يوهان جوتفريد هردر
يوهان جوتفريد هردر (بالألمانية: Johann Gottfried Herder)، هو كاتب وشاعر وفيلسوف وناقد ولاهوتي ألماني. ولد عام 1744 في موراغ، ومات في عام 1803 في فايمار. كان والده قائد موسيقى كنسية وينتمي إلى الحركة التقوية، ودرس هردر في الفترة بين 1762 و1764 الطب وعلوم الدين والفلسفة في جامعة كونيغسبرغ، حيث خضع هناك لتأثير كل من كانط وهامان. وفي الفترة من 1764 حتى 1769 عمل مدرساً وواعظاً في مدينة ريغا. وفي عام 1769 قام هردر برحلة بحرية إلى نانت، وأدت هذه الرحلة إلى تحوله من الإيمان بحركة التنوير إلى اقتناعه التام بحركة العاصفة والدفع كما اعترف هو نفسه. تعرف على غوته، وكان صديقاً لكل من جان باول وفيلاند.
سيرة حياته
ولد هردر في مدينه مورينجن (المعروفة الآن باسم موراغ، بولندا) في مملكة بروسيا (في دوقية بروسيا سابقًا)، نشأ في أسرة فقيرة، وثقف نفسه من إنجيل والده وكتاب الأناشيد. في عام 1762، التحق بجامعة كونيغسبيرغ -على بعد حوالي 60 ميلًا (100كم) شمال مورينجن- عندما بلغ من العمر 17 عامًا، حيث أصبح تلميذًا لإيمانويل كانت. في الوقت نفسه، أصبح هردر ربيبًا فكريًا لِيوهان جورج هامان، الفيلسوف في كونيغسبيرغ، والذي شكك في مزاعم المنطق الدنيوي المحض.
وقد دفع تأثير هامان على هردر ليقوم بالاعتراف لزوجته في وقت لاحق من حياته قائلًا: «ليس لدي سبب وجيه للغاية، لكن لديّ الكثير من العادات الخصوصية»، ومع ذلك، يستطيع هردر أن يزعم بحقيقة أنه أسس مدرسة جديدة للفكر السياسي الألماني. وعلى الرغم من أنه شخص انطوائي، فقد كان لِهردر تأثير على معاصريه إلى حد كبير. كتب له أحد الأصدقاء في العام 1785، مشيدًا بأعماله قائلًا بأنها «مُلهَمةٌ من الله». عثر المنظرون في مختلف المجالات على الإلهام في أفكار هردر غير المكتملة على نحو مثير للاهتمام.
في عام 1764 كان هردر قد أصبح كاهنًا. ذهب إلى ريغا ليُعلّم. أنتج خلال هذه الفترة أول أعماله الكبرى، والتي كانت نقدًا أدبيًا. في عام 1769، سافر هردر على متن سفينة إلى ميناء نانت الفرنسي وواصل رحلته باتجاه باريس. أسفر عن هذا سردًا لرحلاته بالإضافة إلى تحول في تصوّره الذاتي كمؤلف. بحلول عام 1770، ذهب هردر إلى ستراسبورغ، حيث التقى بالأديب الألماني الشاب يوهان غوته. وقد ثبت أن هذا الحدث كان منعطفًا رئيسيًا في تاريخ الأدب الألماني، حيث استلهم غوته من نقد هردر الأدبي ليطوّر أسلوب نقده الخاص. ويمكن النظر إلى ذلك بأنه بداية حركة العاصفة والإجهاد.
شغل هردر في عام 1771 منصب كبير القساوسة، وواعظًا للبلاط في بيوكهبورج في عهد الحاكم الألماني وليام، كُونْت شاومبورغ لييه.
وبحلول في منتصف سبعينيات القرن الثامن عشر، كان غوته قد أصبح أحد الكُتّاب المعروفين، واستخدم نفوذه في بلاط فايمار ليُعزز مكانة هردر ويضمن حصوله على منصب المشرف العام. انتقل هردر إلى هناك في عام 1776، حيث تحولت نظرته مرة أخرى نحو الكلاسيكية.
أيّد هردر الثورة الفرنسية مع نهاية حياته المهنية، الأمر الذي أكسبه عداوة العديد من زملائه. لكن في الوقت نفسه، واجه هردر وغوته خلافًا شخصيًا. والسبب الآخر لعزلته كان بسبب هجماته غير المقبولة على الفلسفة الكانطية.
في عام 1802، سُمّيَ من قبل الأمير الناخب لبافاريا، والذي أضاف على اسمه الأخير لقب «فون». توفي هردر في فايمار عام 1803 عن عمر يناهز 59 عامًا.
الأعمال والأفكار
نشر هردر في عام 1772، أطروحة حول أصل اللغة، وذهب إلى أبعد من ذلك في الترويج للغة، أكثر مما قام به سابقًا ليقول: «أيها الألماني، أزل عنك الوحل القبيح لنهر السين، تحدث الألمانية». وضع هردر أسس فقه اللغة المقارنة ضمن التيارات الجديدة للتوقعات السياسية.
استمر خلال هذه الفترة في تطوير نظريته الفريدة الخاصة بعلم الجمال كما في أعماله سابقًا. كان الوقت الذي أنتج فيه غوته أعمالًا مثل آلام فرتر، هو الوقت الذي أُعلن فيه ولادة حركة العاصفة الإجهاد.
كتب هردر مقالًا مهمًا عن شكسبير و(مقتطف من الرسائل المتبادلة عن أوسيان وأغنيات الشعوب القديمة)، نُشر في عام 1773 في بيان إلى جانب مساهمات غوته وَجوستوس موسر. حيث كتب قائلًا: «الشاعر هو الذي يخلق الأمة من حوله، يعطيهم عالمًا ليبصروا به، قابضًا على أرواحهم بين يديه كي يقودهم لقيادتهم إلى هذا العالم».
كان لمثل هذا الشعر بالنسبة لهردر أعظم نقاء وقوة في الأمم قبل أن يصبح العالم متحضرًا، كما يظهر ذلك في العهد القديم وقصائد إيدا وهوميروس. حاول أن يجد مثل هذه الفضائل في الأغنيات الشعبية الألمانية القديمة والشعر والأساطير الإسكندنافية (باللغة النورسية القديمة).
بعد أن أصبح مفوّضًا عامًا في العام 1776، تحوّل هردر في فلسفته نحو الكلاسيكية من جديد، وأنتج أعمالًا مثل معرضه الفلسفي لتاريخ الإنسانية غير المُكتمل بعد، والذي أنتج إلى حد كبير مدرسة الفكر التاريخي. كانت لفلسفة هردر منحىً ذاتيًا عميقًا، مُشددًا فيها على تأثير الظروف المادية والتاريخية على التنمية البشرية، ومؤكدًا على وجوب دخول المرء إلى العصر، وإلى المنطقة، وإلى كل التاريخ، ويشعر بتجربة المرور في كل شيء. يجب أن يكون المؤرخ مُعاصرًا مُجددًا للماضي، وأن يكون التاريخ عِلمًا باعتباره «أداة للروح الوطنية الأصيلة».
