حدس
هذه المقالة عن حدس. لتصفح عناوين مشابهة، انظر حدس (توضيح).
الحدس (بالإنجليزية: Intuition) في الفلسفة يشير إلى نوع من المعرفة التي لا تستخدم المنطق والاختصاص. يمثل شكلا من أشكال المعرفة ليست من الضروري تفسيرها بكلمات، عادة ما تاتي بطريقة مفاجئة، والتي على أصلها تنقسم الآراء: آلية الحدس تأتى من عمليات السبب والنتيجة (cause-effect)، في حين وفقا لطريقة الأفلاطونية المحدثة، الحدس كمنتج في العقل البشري لا يمكن تفسيره بعقلانية، يتعلق بمعرفة فائقة التي تكمن في نفس منطق السبب والنتيجة، أي معرفة فطرية ولا يتم الحصول عليها.
بالنسبة لأفلاطون وأرسطو، الحدس هو تصور فوري للمبادئ الأولى، وبالتالي تعبير عن معرفة أكيدة لأنه فيها الفكر يصل مباشرة إلى محتوياته، بما أنه الجمع بين الموضوع والشيء، هذين المصطلحين، على الرغم من تناقضهما فهم مكملين لبعضها البعض ومرتبطين ببعضهما.
عرف إيمانويل كانت الحدس أنه طريقة معرفية وقسمة بين حدسين
- "الحدس الحساس" أي معرفة غير فعالة (passive) تأتي عن طريق الحواس،
- "الحدس الفكري"، محور الفلسفات المثالية.
إن الفلسفة كعلم ذات أنماط مختلفة لكن الفلسفة أساسها ماهية الكون ومعر فة أساس وتحديد ماهية العنصر البشري كمخلوق أو عنصر من هدا الكون شاسع وبصفته كائن متميز بالوعي والمحكوم باللاوعي والمشدود إلى رغبته. وكما تهتم الفلسفة باجتماعية الإنسان(أي ينتمي ويعيش في وضمن المجتمع ككائن لا يستطع العيش وحيد نظرا لحاجيته الطبيعية.
في الفلسفة
عالج الفلاسفة الشرقيون والغربيون على حدّ سواء مفهوم الحدس باستفاضة. تتناول فلسفة العقل مفهوم الحدس.
الفلسفة الشرقية
غالبًا ما يتداخل مفهوم الحدس في الشرق بمجالات الدين والروحانية، وثمة معانٍ متنوّعة له متأتّية من عدة نصوص دينية.
الهندوسية
هناك العديد من المحاولات ضمن الهندوسية لتفسير نصوص الفيدا والنصوص الباطنية.
يصنّف الفيلسوف سري أوروبيندو الحدسَ ضمن عوالم المعرفة من خلال الهوية؛ ويُفيد باتّصاف المستوى النفسي لدى البشر (والذي يسمّى مانا في اللغة السنكسريتية) بطبيعتين عشوائيتين، تؤثّر الأولى في التجارب النفسية التي تنشأ عبر المعطيات الحسيّة (سعي العقل إلى الوعي بالعالم الخارجي). وتتمثّل الطبيعة الثانية في الفعل عندما يسعى لوعي ذاته، ما يؤدي إلى إدراك الكائن البشري لوجوده، أو إدراك حالة غضبه، أو إدراك غير ذلك من الانفعالات. يُسمّي أوروبيندو الطبيعة الثانية المعرفةَ من خلال الهوية. يقول بأنه في الحالة الراهنة ونتيجة للتطور فقد درّب العقل نفسه على الاعتماد على بعض الوظائف الفيسيولوجية وردّات فعلها بوصفها وسائل العقل المعتادة للدخول في علاقات مع العالم المادي الخارجي. نتيجة لذلك، وعندما نسعى للإحاطة علمًا بالعالم الخارجي فإن العادة المهيمنة على ذلك السعي تتمثل في الوصول إلى حقائق الأشياء عبر ما تنقله لنا حواسنا. ومع هذا، فإن المعرفة من خلال الهوية، والتي تقتصر وظيفتها الحالية على توفير الوعي بوجود الكائن البشري، يمكن توسيعها أبعد من ذلك إلى ما خارج ذواتنا، وتنتج عن ذلك المعرفة الحدسية.
