نظرية النسبية
النسبية أو نظرية النسبية (بالإنجليزية: the theory of relativity)، من أشهر نظريات الفيزياء الحديثة، التي طورت من قبل ألبرت أينشتاين في بداية القرن العشرين. وتوجد نظريتان للنسبية، الأولى هي النسبية الخاصة والثانية هي النسبية العامة، وكلاهما تعتمدان على مبدأ النسبية الذي وضعه غاليليو غاليلي في عام 1636.
مصطلح "theory of relativity" أو «نظرية النسبية» أخذ من تعبير "relative theory" (بالألمانية: Relativitätstheorie) واستعمل من قبل ماكس بلانك عام 1906، بلانك الذي أكد على أن النظرية استخدمت مبدأ النسبية. في قسم النقاش على نفس الورقة ألفريد بوخرر استعمل للمرة الأولى تعبير theory of relativity (بالألمانية: Relativitätstheorie).
أهمية النظرية والتغيرات التي أحدثتها
نظرية النسبية غيّرت الكثير من المفاهيم بما يتعلق بالمصطلحات الاساسية في الفيزياء: المكان والزمان والكتلة والطاقة. حيث احدثت نقلة نوعية في الفيزياء النظرية وعلم الفلك في القرن العشرين. عند نشرها لأول مرة، عدلت الأسس النظرية لميكانيكا نيوتن التي كانت قائمة منذ 200 عام.
غيرت نظرية النسبية مفهوم الحركة لنيوتن، حيث نصت أن كل حركة نسبية. ومفهوم الزمن تغير من كونه مطلق، إلى كونه نسبي وجعله بُعْدْ رابع يدمج مع الأبعاد الثلاثة المكانية فيما يعرف بالزمان. وجعلت الزمان والمكان شيئاً موحداً بعد أن كان التعامل معهما سابقًا كشيئين مختلفين. وجعلت مفهوم الزمن يتوقف على سرعة الأجسام وشدة الجاذبية التي يتحرك فيها الجسم، وأصبح تقلص وتمدد الزمن مفهومًا أساسيًا لفهم الكون. وبذلك تغيرت كل الفيزياء الكلاسيكية حسب مفهوم نيوتن.
وأدت مفاهيم نظرية النسبية إلى ظهور علوم جديدة كليًا مثل: الفيزياء الفلكية وعلم الكون. بالإضافة لإستخدامها في تطبيقات حياتية كنظام الملاحة العالمي GPS.
النسبية الخاصة
- طالع أيضاً: النسبية الخاصة
النسبية الخاصة التي نشرها أينشتاين عام 1905، جاءت للإجابة على صعوبات في خواص سرعة الضوء. نتائج تجربة ميكلسون ومورلي، التي تم فيها فحص انتشار الضوء في اتجاهات مختلفة، ناقضت قانون السرعة النسبية. حيث قانون السرعة النسبية يعتبر أنه لو كانت سيارة تسير بسرعة 99% من سرعة الضوء، فعلى أضواء السيارة أن تكون سرعتها ضعف سرعة الضوء تقريبًا.
تفسر نظرية النسبية هذا التناقض بأن سرعة الضوء ثابتة بلا علاقة بالسرعة النسبية. وتساوي سرعة الضوء في الفراغ الثابت c (سرعة الضوء بالفراغ وقيمتها هو 299,792,458 متر في الثانية أي 300000 كيلو متر في الثانية).
هذا الافتراض بأن سرعة الضوء ثابتة، يظهر فرضيتان أساسيتان، بموجبهما يتم قياس سرعة الجسم المتحرك:
1. تباطؤ الزمن
- <math> \Delta t' = \gamma \Delta t = \frac{\Delta t}{\sqrt{1-v^2/c^2}} \,</math>
- حيث
- فرق الزمن النسبي.
- فرق الزمن عند السكون.
