سوق العمل

سوق العمل (بالإنجليزية: Labour Market) هو سوق افتراضي نظري ونوع من أنواع الأسواق الاقتصادية، يتواجد فيه الباحثون عن العمل والعارضون لفرص العمل من أصحاب الشركات وغيرهم الذين يخلقون مكان العمل ويبحثون عن اليد العاملة لديهم.

فى سوق العمل يتحول الجهد الإنسانى (أو قوة العمل) إلى سلعة، تباع وتشترى وفقا لشروط يصفها القانون بأنها عقد عمل. وقد تطورت عمليات بيع وشراء العمل الحر - من الناحية الرسمية - تطورا كبيرا مع ازدهار الرأسمالية، وإن كانت بعض السبل البديلة للتصنيع (كالاشتراكية الواقعية مثلا) قد عرفت بعض أشكال العمل المأجور، وإن كانت لم تعرف سوق حرة للعمل، بالمعنى الدقيق لكلمة السوق. ويذهب علماء الاقتصاد إلى أن سوق العمل، شأنه شأن عوامل الإنتاج الأخرى يمكن فهمه كحالة خاصة من حالات النظرية العامة للأسعار، حيث يتحدد السعر (وهو هنا الأجور أو المرتبات) تبعا لمتغيرى العرض والطب. ومع ذلك فقد أوضحت الدراسة العلمية لأسواق العمل الفعلية أنه لا وجود - فى الحقيقة - عادة لكثير من الشروط الأساسية التى تفترض نظرية السعر وجودها. فحراك العمال بين مختلف أنواع الوظانف لا يحدث الا ببطء شديد فى غالبية الأحوال أو هو لا يحدث على الإطلاق، وأن البناء الفوضوى للفروق فى الأجور ليست له سوى علاقة واهية بالمعروض والمطلوب من قوة العمل، وأن ظواهر التمييز (التفرقة)، والوصم، والعنصرية، والانحياز الجنسي للرجل أمور واسعة الانتشار فى سوق العمل الفعلى، والحقيقة أنه يتعين استكمال التفسيرات الاقتصادية للعمليات التى يشهدها سوق العمل بالتحليلات السوسيولوجية، أو إحلالها محلها تماما فى أحيان أخرى، وهو الأمر الذى من شأنه أن يخلق ميدانا واعدا يقوم على تضافر عدد من التخصصات.

نظرية الاقتصاد الكلاسيكي الجديد

ترى نظرية الاقتصاد الكلاسيكى الجديد أن عمليات التبادل التى تتم فى سوق العمل عمليات طوعية، وأن أطرافها يدخلون فيها لأن ثمار التبادل التى يجنيها كل طرف من وراتها تكون أفضل له من أى اختيارات أخرى. وسوق العمل سوق تنافسى لأن هناك عددا كبيرا من المشترين الذين ينتظرون شراء كل سعلة معروضة، والعكس بالعكس (فكل وظيفة مطلوبة يوجد فى مقابلها عدد كبير من الراغبين فى بيع عملهم).. والملاحظ أن كلا من المعروض من قوة عمل العمال الفعليين والمحتملين، والطلب على العمل من جانب أصحاب الأعمال يتفاعل مع بعضهما البعض بحيث يصلا إلى سعر متوازن (انظر مادة: التوازن) للعمل. فإذا ارتفع سعر العمل فوق مستوى التوازن لأى سبب من الأسباب، كأن يتم التوصل مثلا إلى تحديد حد أدنى للأجور على المستوى القومى أو بفعل عملية مساومة قوية تقوم بها النقابات العمالية، فسوق نجد أرباب العمل يعمدون فى هذه الحالة إلى تقليل عدد الوظائف التى يعرضونها. أما إذا حدث انخفاض فى سعر العمل، فسوف نجد أرباب العمل يقومون بزيادة أعداد الوظائف التى يطلبون شغلها، هذا مع افتراض بقاء بقية المتغيرات على حالها. وتفترض النظرية الاقتصادية لسوق العمل -أيضا - أن كلا من الاحتكارات وصور التمييز سوف تختفى فى المدى البعيد، ومن ثم يزداد احتمال ألا تصبح قيودا دائمة على الأفراد. من ناحية أخرى ترى النماذج الاقتصادية لسوق العمل أن العمال يشكلون "طابورا" فى انتظار الوظائف المتاحة، حيث يعمد أرباب العمل إلى اختيار الأصلح منهم أولا: فيبدأون باختيار الأفراد ذوى المؤهلات الأعلى، و الأفراد الأكثر خبرة، والأوسع مهارات مفضلين إياهم على الأقل حظا من كل ذلك. ويترتب على ذلك أن العاطلين سوف يتشكلون دائما من الأفراد الأقل مؤهلا أو عديمى المؤهلات، وذوى المهارات الأقل، وخبرات العمل الأقل، وأن الأفراد الذين يعانون من المشكلات الاجتماعية أو النفسية أو غيرها سوف يكون أمر تشغيلهم أكثر صعوبة. كا يقر ذلك النموذج بوجود بعض أشكال التمييز الرشيد.

