبدو للعين المجردة وكأنه نجم، على شكل قرص مرئي؛ كما أن له وجها مثل أوجه القمر. ولقد أوضحت أربع نقاط من الضوء أن كوكب المشتري البعيد له مجموعة من الأقمار والجسيمات التي لا تدور حول كوكب الأرض. وبالنسبة للعالم جاليليو، أكدت هذه الاكتشافات التصور الجديد للكون الذي وضعه العالم نيقولاوس كوبرنيكس في عام 1543. وبذلك، فإنه دخل في صراع حتمي مع الكنيسة في عام 1633.

بعد ذلك، أصبح علماء الفلك في كل أنحاء أوروبا يستخدمون التليسكوب. وبينما تم تطوير التليسكوبات وأصبحت أفضل حالا، تم اكتشاف بعض أسرار الكون. فكانت الكواكب على شكل أقراص مع وجود بعض العلامات الخافتة عليها والتي تتحرك كلما تحركت الكواكب. وبشكل واضح، كان كل من هذه الكواكب يمثل عالا کالكوكب الذي نعيش عليه. هذا، وقد تم وصف السطح الوعر للقمر والعلامات التي توجد عليه بشكل خاطئ؛ حيث تمت تسميتها بأسماء البحار والمحيطات. هذا، ويتميز سطح الشمس بوجود بعض البقع (الكلف) الشمسية (1611) ويتميز سطح كوكب المشتري بوجود بقعة حمراء كبيرة. أما كوكب زحل فقد كان له العديد من الأقمار والحلقات (والتي رآها جاليليو ولكنه لم يفسرها).

من بين الأعداد الكبيرة من النجوم، اكتشف علماء الفلك وجود العديد من البقع أو النقاط الضوئية الخافتة والتي يطلق عليها اسم سحب سديمية. وقد كانت هذه السحب المديمية في كوكبة أندروميدا - أو المرأة المسلسلة تلك الكوكبة التي عرفها علماء الفلك العرب - هي أول الأشياء التي تمت رؤيتها بالتليسكوب. وأدى هذا الأمر إلى حدوث ثورة عائلة في فهمنا للكون في عام 1924.

جالليو ونظام کوبرنیكوس

لم تدم المودة طويلاً بين جالليو وبين الكنيسة الكاثوليكية. ذلك أنه برعاية أكاديمية لنشاي، نشر جالليو في روما سنة 1613 كتاباً بعنوان: "رسائل حول البقع الشمسية". وفي هذه الرسائل أيد جالليو - لأول مرة في کتاب مطبوع - نظام کوبرنیکوس صراحة وعلناً. وهناك ثارت ثائرة رجال الدين وكنيسة روما الكاثوليكية ضد جالليو.أثناء عشاء في قصر الدوق أقيم في ديسمبر سنة 1603 أثيرت اعتراضات دينية على نظام کوبرنیکوس ، ولم يكن جالليو حاضراً هذه المادبة، فتولى الدفاع عن موقف جالليو من النظام صديقه بندتو کستلی Benedetto Castelli . فلما علم جالليو بهذا الأمر، بعث برسالة طويلة إلى كستلي أكد فيها أنه لا يجوز لرجال الدين التدخل في المسائل العلمية البحتة.

وفي أواخر سنة 1614 قام بعض القساوسة، في منابر كنائسهم في فيرنتسه، بالهجوم على جالليو بسبب تأييده لنظام کوبرنیکوس في رسائله عن البقع الشمسية، المشار إليها منذ قليل. فلما علم كستلي بهذه الحملة، أطلع راهباً دومينكانياً - قوي النفوذ - على رسالة جالليو المشار إليها منذ قليل والتي أنكر فيها حق رجال الدين في التدخل في المسائل العلمية البحتة، فقام هذا الراهب الدومنياكني - والرهبان الدومنيكان هم الجلادون الذين أدارو محاكم التفتيش وتولوا التعذيب فيها - نقول: إن هذا الراهب Niccolas Larini انتسخ نسخة من رسالة جالليو إلى كستلي، وبعث بهذه النسخة إلى محكمة التفتيش في روما للتحقيق. هنالك أسرع جالليو فارسـل نسخة محققة من رسالته تلك إلى القوم في روما، ثم أخذ يتوسع فيها لتصبح "رسالة إلى كريستينا" التي كتبها في سنة 1615، والتي نشرها بالطبع في سنة 1636: وفي هذه "الرسالة"، قرر جالليو أنه لا الكتاب المقدس ولا الطبيعة يمكن أن يكذب، وأن البحث في الطبيعة هو ميدان العالم، بينما التوفيق بين الوقائع العلمية وبين لغة الكتاب المقدس هو ميدان رجل الدين.

وفي أواخر سنة 1615 سافر جالليو إلى روما ـ على عكس نصيحة أصدقائه وسفير توسكانيا في روما لغرضين: الأول أن يبيض سمعته، والثاني، أن يمنع إذا استطاع من إصدار قرار رسمي بمنع تعليم مذهب كوبرنيكوس القائل بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس، وليس العكس. وقد أفلح جالليو في تحقيق الغرض الأول، فلم يتخذ قرار تأديبي في حقه، استناداً إلى رسالته إلى كستلي أو إلى تأييده لمذهب كوبرنيكوس في كتابه عن "البقع الشمسية". لكنه أخفق في تحقيق الثاني. ذلك أن البابا، بولس الخامس، قد تضايق من إثارة مسائل تتعلق بتفسير الكتاب المقدس - وكان هذا الأمر موضوع خلاف عنيف بين البابا وبين البروتستنت - فشكل الباب لجنة مهمتها تحديد العقيدة الدينية فيما يتعلق بحركة الأرض فقررت اللجنة أن العقيدة الدينية تقضي بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض، وأنذرت جالليو بتاريخ 26 فبراير سنة 1616 - بأن عليه أن يتخلى عن رأي كوبرنيكوس وأن يمتنع عن الدفاع عنه. لكن لم يتخذ أي إجراء ضده، ولم يصدر قرار إدانة لأي كتاب كتبه، بينما أدين کتاب للاخوتي باولو أنطونيو فوسكاريني Foscarini حاول فيه التوفيق بين حركة الأرض وبين ما ورد في الكتاب المقدس، ومُنع كتاب كوبرنيكوس وشرح عليه قام به دييجو دي ثونيجل Diego de Zuniga إلى أن تصحح فيه بعض المواضع

ثم أصدر جالليو كتابه "حوار حول نظامي العالم الرئيسيين" - أي نظام أرسطو وبطلميوس من ناحية، ونظام كوبرنيكوس. ويدور الحوار بين ثلاثة أشخاص: أحدهما يناصر كوبرنيكوس، والثاني يؤيد أرسطو وبطليموس، أما الثالث فشخص مثقف يحاول كلا المتحاورين الآخرين إقناعه واجتذابه إلى صفه. وفي الفصل التمهيدي يفحص الكون فحصا نقدياً ينتهي إلى الا يرفض من آراء أرسطو إلا تلك التي تتعارض مع فكرة أن الأرض متحركة وأن الشمس ثابتة، أو التي تميز تميزاً حاداً بين الحركات السماوية وبين الحركات الأرضية. كذلك يرفض المؤلف الفكرة القائلة بأن للكون مركزاً، لا بأن الأرض تقوم في هذا المركز، كما يرفض القول إن حركة الأجسام الثقيلة نتجه نحو مركز الكون بدلاً من أن تتجه نحو مركز الأرض. لكنه لا يرفض فكرة الأرسطية القائلة بأن الحركات السماوية هي بطبعها دائرية. بل أكد جالليو ان الحركات الدائرية الطبيعية تنطبق أيضاً على الأشياء الأرضية والسماوية.

ومن الأفكار التي أكدها جالليو في هذا "الحوار" فكرة نسبية الحركة والمحافظة عليها. وقد استعان جالليو بهاتين الفكرتين للتوفيق بين الفيزياء الأرضية وبين الحركات الكبيرة التي للأرض، رداً على الحجج التي ساقها بطلميوس والحجج التي أضافها تيشو براهه Tycho Brahe كذلك يناقش جالليو في هذا الحوار مسألة المسافات المحتملة بين النجوم الثابتة ومواقعها.

وقد أتم جالليو تأليف هذا «الحوار"، في أوائل سنة 1630، وحمله معه إلى روما، كيما يطبع بواسطة أكاديمية لنشاي، وطلب إذنا بطبعه، لكنه لم يحصل على الإذن بسرعة، فعاد إلى فيرنتسه دون الحصول على الإذن، وحدث أن عين فدريكو أتشيري Fedrico Cesi مدير أكاديمية لنشاي، فكتب كاستلي Castelli إلى جالليو يخبره أنه لن يحصل على إذن روما، وينصحه بأن يطبعه في فيرنتسه فوراً. وأفلح جالليو في الحصول على إذن السلطات في فيرنتسه بطبع الكتاب، وطبع الكتاب وظهر في فيرنتسه في مارس 1630. وأرسلت منه نسخ قليلة إلى روما. ومرت فترة قصيرة لم يحدث شيء ضد الكتاب وفجأة صدر أمر إلى الطابع بعدم بيع المزيد من النسخ وطلب من جالليو التوجه إلى روما والمثول أمام محكمة التفتيش، في شهر أكتوبر سنة 1630.

