زواج

الزواج (بالإنجليزية: Marriage) في اللغة العربية يعني الاقتران والازدواج، فيقال زوج بالشيء، وزوجه إليه: قرنه به، وتزاوج القوم وازدوجوا: تزوج بعضهم بعضاً، والمزاوجة والاقتران بمعنى واحد.

اصطلاحا، الزواج عادة ما يعني العلاقة التي يجتمع فيها رجل (يدعى الزوج) وامرأة (تدعى الزوجة) لبناء عائلة، والزواج علاقة متعارف عليها ولها أسس قانونية ومجتمعية ودينية وثقافية، وفي كثير من الثقافات البشرية يُنظر للزواج على أنه الإطار الأكثر قبولاً للالتزام بعلاقة جنسية وإنجاب أو تبني الأطفال بهدف إنشاء عائلة.

غالباً ما يرتبط الشخص بزوج واحد فقط في نفس الوقت، ولكن في بعض المجتمعات هناك حالات لتعدد الزوجات أو تعدد الأزواج.

في كثير من الحالات يحصل الزواج على شكل عقد شفوي وكتابي على يد سلطة دينية أو سلطة مدنية أو مجتمعية. وعادة ما يستمر الارتباط بين الزوجين طول العمر، وفي بعض الأحيان ولأسباب مختلفة يفك هذا الرابط بالطلاق بتراضي الطرفين أو بقرار من طرف آخر كالقضاء أو المحاكم بالتطليق أو فسخ العقد.

تاريخ الزواج

يمتد تاريخ الزواج، كما هو متعارف عليه، بين البشر إلى عهد آدم وحواء، حيث مَثلاَّ أول لبنة زواج شرعي في تاريخ البشرية.

اختلفت طرق الزواج على امتداد التاريخ البشري، حيث أن الارتباط في البداية بين الرجل والمرأة كان مقتصرا على شرط قبول الطرفين ببعضهما البعض، ثم تطور الأمر بتطور المجتمعات والعادات وظهور التشريعات الدينية لتصبح عملية الزواج أكثر تنقيحا ويصبح لها أسس وقوانين وشروط لإتمام الزواج.

لا تزال للزواج عادات سائدة حتى يومنا هذا وهو ما يسمى بالزواج التقليدي، حيث يبدأ الأهل بالبحث عن الزوجة المناسبة (وفقا لشروطهم ومعاييرهم) لابنهم حين بلوغه لسن الزواج والقيام بخطبة الفتاة، وهذه الشروط والمعايير تختلف من أمة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر ومن عصر إلى آخر.

وبتطور الحال والعصور أضيفت عملية اختيار جديدة إلى جانب الزواج التقليدي وهو أن يقوم الولد والبنت بالاتفاق مع بعضهم قبل أن يقوم الأهل بخطوة الخطبة، وذلك من خلال مجال الدراسة أو مجال الوظيفة أو من خلال وسائل الإعلام كالنشر في صفحات التعارف للزواج في المجلات أو عبر شبكة الإنترنت حيث يتواجد العديد من المواقع التي تقدم خدمة التوفيق للباحثين والباحثات عن شريك العمر.

السن الملائم للزواج

نظريا، ينصح بالزواج في سن يظهر فيه كل من الرجل والمرأة درجة من الوعي والقدرة على تحمل المسؤولية الاقتصادية والتربوية. غير أن الأمر قد لا يتبع في حال توفر المرافقة الاجتماعية كمساعدة الأهل والأقارب.

اختيار الشريك (الزوج)

راجع: قيمة إنجابية

تختلف معايير اختيار الزوج باختلاف العادات والمعتقدات والثقافات ودرجة التحصيل العلمي. المعايير التي يختار على أساسها الرجال أو النساء أو حتى الأولياء في معظمها تشمل بعض من الأحوال التالية:

  • اختيار الشريك على أساس عاطفي
  • اختيار الشريك على أساس المال
  • اختيار على أساس الجمال أو القوة البدنية
  • اختيار الشريك من أجل الدين والالتزام به
  • اختيار الشريك من أجل الجاه والنسب والمرتبة والحالة الاجتماعية.

و الزواج أيضا يبنى على الحب الحقيقي للطرفين.

