أبارتيد


جزء من المقالات المتعلقة

بالتمييز

الأشكال العامة
عنصرية
عنصرية جنسية
عنصرية عمرية
عنصرية صنفية
عنصرية دينية
زينوفوبيا

أشكال خاصة
أجتماعية
رهاب المثلية · رهاب مغيري الجنس (ترانسفوبيا) · بيفوبيا
قدرية · حجمية · طولية · رشدية
كره النساء · كره الرجال · شكلية
فوبيا التقدم بالسن · طبقية · نخبوية

معاداة شعوب و ثقافات :

الألبان
أمريكيين
عرب
أرمن
أستراليين
بوسنيون
كاتالونيون
كنديون

صينيون أنجليز
أوروبيين
كروات
فرنسيين
ألمان
هنغار
هنود

إيرانيون أيرلنديون
طليان
يابان
يهود
ماليون مكسيك باكستانيون

بولنديون
برتغالييون
كوبيكيون
الروما
روس
صرب
أتراك

ضد ديانات:

البهائية · المسيحية · الكاثوليكية · الهندوسية · اليهودية · المورمون · الإسلام · البروتستانتية

'ظواهر تمييز
عبودية · التنميط العرقي · إعدام بدون محاكمة
خطابات الكره · جرائم الكره · جمعات الكره
العزل العنصري · إبادة جماعية · التطهير العرقي لفلسطين . الهولوكوست · مذابح الأرمن · مذبحة مدبرة
·تطهير إثني · تطهير عرقي · حرب الأعراق . اضطهاد ديني ·
تشهير دموي ·
الأسطورة السوداء
الخوف من الأطفال · الخوف من الشباب

حركات
تمييزية
الآرية · نازيون جدد · كو كلوكس كلان
الحزب الوطني (جنوب أفريقيا)
الحزب النازي الأمريكي
الكاهانية · شوفينية
مناهضة للتمييز
التحرير من العبودية · حريات مدنية · الحقوق المدنية · تصويت النساء · حق التصويت · أنثوية
حقوق الذكور/حقوق الأباء · ذكورية
حقوق الأطفال · حقوق الشباب
حركة حقوق الإعاقة · احتواء حقوق المعوقين
النموذج الاجتماعي للإعاقة · حركة الأوتيزم

سياسات
تمييزية
عزل: العزل العنصري/عرقي/اثني /جنسي/ ديني
أبارتيد · الخط الأحمر · معسكر اعتقال
-مناهضة للتمييز
تحرر · الحقوق المدنية

قوانيين
مشجعة على التمييز
منع اختلاط الأجناس · منع الهجرة
حركات التحريض على الغرباء · قوانيين نورنبيرغ
قوانين جيم كرو · الشفيرة السوداء · قوانين الفصل (جنوب أفريقيا)
-مناهضة للتمييز
قائمة بالقوانين المناهضة للتمييز

أشكال أخرى
محسوبية
تمييز اللون · تمييز اللغة
التعصب للعرق · تمييز اقتصادي
Adultcentrism · انعزالية

مواضيع متعلقه
التصحيح السياسي · التمييز العكسي · تكافؤ النسب · تحامل



طالع أيضاً: عزل عنصري

الفصل العنصري (بالإنجليزية: Apartheid) هي كلمةٌ تؤدي معنى الانفصال في اللغة الأفريكانية (وهي كلمةٌ مشابهةٌ للشِـقين (apart) و(hood) في اللغة الإنجليزية). تُعبرُ الكلمة عن النظام القانوني للعزل العنصري الذي فرضه الحزب الوطني في جنوب أفريقيا بين عامي 1948 وأوائل عام 1994.

بدأت التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا في عهد الاستعمار، ولكن لم يتم عرضُ الفصل العنصري كسياسةٍ رسميةٍ إلا عقب الانتخابات العامة التي جرت عام 1948.صنَّفَ القانونُ الجديدُ السكانَ إلى جماعاتٍ عرقية ("أسود" و"أبيض" و"ملون" و"هندي")، وعُزلت المناطق السكنية عن طريق عمليات الترحيل القسري. حُرمَ السود من الجنسية منذ عام 1958، وأصبحوا ملحقين بموجب القانون إلى واحدٍ من عشرة مناطق قُسِمَت على أساس ٍ قبلي ٍلتُدارَ بالحكم الذاتي. سميت هذه المناطق البانتوستانات، وأصبحت أربعةُ مناطقَ منها ولاياتٍ مستقلةٍ اسميا. قامت الحكومة بالفصل العنصري في التعليم والرعاية الطبية وغيرها من الخدمات العامة، وقدمت للسود خدماتٍ أقل من تلك التي تقدمها للبيض.

أثار هذا الفصل مقاومةً داخلية كبيرة في جنوب أفريقيا.[١] واستـُـقبلت سلسلةٌ من الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية ضد النظام العنصري بحظر ٍللمعارضة وحبس ٍ للقيادات المناهضة للفصل العنصري. وبامتداد الاضطرابات وزيادة عنفها، ردت مؤسسات الدولة بزيادة القمع والعنف.

لم تفلح الإصلاحاتُ التي أجريت على النظام العنصري في الثمانينات بتقليل المعارضة المتزايدة، وبدأ الرئيس فريدريك ويليم دي كليرك مفاوضاتٍ لوضع حدٍ لنظام الفصل العنصري، مما أدى إلى انتخاباتٍ ديمقراطيةٍ متعددةِ الأعراق ِفي عام 1994، والتي فاز فيها حزب المؤتمر الوطني الافريقى بقيادة نيلسون مانديلا. لا تزال بقايا نظام الفصل العنصري تشكل السياسة والمجتمع في جنوب أفريقيا حتى الآن.[٢]

سلائف الفصل العنصري

ملف:ApartheidSignEnglishAfrikaans.jpg
علامة من حقبة الفصل العنصري.

بدأ حكام الاستعمار البريطاني نظام قوانين تنظم اجتياز المارة في مستعمرتي كيب وناتال خلال القرن التاسع عشر.[٣][٤][٥] وكان هذا لتنظيم حركة السود من المناطق القبلية إلى المناطق التي يحتلها البيض والملونون والتي كان تحكمها بريطانيا. لم تصدر قوانينٌ لتقييد حركة السود في هذه المناطق وحسب، ولكنها كانت أيضا لحظر حركتهم من منطقةٍ إلى أخرى دون وجود عقد مُوقع يسمح بالاجتياز. لم يُسمح للسود بدخول شوارع المدن في مستعمرة كاب وناتال بعد حلول الظلام، وكان عليهم حمل رخص الاجتياز في كل الأوقات.

كان قانونُ الانتخاب والاقتراع لعام 1892 قد وَضَع َحدودا على الوسائل المالية والتعليمية للناخبين السود، كما حرم مشروع قانون جمعية ناتال الهنودَ من حق التصويت.بينما حرم مشروعُ قانون "تنظيم الاجتياز العام" السودَ من حق التصويت كليةً وحَدَّهم في مناطق ثابتةٍ لهم وابتدأ نظام الاجتياز الشائن.تبع ذلك قوانينُ مثل: قانون التسجيل الآسيوي (1906) والذي تطلب من جميع الهنود التسجيل وحمل بطاقات اجتياز، وقانونُ جنوب أفريقيا (1910) والذي أثبت حقوق البيض في التصويت وأعطاهم الملكية السياسية الكاملة على غيرهم من المجموعات العرقية، وقانونُ الأراضي الأصلية (1913) والذي حظر على السود خارج منطقة كيب شراءَ الأراضي خارج "المناطق الاحتياطية"، ومشروعُ قانون السكان الأصليين في المناطق الحضرية (1918) والذي صُمِّمَ لدفع السود إلى "المواقع"، وقانونُ المناطق الحضرية (1923) الذي بدأ الفصل العنصري في السُكنَى وقدم العمالة الرخيصة لمصانع البيض، وقانونُ حظر ذوي البشرة الملونة (1926) والذي حظر على السود ممارسة المهن المهارية، وقانونُ الإدارة الوطنية (1927) والذي جعل من التاج البريطاني الرئيس الأعلى لجميع الشؤون الأفريقية بدلا من رؤساء القبائل، وقانونُ أراضي السكان الأصليين والائتمان (1936) والذي أيد قانون الأراضي لعام 1913، وقانونُ تمثيل الأصليين (1936) والذي أخرج السود من قائمة الناخبين في مستعمرة كيب. الجزءُ الأخيرُ من تشريعات الفصل العنصري التي سنتها بريطاني هو مشروع قانونُ الحيازة الآسيوية للأراضي(1946) والذي حظر أي بيع ٍ للأراضي إلى الهنود.

بدأت حكومة الحزب المتحد تحت رئاسة جان سماطس الابتعاد عن التنفيذ الصارم لقوانين التفرقة العنصرية أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكن كان أن أنشأت السلطة التشريعية "لجنة سوير" للتحقيق في آثار سياسات الحزب المتحد وسط المخاوف أن يؤدي الدمجُ إلى الاستيعاب العنصري بين الأعراق المختلفة.وخلصت اللجنة أن التكامل سيؤدي إلى "خسارة الطبائع" التي تملكها جميع المجموعات العرقية.

مؤسسة الفصل العنصري

في أعقاب الانتخابات العامة التي جرت عام 1948، [٦]، وضع الحزب الوطني برنامجه للفصل العنصري، وأضفى الطابع الرسمي على سياسات وممارسات التفرقة القائمة آنذاك، ثم وسع نطاقها لتأسيس نظام ٍ يقنن مفهوم العنصرية وهيمنة البيض على غيرهم من الأعراق. صنفت تشريعات الفصل العنصري السكان والزوار إلى المجموعات العرقية: أسود وأبيض وملون وآسيوي أو هندي.

ومع ذلك، فقد قال فيرنر آيزيلين(و هو الرجل الذي قاد تصميم الفصل العنصري) أن الحكومة لا تستطيع الحفاظ على الفصل العنصري أو التفوق للبيض. [بحاجة لمصدر] واقترح في عام 1948 أن الفصل العنصري هو "تقسيمٌ سياسيٌ" بدلا منه سياسةً للتمييز في المرافق العامة فقط. وبالتالي، فإن الفكرة وراء الفصل العنصري هي الفصلُ السياسي، وهو الذي عُرف فيما بعد باسم "الفصل العنصري الكبير"، وليس هو الفصل السكني، الذي عرف فيما بعد باسم "الفصل العنصري التافه أو البسيط". يعتبر هندريك فرينش فيرويرد السياسيُ الأكثرُ نفوذا في نمو الفصل العنصري. وقد وَصَـفَ هندريك عملية الفصل العنصري بأنها "سياسةُ حسن جوار".[٧]

ظلت المرأة مستبعدة من الجزء الأكبر من شروط الاجتياز حتى عام 1956، حيث تعرضت محاولاتُ إصدار قوانين الاجتياز للمرأة لمقاومةٍ شرسة.[٨]

انتخابات عام 1948 وقانون مناطق المجموعات

ملف:DurbanSign1989.jpg
"الفصل العنصري البسيط" : لافتةٌ على شاطئ في ديربان بالإنجليزية والزولو والأفريكانية (1989)

في الاستعداد لانتخابات عام 1948، أقام الحزب القومي الأفريكاني Herenigde Nasionale Party (الحزب القومي مجموعُ الشمل) بزعامة رجل الدين البروتستانتي فرانسوا دانيال مالان حملته الانتخابية استنادا إلى سياسة الفصل العنصري. هزم الحزبُ القوميُ الحزبَ المتحدَ بصعوبة، ثم شكل حكومةً ائتلافية مع حزبٍ أفريكاني قومي آخر وهو Afrikaner Party.فأصبح مالان أول رئيس ٍللوزراء في مرحلة الفصل العنصري، ودُمِج الحزبانُ في وقتٍ لاحق لتشكيل الحزب الوطني (NP). بدأت الحكومة الائتلافية في تنفيذ سياسات الفصل العنصري على الفور، وفي إصدار التشريعات التي تحظر الزواج المختلط وتُصنفُ الأفراد على أساس العرق. وأصبح قانونُ مناطق المجموعات (1950) (الذي صُمِّمَ ليفصل المجموعات العرقية جغرافيا) قلبَ نظام الفصل العنصري.صدر قانون المرافق المنفصلة في عام 1953،و بدأ تخصيصُ الأراضي البلدية لأعراق معينة دون غيرها بموجب هذا القانون. فخلق هذا الشواطيء والحافلات والمستشفيات والمدارس والجامعات المنفصلة. وأصبحت لافتاتٌ مثل "للبيض فقط" تطبق على الأماكن العامة، بما في ذلك مقاعد الحدائق.

كان التنافس الرياضي المشترك بين الأعراق مصدرا للاستهجان من النظام، ولكن لم تكن هناك قوانينُ فصل ٍعنصري ٍفي مجال الرياضة.لكن الحكومة أبقت الرياضة منفصلةً باستخدام تشريعاتٍ أخرى، مثل قانون مناطق المجموعات.

شددت الحكومة قوانينَ الاجتياز القائمة لمنع هجرة السود إلى جنوب أفريقيا ’البيضاء‘، مما اضطر السود في جنوب أفريقيا إلى حمل وثائق هوية. وكان يجب أن تكون للشخص الأسود وظيفةٌ حتى يُسمَحَ له بالعيش في المدينة. ومع ذلك استبعدت أسر العاملين في المدن، مما أدى إلى فصل الزوجات عن الأزواج والآباء والأمهات عن الأطفال.

حرمان الناخبين ذوي البشرة الملونة من حق التصويت


في عام 1950، أعلن مالان نية الحزب الوطني إنشاء وزارةٍ لشئون الملونين. وقام خليفة مالان لرئاسة الوزراء جاي. جي. ستريخدوم(J.G. Strijdom)، بمنع الملونين والسود من حقوقهم في التصويت في مقاطعة كاب، حيث قدمت الحكومة ُالسابقة أولَ قانون ٍ لتمثيل الناخبين المنفصل في البرلمان في عام 1951. ولكن قامت مجموعةٌ من أربعةٍ من الناخبين وهم: جي هاريس ودبليو دي فرانكلين ودبليو دي كولينز وادغار دين، بالطعن في شرعية هذا القانون في المحكمة، وذلك بدعم ٍمن الحزب المتحد. أيدت محكمة كيب العليا هذا القانون، لكن محكمة الاستئناف أيدت الاستئناف لإيجادها القانونَ باطلا، وذلك لأن أغلبية الثلثين في جلسةٍ مشتركة لمجلسي البرلمان ضروريةٌ لتغيير أي بنود راسخةٍ من الدستور. فقدمت الحكومة مشروع قانون محكمة البرلمان العليا (1952) والذي يسمح للبرلمان بنقض قرارات المحكمة العليا.و لكن قامت المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف بإعلان عدم صحة هذا القانون أيضا.فقامت حكومة ستريخدوم بزيادة عدد القضاة في محكمة الاستئناف من خمسةٍ إلى أحد عشر عضوا، وعينت قضاةً موالين للحزب الوطني في المقاعد الجديدة.ثم عرضت الحكومةُ قانون البرلمان في العام نفسه (1955)، والذي رفع عدد مقاعد مجلس الشيوخ من 49 مقعدا إلى 89.أُدخلت التعديلاتُ التي تسمحُ للحزب الوطني بالسيطرة على 77 من هذه المقاعد. ثم اجتمع البرلمانُ في جلسةٍ مشتركةٍ ومَرَرَ قانون التمثيل المنفصل للناخبين في عام 1956، والذي أخرج الناخبين الملونين من قوائم الناخبين العامة، وأنشأ لهم قوائم منفصلة. ثم أُعيد المجلس إلى سابق عدده بعد التصويت على القانون مباشرةً.تم الاعتراض على قانون البرلمان في المحكمة العليا، ولكن رفضت محكمة الاستئناف المملؤةِ بقضاةٍ موالين للحزب الوطني هذا الطلب من المعارضة وأيدت قانون البرلمان وبالتبعية القانونَ الذي أزال حق الناخبين الملونين في الانتخاب العام.(انظر كتاب "منفصلون لكن غير متكافئين- الشعب ‘الملون’ في جنوب أفريقيا - تاريخٌ سياسي " لمؤلفه آر. اتش. دوبري، مطابع جوناثان بول، جوهانسبيرغ، 1994، ص 134-139.

