مباهلة


المباهلة لغة هي الملاعنة، أي الدعاء بنزول اللعنة على الكاذب من المتباهلين المتلاعنين، والبَهلة اللَعنة [١] والبهل هو اللعن كما جاء في القاموس المحيط[٢] وتاج العروس.

غرض المباهلة

غرض المباهلة إعلاء الحق وإزهاق الباطل وإقامة الحجة على من استكبر على الحق. وهي مذكورة في الآية المعروفة باسم آية المباهلة: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَإذِبِينَ) سورة آل عمران : 61

سبب النزول

سبب نزول الآية هو قدوم وفد نصارى نجران المدينة ومجادلتهم رسولَ الله حول المسيح عيسى بن مريم. حيث روى البخاري في صحيحه عن حذيفة بن اليمان قوله: «جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يُلاعناه، فقال أحدُهما لصاحبه: لا تفعل فوالله لئن كان نبياً فلاعنا لا تفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلاً أميناً، ولا تبعث معنا إلا أميناً.»



قوله : (أخبرنا إبراهيم بن يزيد) الخوزي بضم المعجمة وبالزاي أبو إسماعيل المكي مولى بني أمية متروك الحديث من السابعة (سمعت محمد بن عباد بن جعفر) هو المخزومي.

قوله : (قام رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال من الحاج) أي الكامل (قال الشعث) بفتح الشين المعجمة وكسر العين المهملة أي المغبر الرأس من عدم الغسل مفرق الشعر من عدم المشط وحاصله تارك الزينة (التفل) بفتح الفوقية وكسر الفاء أي تارك الطيب فيوجد منه رائحة كريهة من تفل الشيء من فيه إذا رمى به متكرها له (فقام رجل آخر فقال أي الحج) أي أعماله أو خصاله بعد أركانه (أفضل) أي أكثر ثوابا (قال العج والثج) بتشديد الجيم فيهما والأول رفع الصوت بالتلبية والثاني سيلان دماء الهدي وقيل دماء الأضاحي. قال الطيبي  : ويحتمل أن يكون السؤال عن نفس الحج ويكون المراد ما فيه العج والثج، وقيل على هذا يراد بهما الاستيعاب لأنه ذكر أوله الذي هو الإحرام وآخره الذي هو التحلل بإراقة الدم اقتصارا بالمبدأ والمنتهى عن سائر الأفعال - ص 278 - أي الذي استوعب جميع أعماله من الأركان والمندوبات (فقام رجل آخر فقال ما السبيل) أي المذكور في قوله تعالى : من استطاع إليه سبيلا (قال الزاد والراحلة) أي بحسب ما يليقان بكل أحد والظاهر أن المعتبر هو الوسط بالنسبة إلى حال الحاج.

قوله : (قوله هذا حديث إلخ) وأخرجه البغوي في شرح السنة وابن ماجه في سننه إلا أنه لم يذكر الفصل الأخير، كذا في المشكاة. وقد أخرج الترمذي الفصل الأخير من هذا الحديث من طريق إبراهيم بن يزيد في كتاب الحج وتقدم الكلام عليه هناك مبسوطا.

قوله : (عن بكير) بضم الموحدة مصغرا (بن مسمار) بكسر الميم وسكون السين المهملة الزهري المدني كنيته أبو محمد صدوق من الرابعة (عن أبيه) هو سعد بن أبي وقاص.

قوله : (قال لما نزلت هذه الآية) أي المسماة بآية المباهلة ندع أبناءنا وأبناءكم إلخ الآية بتمامها مع تفسيرها هكذا. فمن حاجك فيه أي فمن جادلك في عيسى، وقيل في الحق من بعد ما جاءك من العلم يعني بأن عيسى عبد الله ورسوله (فقل تعالوا أي هلموا ندع أبناءنا وأبناءكم) أي يدع كل منا ومنكم أبناءه وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل أي نتضرع في الدعاء فنجعل لعنة الله على الكاذبين بأن نقول : اللهم العن الكاذب في شأن عيسى (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم) فنزله منزلة نفسه لما بينهما من القرابة والأخوة (وفاطمة) أي لأنها أخص النساء من أقاربه (وحسنا وحسينا) فنزلهما بمنزلة ابنيه صلى الله عليه وسلم (فقال اللهم هؤلاء أهلي).