يعتبر أوروبيندو هذه المعرفة الحدسية مشتركة لدى البشر القدماء (كما ذُكر في الفيدا) وقد حلّ محلّها فيما بعد المنطق والذي ينظّم حاليًا إدراكاتنا، وأفكارنا، وأفعالنا الناجمة عن الفلسفة الفيدية والميتافيزيقية، ثمّ إلى الصمت التجريبي. يرى أوروبيندو أن هذه العملية، والتي تبدو ملائمة، إنما هي دائرة من التقدم، تُدفَع بمقتضاها مَلَكة أدنى ليحلّ محلّها أسلوب عمل أعلى. ويجد أوروبيندو أنه عند تطبيق دراية الذات في العقل على ذات الفرد والذات الخارجية (الآخر)، ينجم عن ذلك هُوية نيّرة جليّة الذات؛ كما يحوّل المنطق ذاتَه إلى شكلٍ من المعرفة الحدسية جليّة الذات.
اعتقد أوشو أن وعي البشر أرقى درجة من الغرائز الحيوانية الأساسية، وفوق الذكاء والحدس، وأن البشر الذين يعيشون في تلك الحالة الواعية على الدوام إنما ينتقلون بين الحالات اعتمادًا على انسجامهم. ويقترح أن العيش في حالة الحدس هي إحدى الغايات العليا للإنسانية.
تعرّف أدفايتا (مذهب فكري) الحدس على أنه خبرة يتمكّن الفرد من خلالها الاتصال ببراهمان خبيرة.
البوذية
تعتبر البوذية الحدس مَلَكة في عقل المعرفة المباشرة، وتضع مصطلح الحدس ما وراء العملية الذهنية للتفكير الواعي، إذ لا يمكن للفكر الواعي بالضرورة الوصول إلى معطيات اللاشعور أو تحويل هذه المعطيات إلى شكل قابل للتواصل. في بوذية الزن، طُوّرت عدة ممارسات للمساعدة على تنمية قدرات المرء البديهية، مثل كوآن –التي يُوصل حلّها إلى حالات من التنوير البسيط (ساتوري). تعتبر بعض الاتجاهات ضمن بوذية الزن أن الحدس حالة عقلية بين العقل الكوني وعقل الفرد المميِّز.
في الفلسفة الغربية
في الغرب، لا يظهر الحدس باعتباره حقلًا معرفيًا منفصلًا، لكن يظهر موضوعه بوضوح في أعمال العديد من الفلاسفة.
الفلسفة القديمة
يمكن تقفّي أوائل التعريفات لمصطلح الحدس إلى أفلاطون. في كتابه الجمهورية، يسعى أفلاطون لتعريف الحدس بوصفه قدرة جوهرية للمنطق البشري لفهم طبيعة الواقع الحقّة. في أعماله مينو وفايدو، يصف أفلاطون الحدس على أنه معرفة مسبقة الوجود تكمن في «روح الأبدية»، وظاهرة يصبح الفرد بمقتضاها مدرِكًا لتلك المعرفة مسبقة الوجود. يضرب أفلاطون مثال الحقائق الحسابيّة، ويفترض أنها لم تُكتشف عبر المنطق. يجادل أفلاطون قائلًا أن تلك الحقائق أصبحت متاحةً باستخدام المعرفة الموجودة أصلًا على هيئة كامنة ومتاحة لقدراتنا الحدسية. يُشار أحيانًا إلى المفهوم الذي يذكره أفلاطون باسم أناميسيس. واصل هذه الدراسة على الحدس خلفاء أفلاطون الفكريين، الأفلاطونيون الجدد.
الموسوعة
الحَـْدس إدراك مباشر لما يراد معرفته دون الاستعانة بالعقل أو الحواس، وهي معرفة تأتي إلى الشخص دون أي تذكُّر واع أو مبررات عقلية شكلية. ويدعو بعض الناس الحدْس خطأ الحاسة السادسة، ولكن منتقدي هذه الفكرة يقولون إن الحدس هو استدلال سريع له مبررات عقلية مرتكزة على حقائق معروفة. ويُظهر البحث عادة أن الحدس يرتكز على الخبرة؛ وخصوصًا خبرة الأشخاص ذوي الحساسية المرهفة. فالخبرة الشخصية هي مخزون من الذكريات والانطباعات. وهذه النتف من الخبرات ـ إذا توفر لها حافز مناسب ـ تتشكل أفكارًا وأحكامًا. وعندها نقول إن الشخص يعرف شيئًا، ولكنه لا يستطيع أن يقول من أين أتت تلك المعرفة. ويدعو الناس هذا النوع من الانطباع المفاجئ حدسًا أو إلهامًا.