قوانين الفصل العنصري

صدرت عدة قوانين لفصل الأعراق وقمع المقاومة من الخمسينيات وصاعدا. وأبقت ممارسة الفصل العنصري على العديد من خصائص سياسات التفرقة العنصرية للادارات السابقة.ومن الأمثلة على ذلك، قانون الأراضي لعام 1913 والقوانين المتعددة لفصل الملونين في أماكن العمل.

جادل قادة الحزب الوطني أن جنوب أفريقيا ليست أمةً واحدةً، وأن البلد تتألفُ من أربعة مجموعات عرقية: أبيض وأسود وملون وهندي. وتم تقسيم هذه المجموعات إلى ثلاثة عشر قومية أو فيدرالية عرقية.فشمل العرق الأبيض اللغتين الإنجليزية والأفريكانية؛ وتم تقسيم العرق الأسود إلى عشرة جماعاتٍ مماثلة. أدى هذا التشريعُ إلى جعل العرق الأبيض العرقَ المهيمن على بقية الأعراق.

كانت قوانين "الفصل العنصري" الرئيسية على النحو التالي :[٩]

حظرَ قانونُ حظر ِالزيجاتِ المختلطة لعام 1949 الزواج بين الأشخاص من أجناسٍ مختلفة، واعتبَرَ قانون الفجور لعام 1950 العلاقات الجنسية مع شخص من جنس مختلف جريمةً جنائية.

حَوَلَ قانونُ تسجيل السكان لعام 1950 التصنيفَ العنصري إلى أمر رسمي حيث أمر بإصدار بطاقةِ هويةٍ لجميع الأشخاص فوق سن الثامنة عشرة، مكتوبٌ عليها العرق الأصلي لكل شخص. أيضا في عام 1950، قَسَمَ قانونُ مناطق المجموعات البلاد إلى مناطق خاصة للمجموعات العرقية المختلفة. وكان هذا القانون الأساس الذي قام عليه الفصلُ السياسي والاجتماعي. أنشأ قانون سلطات البانتوستانات لعام 1951 هياكلَ حكوميةً مستقلةً للسود، وكان أولَ تشريع ٍلدعم خطةِ الحكومةِ للتطوير المنفصل في البانتوستانات. سمحت تشريعاتٌ أخرى في عام 1951 للحكومة بهدم أحياء السود الفقيرة وأجبرت القوانينُ أصحابَ العمل البيض دفعَ تكاليفِ بناءِ مساكنَ لهؤلاء العمال السود المسموح لهم بالإقامة في المدن ‘البيضاء’.حظر قانون المرافق المنفصلة (1953) أن يستخدمَ الناسُ من أجناس ٍ مختلفةٍ نفس المرافق العامة مثل المطاعم وحمامات السباحة العامة والمراحيض. و هدفت المزيد من القوانين إلى قمع المقاومة، وخصوصا المقاومة المسلحة للفصل العنصري. فحظر قانون حظر الشيوعية (1950) الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا وغيرَه من الأحزاب السياسية التي اختارت الحكومة ُ أن تصفها بالشيوعية. كما منعت قوانينٌ أخرى التجمعاتِ غير المنظمة، وأغلقت بعض المنظمات التي مثلت تهديدا للحكومة.

جاء قانون في 1956 ليرسم خطوط التمييز العنصري في الوظائف، بينما عزز قانون الحكم الذاتي للسود (1958) سياسة الحزب الوطني الراسخة لإيجاد مناطق قومية مستقلة اسميا للسود. فتم اقتراح إنشاء وحدات البانتو "ذاتية الحكم"، وأن تُفَوَضَ لها صلاحياتٌ إدارية، مع وعدٍ لاحقٍ بالاستقلال والحكم الذاتي.و وضع "قانون مؤسسة الاستثمار في وحدات البانتو" (1959) آليةً لنقل رؤوس الأموال للبانتوهات لخلق فرص العمل هناك.

في عام 1953، أوجد "قانونُ التعليم في البانتوهات" نظاما مستقلا لتعليم الطلاب الأفارقة، وفي عام 1959 تم إنشاءُ جامعاتٍ مستقلةٍ لكل من السود والملونين والهنود. لم يُسمح للجامعات القائمة بإلحاق طلاب سود جدد.أجازت قوانينٌ في عام 1967 للحكومة وقف التنمية الصناعية في المدن البيضاء وتوجيهها للأوطان البديلة للسود.مَثَلَ "قانونُ جنسية الوطن الأسود" لعام 1970 بدايةَ مرحلةٍ جديدةٍ في استراتيجية البانتوستانات، حيث غيرت وضع السود من مواطنين لجنوب إفريقيا إلى مواطنين لواحدة من عشرة مناطق للحكم الذاتي. وكان الهدف من ذلك ضمان أن يصبح البيضُ الأغلبية السكانية في جنوب أفريقيا، عن طريق السماح للبانتوستانات العشرة ب"الاستقلال". أوجب "مرسوم الوسيط (اللغة) الأفريكاني" لعام 1974 استخدام الأفريقية والانجليزية على قدم المساواة في المدارس الثانوية خارج أوطان السود الأصلية.[١٠]

توسعت البيروقراطية للإشراف على قوانين الفصل العنصري، وبحلول عام 1977، كان هناك أكثر من نصف مليون موظف أبيض في الدولة.

الوحدة بين البيض في جنوب أفريقيا


قبل أن تصبح جنوب أفريقيا جمهورية، تم قولبة السياسة البيضاء فيها على أساس الانقسام بين الأفريكانيين المؤيدين للجمهورية، والانجليزيين المعارضين للجمهورية، حيث ظلت تَركة حرب بوير عاملا مهما لدى البعض. وعندما تحققت الجمهورية، دعا فيرويرد إلى مزيدٍ من تحسين العلاقات بين الذين من أصل بريطاني والأفريكانيين.وادعى أن الفرق الوحيد الآن هو بين المعارضين والمؤيدين للفصل العنصري.و أن التقسيم العرقي لن يظل بين المتحدثين بالانكليزية والمتحدثين بالأفريكانية، وإنما سيكون بين الأبيض والأسود. أيد معظم الأفريكانيون مفهوم الإجماع الأبيض لضمان سلامتهم. كان البيضُ من أصل بريطاني منقسمون.صوت العديد منهم ضد الجمهورية، ولا سيما في ناتال، حيث أدلى أكبر عدد من الأصوات ب"لا". ولكن البعض منهم اعترف بالحاجة للوحدة البيضاء في وقتٍ لاحق، لاقتناعهم بالاتجاه المتنامي لإنهاء الاستعمار في أماكن أخرى في أفريقيا، مما تركهم في قلق ٍ ومخاوف. كما ترك تعليقُ "رياح التغير" الذي نطق به هارولد ماكميلان الفصيلَ البريطاني بشعور أن بريطانيا قد تخلت عنهم. فعمد متحدثوا الإنجليزية الأكثر تحفظا إلى دعم فيرويرد؛ ولكن انزعج آخرون من قطع العلاقات مع بريطانيا وظلوا على ولائهم للتاج البريطاني.و كانوا في استياءٍ شديد لاضطرارهم الاختيار بين الجنسية البريطانية والجنوب أفريقية. ومع أن فيرويرد حاول الإصلاح بين الآراء المختلفة، أظهر الاستطلاع التالي حجما ضئيلا من التأييد، مظهرا أن أغلبية المتحدثين بالانجليزية ظلوا لامبالين وأن فيرويرد فشل في التوحيد بين السكان البيض.

نظام الفصل العنصري

غالبا ما يُقَسَمُ نظام الفصل العنصري إلى "فصل عنصري كبير" و"فصل عنصري بسيط".معنى "الفصل العنصري الأكبر": تقسيم جنوب أفريقيا إلى عدة ولاياتٍ مستقلة، في حين يهتم "الفصل العنصري البسيط" بجانب التفرقة في الأماكن العامة والتفرقة السكنية. تشبث الحزب الوطني بنظام الفصل العنصري الكبير حتى التسعينات، في حين أنهم تخلوا عن النظام البسيط خلال الثمانينات.

نظام "الوطن البديل"


ملف:Southafricanhomelandsmap.png
خريطة توضح موقع البانتوستانات في جنوب أفريقيا
ملف:Ciskei2.jpg
منطقة ريفية في سيسكي، واحدة من "أوطان" حقبة الفصل العنصري

تم تجريد السود في جنوب أفريقيا من الجنسية، وأصبحوا (بموجب القانون) مواطنين لدى واحدٍ من أحد عشر وطنا قبليا (بانتوستان) تُدارُ كلٌ منها بالحكم الذاتي، وأصبحت أربعة مناطق من هذه العشرة ولاياتٍ مستقلةً اسميا. احتلت الأوطان البديلة أجزاء صغيرةٍ نسبيا وغير منتجةٍ اقتصاديا من البلاد.و لكن العديد من السود في جنوب أفريقيا لم يقيموا في "أوطانهم" المحددة.حرم نظام الوطن البديل السود من حقوق التصويت في جنوب أفريقيا البيضاء، وقيد حقوقهم الانتخابية للأوطان البديلة التي تم تحديدها لهم. فصلت الحكومة التعليم، والرعاية الطبية، وغيرها من الخدمات العامة، وقدمت للسود خدماتٍ أدنى إلى حد كبير من تلك التي كانت تقدمها للبيض، وإلى حد ما أقل من تلك المقدمة إلى الهنود والملونين. كان نظام التعليم في مدارس السود يهدف إلى اعدادهم لحياة ٍفي الطبقة العمالية.

عندما جاء الحزب الوطني إلى السلطة في عام 1948، كان سعيه الأول هو الإبقاء على الفصل العنصري. وكانت اللبنات الأساسية لإنفاذ الفصل العنصري:

  • ترتيب السكان إلى المجموعات العرقية: أفريقيين وملونين وهنود وبيض؛
  • العزل العنصري الصارم في المناطق الحضرية؛
  • تقييد التحضر الأفريقي؛
  • السيطرة على نظام محكم أكثر تقييدا للعمالة المهاجرة؛
  • تشديد اللهجة بالنسبة للمفاهيم التقليدية والقبلية في الإدارة الأفريقية مما كان عليه التركيز في الماضي؛
  • التعزيز الكبير للتشريع الأمني والتحكم.

تم تأسيس نظام "الأوطان" على أساس هذه المبادئ. فلم تكن مؤسسة الانفصال مؤسسة جديدة. فكان هناك، على سبيل المثال، "الاحتياطيات" التي أنشئت تحت الحكم البريطاني في القرن التاسع عشر. وتحت حكم فيرويرد، اعتُبرت هذه الأرض وسيلة للسيطرة على زيادة حركة السود في المدينة. فكان السود يعملون في المدن ولكنهم يعيشون في المناطق الخاصة بهم، حيث يتم إيوائهم وتعليمهم والسماح لهم بانتخاب حكوماتهم الداخلية.كان الهدف النهائي هو ايجاد خطة لعشر ولايات وطنية مستقلة من هذه الأوطان البديلة.

مررت الدولة قانونان مهدا الطريق لتحقيق الفصل العنصري الكبير والذي تمحور حول فصل الأجناس على نطاق واسع، من خلال التقسيمات المكانية؛ أي إجبار الناس على العيش في أماكن منفصلة بحسب العرق.و كان أول قانون للفصل العنصري الكبير قانون تسجيل السكان 30 لعام 1950، والذي حتم على جميع المواطنين أن يصنفوا وفقا للعرق ثم يسجل التصنيف في بطائق هويةٍ تسمح بالاجتياز. وشكلت فرق أو مجالس رسمية من أجل التوصل إلى نتيجة نهائية بشأن الناس الذين ليس لهم عرق واضح.وتسبب هذا في الكثير من الصعوبات خاصة بالنسبة للأشخاص ذوي البشرة الملونة لدى فصل أسرهم عنهم بسبب تسميتهم لأعراق أخرى. [بحاجة لمصدر]

الركيزة الثانية من الفصل العنصري الكبير هو قانون مناطق المجموعات 21 لعام 1950. حتى ذلك الحين، كانت تحوي معظم المستوطنات أناسا من مختلف الأجناس يعيشون جنبا إلى جنب. وضع هذا القانون الحد للمناطق الختلطة وقرر مكان معيشة الأشخاص بناءَ على أعراقهم.خصص لكل عرق منطقة خاصة، والذي تم استخدامه في سنوات لاحقة كأساس للترحيل القسري. [بحاجة لمصدر]

المجموعات العرقية أو الوحدات الوطنية التي كان يقصد لها أن تتحول إلى أوطان بديلة هي: شمال سوثو - جنوب سوثو - سوانا - زولو - سوازي - زوسا - سونجا - فيندا.قسمت وحدة زوسا في السنوات اللاحقة إلى الترانسكاي والسيسكاي. وأضيفت وحدة ديبيل لاحقا بعد أن تم "اكتشافها" من قبل نظام الفصل العنصري.بررت الحكومة خططها على أساس أن جنوب أفريقيا تتكون من عدة "أمم"، مؤكدين أن" سياسة الحكومة ليست التفرقة بناءً على العرق أو اللون، ولكنها سياسة فصل لقومياتٍ مختلفة على أساس الوطنية، مانحين لكل قومية حق تقرير المصير داخل حدود أوطانهم البديلة - ولذا كانت هذه السياسة للفصل". و بدأت سياسة التنمية المنفصلة بوصول فيرويرد إلى السلطة في عام 1958.حيث بدأ في تنفيذ هيكل الأوطان البديلة باعتبارها حجر الزاوية في تطور الانفصال. وجاء فيرويرد ليعتقد منح "الاستقلال" إلى هذه الأوطان. أنشئت صناعات الحدود ومؤسسة بانتو للاستثمار لتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل في الأوطان البديلة (لإبقاء السود بعيدا عن جنوب أفريقيا "البيضاء".) [بحاجة لمصدر]

قررت لجنة توملينسون عام 1954 أن الفصل العنصري له ما يبرره، ولكن اللجنة ذكرت وجوب إعطاء المزيد من الأرض إلى الأوطان البديلة، والتي تساعد على تنمية الصناعات الحدودية. في عام 1958 صدر قانون تعزيز الحكم الذاتي للسود، وبدأ أنصار الفصل العنصري يجادلون أنه بتطبيق الفصل فإن السود لن يكونوا من مواطني جنوب أفريقيا، ولكنهم سيصبحون من مواطني الأوطان البديلة المستقلة. وبناء على هذا النموذج، فإن السود أصبحوا "عمالا ضيوفا" أجانب، يعملون فقط في جنوب أفريقيا ويحملون تصاريح عمل مؤقتة.