قال المفسرون : لما أورد رسول الله صلى الله عليه وسلم الدلائل على نصارى نجران ثم إنهم أصروا على جهلهم قال صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم، فقالوا يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم - ص 279 - نأتيك، فلما رجعوا قالوا للعاقب، وكان ذا رأيهم، يا عبد المسيح ما ترى؟ قال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، ولقد جاءكم بالكلام الفصل من أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم، ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لكان الاستئصال، فإن أبيتم إلا الإصرار على دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرج وعليه صلى الله عليه وسلم مرط من شعر أسود، وكان صلى الله عليه وسلم قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه صلى الله عليه وسلم، وعلي رضي الله عنه خلفها وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو دعت الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. ثم قالوا : يا أبا القاسم : رأينا أن لا نباهلك، وأن نقرك على دينك، فقال صلى الله عليه وسلم : فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين. فأبوا. فقال صلى الله عليه وسلم فإني أناجزكم -أي أحاربكم- فقالوا : ما لنا بحرب العرب المسلمين طاقة، ولكن نصالحك أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة : ألفا في صفر، وألفا في رجب، وثلاثين درعا عادية من حديد، فصالحهم على ذلك. قال صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.[٣]

قوله : (هذا حديث حسن غريب صحيح) وأخرجه مسلم مطولا، وكذا أخرجه الترمذي مطولا في مناقب علي

اعتقد ان علبا عليه السلام ورضي الله عنه كان يرافق اسياد شباب اهل الجنة وسيدة اهل الجنة سلام الله علبهم.

آراء العلمــاء

وقد ذكر الحافظ ابن حجر [٤] في شرح هذا الحديث: «وفيها مشروعية مباهلة المخالف إذا أصر بعد ظهور الحجة، وقد دعا ابن عباس إلى ذلك ثم الأوزاعي، ووقع ذلك لجماعة من العلماء. ومما عُرفَ بالتجربة أن من باهَل وكان مبطلاً لا تمضي عليه سنة من يوم المباهلة، ووَقَعَ لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة ؛ فلم يقُم بعدها غير شهرين.»

قال الإمام ابن القيم: «إن السنة في مجادلة أهل الباطل إذا قامت عليهم حجة الله، ولم يرجعوا، بل أصروا على العناد، أن يدعوهم إلى المباهلة، وقد أمر الله، بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يقُل : إن ذلك ليس لأمتك من بعدك. ودعا إليها ابنُ عمه عبد الله بن عباس، من أنكر عليه بعض مسائل الفروع، ولم يُنكر عليه الصحابة، ودعا إليه الأوزاعي سفيان الثوري في مسألة رفع اليدين، ولم يُنكَر عليه ذلك، وهذا من تمام الحجة» [٥]

فمشروعية المباهلة ليست خاصة بالنبي، بل هي للأمة، ومما يدخل في ما أٌمرنا بالتأسي به فيه من أمور الدين. فمباهلة أهل الباطل أمر مشروع، غير أنه لا يُصار إليه إلا مع الجزم بصحة ما عليه المباهل وصدقه فيه، وترتب مصلحة شرعية على المباهلة كإقامة الحجة، وليس لأمر من أمور الدنيا.

و نظراً لخطورة الدعوة إلى المباهلة أو قبول الدعوة إليها فالأولى عدم التوسع في هذا الباب، والاحتراز مما قد يترتب على المباهلة من مفاسد كتعلق العوام بأحد المتباهلين، أو إظهار باطل لم يكن ليظهر لولاها، أو إصابة المباهل الصادق بالرياء أو غير ذلك من المفاسد.

جاء في شرح قصيدة ابن القيم 1/37 : « وأما حكم المباهلة فقد كتب بعض العلماء رسالة في شروطها المستنبطة من الكتاب والسنة والآثار وكلام الأئمة، وحاصل كلامه فيها أنها لا تجوز إلا في أمر مهم شرعاً وقَع فيه اشتباه وعناد لا يتيسر دفعه إلا بالمباهلة، فيُشتَرط كونها بعد إقامة الحجة والسعي في إزالة الشبه وتقديم النصح والإنذار وعدم نفع ذلك ومساس الضرورة إليها» [٦]

عند الشيعة

بسم الله الرحمن الرحيم
جزء من سلسلة الإسلام
الشيعة
ملف:Panjetan.jpg

أهل الكساء

محمد ·  علي ·  فاطمة
الحسن ·  الحسين

أحداث تاريخية

غدير خم ·  حادثة السقيفة
مظلومية الزهراء ·  حرق الدار
الفتنة الأولى ·  معركة الجمل
معركة صفين ·  معركة النهروان
عام الجماعة ·  معركة كربلاء

أعياد ومناسبات

عاشوراء ·  الأربعين
المولد النبوي ·  عيد الغدير

مدن مقدسة

المسجد الحرام  ·  المسجد النبوي  ·  المسجد الأقصى  ·  النجف الأشرف ·  كربلاء المقدسة
مشهد المقدسة ·  سامراء المقدسة
الكاظمية المقدسة ·  قم المقدسة ·  البقيع