الصراع بين جاليليو والكنيسة

إن الصراع بين الفيزيائي الإيطالي جاليليو جاليلي والكنيسة الكاثوليكية الرومانية هو إحدى القصص العظيمة في العلم القديم. وقد كان هذا الصراع حول التصور الجديد للكون الذي شرحه نيقولاوس كوبرنيكس في عام 1543 أي قبل أن تبلغ مشاكل جاليليو ذروتها بتسعين عاما في عام 1633.

لا أعتقد أن خالق هذا الكون الذي وهب لنا نعم الإحساس والعقل والتفكير أمرنا بالامتناع عن استخدام مثل هذه النعم. 
جاليليو جاليلي 

في ذلك العام، أدانت محكمة التفتيش في الكنيسة جاليليو لأنه أيد كوبرنيكس في فكرته التي توضح أن الأرض تدور مرة واحدة يوميا حول محورها وتدور في مدار سنوي حول الشمس. ولذلك، استشهدت الكنيسة برأي الكتاب المقدس وبآراء أرسطو وبطليموس والفطرة السليمة للتأكيد على الفكرة القائلة إن الأرض جسم ثابت موجود في مركز جميع الأشياء. كما أن جاليليو الذي أدين من قبل ومنع من تدریس مثل هذه الهرطقة، حكم عليه بالسجن في منزله حتى العقد الأخير من حياته. ولقد كان لهذا العقاب الذي تعرض له جاليليو تأثير على كل من دیکارت وتوريشيلي حيث ابتعدوا تماما عن أفكار كوبرنيكس وحتى عن علم الفلك.

مع هذا، أصر جاليليو على أفكاره لدرجة أنه أوشك أن يتخلى عن دينه. في حين أن الأمر لم يكن قويا لهذا الحد بالنسبة لكوبرنيكس. ولم يستطع أحد إثبات أن الأرض تدور بالفعل. ولقد نسب جاليليو - قبل ذلك بعقود – حركة المد والجزر التي تحدث في المحيطات إلى حركة الأرض في أثناء دورانها. وهذه الحركة تشبه الماء الجاري في بركة مهتزة، لكن لم يكن هذا مقنعا. كما أن أشكال كوكب الزهرة، التي تم التوصل إليها في عام ۱۹۱۰، لم تثبت أن ما يقوله كوبرنيكس صحيح؛ وإنما يظهر كوكب الزهرة وجود کوکب الأرض في المنتصف. كذلك، أيد جاليليو الفكرة القائلة إن مدارات الكواكب دائرية الشكل ، حتى وإن كان هذا الأمر سيجعل نموذج کوبرنیکس ليس صالحا للتنبؤ بمكان الكواكب بدلا من كونها في النظام الشمسي. كان الكون بالنسبة للعالم كوبرنيكس يتسم بالبساطة الشديدة ، لكن، هل يعد هذا سببا كافيا؟

مما لا شك فيه أن التاريخ دافع عن جاليليو، لكن كانت قد مرت قرون على رجوع الكنيسة في قرار إدانتها له. ففي عام ۱۹۸۷، وضع إسحاق نیوتن نظرية الجاذبية التي قامت بتفسير أفكار كوبرنيكس وحلت التعقيدات التي تتسم بها نظرية بطليموس. ويتضح أن نیوتن قد استقى الكثير من أفكار جاليليو، أحد العمالقة الذين درس نیوتن على أيديهم .

محاكمة جالليو

قلنا إن محكمة التفتيش قد أصدرت - بتاريخ 24 فبراير 1616 قراراً يقضي بإدانة القول بأن الشمس ثابتة وبأن الأرض متحركة، وأنه بتاريخ 26 فبراير 1616 أنذر الكردينال بلرمين Bellarmin جالليو بألا يقرر، وألا يُعلم، وألا يدافع، شفوياً بالكتابة عن هذين القولين. ووعد جالليو بالطاعة. وفي مارس أصدرت الهيئة القائمة على تحريم الكتب Congregazime del Indice - قراراً بوضع كتب كوبرنيكوس على ثبت الكتب المحرمة.

وفي أغسطس سنة ١٦٢٣ تولى كرسي البابوية مافيو بربريني Maffeo Barberini باسم: أوربانو الثامن Urbanus, VIII. وكان جـالـلـيـو صـديقاً له منذ زمن طويل، وكان حامياً للآداب والفنون، فسافر جالليو إلى روما لتقديم فروض الولاء إليه سنة 1624. وحصل من البابا على إذن بمناقشة مذهـب كوبرنيكوس في كتاب يؤلفه، بشرط أن تساق الححج المؤيدة لنظام بطلميوس بنزاهة وموضوعية. لكن أوربانو رفض إلغاء مرسوم سنة 1616، قائلاً لو كان الأمر بيده آنذاك لما صدر هذا القرار.

فما أصدر جالليو كتابه "حرار ..." وفيه كما رأينا نقاش حول كوبرنكوس؛ هاج بعض رجال الدين ضد جالليو وطالبوا بمحاكمته وإدانة هذا الكتاب. لكنهم لم ينجحوا في الأمر، فعادو وأقنعوا البابا بحجة فعالة وهي - أن جالليو قد وضع على لسان مؤيد نظام أرسطو الحمية الحاسمة ضد الحقيقة الحركية لحركة الأرض - وهي أن الله يستطيع أن يحدث أي مطلوب بأي وسلية - تقول: إنه وضع هذه الحجة على لسان الأرسططالي الساذج بشكل هازئ ساخر.

وكان جالليو قد ظن أن بقوله صراحة في مستهل "الحوار ..." بأنه سيعرض حجج كلا الطرفين: المؤيد لأرسطو، والمؤيد لكوبرنيكوس - بنزاهة وموضوعية - قد تحلل من وعده القاطع السابق الذي قطعه على نفسه تجاه الكاردينال بلرمين في 26 فبراير 1616 بألا يقرر، وألا يعلم وألا يدافع، شفوياً أو بالكتابة، عن نظام كوبرنيكوس.

لكن ظنه هذا خاب، وقامت محكمة التفتيش فير روما بمحاكمة جالليو سراً، وانتهى التحقيق بإدانته بدعوى أنه نقض العهد الذي قطعه على نفسه عند إنذاره في 26 فبراير 1616، وبدعوى أنه أيد أراء لا تتفق مع ما ورد ي الكتاب المقدس وصادقت عليه تقاليد الكنيسة. وأبلغ جالليو في 23 سبتمبر سنة 1639 بضرورة المثول أمام المندوب العام للديوان المقدس Santo Uffizio (=محكمة التفتيش).

وتمت محاكمة جالليو للمرة الثانية بتهمة الهرطقة. وصدر الحكم في 22 يونيو سنة 1633، في القاعة الكبرى في دير الدومنيكان المسمى دير منيرفا della Minerva؛ واضطر جالليو، وهو جاث على ركبتيه، أن يقر بأنه ارتكب خطيئة - وفقاً للصيغة التي أعدتها المحكمة - حين اعتقد أن الأرض متحركة وأن الشمس في مركز مجموعة من الكواكب من بينها الأرض. وتعهد بأنه من الآن فصاعداً سيكون مطيعاً لسلطة الكنيسة وعقائدها، وبأن ينفذ كل العقوبات التي فرضت عليه. ومن بين هذه العقوبات: «السجن الشكلي» Carcere formale لدى الديوان المقدس. وتم فعلاً سجنه أولاً في مدينة سيينا Siena، ثم بعد ذلك في الفيلا التي يملكها في قرية ارشتري arcetri (بالقرب من فيرنتسه).

وأمضى جالليو السنوات التسع الباقية من عمره وهو في حزن بالغ. أما أثناء سجنه في سيينا فقد كان عهدة أسقف سيينا اسكـانـيـو بـكولومني Ascamio Piccolomini، الذي أحسن معاملته، لأنه كان - فيما قبل - تلميذاً له، وحثه على مواصلة أبحاثه في الميكانيكا . وأخذ جالليو في تأليف كتاب - على شكل حوار أيضاً - لعرض نتائج أبحاثه السابقة في الفيزياء.