حاولت حكومة جنوب أفريقيا إلى تقسيم البلد إلى عدد من الولايات المستقلة. فخصصت نحو عشرة في المائة من الأراضي للأوطان السوداء البديلة، والتي تمثل خمسين في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة في جنوب أفريقيا [١١].و قسمت الثلاثة عشر في المئة إلى عشرة أوطان بديلة للسود بين ثمانية عرقيات.منحت أربعة من هذه الولايات الاستقلال، على الرغم من عدم اعتراف أي دول أخرى بذلك.كان من المفترض أن يتحول كل وطن إلى دولة مستقلة تسمح للأعراق الثمانية السوداء بالنمو وإيجاد الهوية الوطنية والثقافة واللغة المستقلة؛ ترانسكاي—زوسا (أعطيت "الاستقلال")، سيسكاي—زوسا (أعطيت "الاستقلال "في عام 1981)، بوفوثاتسوانا -- التسوانية (أعطيت "الاستقلال")، الفيندا—الفيندا (أعطيت "الاستقلال")؛ كوازولو—زولو، ليبووا—بيدي، كانجوان—سوازي، قواقوا—سوثو، جازانكولو—سونجا وكوانديبيل—ديبيل. كان لكل وطن السيطرة على نظام التعليم والصحة الخاص به.

لم تختر كل الأوطان الحكم الذاتي.الولايات التي اختارت الحكم الذاتي هي ترانسكاي (1976)، بوفوثاتسوانا (1977)، الفيندا(1979) وسيسكاي (1981). وساعة منح أي ولاية الاستقلال، كانت تلغى الجنسية الجنوب أفريقية لمواطنيها، ويعطون جنسية الوطن البديل.و كان يحصل هؤلاء على جوازات سفر بدلا من بطاقات الاجتياز.ألغيت الجنسية لمواطني ولايات "المحكومة ذاتيا" أيضا، والذي كان معناه أنهم لم يعودوا من جنوب أفريقيا قانونا.[١٢] حاولت حكومة جنوب أفريقيا لإيجاد وعرض الشبه بين رؤيتهم لمواطني الدول السوداء والمشاكل التي تواجهها البلدان الأخرى من خلال دخول المهاجرين غير الشرعيين.

ففي حين كانت بلدان أخرى تعمل على تفكيك التشريعات التمييزية لكي تصبح أكثر تحررا في القضايا العرقية، فإن جنوب أفريقيا استمرت في بناء هيكل تشريعات يشجع العنصرية والفصل العرقي.

أيد العديد من البيض في جنوب أفريقيا الفصل العنصري بسبب الديموغرافيا؛ أي أن الانفصال والتقسيم كان وسيلة لتجنب ديمقراطية صوت-لكل-شخص والديمقراطية في إطار دولة جنوب أفريقيا موحدة، والذي سيجعل البيض أقلية عاجزة سياسيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قادة الأوطان السوداء المذكورة أصبحوا مدافعين مهمين عن الفصل العنصري، أمثال قيصر ماتانزيما وبانتو هولوميسا وأوبا كوزو ولوكاس مانجوب ومانجوسوثو بوتوليزي.

ركز الفصل العنصري تركيزا شديدا على "تقرير المصير" و"الاستقلال الثقافي" لمختلف المجموعات العرقية. ولهذا السبب فقد تم التشديد بقوة على التعليم ب"اللغة الأم". وهكذا، فبالإضافة إلى تدفق الموارد لتطوير المواد التعليمية بالأفريقية، فقد تدفقت الموارد مذلك لتطوير الكتب المدرسية في لغات سوداء مثل الزولو والزوساو السوثو والتسوانية والبيدي. وكنتيجةٍ لذلك، كانت واحدة من النتائج المترتبة على الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أن يعرف السكان القراءة والكتابة باللغات الأفريقية السوداء (وهو شيءٌ نادرٌ في أفريقيا، حيث عادة ما يكون التعليم باللغات الاستعمارية مثل الإنجليزية والفرنسية).

الإبعاد القسري

نفذت الحكومة سياسة 'التوطين' خلال الستينات والسبعينات وأوائل الثمانينات، لإجبار الناس على الانتقال إلى مناطقهم العرقية. يرى البعض أن ما يزيد على ثلاثة ملايين ونصف مليون شخص أجبروا على إعادة التوطين خلال هذه الفترة. وشملت هذه الإزالات الناس الذين أعيد توطينهم نتيجة لبرامج تطهير الأحياء الفقيرة، والعمال المستأجرين في المزارع المملوكة للبيض، وسكان ما يسمى ب 'المواقع السوداء'، المناطق السوداء التي تحيط بها مزارع يملكها البيض، وأسر العاملين الذين يعيشون في البلدات القريبة من الأوطان، والناس الفائضين من المناطق الحضرية، بما فيهم الآلاف من الناس من كيب الغربية (التي كانت قد أعلنت 'منطقة مفضلة للعمالة الملونة' [١٣] والذين تم نقلهم إلى أوطان ترانسكاي وسيسكاي. وأشهر عمليات الترحيل كان الترحيل القسري في الخمسينات لستين ألف شخص إلى بلدة سويتو الجديدة (و اسمها اختصارٌ لجملة "البلدات الجنوبية غربية").[١٤][١٥]

حتى 1955 كانت "بلدة صوفيا" Sophiatown واحدة من المناطق الحضرية القليلة التي سمح للسود فيها تملك الأراضي، وكانت تتطور ببطءٍ إلى أحياءٍ فقيرة متعددة الأعراق. ومع نمو الصناعة في جوهانسبرغ، أصبحت "بلدة صوفيا" موطنا للعمالة السوداء شديدة التوسع، لأنها مريحة وقريبة من المدينة. وكان في البلدة المسبح الوحيد للأطفال السود في جوهانسبورغ.[١٦]، بوصفها واحدة من أقدم مستوطنات السود في جوهانسبورغ، كان للبلدة أهمية رمزية ل50،000 من مواطنيها السود، سواء من حيث حيويتها أو ثقافتها الفريدة من نوعها. ولكن على الرغم من احتجاج حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بقوة وحملة الدعاية العالمية المناهضة، بدأت إزالة صوفياتاون يوم 9 فبراير 1955، في إطار خطة إزالة المناطق الغربية. في الساعات الأولى من الصباح، دخلت الشرطة المدججة بالسلاح صوفياتاون لاجبار السكان على ترك منازلهم وتحميل ممتلكاتهم على الشاحنات الحكومية. تم نقل السكان إلى قطعة أرض كبيرة، على بعد ثلاثة عشر ميلا (19 كيلومترا) من وسط المدينة، وهي المنطقة المعروفة بأرض المروج (Meadowlands) والتي كانت الحكومة قد اشترتها في 1953. أصبحت ميدولاندز جزءا من المخطط الجديد لمدينة سوداء جديدة باسم سويتو. دمرت الجرافات أحياء صوفياتاون الفقيرة، وبني ضاحيةٌ بيضاء سميت Triomf (النصر) مكانها. تكرر هذا النمط من الترحيل القسري والتدمير على مدى السنوات القليلة التالية، ولم تقتصر على السكان المنحدرين من أصل أفريقي فقط. فقد تمت عمليات ترحيل قسري من مناطق مثل كاتو مانور (Mkhumbane) في ديربان، والمنطقة السادسة في كيب تاون، حيث اضطر 55000 شخص هندي وملون إلى الانتقال إلى بلدات جديدة على مسطحات كيب، ونفذت هذه العمليات بموجب قانون مناطق المجموعات لعام 1950. وفي نهاية المطاف، تم نقل ما يقرب من 600000 شخص ملون وهندي وصيني بموجب هذا القانون. كما اضطر 40000 شخص أبيض للتحرك عندما نقلت أراضي من "جنوب أفريقيا البيضاء" إلى الأوطان السوداء.

الفصل العنصري البسيط

وافق الحزب الوطني على سلسلة من التشريعات أصبحت تعرف فيما بعد بالفصل العنصري البسيط. أول هذه التشريعات قانون حظر الزواج المختلط 55 لعام 1949، والذي حظر الزواج بين البيض ووغيرهم من الأعراق. وقانون الآداب المعدل 21 لعام 1950 (و الذي تم تعديله في 1957 بالقانون رقم 23) نهى عن "الجماع العنصري غير المشروع" و"أي عمل غير أخلاقي أو غير لائق" بين شخص أبيض وأي شخص أفريقي أو هندي أو ملون.

لم يسمح للسود بإدارة الشركات التجارية أو ممارسة المهن في المجالات التي ارتبطت "بجنوب أفريقيا البيضاء" من دون تصريح. فكان من المفترض منهم أن ينتقلوا إلى "الأوطان" البديلة، وإقامة المشاريع التجارية والممارسات المهنية هناك. كان هناك تفريق عنصري في وسائل النقل والخدمات المدنية.كانت حافلات السود تتوقف عند محطات للسود وحافلات البيض عند محطات حافلات البيض.كما كان هناك فصل عنصري في القطارات والمستشفيات وسيارات الإسعاف. ونظرا للأعداد الأقل من المرضى البيض ولأن الأطباء البيض كانوا يفضلون العمل في المستشفيات للبيض، فإن ظروف مستشفيات البيض كانت أفضل بكثير من تلك الموجودة في كثير من الأحيان في مستشفيات السود المكتظة.[١٧] استبعد السود من العيش أو العمل في مناطق البيض، إلا إذا كان مع أحدهم بطاقة اجتياز - الملقبة dompas ("بطاقة الاجتياز الغبية" باللغة الأفريقية). استثني السود الذين يملكون حقوق "المادة 10" (و هم الذين هاجروا إلى المدن قبل الحرب العالمية الثانية) من هذا الحكم. كانت رخصة الاجتياز تعطى للأشخاص السود الذين يؤدون عملهم في وظائف معتمدة.و كان لا بد على هؤلاء ترك الأزواج والأبناء في "أوطانهم السوداء". كانت تصدر الرخصة لمقاطعة واحدة فقط (و عادة ما كانت مدينة واحدة) سامحة لحاملها بالانتقال في هذا المكان فقط. وكان يجد المتواجد بدون رخصة صالحة نفسه عرضة للاعتقال والمحاكمة لاعتباره من المهاجرين غير الشرعيين. وكان يعقب ذلك الترحيل إلى "الوطن" ومقاضاة صاحب العمل من أجل استخدامه لمهاجرين غير شرعيين. كانت تقوم عربات الشرطة بدوريات في "المناطق البيضاء" لاعتقال السود"غير القانونيين" الذين لا يحملون رخصا معهم. لم يسمح للسود باستخدام البيض في "في جنوب أفريقيا البيضاء".

على الرغم من تواجد نقابات عمالٍ للسود و"ذوي العرق الملون" (العرق مختلط) منذ أوائل القرن العشرين، لم تحدث حركة نقابية سوداء كبيرة إلا بعد إصلاحات الثمانينات.

في السبعينات، كلف تعليم الطفل الأسود في نظام البانتو التعليمي (نظام التعليم في المدارس السوداء داخل "جنوب أفريقيا البيضاء") عُشر ما يكلفه كل طفل أبيض. وكان التعليم العالي يقدم في جامعات وكليات منفصلة بعد عام 1959. ثمانية اسود الجامعات التي أنشئت في الأوطان. فكانت جامعة فورت هير في سيسكاي (الكاب الشرقية الآن) تسجل الطلاب الناطقين بالزوسا فقط. وضع المتحدثون بلغات السوثو والتسوانية والبيدي والفيندا في كلية جامعة الشمال في تورفلوب، بينما أنشئت كلية جامعة زولزلاند لخدمة الباحثين الزولو. وكان لدى الملونين والهنود مؤسسات تخدمهم في الكاب وناتال.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد سيطر كل "وطن أسود" على إدارات التعليم والصحة والشرطة والنظام الخاصة به. لم يسمح للسود شراء المشروبات الكحولية الصعبة. إلا أنهم كانوا قادرين على شراء النوعية الرديئة من البيرة التي تنتجها الدولة(على الرغم من أن هذا القانون خفف في وقت لاحق). كانت الشواطيء العامة معزولة عنصريا.كما كانت حمامات السباحة العامة، وبعض جسور المشاة، وسينما السيارات، والمقابر، والحدائق العامة، والمراحيض العامة. لم تكن تسمح دور السينما والمسارح في "المناطق البيضاء" دخول السود. لم يكن هناك وجود حقيقي لدور السينما في مناطق السود. كما لم تسمح معظم المطاعم والفنادق في المناطق البيضاء بدخول السود باستثناء الموظفين. ومنع الأفارقة السود من حضور "الكنائس البيضاء" تحت قانون "تعديل قوانين الكنائس الأصلية" لعام 1957. ولكن هذا القانون لم ينفذ بشكل صارم، وكانت الكنائس واحدة من الأماكن القليلة التي يمكن امتزاج الأجناس فيها دون تدخل القانون. كان السود الذين يحققون دخلا يزيد على 360 راند سنويا أو 30 راند شهريا يدفعون الضرائب، فيما كان الحد الأدنى لدفع الضرائب عند البيض ضعف هذا الرقم (750 راند سنويا، 62.5 راند شهريا).ولكن في المقابل، فقد كانت نسبة الضرائب للبيض أعلى بكثير منها بالنسبة للسود.

لم يكن يمكن أبدا أن يمتلك السود الأراضي في المناطق البيضاء. وفي الأوطان البديلة، تملك 'القبيلة' الجزء الأكبر من الأراضي، ويقرر الزعيم المحلي كيفية الاستفادة من الأرض. وأدى ذلك إلى امتلاك البيض جميع الأراضي الصناعية والزراعية تقريبا، وامتلاك جزء كبير من الأراضي السكنية القيمة. جرد معظم السود من الجنسية في جنوب أفريقيا عندما أصبحت "أوطانهم" "مستقلة". وبالتالي، فلم يعودوا قادرين على طلب الحصول على جوازات سفر من دولة جنوب أفريقيا. فقد كان من الصعب للسود تلبية شروط الأهلية للحصول على جواز سفر، حيث اعتبرت الحكومة جواز السفر امتيازا لا حقا. وعلى هذا الأساس، فإن الحكومة لم تمنح جوازات سفر كثيرة للسود. سادت ثقافة الفصل العنصري على الثقافة فضلا عن القانون في جنوب أفريقيا. وعززت وسائل الإعلام هذا الأمر، مع عدم وجود فرص اختلاط الأعراق المختلفة في لقاء اجتماعي، مما أدى إلى التباعد بين الناس.

تصنيف اللون

صُنف السكان إلى أربعة مجموعات: أسود - أبيض - هندي - ملون. شملت مجموعة الملونين الشعب المختلط من أصول بانتونية وخوازية وأوروبية (مع بعض النسب الملايوي، لا سيما في كيب الغربية). اخترعت بيروقراطية الفصل العنصري معايير معقدة (و كثيرا ما كانت تعسفية) في وقت تنفيذ قانون تسجيل السكان، بالنسبة لتحديد الأشخاص من عرق ملون. فقد كان المسئولون الثانيوين يعقدون اختباراتٍ لتحديد ما إذا كان شخص ما أسودا أم ملونا، أو تحديد عرق شخص آخر بين الأبيض والملون. فوجد أفراد الأسرة الواحدة أنفسهم في مجموعات مختلفةٍ عرقيا. واستخدمت تجارب أخرى لتحديد نسبة شخص إلى فرع من فروع العرق الملون.اعترض الكثير من الذين كانوا ينتمون إلى هذا التصنيف على استخدام لفظة "ملون" في حقبة ما بعد الفصل العنصري، وإن لم يعد للمصطلح ما يدل على أي معنى قانوني. وكانت عباراتٌ مثل: "المدعون ملونين" و"الشعب البني" سائدةً في الثمانينات.

كان التمييز من قبل الفصل العنصري يجبر الملونين على العيش في بلديات منفصلة - مما اضطر بعضهم إلى ترك منازل عائلاتهم التي عاشوا فيها لأجيال. تلقى الملونون تعليما ذا مستوى أدنى من البيض، بالرغم من تقدمه على التعليم الذي وفره النظام للسود.لعب الملونون دورا هاما في الكفاح ضد الفصل العنصري. فعلى سبيل المثال كان للمنظمة السياسية الأفريقية التي أنشئت في عام 1902 عضوية حصرية ملونة.