منح هردر الألمان فخرًا جديدًا بأصولهم، فعدّل بذلك هيمنة الفن اليوناني (الإحياء الإغريقي) الذي اعتاده المفكرون الآخرون أمثال يوهان يواخيم فينكلمان، وَجوتولد إفرايم ليسينغ. وأشار إلى أنه يتمنى لو أنه وُلد في العصور الوسطى ويفكّر في «أزمنة أباطرة شوابيا»، ألا تستحق هذه الحقبة أن يُلقى على حقيقتها الضوء وفقًا لطريقة التفكير الألمانية؟ وقد ساوى هردر بين الألمان والقوطيين وذلك بفضل ألبرخت دورر، وكل شيء يتعلق بالقوطيّة.
كما هو الحال مع مجال الفن، فقد أعلن على قدْمِ المساواة رسالة وطنية في مجال اللغة. حيث كان في أعلى قائمة المؤلفين الألمان المنبثقين من مارتين أوبتز، الذي كان قد كتب كتابه «أرسطرخس»، باللغة اللاتينية عام 1617، وحثّ الألمان على تمجيد لغتهم التي كانت ولازالت مزدهرة. أحدثت مجموعات هردر الواسعة من الشعر الشعبي صدىً كبيرًا وشعرًا عظيمًا في ألمانيا حول هذا الموضوع المنسيّ.
كان هردر من أوائل المنظرين بإسهامات اللغة في تشكيل الأطر والانماط التي يفكر ويشعر بها كل مجتمع لغوي. كانت اللغة بالنسبة له كلسان حال الفكر. بيد أن كثيرًا ما أسيء تفسير هذا القول. بكل الأحوال، لا يزعم هردر ولا حتى فيلسوف اللغة العظيم، فيلهلم فون همبولت، بأن اللغة من شأنها تحديد الفكر. فاللغة هي وسيلة وتعبير عن قدرة الإنسان الخلّاقة على التفكير مع الآخرين. وبهذا المنطق، عندما يجادل همبولت بأن كل تفكير هو تفكير في اللغة، فإنه يُرسخ تراث هردر. ولكن بالنسبة لِكلا المفكرين تُعتبر الثقافة، واللغة، والتفكير، والشعور، وقبل كل شيء أدب الأفراد والتقاليد الشعبية للناس، هي عبارة تعابير عن مجموعات حرة الروح والأفراد الذين يعبرون عن أنفسهم في الزمان والمكان. بعد قرنين من الزمن، تستمر هذه الأفكار في تحفيز المفكرين، واللغويين، وعلماء الأنثروبولوجيا، وكثيرًا ما كانت تعتبر أساسية لفرضية النسبية اللغوية، وتقاليد الأنثروبولوجيا اللغوية الأمريكية المستوحاة من عالِم الأنثروبولوجيا الألماني فرانز بواس، ومؤخرًا من الأنثروبولوجيّ واللغويّ ديل هايمز.
ركّز هردر على اللغة والتقاليد الثقافية، على اعتبار أنّها الروابط التي تخلق «أمّةً»، حيث امتدت لتشمل الفلكلور، والرقص، والموسيقى والفن، وألهمت كل من الأخوين غريم -جاكوب وَفيلهلم غريم-، في مجموعتهما للقصص الشعبية الألمانية. يزعم بعض المحللين بأن أعظم وارِث لفلسفة هردر اللغوية كان فيلهلم فون همبولت. تكمن مساهمة همبولت الكبيرة بتطوير فكرة هردر بأن اللغة هي «لسان حال الفكر أو أداة الفكر» بأن اللغات في اعتقاده كانت وجهات نظر عالمية محددة؛ وذلك كما يناقشها العالِم الألماني يورغن ترابانت، في محاضرات فيلهلم فون همبولت على موقع مشروع روان للأنثروبولوجيا اللغوية.
انظر أيضاً
هردر (يوهان جوتليب)
فيلسوف ولاهوتي ألماني.
ولد في مورونجن Mohrungen (في بروسيا الشرقية) في ٢٤ أغسطس ١٧٤٤، وتوفي في فيمار Weimar في ١٨ ديسمبر ١٩٠٣
ولد من أسرة رقيقة الحال، إذ كان أبوه مدرساً في مدرسة أولية، وكان منشداً في الكنيسة وقارعاً لناقوس القرية. وتعلم أولاً على أيدي أبويه، تعلماً بسيطاً يقوم على الكتاب المقدس، والأناشيد الدينية اللوترية ودخل المدرسة الأولية التي كان يديرها جرم Grimm ، فتعلم قواعد النحو اللاتيني، ومبادى اللغة اليونانية واللغة العبرية والموسيقى ولما عين القسيس تريشرTrescher في قرية مورونجن سنة ١٧٦٠، اتخذه نساخاً. لكن هردر
استفاد من مكتبة الأبروشية إذ راح يقرأ المؤلفات الكلاسيكية، ويتعمق في دراسة اللاهوت، أطلع على الأدب الألماني الجديد الذي أبدعه الشاعر كلوبستوك Klopstock والناقد والمؤلف المسرحي الكبير لسنج Lessing. وفي سنة ١٧٦٢ انتقل إلى كينجسبرج (عاصمة بروسيا الشرقية، وموطن امانويل كنت Kant) بفضل مساعدة طبيب حربي روسي أراد توجيهه إلى دراسة علم الطب. وهنا في كينجسبرج حضر محاضرات امانويل كنت، وتعرف إلى هامان Hamann فانعقدت بينهما أواصر صداقة متينة، ووجهه هامان إلى تعلم اللغتين الانجليزية واايطالية.
وبعد عامين — أي في سنة ١٧٦٤ - انتقل إلى مدينة ريجا Riga حيث دخل «مدرسة الكاتدرائية» Domschule. وفي السنة التالية - ١٧٦٥ - صار قسيساً بروتستنتياً وواعظا.
وبدأ في نظم الشعر في سنة ١٧٦١، فألف قصيدة بعنوان: •إلى كورش» (وكورش هو شاهنشاه إيران) أهداها إلى بطرس الثالث قيصر روسيا. وفي أثناء مقامه في ريجا كتب شذرات عن الأدب الألماني الجديد نشرت بعنوان: «في الأدب الألماني الجديد شذرات» (ريجا ١٧٦٦ - ١٧٦٧ ؛ ونشرت بعدذلك في «مجموع مؤلفاته» ح٣ ؛ ح٤) وفيها أبدى آراء مهمة سديدة في علم الجمال وتاريخ الفن وتاريخ الأدب. وأثارت «شذراته» هذه مساجلات أدبية عديدة. وعقب عليها بنشر مجموعة دراسات بعنوان: •غابات نقدية» (١٧٦٩) تتناول خصوصاً علم الجمال، وتأخذ صف لسنج ضد فنكلمن، في الآراء التي أبداها لسشنج في كتابه: «لأءوكون». وقد ميز هردر تمييزاً دقيقاً بين الرسم، والموسيقى والشعر
وقد جلبت عليه مساجلاته في هذه المقالات عداوات عديدة أنقصت من مكانته كرجل دين؛ لهذا قرر ترك مدينة ريجا؛ وأقيل من منصبه في نهاية مايو سنة ١٧٦٩،
فركب السفينة في بحر البلطيق ثم في بحر الشمال، حتى وصل في شهر يوليو إلى نانت Nantes في غربي فرنسا؛ ومن هناك سافر إلى باريس - وقد عبر عن انطباعاته في هذه الرحلة الطويلة في كتاب بعنوان: «يوميات سفرة في سنة ١٧٦٩» («مجموع مؤلفاته» ح٤).
٣٥٧
هردر
وفيها أيضاً اقترح مشروعاً لتجديد التعليم في المدارس.