وتفترض كثير من النماذج الاقتصادية أن الأفراد لديهم قدر وفير وكامل من المعلومات التى تسمح لهم باتخاذ قرارات رشيدة فى حدود قيود معينة، وأنهم يكيفون الأسعار التى يعرضونها أو يطلبونها وفقا لذلك. و لكن البحوث الإمبيريقية استطاعت أن تقنع بعض علماء الاقتصاد أن يؤمنوا بان جمع المعلومات وتحليلها عملية مكلفة من حيث الوقت والمال، بحيث تظهرمواضع قصوروخلل فى سوق العمل بسبب نقص أو عدم كفاءة المعلومات، وأصبحوا يتقبلون نماذج الاختيار الرشيد بوصفها نماذج أكثر واقعية من نماذج السلوك الساعى إلى تعظيم العائد.

الفرق بين أسواق العمل وأسواق السلع الأخرى

من الأمور الأساسية فى الدراسات السوسيولوجية لأسواق العمل التسليم بأنه على الرغم من أن قوة العمل تباع وتشترى من الناحية الإسمية، إلا أنها تفتقر إلى الكثير من سمات السلع الأخرى فى المجتمع الرأسمالى. وتساعد تلك الفروق - بين قوة العمل وسائر السلع - على تقديم المزيد من تفسير لماذا يمثل سوق العمل صورة مشوشة فى ناظرى أصحاب نظرية السعر. وهنا يتعين أن ناخذ أربعة متغيرات فى الاعتبار:

  • المتغير الأول أنه بالنسبة للعمل، كما هو الحال بالنسبة لأى خدمة أخرى، هناك مجال للغموض حول العوامل التى تشكل تحديدا الكمية المناسبة من العمل (أو الجهد) الذى يبذل وفاء بالعقد المبرم بين الطرفين. وهناك أيضا غموض شائع بشأن ما يشكل كمية العمل اليومى الممعقولة مقابل الأجر اليومى المعقول، خاصة إذا كانت تحدث تغيرات متكررة فى مهام العمل. ولأن مثل هذه المساومة على الجهد (انظر مقايضة الجهد) تتم حتى فى ظل أكثر ظروف العمل روتينية وانتظاما، فسوف نتبين أن القيم، والعرف، والممارسات الواقعية، والقواعد الإدارية، والقوة النسبية لكل من رب العمال والعمال تمتل عوامل لنا نفس درجة أهمية آيات السعر فى تحديد نتانج سوق العمل.
  • المتغير الثانى أن عدم المساواة فى الآجور وفى ظروف العمل يعكس مستوى تتظيم القوى العاملة، كما يعكس حالة المنافسة فى سوق العمل. ومع أن عقد بيع قوة العمل يعنى فى النظرية القانونية تساوى طرفى العقد فى إبرامه، الا أن ذلك لا يتسق مع حقيقة عدم التساوى فى القوة التى نلاحظها عادة بين أى عامل يتفاوض بمفرده من ناحية وصاحب العمل من ناحية أخرى. وبسبب تلك الحقيقة حرص العمال فى كثير من الظروف وفى عديد من الأمم أن يتجهوا منذ بدايات التصنيع إلى مواجهة هذا الوضع بتأسيس النقابات العمالية. وبذلك أصبح وجود المساومة الجماعية يعمل على التقليل من قيمة الأفكار المعيارية التى يقوم عليها السوق، فقد أحلت المساومة الجماعية نظام تحديد الأجور عن طريق القواعد محل عملية تحديد الأجور عن طريق آيات السعر. كما عملت المساومة الجماعية على إدخال المقانون والسياسة فى تنظيم شئون السوق. ويبدو أن تقبل عقود العمل المجماعية واتفاقيات تحديد الأجور قد تحولت إلى قضية عدم استقرار سياسى محتمل فى شتى أنحاء العالم الصناعى، وكذلك قانونية النقابات والاتحادات التى تمثل العمال تمثيلا جماعيا، هذا إذا أغضينا الطرف عن الجزاءات والخدع وأساليب التحايل التى يستخدمها كلا الطرفين أثناء اشتغال الصراع الصناعى. ولذلك حاولت أغلي المجتمعات أن تحيط سوق العمل بعديد من الضوابط والتنظيمات القانونية والإدارية السياسية.
  • العامل الثالث: كثيراً ما يسعى أرباب العمل و النقابات العمالية إلى خلق ما يمكن أن نسميه أسواق عمل داخلية، وهى عبارة عن شبكات ونظم متدرجة من ا لوظائف التى يحدد الدخول إليها بمقتضى قواعد التحاق محددة ونظم ترقى داخلية مرسومة. فعن طريق قرض ضوابط على الالتحاق ببعض الوظائف تستطيع النقابات العمالية - مثلا - أن تقيد عملية التدريب على حرفة معينة، ومن ثم يمكنها فرض أجور وظروف عمل متميزة للمشتغلين بتلك الحرفة. كذلك يستطيع أرباب العمل أن يجزئوا طلباتهم من القوة العاملة بتنويع ما يقدمونه من مزايا ونظم ترقية لكل فئة من الوظائف، وذلك من أجل الحفاظ على العمال المتخصصين فى مهن بعينها وإثابتهم على ذلك، على حين يقتصرون على تقديم مزايا أقل من المعتادة للعاملين بمهن أخر ى، أو اللجوء إلى أسلوب التشغيل المرن. (وعلاوة على هذا يذهب بعض الدارسين إلى أن أسواق العمل الداخلية تقوم فى جانب منها على التحيز والتعصب الشامل الذى يدفع أصحاب العمل إلى تقسيم القوة العاملة لديهم والسيطرة عليها). كما نلاحظ أن الانتماء الأسرى والانتماء إلى أحياء بعينها قديعملهوالآخر - فى كثير من الظروف - على حظر الالتحاق ببعض الوظائف على أفراد من خارج مكان العمل الفعلى، الأمر الذى يؤدى فى الحقيقة إلى تدعيم وتأكيد سوق العمل الداخلى القائم على تلك الأسس.
  • المتغير الرابع: أنه ما زالت هناك كثير من الصناعات والمواقف التى يتسم العاملون فيها بالعجز النسبى وعدم التنظيم، بحيث تكون الأجور وظروف العمل أدنى بكثير مما لو استخدم العمال قوتهم الجماعية. وقد أوضحت البحوث فى هذا الصدد أن التنظيمات النقابية يصعب إيجادها بين عمال المصانع القليلة العدد، وفى قطاع التجزئة والخدمات الشخصية، وفى الأعمال التى تتم لبعض الوقت والتى تتم من الباطن، وكذلك بين النساء، والأقليات العرقية، والشباب. فالعزلة و الحجز تفسر ان لنا ما توصلت اليه البحوث من نتانج معروفة تؤكد انخفاض الأجور بشكل عام وعدم ضمان الوظيفة بين العمال المنتمين الى القطاعات التى سبق ذكرها.

نظرية العمل المزدوج

ذهب أصحاب النظرية المعروفة باسم نظرية سوق العمل المزدوج، منذ عدة سنوات، إلى القول بأن أسواق العمل يمكن تقسيمها إلى قطاع أولى يشمل وظانف سوق العمل الداخلى ذات المستوى المرتفع نسبيا من الأجور، وقطاع ثانوى يشمل العمالة ذات الأجور الأدنى والدرجة الأقلمن الأمان الوظيفى، وهى التى تقترب أكثر من النموذج التتافسى المعروف. وقد شجعت مثل هذه النظرية قيام نوع من التعاون بين فريق من علماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد الذين كان لديهم الاستعداد للتشكك فى المسلمات والتصورات المسبقة لكلا العلمين. ولكن الدراسات الإمبيريقية التى أجراها كل من علماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد قد أوضحت أن الظواهر الشاذة وغير المالوفة وتجزؤ سوق العمل لا يمكن استيعابها كلها ببساطة داخل تقسيم ثنائى بسيط واحد، وهى فى سسبيلها إلى أن تؤسس اتجاهات ورؤى أكثر تعقيدا وأكثر اعتمادا على تضافر عدة تخصصات علمية (مثل نظرية تجزؤ سوق العمل).