و قد حرم الملونون من حقوق التصويت بنفس الطريقة التي حرم بها السود من عام 1950 حتى عام 1983. ولكن مع ذلك، وافقت لجنة الحزب الوطني الانتخابية في عام 1977 على المقترحات بسماح دخول الملونين والهنود إلى الحكومة المركزية. وفي عام 1982، أنتجت المقترحات النهائية الدستورية استفتاءً بين الناخبين البيض، وكانت موافقة على البرلمان الثلاثي التمثيل (أي برلمان منقسم إلى ثلاثة مجالس عرقية). تم تعديل الدستور في العام التالي لتمكين الملونين الأقلية الآسيوية من المشاركة في مجالس منفصلة في برلمان ثلاثي المجالس (Tricameral Parliament). أصبح بوثا أول رئيس تنفيذي للدولة. وكانت النظرية لدى النظام أن تُعطى الأقلية الملونة حقوق التصويت، وأن تصبح الأغلبية السوداء مستقلة في "أوطان بديلة".و ظلت هذه الترتيبات المنفصلة حتى تم القضاء على الفصل العنصري. وأدت إصلاحات المجلس الثلاثي إلى إنشاء الجبهة الديمقراطية المتحدة (UDF) كوسيلةٍ لمحاولة منع دخول الملونين والآسيويين في مع البيض في جنوب أفريقيا. وكانت المعارك بين الجبهة وحكومة الحزب الوطني من عام 1983 حتي عام 1989 أشد فترات الصراع بين اليساريين واليمينيين من جنوب أفريقيه.

المرأة في ظل نظام الفصل العنصري

كان للاستعمار والفصل العنصري أثرا كبيرا على المرأة لمعاناتها من العنصرية إضافةً إلى التمييز بين الجنسين.فقد اختلف القمع ضد المرأة الأفريقية عن التمييز ضد الرجل. لم تكن للمرأة إلا القليل من الحقوق القانونية، ولم يكن لها مصدر للتعلم ولا حق للتملك.[١٨] وكان من الصعب على النساء إيجاد الوظائف المناسبة. لكن الكثير من النساء الأفريقيات كن عاملاتٍ زراعياتٍ أو في المنازل بأجور زهيدة جدا، إن كان لها وجود.[١٩] وعانى الأطفال من الأمراض الناجمة عن سوء التغذية ومشاكل الصرف الصحي، وبالتالي كانت معدلات الوفيات مرتفعة. كما أن الحركة المقيدة للعمال الأفارقة في البلاد (تحت طائلة قانون مناطق الأصليين الحضرية لعام 1923 وقوانين الاجتياز) فرقت أفراد الأسر، لأن الرجال عادة ما كانوا يعملون في المراكز الحضرية في حين أجبرت النساء على البقاء في المناطق الريفية.كما سيطرت الحكومة والكنيسة الإصلاحية الهولندية المؤيدة للفصل العنصري على قوانين الزواج ومعدلات الولادة [٢٠] وبذلك كانت المحاولات للحد من معدلات المواليد الأفريقية.

الأقليات الأخرى

مثل تحديد عرقية السكان الشرق آسيويين معضلةً للحكومة العنصرية، لأنهم شكلوا اقليةً في جنوب أفريقيا لا تنتمي جسديا إلى أي من المجموعات الأربعة. هناك صينيون منحدرون من العمال الذين هاجروا للعمل في مناجم الذهب في جوهانسبرغ في أواخر القرن التاسع عشر، وهؤلاء اعتبرهم النظام من فئة "الآسيويون الآخرون" وبالتالي فهم من "غير البيض". بينما اعتُبــِرَ المهاجرون من جمهورية الصين (تايوان) أو كوريا الجنوبية أو اليابان، والذين حافظت جنوب أفريقيا على علاقاتٍ دبلوماسية واقتصادية معهم "بيضٌ فخريون"وبالتالي تم منحهم نفس الامتيازات المعتادة للبيض.[٢١]

المحافظة

طبق الحزب الوطني برنامجا محافظا اجتماعيا، بجانب برنامج الفصل العنصري. فقد حظرت الاباحية والمقامرة وغير ذلك من الرذائل.و منع عمل دور السينما ومحلات بيع المشروبات الكحولية وغيرها من انشطة الاعمال يوم الأحد.كما تم تقييد عمليات الاجهاض والتثقيف الجنسي؛ لم يكن الإجهاض قانونيا إلا في حالات الاغتصاب أو إذا كانت حياة الأم معرضةً للخطر.

لم يدخل التلفزيون إلا في عام 1975، لأن الحكومة اعتبرته خطرا.[٢٢] كان البث التلفزيوني يعمل على خطوطٍ للفصل العنصري أيضا—فتبث قناة TV1 باللغة الأفريقية والانجليزية (و هي موجهةٌ لجمهور أبيض)، بينما تبث قناة TV2 بلغة الزولو والزوسا وقناة TV3 باللغات السوثو والتسوانية والبيدي (موجهةً لجمهور أسود)، بينما بثت قناة TV4 أغلب برامجها للجمهور الأسود في الحضر.

المقاومة الداخلية

أثار نظام الفصل العنصري مقاومة داخلية كبيرة.[١] وردت الحكومة على سلسلة من الانتفاضات الشعبية والاحتجاجات بوحشية الشرطة، والذي أدي بدوره إلى زيادة الدعم المحلي للكفاح المسلح.[٢٣] جاءت المقاومة الداخلية لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا من عدة قطاعات من المجتمع، وأسفرت عن تأسيس منظمات مختلفة مخصصة للاحتجاجات السلمية والمقاومة السلبية والعصيان المسلح.

في عام 1949، سيطر جناح الشباب في المؤتمر الوطني الأفريقي (حزب المؤتمر الوطني الأفريقي) على المنظمة، وبدأت الدعوة السوداءالقومية الراديكالية. اقترحت القيادات الشابة الجديدة أن السلطة البيضاء لا يمكن إسقاطها إلا من خلال شن حملات واسعة النطاق. في عام 1950، شهدت تلك الفلسفة انطلاق برنامج العمل، وسلسلةً من الاضرابات والعصيان المدني والمقاطعات التي ادت أحيانا إلى مواجهات عنيفة مع السلطات.

في عام 1959 شكل مجموعةٌ من أعضاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي حزب مؤتمر عموم أفريقيا (PAC)، والذي نظم تظاهرة احتجاج على بطاقات الاجتياز في 21 مارس 1960. عقدت واحدة من تلك الاحتجاجات في مدينة شاربفيل، ولقي 69 شخصا مصرعهم فيها على يد الشرطة في مذبحة شاربفيل.

في أعقاب حادثة شاربفيل، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ. اعتقل أكثر من 18000 شخص، بمن فيهم قادة المؤتمر الوطني الأفريقي ومؤتمر الوحدويين الأفريقيين، وكانت كلٌ من المنظمتين محظورا. فتحولت المقاومة إلى العمل في الخفاء، مع وجود بعض قادتها في المنفى في الخارج، بينما عمل آخرون في الحملات المحلية والتخريب والإرهاب.

في أيار / مايو 1961، وقبل إعلان قيام جمهورية جنوب أفريقيا، دعت جماعة تمثل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المحظور لمفاوضاتٍ بين الأفرادٍ من الجماعات العرقية المختلفة، وهددوا بالقيام بتظاهرات واضرابات خلال افتتاح الجمهورية إذا تم تجاهل دعوتهم.

و عندما تغافلت الحكومة عنهم، قام المضربون بتنفيذ التهديدات (و كان من بين المنظمين الرئيسيين آنذاك نيلسون مانديلا الذي كان يبلغ من العمر 42 عاما، وكان من أصل ثيمبوي). فردت الحكومة على وجه السرعة عن طريق إعطاء الشرطة سلطة القبض على الأشخاص لمدة وصلت إلى اثني عشر يوما، واعتقال العديد من قادة الاضراب وسط العديد من حالات وحشية الشرطة.[٢٤] أدت هزيمة المتظاهرين إلى الغائهم الإضراب. ثم اختار المؤتمر الوطني الأفريقي أن يطلق الكفاح المسلح من خلال جناح عسكري شكله حديثا، والمسمى أومخونتو سيزوي (MK)، والذي قام لاحقا بأعمال تخريب على هياكل الدولة التكتيكية. قام الجناح بتنفيذ أول مخطط تخريب في 16 كانون الأول / ديسمبر 1961، في الذكرى السنوية لمعركة نهر الدم.

تم إنشاء حركة وعي السود من قبل طلبة في التعليم العالي تأثروا بحركة القوة السوداء الاميركية. احتفت الحركة بفخر السود وبالعادات الأفريقية، وفعلت الكثير لتغيير مشاعر النقص التي غرسها النظام العنصري بين السود. تم اعتقال قائد الحركة ستيف بيكو في 18 آب / أغسطس 1977، وقتل في السجن.

قام طلاب المدارس الثانوية في عام 1976 في سويتو إلى الشوارع في انتفاضة سويتو للاحتجاج على التدريس القسري بالأفريكانية. وفي يوم 16 يونيو، فتحت الشرطة النار على الطلاب في ما كان من المفترض أن يكون احتجاجا سلميا. ووفقا لتقارير رسمية، فقد لقي 23 شخصا مصرعهم، ولكن وكالات الانباء تناقلت أن العدد وصل إلى مقتل 600 واصابة 4000.[٢٥] وفي السنوات التالية، نشأت العديد من المنظمات الطلابية للاحتجاج ضد الفصل العنصري، وكانت هذه المنظمات مركزية في مقاطعات المدارس في المناطق الحضرية في عامي 1980 و 1983، وكذلك في المناطق الريفية في عامي 1985 و 1986.

و بالتوازي مع الاحتجاجات الطلابية، قامت النقابات العمالية بالاحتجاج في عامي 1973 و 1974. وبعد عام 1976، اعتبر أن النقابات والعمال لعبا دورا هاما في الكفاح ضد الفصل العنصري، وملء الفراغ الذي أحدثه حظر الأحزاب السياسية. وفي عام 1979، اكتسبت النقابات العمالية الصفة القانونية، وأمكن أن تشترك في التفاوض الجماعي، لكن ظلت الإضرابات غير قانونية.

في نفس الوقت تقريبا، ظهرت الكنائس والجماعات الكنسية كنقاط محورية للمقاومة. ولم يكن زعماء الكنيسة في مأمن من الملاحقة، وحظرت بعض المنظمات العقائدية، ولكن رجال الدين عموما ملكوا حرية أكبر لانتقاد الحكومة من الجماعات المسلحة.

على الرغم من تأييد أغلبية البيض للفصل العنصري، فقد عارضه 20 في المئة منهم. وحرك برلمانيون أمثال هيلين سوزمان وكولين ايجلين وهاري شوارتز المعارضة البرلمانية. وكانت المقومة خارج البرلمان متركزة إلى حد كبير في الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا ومنظمة نسائية تسمى "الوشاح الأسود". كما أن المرأة شاركت بشكل ملحوظ في المنظمات النقابية والأحزاب السياسية المحظورة.

العلاقات الدولية

دول الكومنولث

خضعت سياسات جنوب أفريقيا للرقابة الدولية في عام 1960، عندما انتقدهم رئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان في كلمته المحتفى بها "رياح التغيير" خلال زيارته لكيب تاون. وبعد أسابيع، وصل التوتر إلى ذروته في مذبحة شاربفيل، مما أدى إلى مزيد من الادانة الدولية. بعد ذلك بوقت قصير، أعلن فيرويرد استفتاءً حول ما إذا كانت البلاد ينبغي أن تخرج من حالتها (الملكية الدستورية) في عالم الكومنولث، أم أن تصبح جمهوريةً بدلا من ذلك. خفض فيرويرد سن الاقتراع إلى ثمانية عشرة عاما للبيض وأدخل البيض في جنوب غرب أفريقيا إلى قائمة الناخبين. سأل الاستفتاء الذي أجري في 5 تشرين الأول / أكتوبر من ذلك العام: "هل تؤيد الجمهورية للاتحاد؟"، وأجاب 52 في المائة ممن صوتوا ب "نعم". ونتيجة لهذا التغيير في الوضع، كانت جنوب أفريقيا بحاجة إلى اعادة التقدم بطلب لعضوية دول الكومنولث، والتي كانت تقيم معها علاقات تجارية مميزة. ورغم أن الهند أصبحت جمهورية في إطار الكومنولث في عام 1947، أصبح من الواضح أن الدول الأفريقية والآسيويية ستعارض انضمام جنوب إفريقيا بسبب انتهاجها سياسات التفرقة العنصرية. ونتيجة لذلك، انسحبت جنوب إفريقيا من الكومنولث في 31 مايو 1961، وهو اليوم الذي دخلت فيه الجمهورية حيز الوجود.

الأمم المتحدة

"We speak out to put the world on guard against what is happening in South Africa. The brutal policy of apartheid is applied before the eyes of the nations of the world. The peoples of Africa are compelled to endure the fact that on the African continent the superiority of one race over another remains official policy, and that in the name of this racial superiority murder is committed with impunity. Can the United Nations do nothing to stop this?"

Che Guevara, speech to the United Nations as Cuba's representative, December 11 1964 [٢٦]

في أول تجمع للامم المتحدة في عام 1946، وضعت جنوب أفريقيا على جدول الأعمال. وكان الموضوع الرئيسي في مسألة جنوب أفريقيا هو التعامل مع الهنود، والذي كان سببا لاختلافٍ كبير بين جنوب أفريقيا والهند. وفي عام 1952، نوقش الفصل العنصري من جديد في أعقاب حملة التحدي، وشكلت الأمم المتحدة فريق عمل لمراقبة التقدم الذي يتم إحرازه بشأن الفصل العنصري والوضع العنصري في جنوب أفريقيا. ورغم أن سياسات جنوب أفريقيا العنصرية كانت سببا للقلق، اتفقت معظم البلدان في الأمم المتحدة على أن هذا هو شأن داخلي، وأنه يقع خارج نطاق اختصاص الأمم المتحدة.

و لكن في أبريل 1960، تغير موقف الأمم المتحدة المحافظ فيما ستعلق بنظام الفصل العنصري وذلك بعد مذبحة شاربفيل، ووافق مجلس الأمن لأول مرة على اتخاذ إجراءات متضافرة ضد نظام الفصل العنصري، وطالب بوضع حد للفصل العنصري والتمييز. بدأ المؤتمر الوطني الأفريقي حملة الكفاح المسلح عام 1960، والتي أدينت في وقت لاحق بالقيام ب193 عمل إرهابي بين عامي 1961-1963، والتي تتلخص أساسا في التفجيرات وعمليات قتل ٍ للمدنيين.

شنت حكومة جنوب أفريقيا المزيد من القمع، وحظرت حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ومؤتمر الوحدويين الأفريقيين. وفي عام 1961 توقف الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد في جنوب أفريقيا، وقال فيما بعد أنه لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء فيرويرد.

يوم 6 نوفمبر 1962،أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 1761، والذي أدان سياسات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وفي عام 1966، عقدت الأمم المتحدة أول العديد من الندوات عن الفصل العنصري. وأعلنت الجمعية العامة في 21 آذار / مارس اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، في ذكرى مذبحة شاربفيل. [بحاجة لمصدر] وفي عام 1971، استنكرت الجمعية العامة مؤسسة الأوطان البديلة، وصدر اقتراح في عام 1974 لطرد جنوب أفريقيا من الأمم المتحدة، ولكن قوبل هذا بالفيتو من قبل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وجميع شركاء التجارة الرئيسيين لجنوب أفريقيا. [بحاجة لمصدر]

في يوم 7 أغسطس 1963، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 181 الذي دعى إلى حظر الأسلحة لجنوب أفريقيا، وفي العام نفسه، تم تشكيل لجنة خاصة لمناهضة الفصل العنصري للتشجيع والإشراف على خطط العمل ضد النظام العنصري. من عام 1964، أوقفت الولايات المتحدة وبريطانيا تجارة السلاح مع جنوب أفريقيا. وفي عام 1977، أصبح قرار الأمم المتحدة الاختياري بحظر الأسلحة لجنوب أفريقيا قرارا إلزاميا مع إصدار الأمم المتحدة قرار مجلس الأمن رقم 418.

