حي بن يقظان

حي بن يقظان اسم قصة عربية أصيلة تمثل شكلاً باكرًا من أشكال الفن القصصي عند العرب، وتبرز أنماط فهم الناس للدين، كما تظهر آراء صاحبها ومفهومه في قضايا العقل والشريعة. وهي تحكي قصة شخص يدعى حي بن يقظان نشأ في جزيرة وحده، وترمز للإنسان، وعلاقته بالكون والدين، واحتوت مضامين فلسفية، وشارك في تأليفها عدة أشخاص من الأدباء العرب والمسلمين فكان أول مؤلف لقصة حي بن يقظان هو الفيلسوف ابن سينا، وكتبها أثناء سجنه، ثم أعاد بناءها الشيخ شهاب الدين السهروردي، وبعدها أعاد كتابتها الفيلسوف الأندلسي ابن طفيل، ثم كانت آخر رواية للقصة من قبل ابن النفيس الذي تنبه إلى بعض المضامين الأصلية الخاصة برواية ابن سينا، والتي لم تكن توافق مذهبه، فأعاد صياغتها لتكون رواية حي بن يقظان عن صالح بن كامل.

إن أشهر مؤلف من بين هؤلاء الأربعة التصقت القصة باسمه هو ابن طفيل (توفي 581هـ، 1186م)، فيلسوف غرناطي عاش في القرن السادس الهجري. ولم يبق لنا من أعماله ـ وهو مقل ـ غير هذه القصة.

وقد صبّ ابن طفيل في هذه القصة آراءه القائلة بعدم التعارض بين العقل والشريعة أو بين الفلسفة والدين في قالب روائي قصصي. نشأ بطل القصة حيُّ بن يقظان في جزيرة معزولة، وكان قد ألقي فيها طفلاً، أو إنه نشأ بشكل طبيعي من مادتها وترابها. وبعد أن نما وترعرع، تأمل الكون الذي حوله فوصل إلى حقيقة التوحيد بالفطرة، وينتقل إلى جزيرة أخرى فيلتقي بشخصين هما سلامان وأبسال. يعلِّم الأول منهما أهل الجزيرة ـ الذين يتدينون تدينًا سطحيًا ـ الحقائق الإلهية والوجودية عن طريق ضرب الأمثال، بينما يميل الثاني إلى التأمل والنظر العقلي وفيه نزعة صوفية.

ويدرك حيُّ بعد أن يتفاهم مع أبسال أن ما توصل إليه من إدراك لحقائق الوجود والكون بالفطرة، وماورثه أبسال عن طريق النبوة إن هو إلا وجهان لحقيقة واحدة، فالكون واحد والخالق واحد، وهو رب السموات والأرض وصانع الموجودات، قد نصل إليه عن طريق التأمل الذاتي كأفراد. لكن الجماعات بحاجة إلى طريقةأبسال في ضرب الأمثال الحسية لمعرفة ذلك، لأنه لا قدرة للعامة على إدراك الحقيقة المجردة التي قد يصل إليها أصحاب التأمل الذاتي والنظر العقلي. والنبوة حق، ولابد منها، والخليقة بحاجة إليها للوصول إلى معرفة الخالق.

إلا أن حَيًا لا يكاشف أهل الجزيرة بالحقيقة كلها، ويعود معأبسال إلى الجزيرة الأخرى ليعبد الله عبادة روحية خالصة حتى يأتيهما اليقين.

وتمثل القصة العقل الإنساني الذي يغمره نور العالم العلوي، فيصل إلى حقائق الكون والوجود بالفطرة والتأمل بعد أن تلقاها الإنسان عن طريق النبوة.

وتؤكد قصة حي بن يقظان على أهمية التجربة الذاتية في الخبرة الفكرية والدينية. وقد تركت آثارها على كثير من الجامعات والمفكرين وتُرجمت إلى اللاتينية واللغات الأوروبية الحديثة.

وكان ابن طفيل أستاذًا لابن رشد الذي سماه دانتي الشارح الأكبر، والذي عن طريقه عرفت أوروبا في عصر النهضة أرسطو وفلسفته. وقد حدد ابن رشد ثلاثة مستويات لفهم الشريعة والدين، وهي ليست بعيدة عن جوهر ما ذهب إليه ابن طفيل في حي بن يقظان؛ فهناك فهم العامة للدين، وفهم الخاصة، وفهم خاصة الخاصة، وإن كان للدين جوهر واحد لا يتغير. وقصة حي بن يقظان وضعت أيدينا على تباين المستويات لهذا الفهم، بشكل روائي قصصي يطرح قضية فلسفية.

وتتجلى براعة ابن طفيل في مزجه الأفكار الفلسفية الدقيقة بالقصص الشعبي، وفي جهده لتسويغ هذه الأفكار منطقيًا وفنيًا. وقد ذكر ابن طفيل تأثره في قصته بفلسفة ابن سينا.

وفي قصة حيّ بن يقظان جوانب من النضج القصصي، وإن كان قالب القصة ليس سوى إطار لصب الآراء الفلسفية والصوفية في النص. وقد قدَّر كثير من النقاد هذا الجهد القصصي لابن طفيل فعدوا حيَّ بن يقظان أفضل قصة عرفتها العصور الوسطى جميعًا.

وقد كان لهذه الرواية أثر كبير لدى (جون لوك) الفيلسوف الإنجليزي، الذي كتب كتاباً يصف فيه العقل كصفحة بيضاء خالية من كل القواعد والمعوقات الموروثة.

