تجريد
إن التجريد هو عملية يتم من خلالها اشتقاق المفاهيم من استخدام وتصنيف المفاهيم الحرفية («الحقيقية» أو «المادية») أو المبادئ الأولى أو وسائل أخرى. و«التجريد» هو نتاج هذه العملية - التي تعد مفهومًا يعمل كاسم فائق الشكل لجميع المفاهيم التابعة، كما أنها تربط أي مفاهيم متصلة مثل مجموعة أو مجال أو فئة.
يمكن تشكيل المجردات من خلال تقليل محتوى معلومات مفهوم أو ظاهرة يمكن ملاحظتها، وعادة ما يحدث ذلك من أجل الاحتفاظ بالمعلومات المتصلة بغرض معين فقط. فمثلاً، تجريد كرة القدم المصنوعة من الجلود لتشمل الفكرة الأعم وهي أنها كرة لا يحتفظ إلا بالمعلومات التي تخص السمات والسلوك العام للكرة، ويتجاهل خصائص تلك الكرة المعينة.
الأصول
يُعد التفكير في المجردات واحدًا من السمات الرئيسية في الحداثة السلوكية، الذي يُعتقد أنه وُضع منذ حوالي 50000 إلى 100000 سنة مضت. وربما يكون وضعه مرتبطًا بشكل وثيق بتطور لغة البشر، والتي يبدو أنها (سواء كانت منطوقة أو مكتوبة) تشترك في عملية التفكير المجرد وتسهلها.
عملية التفكير
في المصطلحات الفلسفية، يعد التجريد هو عملية التفكير التي من خلالها تبتعد الأفكار عن الأشياء.
يستخدم التجريد إستراتيجية التبسيط، التي يتم من خلالها ترك التفاصيل التي كانت مادية سابقًا غامضة أو مبهمة أو غير معروفة؛ وبالتالي يتطلب الاتصال الفعال حول الأشياء المجردة تجربة بديهية أو مشتركة بين المتصل ومتلقي الاتصال. وينطبق هذا على جميع الاتصالات الشفهية/المجردة.
على سبيل المثال، يمكن أن تكون العديد من الأشياء باللون الأحمر. وبالمثل، تجلس العديد من الأشياء على الأسطح (كما في الصورة 1، الموجودة إلى اليسار). وبالتالي، تكون خاصية الـأحمرار وعلاقة الجلوس مجردات لهذه الأشياء. وبالتحديد، لا يحدد مخطط الرسم البياني 1 التصوري إلا ثلاثة مربعات ومجسمين ناقصين وأربعة أسهم (وتسمياتها الخمسة)، في حين توضح الصورة 1 تفاصيل تصويرية أكثر بكثير، مع مجموعات من العلاقات الضمنية كما تتضح في الصورة بدلاً من العلاقات التي توجد بالتفاصيل التسعة الواضحة في الرسم البياني.
يوضح الرسم البياني 1 تفاصيل بعض العلاقات الواضحة بين أشياء الرسم البياني. على سبيل المثال، يصور السهم بين كلمتي agent وCAT:Elsie مثالاً على العلاقة بين النوعين «أ» و«ب» is-a، كما يفعل السهم بين كلمتي location وMAT. وتوضح الأسهم بين الـمصدر SITTING والـاسمين agent وlocation العلاقة الأساسية للـرسم التوضيحي؛ وهي أن «agent يجلس على location»؛ وElsie مثال على CAT.