كثيرا ما نوقش جدوى العقوبات الاقتصادية المفروضة على جنوب إفريقيا، فيما إذا كانت وسيلةً فعالة للضغط على حكومة الفصل العنصري. طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1962، أن يقطع أعضاءها العلاقات السياسية والمالية وخطوط النقل مع جنوب أفريقيا. في عام 1968،اقترح وضع حد لجميع العلاقات الثقافية والتعليمية والرياضية أيضا. ولكن العقوبات الاقتصادية لم تجعل إلزامية بسبب معارضة شركاء جنوب أفريقيا التجاريين الرئيسيين.

في عامي 1978 و 1983 أدانت للأمم المتحدة جنوب أفريقيا في المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية، وبدأت حركة مهمة للضغط على المستثمرين لسحب استثماراتهم من شركات جنوب أفريقيا أو الشركات التي تتعامل مع جنوب أفريقيا.

بعد الكثير من النقاش، وبحلول أواخر الثمانينات سنت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة و 23 دولةٍ أخرى قوانين لوضع مختلف العقوبات التجارية على جنوب أفريقيا.[٢٧] وكانت هناك حركة تصفية استثمارات في العديد من البلدان على نطاق واسع، بوجود مدن ومحافظات في جميع أنحاء العالم تسن مختلف القوانين واللوائح المحلية التي تحظر تسجيل الشركات الخاضعة لولايتها من التعامل التجاري مع جنوب أفريقيا أو شركاتها ومصانعها أو بنوكها.[٢٨]

منظمة الوحدة الأفريقية


أنشئت منظمة الوحدة الأفريقية في عام 1963، وكانت أهدافها الرئيسية القضاء على الاستعمار، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في جنوب أفريقيا. انتقدت المنظمة الفصل العنصري، وطالبت بفرض جزاءات على جنوب أفريقيا. وقد وافقت الدول الأفريقية على مساعدة حركات التحرير في كفاحها ضد الفصل العنصري. واجتمعت أربعة عشر دولة من وسط وشرق أفريقيا في مدينة لوساكا في زامبيا ووضعوا بيان لوساكا، الذي تم الذي تم التوقيع عليه في 13 نيسان / أبريل من قبل جميع البلدان الحاضرة باستثناء ملاوي. اتخذت منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة البيان تقريرا للتعامل مع جنوب أفريقيا.

لخص بيان لوساكا الأوضاع السياسية في البلدان الأفريقية المستقلة، وأدان العنصرية وعدم المساواة، ودعى إلى حكم الأغلبية السوداء في كل الدول الأفريقية.لم يدن البيان جنوب أفريقيا تماما ولكنه اتخذ موقفا هادئا مع حكومة الفصل العنصري، بل واعترف باستقلالها. فعلى الرغم من تأييد قادة الدول الأفريقية لتحرير الجنوب أفريقيين السود، فقد رغبوا تحقيق ذلك من خلال الوسائل السلمية. فلم يؤيد الموقعون على البيان المعارضة العنيفة لنظام الفصل العنصري، لأنه (من أجل سبب واحد) لن يتحملوا تكاليفها، و(لسبب آخر) خافوا من الانتقام. [بحاجة لمصدر]

أسفر رد جنوب أفريقيا السلبي على اتفاق لوساكا ورفضها تغيير السياسات العنصرية عن إعلان آخر لمنظمة الوحدة الأفريقية في عام 1971. وأعلن "إعلان مقديشو" أن رفض جنوب أفريقيا للمفاوضات يعني أنه لن يتم تحرير السود إلا بالوسائل العسكرية، وأنه لا ينبغي لأي ٍ من الدول الأفريقية أن تجري محادثاتٍ مع حكومة الفصل العنصري. وأن جنوب أفريقيا هي المسئولة عن إقامة الاتصال مع الدول الأفريقية الأخرى من الآن فصاعدا.

سياسة الانفتاح على الخارج


في عام 1966 كان بي جاي فورستر رئيس وزراء جنوب أفريقيا. لم يكن فورستر مستعدا لتفكيك نظام الفصل العنصري، ولكنه حاول تغيير عزلة جنوب أفريقيا وانعاش سمعة البلد العالمية، حتى مع البلاد التي يحكمها السود في أفريقيا. وأسمى فورستر هذا المفهوم "سياسة الانفتاح على الخارج"؛ وكانت التعبيرات الطنانة لاستراتيجيته "الحوار" و"الانفراج"، مما دل على انخفاض حدة التوتر.

كان استعداد فورستر لاجراء محادثات مع القادة الأفارقة على النقيض من رفض فيرويرد التعامل مع قادةٍ مثل أبوبكر تافاوا باليوا من نيجيريا في عام 1962 وكينيث كوندا من زامبيا في 1964.فاجتمع فورستر مع قادة البلاد المجاورة (ليسوتو وسوازيلاند وبتسوانا) في عام 1966. في عام 1967، أعلن فورستر عن استعداده لتقديم المساعدات المالية والتكنولوجية إلى أي دولة أفريقية مستعدة لاستقباله، مؤكدا أن هذه المساعدات لسيت مرفقةً بشروط سياسية. كان فورستر مدركا أن الكثير من الدول الأفريقية في حاجة لمساعدات مالية على الرغم من معارضتهم للعنصرية في بلاده. كانت العديد من الدول الأفريقية مربوطةً بجنوب أفريقيا اقتصاديا بسبب العمالة الأفريقية المهاجرة للعمل في مناجمها. ظلت بتسوانا وليسوتو وسوازيلاند على انتقادها المعلن للفصل العنصري، ولكن هذه الدول كانت معتمدةً على مساعدات جنوب أفريقيا الاقتصادية.

كانت مالاوي أول بلدٍ ليس على حدود جنوب أفريقيا قَبــِل بمساعداتها. قام البلدان بتثبيت العلاقت السياسية والاقتصادية بينهما في عام 1967، وكانت مالاوي أول بلد في منظمة الوحدة الأفريقية التي لم توقع على بيان لوساكا الذي انتقد سياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.في عام 1970، قام الرئيس المالاوي هاستينجس باندا بأول وأنجح توقف رسمي في جنوب أفريقيا.

اتبعت العلاقات مع موزامبيق نفس النهج، وتمت المحافظة على هذه العلاقات عندما حصلت موزامبيق على استقلالها في 1975. حصلت أنجولا على قروض من جنوب أفريقيا أيضا. وشاركت دولٌ أخرى في علاقات مع جنوب أفريقيا مثل ليبيريا وساحل العاج ومدغشقر وموريشيوس والغابون وزائير (الآن: جمهورية الكونغو الديموقراطية) وغانا وجمهورية أفريقيا الوسطى. فعلى الرغم من انتقاد هذه الدول للفصل العنصري (و زادت الانتقادات بعد رفض جنوب أفريقيا لبيان لوساكا)، ظل تقدم جنوب أفريقيا الاقتصادي والعسكري ليؤكد اعتماد هذه الدول على جنوب أفريقيا بنِسَب ٍمتفاوتة.

العزلة الثقافية والرياضية

بدأت عزلة جنوب أفريقيا في مجال الرياضة في منتصف الخمسينيات وزاد خلال الستينيات. فقد حظر الفصل العنصري الرياضة متعددة الأعراق، الأمر الذي يعني أن الفرق الرياضية الخارجية التي لها أعضاءٌ من أعراق مختلفةٍ لا يمكنها اللعب في جنوب أفريقيا.في عام 1956، قطع الاتحاد الدولي لتنس الطاولة جميع العلاقات مع اتحاد تنس الطاولة لجنوب أفريقيا للبيض فقط، وفضل مجلس جنوب أفريقيا لتنس الطاولة غير العنصري. وردت الدولة بإلغاء جوازات سفر اللاعبين الأعضاء في المجلس لتمنعهم من المشاركة في المباريات الدولية.

في عام 1959، تم تشكيل رابطة جنوب أفريقيا للرياضة(ساسا) وهي مؤسسة غير عنصرية تم تشكيلها لضمان حقوق جميع اللاعبين على الصعيد العالمي. بعد فشل مساعيها للحصول على القبول عن طريق التعاون مع المؤسسات البيضاء، تقدمت ساسا إلى اللجنة الأولومبية الدولية في عام 1962، طالبةً طرد جنوب أفريقيا من دورة الألعاب الأولومبية. فأرسلت اللجنة الأولمبية الدولية تحذيرا إلى جنوب أفريقيا مفاده أنه إذا لم تحدث هناك أي تغييرات في سياستها العنصرية رياضيا، فإنها ممنوعة من دورة الالعاب الأولمبية لعام 1964. بُديء في التغييرات، وفي كانون الثاني / يناير 1963، أنشئت لجنة جنوب أفريقيا الأولمبية غير العنصرية "سانروك"(SANROC). استمرت الحركة المناهضة للفصل العنصري في حملتها لاستبعاد جنوب إفريقيا، ووافقت اللجنة الأولمبية الدولية فمنعت جنوب أفريقيا من العاب 1964 في طوكيو. اختارت جنوب أفريقيا فريقا متعدد الأعراق لدورة الألعاب التالية، واختارت اللجنة الأولمبية الدولية إدراجها في دورة العاب 1968 في المكسيك. ولكن تراجعت اللجنة الدولية عن الدعوة بسبب احتجاجات من الدول الأفريقية.

و أدت الشكاوي الأجنبية عن التعصب الرياضي في جنوب أفريقيا إلى عزلةٍ أكبر. قامت فرقٌ اختير عرقها بجولاتٍ في جنوب أفريقيا حتى سمحت جولة فريق نيوزيلندا الأسود للرجبي في عام 1970 أن يدخل ماوري تحت مسمى "البيض الفخريين".وقعت احتجاجاتٌ ضخمة وواسعة في نيوزيلندا في عام 1981 ضد جولة سبرينجبوك، وأنفقت الحكومة ثمانية ملايين دولار لحماية الألعاب من خلال قوة الجيش والشرطة. كانت هناك نيةٌ لإقامة جولةٍ أخرى للفريق إلى جنوب أفريقيا، ولكنها حركت المتظاهرين من نيوزيلندا وتم إلغاؤها. فأقيمت "جولةٌ ثائرة" بلا رعايةٍ من الحكومة في عام 1986، ولكن قطعت العلاقات الرياضية بعد ذلك، واتخذت نيوزيلندا قرارا بعدم ابتعاث أي فريق رجبي مصرح إلى جنوب أفريقيا إلى أن سنتهي الفصل العنصري.[٢٩][بحاجة لمصدر]

أصبح بي جاي فورستر رئيس الوزراء بدلا من فيرويرد في عام 1966، وأعلن أن جنوب أفريقيا لن تملي على الدول الأخرى اللون المطلوب لفرقها.على الرغم أن هذا أعاد فتح بوابة اللقاءات الرياضية، فهو لم يشر إلى نهاية السياسات الرياضية العنصرية في جنوب أفريقيا. في 1968، ذهب فورستر إلى قرار مخالفٍ لسياسته عندما رفض السماح للاعب باسيل دوليفيرا (و هو لاعب كريكيت ملون من جنوب أفريقيا) بمشاركة فريق الكريكيت الإنجليزي في جولةٍ في جنوب أفريقيا.قال فورستر أن اختيار هذا الجانب كان لإثبات قضية وليس على أساس الجدارة.و لكن "دوللي" اشترك في نهاية المطاف بعد الاحتجاجات.كما أدت الاحتجاجات ضد جولات معينة إلى إلغاء بعد الزيارات الأخرى، كزيارة ٍ لفريق الرجبي الإنجليزي في عام 1969/1970.

و قام فورستر بتغيير سياسته إلى مدىً أبعد في عام 1971، عندما قرر التفريق بين الرياضة متعدة ة الأعراق والرياضة متعددة الجنسيات.فظلت الرياضة متعددة الأعراق محظورة (بين اللاعبين من أعراق مختلفة)، ولكن الرياضة متعددة الجنسيات كانت مقبولةً: أي أن الجهات الدولية لن تكون موضوعة تحت طائلة شروط جنوب أفريقية العنصرية.

قاطعت نيجيريا دورة ألعاب الكومنولث عام 1978 لأنه لم تعتبر اللقاءات بين نيوزيلندا وجنوب أفريقيا موافقةً لاتفاق جلينيجلز (1977).كما قادت نيجيريا مقاطعةً من 32 دولة لدورة ألعاب الكومنولث لعام 1986، بسبب مواقف رئيسة وزراء بيرطانيا مارغريت ثاتشر المتناقضة تجاه الروابط الرياضية مع جنوب أفريقيا. وأثرت هذه المقاطعة على نوعية وربحية الألعاب مما دفع الحديث عن نظام الفصل العنصري إلى الأضواء العالمية.[٣٠]

رفعت المقاطعات الرياضية في عام 1993، أثناء العمل قطع العمل على جنوب أفريقيا الديمقراطية شوطا بعيدا.

في الستينيات، قامت الحركات المضادة للفصل العنصري بحملة مقاطعات ثقافية لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.و طالبت الحملة أن لا يسمحوا باستضافة أعمالهم في جنوب أفريقيا.و في عام 1963، وقع 45 من الكتاب البريطانيين تأكيدا لموافتهم على المقاطعة، وفي عام 1964 دعا الممثل الاميركي مارلون براندو إلى مقاطعةٍ مماثلةٍ للأفلام. في عام 1965، دعت رابطة كتاب بريطانيا العظمى إلى حظر إرسال الأفلام إلى جنوب أفريقيا. وقع أكثر من ستين فنانا الأمريكية على بيان ضد الفصل العنصري وضد العلاقات المهنية مع دولة الفصل العنصري. كما كان الاعتراض على إقامة بعض مسرحيات جنوب أفريقيا في بيرطانيا والولايات المتحدة.بعد وصول التلفزيون إلى جنوب أفريقيا في عام 1975، قاطع اتحاد الممثلين البريطانيين المسمى إنصاف هذه الخدمة، ولم يمكن بيع أي برنامج بريطاني من الجهات المرتبطة بالاتحاد إلى جنوب أفريقيا.لم يكن للمقاطعات الرياضية والثقافية نفس تأثير العقوبات الاقتصادية، ولكنها رفعت الوعي بين سكان جنوب أفريقيا الطبيعيين عن الإدانة العالمية للفصل العنصري.

التأثير الغربي

فيما نمت المعارضة الدولية للفصل العنصري، وفرت دول الشمال الأوروبي الدعم المعنوي والمالي للمؤتمر الوطني الأفريقي. ففي يوم 21 فبراير 1986 (في الأسبوع قبل أن يتم اغتياله) ألقى رئيس الوزراء السويدي أولوف بالمه كلمة رئيسية للبرلمان الشعبي السويدي المضاد للفصل العنصري في ستوكهولم.في حديثه للمئات من المتعاطفين لمناهضة الفصل العنصري، فضلا عن قادةٍ ومسؤولين من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وحركة مناهضة الفصل العنصري مثل أوليفر تامبو، أعلن بالمه:

" لا يمكن إصلاح الفصل العنصري، بل لابد من القضاء عليها".