وهنالك تجربة كيتينج - هافيليه (Hafele–Keating experiment)
كانت التجربة هافليه - كتينغ اختبار لنظرية النسبية. في أكتوبر 1971، استغرق جوزيف هافليه، وهو فيزيائي، وريتشارد كيتنغ، وهو عالم فلك، أخذ أربع ساعات ذرية من شعاع السيزيوم على متن طائرات تجارية. حلقت مرتين في جميع أنحاء العالم، أولا شرقا، ثم غربا، ومقارنة الساعات ضد الآخرين الذين بقوا في مرصد البحرية الأمريكية. عندما لم شملهم، عثر على ثلاث مجموعات من الساعات تختلف مع بعضها البعض، وكانت خلافاتهم بما يتفق مع تنبؤ نظرية النسبية الخاصة والعامة.
2. تقلص الأطوال
حيث
- L هو طول الجسم في حالة السكون.
- L' هو الطول الظاهر للراصد.
- هي السرعة النسبية بين الراصد والجسم المتحرك.
- هي سرعة الضوء.
بحيث ان (جاما) هو رمز معامل لورنتز ويساوي:
- <math>\gamma \equiv \frac{1}{\sqrt{1-v^2/c^2}} \ </math>
أو
- <math>\gamma \equiv \frac{c}{\sqrt{c^2 - v^2}} = \frac{1}{\sqrt{1 - \beta^2}}</math>
- مقسوم السرعة النسبية على سرعة الضوء،
- v السرعة النسبية
- c هي سرعة الضوء الساقط.
النسبية العامة
- طالع أيضاً: النسبية العامة
النسبية العامة (تُعرف أيضًا باسم النظرية العامة للنسبية) هي النظرية الهندسية للجاذبية التي طورها ألبرت أينشتاين ما بين عامي 1907 و 1915، وبمساهمات من آخرين بعد 1915، وقام بنشرها عام 1916، وفيها الوصف الحالي للجاذبية في الفيزياء الحديثة. تعمل النسبية العامة على تعميم النسبية الخاصة وقانون الجذب العام لنيوتن، حيث تقدِّم وصفًا موحَّدًا للجاذبية كخاصية هندسية للمكان والزمن، أو الزمكان. وبشكل خاص، يرتبط انحناء الزمكان بشكل مباشر بالطاقة والزخم أيًا كانت المادة والإشعاع الموجودان. يتم تحديد العلاقة بواسطة معادلات حقل أينشتاين، وهو نظام من المعادلة التفاضلية الجزئية.
تختلف بعض تنبؤات النسبية العامة بشكل كبير عن تنبؤات الفيزياء الكلاسيكية، خاصةً فيما يتعلق بمرور الزمن، وهندسة المكان، وحركة الأجسام في السقوط الحُر، وانتشار الضوء. ومن بين الأمثلة على هذه الاختلافات، تمدد الزمن الثقالي، وعدسة الجاذبية، والانزياح الأحمر الجذبوي للضوء، والتأخير الزمني الثقالي. وقد تم تأكيد تنبؤات النسبية العامة فيما يتعلق بالفيزياء الكلاسيكية في كل عمليات الرصد والتجارب حتى الآن. على الرغم من أن النسبية العامة ليست نظرية النسبية الوحيدة للجاذبية، إلا أنها أبسط نظرية متسقة مع البيانات التجريبية. ومع ذلك، تبقى الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها، والسؤال الأكثر أهمية هو كيف يمكن التوفيق بين النسبية العامة وقوانين فيزياء الكم لإنتاج نظرية كاملة ومتسقة ذاتيًا للجاذبية الكمية.
وضع ألبرت آينشتاين للنظرية النسبية
في يوم ٢٩ من شهر مايو في عام ١٩١٩ حدث كسوف كلي للشمس، والغريب في هذا الأمر أن هذا الحدث كان سببا في نجاح العالم الألماني ألبرت آينشتاين وجعله أشهر العلماء في العالم. اعتمد آينشتاين على أساس نظرية جديدة نشرت في عام ١٩١٥، حيث تنبأ بأن أشعة الضوء التي تمر من خلال قوى الجذب الشديدة لأشعة الشمس ستنحرف ولو بنسبة قليلة عن مسارها المستقيم المعتاد. وهذه الحقيقة قد تغير من المواقع الظاهرة للنجوم في السماء، حتى ولو كان هذا التغير طفيفا.