وكذلك نشرت دورية (المراسلات الفلسفية للجمعية الملكية) مراجعة ممتازة تمتدح كتاب (حي بن يقظان) المترجم، فكانت هذه الرواية هي الأساس لعديد من روائع الفكر والأدب العالمي مثل كتاب (عقيدة القس من جبل السافوا) للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، وكذلك نجد الأحداث المشتركة واضحة بينها وبين رواية (روبنسون كروزو) للكاتب دانييل ديفو، وقصة ماوكلي فتى الأدغال وشخصية طرزان التي تتحدث معظمها عن سلوك الإنسان عندما يجبر على العيش في بيئة منعزلة وحده.

خلاصة القصة

إن ولادة حي بن يقظان تبقى لغزا، ومع ذلك فإن الرواية السائدة تقول أن حي بن يقظان قد ولد ولادة عادية مألوفة من أم هي شقيقة ملك إحدى الجزر الهندية، ومن أب هو قريب لها اسمه يقظان، ولقد كانت شقيقة الملك قد تزوجته خفية بلا علم شقيقها الذي منعها من الزواج، وعندما وضعت المرأة طفلها خشيت من نقمة شقيقها الملك، فوضعت الطفل في تابوت وألقته في البحر. فحملت الأمواج التابوت حتى ألقته على ساحل جزيرة مجاورة هي جزيرة الواق واق. وصادف أن مرت في المكان الذي استقر فيه التابوت ظبية كانت تبحث عن ابنها الذي فقدته فسمعت صوت بكاء الطفل فاتجهت نحوه، وكان أن عثرت على حي الوليد فأرضعته وحضنته.

يكبر حي بن يقظان وتمر حياته في سبع مراحل. أما الأولى فهي إرضاع الظبية لحي وحضانتها ورعايتها له حتى عمر سبع سنوات. ثم بعد ذلك وفاة الظبية وتشريحها من قبل حي لمعرفة سبب الوفاة، وهنا بدأت تتكون عند حي المعرفة عن طريق الحواس والتجربة. أما المرحلة الثالثة فكانت في اكتشاف النار. أما المرحلة الرابعة فكانت في تصفحه لجميع الأجسام التي كانت موجودة حوله، فكان بذلك يكتشف الوحدة والكثرة، في الجسم والروح، واكتشف تشابه الكائنات في المادة واختلافها في الصور. أما المرحلة الخامسة فكانت في اكتشاف الفضاء وهذا شجعه إلى الخروج من رصده إلى معرفة إن العالم قديم وكذلك نشأته. وعند بلوغه الخامسة والثلاثين من عمره، بدأ حي مرحلته السادسة وهي الاستنتاج بعد التفكير، فتوصل إلى أن النفس منفصلة عن الجسد وهو في التوق إلى الموجِد واجب الوجود. وأخيرا، يصر حي بن يقظان، في المرحلة السابعة على أن سعادته تكون في ديمومة المشاهدة لهذا الموجِد الواجب الوجود ورغبته في البقاء داخل حياة رسمها هو لنفسه.

تفصيل القصة

يتخيل ابن طفيل أن أحداً سأله أن يبثه ما تيسر بثه من أسرار الحكمة المشرقية التي ذكرها ابن سينا ودعا الى طلبها. وهذا أمر لا يمكن أن يقوم به إلا من وصل إلى رتبة من الكشف تتجلى فيها حقائق الأشياء ذوقاً، لا على سبيل الإدراك النظري المستخرج بالأقيسة وتقديم المقدمات وإنتاج النتائج. والأقدمون من الفلاسفة لم يبلغوا هذه المرتبة، لا ابن باجة الذي دعا إليها، ولا ابن سينا وإن لمح إليها، ولا الفارابي الذي جعل همه في المنطق، ولا الغزالي الذي كان يدور حسب الأحوال عند المخاطبين: «يربط في موضع، ويحل في آخر، ويكفر بأشياء ثم ينتحلها»، فضلاً عن أنه حتى كتبه المضنون بها على غير أهلها «لا تتضمن عظيم زيادة - في الكشف - على ما هو مبثوث في كتبه المشهورة».

ويود ابن طفيل أن يبث صاحبه لمحة يسيرة على سبيل التشويق والحث على دخول الطريق. وكما أن أفلاطون لم يستطع أن يعبر باللغة المعتادة المنطقية عن الحقائق العليا إلا بالرموز والأمثال فاستعمل الأساطير، كذلك يلجأ ابن طفيل إلى قصة رمزية، يعبر بها عن بعض الحقائق التي سنحت له، فأنشأ قصة حي بن يقظان.

وحي بن يقظان إنسان ولد في جزيرة من جزائر الهند نحت خط الاستواء. كيف ولد؟ هناك فرضان: فرض يجعله يولد من ابوين شأن أي إنسان آخر، وفرض يجعله يتولد من الطين مباشرة.

فعلى حسب الفرض الأول كان بإزاء تلك الجزيرة جزيرة أخرى عظيمة متسعة الأكناف، يملكها رجل من أهلها شديد الأنفة والغيرة، وكانت له أخت ذات جمال وحسن باهر، فمنعها الأزواج لأنه لم يجد لها كفؤا. وكان له قريب يسمى يقظان فتزوجها سراً، ثم إنها حملت منه ووضعت طفلاً. فلما خافت أن يفتضح أمرها وضعته في تابوت وخرجت به الى ساحل البحر، ثم قذفت به في اليم، فدفعه إلى تلك الجزيرة، حيث ألقى به في أجمة ملتفة الشجر، عذبة التربة، ثم أخذ الماء في النقص وبقي التابوت في ذلك الموضع. واشتد الجوع بذلك الطفل وهو لا يزال في داخل التابوت فبكى واستغاث، فوقع صوته في أذن ظبية فقدت ولدها الذي كان قد خرج من كناسه فحمله العقاب. فتتبعت الظبية الصوت وقد تخيلته صوت ولدها، حتى وصلت إلى التابوت، ففحصت عنه بأظلافها، وهو يئن في داخله، حتى طار عن التابوت لوح من أعلاه. فحنت الظبية عليه وألقمته حلمتها وأروته لبنا سائغاً. وما زالت تتعهده وتدفع عنه الأذى.