وقفت دولٌ غربيةٌ أخرى مواقف أكثر تساهلا.ففي الثمانينات، اتبعت إدارات الرئيس الأمريكي ريجان ورئيسة الوزراء البريطانية ثاتشر سياسة مشاركة بناءة مع حكومة الفصل العنصري، وعارضت الادارتان إيقاع عقوبات اقتصادية على جنوب أفريقيا وبرروا ذلك بحرية التجارة ورؤية جنوب أفريقيا حصنا ضد الماركسية في جنوب أفريقيا. وأعلنت ثاتشر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي منظمةً ارهابية [٣١]، وفي عام 1987 قال المتحدث باسمها برنارد انجهام، كلمته المشهورة: إن أي شخص يعتقد أنه سيكون لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي من أي وقت دور في تسكيل حكومة جنوب أفريقيا "يعيش في أراضي السحابة الحمقاء".[٣٢]

و لكن بحلول أواخر الثمانينات، مع تحول موجة الحرب الباردة ولا علامة لحل سياسي في جنوب أفريقيا، بدأ الصبر الغربي تجاه حكومة الفصل العنصري ينفذ.بحلول عام 1989، حبذت مبادرة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية (و التي أدرجت كقانون شامل مناهض للفصل العنصري)، وفضلت إطلاق سراح نيلسون مانديلا وتسوية تفاوضية تضم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. بدأت تاتشر أيضا باتخاذ خطٍ مماثل، لكنها أصرت على تعليق الكفاح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.[٣٣]

ربما كان لمشاركة بريطانيا والولايات المتحدة الاقتصادية في جنوب أفريقيا بعض النفوذ، مع ممارسة الضغط من البلدين في اتجاه المفاوضات. ولكن بريطانيا والولايات المتحدة لم يكونا على استعدادٍ لتطبيق الضغط الاقتصادي بسبب مصالحهما المتعددة الجنسيات في جنوب أفريقيا، مثل شركة التعدين انجلو امريكان. بالرغم من رفض المحكمة دعوى تعويض بارزة ضد هذه الشركات في عام 2004، أيدت محكمة الاستئناف الأمريكية حكم استئنافٍ يسمح بدعوى أخرى تسعى لتعويضات تقدر بم يزيد عن 400 مليار دولار من كبرى الشركات العالمية المتهمة بمساعدة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.[٣٤]

الحرب الحدودية في جنوب أفريقيا

بحلول عام 1966، شنت عصابات سوابو غارات حرب العصابات من البلدان المجاورة لجنوب أفريقيا ضد الاحتلال لجنوب غرب أفريقيا/ناميبيا. وفي البداية، خاضت جنوب أفريقيا حربا ضد سوابو (SWAPO) لمكافحة التمرد. وزاد هذا الصراع بعد حصول أنجولا على الاستقلال في 1975، في ظل الحكم الشيوعي لقيادة الحركة الشعبية لتحرير أنغولا (MPLA) عندما وقفت جنوب أفريقيا والولايات المتحدة إلى جانب منافسه الأنغولي حزب يونيتا ضد القوة المسلحة لحزب الحركة الشعبية لتحرير أنغولا (FAPLA).و بحلول نهاية السبعينيات، انضمت كوبا إلى المعركة، في واحدة من عدة لقطاتٍ لأواخر الحرب الباردة في جنوب أفريقيا.[٣٥] تطورت الحرب الأهلية في أنغولا إلى حرب تقليدية بوجود جنوب أفريقيا وحزب يونيتا(UNITA) من ناحية، وحكومة الحركة الشعبية لتحرير أنغولا والكوبيون والسوابو والسوفييت من ناحيةٍ أخرى.[٣٦]

الهجمة الكاملة

بحلول عام 1980، حدث تحولٌ حاسم في الرأي العام الدولي ضد الفصل العنصري، فبدأت الحكومة وجزء كبير من السكان البيض ينظرون إلى الدولة كحصن محاصر من الشيوعيين والقوميين السود الراديكاليين.بذلوا جهدا كبيرا في التحايل على العقوبات، بل قيل أنهم ذهبوا إلى تطوير الأسلحة النووية بدعم من إسرائيل.[٣٧]

كان يشير مصطلح "دول خط المواجهة" إلى البلدان الجنوبية في أفريقيا التي تقع بالقرب من جنوب أفريقيا جغرافيا. وبالرغم من معارضة هذه الدول للفصل العنصري، فقد كان الكثير منها يعتمد اقتصاديا على جنوب أفريقيا. في عام 1980، شكلوا مؤتمر التنسيق للتنمية في الجنوب الافريقى (SADCC)، والذي كان يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية في المنطقة، وبالتالي تقليل الاعتماد على جنوب أفريقيا. وعلاوة على ذلك، فقد سمحت العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد باستقبال المنفيين من أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي ومؤتمر عموم أفريقيا وإقامة قواعد لهم في بلدانهم.

الغارات عبر الحدود

كان لدى جنوب أفريقيا سياسةٌ بمهاجمة القواعد "الارهابية" في الدول المجاورة. وكانت هذه الهجمات موجهةً في الأساس إلى قواعد العصابات والبيوت الآمنة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) ومؤتمر العموم الأفريقي (PAC) وسوابو (SWAPO)، ردا على أعمال الإرهاب—مثل تفجيرات القنابل والمذابح وأعمال العصابات (مثل التخريب) من قبل المؤتمر الوطني الأفريقي وو مؤتمر العموم الأفريقي (PAC) وسوابو (SWAPO) في جنوب أفريقيا وناميبيا. كما ساعدت البلد المنظمات في البلدان المجاورة التي كانت تمارس نشاطا لمكافحة انتشار الشيوعية في الجنوب الأفريقي. وكانت من نتائج هذه السياسات ما يلي:

  • دعم الميليشيات المناهضة للحكومة مثل يونيتا في أنغولا ورينامو في موزمبيق
  • قوات الدفاع في جنوب أفريقيا (قوات دفاع جنوب أفريقيا ؛ الآن قوات الدفاع القومية بجنوب أفريقيا) قامت بغارات فرق على الدول في خط المواجهة. كما قامت بغارات قصفٍ جوي في الدول المجاورة.
  • غزو شامل لأنغولا: وهذا في جزء منه لدعم منظمة يونيتا، ولكنه كان أيضا محاولة لضرب قواعد السوابو.
  • استهداف قادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المنفيين في الخارج: فقتلت روث فيرست زوجة جو سلوفو عن طريق طردٍ مفخخ في مابوتو، وقامت 'فرق الموت' لمكتب التعاون المدني ومديرية الاستخبارات العسكرية بشن عمليات اغتيال لأهداف من المؤتمر الوطني الأفريقي في بروكسل وباريس واستكهولم، وشاركوا كذلك في أعمال سطو وتفجيرات وقعت في لندن. [بحاجة لمصدر]

وقع الرئيس الموزمبيقي سامورا ماشيل على اتفاق كوماتي مع رئيس جنوب أفريقيا بي. دبليو. بوثا وذلك في محاولةٍ لإعادة بناء اقتصاد موزمبيق. وافقت جنوب أفريقيا على وقف دعمها للحركات المناهضة للحكومة، وحظر على الجناح المسلح للمؤتمر الوطني الأفريقي العملُ في موزمبيق. وكانت هذه نكسةٌ لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.

في عام 1986، قتل الرئيس ماشيل في حادث تحطم طائرة في منطقة جبلية في جنوب أفريقيا قرب الحدود الموزامبيقية بعد عودته من اجتماع في زامبيا. اتهمت جنوب أفريقيا بمواصلة مساعداتها لحركة المقاومة رينامو، وأنها تسببت في وقوع الحادث من خلال استخدام اذاعة ملاحة كاذبة جذبت الطائرة إلى تحطمها. لم يتم إثبات نظرية المؤامرة هذه، ولا تزال موضع جدل بالرغم من تقرير لجنة تحقيق مارجو الجنوب أفريقية أن الأمر كان مجرد حادث. أصدر وفدٌ سوفياتي لم يشارك في التحقيق تقريرا أقليا يورط فيه جنوب أفريقيا.

الأمن القومي

خلال الثمانينات، أصبح الأمن يشكل هاجسا للحكومة بقيادة بي دبليو بوثا. وأخذا بنصيحة عالم السياسة الأمريكي صمويل هنتنغتون، قام بوثا بتشكيل جهاز أمن دولةٍ قوي "لحماية" الدولة من الزيادة المتوقعة للعنف السياسي التي يمكن أن تحدثها الإصلاحات.وقد أصبحت الثمانينات فترة من الاضطرابات السياسية، وذلك مع هيمنة دائرة بوثا من الجنرالات وقادة الشرطة المعروفة باسم (securocrats)و الذين أداروا عدة حالات للطوارئ.

و اتسمت سنوات بوثا في السلطة بالعديد من عمليات التدخل العسكري في الدول المجاورة لجنوب أفريقيا، كما شملت حملةً عسكرية وسياسية للقضاء على السوابو في ناميبيا. شهد هذا الوقت أيضا إجراءات قوية للشرطة وتنفيذا صارما للتشريعات الأمنية نتج عنها مئات الاعتقالات وعمليات الحظر، ونهايةً حقيقية لحملة المؤتمر الوطني الأفريقي للتخريب.

و عاقبت الحكومة مرتكبي التعديات السياسية بوحشية. بين عامي 1982 و 1983، تعرض 40000 شخص للجلد كشكل من أشكال العقاب. ارتكبت الغالبية العظمى منهم تعدياتٍ سياسية، وتم جلدهم عشرة جلدات. واذا أدين أحدٌ بتهمة الخيانة، كان ينفذ فيه حكم الاعدام، ونفذت الحكومة حكم الإعدام في العديد من مرتكبي الجرائم السياسية بهذه الطريقة.

في فترة الثمانينات، تم إنشاء المزيد والمزيد من المنظمات المناهضة للفصل العنصري وربطها بالجبهة الديمقراطية. طالبت الجبهة بقيادة القس ألان بويساك وألبيرتينا سيسولو الحكومة أن تستبدل الإصلاحات بإلغاء الفصل العنصري والأوطان البديلة تماما.

حالة الطوارئ

سياسي جاد العنف سمة بارزة من جنوب إفريقيا، أصبح العنف السياسي سمةً بارزة لجنوب أفريقيافي الفترة من 1985 إلى 1989، حيث أصبحت البلدات السوداء محور الصراع بين المنظمات المناهضة للفصل العنصري وحكومة بوثا. فخلال الثمانينات، قاومت البلدات الفصل العنصري من خلال العمل على القضايا المحلية التي تواجهها المجتمعات على وجه الخصوص. وتم توجيه الكثير من هذه المقاومة ضد السلطات المحلية والقادة المحليين، الذين نُظِرَ اليهم على انهم داعمون للحكومة. وبحلول عام 1985، أصبح هدف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي جعل البلدات السوداء "غير قابلة للحكم" (و استُبدلَ هذا التعبير في وقت لاحق بعبارة "سلطة الشعب") عن طريق مقاطعات الإيجار وغيرها من الإجراءات العسكرية. أدى هذا إلى أو إطاحة أو انهيار العديد من مجالس البلديات، لتحل محلها المنظمات الشعبية غير الرسمية، والتي حُكِمَت في أغلب الأحيان من قبل النشطاء الشباب. أنشئت محاكم الشعب، وعومل الذين اتهموا بالعمالة لدى الحكومة بإجراءات صارمة وأحيانا قاتلة.و كان يهاجم رجال المجالس البلدية ورجال الشرطة للبلديات السوداء، وأحيانا عائلاتهم، بالقنابل الحارقة، والضرب، والقتل عن طريق حرق الاطارات ووضعها حول عنق الضحية (necklacing).

في يوم 20 يوليو 1985،أعلن الرئيس بوثا حالة الطوارئ في 36 من الدوائر القضائية. كانت المناطق المتضررة هي الكاب الشرقية، ومنطقة "بريتوريا ويتواترسراند وفيرنيجنج". أدرجت الكاب الغربية بعد ثلاثة أشهر أيضا. حظرت أعدادٌ متزايدةٌ من المنظمات أو قيدت بطريقةٍ ما؛ وعانى الكثير من الناس من قيودٍ كالإقامة الجبرية.اعتقل 2436 شخص خلال حالة الطوارئ هذه بموجب قانون الأمن الداخلي، حيث أعطى هذا القانون الشرطة والجيش صلاحيات واسعة. فكانت الحكومة تستطيع تنفيذ حظر للتجول يتحكم في حركة الناس. ويستطيع الرئيس أن يحكم بمرسوم دون الرجوع إلى الدستور أو إلى البرلمان. أصبح تهديد شخص شفهيا أو حيازة وثائق تراها الحكومة خطيرةً جريمة جنائية. وأصبح من غير القانوني تقديم المشورة لاحد بالبقاء بعيدا عن العمل أو بمعارضة الحكومة. وكان من غير القانوني أيضا الكشف عن اسم أي شخص يلقى القبض عليه في حالة الطوارئ حتى ترى الحكومة أن إعلان هذا الاسم أمرٌ مناسب. قد يواجه أي شخصٍ مدة تصل إلى عشر سنواتٍ سجن لهذه الجرائم. وأصبح الاحتجاز دون محاكمة سمة مشتركة لردود الحكومة على تزايد الاضطرابات المدنية، وبحلول عام 1988، اعتقل 30000 شخص. واعتقل الالاف وتعرض كثير منهم للاستجواب والتعذيب.

يوم 12 يونيو 1986، وقبل أربعة أيام من الذكرى السنوية العاشرة لانتفاضة سويتو، مُدِدَت حالة الطوارئ لتشمل البلاد باكملها. وعدلت الحكومة قانون الأمن العام، ووسعت صلاحياتها لتشمل الحق في اعلان "مناطق اضطرابات"، مما يتيح لها اتخاذ تدابير استثنائية لقمع الاحتجاجات في هذه المناطق. وأصبحت الرقابة الشديدة على الصحافة تكتيكا مهيمنا في استراتيجية الحكومة، ومنعت كاميرات التلفزيون من دخول هذه المناطق. كانت اذاعة الدولة، هيئة اذاعة جنوب أفريقيا تقدم الدعاية لدعم الحكومة. ولكن زادت معارضة وسائل الاعلام للنظام، بدعم من نمو صحافة(تحت الأرض) المؤيدة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا.

في عام 1987، مُددت حالة الطوارئ لمدة عامين آخرين. من جهة أخرى، بدأ حوالى 200000 من أعضاء الاتحاد الوطني لعمال المناجم أطول اضراب في تاريخ جنوب أفريقيا لمدة ثلاثة أسابيع. وشهد عام 1988 حظر أنشطة الجبهة الديمقراطية وغيرها من المنظمات المناهضة للفصل العنصري.

وجهت الكثير من اعمال العنف في أواخر الثمانينات والتسعينات إلى الحكومة، ولكن كان هناك قدر كبيرٌ من العنف بين السكان أنفسهم. فقد لقى الكثيرون حتفهم في اعمال عنف بين اعضاء حزب انكاثا وتجمع المؤتمر الوطني الأفريقي مع الجبهة الديمقراطية. ثبت في وقت لاحق ان الحكومة تلاعبت بالوضع من خلال دعم هذا الطرف أو ذاك بحسب ما يناسبها. اغتال عملاء للحكومة المعارضين داخل جنوب أفريقيا وخارجها؛ وشنوا الهجمات الجوية والعسكرية عبر الحدود على القواعد المشتبهة للمؤتمر الوطني الأفريقي ومؤتمر الوحدويين الأفريقيين. وبالمقابل، قام حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ومؤتمر الوحدويين الأفريقيين بتفجير القنابل في المطاعم والمراكز التجارية والمباني الحكومية مثل محاكم القضاء.

استمرت حالة الطوارئ حتى عام 1990، عندما تم رفعها من قبل رئيس الدولة دي كليرك.

