ابن باجة

ابن باجَة ( ؟ - 533هـ، ؟ - 1138م) هو أَبُو بَكْرٍ مُحمّد بن يحيىٰ بن الصَائِغْ بن بَاجَة التجيبي من أبرز الفلاسفة المسلمين. وُلد في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، وقد اهتم بالطب والرياضيات والفلك والأدب والموسيقى، ويعتبر من كبار فلاسفة الإسلام. كان أحد وزراء وقضاة الدولة المرابطية. يعرف عند الغرب (باللاتينية: Avempace: آفيمبس).

كان ابن باجة ثاقب الذهن، صحيح النظر، صادق الرؤية، قسا عليه الدهر فضاعت معظم مؤلفاته، ولم يبق منها سوى بعض الرسائل والصفحات، كما أن له من المؤلفات مخطوطة في مكتبة برلين، تقع في 440 صفحة.

حياته

أبو بكر محمد بن يحيى بن الصايغ، المعروف بابن باجة، ولد في سرقسطة قرب نهاية القرن الخامس الهجري. وعاش في تلك المدينة ابان حكم المستعين الثاني ( ٤٧٨ -٥٠٣ ه /١٠٨٥ -١١٠٩ م) آخر أمراء بني هود حكام سرقسطة ولارده وتطيله.

ويبدو أن أسرته كانت تشتغل بالصياغة، صياغة الجواهر، لأن كلمة «باجة» معناها: الفضة باللهجة العربية الأندلسية في ذلك العصر، ويبدو أن صاحبنا قد اشتغل مدة بهذه المهنة.

وبرز في الكثير من العلوم: فكان لغوياً وشاعراً وموسيقياً وفيلسوفاً. ولما غزا المرابطون سرقسطة في سنة ٥٠٣ه (١١١٠م) كانت شهرته قد استقرت، بدليل أنه صار من المقربين الى حاكم سرقسطة الذي ولاه المرابطون، وهو إبراهيم بن تيفلويت، الذي كان عاملا على سرقسطة من قبل علي بن يوسف بن تاشفين. وقيل انه صار وزيرا لابن تفلويت هذا، الذي كان يكرمه بسخاء بالغ إذ كان كلاهما يحب الموشحات والموسيقى حتى عينه بن تيفلويت وزيرا وبقي كذلك حتى وفاته بعد أن استطاع ألفونسو المحارب إسقاط دولة بني هود في سرقسطة.

في حوالى سنة ٥٠٩ (١١١٦ م) أي قبل استيلاء الفونس صاحب المعارك على سرقسطة في سنة ٥١١ه (١١١٨ م)، رحل ابن باجة الى الجنوب، فأقام في المرية، وغرناطة واشبيلية وقاين. وفي اشبيلية استقر حيث كان يشتغل بالتدريس والتأليف.

اتجه بن باجة إلى شاطبة حيث كانت لا تزال تحت سيطرة أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين وكانت علاقة بن باجة بابن أبي الزهر والفتح بن خاقان سيئة حتى أن بن خاقان ألف كتاب قلائد العقيان ومحاسن الأعيان رداً على بن باجة اتهمه فيه بالإلحاد والزندقة. ورغم موقف المرابطين المتشدد من العلماء أمثال بن باجة، إلا أنه عين قاضيا على مراكش.

ثم ارتحل لى فاس حيث نال رضا أبي بكر يحى بن يوسف بن تاشفين وصار وزيرا له. وهناك توفي مسموما في سنة ٥٣٣ ه/١١٣٨ م. وتشير عدة مصادر إلى أن أبا العلاء ابن زهر، الطبيب الشهير، هو الذي احتال ليوضع له السم في أكلة باذنجان بما أدى الى وفاته .

وفاته

ولقد کان للفلاسفة في إفریقیة خصوم الدّاء، ولعل ابن باجة کان اسوأ فلاسفة من خصومه حظاً رموہ بالمروق والإلحاد، وقام الفتح ابن خاقان یغري به العامة والرؤساء، وقد کان ابن باجة یشارك الأطباء في صناعتهم فحدوہ حتی بلي بتحن کثیرۃ وشناعات من العوام وقصدوا إھلاکه وسلمه الله منھم۔ وأخیراً نجح الطیب أبو العلاء بن زھر في دس السم له فمات متأثراً به في رمضان عام 533 هـ (مايو 1138م) في فاس، وبھا دفن، وکان قبرہ قرب قبر ابن العربي. وودع ابن باجة الدنیا ولما یتجاوز مضمار الشباب.