ذلك هو الفرض الأول: يقول به الذين يرون أن ولادة الانسان لا بد أن تكون من أبوين. وأما الذين يقولون بالفرض الثاني، أي بإمكان التولد من الطين فإنهم قالوا إن بطناً من أرض تلك الجزيرة تخمرت فيه طينة على مر السنين حتى امتزج فيها الحار بالبارد والرطب باليابس امتزاج تكافؤ وتعادل في القوى. وكانت هذه الطينة المتخمرة كبيرة يفضل بعضها بعضاً في اعتدال المزاج والتهيؤ لتكوين الأمشاج. وكان الوسط منها أعدل ما فيها وأتمها مشابهة بمزاج الإنسان. فتمخضت تلك الطينة وحدث فيها شبه نفاخات الغليان وحدث في وسطها نفاخة صغيرة منقسمة بقسمين بينهما حجاب رقيق، ممتلئة بحجم لطيف هوائي في غاية من الاعتدال اللائق به، فتعلق به عند ذلك الروح الذي هو من أمر الله وتشبث به تشبثاً يعسر انفصاله عنه عند الحس وعند العقل. وهذا الروح دائم الفيضان من عند الله، وهو بمنزلة نور الشمس الذي هو دائم الفيضان على العالم. والروح فياض ابداً على جميع الموجودات. فلما تعلق هذا الروح تلك القرارة خضعت له جميع القوى فتكون بازاء تلك القرارة نفاخة أخرى منقسمة لإلى ثلاث قرارات، بينها حجب لطيفة. وسكن في هذه البطون الثلاثة المنقسمة من واحد طائفة من تلك القوى. ثم تكونت بإزاء هذه القرارة من الجهة المقابلة للقرارة الثانية نفاخة ثالثة مملوءة جسماً هوائياً إلا أنه أغلظ من الأولين.

وهكذا يستمر ابن طفيل في بيان كيفية إيجاد سائر الأعضاء من قلب ودماغ وكبد، حتى تم خلقه وتمت أعضاؤه. ثم استغاث ذلك الطفل عند فناء مادة غذائه واشتداد جوعه، فلبته ظبية فقدت ولدها وقامت بتربيته. وهنا يعود الاتفاق بين أصحاب كلا الفرضين فقالوا إنها قامت بغذاء الطفل أحسن قيام. وكانت معه لا تبعد عنه إلا لضرورة الرعي وألف الطفل تلك الظبية حتى كان بحيث إذا هي أبطأت عنه اشتد بكاؤه فطارت إليه.

ولم يكن بتلك الجزيرة شيء من السباع فترب الطفل ونما حتى تم له عامان وتدرج في المشي، وظهرت أسنانه فكانت الظبية تحمله إلى مواضع فيها شجر مثمر فكانت تطعمه ما تساقط من ثمراتها الحلوة النضيجة، وإذا جن الليل صرفته إلى مكانه الأول.

وحاكى الطفل نغمة الظبية بصوته، وكذلك كان يحاكي جميع ما يسمعه من أصوات الطير وأنواع سائر الحيوان، فألفته الوحوش وألفها. وثبتت في نفسه أمثلة الأشياء بعد مغيبها عن مشاهدته، فحدث له نزوع إلى بعضها، وكراهية لبعضها.

غير انه رأى أن جميع الحيوان مكسو بالوبر أو الشعر أو الريش، ورأى منها ما هو سريع العدو وقوي البطش، ورأى ما لها من الأسلحة التي تدافع بها عن نفسها مثل القرون والأنياب والمخالب. ففكر في ذلك كله، وطال همه وقد قارب سبعة أعوام. هنالك اتخذ من أوراق الشجر العريضة شيئاً جعل بعضه خلفه وبعضه قدامه وعمل من الخوص والحلفاء شبه حزام على وسطه علق به تلك الأشجار. ونازعته نفسه إلى اتخاذ ذنب من أذناب الوحوش الميتة، إلا أنه كان يرى أحياء الوحوش تنخنس (= تنقبض، تتأخر)، إلى أن صادف نسراً ميتاً فأقدم عليه وقطع جناحيه وذنبه وفتح ريشهما وسواهما وسلخ عنه سائر جلده، وفصله على قطعتين ربط إحداهما على ظهره، والأخرى على سرته وما تحتها وعلق الذنب من خلفه، وعلق الجناحين على عضديه، فأكسبه ذلك شداً ودفئاً ومهابة في نفوس الوحوش.