فلما بلغ الديوان المقدس أن جالليو يعامله أسقف سيينا معاملة حسنة، أصدر قراراً بنقله في أوائل سنة 1634 إلى الفلا التي يملكها جالليو في قرية أرشتري على التلال المطلة على فيرنتسه ومن المحتمل أنه بمناسبة هذا الانتقال من سيينا إلى أرشتري قال العبارة المنسوبة إليه وهي Eppure si muove ( = ومع ذلك فإنها (= أي الأرض) "تتحرك". وقد عثر على هذه العبارة مكتوبة على صورة الجالليو وهو في السجن، صورة رسمها سنة 1940 إما الرسام الأسباني الكبير مورليو Murillo أو أحد تلاميذه في مدريد.

وتشوق جالليو إلى العودة إلى فيرنتسه لرؤية ابنته الكبرى اتشلسته Celeste ليكون بالقرب منها، لكنها توفيت في إبريل سنة 1634 بعد مرض قصير. ثم توالت عليه المصائب، وأشدها إصابته بالعمى في سنة 1638 وهو في الرابعة والسبعين من عمره، ولم يبق له من عزاء إلا زيارة بعض تلاميذه المخلصين، ثم خصوصاً في مواصلة البحث العلمي، على الرغم من عدم توافر أدوات البحث وهو في إقامته الجبرية في أرشتري. لكنه استطاع مع ذلك أن يصدر كتابه الرئيسي، وعنوانه: "أقوال وبراهين رياضية حول علمين جديدين يتعلقان بالميكانيكا والحركات المحلية ..، مع ملحق عن مرکز الثقل الخاص ببعض الجوامد". وقد طبع في مدينة ليدن في هولندة سنة 1638.

والعلمان الجديدان اللذان يعالجهما هذا الكتاب يتعلقان خصوصاً بعلم الهندسية فيما يتعلق بصلابة المواد، وبعلم الرياضيات فيما يتعلق بعلم الحركة Kinamatic. والعلم الأول يستند إلى قانون الرافعة، والعلم الثاني يقوم على أساس افتراض الاطراد والبساطة في الطبيعة، مع إيراد بعض الفروض الديناميكية. وهذان العلمان هما الأساس في الفيزياء الحديثة، ليس فقط لأنهما يشكلان عناصر الدراسة الرياضية للحركة، بل وأيضاً لأنهما عالجا مسائل في التجريب الفيزيائي مع اقتراحات بحلول لها.

والكتاب كتب هو الآخر على شكل محاورات جرت في أربعة أيام. وبعد وفاته أضيف إليها محاورتان: الخامسة والسادسة (في اليومين الخامس والسادس).

إسهامات جاليليو في مجالي قياس سرعة الضوء والقطع المكافئ

كان العالم الإيطالي جاليليو هو أول من حاول قياس سرعة الضوء. ولقد تنوعت الآراء حول سرعة الضوء. بالتأكيد، يسير الضوء بسرعة كبيرة جدا .

على سبيل المثال، يملأ ضوء المصباح الحجرة في الحال أو يبدو كذلك. ولقد اعتقد كل من كبلر ودیکارت أن سرعة الضوء غير محدودة. لذلك، ينتقل الضوء من مكان إلى آخر على الفور. اعتقد آخرون - مثل الإنجليزي روجر بيكون في القرن الثالث عشر - أن سرعة الضوء محدودة وبالتالي قابلة للقياس، على الأقل من حيث المبدأ. ولكن لم يتوصل أحد إلى ذلك بالفعل.

كما ذكر روجر بيكون في كتابه Two New Sciences في عام 1638، قام جاليليو بإعداد اثنين من القائمين بعملية الملاحظة للقيام بتجربة على تلال قريبة بحيث يحمل كل منهما مصباحا. قام أحدهما بفتح المصباح وقام الآخر بملاحظة الضوء الصادر من هذا المصباح مع قيامه بنفس ما قام به الأول. لقد حاول الأول حساب الزمن الذي يقطعه الضوء بين فتح المصباح ورؤية الضوء المنبعث من المصباح الثاني. ولم تثبت نتائج هذه التجربة أي شيء فيما يتعلق بقياس الوقت الفعلي الخاص بردود أفعال كل منهما. ولم يتمكن أحد من قياس سرعة الضوء خلال حدود جو كوكب الأرض إلا بعد مرور مائتي عام (1849). تعتمد القياسات الأولى الموثوق بها التي قام بها أوليه رومر في عام 1676 على اتساع الفضاء الذي ينتقل الضوء خلاله.

القطع المخروطية عبارة عن مجموعة خاصة من الخطوط المنحنية التي تظهر حينما يقطع سطح مستو مخروطا ما إلى زوايا مختلفة. وتوجد هذه المنحنيات في الطبيعة. إن مدارات الكواكب التي تدور حول الشمس بيضاوية الشكل أو عبارة عن قطع ناقص (وتعد الدائرة حالة خاصة من القطع الناقص). كما أن الشيء الذي يقذف من مكان ما والذي يخضع لتأثير الجاذبية يتبع القطع المكافئ.

هذا، فضلا عن أن كتاب جاليليو الذي صدر في عام ۱۹۳۸ زاخر بالأفكار المثيرة والعميقة. فعلى سبيل المثال، كان جاليليو قادرا على إثبات الأفكار التي كانت تثير الشك لدى العلماء السابقين له (1537)، ومن بينها، فكرة القذيفة مثل قذيفة المدفع التي تتحرك بحرية وسلاسة وتسير في طريق منحن يعرف بالقطع المكافئ. هذا، وتتطلب قوانین جاليليو الخاصة بالحركة (1604) أن يكون هذا المنحنى على هذا الشكل. والجدير بالذكر أن شكل هذا المنحنی معروف جدا ، فهو ذلك الشكل الذي يتكون حينما يتم قطع المخروط بطريقة معينة. أما الطرق الأخرى القطع المخروط فتوضح قطع مخروطية أخرى تعرف لدى اليونان القدماء باسم الدوائر والقطع الناقص والقطع الزائد. تدور كل هذه المنحنيات في كل مكان في الكون، وخاصة في مسارات العناصر المتعددة مثل الكواكب والمذنبات حيث تتحرك هذه الأجسام في الفضاء تحت تأثير قوة جذب الشمس (1609).

"الفلسفة هي الكتاب العظيم المفتوح بين أيدينا ألا وهو الكون. والجدير بالذكر أن هذا الكتاب مكتوب باللغة الرياضية التي دون استخدامها يستحيل لأي إنسان أن يفهم ولو كلمة واحدة منه. ودون هذا الكتاب، يضل الإنسان طريقه وكأنه يسير في متاهة مظلمة." جاليليو جاليلي

الجوانب الفلسفية في إنتاج جالليو

من الناحية الفلسفية يمكن أن نقول إن أكبر إسهام لجالليو هو في تشييده للمنهج التجريبي على نحو كامل أو شبه كامل. هكذا حكم عليه امانویل کنت، وأوجیست کونت وهوول Whewell. ذلك أن جالليو كان يستخلص المبادىء من الملاحظة، ويحقق القروض بواسطة تجارب دقيقة. والتجربة عند جالليو هي عصب المنهج العلمي التجربة من حيث هي تسير بطريقة نظامية، بأن تفحص ظواهر الطبيعة، وترتفع منها تدريجياً إلى القوانين التي تحكمها. والتجربة هي في الأساس حسية، لكنها بما تؤدي إليه من فرض الفروض وتحقيق لهذه الفروض لا بد لها أن تكمل بالتفكير العقلي. ولهذا فإن الحواس والعقل تتضافر معاً لتكوين المنهج التجريبي. لكن مهمة العقل - عند جالليو - لا تقتصر على تفسير الظاهرة الحية وتصحيح الأخطاء التي قد تقع فيها الحواس، بل تمتد هذه المهمة إلى تزويد العلم بالمفهومات والمقولات التي تجعل الظواهر مفهومة وقابلة للخضوع لقوانين كلية. وهكذا جمع جالليو بين الحواس والعقل في منهج البحث العلمي لأول مرة في تاريخ البحث العلمي. إن العقل يصوغ مفهومات ويطبقها على الظواهر لأنه استخلصها من الوقائع الطبيعية بطريقة موضوعية خالصة. والعلم يقرر التسلسل العلي بين الوقائع، لأن نظام الطبيعة يكشف عن ضرورة الرابطة العلية بين الظواهر. وهذا النظام يوحي إلى عقل الإنسان بمفهوم "العلية"، ويكشف عن إمكان استخدامه استخدامة فعالاً. ومن المفهومات الأخرى الرئيسية عند جالليو: الكمية. وقد وجد جالليو في مفهوم الكمية ما يغنيه عن الفروض الكيفية التي ادعی بها العلم في العصر الوسيط ذلك أن علماء العصر الوسيط كانوا يبالغون في استخدام مفهوم "الكيفية"، ومن ثم أسرفوا في البحث عن "الماهية" و"النوع" و"العلة الغائية" کتفسير ظواهر الطبيعة، وكانت نتيجة ذلك أنهم اقتصروا على التعريفات المستمدة من المعلولات التي تنتجها الأشياء أما العلم - عند جالليو - فهو كمي، يفسر الظواهر عن طريق النسب الكمية الرياضية بين العناصر التي تؤلف الشيء. إن الكم يعبر عن الب بين الظواهر، عن العلاقات المتبادلة بين المقادير في الطبيعة .