ومع ذلك فإن هناك شكلا رئيسيا من أشكال الثنائية فى سوق العمل توفر الدليل العلمى على وجوده، بل أصبح جليا مفهوما ونعنى به: الفروق المستمرة الثابتة فى الأجور، وظروف العمل، وأنماطه بين العاملين الرجال والعاملات النساء. وقد ذهب علماء الاقتصاد - على سبيل المثال - إلى أن تشريعات توحيد الأجور بين الرجال والنساء سوف تؤدى إلى رفع الأجر النسبى لعمل المرأة، ومن ثم إلى تقليل عدد الوظائف التى يعرضها أرباب العمل لتشغيل النساء. ولكن الواقع يؤكد أن عمالة المرأة فى مجملها قد زادت فى نفس الوقت الذى زادت فيه دخول النساء نتيجة تطبيق نظم المساواة فى الأجر. ولعله يمكن تفسير هذه الاتجاهات بالنظر إلى سوق العمل على أنه ينقسم إلى عدد من الأسواق المستقلة عن بعضها البعض، كأن نقول إن هناك سوقا للنساء، وسوقا للعمل اليدوى، وسوقا للمتخرجين حديثا غير المدربين، وسوقا للعمال كبار السن، وسوقا للعمال أصحاب المهن التخصصية، وهكذا، وأن نتفق أيضا على أن المنافسة بين تلك الأسواق المنفصلة منافسة محدودة. ويمكن أن نجد أكثر صور تلك الرؤية النظرية تطورا وإحكاما فى نظرية تجزؤ سوق العمل.

ولذلك يمكن القول - بصفة عامة - أن أهم إسهام يمكن أن يقدمه عالم الاجتماع فى نظرية سوق العمل يتمثل فى تحديد العوامل الثقافية والمؤسسية والبنائية التى تساعد فى التعرف على محددات انتماء الأفراد إلى هذا السوق أو ذاك من أسواق العمل، والمسئولة عن أوجه القصور فى عمليات السوق، و عن تحديد نظم المكافأة ودفع الأجر المعمول بها فى الأسواق المختلفة، وأخيرا طبيعة علاقات القوة داخل سوق العمل. وتعرض دراسة جيل روبرى بعنوان: أصحاب العمل وسوق العمل"، المنشورة فى الكتاب الذى حرره جالى بعنوان: العمالة فى بريطانيا، الصادر عام 1988، تعرض لمختلف نظريات سوق العمل، وتدرس الشواهد الدالة على وجود نظام التشغيل المرن، كما تقدم قائمة ببليوجرافية ممتازة بدراسات الحالة التى أجريت فى كل من بريطانيا و أمريكا. وللوقوف على نماذج للتحليلات الإمبيريقية راجع كتاب جيل روبرى وفرانك ويلكنسون (محرران) المعنون :استراتيجية أصحاب العمل وسوق العمل، المنشور عام 1994.

نموذج مثالي لسوق العمل

صاحب العمل

  • صاحب العمل والموظف يكونون احرار في اختياراتهم.
  • صاحب العمل يعطي حرية الاختيار لمرشح العمل, والموظفون لا يستقيلون من فرصة العمل.
  • توجد منافسة قوية بين أصحاب العمل حول المنتجات وبين الموظفين حول العمل (تعدّ هذه المنافسة ذات وضعية تطورية صحيحة).
  • سوق العمل يجب أن يكون شفافا(كي نعلم اين يكون العمل واين لا يكون).

التنقل

  • إذا لم يكن هناك عمل في مدينة معينة نبحث عنه في مدينة أخرى كي نحصل على ظروف حياتية أفضل.
  • من بين المتعلمين الطموحون هم أكثر تنقلا.
  • عادة ما تصنع عراقيل بوجه المتنقلين.
  • ارتفاع أسعار المساكن في المدينة من شانه ان يعيق حركة التنقل في سوق العمل.

رسوم العمل

  • من السهل التكيف مع العرض والطلب بدرجات متفاوتة.
  • المرونة المحدودة من قبل نقابات العمال.
  • النسبية في اعتمادها على البلد.

أنواع أسواق العمل

يقسم سوق العمل حسب :

  • الوضع القانوني للعمل
  • تغطية سوق العمل

الوضع القانوني للعمل

  • السوق القانوني: ونعني به العمل وفقا للقانون ويحصل الدفع فيه وفقا لأقساط الضمان الاجتماعي والصحي.
  • المنطقة الرمادية:أي العمل في السوق السوداء.
  • الحصول على العمل دون تسديد أي قسط يعود بالنفع لصاحب العمل أما للموظفين فهي غير نافعة لهم وهذا يعود إلى أسباب عدة:أبرزها انه لا يمككنا ان نشتكي على صاحب العمل عند وقوع حادث فهو غير متكفل بدفع العلاج الطبي، وعلى الموظف ان يدفع العلاج بنفسه.

تغطية سوق العمل

تنقسم حسب البعد الجغرافي كما يلي :

  • السوق المحلي:العمل في مكان قريب من محل السكن (60-70 كم)
  • السوق الإقليمي:يتعلق بالمنطقة برمتها مثل المقاطعة.
  • السوق القطري: يتعلق بالبلد باكمله.
  • السوق الأجنبي: أي العمل خارج حدود البلد الام.

انظر أيضا