ولم يفارق أثناء هذا كله الظبية التي أرضعته وربته إلى أن أصابها الهزال ثم أدركها الموت، فسكنت حركاتها بالجملة، وتعطلت جميع أفعالها. فلما رآها الصبي على تلك الحالة جزع جزعاً شديداً، وكادت نفسه تفيض أسفاً عليها، فكان يناديها فلا تجيبه. وحاول استطلاع سبب ما جرى لها فلم يهتد. فظل يفتش في كل أعضائها إلى أن اهتدى أخيراً إلى عضو في الجانب الأيسر من الصدر هو القلب. فجرده فرآه مصمتاً من كل جهة، فظل يقلبه ويفحصه فلم يعثر فيه على آفة. فاعتقد أن الساكن في ذلك البيت قد ارتحل قبل انهدامه وتركه بحاله. فتبين له أن الجسد كله خسيس لا قدر له بالإضافة إلى ذلك الشيء الذي سكنه مدة ثم ارتحل. هنالك فكر: ما هو ذلك الراحل؟ وماذا ربطه بالجسد؟ وما السبب الذي ازعجه إن كان خرج كارها؟.

وتشتت فكره في هذ كله، وسلا عن السبب، وعلم أن أمه التي عطفت عليه وأرضعته إنما كات ذلك الشيء المرتحل، وعنه كانت تصدر تلك الأفعال كلها.

وفي خلال ذلك نتن ذلك الجسد فزادت نفرته منه وود ألا يراه، ثم إنه سنح لنظره غرابان يقتتلان حتى صرع أحدهما الأخر ميتاً. ثم جعل الحي يبحث في الأرض حتى حفر حفرة، فوارى فيها ذلك الميت، بالتراب. فاهتدى إلى أن يصنع بأمه صنيع الغراب بزميله، فحفر حفرة وألقى فيها جسد أمه وحثا عليه التراب.

وبقي زمناً يتصفح أنواع الحيوان والنبات ويطوف بساحل تلك الجزيرة فاتفق له أن كان يرى في بعض الأحيان ناراً تنقدح في أجمة قصب أجوف نتيجة احتكاك بعضها ببعض. فلما بصر بها وقف متعجباً. ومد يده إليها، فلما باشرها أحرقت يده. فاهتدى الى أن يأخذ قبساً لم تستول النار على جميعه، فأخذ بطرفه السليم والنار في طرفه الآخر، وحمله إلى داره وكان قد خلا في جحر استحسنه للسكنى. ثم ما زال يمد تلك النار بالحشيش والحطب ويتعهدها ليلا ونهاراً استحساناً لها وزاد أنسه بها، واعتقد أنها أفضل الأشياء التي لديه.

هنالك ظن أن الشيء الذي ارتحل من قلب أمه الظبية لا بد أنه من جوهر النار أو من شيء يجانسه. وأكد ذلك في نفسه ما كان يراه من حرارة الحي وبرودة الميت وراح يحقق هذا الفرض، فعمد إلى بعض الوحوش وشقه حتى وصل الى القلب، فقصد إلى الجهة اليسرى منه وشقها، فرأى ذلك الفراغ مملوءاً بهواء بخاري يشبه الضباب الأبيض، فأدخل أصبعه فيه فوجده من الحرارة في حر كاد يحرقه. ومات ذلك الحيوان على الفور. فصح أن ذلك البخار الحار هو الذي كان يحرك هذا الحيوان، وأن في كل شخص من أشخاص الحيوانات مثل ذلك، ومتى انفصل من الحيوان مات.

ونزع إلى البحث عن سائر أعضاء الحيوان وترتيبها وأوضاعها، وكيانها وكيفية ارتباط بعضها ببعض وكيف تستمد من هذا البخار الحار حتى تستمر لها الحياة به. فقام بتشريح الحيوانات الأحياء والأموات ولم يزل ينعم النظر فيها ويجيل الفكر حتى بلغ في ذلك مبلغ كبار الطبيعيين. فتبين له أن كل شخص من أشخاص الحيوان، وإن كان كثيرا بأعضائه، وتفنن حواسه وحركاته فإنه واحد بذلك الروح الذي مبدؤه من قرار واحد، وانقسامه في سائر الأعضاء منبعث منه، وأن جميع الأعضاء إنما هي خادمة له، وأن منزلة ذلك الروح في تصريف الجسد كمنزلة من يحارب الأعداء بالسلاح التام. والروح الحيواني واحد إذا عمل بآلة العين كان فعله إبصاراً، وإذا عمل بآلة الأنف كان فعله شماً، وإذا عمل بآلة اللسان كان فعله ذوقاً وهكذا. فإن خرج هذا الروح من الجسد، أو فنى أو تحلل بوجه من الوجوه، تعطل الجسد كله وصار إلى حالة الموت.

وفي خلال ذلك تفنن في وجوه الحيلة، فاكتسى بجلود الحيوانات التي كان يشرحها، واحتذى بها، واتخذ الخيوط من الأشعار ومن القصب وكل نبات ذي خيط. وكان في الجزيرة خيل برية وحمر وحشية فاتخذ منها ما يصلح له. وأتم بذلك واحداً وعشرين عاماً.

ثم إنه بعد ذلك اخذ في مأخذ آخر، فتصفح عالم الكون والفساد من الحيوان على اختلاف أنواعه والنبات والمعادن وأصناف الحجارة والتراب والماء والبخار الخ، فاكتشف خواصها وأحوالها.

ثم اتجه إلى مأخذ آخر، إذ ان نظره في سائر الأحياء من الجمادات والأحياء دعاه الى إدراك أن حقيقة وجود كل واحد منها مركبة من الجسمية ومعنى آخر زائد على الجسمية. فلاحت له صورة الأجسام على اختلافها، وهو أول ما لاح له من العالم الروحاني، إذ هى صور لا تدرك بالحس، وإنما تدرك بضرب من النظر العقلي. ولاح له أن الروح الحيواني لابد له ايضاً من معنى زائد على الجسمية، وذلك المعنى هو صورته، وعقله الذي انفصل به عن سائر الأجسام، وهو النفس الحيوانية. ثم أدرك في النبات النفس النباتية، وفي الجماد المادة والصورة.

