صفرية
الأشعري [١]،والشهرستاني[٢] ينسبانها إلى زياد بن أصفر.
ولكن يقول المقريزي: إنّهم أتباع زياد بن الأصفر ويضيف، ربّما يقال: إنّهم أتباع النعمان بن الصفر، وقيل: بل نسبوا إلى عبد الله بن صفار، ويقال لهم أيضاً: الزيادية...ويقال لهم أيضاً: النُكّار من أجل أنّهم ينقصون نصف علي وثلث عثمان وسدس عائشة [٣].
وعل كل تقدير فهم كالأباضية أقرب الفرق إلى المسلمين:
- ـ يخالفون الأزارقة في عذاب الأطفال، فإنّهم لا يجيزون ذلك ولا يكفّرونهم ولايخلّدونهم في النار.
- ـ لم يكفّروا القعدة عن القتال ـ والمراد قعدة الخوارج ـ .
- ـ لم يسقطوا الرجم .
- ـ التقية جائزة في القول دون العمل عندهم.
- ـ وأمّا إطلاق الكافر و المشرك على مرتكبي الكبائر، فقد قالوا فيه بالتفصيل الآتي:
ما كان من الأعمال عليه حدّ واقع فلا يتعدّى بأهله، الاسمُ الذي لزمه به الحدّ كالزنا والسرقة، والقذف، فيسمّى زانياً سارقاً، قاذقاً، لا كافراً مشركاً.
وماكان من الكبائر ممّا ليس فيه حدّ لعظم قدره مثل ترك الصلاة والفرار من الزحف، فإنّه يكفّر بذلك.
- ـ ونقل عن الضحّاك منهم انّه جوّز تزويج المسلمات من كفّار قومهم (يريد سائر المسلمين) في دار التقيّة دون دار العلانية .
- ـ ونقل عن زياد بن الأصفر انّ الزكاة سهم واحد في دار التقيّة[٤].
- ـ ويحكى عنه أنّه قال: نحن مؤمنون عند أنفسنا ولاندري أنّنا خرجنا من الإيمان عند الله!
- ـ الكفر كفران، كفر بانكار النعمة، وكفر بانكار الربوبية.
- ـ البراءة براءتان: براءة من أهل الحدود، سنّة، وبراءة من أهل الجحود، فريضة [٥] .) .
وعلى ما ذكره الشهرستاني فهم لايرون ارتكاب الكبيرة موجباً للشرك والكفر إلاّ فيما إذا لم يرد فيه حدّ كترك الصلاة .
وكل الصفرية بل جميع فرق الخوارج حتى الاباضية، يقولون بموالاة عبد الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير واتباعهما من المحكّمة الاُولى .
ويقولون بإمامة أبي بلال مرداس، الخارج بعد المحكّمة الاُولى، وبإمامة عمران بن حطان السدوسي بعد أبي بلال.
أمّا أبو بلال فقد مرّت ترجمته وأنّه خرج في أيّام يزيد بن معاوية بناحية البصرة، فبعث إليه عبيد الله بن زياد، عبّاد بن أخضر التميمي، فقتله مع أتباعه.
وأمّا الثاني فهو من شعراء الخوارج وخطبائهم، مات سنة 84، وبلغ من خبثه في بغض علي أنّه رثا عبد الرحمن بن ملجم .
اُصول الفرق للخوارج
هذه هي اُصول فرق الخوارج وأمّا سائر الفرق فكلّها مشتقّة منها بسبب اختلاف غير هامّ في التخطيط والتطبيق، لا في المبدأ والأصل، وأمّا الاباضية، فلم يكونوا بهذا التطرّف، ولأجل ذلك أسماهم سائر الفرق باسم «القعدة» لأنّهم قعدوا عن الجهاد في سبيل الله بمحاربة الولاة والحكّام الظالمين.
يقول «الدكتور رجب محمّد»: قد تطّورت الأحوال في جماعة المحكّمة الذين ظلّوا على عدائهم وصدامهم مع الدوله الأموية إلى الانقسام إلى فرق ثلاث: هي الأزارقة، والنجدات، والبيهسية منذ عام 64، واُضيفت إليها الفرقة الرابعة وهي الفرقة المعروفة باسم الصفرية منذ عام 75، واتّفقت هذه الفرق الأربع فيما بينهم على آراء، وكفّر بعضهم بعضاً، واصطدموا بالدولة الأموية مرّات عديدة، وتصدّت لهم قوات الخلافة وأخضعت شوكتهم وقضت على زعمائهم، وكان ذلك على يد المهلّب بن أبي صفرة المعاني وعلى يد قومه من الأزد العمانيين، وعندما حاول بعض زعمائهم اللجوء إلى عمان، تصدّى لهم العمانيون وقاتلوهم وقتلوهم [٦] وعلى كل تقدير فالفرقة الباقية من الخوارج تلعن الفرق الأربع وتتبرّأ منها،
وقد تعرَّض كذلك لسائر فرق الخوارج الاُخرى فقال:
«وجميع أصناف الخوارج ـ غير أهل الاستقامة (الأباضية) ـ اجتمعوا على تشريك أهل القبلة، وسبي ذراريهم، وغنيمة أموالهم، و منهم من يستحل قتل السريرة والعلانية، واعتراض الناس بالسيف على غير دعوة، ومنهم من يستحلّ قتل السريرة، وهم مختلفون فيما بينهم، يقتل بعضهم بعضاً، ويغنم بعضهم مال بعض، ويبرأ بعضهم من بعض، وانتحلوا الهجرة، وحرّموا موارثتهم، ومناكحتهم، وأكل ذبائحهم» [٧] .
المصادر
|
- ^ مقالات الإسلاميين ص 101
- ^ الملل والنحل 1/137
- ^ الخطط 2/354، والنكّار جمع ناكر
- ^ يريد أنّه لا يجب صرف الزكاة على الأصناف الثمانية الواردة في آية الصدقات، لعدم بسط اليد في دار التقيّة بل تصرف في مورد واحد
- ^ الملل و النحل 1/137. البغدادي: الفَرق بين الفِرق 90. الأشعري: المقالات 101
- ^ الدكتور رجب محمّد عبد الحليم (استاذ التاريخ بجامعة القاهرة وجامعة السلطان قابوس): الاباضية في مصر و المغرب: 14
- ^ صالح بن أحمد الصوافي: الإمام جابر بن زيد العماني: 215 ـ 216.