وفي باريس تعرف إلى ديدرو Diderot ودالمبير D’alembert، وزار المتاحف، وغشى الصالونات لأدبية.
وتلقى دعوة من أمير وأسقف لوبك Lübeck ليقوم بتربية أولاده، فترك باريس متوجهاً إلى ألمانيا في منتصف شهر ديسمبر ١٧٦٩ . فركب السفينة التي أصابها الغرق بين ميناني أنفوس وأمستردام. وواصل السفر في البحر، فوصل في شهر مايو ١٧٧٠ إلى أوتين Eutun (في إقليم هولشتاين) حيث مقر أمير لوبك ثم استأنف السفر، بصحبة تلميذه، ابن الأمير، قاصداً ايطاليا. وتوقف أثناء هذه السفرة في ميناء هامبورج حيث التقى بالناقد والمؤلف المسرحي لسنج Lessing. كذلك توقف في مدينة دارمشتاد Darmastadt حيث تعرف إلى كارولينا فلاكسلاند Carolina Flacksland التي ستصبح زوجة له بعد ذلك بثلاث سنوات. وفي شهر سبتمبر ١٧٧٠ وصل إلى اشتراسبورج حيث عرض عليه أن يشغل منصب واعظ في بلاط الكونت شاومبورج لبه في بوكبورج Bückeburg. فوافق على هذا العرض، وانفصل عن تلميذه؛ واستغل مقامه في اشتراسبورج للتداوي عند جراح في هذه المدينة من مرض في عينيه كان قد استفحل أمره ٠ لكن لم تنجح الجراحتان اللتان أجريتا له , , وفي أثناء اقامته هذه في اشتراسبورج تعرف إليه الشاعر جيته Goethe الذي كان آنذاك طالباً يدرس الحقوق في جامعة اشتراسبورج. وكان لهذا اللقاء بين هاتين العبقريتين العظيمتين أثر عظيم في التطور الروحي لكليهما معا؛ فإن هردر أشعل في نفس جيته حماسة هائلة للشعر الشعبي، واستعرض معه آراءه في الخنق الفني. وكان هردر يعمل آنذاك في بحث «عن أصل اللغة» (١٧٧٢ ، وهذا البحث سينال جائزة الأكاديمية الملكية في بروسيا، في يناير ١٧٧١ وكان الجدل قد أثير آنذاك حول: هل اللغة توقيفية من الله، أو اصطلاحية من صنع الإنسان؟ وقد ناصر الرأي الأول زوسلمش Süssmilch، بينما عارضه هردر فحاول في هذا المبحث أن يبرهن على أن الإنسان مهياً بطبعه وتركيبه العضوي لاختراع اللغة ابتداء من موارد طبيعة خالصة ولا حاجة بالإنسان إلى وحي إلهي لاختراع اللغة. كما أن اللغة ليست تقليداً لأصوات الحيوان،
وفي ٢٨ أبريل سنة ١٧٧٠ لما شفي من مرض عينيه، غادر اشتراسبورج، وتوجه إلى بوكبورج ليشغل منصب واعظ في بلاد الكونت شاومبورج - لبه، الذي كان مشغولا فقط بالبطوات الحربية والمجد العسكري . لكن هردر وجد العزاء عند الكونتيسة ماريا، زوجة هذا الكونت، وكانت شديدة التقوى. وفي سنة ١٧٧٢ بدأت صداقته مع هاينه Heyne، عالم اللغات في جيتنجن وفي مايو ١٧٧٣ عقد قرانه بكارولين فلاكسلاند
،Caroline Flacksland
وتتميز هذه الفترة التي قضاها في بوكبورج بالاهتمام بالدراسات الدينية وبفلسفة التاريخ ففي أثنائها ألف الكتب التالية:
١ - «فلسفة فن التاريخ ايضا»، سنة ١٧٧٤ («مجموع مؤلفاته» ح٥)؛
٢ - «أقدم وثيقة في تاريخ الجنس البشري» ، ح١ ، ريجا ١٧٧٤ («مجموع مؤلفاته" ح٦) وفيه يتناول موضوعاً احتدم فيه النزاع آنذاك بين هامان وكنت؛
٣ - «خمس عشرة رسالة اقليمية»، ليبتسك ١٧٧٤ («مجموع مؤلفاته» ح٧)؛
٤ - «شروح على العهد الجديد من الكتاب المقدس» ، سنة ١٧٧٥ («مجموع مؤلفاته» ح٧).
ه - "أسباب الذوق السليم عند مختلف الشعوب» ، برلين ١٧٧٥ (ط٢ في برلين ١٧٨٩ ؛ «مجموع مؤلفاته» حه) - وقد نال جائزة من أكاديمية العلوم في برلين في سدة١٧٧٣-
٦ - المجلد الثاني من «أقدم وثيقة... » («مجموع مؤلفاته» ح٧) , وبعد وفاة الكونتيسة ماريا ليونورا في سنة ١٧٧٦ لم يعد يحتمل البقاء في بوكبورج وكان جيته قد توسط له عند دوق ثيمار كارل أوجست، فعينه مديراً عاماً٠ فسافر هردر إلى فيمار لتولي هذا المنصب، وذلك في سنة ٣١٧٧٦ وكانت وظيفته هي: مدير عام، ومستشار ديني، والقسيس الرئيسي في بلاط دوق فيمار وهنا في فيمار نعم بصداقة جيته وفيلاند Wieland، وحظي بالتوقير والهدوء • ولهذا كانت سنواته الأولى في فيمار خصبة. إذ أصدر:
٣٥٨
هردر
١ — ترجمة عن العبرية لسفر «نشيد الأناشيد»، سنة ٤١٧٧٨
٢ - «المعرفة والإحساس في النفس الإنسانية»؛ سنة ١٧٧٨؛
٣ ٠ «التجسيم في الفنون» - من عهد إقامته في ريجا («مجموع مؤلفاته» ح٨).
٤ - مجموع من «الأغاني الشعبية» (١٨٧٨ -١٨٧٩)؛ (ح١٠-ح١).
ه , «رسائل عن دراسة اللاهوت» (١٧٨٠-١٧٨١) في جزئين («مجموع مؤلفاته»).
٦ - «عبقرية الشعر العبري» (ديساو ١٧٨٢ -١٧٨٣ ؛ ط٢ في ليبتسك ١٧٨٧ ؛ «مجموع مؤلفاته» ح١١.ح١٢).
٧ ٠ «أفكار في فلسفة تاريخ الإنسانية», ريجا وليبتسك ١٧٨٤ - ١٧٩١ («مجموع مؤلفاته» ح١٣ -ح٤ ١) - وهو أشهر وأهم مؤلفاته .
وفي سنة ١٧٨٧ تدخل في النزاع الذي ثار آنذاك حول مذهب اسبينوزا، هذا النزاع الذي تولى كبره ياكوبي؛ فكتبهردرحواراً بعنوان: «الله: بعض المحاورات» (ليبتسك ١٧٨٧ ؛ ط٢ ١٨٠٠ ؛ «مجموع مؤلفاته» ح٦ ١ ) .
وفي سنة ١٧٨٨ غادر هردر فيمار - مؤقتاً - للقيام برحلة طويلة في ايطاليا، فزار روما، ونابلي، وفيرنتسه، وثنتسيا ، واستمر في هذه الرحلة حتى يونيو ١٧٨٩ .