انظر أيضًا
- البنية المجردة
- موجز (ملخص)
- تفسير مجرد
- شيء مجرد
- شارل ساندرز بيرس
- تولد
- كوتلب فريج
- تجريد ركودي
- تجريد متسرب
- نموذج (مجرد)
- تجريد أليف النواة
- موضوع العقل
- واقعية أفلاطونية
- تجسيد، عملية عكسية للتجريد
- الرمزية
التجريد
التجريد عملية ذهنية يقوم فيها الذهن بالنظر في عنصر (كيفية أو إضافة) من عناصر الامتثال أو التصور، صارفاً النظرعن سائر العناصر إن التجريد يفصل في الذهن ما لا يمكن فصله في الامتثال ويختلف التجريد عن التحليل من حيث أن التحليل ينظر في كل عناصر الامشال الذي يقوم بتحليله
واللفظ اليوناني aphianesis قد استعمله أرسطو بالمعنى الاصطلاحي هذا لاول مرة وكان يعني به العملية التي بها نكون الماهيات الرياضية من المحسوسات. وتقوم هذه العملية في أن يضع، الفكر، بين أقواس، المادة من حيث هى مبدأ الحركة، وليس المقصود بالمادة هنا أية مادة كانت . وإنما المادة كمبدأ للحركة. ذلك أنه بينما كان أفلاطون يرى أن موضوع الرياضيات هو ماهيات معقولة قائمة بذاتها، كان أرسطو يرى أن الرياضيات تتعلق بماهيات محسوسة تشغل مكاناً وتحتوي على كثرة. والفارق بين الرياضيات وبين الفيزياء يقوم في أن الرياضيات لا تنظر في الماهيات الفيزيائية بما هي قيزيائية، أي متحركة، بل تفصلها عن الحركة. فالموجود الرياضي إنما يتكون بواسطة التجريد، أي عزل العنصر الحسي والحركي فيه.
وكان أفلاطون، إزاء تشكيك السوفسطائية في المعرفة الحسية، قد أكد وجود مبادىء وتصورات عقلية محضة، سرمدية، لا تتغير، وهذه المقولات قد عرفتها النفس قبل هبوطها وحلولها في البدن. وهذه المعقولات هي التي تكون العلم الحقيقي المطلق غير المتغير
لكن أرسطو لم يرض بهذا الحل ٠ لقد أقز بالمعرفة العقلية والتصورات العامة: الرياضية وا لميتافيزيقية، أقر بالاختلاف الجوهري بين المعرفة العقلية والمعرفة الحسية ٠ لكنه لم يشأ أن يفصل بينهما فصلاًتاماً كما فعل أستاذه أفلاطون. فقال : إن المعرفة العقلية تستند إلى المعرفة الحسية. وقال عبارته المشهورة : من فقد حساً فقد علماً. وقال إن العقل، قبل أن يعرف، كان مثل لوحة بيضاء للكتابة، لكن لم يكتب عليها شيء ، لكن
التجريد
يمكن أن يكتب عليها أي شيء [راجع «التحليلات الثانية» كتاب «البرهان»] م١ فصل ٨إلىم٢ ف ١٩ ؛ "في النفس» م٣فصل ٢٨،٤
وجاء شارحه الأكبر، الاسكندر الأفروديسي، فقال بتجريد الكلي من أفراده الجزئية: مثل تجريد التصور الكلي: «إنسان» من أفراد الإنسانية، باستخلاص الصفات المشتركة بينكل بني الإنسان، ووضعها في تصور واحد يدل على الحياة والعقل (راجع كتابنا: "شروح على أرسطو مفقودة في اليونانية»، بيروت ١٩٧٢ ). وقد تأثر برأي الاسكندر الأفروديسي كل الفلاسفة المسلمين خصوصاً ابن سينا .
أما في العصور الوسطى الأوربية، فإننا نجد أولاً في عصر الآباء القديس أوغسطين لا يأخذ برأي أرسطو، بل لا نجد عنده أية نظرية تتعلق بالكليات، وعلاقتها بالجزئيات ٠ لكن بؤتيوس Boethius تحدث عن التجريد وربطه بالموضوعات الرياضية. (راجع شرح بؤتيوس على «ايساغوجي» فورفوريوس، في: «محصل الكتاب
نشرة ،Corp Scriptorum ecel. lat. «الكنسيين اللاتين
s. Brandt، ط١٢: ١٠، ١ ص١٦٣ -١٦٧).