وهكذا بعد أن كان العلم ميتافيزيقياً، صار العلم بفضل جالليو - علما بما هو قابل للمقياس وما هو نسبي بعضه إلى بعض. فالحركة - مثلا - أو موضع الأجسام هي معطى نسبي للتجربة في الظواهر، وليست تحديداً مطلقاً. وهكذا انتهى جالليو إلى القول بأن ثم هندسة حاضرة في الأشياء وتحدد وتنظم علاقاتها؛ وبأن الله قد کتب کتاب الطبيعة بلغة رياضية. ومن ثم قال الجملة المشهورة: "إن الطبيعة مكتوبة بلغة رياضية" la naturae scritta in lingua matematica. نعم، إن كتاب الطبيعة قد رسمه الله بزوايا، ودوائر، ومربعات وسائر الأشكال الهندسية. ومن ناحية أخرى الطبيعة حركة، وكل تغيرات الحواس، وهي ذاتية في مظهرها، هي في نهاية التحليل ناتجة عن الوضع وعن حركة الجزيئات اللامتناهية الصغر في المادة.

ويؤكد جالليو أن من المستحيل النفوذ إلى الماهية الذاتية الحقيقية للمواد الطبيعية. ولهذا يجب على الإنسان أن يكتفي بمعرفة العوارض التي تعرض للأجسام الطبيعية، والعوارض هي الوقائع ، وهي الظواهر، وليس لنا أن نطلب "الشيء في ذاته" فهذه محاولة مصيرها الإخفاق حتما. والتفسير العلمي لا يقوم باستعادة التسلسل العلمي المفضي إلى وجود كل معلول طبيعي. ويقول جالليو ساخراً: «إن حالة النعيم العظيم هي وحدها التي تسمح لنا بمثل هذه المعرفة".

ويؤكد جالليو أن الواقع يتصف بالمعقولية، ذلك لأن الله، هذا الموجود اللانهائي، قد خلق العالم على مقياس العقل، لا العقل الإنساني الذي لا يفهم العالم إلا في حدود طاقاته، أي في حدود ما هو مشترك بينه وبين العقل الإلهي، وإنما على مقياس العقل الإلهي الكلي.

مؤلفاته

  • في الحركة، سنة 1590 - 1591
  • میکانیکیات، سنة 1594 - 1595
  • الرسول السماوي، سنة 1610
  • قول في الأشياء التي تقوم في السماء، سنة 1612
  • رسائل عن البقع الشمسية، سنة 1613
  • المحاول Il saggicatore، سنة 1623
  • حوار حول النظامين الكبيرين للعالم، سنة 1632
  • أقوال وبراهين رياضية تتعلق بالعلوم الطبيعية، سنة 1638.

جالليو

رياضي، وفلكي وفيزيائي وفيلسوف، إيطالي

ولد في مدينة بيزا Pisa في ه ١ فبراير سنة ١٥٦٤، وتوفي في أرشترى Arcettri بالقرب من فيرنتسه Firenze في ٨ يناير ١٦٤٢

وكان أبوه Vincenzio Galilei عازفاً موسيقياً ومؤلفاً في نظريات الموسيقى، وقد انحدر من أسرة نبيلة عريقة في فيرنتسه اشتهرت بأطباء ورجال سياسة. وكان جالليو أكبر أبنائه السبعة ثم انتقل بأسرته في سنة ١٥٦٢ إلى بيزا.

وتعلم جالليو أولاً في بيزا لكن لما عاد أبوم إلى فيرنتسه واستقر فيها حوالي سنة ١٥٧٥، دخل جالليو مدرسة تابعة لدير سنتا ماريا في فلومبروزا Vallombrusa . وفي سنة ١٥٧٨ التحق بهذه الرهبانية كمريد، على عكس رغبة والده الذي أخذه معه إلى فيرنتسه لكنه لم يستطع أن يحصل لابنه على منحة دراسية في جامعة بيز ٠ لهذا عاد جالليو واستأنف الدراسة عند رهبان فلومبروزا في فيرنتسه حتى سنة ١٥٨١، حين استطاع الالتحاق بجامعة بيزا لدراسة الطب لكنه لم تجتذبه دراسة الطب، بل أولع بدراسة الفلك والرياضيات . وكان تدريس الفلك مقصوراً على محاضرات في كتاب «في السماء» لأرسطو، كان يلقيها فيلسوف هو فرنشسكو بوونانشي Buonanci، كما كانت

المحاضرات في الفيزياء مقصورة على فيزياء أرسطو، وكان يلقيها أندريا انشيزليبنو Gesalpion . وانصرف جالليو إلى دراسة الرياضيات في سنة ١٥٨٢ وتلقى دروساً فيها خارج الجامعة على يد أوستيليو رتشي Ostilio Rici، لكن جالليو ترك الجامعة دون أن يحصل على شهادة، وذلك في سنة ١٥٨٥، وعاد إلى فيرنتسه، حيث واصل دراسة كتب اقليدس وأرخميدس.

وفي المدة من ١٥٨٥ حتى ١٥٨٩ كان يعطي دروساً خصوصية في الرياضيات في فيرنتسه كما كان يقوم بالتدريس في مدارس عامة في سيينا Siena ٠ وألف في سنة ١٥٨١ رسالة صغيرة بعنوان: «الميزان» La Bilancetta بين فيها كيف اكتشف أرخميدس غش الجواهري في مسألة كمية الذهب في تاج هيرون Heron ، ووصف ميزاناً هيدرو ستاتيكياً دقيقاً. واهتم في نفس الفترة بالمسائل المتعلقة بمراكز الثقل في الأجسام الصلبة. وفي سنة ١٥٨٨ دعته أكاديمية فيرنتسه لإلقاء محاضرات عن جغرافيا «جحيم» دانته معالجة بطريقة رياضية. وتقدم للحصول على كرسي الرياضيات في جامعة بولونيا في سنة ١٥٨٨ ، لكن الجامعة فضلت عليه جوفاني أنطونيو ماجيني Magini ربما لأن ماجيني كان أوفر علماً في علم الفلك، ذلك لأن جالليو لم يكن حتى ذلك الحين قد اهتم كثيراً بهذا العلم

لكنه في مقابل ذلك حصل في سنة ١٥٨٩ على كرسي الرياضيات في جامعة بيزا. بفضل توصية من جويد وبلدو. وفي أثناء توليه هذا المنصب، كتب رسالة عن الحركة هاجم فيها رأي أرسطو. وفي مستهلها عرض نظرية في سقوط الأجسام تعتمد على مبدأ الأجسام

جالليو

الطافية لأرخميدس. كذلك عرض القانون الذي يحكم توازن الأثقال على مستويات مائلة، وحاول الربط بين هذا القانون وبين سرعة السقوط.

لكن نظراً لقلة مرتبه في بيزا، فإنه انتقل إلى جامعة بادوا حيث عين أستاذاً للرياضيات في سنة ١٥٩١ وكانت جامعة بادوا في ذلك الحين تضم خيرة العلماء في إيطاليا، كما أنها كانت تتمتع باستقلال كامل تجاه السلطات الحاكمة. وهنا في بادوا كان جالليو يلقي دروساً في الموضوعات المقررة، وهي : هندسة اقليدس، وفلك بطلميوس، وكتاب «المسائل في الحيل» المنسوب إلى أرسطو وألف متوناً كي يدرس فيها طلابه، ومن بينها متن بقي لنا، ويعرف يعنوان «الميكانيكيات»

.Le meccaniche

وفي مايو سنة ٩٧ ه ١ كتب إلى زميله السابق في بيزا - ياكيوي متسوني Mazzoni - مدافعاً عن نظام كوبرنيكوس ضد من انتقد هذا النظام. وفي أغسطس من نفس السنة تلقى نسخة من كتاب يوهانس كيلر Kepler بعنوان «السر الكوسموجرافي» ، وهو أول مؤلفات كيلر. فكتب جالليو إليه معبراً عن إعجابه بنظام كوبرنيكوس.

وفي سنة ١٦٠٩ بدأ في تأليف بحث عن الحركة جمع فيه نتاثج دراساته عن السطوح المائلة وعن البندول، وانتهى منها إلى وضع قانون التسارع.