ثم عاد إلى فيمار، وتخلى عن فكرة الانتقال إلى جيتنجن Gottingen - وكان جيته أيضاً هو الذي سعى له في هذا المنصب - وآثر البقاء في فيمار، بعد أن حصل جيته من دوق فيمار على تحسين في أوضاعه المادية، ونشر كتاباً جديداً بعنوان: «رسائل لتحسين أحوال الإنسانية» (ريجا ١٧٩٣ -.١٧٩٧ ؛ «مجموع مؤلفاته، ح٠١٧ ح١٨)؛ وكتاباً آخر بعنوان: «كتابات مسيحية» (ح١ - ح٣ في ريجا ١٧٩٤ - ١٧٩٧ ؛ح٤-ح٥ في ليبتسك ١٧٩٨؛ «مجموع مؤلفاته» حه ١ _ح٢٠)ا
لكن مزاج هردر الحات السريع الغضب ما لبث أن أوقعه في خلاف مع جيته ومع شلر. وجرت القطيعة بينه
وبين جيته بشكل نهائي في سنة ١٧٩٧. وانقطع عن الكتابة في مجلة Horen التي كان يصدرها شلر ولم يبق له من الأصدقاء إلا نفر قليل منهم: كتيبل Knebel وفيلند Wieland، ثم بعد ذلك بمدة الشاعر الرومنتيكي جان بول رشترJean Paul Richter. ثم اندفع في هجوم عنيف على امانويل كنت، يبدو أن السبب فيه هو سخرية كنت من كتاب هردر: «أفكار في فلسفة تاريخ الإنسانية» ٠ فأصدر هردر كتاباً بعنوان: «ما بعد النقد» Metakritik (ريجا سنة ١٧٩٩ ؛ «مجموع مؤلفاته» ح١ ٢)، وكتاباً آخر بعنوان Kalligone (ليبتسك سنة ١٨٠٠؛ «مجموع مؤلفاته» ح٢٣). وفي هذين الكتابين هاجم كتابي كنت: «نقد العقل المحض» ، و« نقد الحكم». وكان قبل ذلك قد وجه نقداً إلى فلسفة الدين والأخلاق عند كنت، وذلك في بحثه بعنوان: «اله» وفي مواضع مختلفة من السلسلة الخامسة من كتابه: «كتابات مسيحية». وهذا النقد الموجه ضد كنت زاد من أعداء هردر، وصيره في عزلة أليمة، خصوصاً بعد القطيعة بينه وبين جيته وشلر.
وفي خريف سنة ١٨٠١ منحه أمير باثاريا لقب نبيل.
وتوفي هردر في فيمار في ١٨ ديسمبر ١٨٠٣،
ندشنه
كان هردر رائداً لكبار المفكرين والفلاسفة الذين توالوا في ألمانيا طوال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين: في الأدب كان رائداً ومرشداً روحياً لجيته، والأخوين فلهلم وفريدرش اشليجل Schlegel ، والأخوين جاكوب وفلهلم جرم Grirmm في النظريات المتعلقة بالشعر وعلم الجمال؛ وفي فلسفة اللغة كان رائداً لفلهم فون هومبولت Humblt ؛ وفي فلسفة التاريخ كان رائداً وملهماً لهيجل؛ وفي الفهم التاريخي كان المبشر بفلهم دلتاي Dilthey؛ وفي علم الإنسان (الأنتروبولوجيا) كان رائداً لأرنولد جيلين Gehlen .
وملكة المعرفة الرئيسية عنده هي «الشعور» Gefühl، وقد شبهها بحس اللمس. ورأى أن العقل المحض المنفصل عن العواطف والدوافع أمر افتراضي محض.
هردر
وبسبب ثقافته الواسعة جداً في الأدب، والتاريخ والفلسفة والدين، وبفضل اتقانه لعدة لغات قديمة (اللاتينية، واليونانية، والعبرية)، وحديثة (الانجليزية والفرنسية والايطالية) فإنه كان مزوداً بأداة ممتازة لدراسة الحضارات الإنسانية وتمييز خصائصها
وأدرك أن فعل المعرفة لا يمكن أن يتم بدون اللغة لإنسانية، ولهذا أولى دراسة اللغة 1 بما هي لغة - أهمية عظمى.
أ - اللغة: واللغة هي الاستعمال القصدي لبعض الأصوات من أجل الدلالة والرمز على الأحداث والأشياء؛ ولهذا فإنها لا تنشأ من لاصطلاح البحت، لأنها تشير دائماً إلى أساس واقعي؛ كما أنها ا تهدف إلى المحاكاة المحضة لأنها لا تريد أن تكون مجرد نسخة مما تشير إليه، بل هي علاقة تتحصل من بعد، تجرد من بعض الأوجه والمظاهر. وفي اللغة وباللغة تتحقق إمكانية التأمل العقلي الذي يميز الإنسان من سائر الموجودات. وباللغة تدرك العلاقات والروابط بين الموجودات، وبذلك يتم فهم الواقع. وثم وحدة بين الفكر والتعبير اللغوي. «والإنسان يدرك بعقله ويتكلم حين يفكر» . وهذا التوحيد بين الفكر والنطق يفسر هذه الحقيقة وهي أن معنى أي شيء يتضمن موقفاً انفعالياً تجاه الشىء . ولهذا فإن كل لغة تمثل مركباً من المقولات، التي بها يعبر الناطقون باللغة - أفراداً كانوا أو شعوباً - عن ذواتهم.
ب - الشعر: والشعر في نظر هردر هونوع من فهم الحقيقة الواقعية . فبينما النقاد والشعراء المعاصرون له كانوا يرون في الشعر إما أنه نتيجة التحصيل والتعلم، أو هو وسيلة للتسلية والترويح عن النفس - كان هو يرى أن الشعر ينبع من المحيط التاريخي والطبيعي كما يعانيه الشاعر بواسطة شعوره؛ والبادرة الأولية للشعر هي التعجب . والشعر يصدر عن علاقة ديتاميكية بين الإنسان والعالم، وهي علاقة يكون التعبير عنها أصدق بواسطة صوت الكلمات والإيقاع الوزني والشعر- مثله في هذا متل الموسيقى - لا يمكن مقارنته في جوهره بأي شيء آخر* لكن الشعر ليس مجرد تعبير عن المحيط الذي شأ فيه وعنه، بل سرعان ما تستقل القصيدة بذاتها، وتكون لنفسها عالماً خاصاً بها . واللغة بما لها من قدرة على الخلق والإبداع، تهب الشعر وجوداً جوهرياً منفصلاً عن
المحيط . ولهذا يقول هردر: «إن الشاعر هو خالق الأمة التي يوجد فيها؛ ذلك لأنه يهبها عالماً لتشاعده؛ وهو يملك في يده أرواح بني أمته ليقتادها إلى ذلك العالم» . وكما قال هامان «إن الشعر هو لغة الأم الحقيقية لبني الإنسان»، قال هردر إن الشعر يتجلى في أكبر صفاته وقوته في العصور غير المتمدينة لكل أمة. وبرهن هردر على هذه الدعوى بالإشارة إلى الأسفار الشعرية من العهد القديم من «الكتاب المقدس» بالنسبة إلى العبرانيين، وإلى هوميروس بالنسبة إلى اليونان، وإلى أوسيان Ossian بالنسبة إلى الأمة البريطانية. وقد ظل هردر حتى آخر حياته يعتقد أن القصائد التي نشرها ماكفرسون MacPherson على أنها لأوسيان هي قصائد صحيحة النسبة إلى أوسيان.