زواج الأقارب

كان العرب في الجاهلية يؤثرون الزواج من نساء الأسرة أو القبيلة (خاصة من بنت العم) لأنهم كانوا يعتقدون أن هذا يشد أواصر الأسرة ويحفظ ثروتها، ولكن الإسلام حث على الزواج من الغرائب لتحقيق غايتين أساسيتين. الأولى هي ربط الأسر بالنسب فتخف بذلك حدة العصبية القبلية. وأما الثانية فهي تجديد الدم في النسل فإن حصر الزواج بالأقارب يخمد نشاط الخلايا الدموية وقد يضعف النسل، وفي ذلك يقول الشاعر:

تجاوزت بنت العم وهي حبيبة مخافة أن يضوى علي سليلي

العزوف عن الزواج

أصبحت ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج ملحوظة في مجتمعات عدة. ومن الأسباب هو عدم تحمل الشاب المسؤولية ورغبة في حرية أكبر بعيدا عن الالتزامات الزوجية. ففي المجتمعات الغربية يفضل البعض العيش مع شريكه دون رابطة الزواج. كما أن تأثير الجوانب الاقتصادية في بعض المجتمعات الأخرى وضعف قدرة الشباب على تلبية مطالب أهل العروس وارتفاع التكاليف كلها من الأسباب التي تؤدي إلى عزوف الشباب.

وأسباب أخرى منها ما هو نفسي مثل رهاب الزواج ومنها ما هو مادي أو اجتماعي.

مراسيم الزواج

بالنسبة للتقاليد فهي تختلف حسب البلدان والمناطق. فمثلا في دول شمال أفريقيا مثل تونس وليبيا يمتد الزواج لمدة 7 أيام متواصلة، يبدأ بليالي الحنة وينتهي بليلة الزفاف والتي يحبذ أن تكون ليلة يوم الخميس. أما في العراق فالزواج يكون على يومين الحنة ثم الزواج. أما في المغرب فيمتد الزواج يومين ليلة للحناء يحبذ ان تكون يوم السبت، وليلة للزفاف يحبذ ان تكون يوم الأحد، أما في سوريا فيكون في يوم واحد لمدة 4-5 ساعات مع العلم أن تكاليف ليلة الزفاف باهظة للغاية.

الزواج الجماعي

تلبية لحث بعض الأديان على الزواج والترغيب فيه، ومنها دعوة نبي الإسلام محمد الشباب المسلم للزواج فقال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، ومن جهة أخرى بسبب غلاء التكاليف يلجأ البعض إلى تنظيم عرس جماعي لكي يتقاسم الأزواج التكاليف وفي بعض الأحيان ترعى بعض الجهات المراسيم وتتكفل بالمصاريف.

الزواج والسعادة

أجريت دراستين في الولايات المتحدة في عامي 1957 و1976 تبين العلاقة بين السعادة والزواج بين الرجال والنساء، وقد أشارت النتائج ان هناك ارتباط يبلغ مقداره 14 من المائة بين الشعور بالسعادة والزواج وهذا الارتباط في الذكور أعلى منه لدى الإناث.

الدراسات الاجتماعية للزواج

يعد الزواج فى صورته التقليدية، علاقة قانونية بين رجل وامرأة بالغين، تترتب عليها حقوق وواجبات معينة. إلا أن الزواج فى المجتمعات الحديثة أحيانا ما يفسر بطريقة أكثر ليبرالية بحيث أن عبارة "يعيشان معا كما لوكانا زوجين" تشير إلى أنه لا معنى -لاعتبارات عدة - لأن نستبعد المعيشة المشتركة من مفهوم الزواج. وينبغى أن نلاحظ، مع ذلك، أنه حتى هذا التعريف الأكثر ليبرالية، عادة ما يستبعد الأزواج من ممارسى الجنسية المثلية. وعلى الرغم من تزايد تقبل الناس فى الغرب للمعيشة المشتركة، و أنه يمثل الآن المقدمة الطبيعية للزواج، مع ذلك فإن الناس مازالوا يفرقون بين المعيشة المشتركة من ناحية، وبين اتباع الطقوس الدينية للزفاف والزواج من ناحية أخرى.