مؤلفاته

أورد لنا تلميذه وصاحبه المخلص الوزير أبو الحسن علي ابن عبد العزيز بن الامام - وكان «كاتبا فاضلا متميزا في العلوم، وصحب أبا بكر بن باجة مدة، واشتغل عليه. وسافر أبو الحسن علي بن الامام من الغرب، وتوفي بقوص» (ابن أبي اصبيعة ج2 ص63) في صعيد مصر - نقول انه أورد لنا ثبتا ببعض مؤلفات ابن باجة، يشتمل على 105 كتب ورسائل.

ويسرد ابن أبي أصيبعة لائحة بثمانية وعشرين مؤلفاً ينسبها إلى ابن باجّة، تقع في ثلاث فئات مختلفة: شروح أرسطوطاليس، تآليف إشراقية، ومصنفات طبية. فمن تآليفه في الطب: كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس، كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد، وكتاب اختصار الحاوي للرازي وكلام في المزاج بما هو طبي.

جميع أصول كتبه العربية ضاعت ولم ينتقل إلينا منها إلا ما ترجم في حينه إلى اللاتينية وما نقله من جاء بعده من الفلاسفة كابن رشد. وابن ميمون وأشهر هذه المترجمات (تدبير المتوحد) الذي تخيل فيه مدينة لا يشغل أهلها غير (تدبير) واحد أو غاية واحدة طريقها العقل فتتحقق لها ولهم السعادة. ويقسم ابن باجة غايات الإنسان إلى جسدية وروحانية وعقلية وهذه الأخيرة هي أرقاها. ولابن باجة أيضا (رسالة الوداع) التي أهداها لأحد أصحابه وهو على أهبة سفر طويل خشي ألا يراه بعده، ورسالة (الاتصال) و(كتاب النفس) وكتاب (الكون والفساد)، وكتاب (رسالة الوداع).

  • تآليف إشراقية
  • رسائل ابن باجة الإلهية

مصنفات في الطب

  • كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس
  • كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد
  • كتاب اختصار الحاوي للرازي
  • كلام في المزاج بما هو طب

وقد وصلتنا ثلاث مجموعات من رسائله هي:

مجموعة في مكتبة بودلي بأكسفورد تحت رفم 206 بوكوك. وتشتمل على الرسائل التالية:

  1. من قوله على مقالات السماع الطبيعي لأرسطو الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة .
  2. قوله في شرح الآثار العلوية
  3. قوله في الكون والفساد
  4. قوله على بعض مقالات كتاب الحيوان الأخيرة
  5. من قوله في كتاب الحيوان
  6. كلامه في النباتبات
  7. من كلامه في ماهية الشوق الطبيعي
  8. كلام بعث به لأبي جعفر يوسف بن حسداي
  9. ومن كلامه في ابانة فضل عبد الرحمن بن سيد المهندس
  10. ومن كلامه نظر آخر
  11. من الأمور التي يمكن بها الوقوف على العقل الفعال
  12. من كلامه في البحث عن النفس النزوعية
  13. من كلامه في النفس
  14. من كلامه في تدبير المتوحد
  15. القول في الصور الروحانية
  16. من قوله في الغاية الانسانية
  17. من قوله في العرض
  18. من قوله على الثانية من «السماع»
  19. من الأقاويل لمنسوبة اليه
  20. من قوله في صدر ايساغوجي
  21. من كلامه في لواحق المقولات
  22. من قوله على كتاب « العبارة»
  23. كلامه في القياس
  24. كلامه في البرهان
  25. وكتب الى ابي الحسن بن الامام
  26. كلامه في اتصال العقل بالانسان
  27. قول له يتلو رسالة الوداع ٢٨-
  28. كلامه في الألحان
  29. كلامه في النيلوفر

ب - مجموعة الاسكوريال برقم ٦١٢ (وتاريخ نسخها سنة ٦٦٧ ه) وتشمل على:

  1. تعاليق على كتاب ابي نصر في المدخل والفصول من ايساغوجي
  2. تعاليق على كتاب بار ارمينياس للفارابي
  3. قوله في كتاب البرهان

ج - مجموعة طشقند برقم ٢٣٨٥ وتشتمل على:

  1. رسالة في المتحرك
  2. رسالة في الوحدة والواحد
  3. مقالة في الفحص عن القوة النزوعية. وقد نشر عبد الرحمن بدوي هذه الرسائل الأخيرة في «مجلة المعهد المصري للدراسات الاسلامية في مدريد» ( المجلد ٥ ١ مدريد سنة ١٨٧٠ ص ٢٥ - ٥٤ ) وأعاد نشرها في كتاب: « رسائل فلسفية، بنغازي سنة ١٩٧٣.