يُعتمد على الحدس أحيانًا في أعمال الشرطة السرية وألعاب الورق والتخطيط العسكري. وكذلك يرد غالبًا في العمل العلمي وفي معالجة الأمراض. ويقال إن النساء يمتلكن أحيانًا مقدارًا من الحدس أكبر من الرجال، ولكن ليس هناك شواهد علمية تدعم هذا الادعاء.
الحدس
استعمل ابن سينا الاصطلاح "حدس" وعرفه كما يلي:
« الحدس حركة الى اصابة الحد الأوسط، اذا وضع المطلوب، او اصابة الحد الأكبر، اذا أصيب الأوسط، وبالجملة : سرعة الا نتقال من معلوم لى مجهول ، كمنيرى تشكل استنارة القمر عند أحوال قربه وبعده عن الشمس ، فيحدس أنه يستنيرمن الشمس » ( ابن سينا : « النجاة » ، ص ٨٧ ، القاهرة سنة ١٩٣٨ ) .
لكن استعمال ابن سينا للفظ « حدس » بهذا المعنى الذي قدمه ، لا وجه له من اللغة العربية . فقد ورد في « لسان العرب » .
حدس: الازهري : الحدس : التوهم في معاني الكلام والأمور . بلغى عن فلان أمر وأنا أحدس فيه : أي أقول بالظن والتوهم. وحدس عليه ظنه، يخدسه، ويخدسه، حنسا*: لم يجققه. وتحدساخبا رالناسوعنأخبار لناس: تخبرعنها وا راغها ( • طلبها) ليعلمها من حيث لا يعرفون به... وأصل الحدس : الرمي ، ومنه: حدس الظن : انا هورجم بالغيب . والحدس : الظن والتخمين . يقال : هو يحدس ، بالكسر ( أي كسر الدال ) : أي يقول شيئاً برأيه ٠ ٠ . وحدس الكلام على عواهنه: تعفه ولم يتوقه».
وواضح منكل هذه المعاني أن (ا الحدس» : ظن وتوهم ورجم بالغيب ، وتبعا لذلك لا يعطي معرفة يقينية . فكيف لم ينتبم ابن سبنا لهذا، مع أنه فيما يروي الجوزجافي في ترجمنه له كان يتقن معافي العربية ووضع قاموسا شاملا؟! .
الجواب في رأينا أن التعبير مختصر ، وتمامه : الحدس الصائب . لكننا نراه في مختلف المواضع التي أورد فيها أبن سينا هذا للفظ يستعمله بدون هذا الوصف صائب
كما أننا نجده في كتاب « التعليقات » يستعمله بمعنى الادراكدفعة واحدة . قال : « الحدس بالوسط لا يكون فكر ، فإنه يسنح للذهن دفعة واحدة . و أما طلب الوسط فيكون بفكر وقياس » ( « التعليقات » ، تحقيق د . عبد الرحمن بدوي ، ص ١٤١القاهرة-نة ١٩٧٣ ),
ولم نجد الكندي أو الفارابي أو غيرهما قد استعمل لفظ « الحدس » بالمعنى الذي استعمله به ابن سينا.
العيان
العين
العيان intuition بوجه عام هو الرؤية المباشرة للحقيقة
او الواقع او هو الإدراك المباشر لحقيقة او واقعة ما.
ويطلق العيان بعدة معان متباينة، نحصر منها ما يلي:
٢- العيان الحسي intuition sensible: وهو الإدراك المباشر للمحسوسات، مثل إدراكي الألوان والأضواء الصادرة عن تفاحة أراها امامي، وإدراكي لطعمها إذا ذقتها، ولرائحتها إذا شممتها، إلخ. والإحاس الخالص لا وجود له، بلكل إحاس يختلط بمعرفة سابقة.
ب-العيان التجريبي intuition empirique، وهر الذي يسميه الفارابي وابن سينا باسم: العقل المستفاد. وهو الإدراك المباشر الناشىء عن الممارسة المستمرة، مثل إدراك الطبيب الماهر لداء المريض من عمجرد مشاهدته، وقبل إجراء فحوص وتحاليل طبية.