وفي أكتوبر سنة ١٦٠٨ كان صانع عدسات، يدعى هانز لبرهاي Hans Lipperhey، من هولندة قد كتب إلى الكونت موريس فون نساو Maurice de Nassau للحصول على براءة عن اختراعه لآلة من شأنها أن تجعل الأشياء البعيدة تبدو قريبة. وعلم بهذا لأمر ساربي Sarpi الذي كان يراسل جالليو بانتظام، وذلك بعد شهر فقط من تقديم ذلك الطلب للحصول على البراءة (الباطنطا). فأخبر جالليو بهذا الأمر. وتشكك جالليو في هذا النبأ، ولهذا كلف أحد تلاميذه السابقين وهو جاكومو بادور Badoer بالاستعلام عن المزيد من هذا الأمر. كذلك سمع جالليو، وهو في فينيسيا، الناس يتحدثون عن هذا الاختراع، وذلك في يوليو سنة ١٦٠٩؛ كذلك أكد له ساربي صحة الخبر. وأكثر من هذا، سمع أن أحد الأجانب وصل إلى بادوا ومعه هذا الاختراع فاسرع جالليو بالعودة إلى يادوا ليلتقي بهذا الأجنبي، لكن هذا

كان قد سافر إلى فينيسيا، وحاول جالليو في الوقت نفسه أن يصنع آلة مثلها - وأفلح في ذلك، وأرسل يخبر ساربي Sarpie بذلك، وعمل على تحسين الاختراع. وكانت حكومة ثينيسيا قد كلفت ساربي بتقدير ثمن الآلة التي عرضها هذا الأجنبي عليهم، لكن ساربي نصح بعدم شرائها! وفي أواخر أغسطس ١٦٠٨ جاء جالليو إلى فينيسيا ومعه تلسكوب ذي تسع قوى، وكانت قدرته أكبر من قدرة الآلة التي أتى بها الأجنبي - بثلاث مرات •

واستمر جالليو في تحسين تلسكوبه إلى أن جعله، في نهاية ١٦٠٩، ذا ثلاثين قوة ٠ وقام في أوائل يناير سنة ١٦١٠ بتوجيه هذا التلسكوب نحو السماء لرصد النجوم، فحصل على نتائج باهرة : إذ لم يقتصر الأمر على الكشف عن أن القمر يحتوي على جبال، وأن طريق التبانة Milk Way هو مزيج من نجوم منفصلة، على عكس ما قال أرسطو، بل أيضاً استطاع جالليو به أن يكتشف عدداً كبيراً من النجوم الثوابت وأربع توابع (كواكب) للمشتري. وأسرع جالليو فأعلن هذه الاكتشافات في كتاب بعنوان: «رسول النجوم» Sidereus nuneius ظهر في أوائل مارس سنة ١٦١٠ في مدينة فينيسيا.

فذاع صيت جالليو أولا في ايطاليا. وعينه دوق توسكانيا في منصب رياضي وفيلسوف في حاشيته، كما عين رئيساً لأساتذة الرياضيات في جامعة بيزا، دون الالتزام بإلقاء دروس.

وأثار كتاب جالليو هذا ضجة في كل أوربا، وأصدر جالليو طبعة ثانية منه في نفس السنة في مدينة فرانكفورت.

لكن هاهنا مشكلة اثيرت من ذلك الوقت ولا تزال مستعرة الأوار حتى يوم الناس هذا بين المؤرخين وهي: من صاحب الفضل في اختراع التلسكوب؟ هل هو صانع العدسات الهولندي : هانز لبرهاي Hans Lipperhey أو جالليو؟ ألم يكن السبق لهذا الصانع الهولندي، ولم يفعل جالليو إلا تحسين هذا الاختراع؟ يلوح أن هذا هو الرأي الأصوب. وقد أشار برتولت برشت Brecht إلى هذه المسألة في مسرحيته «جالليو» التي ترجمناها ضمن سلسلة «المسرح العالمي» (التي تصدر عن وزارة الإعلام في الكويت) وفي المقدمة التي صدرنا بها هذه الترجمة وسعنا القول في هذه المسألة، فليراجعها القاريء هناك,

جالليو

ومن النتائج الأخرى التي توصل إليها جالليو بفضل التلسكوب] أنه فى سنة ١٦١٠ اكتشف الشكل البيضاوي لزحل، وأؤجه الزهرة. لكن تلسكوبه لم يستطع أن يكشف عن حقيقة الحلقات التي حول زحل، إذ ظنها جالليو مجرد كواكب (توابع) قريبة جداً من هذا النجم .

وفي بداية سنة ١٦١١ سافر جالليو إلى روما ليعرض ما اكتشفه بفضل تلسكوبه. لكن اليسوعيين في الكلية الرومانية ارتابوا في مكتشفاته في بداية الأمر، ثم اقتنعوا بعد ذلك بسلامتها. وأعجب به فدريكو اتشيزي Fedrico Cesi، وعينه عضواً في أكاديمية لنشاي، وكانت أول أكاديمية علمية في أوروبا، وقد أنشئت سنة ١٦٠٣ كذلك أبدى البابا وبعض الكردينالات تقديرهم لهذه الاكتشافات لكن المودة بينه وبين الكنيسة الكاثوليكية لم تدم طويلاً ذلك أنه برعاية أكاديمية لنشاي هذه، نشر جالليو في روما سنة ١٦١٣ كتابا بعنوان: «رسائل حول البقع الشمسية». وفي هذه الرسائل أيد جالليو - لأول مرة في كتاب مطبوع - نظام كوبرنيكوس صراحة وعلناً٠ وهنالك ثارت ثائرة رجال الدين وكنيسة روما الكاثوليكية ضد جالليو .

ذلك أنه، أثناء عشاء في قصر الدوق أقيم في ديسمبر سنة ١٦١٣ أثيرت اعتراضات دينية على نظام 'كوبرتيكرس. ولم يكن جالليو حاضراً هذه المأدبة، فتولى الدفاع عن موقف جالليو من هذا النظام صديقه بندتو كستلي Benedetto Castelli . فلما علم جالليو بهذا الأمر، بعث برسالة طويلة إلى كستلي أكد فيها أنه لا يجوز لرجال الدين التدخل في المسائل العلمية البحتة.

وفي أواخر سنة ١٦١٤ قام بعض القساوسة، في منابر كنائسهم في فيرنتسه، بالهجوم على جالليو بسبب تأييده لنظام كوبرنيكوس في رسائله عن البقع الشمسية، المشار إليها منذ قليل. فلما علم كستلي بهذه الحملة، أطلع راهباً دومنيكانياً - قوي النفوذ ٠ على رسالة جالليو إليه المشار إليها منذ قليل والتي أنكر فيها حق رجال الدين في التدخل في المسائل العلمية البحتة. فقام هذا الراهب الدومنيكاني - والرهبان الدومنيكان هم الجلادون الذين أداروا محاكم التفتيش وتولوا التعذيب. فيها -نقول: إن هذا الراهب Niccolas Latini انتسخ نسخة من رسالة جالليو هذه إلى كستلي، وبعث بهذه النسخة

إلى محكمة التفتيش في روما للتحقيق. هنالك أسرع جالليو فأرسل نسخة محققة من رسالته تلك إلى القوم في روما، ثم أخذ يتوسع فيها لتصبح «رسالة إلى كريستينا» التي كتبها في سنة ١٦١٥، والتي تشرها بالطبع في سنة ١٦٣٦ : وفي هذه «الرسالة» قرر جالليو أنه لا الكتاب المقدس ولا الطبيعة يمكن أن يكذب، وأن البحث في الطبيعة هو ميدان العالم، بينما التوفيق بين الوقائع العلمية وبين لغة الكتاب المقدس هو ميدان رجل الدين.

وفي أواخر سنة ١٦١٥ سافر جالليو إلى روما -على عكس نصيحة أصدقائه وسفير توسكان يا في روما لغرضين: الأول أن يبيض سمعته، والثاني أن يمنع، إذا استطاع، من إصدار قرار رسمي بمنع تعليم مذهب كوبرنيكوس القائل بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس، وليس العكس وقد أفلح جالليو في تحقيق الغرض الأول، فلم يتخذ قرار تأديبي في حقه، استناداً إلى رسالته إلى كستلي أو إلى تأييده لمذهب كوبرنيكوس في كتابه عن «البقع الشمسية» . لكنه أخفق في تحقيق الغرض الثاني. ذلك أن البابا، بولس الخامس، قد تضايق من إثارة مسائل تتعلق بتفسير الكتاب المقدس -وكان هذا الأمر موضوع خلاف عنيف بين البابا وبين البروتستنت - فشكل الباب لجنة مهمتها تحديد العقيدة الدينية فيما يتعلق بحركة الأرضم فقررت اللجنة أن العقيدة الدينية تقضي بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض * وأنذرت جالليو - بتاريخ ٢٦ فبراير سنة ١٦١٦-بأن عليه أن يتخلى عن رأي كوبرنيكوس وأن يمتنع من تأييده أو الدفاع عنه. لكن لم يتخذ أي إجراء ضده، ولم يصدر قرار إدانة لأي كتاب من كتبه، بينما أدين كتاب للاهوتي باولو أنطونيو فوسكاريني Foscarini حاول فيه التوفيق بين حركة الأرض وبين ما ورد في الكتاب المقدس، ومنع كتاب كوبرنيكوس وشرح عليه قام به دييجو دي ثونيجا Diego de Zuniga إلى أن تصحح فيه بعض المواضع.