د - مجموعة برلين برقم ٥٠٦٠ (فهرست ألفرت ج ٤ ص ٣٩٦ - ٣٩٩ )، وتشتمل على ٢٢ رسالة، وقيل أن هذا المخطوط قد فقد إبان الحرب العالمية الأخيرة، لكن صوراً فوتوغرافية منه لا بد موجودة عند بعض الباحثين.

وقد نشر أسين بلاثيوس أربع رسائل هي:

  1. في النبات
  2. رسالة الاتصال
  3. رسالة الوداع
  4. تدبير المتوحد

وأعاد ماجد فخري نشر الثلاث الأخيرة، ونشر عن مخطوط مكتبة بودلي في اكسفورد الرسائل التالية:

  1. في الغاية الانسانية
  2. قول له يتلو رسالة الوداع
  3. الأمور التي يمكن بها الوقوف على العقل الفعال

وذلك في مجموعة بعنوان: «رسائل ابن باجة الالهية»، بيروت سنة ١٩٦٨. كما نشر «شرح السماع الطبيعي» لابن باجة، بيروت سنة ١٩٧٣.

ونشر عبد الرحمن بدوي نحن كما ذكرنا من قبل الرسائل الثلاث الواردة في مخطوط طشقند.

ونشر سليم سالم: «في كتاب باري أرمينياس لأبي نصر الفارابي عن مخطوط الاسكوريال» و« في كتاب العبارة» عن مخطوط الاسكوريال ومخطوط بودلي - وذلك بعنوان :«ابن باجة : تعليقات في كتاب باري ارمينياس ومن كتاب العبارة لأي نصر الفارابي»، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة ١٩٧٦

والملاحظ على كل ما ورد الينا من مؤلفات ابن باجة أنه يغلب عليه طابع الشذرات، والتكرار، وسوء التأليف وكأنها مجرد تعاليق شتى لا تضمها وحدة تأليفية. ولسنا ندري هل يرجع ذلك الى حال المخطوطات نفسها، أو الى طبيعة تأليفات ابن باجة نفسه.

تأثيره

كان لكتاباته أثر عظيم على ابن رشد ولفلسفة ابن باجّة قيمتان أساسيتان، أولاهما أنه بنى الفلسفة العقلية على أسس الرياضيات والطبيعيات فنزع عن الفلسفة الإسلامية سيطرة الجدل، وخلع عليها لباس العلم. وثانيتهما أنه أول فيلسوف في الإسلام فصل بين الدين والفلسفة في البحث، وانصرف إلى العقل ولهذا اتهم بالإلحاد والخروج عن تعاليم الدين، وقد لام أبو حامد الغزالي لميله إلى التصوف. وقال:

إن الإنسان يستطيع بلوغ السعادة عن طريق العلم والتفكير لا بإماتة الحواس وتجسيم الخيال، كما يفعل المتصوفون، وقد رأى أن الغزالي خدع نفسه، وخدع الناس حين قال في كتابه «المنقذ من الضلال» إنه بالخلوة ينكشف العالم للإنسان"    أصل ابن باجة

مشروعه

عمد ابن باجة إلى العودة بالفلسفة إلى أصولها الأرسطية خالصة كما هي في كتب أرسطو مبتعدا عن أفكار العرفان والأفلاطونية المحدثة فكان بذلك أحد أفراد تيار تجديدي أندلسي حاول فصل الأفكار العرفانية التي اختلطت كثيرا بالفكر الإسلامي والذي بدأ بمشروع ابن حزم الذي عمد إلى تأسيس منهج العودة إلى الأصول واستبعاد القياس في الفقه واستأنف بعد ابن باجة بابن رشد الذي عمد إلى فصل نظام البيان الفقهي عن نظام البرهان الفلسفي. بمصطلح آخر فصل الدين عن الفلسفة كأنظمة استنتاجية وربطهما عن طريق الغايات والأهداف.

فسلفته

راجع تفصيلها في صفحة فلسفة ابن باجة.

  • في الإنسان :

كل حي يشارك الجمادات في أمور، وكل إنسان يشارك الحيوان في أمور... لكن الإنسان يتميز عن الحيوان غير الناطق والجماد والنبات بالقوة الفكرية، ولا يكون إنسانا إلا بها   أصل ابن باجة

  • في منازل الناس:
    • المرتبة الجمهورية: وهؤلاء لا ينظرون إلا للمعقول.
    • المرتبة النظرية: وهؤلاء ينظرون إلى الموضوعات أولاً، وإلى المعقول ثانياً ولأجل الموضوعات.
    • مرتبة السعداء: وهم الذين يرون الشيء بنفسه.