أحادية (فلسفة)
الأحادية والواحدية والوحدانية ووحدة الوجود والأحدية (بالإنجليزية: Monism واليونانية: μόνος) أي نظرية فلسفية تذهب إلى القول بأن كافة أشكال الوجود في الكون تتكون في نهاية الأمر مادة واحدة وبهذا تكون خاصية الكون الأساسية هي الوحدة. تتعارض هذه النظرية مع الثنائية التي تقول بوجود واقعين (مادي وفكري) أو التعددية التي تقول بوجود أكثر من مادتين. الأحادية من وجهة نظر لاهوتية عبر القول بوجود اله واحد مع تقاليد دينية متنوعة.
وفي مجال علم الاجتماع، توصف بعض النظريات، مثل النظرية المادية التاريخية بأنها نظرية أحدية. ويطبق المصطلح أيضا بطريقة فضفاضة على التفسيرات العلية التى تضفى أهمية مطلقة على عامل تفسيرى واحد.
تعريفات ونظرة تاريخية
الأحادية هي المذهب القائل بمبدأ واحد في الوجود، أو بجوهر واحد، أو بنوع واحد من الجوهر وإن تعددت أفراده ويستوي في ذلك أن يكون هذا الجوهر الواحد مادة أو روحاً. فالمذهب الذي يقول إنه لا يوجد في الكون إلا مبدأ واحد هو المادة يعد واحديا تماما مثل المذهب الذي يقول إنه لا يوجد إلا مبداً واحد هو الروح (أو العقل). ومن هنا فإن الواحدية إما أن تكون مادية محضة، أو روحية محضة. وأبرز القائلين بالواحدية في العصر اليوناني برمنيدس، وأبرزهم في العصر الحديث اسبينوزا.
والواحدية تقال في مقابل الثنوية، فهذه تقول بأن أصل الوجود أو الكون جوهران أو مبدآن؛ كما في مذهب المانوية القائل بأن الأصل في الكون مبدآن هما النور والظلمة، كذلك الحال في مذهب أفلاطون القائل بأن الأصل في الكون جوهران هما الهيولى والروح (أو النفس).
وتقال الواحدية أيضاً في مقابل الكثرية pluralisme وهي المذهب القائل بأن الأصل أو المبدأ في الكون جواهر أو مبادىء كثيرة مستقلة بعضها عن بعض ولا يرد بعضها إلى بعض. مثل مذهب أنبادقليس القائل بالعناصر الأربعة: الماء والهواء والتراب والنار.
لكن المصطلح monismus مرّ بعدة معان منذ أن وضعه لأول مرة كرستيان فولف (١٦٧٩- ١٧٥٤) ليدل به على المذاهب أو النظريات القائلة بمبدأ واحد للحقيقة الواقعية، سواء أكان هذا المبدأ روحياً أم مادياً. فقد استعمله أحد تلاميذ هيجل وهو جيشل Goeschel للدلالة على مذهب هيجل، وذلك في كتابه Der Monismus Des Gedankens (1832) استعمله للدالة على مذهب هيجل القائل بأن كل ما هو واقعي عقلي وكل ما هو عقلي واقعي. ثم جاء أصحاب مذهب التطور، وعل رأسهم خصوصاً أرنست هكل Haeckel فاستعملوا هذا المصطلح هو وبعض من ساروا في اتجاه مذهب التطور الحيوي مثل اشليشر Schleicher للدلالة على مذهبهم، بل وأنشأوا جمعية بهذا الاسم Monistenbund (رابطة الواحديين). والفكرة الاساسية في واحدية هكل هى القول بأن في الكون جوهرا واحدا له صفات مادية وحيوية معاً فالذرات ليست فقط مادية، بل لها إحساسات وإرادات أيضاً، وقد عرض هكل آراءه في الواحدية الطبيعية في كتاين رئيسيين هما: «لغز العالم، Die Welträtsel (سنة ١٨٩٩) و«التاريخ الطبيعي للخلق»-Natürliche Schopfungsgeschichte (برلين، سنة ١٨٦٨، ط ١٠ سنة ١٩٠٢).
أما في نظرية المعرفة فالواحدية هي الاتجاه الذي يرد المعلوم به إلى الذات - وهذه هي المثالية المحضة، أو إلى الموضوع وهذه هي الواقعية في المعرفة.
الأحادية الفلسفية
الأحادية الفلسفية عبارة عن ثلاث أنواع:
- المثالية: الأحادية الفكرية التي تقول بوجود الواقع العقلي.
- الأحادية الحيادية: التي تقول بواقع واحد فكري ومادي هو الطاقة.
- المادية: التي تقول بوجود واقع مادي واحد.
الفلاسفة في الغرب
عرف فلاسفة ما قبل سقراط الأحادية على النحو التالي:
- طاليس: الماء
- أناكسيماندر: المطلق اللامحدود
- أناكسيمينيس: الهواء
- هيراكليتوس: النار
- بارميندس: النفس
أما فلاسفة ما بعد سقراط:
- الرواقيون وسبينوزا لاحقا: الله
- الأفلاطونية: الجوهر
- الأفلاطونية الجديدة: اله مبهم لا يوصف
الأحادية، الواحدية، الحلولية
يخلط عادة بين الواحدية وبين وحدة الوجود، فينعت مذهب برمنيدس أو مذهب اسبينوزا تارة بالواحدية، وتارة أخرى بالقول بوحدة الوجود. لكن من الواجب التمييز الحاد يين كلا المذهبي على أساس أن الواحدية تقول بمبدأ أوبجوهر واحد في كل تجلياته، كعا هي الحال في المادية المحضة عند بوشنر ومولشوت وارنست هكل، وفي المثالية المحضة عند فشته - اما من يعزو إلى الجوهر الواحد مظهرين أو وجهين متقابلين، كما فعل اسبينوزا في القول بالله والطبيعة، العقل والامتداد، أو كما فعل أفلوطين في القول بالواحد وبالهيولى (مهما تكن درجتها) - فيجب أن ينسب إلى مذهب وحدة الوجود، لا الواحدية، لأنه بعد المبدا الأول أو الجوهر الواحد ما يلبث أن يقول بالثنائية أو التعدد.
أغلب الواحديون (وحدة الوجود) هم أيضا أحاديون، يؤمنون بوجود كائن واحد، وكل أشكال الواقع هي أشكال له ومنه ألا وهو الله، إلا أن الواحديون الثنائيون فيرفضون الأحادية. أشهر الواحديون هم الرواقيون، غيوردانو برونو، وسبينوزا. كذلك يمكن للربوبيون (الربوبية)، الربوبيون الكليون، التوحيديون أو الحلوليون (وحدة الموجود)؛ مؤمنين باله فوقي كلي القدرة والوجود، ومتأصل. كما أن هناك أحاديون واحديون وحلوليون في الزرداشتية، الهندوسية، اليهودية (في القبالة والفلسفة الحاسيدية) والإسلام (بين الصوفيين خصوصا البكداشية). الواحدية تعني أن الله هو كل الوجود، الحلولية تعني أن الوجود جزء من الله الفوقي والأبدي. وهذا كما يعتقد البعض لا ينسجم مع مفهوم الإله الشخصي حيث يمنع وجود جسر بين الله والخلق.