لذلك، يمثل الكسوف الكلي للشمس فرصة مثالية لاختبار هذه الفكرة المتطرفة. فعندما يتم إخفاء ضوء الشمس تماما، تصبح النجوم القريبة مرئية كما يمكن قياس مواقعها الجديدة. وقد سجل علماء الفلك تحت قيادة العالم الإنجليزي آرثر أدينجتون (١٩٢٠) ملاحظات في أثناء حدوث هذا الكسوف. فوجدوا أن مواقع هذه النجوم تحركت بقدر ضئيل للغاية، الأمر الذي يبدو وكأنه يتوافق مع تنبؤات العالم آينشتاين. فقد أكدت الأرقام أنها لم تكن بدقة ما تم التوصل إليه في البداية، ولكن ذاع هذا الحدث وانتشر في هذا اوقت وتمتع آينشتاين بالفعل بسمعة طيبة
كانت النظرية النسبية العامة للعالم آينشتاين، التي اعتمدت عليها جميع تنبؤاته، ما هي إلا رؤية جديدة لقانون الجاذبية. فبالنسبة للعالم إسحاق نيوتن، تجتذب كتلة معينة من المادة جزيئات كتلة أخرى، حتى لو كان ذلك في الفراغ بواسطة قوة هائلة اعترف بعدم قدرته على تفسيرها (١٦٨٧). لذلك، فإن القمر على سبيل المثال يدور في مسار منحني حول الأرض.
ففي رؤية العالم آينشتاين - التي تأثر فيها إلى حد ما بالعالم أرنست ماخ (١٨٧٧) الذي يحمل الجنسية نفسها - تعمل المادة في كوكب الأرض على "انحناء" مسارات الفضاء الذي يتحرك الشر خلاله, أما عن القمر الذي يسعى لاتخاذ أقصر المسارات دائما في الفضاء، فإنه يجد أن المسار الآن قد انحنى ليصبح أشبه بحلقة مغلقة — مداره حول الأرض وفقا لا جاء به آينشتاين. فأينما تكون هناك مادة ما، فإن مسارات الفضاء لا تصبح مستوية، ولكنها تصبح منحنية. وكلما زاد وجود المادة، زادت المنحنيات في مسارات الفضاء، والتي تنحني حتى على نفسها (١٩١٦).
وفقا لنظرية آينشتاين، فإن المادة تؤثر أيضا على الزمن. فالساعة الزمنية تسير ببطء أكثر عند الاقتراب من كتلة ضخمة مثل الأرض عما إذا كانت بعيدة عنها. لقد كان هذا الأمر أكثر صعوبة في إثباته عن أمر تغير شكل المسارات في الفضاء. ولكن في ستينيات القرن العشرين، تم إرسال ساعات في صواريخ (وفيما بعد، تم إرسالها داخل أقمار صناعية) إلى الأماكن التى تضعف فيها قوة الجاذبية بشكل أكبر عن الأرض. فلوحظ أن هذه الساعات كانت تسير أسرع من سريانها على سطح كوكب الأرض وخلاف لنظرية العالم نيوتن (١٧١٦)، ليس هناك زمان مطلق لعدم وجود مكان مطلق. فكل من عنصري المكان والزمان يتسمان النسبية.
تعلمت شيئا واحد طوال حياتي؛ ألا وهو أن جميع العلوم التي يتم قياسها وفقا للواقع تبدو أمر بدائيا وطفوليا. وبالرغم من ذلك، فإنها أثمن ما لدينا. ألبرت آينشتاين
في غضون ذلك، استطاع العالم آينشتاين تفسير شيء آخر أفضل من نظيره نيوتن. فقد أظهرت الملاحظات الفلكية على مدار سنوات عديدة شيئا غريبا عن كوكب عطارد. فالنقطة الموجودة (نقطة الذنب) في مدار كوكب عطارد الذي يعتبر أقرب الكواكب إلى الشمس ليست ثابتة في الفضاء، بل إنها تتحرك ببطه شديد حول الشمس. ويعني هذا أن مساره البيضاوي يدور في حركة دائرية. وقد فسر آينشتاين أن اقتراب نقطة الذنب الخاصة بكوكب عطارد من الشمس يعد نتيجة أخرى لتغير المسارات في الفضاء بفضل الكتلة الضخمة للشمس. حيث إن الكواكب الأخرى توجد في مناطق أبعد عن الشمس، ولا يحدث لها مثل هذا التأثير. لقد تنبأ نيوتن بحدوث بعض الاقتراب من جانب الكواكب باتجاه الشمس، ولكن ليس بمقدار ما تنبأ به آينشتاين وتم اكتشافه بالفعل.