ونظر في ارتباط الموجودات فعلم بالضرورة أن كل حادث لا بد له من محدث وتتبع الصور التي كان قد عاينها من قبل صورة صورة فرأى أنها كلها حادثة وأيضاً لا بد لها من فاعل. ولاح له مثل ذلك في جميع الصور، فتبين له أن الأفعال الصادرة عنها ليست في الحقيقة لها، وإنما هي لفاعل يفعل بها الأفعال المنسوبة.

فلما لاح له من أمر هذا الفاعل ما لاح على الإجمال دون تفصيل، حدث له شوق حثيث إلى معرفته على التفصيل فتصفح جميع الأجسام فوجدها تحتاج كلها إلى فاعل مختار. وانتقل فكره إلى الأجسام السماوية، وكان قد بلغ ثمانية وعشرين عاماً. فعلم أن السماء وما فيها من الكواكب اجسام لأنها ذوات طول وعرض وعمق. فظل يتصفحها ويتصفح حركاتها فوقف على أن الفلك بجملته وما يحتوي عليه كشيء واحد متصل بعضه ببعض، وأن جميع الأجسام كالأرض والماء والهواء والنبات والحيوان كلها في ضمنه، وكأنه حيوان كبير، وما فيه من ضروب الأفلاك هي بمنزلة أعضاء الحيوان، وأن ما في داخله من عالم الكون والفساد بمنزلة ما في جوف الحيوان من اصناف الفضول والرطوبات.

فلما تبين له أن الكون كله كشخص واحد في الحقيقة وأنه محتاج إلى فاعل مختار تساءل: هل هو شيء حدث بعد أن لم يكن، وخرج إلى الوجود بعد العدم؟ أو هو أمر كان موجوداً فيما سلف ولم يسبقه العدم بوجه من الوجوه؟.

رأى أنه إن اعتقد قدم العالم وأن العدم لم يسبقه وأنه لم يزل كما هو فإنه يلزم عن ذلك أن حركته قديمة لا نهاية لها من جهة الابتداء، وكل حركة فلا بد لها من محرك ضرورة، وعلى ذلك لا بد ان بكون المحرك لامتناهياً، ويلزم لذلك أن يكون بريئاً عن المادة.

وإن اعتقد حدوث العالم وخروجه إلى الوجود بعد العدم يلزم عن ذلك ضرورة أنه لا يمكن أن يخرج إلى الوجود بنفسه، وأنه لا بد له من فاعل يخرجه إلى الوجود، وأن ذلك الفاعل لا يمكن ان يدرك بالحواس، وانه لو كان جسماً من الأجسام لاحتاج إلى محدث وتسلسل ذلك إلى غير نهاية. وإذن فلا بد للعالم من فاعل بريء عن المادة.

فانتهى نظره بكلا الطريقين إلى نفس النتيجة، ولم يضره في ذلك تشككه في قدم العالم أو حدوثه، وصح له على الوجهين جميعاً وجود فاعل غير جسم ولا متصل بجسم ولا منفصل عنه ولا داخل فيه ولا خارج عنه. وانتهت به المعرفة إلى هذا الحد وهو في الخامسة والثلاثين، ورسخ في قلبه من أمر الفاعل ما شغله عن الفكر في كل شيء إلا فيه، وذهل عما كان فيه من تصفح الموجودات والبحث عنها، حى صار بحيث لا يقع بصره على شيء إلا ويرى فيه أثر الصنعة، فينتقل بفكره على الفور إلى الصانع ويترك المصنوع حتى اشتد شوقه إليه وانزعج قلبه بالكلية عن العالم المحسوس وتعلق بالعالم المعقول.

ثم نظر في حواسه، فرأى ان ذاته هذه ليست هذه المتجسمة التي يدركها بحواسه، فهان عنده جسمه وجعل يتفكر في تلك الذات الشريفة التي أدرك يها ذلك الموجود الشريف الواجب الوجود. وتبين له أن كمال ذاته ولذتها إنما هو بمشاهدة ذلك الموجود الواجب الوجود على الدوام مشاهدة بالفعل أبداً، حتى لا يعرض عنه طرفة عين. وراى أن كماله في التشبه بواجب الوجود، والتشبه العالي هو الذي تحصل به المشاهدة الصرفة والاستغراق المحض الذي لا التفات فيه بوجه من الوجوه إلا إلى الموجود الواجب الوجود. وذلك يتم بأن يلازم الفكرة في ذلك الموجود الواجب الوجود، ثم يقطع علائق المحسوسات، حتى تغيب عن ذكره وفكره جميع الذوات، فلا يرى ثم إلا الواحد الحي القيوم.

وبعد أن حلق ابن طفيل ببطله حي بن يقظان هذا التحليق، عاد يه إلى العالم المحسوس، وهو في سن الخمسين، ليصحب «أبسال».

ذلك أنه كان هناك جزيرة قريبة من تلك التي ولد بها حي، وهذه الجزيرة انتقلت اليها ملة من الملل الصحيحة المأخوذة عن بعض الأنبياء. وكان قد نشأ بتلك الجزيرة فتيان من أهل الفضل والرغبة في الخيريسمى أحدهما أبسال والآخر سلامان. وكانا مؤمنين بتلك الملة، إلا أن أبسال كان أشد غوصاً على الباطن، وأكثر عثوراً على المعافي الروحانية وأطمع في التأويل، بينما كان سلامان اكثر تمسكاً بالظاهر وأبعد عن التأويل، وأوقف عن التصوف والتأمل. وكان في تلك الشريعةأقوال تحملعلى العزلة والانفراد، وأخرى تحملعلى المعاشرة، وملازمة الجماعة. فتعلق أبسال بطلب العزلة، بينما تعلق سلامان بملازمة الجماعة.