وقد اهتمت البحوث الأحدث -فى كل من بريطانيا وأمريكا -بالمخاوف المتعاظمة من تراجع نظام الزواج. وتنبع هذه المخاوف من مصدرين: الأول مصدره القلق من تزايد معدلات انهيار العلاقه الزوجية، ومسا يستتبعه من حدوث الطلاق، والثانى مصدره أن الزواج قد أصبح "موضة قديمة"، بحيث أصبحنا نجد المزيد من المناس الذين يتعايشون معا، بل وبنشئون أطفالهم بدون الدخول فى علاقة زوجية. ومن المؤكد أن معدلات الطلاق فى ارتفاع، وإذا ما استمرت معدات الطلاق السائدة فى بريطانيا الآن فى الزيادة، فإن واحدة من كل ثلاث زيجات سوف تنتهى بالطلاق. وفى السنوات الأخيرة، ارتفع متوسط العمر عند الزواج الأول، كما انخفضت نسبة أولئك الذين يتزوجون وهم دون سن المعشرين انخفاضا ملحوظا، مع ازدياد نسبة أولئك الذين لم يتزوجوا مطلقا، وإن كانت نسبتهم م تزال تمثل أقلية صغيرة. وفى ذات الوقت، تتزايد معدلات الممعيشة المشتركة، بحيث أنه أصبح من المألوف الآن أن يتعايش الرجل والمرأة معا قبل أن يتزوجوا. إلى جانب ذلك نلاحظ زيادة مضطردة فى أعداد الأطفال الذين يتم الحمل فيهم، وولادتهم خارج إطارالعلاقة الزوجية. ومن المعقول أن يستنتج الفرد، عند تأمل هذه الإحصاءات، أن مستقبل الزواج يدعو للتشاؤم، بيد أن الزواج مايزال هو الشكل المفضل للحياة بالنسبة للغالبية الغالبة من السكان البالغين. وحتى بين أولئك الذين يتعرضون للفشل فى زيجتهم الأولى، فإن أغلبيتهم على درجة من التفاؤل التى تسمح لهم بالزواج للمرة الثانية.

لماذ يتزوج الناس؟ فى المجتمعات الغربية تكون الجوانب العاطفية هى الأساس فى الزواج، حيث تسود -ما أطلق عليه لورانس ستون-النزعة الفردية العاطفية (انظر كتابه: العائلة والجنس والزواج فى انجلترا من عام 1500 حتى 1800، الصادر عام 1977). ويتأثر اختيار الشريك فى الأساس بالرغبة فى الدخول فى علاقة توفر الإشباع الحاطفى والحب، على الرغم من أنه كما يلاحظ بيتر برجر "أن سهم كيوبيد يبدو كما لوكان موجها بشدة عبر قنوات الطبقة والدخل، والتعليم والخلفية الدينية والعرقية المحددة تحديدا دقيقا (انظر كتابه: دعوة إلى علم الاجتماع، الصادر عام 1963) فهناك ميل قوى بين الناس الذين تتشابه خلفياتهم الاجتماعية إلى الزواج من بعضهم البعض (التناغم الزواجى) ؛ و لكن ليس هناك فهما واضحا لأسباب حدوث ذلك، أو ما إذا كانت درجة المصرامة فى اختيار شريك الحياة تختلف بين الجماعات الاجتماعية المختلة. ومن المثير أن بعض البحوث الأمريكية الحديثة قد أشارت إلى أنه كلما ارتفع المستوى الطبقى، كلما كان قدر التناغم الزواجى أقل (انظر مؤلف هوايت المعنون: المواعدة والمعايشة والزواج، الصادر عام 1990). وتشير ذات الدراسة إلى أن التناغم الزواجى يعد متغيرا فقيرا، من حيث قدرته على التتبؤ بما إذا كان الزواج سيكون ذا مستقبل ناجح أم لا.

وقد شغل الاهتمام بنجاح الزواج، والتكيف الزواجى حيزا متعاظما فى البحوث الحديثة. فكما ذهب دافيد مورجان (فى مؤلفه المعنون: الأسرة، الصادر عام 1985)، إن الزواج أصبح يقوم الآن على "التداوى"، بحيث أصبح المعالجون ومستشارو الزواج يقفون على أهبة الاستعداد لمعالجة المشكلات الزواجية وتحسين نوعية الزواج. ويطرح هذاتساؤلا حول الكيفية التى ينبغى بها أن نقيس النجاج الزواجى. ومن الواضح أن استقرار الزواج ليس مؤشرا كافيا، ذلك أن بعض الأزواج قد يستمرون فى العيش معاعلى الرغم من أنهم يكونون فى أشد التعاسة، فى حين أن آخربن يطلقون، مع أن البعض كان يحسدهما على علاقتهما ببعضهما البعض. وقد تم تطوير العدبد من قوائم قياس نوعية العلاقه الزواجية، كما اكتشف مؤخرا أن نوعية الزواج والمشكلات الزواجية أمران مستقلان عن بعضهما البعض. إذ نجد على سبيل المثال أن الصراعاث والمشاحنات قد تكون علامات على الاهتمام والالتزام بالعلاقه فى بعض الحالات الزواجية.