السنوات الأخيرة من الفصل العنصري

كان نمو جنوب أفريقيا الاقتصادي في المرتبة الثانية بعد اليابان في الستينات. فكانت التجارة ناميةً مع الدول الغربية، وهرع المستثمرون من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا للحصول على جزء من ذلك. تم القضاء على المقاومة بين السود وسُجـِـنَ مانديلا (زعيم المؤتمر الوطني الأفريقي) منذ عام 1964 في سجنٍ في جزيرة روبن (قبالة ساحل كيب تاون)، وكان الظاهرُ أن قوات الأمن قادرة على التعامل مع أي مقاومة للفصل العنصري. ولكن في السبعينات، بدأت هذه الصورة الوردية في التلاشى.

في عام 1974، زادت مقاومة الفصل العنصري بسبب انسحاب البرتغال من موزامبيق وأنغولا، وبعد الثورة القرنفلية عام 1974. انسحبت قوات جنوب أفريقيا من أنغولا في مطلع عام 1976، حيث فشلوا في منع قوات التحرير من الوصول إلى السلطة هناك، واحتفل الطلاب السود في جنوب أفريقيا بانتصار تحرير السود على المقاومة البيضاء.

في عام 1978، أصبح وزير الدفاع في الحزب الوطني بي دبليو بوثا رئيسا للوزراء. شعر نظام بوثا الأبيض بالقلق بشأن مساعدة الاتحاد السوفياتي للثوار في جنوب أفريقيا، وتحول الاقتصاد إلى الركود. وجدت الحكومة الجديدة أنها تنفق الكثير من المال في محاولة الحفاظ على فصل الأوطان التي أنشئت للسود وثبت أن هذه الأوطان غير اقتصادية.

و لم ينجح إبقاء السود كفئةٍ ثالثة أيضا. لم تزل العمالة السوداء حيوية للاقتصاد، وبدأت النقابات العمالية السوداء غير القانونية. وظل كثير من السود فقراء جدا عن تقديم أي مساهمةٍ في الاقتصاد من خلال قدرتهم الشرائية—وإن كانوا أكثر من 70 في المئة من السكان. فالرأسمالية تعمل على حسن النية، وكان نظام بوثا معنيا أكثر بحسن النية—وليس لصالح الرأسمالية بقدر ما كان النظام يخشى لزوم الترياق المضاد لمنع السود من الانجذاب للشيوعية.

اكتسبت الحركات المناهضة للفصل العنصري في الولايات المتحدة وأوروبا دعما لمقاطعة جنوب أفريقيا، ولانسحاب شركات الولايات المتحدة من جنوب أفريقيا ودعما من اجل الافراج عن مانديلا. أصبحت جنوب إفريقيا خارجة عن القانون في مجتمع الأمم. شارف الاستثمار في جنوب أفريقيا من قبل الأمريكيين وغيرهم على الانتهاء وبدأت سياسة نشطة لسحب الاستثمارات من هناك.

البرلمان ثلاثي المجالس

في أوائل الثمانينات بدأت حكومة بوثا تعرف ضرورة إجراء الإصلاحات لنظام الفصل العنصري. كانت الإصلاحات قبل ذلك نتيجة للعنف الداخلي والإدانة الدولية والتغييرات الانتمائية داخل الحزب الوطني، وتغير التركيبة السكانية—كان البيض يشكلون 16 ٪ فقط من مجموع السكان، بالمقارنة مع 20 % من خمسين عاما مضت.

في عام 1983، تمت الموافقة على دستور جديد يطبق ما سمي بالبرلمان ثلاثي المجالس (Tricameral Parliament) والذي أعطى الملونين والهنود الحقوق الانتخابية والتمثيل النيابي في مجالس منفصلة:المجلس التشريعي المخصص للبيض (178 عضوا)، والمجلس التمثيلي المخصص للملونين (85 عضوا)، ومجلس المفوضين الخاص بالأقلية الآسيوية (45 عضوا). تعامل كل مجلس مع القوانين المتعلقة بقضايا العرق الخاص به، بما في ذلك الصحة والتعليم وغيرها من قضايا المجتمع. تولى مجلس يضم ممثلين عن كل مجلس من الثلاثة جميع القوانين المتعلقة ب "الشؤون العامة" (مسائل مثل الدفاع، والصناعة، والضرائب)، وملك الحزب الحاكم في المجلس المجمع ميزة عددية. واستبعد السود الذين تتألف منهم غالبية السكان من التمثيل، وظلوا مواطنين في أوطانهم البديلة. قاطع معظم الملونون والهنود أول انتخاباتٍ للبرلمان الثلاثي، وسط أعمال شغب واسعة النطاق.

الإصلاحات والاتصال مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي تحت حكم بوتا

كان الرئيس بوثا قلقا إزاء شعبية مانديلا ووصفه بأنه ماركسيٌ لدود ملتزمٌ بالثورة العنيفة. ولكن الحكومة نقلت مانديلا من سجن جزيرة روبن إلى سجن بولزمور، وهو سجنٌ ألطف في منطقةٍ ريفيةٍ خارج كيب تاون، وذلك لاسترضاء السود ولرعاية مانديلا كزعيم لهم. وسمحت الحكومة لمانديلا بالمزيد من الزوار، بما في ذلك الزيارات والمقابلات من قبل الأجانب—لإطلاع العالم أن مانديلا يلقى معاملة حسنة.

أعلنت الأوطان السوداء دولا قومية، وألغيت قوانين الاجتياز. أيضا، أعطيت نقابات العمال السود الشرعية، واعترفت الحكومة بحق السود في العيش في المناطق الحضرية بصورة دائمة وأُعطى السود حقوق الملكية هناك. وأعرب النظام عن الاهتمام بإلغاء قانون مكافحة الزواج بين الأعراق وكذلك إلغاء قانون مكافحة الجنس بين الأعراق، والذي محط سخرية في الخارج. وزاد الانفاق على مدارس السود، فأصبح ينفق على الطفل الأسود سُبع الإنفاق على الطفل الأبيض—بعدما كان واحدا لستة عشر في عام 1968. وفي الوقت نفسه، تم إعطاءُ اهتمام كبير لتعزيز فعالية جهاز الشرطة.

في كانون الثاني / يناير 1985، وجه بوثا رسالةً إلى المجلس النيابي، وذكر أن الحكومة مستعدة لإطلاق سراح مانديلا، بشرط أن يتعهد مانديلا مقاومةً لأعمال العنف لتحقيق الأهداف السياسية. قرأ أحد حلفاء مانديلا رده الذي كان أول كلمةٍ منقولة عنه بعد 21 عاما في السجن.قال مانديلا أن العنف هو مسؤولية نظام الفصل العنصري، وقال إنه بالديمقراطية لن تكون هناك حاجة للعنف. انفجرت الحشود المستمعة إلى قراءة خطابه في التصفيق والهتافات. ساعد هذا الرد على رفع مكانة مانديلا في نظر الذين يعارضون الفصل العنصري، على الصعيدين الدولي والمحلي.

بين عامي 1986 و 1988، ألغيت بعض قوانين الفصل العنصري البسيط. وقال بوتا أنه يجب على البيض في جنوب أفريقيا "التكيف أو الموت"، وتردد مرتان على أعتاب ما وُصِفَ بأنها إعلانات "جريئة" عن إصلاحات كبيرة، على الرغم من انه في كلتا الحالتين تراجع عن تقديم تغييرات جوهرية. ومن المفارقات أن هذه الإصلاحات أدت إلى تكثيف العنف السياسي خلال الفترة المتبقية من فترة الثمانينات حيث انضمت المزيد من الطوائف والمجموعات السياسية في جميع أنحاء البلاد إلى حركة المقاومة. توقفت حكومة بوتا عن حدٍ كبير من الإصلاحات، مثل رفع الحظر عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ومنظمة الوحدويين الأفريقيين والحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا وغيرها من المنظمات، والإفراج عن السجناء السياسيين، أو إلغاء أساس قوانين الفصل العنصري الكبير. موقف الحكومة هو انها لن تفكر في التفاوض حتى تتخلى هذه المنظمات "عن العنف".

بحلول عام 1987، انخفض معدل النمو الاقتصادي في جنوب أفريقيا إلى أدنى معدل في العالم، وأحبط الحظر المفروض على مشاركة جنوب أفريقيا في المناسبات الرياضية الدولية الكثير من البيض في جنوب أفريقيا. وكانت هناك أمثلةٌ لدول أفريقية بزعماء من السود وأقليات بيضاء في كينيا وزيمبابوي. وانتقلت همسات أن جنوب أفريقيا سيكون لها رئيس أسود في أحد الأيام، مما أدى بالكثير من البيض المتشددين للانضمام إلى أحزاب يمينية.تم نقل مانديلا إلى بيت بأربعة غرف نوم، مع حمام سباحة ومظللا بأشجار التنوب، على سجن مزرعةٍ خارج كيب تاون. التقى ببوثا بطريقةٍ غير معلنة، وتعجب مانديلا عندما تقدم بوثا ليسكب الشاي لمانديلا.دارت بين الاثنين مناقشةٌ ودية، وقارن مانديلا بين تمرد المؤتمر الوطني الأفريقي التمرد الافريكانية، وتحدث عن أخوة الجميع.

و أقيم عدد من الاجتماعات السرية بين أعضاء للمؤتمر الوطني الأفريقي في المنفى، وقطاعات مختلفة من أعضاء الصراع الداخلي، مثل النساء والتربويين. كما قابل العديد من المثقفين البيض أعضاء من المؤتمر الوطني الأفريقي في السنغال لاجراء محادثاتٍ أكثر علانية.

رئاسة إف. دبليو. دي كليرك

في أوائل عام 1989 أصيب بوتا بجلطة، وطلب منه الاستقالة في 13 فبراير 1989. وعقبه في الرئاسة لاحقا ذلك العام إف.دبليو. دي كليرك. على الرغم من سمعته الأولية كمحافظ، تحرك دي كليرك بحسم نحو اجراء مفاوضات لانهاء الجمود السياسي في البلاد. في كلمته الافتتاحية للبرلمان يوم 2 فبراير 1990، أعلن دي كليرك انه سوف يلغي القوانين التمييزية وسيرفع الحظر الفروض قبل 30 عاما على قيادة المجموعات المناهضة للفصل العنصري، مثل المؤتمر الوطني الأفريقي وحزب مؤتمر عموم أفريقيا والحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا والجبهة الديمقراطية. تم وضع حدٍ لقانون الأراضي. كما قام دي كليرك باول التزام عام للافراج عن زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المعتقل نيلسون مانديلا، والعودة إلى حرية الصحافة وتعليق عقوبة الإعدام. رفعت القيود عن وسائل الاعلام وتم إطلاق سراح السجناء السياسيين الذين لم يرتكبوا جرائم عامة.

و في يوم 11 فبراير 1990، أطلق سراح نيلسون مانديلا من سجن فيكتور فيرستر بعد أكثر من 27 عاما في السجن.

وبعد تعليمات من مجلس الامن الدولي على انهاء احتلالها العسكري الطويل لجنوب غرب أفريقيا / ناميبيا، وبسبب الهزائم العسكرية من قبل المتمردين الكوبيين والأنغوليين، وتزايد تكاليف الحرب من الاحتلال هناك، كان على جنوب أفريقيا التخلي عن السيطرة على هذه الأرض؛ وأصبحت ناميبيا دولة مستقلة رسميا في 21 مارس 1990.

المفاوضات

تم تفكيك نظام الفصل العنصري في سلسلةٍ من المفاوضات في الفترة بين 1990 إلى 1993، وبلغت ذروة المفاوضات في الانتخابات التي جرت في عام 1994، والتي كانت الانتخابات الأولى في جنوب إفريقيا التي سمحت بحق الاقتراع العام.

وألغي الجهاز القانوني للفصل العنصري في الفترة بين 1990 إلى 1996. بدأت المفاوضات بجدية في عام 1990، وحيث عقد اجتماعان بين الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وكان الغرض من هذه المفاوضات تمهيد الطريق لاجراء محادثات من أجل انتقال سلمي للسلطة. كانت هذه الاجتماعات ناجحة في وضع الشروط المسبقة للمفاوضات—على الرغم من وجود توتر كبير داخل البلد.

في الجلسة الأولى، ناقش الحزب الوطني وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي شروط بدء المفاوضات. وقد عقد الاجتماع في غروت شور، وهو المقر الرسمي للرئيس. صدر تقرير لحظي من غروت شور قال ان المفاوضات السياسية ستبدأ بعد الافراج عن السجناء والسماح لجميع المبعدين بالعودة.

كانت هناك مخاوف من أن تغيير السلطة في جنوب أفريقيا سيكون عنيفا. ولتفادي هذا، كان من الضروري التوصل إلى حل سلمي بين جميع الأطراف. في كانون الأول / ديسمبر 1991، بدأ التجمع من أجل جنوب أفريقيا ديمقراطية(كوديسا) المفاوضات حول تشكيل حكومة انتقالية متعددة الأعراق ووضع دستور جديد لتوسيع نطاق الحقوق السياسية لجميع الفئات. اعتمدت كوديسا "إعلانا للنوايا" والتزمت ب"جنوب إفريقيا غير مقسمة".

أدت الإصلاحات والمفاوضات لوضع حد لنظام الفصل العنصري إلى رد فعل عنيف بين المعارضة البيضاء اليمينية، مما أدى إلى فوز حزب المحافظين الفوز بعدد من الانتخابات ضد الحزب الوطني. رد دي كليرك بدعوةٍ لاستفتاءٍ بين البيض فقط في آذار / مارس 1992، لتحديد ما إذا كان ينبغي أن تستمر المفاوضات. أعطت أغلبية تقدر ب 68 في المئة من الناخبين البيض دعمها لدي كليرك، ورسخ هذا المزيد من الثقة عند دي كليرك والحكومة، وزادت من قوة موقفهم في المفاوضات.

وهكذا عندما استؤنفت المفاوضات في أيار / مايو 1992، تحت اسم مؤتمر "كونديساالثاني"، تم التقدم بمطالب أقوى. لم يتمكن المؤتمر الوطني الأفريقي والحكومة من التوصل إلى حل وسط بشأن الكيفية التي ينبغي تقاسم السلطة بها خلال مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية. فقد أراد الحزب الوطني الإبقاء على موقفٍ قوي في الحكومة الانتقالية، فضلا عن القدرة على تغيير القرارات التي يتخذها البرلمان.

أدى استمرار العنف إلى زيادة التوترات أثناء المفاوضات. كان العنف بسبب نفاد الصبر من أجل التغيير عند الذين ما زالوا يعيشون تحت القمع، وكذلك شدة المنافسة بين حزب انكاثا للحرية (انكاثا) وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وعلى الرغم من لقاء بوتوليزي ومانديلا لتسوية خلافاتهما، إلى أنهما لم يستطيعا إيقاف العنف. وكانت واحدة من أسوأ حالات العنف بين أنكاثاو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي هي مجزرة بويباتونج في 17 يونيو 1992، عندما هاجم مائتي مسلح من انكاثا بلدة بويباتونج في جاوتينج، مما أسفر عن مقتل 45 شخصا. وقال شهود العيان ان رجالا وصلوا في سيارات للشرطة، مما دعم الاتهامات التي قالت أن عناصر الشرطة والجيش ساهمت في أعمال العنف الجارية. عندما حاول دي كليرك زيارة موقع الحادث، طاردته الحشود الغاضبة، وفتحت الشرطة النار عليهم مما أسفر عن مقتل ثلاثة.[٣٨] قال مانديلا أن دي كليرك، كرئيس للدولة هو مسؤولٌ عن وضع حدٍ لاراقة الدماء. كما اتهم شرطة جنوب أفريقيا بالتحريض على العنف بين المؤتمر الوطني الأفريقي وبين حزب انكاثا للحرية. شكل هذا أساس انسحاب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من المفاوضات، وانهار منتدى كوديسا تماما في هذه المرحلة.