وكان ابسال قد سمع عن الجزيرة التي نشأ بها حي بن يقظان، فارتحل اليها وكان يطوف بتلك الجزيرة فلا يرى أحداً، إلى أن اتفق ذات مرة أن خرج حي بن يقظان لالتماس غذائه، وابسال قد الم بتلك الجهة، فوقع بصر كل واحد منهما على الآخر، فأما ابسال فلم يشك في أنه من العباد المنقطعين وصل إلى تلك الجزيرة لطلب العزلة عن الناس. وأما حي فلم يدر من هو، لأنهلم يرهعلى صورة شيء من الحيوان الذي عرفه. فوقف يتعجب من أبسال. وولى ابسال هاربا منه خيفة أن يشغله عن عزلته. فاقتفى حي بن يقظان أثره لما كان في طباعه من البحث عن حقائق الأشياء فشرع ابسال في الصلاة والقراءة فجعل حي يقترب منه قليلا قليلا حتى دنا منه بحيث يسمع قراءته وتسبيحه، فسمع صوتا حسنا وحروفا منظمة لم يعهد مثلها في شيء من أصناف الحيوان. فلما أحس به أبسال فر منه، فلحق به حي وأظهر البشر والفرح، وكان بسال قد مهر في كثير من الألسن، فظل يتكلم بكل لسان يعرفه فلم يستطع إفهامه شيئا، وحي بن يقظان في ذلك كله يتعجب مما يسمع ويرى ئ ثم آنس كل منهما بالآخر، ورجا ابسال أن يعلمه الكلام والعلم والدين ليكون له بذلك أجر عند الله وزلفى. فشرع في تعليمه الكلام بان كان يشير به إلى اعيان الموجودات وينطق بأسمائها ويكرر ذلك عليه، حتى جعله يتكلم في أقرب مدة وهنالك سأله أ بسال عن شأنه ومن أين صار إلى تلك الجزيرة فأعلمه حى أنه لا يدري لنفسه ابتداء ولا اباً ولا اماً اكثر من الظبية التي ربته، ووصف له شأنه كله وكيف ترقى بالمعرفة حتى انتهى إلى درجة الوصول. فلما سمع منه ابسال وصف تلك الحقائق والذوات المفارقة لعالم الحس ووصف ذات الله، لم يشك أبسال في أن جميع الأشياء التي وردت في شريعته من أمر الله عز وجل، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخروجنته وناره، هي أمثلة هذه التي شاهدها حي بن يقظان، فانفتح بصره، وتطابق عنده المعقول والمنقول. فتحقق عنده أن حي بن يقظان من أولياء الته. فالتزمخدمته وجعل حي يستفصحه عن أمره، فجعل أبسال يصف له شأن الجزيرة وما فيها من الناس، ووصف له جميع ما ورد في الشريعة من وصف العالم الإلهي والجنة والنار والبعث والنشوروالحشر والحساب والميزان والصراط. ففهم حي بن يقظان هذا كله ولم ير فيه شيناً على خلاف ما شاهده في مقامه الكريم. فعلم أن الذي وصف ذلك وجاء به محق في وصفه، صادق في قوله، رسول من عند ربه فآمن به وصدفه وشهد برسالته. ثم جعل يسأله عما جاء به هذا الدين من الفرائض والعبادات.فوصف له الصلاة والزكاة والصيام والحج وما أشبهها من الأعمال الظاهرة، فتلقى ذلك والتزمه، وأخذ نفسه بأدائه، إلا أنه بقى في نفسه أمران كان يتعجب منهما ولا يدري وجه الحكمة فيهما : لم ضرب الرسول الامثال للناس في اكثر ما وصفه من أمر العالم، وأضرب عن المكاشفة حتى وقع الناس في التجسيم ؟ والثاني :لم اقتصرعلى هذه الفرائض وأباح الاقتناء للأموال والتوسع في المآكل حتى يفرغ الناس للاشتغال بالباطل والإعراض عن الحق ؟ وكان رأيه هو، أيحي بن يقظان، الا يتناول احد شيئاً إلا ما يقيم به الرمق , وأما لأموال فلم تكن لها عنده معى. وكان يرى ما في الشرع من الأحكام في أمر الأموال : كالزكاة وتشعبهاوالبيوع والربا والحدود والعقوبات يرى في ذلك كله تطويلا وكان يستغرب ذلك كله. فاشتد إشفاق حي بن يقظان على الناس وطمع أن تكون نجاتهم على يديه. وفاوض أبسال في الرحيل معاً إلى جزيرته.

واتفق أن ضلت سفينة ووصلت إلى هناك، فركباها وسارت بهما إلى جزيرة أبسال. وكان على رأسها حينئذ سلامان صاحب أبسال. فشرع حي في تعليم أهلها، فجعلوا ينقبضون منه ويدبرون عنه. فيئس من إصلاحهم وانقطع رجاؤه من صلاحهم. وتصفح طبقات الناس فرأى كل حزب بما لديهم فرحين وأما الحكمة فلا سبيل لهم إليها، وان اكثرهم بمنزلة الحيوان غير الناطق. فانصرف إلى سلامان وأصحابه فاعتذر عما تكلم به معهم، وتبرا إليهم منه وأعلمهم أنه قد رأى مثل رأيهم واهتدى بمثل هديهم وأوصاهم بملازمة ما هم عليه من التزام حدود الشرع والأعمال الظاهرة، والاقتداء بالسلف الصالح، والترك لمحدثات الأمور. ثم تلطف هو وابسال في العودة إلى جزيرتهما وطلب حي بن يقظان مقامه الكربم واقتدى به أبسال، وعبدا الله بتلك الجزيرة حتى أتاهما اليقين.