فرق الشيعة

الإمامية ·  الزيدية ·  الإسماعيلية

أحاديث

حديث الثقلين ·  حديث المنزلة
حديث المباهلة ·  حديث يوم الدار
حديث الغدير

كتب

القرآن ·  مصحف فاطمة ·  مصحف علي ·  الجفر ·  الصحيفة السجادية ·  مفاتيح الجنان ·  نهج البلاغة

آراء شيعية

الخلاف حول الأئمة عند الشيعة
المهدي عند الشيعة
جعفر بن محمد · العباس بن علي
رسوم الأئمة

عرض · نقاش · تعديل

المباهلة هي أن يدعو الإنسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله وان يوكله إلى نفسه، «معنى المباهلة: أن يدعو الإنسان ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن يترك شخصاً بحاله، وأنْ يوكله إلى نفسه، وعلى ضوء كلام أمير المؤمنين سلام الله عليه أن يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الشخص أبغض الخلائق إليه، وأيّ لعن فوق هذا، وأيّ دعاء على أحد أكثر من هذا ؟، لذا عندما نرجع إلى معنى كلمة اللعن في اللغة نراها بمعنى الطرد، الطرد بسخط، والحرمان من الرحمة، فعندما تلعن شخصاً ـ أي تطلب من الله سبحانه وتعالى أن لا يرحمه ـ تطلب من الله أن يكون أبغض الخلائق إليه، فالمعنى في القاموس وشرحه أيضاً صحيح، إلاّ أنّ المعنى في مفردات الراغب أدق، فهذا معنى المباهلة[٧]».

صيغة المباهلة عند الشيعة الإمامية

اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، إن كان (ثم يذكر الشخص اسمه) جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما، وإن كان فلان (ثم يذكر اسم الشخص الذي يريد مباهلته) جحد حقا أو ادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما[٨].

أحكام المباهلة عند الشيعة الإمامية

  • باب استحباب مباهلة العدو والخصم، وكيفيتها، واستحباب الصوم قبلها، والغسل لها، وتكرارها سبعين مرة
    • «عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إنا نكلم الناس فنحتج عليهم ـ إلى أن قال ـ فقال لي: إذا كان ذلك فادعهم إلى المباهلة، قلت: فكيف أصنع؟ قال: أصلح نفسك ثلاثا، وأظنه قال: وصم واغتسل، وابرز أنت وهو إلى الجبان (الجبان بالضم والتشديد: الصحراء)، فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه، ثم أنصفه وابدأ بنفسك، وقل: اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، إن كان أبو مسروق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا من السماء أو عذابا أليما، ثم رد الدعوة عليه فقل: وإن كان فلان جحد حقا أو ادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا (الحسبان بالضم: العذاب والعلاء) من السماء أو عذابا أليما، ثم قال لي: فانك لا تلبث أن ترى ذلك فيه، فوالله ما وجدت خلقا يجيبني إليه[٩]»،.
    • «عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المباهلة قال: تشبك أصابعك في أصابعه، ثم تقول: اللهم إن كان فلان جحد حقا وأقر بباطل فاصبه بحسبان من السماء أو بعذاب من عندك، وتلاعنه سبعين مرة[٨]».
    • «إذا جحد الرجل الحق فإن أراد أن يلاعنه قال: اللهم رب السماوات السبع والأرضين السبع، ورب العرش العظيم، إن كان فلان جحد الحق وكفر به فأنزل عليه حسبانا من السماء، أو عذابا أليما[٨]».
  • باب استحباب كون المباهله بين طلوع الفجر وطلوع الشمس عند الشيعة الإمامية
    • «عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الساعة التي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس[١٠]».

مصادر

  1. ^ تحرير ألفاظ التنبيه : 1/247
  2. ^ القاموس المحيط والقابوس الوسيط
  3. ^ 1. تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي - كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ - رفع الصوت بالتلبية
  4. ^ فتح الباري للحافظ ابن حجر :8 / 95
  5. ^ زاد المعاد : 3 /643
  6. ^ تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي - كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ - رفع الصوت بالتلبية
  7. ^ كتاب آية المباهلة ص21 وص22
  8. ^ أ ب ت وسائل الشيعة ج7 ص135
  9. ^ وسائل الشيعة ج7 ص134
  10. ^ وسائل الشيعة ج7 ص136

مواقع خارجية

سبب النزول:[١] تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي - كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ - رفع الصوت بالتلبية

Mubahala]] fa:رویداد مباهله

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة ReferenceA