وكان هردر يعتقد أن الأغاني والأساطير الشعبية هي الينبوع الذي يجب أن يمتتح منه الشعراء. وحاول أن يبين أن تاريخ الشعوب يتضمن عصوراً سعيدة فيها وجد الانسجام والتوافق بين الشعب ورؤسائه وشعرائه، مما مكن من تقدم الحضارة والشعر؛ كما وجدت عصور انحلال أدت فيها الظروف التاريخية إلى منع تفتح الشعر ووجود العبقريات المبدعة الخلاقة. ولهذا السبب عني هردر بالعثور على بقايا الشعر الجرماني القديم كما يتمثل في الأغاني الشعبية، كما عني بالشعر الاسكندناوي العتيق وبالأساطير الجرمانية والشمالية، وبأغاني التروبادور في فرنسا، والمينسنجر Minnesänger في ألمانيا في العصر الوسيط. واعجاب جيته باوسيان، كما يتجلى خصوصاً في قصة جيته الأولى؟ «آلام الفتى فرتر» حيث قال: «حل أوسيان في نفسي محل هوميروس"، وراح في القسم الثاني من هذه القصة يترجم صفحات عديدة من شعر أوسيان إلى اللغة الألمانية - نقول إن هذا الاعجاب بأوسيان عند جيته إنما كان بتأثير هردر بعد لقائهما في اشتراسبورج كما ذكرنا من قبل.
وقد أشاد هردر بشكسبير لقدرته الفائقة على إحياء التاريخ ونزعته المتوجهة نحو أساطير الشمال. واستخلص من الأشعار التي نسبها ماكفرسون إلى أوسيان، ومن ملحمة Edda، ومن «الآثار الباقية» Reliques التي جمعها برسي Percy وأغاني الفلاحين - نظرية «الأغنية الشعبية».
ردر
إذ رأى أن الأغنية الشعبية «تتجلى بأنها منظر حسي متواصلحافل بالأحداث«، وأنهاخشنة، بسيطة، ساحرة وعظيمة ومليئة بالعينية الحسية في كلماتها وإيقاعاتها. وهي تنبع من الحماسة، ومن الشعور الفياض الأولي. وقد تخذ جيته هذا التعريف أساساً لكثير من قصائده ٠ وقد نشر هردر في عامي ١٧٧٨ و١٧٧٩ مجموعة من «الأغاني الشعبية» Volks lieder (وأصبح عنوانها في سنة ١٨٠٧: «أصوات الشعوب في أغانيها»)، وفيه نشر أغاني شعبية لأمم مختلفة، كما ضم أيضاً أشعاراً لشكسبير.
ويؤكد هردر أنه «بقدر ما يكون الشعب أكثر بداوة، أي أكثر حيوية، وحرية في العمل، تكون أغانيه أكثر بداوة وحيوية وحية». وكمال الأغنية «يقوم في المسار الغنائي للوجدان أوالشعور والميلودياهي روح لأغنية. . . والأغنية يجب أن تسمع، لا أن ترى».
وعنده أن التفكير والشعر، والشعور والمعرفة، والعلم والإيمان - كلها تؤلف وحدة ٠ ولم ير فيكل وحدة من هذه الوحدات أي انفصال: فكل شيء يجري في التيار الحي للقوى الإلهية والعضوية في الكون وعن هامان أخذ نقد التصور التنويري للعقل البارد، كما أخذ عنه فكرة الحرية الخلاقة التي للفرد، وحق الشعور والوجدان والعبقرية المبدعة. وأسقط هردر الحواجز بين الشعر والشعب. وقرر أن العبقرية طبيعية قائمة خارج المجتمع وضد المجتمع المدني.
ح - فلسفة التاريخ:
يرى هردر أن العناية الإلهية لا يقتصر نشاطها على الطبيعه دون التاريخ ولهذا حاول أن يتعرف في أحداث التاريخ المتوالية تحقيق خطة إلاهية والاتجاه نحو التقدم. لكنه رفض الفكرة القائلة بأن عذا التقدم يتوقف على توكيد العقل المجرد، وبأن هذا التقدم يسير في خط مستقيم، فيه كل عصر يمثل، لذاته، زيادة في السعادة أو في الكمال بالنسبة إلى العصر السابق عليه. ذلك لأن دعوى رجال التنوير قياس العصور الماضية بالنسبة إلى العصر الحاضر، بوصفه ذروة التاريخ والحضارة، أو على الأقل القول بأن العصر الحاضر هو أكبر العصور تقدماً i نقول: إن هذه الدعوى تنبع من نظرية متحيزة إلى الإنسان تحول دون فهم الأشكال المتعددة التي بها تحقق الإنسانية ذاتها إن كل عصر، مثله مثل كل فرد، وكل
شعب، له قاعدته الخاصة في الكمال التي تميزه من سائر العصور؛ ووفقاً لها ينبغي تقديره والحكم عليه لكن ليس معنى هذا تقسيم التاريخ إلى خانات جامدة ليس بين بعضها وبعض اتصال ولا تأثير، وذلك لأن كل عصر -مثله مثل كل فرد ليس إلا تنويعاً لمقصد هو في جوهره واحد، وهذا المقصد هو الإنسانية بوصفها كلاً واحداً. أما إن هذا المقصد لا يستطيع أن يعيش إلا في تنويعات -فهذا راجع إلى طبيعة الإنسان الخاصة إذ الإنسان مزود بمجموع من القوى، والميول، التي في وسعها أن تنمو وتتطور في اتجاهات مختلفة عديدة، دون أن يمنع هذا من اتجاهها نحو هدف وحيد للتاريخ، ألا وهو تحقيت الإنسانية.
وفي كتابه «وهذه أيضاً فلسفة أخرى في التاريخ» (١٧٧٤) يقول هردر إن الله حقق خطته في تنشئة الجنس الإنساني بأن استخدم الناس كأدوات غير واعية. وبهذا الرأي سيقول هيجل. وعلى عكس هذا سيقول نيتشه وكارل ماركس لأنهما يريان أن الإنسانية هي بنفسها التي تتولى تنظيم التاريخ والمجتمع بل والطبيعة.
ويبين هردر أن الغائية الحقيقية الصادرة عن العناية الإلاهية تتجلى في ميدان الجغرافيا، والتشريع والتاريخ ففي ميدان الجغرافيا يقول إن الكرة الأرضية مرت بسلسلة من الثورات (أوم الدورات) التحضيرية (فصل ١ ، الكتاب العاشر) الممةهدة لظهور الإنسان الذي هو تاج الخليقة: مثل تغير محور القطبين وميل خط البروج. واله قد وصى على ألا يربط تكوين الجبال بدوران الكرة الأرضية، كي تتجنب أن توجد الجبال على طول خط الاستواء، في المنطقة الحارة التي لا تلائم ازدهار الإنسانية (فصل ٦ من الكتاب الأول) وإنما أوجدها في المنطقة المعتدلة لتكون مهداً للجنس البشري، وفي أفضل جزء. كذلك تجنب الشه أن يخلق قارة جبلية في الجنوب، لأنها لن تكون قابلة لسكنى بني الإنسان-والعناية الإلاهية فصلت بين الشعوب بواسطة عوائق طبيعية تجعل من المستحيل قيام سيادة استبدادية (الكتاب الثامن)
وفي ميدان العلوم الطبيعية يرى هردر العناية الإلهية فيما يلي: صنع الخلق كيما يكون محسوساً ومتذوقاً في كل نقاطه: وهذا يفسر شدة الاختلاف بين الكائنات
ا٣٦
الحية، واستمرار بقاء الكائنات العضوية الدنيا الأحط من الإنسان: إنها ليست فقط صورة أولية إجمالية منه، بل هي أيضاً غاية في ذواتها - وقد حرمت العناية لإلاهية الحيوانات الشبيهة بالإنسان (القردة العليا: الشمبانزي، الأورانج أوتانج الخ) : من ملكة النطق حتى لا تستطيع أن تعبر عن كل الفظائع التي تشعر بها- وفي مقابل ذلك تجد أن لغة الإنسان هي موهبة إلاهية (فصل ٣، الكتاب ٤). وبنية الإنسان قد رتبت من أجل تحقيق استقامة القامة، وتنمية المخ ومن ثم : تنمية العقل.