وفلاسفة العصور الوسطى الأوروبية الذين شايعوا أوغسطين لم يتناولوا موضوع التجريد. فمثلاً القديس أنسلم الذي من كنتربري لا يرد في كتبه اللفظ abstractio . وفي مقابل ذلك نجد من تأثروا ببؤتيوس يتكلمون عن التجريد واستخلاص الكليات من الجزئيات؛ ونذكر منهم: ابيلارد، ويوحنا الذي من سالسبري، وهوجو سان قكتور.
ولم يخرج توما الأكويني عما قاله أرسطو، خصوصاً كما عرفه ابن رشد وابن سينا: لقد أخذ عن تفسير ابن رشد لكتاب «النفس» لأرسطو (راجع شرة للترجمة اللاتينية: ٧: ٢٧ - ٣٢ وما يتلوها). وكل ما أضافه هو أنه سوي بين العقل الفعال والعقل الممكن، كما أنه أضاف فكرة مسيحية أخذها عن أوغسطين وهي القول بأن: «نور العقل الفعال ٠ الذي يتكلم عنه أرسطو-يصل إلينا من الله مباشرة» (توماس: 10 ،Spirit creat)، وخلاصة ما قاله توما عن التجريد هو أن التجريد يتعلق بالماهية من حيث هي مبدأ يوحد بين الخواص وهوعلى نوعين: تجريد الشكل (أو
الصورة) وهو يؤدي إلى العلم الرياضي، وتجريد الكل وهو يؤدي إلى العلم الأكثر عينية، مثل العلم بطبيعة الأمور الفيزيائية. وعقلنا يقوم بثلاثة أنواع من التمييز: الأول يتعلق بالحكم الذي يرتب ويقسم، وهذا هو الفصل بالمعني الدقيق؛ وهذا هو العملية الخاصة بعلم ما بعد الطبيعة؛ والثاني هو تجريد الشكل (أو الصورة) ابتداء من المادة المحسوسة، وبه نصل إلى ماهيات لأشياء، وهذا هو ما يقوم به العلم الرياضي؛ والثالث هو تجريد الكلي ابتداء من الجزئي وهذا هو موضوع العلم الطبيعي
أما دونس اسكوت فيميز بين علم عياني خال من عملية التجريد لأنه يتعلق بحقائق روحية حاضرة في النفس (مثل معرفة النفس بنفسها) - وبين علم تجريدي ناقص يتعلق بماهيات الأشياء . والتجريد يقوم على الإدراك الحسي.
«فالعقل الفعال يستطيع أن يجرد كل موضوع متضمن في الموضوع الأول (أي: تصور الوجود) الذي يحركه، وأن يعتبر هذا المجرد دون اعتبار ما جرد منه . وفي اعتباره لهذ المجرد، ينظر إليه على أنه مشترك بين المحسوس وما فوق المحسوس، لأنه في هذا المجرد يعتبر ما فوق المحسوس من جهة نظر كلية، وكذلك
(Ord. Id. 3P. Iq. 1-2 & 63, III p. «المحسوس
(445. وتصور الوجود يتجرد من كل ماهية، لأن هذه ينظر إليها يتصورات هي بمثابة فصول نوعية لها، وبالتالي تفترضها.
ثم جاء أوكام Occam بعد ذلك فاكتفى بالعلم العيني ورفض العلم التجريدي لأنه رآه بلا فائدة، وعده معرفة عيانية ناقصة.
أما في العصر الحديث فقد أخذ فلاسفة القرنين السابع عشر والثامن عشر بما قال به أوكام. نجد هذا عند فرنسيس بيكون في كتابه «الأورجانون الجديد» (الكتاب الثاني، ١ مجمل ١ - ٤)، وباركلي في كتابه: "بحث في مبادئء المعرفة الإنسانية» (المقدمة)، وديفد هيوم في كتابه: «بحث في الطبيعة الإنسانية» (الكتاب الأول، القسم الأول، بند ٧)