الغاية من القصة

الغاية الرئيسية التي استهدفها منها ابن طفيل هي بيان اتفاق العقل والنقل، اي اتفاق الدين والفلسفة. وحي بن يقظان هو رمز العقل الإنساني المتحرر من كل سلطة ومن كل معرفة سابقة، ومع ذلك يهتدي إلى نفس الحقائق التي أتى بها الدين الإسلامي. فالدين حق، والحق لا يتعدد، ولهذا اتفق الدين والفلسفة. وأبسال رمز لرجل الدين المتعمق المتأول الغواص على المعاني الروحانية، وسلامان رمز لرجل الدين المتعلق بالظاهر، المتجنب للتأويل المتوقف عند الأعمال الظاهرة والمعاني القريبة.

أما الجمهور فلا يعى إلا الظاهر والحرفي ولا يدرك من معاني الدين شيئاً - وواضح من هذ أن ابن طفيل يرتب الناس هذه المراتب الأربع: فأعلاها مرتبة الفيلسوف، ويتلوها مرتبة عالم الدين البصير بالمعاني الروحانية، أي الصوفي، ويتلوها مرتبة رجل الدين المتعلق بالظاهر وهو الفقيه، وأدناها مرتبة الجمهور من الناس.

الفلسفة والعقل والدين

ابن طفيل يركز في هذه الرواية على إيجاد حلول للمشكلات الرئيسية الثلاث التي نوقشت خلال فترة عصره وهي على النحو التالي:

  1. الإنسان بمفرده قادر على الوصول إلى مستوى إنسان كامل من خلال مراقبة الطبيعة والتفكير فيها دون أي تعليم.
  2. المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال الملاحظة والتجربة والاستدلال لا تتعارض مع الوحي بعبارة أخرى يكون الدين والفلسفة (أو العلم) في توافق من غير تعارض.
  3. أمكانية الفرد للوصول إلى المعلومات وحقائق مطلقة وأنه أي إنسان قادر على تحقيق ذلك.

كما صبّ ابن طفيل في هذه القصة آراءه المتجلية في عدم التعارض بين العقل والشريعة أو بين الفلسفة والدين في قالب روائي قصصي. وتمثل القصة العقل الإنساني الذي يغمره نور العالم العلوي، فيصل إلى حقائق الكون والوجود بالفطرة والتأمل بعد أن تلقاها الإنسان عن طريق النبوة. تؤكد قصة حي بن يقظان على أهمية التجربة الذاتية في الخبرة الفكرية والدينية. وقد تركت آثارها على كثير من الجامعات والمفكرين وتُرجمت إلى اللاتينية واللغات الأوروبية الحديثة. في قصة حيّ بن يقظان جوانب من النضج القصصي، وإن كان قالب القصة ليس سوى إطار لصب الآراء الفلسفية والصوفية في النص. وقد قدَّر كثير من النقاد هذا الجهد القصصي لابن طفيل فعدوا حيَّ بن يقظان أفضل قصة عرفتها العصور الوسطى جميعًا.

المخطوطات والطبعات والترجمات

المخطوطات

المخطوطات المعروفة لرسالة (حي بن يقظان) هي:

  1. مخطوط مكتبة بودلي في اكسفورد وتاريخ نسخه ٧٠٣
  2. مخطوط المكتبة الأهلية في مدينة الجزائر، وتاريخ نسخه، سنة ١١٨٠ (١٧٦٦ م).
  3. مخطوط المتحف البريطاني رقم ٩٧٨ (١٠)
  4. مخطوط دار الكتب المصرية، وقد نسب خطأ إلى ابن سبعين وتحت عنوان "أسرار الحكمة المشرقية"، ط١ ج٦ ص٨٨.
  5. مخطوط الأسكوريال، وبه خرم، وأثرت فيه الرطوبة فتلاصقت أوراقه. وكان الغزيري "في فهرست الأسكوريال" قد اخطأ فذكر أنه رسالة في النفس التي ذكرها المراكشي، والواقع أنه "حي بن يقظان" بعينه. ورقم في ط٢: ١٩٩ (٣).
  6. لاند برج - بريل برقم ٥٣٣.
  7. تيمور بدار الكتب امصرية برقم ١٩ حكمة منسوباً إلى ابن سبعين تحت عنوان: "مرقاة الزلفى والمشرب الأصفى".
  8. تيمور بدار الكتب المصرية برقم ١٤٩ تصوف.