٣ - العيان العقلي intuition intellectuelle: وهو الإدراك المباشردون براهين - للمعافي العقلية المجردة التي لا يمكن إجراء تجارب عملية عليها، مثل إدراك ان العددلا متناه، وإدزاك لا غهائية المكان والزمان.
٤ - العيان التنبؤي أو الحدسى intuition devinatrice: يجدث احياناً في الاكتنافات العلمية ان تكون نتيجة لمحة ولامعة تطرأ على ذهن العالم بعد طول التجارب، كما يحدث في محاولة حل المسائل الهندسية ان يخطر بالبال فجأة الحل المطلوب، بعد عحاولات عديدة غير مثمرة. وهذا نوع من العيان، الذي نستشعر فيه الحل ونتنباً بالنتيجة قبل إتمام سلسلة البراهين والتجارب.
٥ - الوجدان، وهو العيان الميتافيزيقي. وبواسطته ندرك الأشياء من الداخل، بنوع من المشاركة الوجدانية. ولهذا عرفه «برجسون» بأنه «ذلك النوع من المشاركة الوجدانية العقلية الذي بواسطته ننفذ إلى باطن شيء لنكون شيئاً واحداً مع ما فيه من امر مفرد نسج وحده، وبالتالي غير قال للتعبير عنه». إنه نوع من الغريزة الموسعة المصفاة، إنه الغريزة وقد صارت نزيهة، واعية لنفسها. وقد راينا التعارض الذي وضعه برجسون بين لعقل (-> العقل) وبين الوجدان. وهذا الوجدان هو وحده القادر على فهم الحياة في حركتها الدائمة وتغيرها المستمر؛ وهو يدرك اللامتجانس، والمتوالي الكيفي، والمتصل، وا لمتداخل المتبادل، وما لا يمكن التنبؤ به؛ والحرية، والحياة.
العيان
والعيان عند ديكارت فعل بسيط وحيد، بعكس القول المنطقي فإنه مؤلف من سلسلة من الأفعال العقلية. والعيان، عند ديكارت، هو الذي يدرك الطبائع البسيطة، والعلاقات المباشرة بين ط■ الطبائع. وللعيان اسند ديكارت ثلاث خصائص : (أ) انه فعل تفكير محض، في مقابل الإدراك الحسي؛ (ب) أنه معصوم من الخطا، لأنه ابسط من الاستنباط؛ (ج) وانه ينطبق علىكل ما يمكن أن يقع تحت فعل بسيط للفكر.
اما كنت فيستعمل كلمة العيان Anschauung بمعان عدة: عيانعقلي، وعيانتجريي، وعيانمحض. فالعيان العقلي هوذلك النوع من العيان الذي يدعي البعض ان بواسطته يمكن إدراك الحقاتق القائمة خارج إطار التجربة الممكنة. وكنت يرفض هذا النوع من العيان. ولكنه يقر بالعيان التجريي وهو الذي يتم بواسطة الحساسية ويتعلق بموضوعات عن طريق الإحساسات. اما النوع الثالث، وهو العيان المحض، فهو الذي لا يوجد فيه شيء ينتب إلى الإحاس؛ ريتم على نحوقبلي a Priori كشكل من شكول الحساسية، ودون موضوع واقعي للحى.
ويميزكنت أيضاً بين عيان باطن.innere Ansch اوهو عيان باطننا وأحواكا الباطنية» («نقد العقل المحف،، الحساسية المتعالية، بند ٦ب) وبين العيان الخارجي الذي هو العيان الحسي.
والعيان المحض عنده هو الخالي من الإحساس، ولا يحتوي إلا على شكل الحساسية، وهو ينشا من قانونية الوعي المعاين،وهوضروري وكلي، وقبلي، واصيل، وشرط للعيان التجريبي. بيدأن العيان المحض لا يتناول الأشياء في ذاتها، وإنما يتناول فقط شكل إدراكنا للأشياء، شكل الظاهرة. ,يد ان العيان المحض ليس تصوراً كلياً أو منطقيا تحته يدرك كل ما هو حسي، بل هو نوع خاص تحته يدرك ما هو حسي: ولهذا يحتوي على تصوري المكان والزمان». وهويسبق موضوعات
الإ راك.
ويميز هبسرل بين عيان الماعيات Vesenschau وبين عيان المقولات Kat^gorienschau . الأول يدرك الماهيات المحضة المعطاة لهذا العيان. اما عبان المقولات فهوعيان بعض المحتويات غير الحسية، مثل التراكيب والأعداد.
n
٤