وفي ميدان التاريخ الإنسان يعيش في الوهم السعيد بأنه حر، مع أنه موجه (الكتاب الخامس) واختراعاته ترجع إلى الصدفة أكثر مما ترجع إلى الذكاء، وإلى الإلهام والتوفيق الإلهي أكثر من أن ترجع إلى مهارة الإنسان. حتى أن التاريخ يرجع مساره وأحداثه إلى التوجيه العلوي من الله وفي الفصل الثاني من الكتاب العاشر يستعرض هردر «خطة اشه فيما يتعلق بجنسنا البشري". وفي فصل ٧ من الكتاب الثالث عشر يتحدث عن «العناية الإلهية» التي تحكم كلشيء.. وكل فرد، وكل نوع حي، وكل عصر تاريخي - يكون غاية في ذاته، وليس وسيلة في خدمة غاية خارجية عنه.
والإنسان، بقامته المستقيمة الواقفة، وبنمو مخه هو أول كائن في الخليقة متحررم إذ هو متحرر من استعباد الغريزة، ومستعد للسلوك المعقول والأخلاقي. وقد حدث هذا بقصد من الخالق، الذي وهبه تركيباً فزيائياً هيأه للتأمل، والذي وهبه اللغة بخاصة. ولهذا فإن الإنسانية هي في وقت واحد: مثل أعلى، وواقع تشريحي يستند إلى الأخلاق والعلوم الطبيعية واللاهوت. وهردر يعرف الإنسان بأنه حقيقة تشريحية وقصد من الله. والجنس البشري هو أوج الخلق الإلاهي.
وفضيلة الإنسان تتحدد بتعارضها مع اتجاهينم من ناحية، بتعارضها مع الحيوان، ومن ناحية أخرى بتعارضها مع الصوفية الروحانية ٠ فلا يجوز للإنسان أن يتآخى مع القرد. وعلينا أن نقنع بألا تكون لنا إلا ذكاء وحساسة إنان ثان .
والنزعة الإنسانية عند هردر نزعة تدعو إلى العالمية. وعلى الرغم من وطنيتة الجرمانية، فإنه اتخذ من اليونان ومن روما وطناً فوق وطنه الجرماني وهو
يؤكد أن كل الناس إخوة، لأنهم جميعاً أبناء افه (الآب الإلهي) ولما كان هردر قسيساً مسيحياً في المقام الأول، فإئه أقام هذه النزعة العالمية على أساس العقيدة المسيحية، فقال: «إن العقيدة القائلة بإله واحد هو آب، هذه العقيدة التي آمن بها ودعا إليها المسيح، وبواسطتها أمل أن يهب الناس السعادة الأبدية، هي ذروة المعرفة الإنسانية، وهي التي تربط كل عناصرها على أجمل نحو وأصفاه، وبدونها لا يمكن وجود أي أحكام محض في العقل الإنساني، ولا أية وحدة في مبادئه، ولا أي علم خالص بالقوانين الطبيعية، ولا أية أخلاق كلية، ولا أي تحاد عالمي بين الشعوب" («مجموع مؤلفاته"، نشرة سوفانح١٤ ص٥٥٧ ).
وهو لا يريد التحدث عن «أجناس بشرية»، وإنما فقط عن «شعوب» تختلف باللغة وبالحضارة، لكنها تبقى دائماً إخوة بالدم.
وبالرغم من هذه التصريحات الحارة الخاصة بالإنسانية العالمية الكلية، فإن هردر قد وضع لهذه العالمية حدوداً وقيوداً في تفكيره الواقعي العملي . فقد بقي فكره مركزاً على أوروبا وعلى حوض البحر الأبيض المتوسط. ذلك أنه في عرضه للخطة الإلهية الشاملة لكل العصور وكل الأمم، لم يتناول إلا؟ المصريين، والعبرانيين، واليونان، والرومان، والعصر الوسيط في أوروبا. وخلت هذه الخطة من الكلام على الهنود، والجنس الأصفر، والسود. ونحن نستشعر في كلامه -وإن لم يصرح بذلك — نوعاً من عقدة تفوق الجنس الأبيض على سائر أجناس البشر . . لكنه - والحق يقال -سرعان ما يعتذر عن ذلك بإرجاع النقص أو العيوب في الشعوب غير البيضاء إلى أسباب من الجو والبيئه المحيطة . فهو مثلاً في الفصل الرابع من الكتاب السادس («مجموع مؤلفاته» ح١٣ ص٢٣٣ - ٢٣٦) يتحدث عن السود فيقول: إنهم إخواننا، ولونهم ليس إلا التكيف مع الجو، أي أنه أمر ثانوي عرضي وغلظ شفاههم، وضخامة أعضائهم الجنسية إنما هو تعويض من الطبيعة لهم عن حرمانهم من مسرات التفكير السامي، وذلك بأن زودتهم باستعداد كبير للذات الجنسية . «فلنرث لحال الزنجي لأنه - بسبب حال الجو — لم يحظ بنعمة أكبر. لكن حذار من أن نحتقره ولنوقر الطبيعة الأم التي حتى
٣٦٢
هردر
لو حرمتنا من شيء، فإنها تعوض عنه» («مجموع مؤلفاته» ح١٣ ص٢٣٦).. لكن إشفاقه على حال الزنجي لا تمنعه، مع ذلك، من القول بأن «الطبيعة» قد وضعت الزنجي في مرتبة قريبة من مرتبة القرد" (ح ع ١ ص ٢١١).
أما الجنس الأصفر فإن هردر يقدره أكثر من الجنس الأسود، وإن كان مع ذلك يأخذ عليه نقائص. فهو يقول عن الصينيين: «والذوق الصيني يبدر أنه ناتج عن أعضاء سيتة التكوين، كما أن شكل حكومتهم وحكمتهم يتضمنان الاستبداد والخشونة» (فصل ٢، الكتاب رقم ٦) «مجموعمؤلفاته»ح١٣ ، ص١٨ » وهو يأخذ على الكتابة الصينية أنها تشتمل على أربعة وعشرين ألف حرف، وأنها من ستة أنواع، مما يميز الشعب الصيني عن سائر شعوب العالم. وكتابتهم شديدة التعقيد إلى درجة أن الجزء الأكبر من تعليم التلاميذ يكرس لتحصيل الكتابة، لا للإفادة منها لتحصيل المعلومات.