الطبعات

طبعاته هي:

  1. بوكوك سنة ١٦٧١ في أكسفورد مع ترجمة لاتينية، طبعة ثانية سنة ٠٠ ١٧ م ؛
  2. طبع في مصر سنة ١٢٩٩ ه ( سنة ١٨٨١ - سنة ١٨٨٢ م ) اربع مرات إحداها في مطبعة الوطن في ٦٠ ص، والثانية في مطبعة وادي النيل في ٤١ ص.
  3. طبع في إستانبول سنة ١٢٩٩ ه مرتين.
  4. وأول نشرة نقدية هي التي قام بها ليون جوتييه Léon Gauthier في الجزائر سنة ١٩٠٠ في ١٢٣ صفحة نص عربي + ١٢٢ ترجمة فرنية ومقدمة في ١٦ صفحة. ولا تزال حتى الآن افضل طبعة.
  5. طبعة في دمشق سنة ١٩٣٥ في ١٤١ ص مع متدمة في٣٨ص للدكتور جميل صليبا وكامل عياد وهذه المقدمة تلخيص لكتاب ليون جوتييه عن «ابن طفيل حياته ومؤلفاته». وقد استعين فيها أيضاً بمخطوط في مكتبة الشيخ محمد الطنطاوي في دمشق، تاريخها ١٢٨٤ عنوانها: «مرقاة الزلفى والمشرب الأصفى» تماماً مثل خطوط تيمور ي
  6. طبعة في القاهرة سنة ١٩٥٢ قام بها أحد أمين، لكنها أسوأ من الطبعات السالفة بكثير ولم يرجع فيها إلى أي مخطوط.

الترجمات

  1. ترجمة بوكوك إلى اللاتينية مع النص لعربي، أكسفورد ١٦٧١،
  2. ترجمة Ashwell إلى الإنكليزية عن الترجمة اللاتينية.
  3. ترجمة Georges Keith إلى الإنكليزية عن الترجمة الينية.
  4. ترجمة Simon Ockley وكان مدرساً للغة العربية في اكسفورد، ترجمها إلى الإنجليزية، لندن سنة ١٧٠٨ م، وأعاد نشر هذه الترجمة *0٧.E. V في القاهرة سنة ١٩٠٥. وهذه الترجمة عن النص العربي.
  5. ترجمة هولندية،، قام بها.S.D.B، أمستردام سنة ١٦٧٢.
  6. ترجمة Georg Pritius.ل إلى الألمانية عن الترجمة ا لاتينية، فرانكفورت سنة ١٧٢٦
  7. ترجمة Eichhon.ت.ل إلى الألمانية، برلين سنة ١٧٨٣ عن النص العربي.
  8. ترجمة p. Bonnle، إلى الإنكليزية عن النص العربي، لندن سنة ١٩٠٤،وأعاد النظر فيها وطبعها منجديد s.Fulton.٨، لندن سنة ١٩٢٩، وعن ترجمة برونله ترجمها إلى الألمانية M. Heinck.٨ في روستوك سنة ١٩٠٧.
  9. وترجمها إلى الأسبانية 1005 Boigues سرقسطة سنة ١٩٠٠ وذلك عن الأصل العربي.
  10. وترجمها أيضاً إلى الإسبانية عن النص العربي أنخل جونثالث بلنثيه Gonzalez Palencia Angel سنة ١٩٣٦.

تأثير القصة على أوروبا

أما عن تأثير «قصة حي بن يقظان» في أوروبا فهناك مسألتان تثيران الحيرة. أولاهما أن الأب اليسوعي جرثيان Baltazar Gracian نشر في سنة 1650 - سنة 1653 كتاباً بعنوان El Criticon والنصف الأول منه يشبه تماماً «حى بن يقظان». فهل كان ذلك عرضاً اتفاقاً؟ هذا مستبعد لشدة الشبه بين كليهما. لكن كيف عرف جريثان بقصة حي بن يقظان؟ إن ترجمة بوكوك لم تظهر إلاسنة ١٦٨١ وكذلك لم ينشر النص العربي إلا في سنة ١٦٨١ فكيف عرف جرثيان: وهولم يكن يعرف العربية، بقصة حي بن يقظان؟ تلك مشكلة لا تزال حتى اليوم دون حل.

كان كتاب (الفيلسوف الذي علم نفسه)، الذي نشر في أوروبا عام 1671م، هي الترجمة اللاتينية التي أعدها إدوارد بوكوك للقصة العربية (حي بن يقظان)، لمؤلفها الكاتب العربي الأندلسي ابن طفيل، ولقد أثارت اهتماما واسعا بين أهل العلم والفلاسفة، وكذلك كانت فكرة إن العقل وحده يقود إلى الخالق، قد أحدثت ضجة في الوسط العلمي في حينها مما جعل الكثير من المفكرين والفلاسفة في الغرب يتهافتون على دراستها وعملوا عدة ترجمات لها بلغات أخرى.

ومشكلة ثانية هي: هناك تشابه بين «حي بن يقظان» وبين قصة روبنصن كروزو Robinson Crusoe تأليف Daniel de Foé، لكن تشابهها اقل كثيراً من التشابه بين قصة «حي بن يقظان» والكريتكون El Criticon لجرثيان. وقصة روبنصن كروزو نشرت سنة ١٧١٩ أي بعد ظهور ترجمة بوكوك. وتأثر بها في الفكرة العامة فحسب، لأن اتجاه ابن طفيل مختلف تمام الاختلاف عن اتجاه دانيل دي فو كما يتبين من تلخيصنا هذا لقصة حي بن يقظان.

ومن الذين أعجبوا بقصة «حي بن يقظان» ليبنتس الفيلسوف المشهور، فقد أطراها إطراء بالغاً، وكان قد قرأها في ترجمة بوكوك اللاتينية.

ومنذ منتصف القرن التاسع عشر والدراسات حولها في أوروبا تتوالى في غير انقطاع وبمختلف اللغات حتى الآن، حتى ليمكن اأن نقرر في اطمئنان أن قصة «حي بن يقظان» كانت أوفر الكتب العربية حظاً من التقدير والعناية والتأثير في أوروبا في العصر الحديث.

انظر أيضًا

هوامش