ثم أصدر جالليو كتابه «حوار حول نظامي العالم الرئيسيين» - أي نظام أرسطو وبطلميوس من ناحية، ونظام كوبرنيكوس. ويدور الحوار بين ثلاثة أشخاص: أحدهما يناصر كوبرنيكوس، والثاني يؤيد أرسطو وبطلميوس، أما الثالث فشخص مثقف يحاول كلا

جالليو

المتحاورين الاخرين إقناعه واجتذابه إلى صفه. وفي الفصل التمهيدي يفحص الكتاب عن مذهب أرسطو في الكون فحصاً نقدياً ينتهي إلى الا يرفض من آراء أرسطو إلا تلك التي تتعارض مع فكرة أن الأرض متحركة وأن الشمس ثابتة، أو التي تميز تمييزاً حاداً بين الحركات السماوية وبين الحركات الأرضية. كذلك يرفض المؤلف الفكرة القائلة بأن للكون مركزاً، لا بأن الأرض تقوم في هذا المركز، كما يرفض القول إن حركة الأجسام الثقيلة تتجه نحو مركز الكون بدلا من أن تتجه نحو مركز الأرض. لكنه لا يرفض فكرة الأرسطية القائلة بأن الحركات السماوية هي بطبعها دائرية. بل أكد جالليو أن الحركات الدائرية الطبيعية تنطبق أيضاً على الأشياء الأرضية والسماوية.

ومن الأفكار التي أكدها جالليو في هذا «الحوار» فكرة نسبية الحركة والمحافظة عليها. وقل استعان جالليو بهاتين الفكرتين للتوفيق بين الفيزياء الأرضية وبين الحركات الكبيرة التي للأرض، رداً على الحجج التي ساقها بطلميوس والحجج التي أضافها تيشو براهه Tycho Brahe كذلك يناقش جالليو في هذا الحوار مسألة المسافات المحتملة بين النجوم الثابتة ومواقعهاI

وقد أتم جالليو تأليف هذا «الحوار» في أوائل سنة ٠١٦٣٠ وحمله معه إلى روما، كيما يطبع بواسطة أكاديمية لنشاي. وطلب إذناً بطبعه، لكنه لم يحصل على الإذن بسرعة. فعاد إلى فيرنتسه دون الحصول على الإذن. وحدث أن عين فدريكو اتشيزي Fedrico Cesi مدير أكاديمية لنشاي. فكتب كاستلي Castelli إلى جالليو يخبره أنه لن يحصل على إذن بطبع كتابه في روما، وينصحه بأن يطبعه في فيرنتسه فوراً. وأفلح جالليو في الحصول على إذن السلطات في فيرنتسه بطبع الكتاب، وطبع الكتاب وظهر في فيرنتسه في مارس ١٦٣٢ . وأرسلت منه نسخ قليلة إلى روما. ومرت فترة قصيرة لم يحدث شيم ضد الكتاب. وفجأة صدر أمر إلى الطابع بعدم بيع المزيد من النسخ؛ وطلب من جالليو التوجه إلى روما والمثول أمام محكمة التفتيش، في شهر أكتوبرسنة ١٦٣٠.

محاكمة جالليو

قلنا إن محكمة التفتيش قد أصدرت - بتاريخ ٤ ٢ فبراير سنة ١٦١٦ قراراً يقضي بإدانة القول بأن الشمس ثابتة وبأن الأرض متحركة، رأنه بتاريخ ٢٦ فبراير ١٦١٦ أنذر الكردينال بلرمين Bellarmin جالليو «بألآ يقرر، وألا يعلم، رألا يدافع، شفوياً أو بالكتابة» عن هذين القولين, ووعد جالليو بالطاعة. وفي ه مارس أصدرت الهيئة القائمة على تحريم الكتب Congregazime dell Indice - قراراً بوضع كتب كوبرنيكوس على ثبت الكتب المحرمة.

وفي أغسطس سنة ١٦٢٣ تولى كرسي البابوية مافيو بربريني Maffeo Barberini باسم: أوربانو الثامن Urbanus, VIII، وكان جالليو صديقاً له منذ زمن طويل، وكان حامياً للآداب والفنون فسافر جالليو إلى روما لتقديم فروض الولاء إليه، سنة ١٦٢٤ وحصل من البابا على إذن بمناقشة مذهب كوبرنيكوس في كتاب يؤلفه، بشرط أن تساق الحجج المؤيدة لنظام بطلميوس بنزاهة وموضوعية • لكن البابا أوربانو رفض إلغاء مرسوم سنة ١٦١٦، قائلاً لو كان الأمر بيده آنذاك لما صدر هذا القرار.

فلما أصدر جالليو كتابه «حوار..ا وفيه كما رأينا نقاش حول نظام كوبرنيكوس؛ هاج بعض رجال الدين ضد جالليو وطالبوا بمحاكمته وإدانة هذا الكتاب . لكنهم لم ينجحوا في أول الأمر فعادوا وأقنعوا البابا بحجة فعالة وهي - أن جالليو قد وضع على لسان مؤيد نظام أرسطو الحجة الحاسمة ضد الحقيقة الحركية لحركة الأرض - وهي أن الله يستطيع أن يحدث أي أثر مطلوب بأية وسيلة - تقول : إنه وضع هذه الحجة على لسان الأرسططالي الساذج بشكل هازىء ساخر.

وكان جالليو قد ظن أنه بقوله صراحة في مستهل «الحوار . .» بأنه سيعرض حجج كلا الطرفين: المؤيد لأرسطو، والمؤيد لكوبرنيكوس - بنزاهة وموضوعية - قد تحلل من وعده القاطع السابق الذي قطعه على نفسه تجاه الكاردينال بلرمين في ٢٦ فبراير ١٦١٦ بألايقرر، وألا يعلم وألا يدافع، شفوياً أو بالكتابة» عن نظام كوبرنيكوس

جالليو

لكن ظنه هذا خاب. وقامت محكمة التفتيش في روما بمحاكمة جالليو سراً. وانتهى التحقيق بإدانتة بدعوى أنه نقض العهد الذي قطعه على نفسه عند إنذاره في ٢٦ فبراير ١٦١٦؛ وبدعوى أنه أيد آراء لا تتفق مع ما ورد في الكتاب المقدس وصادقت عليه تقاليد الكنيسة. وأبلغ جالليو، في ٢٣ سبتمبر سنة ١٦٣٩ بضرورة المثول أمام المندوب العام للديوان المقدس Santo Uffizio (= محكمة التفتيش).

وتمت محاكمة جالليو للمرة الثانية بتهمة الهرطقة. وصدر الحكم في ٢٢ يونيو سنة١٦٣٣، في القاعة الكبرى في دير الدومنيكان المسمى دير منيرفا della Minerva، واضطر جالليو، وهو جاث على ركبتيه، أن يقر بأنه ارتكب خطيغة - وفقاً للصيغة التي أعذتها المحكمة - حين اعتقد أن الأرض متحركة وأن الشمس فى مركز مجموعة من الكواكب من بيتها الأرض. وتعهد بأنه من الآن فصاعداً سيكون مطيعاً لسلطة الكنيسة وعقائدها، وبأن ينفذ كل العقوبات التي فرضت عليه. ومن بين هذه العقوبات: «السجن الشكلي» Carcere formale لدى الديوان المقدس. وتم فعلاً سجنه أولاً في مدينة سيينا Siena ، ثم بعد ذلك في الفلاً التي يملكها في قرية ارشتري arcetri (بالقرب من فيرنتسه).

وأمضى جالليو السنوات التسع الباقية من عمره وهو في حزن بالغ. أما أثناء سجنه في سيينا فقد كان في عهدة أسقف سيينا اسكانيو بكولومني Ascanio Piccolomini، الذي أحسن معاملته، لأنهكان -فيما قيل - تلميذاً له؛ وحثه على مواصلة أبحاثه في الميكانيكا . وأخذ جالليو في تأليف كتاب - على شكل حوار أيضاً -لعرض نتائج أبحاثه السابقة في الفيزياء.