ومن الجلى أن الزيجات تواجه مشكلات مختلفة باختلاف مراحل دورة الحياة، كما أن بناء أسرة، وبخاصة للوالدين ذوى الأطفال الصغار، يرتبط بالمعاناة المرتفعة من الضغوط الزواجية. ويبدو أن الزيجات الثانية عرضة لقدر أكبر من مخاطر الانهيار من الزيجات الأولى، وبخاصة عندما يكون لدى أحد الطرفين أو كليهما أطفال من زواجهما الأول. وقد يرجع هذا جزئيا إلى أن الزواج الثانى عادة ما يكون مؤسسة غير مكتملة، بمعنى أن التوقعات والمعايير المجتمعية مازالت تعكس التصورات المتقليدية التى تتوقع استمرار الزواج حتى نهاية العمر. وكما أشار أنتونى جيدنز، فإن مصطلحات مثل "زيجات منهارة" أو "أسر مفككة" تجسد النموذج المثالى التقليدى، فضلا عن أنها تنطوى على وصمة سلبية، وبخاصة فيما يتعلق بأولئك الأطفال الذين ينفصل والداهما عن بعضهما أو يطلقان.

ويتعاظم تركيز البحوث على العلاقات المتبادلة بين العمل وحياة الأسرة، بما فى ذلك الزواج. ويحتل بؤرة البحث فى هذا المجال الكيفية التى يؤثر بها عمل المرأة فى العلاقة المزواجية. وقد اكتشق الباحثون الأمريكيون باستخدام مسوح طولية (ممتدة عبر فترات زمنية) أن النساء اللواتى يسهمن بالنصيب الأكبر من دخل الأسرة يكن أكثر ع ضة للطلاق، من أولئك اللواتى يكون نصيبهن من المساهمة فى دخل الأسرة أقل من ذلك الخاص بأزواجهن، أو ممن يكن ربات بيوت. وربما يرجع ذلك إلى أن الزوجات اللواتى يكن أقل اعتمادا من الناحية المالية على أزواجهن، يصبحن أقل رغبة فى التسامح تجاه تقبل موقفهن التابع، ويمتلكن من المموارد ما يمكنهن من هجرة الحياة المزوجية. وثمة سؤال آخر هام يدور حول ما إذا كان خروج المرأة للعمل قد أفضى إلى تعظيم المساواة بين الزوجين. ويذهب بعض المباحثين فى مجال الأسرة إلى رسم صورة وردية عما آلت إليه الأسرة من تناغم، فىحين أن آخرين مازالو يظهرون قدرا من التشكك، مؤكدين أن التقسيم التقليدى للعمل داخل المنزل ما يزال قائما، حتى عندما تشغل النساء وظيفة كل الوقت.

وقد ادعى جيسى برنادر ( فى مؤلفه: مستقبل الزواج، الصادر عام 1972) أنه ليس هناك زواج واحد بل هناك زواجان - ذلك الخاص بالزوجة وذلك الخاص بالزوج. وقد اتفقت الدراسات بصفة عامة فى استخلاص نتيجة مؤداها أن الزواج أكثر نفعا للرجل من المرأة، حيث نكون الصحة النفسية للرجال المتزوجين أفضل، كما أنهم يظهرون قدرا أقل من المعاناة من الضغط العصبى من النساء المتزوجات. وقد حث بعض أنصار الحركة النسوية اللائى يرون فى الزواج نظاما قاهرا -النساء على أن يضربن عن الزواج. ومع ذلك، فإن عدم المساواة التى ينطوى عليها الزواج، تعد بمثابة انحكاس لعدم المساواة بين النوعين الموجودة فى المجتمع. وفى هذا الصدد يكتب كريس هاريس قانلا: "من المتوقع أنه مهما كان عظم قدر المساواة الرسمية بين الزوجين، فإن إحساس الزوجات بعدم المساواة فى الزواج سوف يظل قاتما طالما أنهن لا يمكنهن، أيا ما كانت أسباب ذلك، مشاركة الرجال فى سوف العمل على قدم المساواة" (انظر كتابه: الأسرة والمجتمع الصناعى، الصادر عام 1983) ويذهب برنارد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يقتر ح أن تحويل ربة المنزل إلى عائل للأسرة يقوض أركان أى علاقة زوجية. ونجد أن الزيجات التى تجمع زوجين عاملين هى التى تبذر بذور التغير. ومع ذلك فرغم ندرة الإحصاءات، يبدو الزواج كما لوكان نظاما مقاوما للتغير، وربما تصبح المكاسب لكل من الزوج والزوجة أكثر نوازنا تدريجيا.

انظر أيضًا