ينبغي علينا أن نعلم أن آينشتاين لم يقلل مه شأن نظريات نيوتن، وذلك لأن أفكار آينشتاين عن الجاذبية الأرضية تختلف في أسلوبها عن أفكار نيوتن عن الموضوع نفسه، كما أن أفكاره قد أسفرت عن التنبؤات الأقرب إلى الصواب وذلك في ظل توفر بعض الظروف المعينة. ولكن قانون نيوتن عن الجاذبية وتأثيرها الممتد للأماكن البعيدة، لا يزال يمثل أفضل القوانين التي يمكن تطبيقها بشكل كبير في جميع الظروف تقريبا. في أواخر القرن العشرين، تم إرسال عدد من أجهزة المسبار الفضائي في رحلات إلى أطراف النظام الشمسي، التي يمكن الوصول إليها غالبا بعد اجتياز بضعة كيلو مترات قليلة واستغراق ثوان معدودة في ضوء قياسات الزمان والمكان لهذه الأطراف، في حين استغراقها لسنين عديدة واًجتيازها لملايين الكيلو مترات وفقا لقياسات الزمان والمكان للأرض، فضلاً عن أدوات التحكم المتخصصة لنيوتن وحده دون غيره.
النظرية بين الثنائية
نظرية النسبية كانت تمثيلاً لأكثر من نظرية فيزيائية جديدة. يوجد بعض التفسيرات لهذا.
أولًا: النسبية الخاصة نشرت في عام 1905 والصورة العامة للنسبية نشرت في عام 1906.
ثانيًا: النسبية الخاصة تطبق على الجسيمات الأولية وتفاعلاتها، في حين تطبق نظرية النسبية العامة على العالم الكوني والفيزياء الفلكية، بما في ذلك علم الفلك.
ثالثًا: النسبية الخاصة تم قبولها في المجتمع الفيزيائى في عام 1920. هذه النظرية أصبحت سريعًا أداة ضرورية وهامة للمنظرين وللتجريبيين في المجالات الجديدة: الفيزياء الذرية والفيزياء النووية وميكانيكا الكم. وفي المقابل، النسبية العامة لم تبدُ ذات أهمية كبيرة. لقد ظهر أن هناك القليل من الانطباق للتجريبيين لأن معظم التطبيقات كانت للجداول الفلكية. لقد بدت محدودة لعمل تصحيحات طفيفة فقط لتنبؤات نظرية الجاذبية لنيوتن. وكانت آثارها غير واضحة حتى عام 1930.
أخيرًا: رياضيات النسبية العامة كانت تبدو معقدة صعبة الفهم. بناء على ذلك، كان يعتقد أن عددًا قليلًا من الناس في العالم في هذا الوقت يمكنهم فهم النظرية بالتفصيل، ثم في حوالى عام 1960 حدث شيء حاسم في عودة الاهتمام الذي أدى إلى جعل النسبية العامة هي مركز الفيزياء والنسبية. تقنيات رياضية جديدة مطبقه لدراسة النسبية العامة بسطت العمليات الحسابية بشكل كبير. ومن هذا، تم عزل ملحوظة المفاهيم الفيزيائية من التعقيد الرياضى. وأيضًا، اكتشاف الظواهر الفلكية الغريبة التي كانت ذات صله بشكل حاسم بالنسبية العامة، ساعدت على تحفيز تلك العودة. الظواهر الفلكية تضمنت أشباه النجوم والنجوم النابضة واكتشاف مرشحين أول ثقب أسود.