فلما بلغ الديوان المقدس أن جالليو يعامله أسقف سيينا معاملة حس: ، أصدر قراراً بنقله في أوائل سنة ٦٣٤! إلى الفلا التي يملكها جالليو في قرية أرشتري السد على التلال المطلة على فيرنتسه ومن المحتمل أنه بمناسبة هذا الانتقال من سيينا إلى أرشتري قال العبارة المشهورة المنسوبة إليه وهي Eppure si muove (= ومع ذلك فإنها (= أي الأرض) «تتحرك». وقد عثر على هذه العبارة مكتوبة على صو: لجالليو وهو في السجن، صورة رسمها سنة ١٦٤٠ إما الرسام الأسباني

الكبير مورليو Murillo أو أحد تلاميذه في مدريد.

وتشوق جالليو إلى العودة إلى فيرنتسه لرؤية ابنته الكبرى اتشلسته Celeste ليكون بالقرب منها، لكنها توفيت في إبريل سنة ١٦٣٤ بعد مرض قصير. ثم توالت عليه المصائب، وأشدها إصابته بالعمى في سنة ١٦٣٨ وهو في الرابعة والسبعين من عمره * ولم يبق له من عزاء إلاً زيارة بعض تلاميذه المخلصين، ثم خصوصاً في مواصلة البحث العلمي، على الرغم من عدم توافر أدوات البحث وهو في إقامته الجبرية في أرشتري. لكنه استطاع مع ذلك أن يصدر كتابه الرئيسي، وعنوانه: «أقوال وبراهين رياضية حول علمين جديدين يتعلقان بالميكانيكا والحركات المحلية ٠ . . مع ملحق عن مركز الثقل الخاص ببعض الجوامد» ٠ وقد طبع في مدينة ليدن في هرلندة سنة ٠١٦٣٨

والعلمان الجديدان اللذان يعالجهما هذا الكتاب يتعلقان خصوصاً بعلم الهندسة فيما يتعلق بصلابة المواد، وبعلم الرياضيات فيما يتعلق بعلم الحركة Kinamatic. والعلم الأول يستند إلى قانون الرافعة. والعلم الثاني يقوم على أساس فتراض الاطراد والبساطة في الطبيعة، مع إيراد بعض القروض الديناميكية. وهذان العلمان هما الأساس في الفيزياء الحديثة، ليس فقط لأنهما يشكلان عناصر الدراسة الرياضية للحركة، بل وأيضاً لأنهما عالجا مسائل في التجريب الفيزيائي مع اقتراحات بحلول لها.

والكتاب كتب هو الآخر على شكل محاورات جرت في أربعة أيام, وبعد وفاته أضيف إليها محاورتان: الخامسة والسادسة (في اليومين الخامس والسادس) ٠

الجوانب الفلسفية

في إنتاج جالليو

من الناحية الفلسفية يمكن أن نقول إن أكبر إسهام جالليو هو في تشييده للمنهج التجريبي على نحو كامل أو شبه كامل. هكذا حكم عليه امانويل كنت، واوجيست كونت وهوول Whewell. ذلك أن جالليو كان يستخلص المبادىء من الملاحظة، ويحقق القروض بواسطة تجارب دقيقة. والتجربة عند جالليو هي عصب المنهج العلمي التجربة من حيث هي تسير بطريقة نظامية، بأن تفحص

جالليو

ظواهر الطبيعة، وترتفع منها تدريجيا إلى القوانين التي تحكمها. والتجربة هي في الأساس حسية، لكنها بما تؤدي إليه من فرض الفروض وتحقيق لهذه الفروض لا بد لها أن تكمل بالتفكير العقلي. ولهذا فإن الحواس والعقل تتضافر معاً لتكوين المنهج التجريبي - لكن مهمة العقل - عند جالليو - لا تقتصر على تفسير الظاهرة الحسية وتصحيح الأخطاء التي قد تقع فيها الحواس، بل تمتد هذه المهمة إلى تزويد العلم بالمفهومات والمقولات التي تجعل الظواهر مفهومة وقابلة للخضوع لقوانين كلية . وهكذا جمع جالليو بين الحواس والعقل في منهج البحث العلمي لأول مرة في تاريخ البحث العلمي. إن العقل يصوغ مفهومات ويطبقها على الظواهر لأنه استخلصها من الوقائع الطبيعية بطريقة موضوعية خالصة. والعلم يقرر التسلسل العلي بين الوقائع، لأن نظام الطبيعة يكشف عن ضرورة الرابطة العلية بين الظواهر. وهذا النظام يوحي إلى عقل الإنسان بمفهوم "العلية» ، ويكشف عن إمكان استخدامه استخداما فعالا. ومن المفهومات الأخرى الرئيسية عند جالليو : الكمية , وقد وجد جالليو في مفهوم الكمية ما يغنيه عن الفروض الكيفية التي دعى بها العلم في العصر الوسيط ذلك أن علماء العصر الوسيط كانوا يبالغون في استخدام مفهوم "الكيفية»، ومن ثم أسرفوا في البحث عن «الماهية» و«النوع» ، و« العلة الغائية» كتفسير ظواهر الطبيعة. وكانت نتيجة ذلك أنهم اقتصروا على التعريفات المستمدة من المعلولات التي تنتجها الأشياء أما العلم , عند جالليو - فهو كمي، يفسر الظواهر عن طريق النسب الكمية الرياضية بين العناصر التي تؤلف الشيء - إن الكم يعبر عن النسب بين الظواهر، عن العلاقات المتبادلة بين المقادير في الطبيعة

وهكذا بعد أن كان العلم ميتافيزيقياً ، صار العلم بفضل جالليو — علماً بما هو قابل للمقياس وما هو نسبي بعضه إلى بعض. فالحركة - مثلاً أو موضع الأجسام هي مغطى نسبي للتجربة في الظواهر، وليست تحديداً مطلقاً. . وهكذا انتهى جالليو إلى القول بأن ثم هندسة حاضرة في الأشياء وتحدد وتنظم علاقاتها؛ وبأن الله قد كتب كتاب الطبيعة بلغة رياضية. ومن ثم قال الجملة المشهورة: «إن الطبيعة مكتوبة بلغة رياضية» la natura é scritta in lingua matematica. نعم، إنكتاب الطبيعة

قد رسمه الله بزوايا، ودوائر، ومربعات وسائر الأشكال الهندسية. ومن ناحية أخرى الطبيعة حركة، وكل تغيرات الحواس، وهي ذاتية في مظهر ها،هي في نهاية التحليل ناتجة عن الوضع وعن حركة الجزيئات اللامتناهية الصغر في المادة.

ويؤكد جالليو أن من المستحيل النفوذ إلى الماهية الذاتية الحقيقية للمواد الطبيعية. ولهذا يجب على الإنسان أن يكتفي بمعرفة العوارض التي تعرض للأجسام الطبيعية والعوارض هي الوقائع، وهي الظواهر، وليس لنا أن نطلب «الشيء في ذاته» فهذه محاولة مصيرها الإخفاق حتما. والتفسير العلمي لا يقوم باستعادة التسلسل العلمي المفضي إلى وجود كل معلول طبيعي. ويقول جالليو ساخراً: «إن حالة النعيم العظيم هي وحدها التي تسمح لنا بمثل هذه المعرفة" (مجموع مؤلفاته، حه ص١٨٨ ) .

ويؤكد جالليو أن الواقع يتصف بالمعقولية، ذلك لأن الله، هذا الموجود اللانهاني، قد خلق العالم على مقياس العقل، لا العقل الإنساني الذي لا يفهم العالم إلا في حدود طاقاته، أي في حدود ما هو مشترك بينه وبين العقل الإلهي، وإنما على مقياس العقل الإلهي الكلي

نشرات مؤلفاته

هناك نشرة كاملة لمؤلفات جالليو بعنوان: Opere di Galileo, Galilei-Edizione Nazionale، أشرف عليها 1 Del lungaj A. Farraro، في عشرين مجلداً، طبعت في فيرنتسه في السنوات ١٨٩٠ - ١٩٠٩. وأعيد طبعها في ١٩٢٩ - ١٩٣٩. ثم طبعت طبعة جديدة ابتداء من سنة ١٩٦٤. وتحت عنوان Opere نشرها.P Paganini في ه مجلدات، فيرنتسه ١٩٢٥، وطبعت طبعة جديدة في سنة ١٩٦٤. تم طبعها s. Timpanaro في مجلدين، ميلانو ١٩٣٦ -١٩٣٨ ؛ وطبعها F. Flora في ميلانو سنة ١٩٧٣. وتحت عتوان Il pensiero di G.G نشر G. Papini شذرات فلسفية لجالليو؛ في مدينة Lanciano سنة١٩٠٩ .

جاليوس

مؤلفاته

-«في الحركة"، سنة ١٥٩٠-١٥٩١.