وفي مقابل ذلك نجد هردر ينصف العرب انصافاً كبيراً لا نعثر على مثله عند الكتاب الأوروبيين حتى نهاية القرن الثامن عشر. وقد فصلنا القول في هذا الموضوع في مقال نشرناه في مجلة «العري» (العدد الممتاز، سنة ١٩٨٤ ، الكويت) فنتكفي بالإحالة إليه. وحسبنا هنا خلاصة لآرائه في هذا الباب :
لقد خص هردر العرب بمعظم الكتاب التاسع عشر من كتابه «أفكار في فلسفة تاريخ الإنسانية». وتلخص ما قاله في النقط التاليةم
١ - حكومة الأمبراطورية العربية ارتبطت بأسرة واحدة هي أسرة (النبي) محمد، يعني قريش.
٢ - الأمبراطورية التجارية العربية الشاسعة الأرجاء أحدثت تأثيراً في العالم راجعاً ليس فقط إلى موقع البلاد التي تتألف منها، يل رأيضاً إلى طابعها القومي، ولهذا عاشت بعد زوال ممتلكاتها.
٣ - «وكان للدين (الإسلامي) واللغة العربية تأثير كبير آخر في شعوب القارات الثلاث. . . وفيما يتعلق بالعقائد التي يقول بها هذا الدين، فليس من شك في أنه رفع مستوى الشعوب الوثنية التي اعتنقته فوق مستوى
الوثنية الغليظة التي عبدت كاثنات الطبيعة، والنجوم السماوية وأشخاصاً أرضيين؛ وجعلت هؤاء المعتنقين للإسلام عباداً متحمسين لإله راحد أحد، بارى، حاكم للعالم وقاض فيه؛ وقد عبدوه بواسطة عبادات يومية، وأعمال إحسان، ونظافة بدنية، وإسلام لإرادته»
«والعرب يعدون لغتهم هي أنبل ما في تراثهم؛ وحتى اليوم تقوم هذه اللغة - عن طريق لهجات متعددة بالربط بين الناس وتبادل السلع، على نحو لم تفعله أية لغة أخرى. وبعد اللغة اليونانية، ربما كانت اللغة العربية هي الأجدر بهذه السيادة» . وبواسطة هذه اللغة الغنية تكونت العلوم التي بدأ بإيقاظها المنصور، وهارون الرشيد وا لمامون، وابتدأت من بغداد - مقرا لعبا سيين -وسارت شمالاً وشرقاً وخصوصاً غرباً، وازدهرت زماناً طويلا في أمبراطورية العرب الشاسعة»
٤ - «وكان الشعر تراثهم القديم، رلم يكن ابناً لرعاية الخلفاء، بل ابناً للحرية. وقد ازدهر قبل محمد بوقت طويل، لأن روح الأمة (العربية) كانت شعرية، وآلاف الأشياء قد أيقظت هذه الروح .
ه — «والأمر الذي نما خصوصاً تحت سماء الشرق هو العنصر القصصي الخراف للشعر، والأقصوصة الخيالية».
٦ - «وفلسفة العرب، على غرار الشرقيين، إنما تكونت بالمعنى الصحيح حول القرآن، ولم تتخذ شكلاً علمياً إلا بفضل مؤلفات أرسطو المترجمة إلى العربية. فتكونت فرق مارست ٠ في مجاداتها - نقداً دقيقاً للعقل المحض» ، ولم تترك للإسكلانية المسيحية في العصور الوسطى إلا التدقيق في المعتقدات المسيحية والأوروية“-
٧ - «ومارس العرب علم النحو بوصفه أحد أمجاد جنسهم".
٨ - «أما في كتابه التاريخ فإن العرب لم يكونوا موفقين توفيق اليونانيين والرومان، إذ أعوزتهم الدول الحرة، وتبعاً لذلك، أعوزهم التحليل العملي للوقائع وللأحداث العامة. لهذا لم يستطيعوا أن يكتبوا إلا الأخبار القصيرة الجافة، أر جازفوا - في تراجم الأفراد بالمبالغة في مديح أبطالهم أو الطعن الظالم في أعدائهم
هردر
٣٦٣
والأسلوب التاريخي المنسجم لم يتكون عندهم؛ وتواريخهم هي من الشعر أو منسوجة بالشعر. وفي مقابل ذلك تجد أن أخبارهم وأوصافهم للبلدان الجغرافية للبلاد التي استطاعوا معرفتها والتي لا نعرفها بعد، مثل أفريقيا الوسطى لاتزال مفيدة لناا .
٩ - «وأبرز مزايا العرب إنما تتجلى في الرياضيات، والكيمياء، والطب - وهي علوم قد زادوها ثراء بانتاجهم الشخصي، وفيها وبها صاروا أساتذة أوروبا؛),
ومن هذا الموجز الذي حرصنا على ايراده من نص كلام هردر - يتبين أنه كان أول منصف للحضارة العربية بين الكتاب الأوروبيين والشواهد التي ساقها للتدليل على آرائه هذم تدل على أنه كان على اطلاع واسع جداً على ما نقل إلى اللغات الأوروبية منذ القرن السادس عشر من مؤلفات عربية، وعلى التراجم اللاتينية - وربما العبرية، لأنه كان يتفن العبرية - للكتب العربية. والمؤسف أنه لم يذكر أسماء المراجع التي رجع إليها ؛ إذن لكنا قد عرفنا المصادر التي استقى منها معلوماته عن الحضارة العربية.
د - اللاهوت :
قلنا إن هردر كان قسيساً بروتستنياً وواعظاً دينياً. ومن هنا كان من الطبيعي أن يعنى باللاهوت وبالكتاب المقدس.
وكان أول انتاجه في هذه الدراسات هو: «أقدم وثيقة للجنس البشري» ، ثم «شروح على العهد الجديد (الأناجيل) من الكتاب المقدس» ، ثم «أوراق إقليمية موجهة إلى الوعاظ».
لكن اتجاهه الديني تجلى بشكل أعمق وأوضح في كتبه في فلسفة التاريخ، وخصوصاً كتابه الأول وعنوانه: «فلسفة في التاريخ أيضاً، من أجل تنشنة الإنسانية، (سنة ١٧٧٤) لكنه لم يكتب كتاباً برأسه في فلسفة الدين، أو في مجمل معتقداته الدينية . ولهذا يصعب تحديد موقفه الديني بشكل مفصل. ومكانته بين اللاهوتيين في عصره قد غطى عليها اشليرماخر. وأهميته في علم اللاهوت تكاد تنحصر في تطبيقه للنظرة التاريخية
على تفسير العقيدة المسيحية، وتفسير الكتاب المقدس وهذا هو ما تميز به على اللاهوتيين التنويريين مثل أرنستي Ernesti وزملر Semler .