و أدت مذبحة بيشو في يوم 7 سبتمبر 1992 إلى رفع حدة التوتر.قتلت قوة دفاع سيسكاي 29 شخصا وأصابت 200 اخرين عندما فتحت النار على مسيرة للمؤتمر الوطني الأفريقي تطالب إعادة دمج سيسكاي إلى جنوب أفريقيا. وفي أعقاب ذلك، وافق دي كليرك ومانديلا على الاجتماع لايجاد سبل ٍ لانهاء العنف المتصاعد. وأدى ذلك إلى استئناف المفاوضات.

أضاف العنف اليميني إلى القتال في هذه الفترة. فقد هدد اغتيال كريس هاني يوم 10 أبريل 1993 باغراق البلاد في الفوضى. كان هاني الامين العام للحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا، وكانت له شعبية بالغة. تم اغتياله في عام 1993 في حديقة "دونبارك" في جوهانسبورغ من قبل جاناس والاس وهو لاجيء بولندي مضاد للشيوعية كان على صلةٍ وثيقةٍ بالمنظمة الأفريكانية القومية "ويرستاندبيويجنج".كان هاني يتمتع بتأييدٍ واسع النطاق يتجاوز دائرته الانتخابية في الحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وكان يُنظر إليه كخليفةٍ محتمل لمانديلا؛ أدت وفاته إلى مظاهراتٍ في جميع أنحاء البلاد وعبر المجتمع الدولي، مما أثبت في النهاية أنها نقطةُ تحول ٍ دفعت الأطراف الرئيسية بعزم للتوصل إلى تسوية.[٣٩] وفي 25 يونيو 1993، استخدمت "ويرستاندبيويجنج" عربةً مدرعةً لتحطم أبواب مركز التجارة العالمي، حيث كانت المحادثات جارية في إطار المجلس التفاوضي. فشل هذا أيضا في تعطيل التفاوض.

بالإضافة إلى استمرار العنف بين السود، كان هناك عدد من الهجمات على المدنيين البيض من قبل الجناح العسكري لمؤتمر الوحيين الأفريقيين - جيش تحرير الشعب الآزيني (APLA). كان أمل مؤتمر الوحدويين الأفريقيين تعزيز مكانتهم من خلال جذب دعم الشباب الغاضب.و في مذبحة كنيسة سانت جيمس يوم 25 يوليو 1993، فتح أعضاء من APLA النار في كنيسة في كيب تاون، مما أسفر عن مقتل 11 فردا من المصلين واصابة 58.

في عام 1993، تم منحُ دي كليرك ومانديلا معا جائزة نوبل للسلام "لعملهم من أجل السلام وإنهاء نظام الفصل العنصري، ومن أجل وضع الأسس لنظام ديمقراطي جديد في جنوب أفريقيا".[٤٠]

تواصلت أعمال العنف حتى انتخابات عام 1994. أعلن لوكاس منغوبه زعيم وطن بوفوثاتسوانا الأصلي، أنه لن يشارك في الانتخابات. فقد تقرر أنه بعد أن يدخل الدستور المؤقت حيز التنفيذ، فإن الأوطان ستدرج في جنوب إفريقيا، ولكن مانغوبي لم يرد حدوث ذلك. كانت هناك احتجاجات قوية ضد قراره، مما أدى إلى وقوع انقلاب في بوفوثاتسوانا في 10 آذار / مارس خلع منغوبه، على الرغم من تدخل اليمينيين البيض آملين للحفاظ عليه في السلطة. قتل ثلاثة مسلحين بيض خلال هذا التدخل، وعرضت الصور المروعة في التلفزيون الوطني وفي الصحف في جميع أنحاء العالم.

قبل يومين من الانتخابات، انفجرت سيارة ملغومة في جوهانسبرغ، مما أسفر عن مقتل تسعة.[٤١][٤٢] وقبل يوم من الانتخابات، انفجرت سيارةٌ أخرى، مما اسفر عن اصابة ثلاثة عشر. وأخيرا، ورغم ذلك، في منتصف ليلة 26-27 نيسان / أبريل 1994، تم إنزال العلم القديم، وبدأ غناء النشيد الوطني الجديد(و هو الآن نشيد رسمي مشارك) "الدعوة"، ثم رفع علم قوس قزح الجديد وبدأ غناءالنشيد الوطني الآخر (Nkosi Sikelel' iAfrika) (" ليبارك الله أفريقيا ").

انتخابات عام 1994

أجريت الانتخابات في 27 أبريل 1994، وسارت بسلام في جميع أنحاء البلاد بينما أدلى 20 مليون جنوب أفريقي بأصواتهم. كان هناك بعض الصعوبات في تنظيم عملية التصويت في المناطق الريفية، ولكن الناس انتظروا في جميع أنحاء البلد بصبر لعدة ساعات من أجل التصويت، وسط شعور واضح بحسن النية. وأعطي يوم إضافي لإعطاء الفرصة للجميع. واتفق المراقبون الدوليون ان الانتخابات كانت حرة ونزيهة.

حصل المؤتمر الوطني الأفريقي على 62.65 ٪ من الأصوات، [٤٣][٤٤] وهي نسبةٌ أقل من 66.7 ٪ التي من شأنها السماح بإعادة كتابة الدستور. وفي البرلمان الجديد، ذهبت 252 من 400 مقعد لأعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي. حصل الحزب الوطني على أغلب أصوات البيض والملونين، وأصبح حزب المعارضة الرسمي.قررت هذه الانتخابات الحكومة الوطنية كما قررت حكومات المقاطعات، وفاز المؤتمر الوطني الأفريقي بسبعة مقاطعاتٍ من التسعة، وفاز الحزب الوطني في الكاب الغربية، وحزب انكاثا للحرية في كوازولو ناتال. وفي يوم 10 مايو 1994، أدى مانديلا اليمين الدستورية كرئيس لجنوب أفريقيا. أنشئت حكومة الوحدة الوطنية، وتألفت من اثني عشر من ممثلي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وستة من الحزب الوطني، وثلاثة من حزب انكاثا للحرية. وعين ثابو مبيكي وفريديريك ويليم دي كليرك نائبين للرئيس.

الذكرى السنوية للانتخابات هي في 27 نيسان / أبريل، ويحتفل بها باعتبارها يوم عطلة رسمية في جنوب أفريقيا معروفةٌ باسم يوم الحرية.

الندم

قدم الأشخاص التالية أسماؤهم اعتضارا بعد سابق تأييدهم للفصل العنصري:

  • إف. دبليو. دي كليرك [٤٥] -- "أنا اعتذر بصفتي زعيما للحزب الوطني إلى الملايين الذين عانوا الاعتصار من عمليات الترحيل القسري؛ الذين عانوا من إلقاء القبض عليهم لخرقهم قانون الاجتياز؛ الذين عانوا على مدى عقود، من الإهانات والإذلال التمييز العنصري ".
  • مارتينوس فان شالكويك [٤٦]
  • أدريان فلوك[٤٧] -- الذي غسل قدمي ضحية الفصل العنصري فرانك تشيكان.
  • ليون فيسيلز [٤٨] -- الذي قال : "أنا الآن أكثر اقتناعا من أي وقت مضى، أن الفصل العنصري كان خطأ فادحا أشقى أرضنا. لم يستطع الجنوب أفريقيون الاستماع إلى ضحك وبكاء بعضهم البعض. وأنا آسف لأنني لم أحاول الاستماع لفترة طويلة ".

المراجع

  1. ^ أ ب Lodge, Tom (1983). Black Politics in South Africa Since 1945. Longman. 
  2. ^ De Klerk dismantles apartheid in South Africa. BBC News. Retrieved 2009-02-21.
  3. ^ U.S. Library of Congress. Africans and Industrialization. US Federal Research Division of the Library of Congress. Retrieved 2008-07-14.
  4. ^ Jim Jones. HIS 311 Lecture on Southern Africa 1800-1875. West Chester University of Pennsylvania. Retrieved 2008-07-14.
  5. ^ Jessica Smith. Pass Laws. Charlotte Country Day School. Retrieved 2008-07-14.
  6. ^ The 1948 election and the National Party Victory. South African History Online. Retrieved 2008-07-13.
  7. ^ Tomaselli، Keyan (1990). Culture, Communication and Media Studies - Freedom Square-Back to the Future.
  8. ^ Extracts from paper prepared by the Secretariat for the World Conference of the United Nations Decade for Women, Copenhagen, July 1980 (The anti-pass campaign). African National Congress. Retrieved 2008-07-14.
  9. ^ [25] ^ أليستير بودي إيفنز-التاريخ الأفريقي : تشريع الفصل العنصري في جنوب أفريقيا [[About.Com|]].About.Com. Accessed 5 June 2007
  10. ^ The Afrikaans Medium Decree. About.com. Retrieved 2007-03-14.
  11. ^ دافنبورت، 1977 : ص. 268
  12. ^ [36] ^ والذين ملكوا المال للسفر أو الهجرة لم يتم إعطائهم جوازات سفر كاملة. بدلا من ذلك كانت تصدر لهم "وثائق سفر".
  13. ^ Western, J (يونيو 2002), "A divided city: Cape Town", Political Geography 21 (5): 711–716, doi:10.1016/S0962-6298(02)00016-1 
  14. ^ From the Western Areas to Soweto: forced removals. Retrieved 2008-01-07.
  15. ^ "Toby Street Blues", Time Magazine, 21 February 1955, [١] 
  16. ^ Mandela, Nelson. p. 179. 
  17. ^ [46] ^ ^ الإطار الاستراتيجي للقطاع الصحي 1999-2004 -- الخلفية، وزارة الصحة عام 2004، الوصول إلى 8 نوفمبر 2006
  18. ^ المؤتمر الوطني الأفريقي / FSAW الموقع الرسمي، ميثاق المرأة.الذي اعتمد في المؤتمر التأسيسي لاتحاد المرأة في جنوب أفريقيا. جوهانسبرغ، 17 أبريل 1954
  19. ^ Lapchick, Richard E.; Stephanie Urdang (1982). Oppression and Resistance: The Struggle of Women in Southern Africa. Greenwood Press. pp. 48 and 52. 
  20. ^ Bernstein, Hilda (1985). For their Triumphs and for their Tears: Women in Apartheid South Africa. International Defense and Aid Fund for Southern Africa. p. 48. 
  21. ^ ^ http://blogs.wsj.com/chinajournal/2008/06/19/in-south-africa-chinese-is-the-new-black/؟mod=yhoofront
  22. ^ Cros، Bernard. Why South Africa’s Television is only Twenty Years Old: Debating Civilisation, 1958-1969.
  23. ^ African National Congress (1987). Armed Struggle and Umkhonto / Morogoro. Retrieved 28 December 2007.
  24. ^ [62] ^ حربٌ كُسِبت، مجلة تايم، 9 يونيو 1961
  25. ^ Harrison, David (1987). The White Tribe of Africa. 
  26. ^ "Colonialism is Doomed" speech to the 19th General Assembly of the United Nations in New York City by Cuban representative Che Guevara on December 11, 1964
  27. ^ Kimberly Ann Elliott and Gary Clyde Hufbauer. Sanctions. The Concise Encyclopedia of Economics.
  28. ^ Summary of the Comprehensive Anti-Apartheid Act. United States Congress. Retrieved 2009-02-22.
  29. ^ http://www.nzhistory.net.nz/culture/1981-springbok-tour
  30. ^ Commonwealth Games. About.com. Retrieved 2007-02-07.
  31. ^ Oliver Tambo interviewed by The Times. ANC
    (13 June 1988).
  32. ^ Mandela's triumphant walk. News24
    (18 July 2003).
  33. ^ Mark Phillips and Colin Coleman (1989). Another Kind of War. (PDF)
  34. ^ [93] ^ محكمة أمريكية تسمح بمطالبات الفصل العنصري
  35. ^ Interview with Pik Botha. (20 May 1997).
  36. ^ Lisbon Conference of the African National Congress (مارس 1977). Colonialism of a Special Type. Retrieved 28 December 2007.
  37. ^ "Brothers in Arms - Israel's secret pact with PretoriaThe Guardian، 7 February 2006.
  38. ^ Macleod، Scott، "Enemies: Black vs. Black vs. WhiteTime magazine، 1992-07-07.
  39. ^ Turning Points in History Book 6: Negotiation, Transition and Freedom. Retrieved 2007-12-03.
  40. ^ The Nobel Peace Prize 1993. Nobel Foundation. Retrieved 2007-04-27.
  41. ^ Christian Century (1994-05-11). Dawn of liberation - 1994 South African election. BNet, a CBS Company. Retrieved 2008-07-13.
  42. ^ Truth and Reconciliation Commission. New cut-off date opens amnesty doors for pre-election bombers. South African Department of Justice and Constitutional Development. Retrieved 2008-07-13.
  43. ^ Elections '94. Independent Electoral Commission (IEC). Retrieved 2008-07-13.
  44. ^ Lijphart، Arend. Spotlight Three: South Africa's 1994 Elections. FairVote. Retrieved 2008-07-13.
  45. ^ سابا -- 14 أيار / مايو 97 -- دي كليرك يعتذر مرة أخرى لسياسة الفصل العنصري :
  46. ^ [121] ^ حزب الفصل العنصري يتنحى مع الاعتذار (اندرو ميلدروم في بريتوريا (الغارديان، الاثنين 11 أبريل 2005
  47. ^ Mr Adrian Vlok extends gesture of penance to Rev Frank Chikane, Director-General in the Presidency. South African Government Information
    (2006-08-26). Retrieved 2009-02-22.
  48. ^ المجلد الخامس الفصل السادس -- النتائج والاستنتاجات

مصادر أخرى

  • ألن جون.Allen, John.' نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا : نظرة عامة لداخلي لآثار التطور المنفصل. Apartheid South Africa: An Insider's Overview of the Origin and Effects of Separate Development. iUniverse, 2005. ((جميع القوانين التمييزية ما قبل عام 1948 مذكورة بدقة.)
  • Davenport, T.R.H. South Africa.التاريخ الحديث. MacMillan, 1977.
  • Du Pre, R.H. Separate but Unequal—The 'Coloured' People of South Africa—A Political History.. Jonathan Ball, 1994.
  • De Klerk, F.W. The last Trek.بداية جديدة. MacMillan, 1998.
  • Eiselen, W.W.N. The Meaning of Apartheid, Race Relations, 15 (3), 1948.
  • Giliomee, Herman The Afrikaners..Hurst & Co., 2003.
  • • Meredith, Martin. In the name of apartheid: South Africa in the postwar period. 1st U.S. ed. New York: Harper and Row, 1988.
  • Meredith, Martin. The State of Africa. The Free Press, 2005.
  • Hexham, Irving, The Irony of Apartheid: The Struggle for National Independence of Afrikaner Calvinism against British Imperialism." Edwin Mellen, 1981. '
  • Visser, Pippa. In search of history. Oxford University Press Southern Africa, 2003.
  • Louw, P.Eric. The Rise, Fall and Legacy of Apartheid. Praeger, 2004.
  • Terreblanche, S. A History of Inequality in South Africa, 1652-2002. University of Natal Press, 2003.
  • Federal Research Division. South Africa - a country study. Library of Congress, 1996.
  • Book: Crocodile Burning. By Michael Williams. 1994
  • Davied, Rob, Dan O'Meara and Sipho Dlamini. The Struggle For South Africa: A reference guide to movements, organizations and institution. Volume Two. London: Zed Books Ltd. 1984
  • Lapchick, Richard and Urdang, Stephanie. Oppression and Resistance. The Struggle of Women in Southern Africa. Westport, Connecticut: Greenwood Press. 1982.
  • Bernstein, Hilda. For their Triumphs and for their Tears: Women in Apartheid South Africa. International Defense and Aid Fund for Southern Africa.London, 1985'

روابط إضافية