-«ميكانيكيات»،سنة ١٥٩٤-٥٩٥.

-»الرسول السماوي«، سنة ١٦١٠

, «قول في الأشياء التي تقوم في السماء«، سنة ١٦١٢.

٠ «رسائل عن البقع الشمسية» ، سنة ١٦١٣

- «المحاول» 1 saggicatoreل، سنة ١٦٢٣.

- "حوار حول النظامين الكبيرين للعالم"، سنة ١٦٣٢.

- «أقوال وبراهين رياضية تتعلق يالعلوم الطبيعية» ، سنة١٩٣٨.

الموسوعة

جاليليو (1564 ـ 1642م). عالم فلكي وفيزيائي إيطالي. كان يدعى مؤسس العلوم التجريبية المعاصرة. استخدم جاليليو ولأول مرة التلسكوب الانكساري بشكل فعّال لكشف حقائق جديدة ومهمة عن علم الفلك. اكتشف أيضًا قانون الأجسام المتساقطة وقانون البندول. كما طور التلسكوب الانكساري وحسّنه.

حياته الأولى. وُلد جاليليو جاليلي بمدينة بيزا بإيطاليا في 15 فبراير 1564م. وفي أوائل السبعينيات من القرن السادس عشر رحلت أسرته إلى فلورنسا، حيث بدأ دراسته النظامية في مدرسة بديْر قريب من منطقته. قرّر والد جاليليو أن يصبح ابنه طبيبًا فبعث به إلى جامعة بيزا عام 1581م. حيث درس الطب وفلسفة أرسطو خلال أربعة أعوام.

اهتماماته العلمية المبكرة. كانت سنوات الدراسة التي قضاها جاليليو ببيزا بمثابة نقطة تحول. فهو لم يكن يهتم بالطب، إلاّ أنه اكتشف ميوله للرياضيات. وفي عام 1585م أقنع والده برغبته في ترك الجامعة، وعاد إلى مقر أسرته بفلورنسا حيث قضى الأعوام الأربعة التالية معلمًا للرياضيات. وخلال هذه الفترة بدأ مناقشة فلسفة أرسطو وأفكاره العلمية. وفي نفس الوقت استطاع أن يلفت الانتباه العامة إلى نظريته الحديثة في الاتزان السكوني السائلي عن طريق جهاز يستعمل لتحديد جاذبية الأجسام (ثقلها النوعي) بوزنها في الماء.

وفي عام 1589م،عين جاليليو في منصب أستاذ (بروفسور) للرياضيات بجامعة بيزا. وقد تطلب هذا الموقع أن يقيم دورات دراسية في علم الفلك على أساس نظرية العالم الفلكي اليوناني بطليموس القائلة بأن الشمس وجميع الكواكب تدور حول الأرض. انظر: بطليموس. وقد عمق إعداده لهذه الدورات من فهمه لنظرية علم الفلك. وفي عام 1592م عمل أستاذًا للرياضيات في جامعة بادو، حيث قضى ثمانية أعوام. وخلال هذه الفترة أصبح مقتنعًا بصدق النظرية التي اقترحها عالم الفلك البولندي نيكولاس كوبرنيكوس، القائلة: إن جميع الكواكب إضافة إلى الأرض تدور حول الشمس. انظر: كوبرنيكوس، نيكولاس.

النضج المهني العلمي. في عام 1609م أنشأ جاليليو تلسكوبًا خاصًا، وبتوجيهه إلى السماء رأى بوضوح الدليل القاطع على أن كثيرًا من ادعاءات أرسطو وبطليموس عن السماء خاطئة، وهو صاحب الرأي القائل بأن سطح القمر ذو نُقَر وجبال، وأنه كثير الشبه بالأرض وليس أملس كما أدعى أسلافه. وفي 1610م اكتشف أربعة أقمار تدور حول كوكب المشتري. وقد أطلق عليها كواكب مديشيان، إرضاء لأسرة مديتشي التي كانت تحكم فلورنسا آنئذ.

في عام 1610م، عيّن الدوق الأكبر في توسكانيا، جاليليو في منصب عالم الرياضيات الشخصي. وأعاد هذا المنصب جاليليو إلى فلورنسا، حيث واصل دراساته عن السماء. كما أنه صرح بملاحظاته عن البقع الشمسية وعن كوكب الزُّهرة، ولاحظ أن الكوكب يتدرج عبر مراحل كتدرج القمر. أكدت هذه الحقيقة شكوكه في علم الفلك البطليموسي، وعمقت إيمانه بصحة نظرية كوبرنيكوس القائلة بأن الأرض والكواكب تدور حول الشمس. وأكسبه ما صدر من منشورات تحوي هذه الاستنتاجات ابتداءً من عام 1610م شهرة واسعة.

عكف جاليليو على إعداد بحث عن الحركة، وبخاصة حركة الأجسام المتساقطة بحرية. وتتلخص المشكلة ـ كما رآها ـ في أن نظرية أرسطو المتعلقة بالحركة، والتي تُرجع جميع الحركات لأرض ثابتة في محور العالم، جعلت من الصعب الاعتقاد بأن الأرض حقيقة تتحرك. ومن بين أهم النتائج التي تمخض عنها هذا البحث قانون البندول، وقانون الأجسام المتساقطة بحرية. وقد أثبت قانون جاليليو عن الأجسام المتساقطة أن الأشياء تسقط بنفس السرعة، بغض النظر عن وزنها. انظر: البندول؛ قوانين الأجسام الساقطة.

جاليليو والكنيسة الرومانية الكاثوليكية. جلب الدهاء الذي اتصف به جاليليو وسخريته من خصومه كثيرًا من العداء له. وفي عام 1613م كتب جاليليو خطابًا حاول فيه شرح نظرية كوبرنيكوس واتساقها مع التعاليم الكاثوليكية وتراجم الإنجيل الصحيحة. وفي أوائل عام 1616م استدعي جاليليو إلى روما للفصل رسميًا في صحة آرائه. على الرغم من تبرئته من التهم التي أشيعت عنه، أمروه بعدم التعرض أو الدفاع عن نظرية كوبرنيكوس. وبعبارة أخرى عليه أن يعالج نظرية كوبرنيكوس بشكل افتراضي، وليس على أساس أنها ثابتة الصحة.

في عام 1632م نشر جاليليو عمله العلمي الشهير الأول، حوار يتناول نظامين عالميين رئيسيين. وقارن في عمله هذا بين نظرية بطليموس ـ أرسطو ونظرية كوبرنيكوس ليوضح أن نظرية كوبرنيكوس منطقيًا هي الأمثل. استُدْعيَ جاليليو مرة ثانية إلى روما، متهمًا بعصيان الأوامر صراحة، حيث أُمرَ بعدم التعرض أو الدفاع عن نظرية كوبرنيكوس. وفي عام 1633م أكد المحققون بأن جاليليو مذنب في هذه التهمة، وأجبروه على أن يتخلى علنًا عن معتقده. وحكموا عليه بالسجن المؤبد.

ونظرًا لأن جاليليو كان قد تقدم في السن، وتدهورت صحته، فقد سمحت له الكنيسة بقضاء عقوبة السجن رهن الاعتقال المنزلي في فيلا خارج فلورنسا. قضى جاليليو ما تبقى من عمره في عزلة تامة، وأصيب بالعمى. وعلى الرغم من صحته المتردية، استطاع أن يكمل عمله العلمي الثاني، معالجة علمين حديثين. وفي هذا العمل أورد جاليليو إثباتًا رياضيًا لنظريته الحركية الحديثة ودراسة عن قوة الشد في المواد.

وفي عام 1979م، أي بعد 350 عامًا على وجه التقريب منذ إدانته، أعلن البابا جون بول الثاني بأنه ربما كانت الكنيسة الكاثوليكية قد أخطأت بإدانة جاليليو، وكوَّن لجنة لتقصي حقيقة الأمر.

مساهمات جاليليو العلمية. يختلف المؤرخون في دور جاليليو كمؤسس للعلم التجريبي المعاصر. فبعضهم لايعتقد بأن التجريب بالمعنى المعاصر، أدّى دورًا مهماً في كل إنجازاته العلمية. ويحتج هؤلاء المؤرخون بأن أصالة جاليليو تكمن في تناوله المسائل العلمية. فهو أولاً، كان يبسط تلك المسائل ويصوغها في مصطلحات بسيطة على أساس التجارب اليومية والمنطق المتعقل، ثم يقدم على تحليلها وحلّها وفقًا لمواصفات رياضية. وقد أدى نجاحه في تطبيق هذه التقنية على التحليل الفيزيائي، وخاصة فيزياء الحركة، إلى فتح الطريق لتطوير الفيزياء الرياضية المعاصرة.

انظر أيضًا: الضوء ؛ الفيزياء ؛ العلم ؛ الترمومتر.