لقد أوتي هردر، بفضل عمق نظراته التاريخية، القدرة على فهم الموقف التاريخي واللغة المجازية التي استخدمها الكتاب المقدس بطريقة جديدة وبحيوية أصيلة . واستطاع أن يفسر الشعر الوارد في الكتاب المقدس، وخصوصاً «المزامير» . وكان هردر أول من أدرك ما في «إنجيل يوحنا» من صور وتصورات مجوسية (بارسية) وفي نقده للأناجيل أدرك أهمية إنجيل مرقص، والطابع غير التاريخي لكثير من المواضع في إنجيل يوحنا وأهمية هردر في ميدان اللاهوت تقوم أساساً في كونه كان الرائد لفهم جديد للأناجيل
وكان هردر خصماً للاهوت الذي استند إلى مثالية كنت، لأنه كان يشك في دعوى كنت وجود مبادىء قبلية للعقل المحض. ورأى أن الإيمان إدراك للوحي. وأكد أن الله ليس فكرة ميتافيزيقية عن المطلق أو تصوراً حدياً ميتافيزيقياً ، كما أنه ليس المعنى الباطن أو الخلفية لقانونية أخلاقية بل الله يتجلى كقوة أولية لكل حياة. والإنسان في واقعه التاريخى الفردي محدود، ولكنه فى فردانيتهم قادر على أن يعكس القوة الأولية الإلهية، وأن يجعل من حياته الدنيوية رمزاً على الحياة الإلهية. ويؤكد هردر أن «الآخرة» هي قوة «الدنيا»، ويمكن إدراكها بالشعور والشعور ليس وظيفة نفسية ثالثة (إلى جانب العقل النظري والإحساس)، بل هو الفعل الأولي للروح الإنسانية بعامة. الطبيعة والروح، الخلق والتاريخ ليسا أضداداً نهائية، بل هي ترتبط مع بعضها البعض بواسطة القوة الأولية لإلهية والطبيعة ليست I في المقام الأول ٠ موضوع العلوم الوضعية، بل هي الحياة الخلاقة بوصفها التجلي الذاتي للخالق والروح ليست هي العقل المستنير، بل هي قوة الحياة الناشئة عن لإرتباط مع الأصل الأول
وفيما يتصل بيسوع المسيح يميز هردر -على نحو أقوى مما فعل رجال التنوير - بين «إيمان بيسوع» و«الإيمان بيسوع"، وبهذا استبق هرنك Harnack في قوله بازدواجية الإنجيل ومااجتذبه خصوصاًهوالحياة الإلهية ليسوع، إذ رأى فيها سمواً أخلاقياً وإنسانية كاملة.
أما الأقوال الخاصة بعمل المسيح في خلاص البشر فإها فيمرتبة ثانوية
وعند هردر أن سلطان «الكتاب المقدس» إنما يقوم على أساس أنه مفهوم «إنسانيا» وأنه تاريخ يخاطب قلب الإنسان، وأن حياة المسيح نموذج للإنسانية الكاملة. («مجموع مؤلفاته» ح٢٠ ص١٧٧ وما يليها). والوصول إلى هذه النتيجة إنما يتحقق بالفهم الفلسفي واللغوي وفقا للقواعد وبطريقة منهجية والأناجيل هي تعبير عن المقاصد التي توخاها مؤلفها الإنساني. ومعنى هذا أن هذه المقاصد لا ترجع إلى وحي فوق الطبيعي، بل هي ترجع إلى «استلهام» صادر عن اله (ح٢٠ ص٤٨ ، ص٥ ١٢ وما يليها).
والمركز الرئيسي لأبحاث هردر في اللاهوت هو العلاقة بين الوحي، والكتاب المقدس، والعقل. أما مسائل التثليث، وحقيقة المسيح فقد انصرف عنها ولم يتوغل في البحث فيها، بل طرحها صراحة («مجموع مؤلفاته» ح٢٠ ص١٧٣ وما بعدها). ولكن ذلك لم يكن بسبب إنكار للوحي الإلهي، وبسبب نزعة عقلية.
والله - في نظر هردر - هو الواحد الأعلى الحي الفعال. وهو القوة الأولية Urkraft التي تتجلى على أشكال لامتناهية. وهو لا يقبل القسمة في العالم، ولا يمكن تصوره على هيثة شخص. ويناظر أبدية الله العالم بوصفه نظام الأشياء الغائية، التي هي أيضاً تعبيرات عديدة عن القدرة الإلهية، وتجليات لفعل اله في العالم وعقل اله يبرهن على وجوده في نظام العالم وسيره على قوانين.
والخليقة كلها يسودها التقابل والتضاد، إنها في حرب مستمرة، وفي الوقت نفسه هي في ميلاد متجدد باستمرار، وتسير نحو مزيد من الانسجام. والخطة الرنيسية للتنظيم تتجلى في الطبيعة عند كل الكائنات الحية، حتى إن المثل الواحد يكفي لتفسير الباقي، وعملية التطور نحو هدف التاريخ تكشف عن ثلاثة قوانين أساسية هي : قانون المحافظة على البقاء ، وقانون الارتباط بين الأنواع المتشابهة، وقانون الفصل بين الأشياء المتضادة.
نشرات مؤلفاته
الطبعة النقدية الكاملة Sämtliche Werke قل أشرف عليها B. Suphan وتقع في ٣٣ مجلداً، وظهرت في برلبن من سنة ١٨٧٧ إلى ١٩١٣ وقد أعيد طبعه بالأوفست في مدينة هلدسهيم سنة ١٩٦٧ -١٩٦٨
أما رسائله فنشرت كما يلي:
- «من وإلى هردر" رسائل غير منشورة من تراث هردر، ٣ أجزاء، ليبتسك ١٨٦١ -١٨٦٢.
__ «مراسلات هردر مع نكولاي"، نشرة هوفمان، برلين ١٨٨٧
- «مراسلات هردر مع كارولين فلاكسلاند"، زوجته، وذلك في الفترة بينسنة ١٧٧٠- ١٧٧٣ أي قبلالزواج.فيمار ١٩٢٦-١٩٢٨،
- «رسائل هردر)، بتحقيق W.Dobbek، فيمار ١٩٥٩،
- »رسائلهردر إلى هامان« ، برلين ١٨٨٩.
أبحاث عته
وضع ثبتاً بها M. Fouche في كتابه: «فلسفة التاريخ عند هردر» باريس ١٩٤٠، ص ٦٠١-٦١٨ (رسالة قدمت إلى جامعة استراسبورج ونشرت ضمن منشوراتها) ومن أهم الدراسات اتي كتبت عنه نذكر؟
هردر، يوهان جوتفريد فون
(1744 - 1803م). أحد الكتاب والنقاد والفلاسفة الألمان الأكثر أصالة وتنوعًا. ويمكن أن يلمس تأثيره العميق على العلوم الإنسانية حاليًا. وقد ألهم جوته وكُتَّاب حركة العاصفة والجهد الألمانية الآخرين بأفكار جديدة في الشعر والفن واللغة والدين النصراني والتاريخ. انظر: الألماني، الأدب.
واصل هردر جهود جوتهولد ليسينج في محاولة تحرير الكتاب الألمان من تقليد الكلاسيكية الفرنسية، اعتمادًا على اليونانيين القدامى. وكان يرى أن أعمال شكسبير وأوسيان والشعراء العبريين والأغاني الشعبية تتساوى مع أعمال الإغريق.
وكونت ترجماته لشكسبير وأغاني العديد من الأمم نماذج لترجمات الرومانسيين الألمان الذين تبعوه. وقد أسهم عمله أفكار لفلسفة التاريخ (1784 - 1791م) بنظريات مهمة عن تطور الحضارة. وقد أوضح أن التطور الثقافي جزء من تطور الطبيعة، أكثر من كونه تعبيرًا عن الرغبة الحرة العقلانية للبشر.
وُلِدَ هردر في مورونجن، شرقي بروسيا، ابنًا لمدرس فقير. وفي جامعة كونيجسبرج، درس اللاهوت والفلسفة. وقد كان إيمانويل كانط أحد مدرسيه هناك. وبعد أربع سنوات ناجحة عمل فيها واعظًا ومدرسًا في ريجا وروسيا، رحل هردر عبر أوروبا. وفي ستراسبورج، قابل جوته، وأصبحا صديقين. ومن خلال تأثير جوته، اختير هردر مديرًا عامًا للكنائس وواعظ محكمة في فيمار 1776م.