هربرت ماركوزه
هربرت ماركوزه (أو ماركيوز) (1898 - 1979) (بالألمانية: Herbert Marcuse) فيلسوف ومفكر ألماني أمريكي، معروف بتنظيره لليسار الراديكالي وحركات اليسار الجديد ونقده الحاد للأنظمة القائمة، كان ذا تأثير واسع على حركة تمرد الشباب حوالي سنة 1968 في أوربا وأمريكا. كان عضواً بمدرسة فرانكفورت للنظرية النقدية، هاجر منفياً إلى الولايات المتحدة. و على عكس الآخرين، بقى فى أمريكا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وحافظ على التزامه بالسياسات الراديكالية حتى نهاية حياته. وقد مارس تأثيراً قوياً على أفكار اليسار الطلابى فى الستينيات.
ولد ماركوزه في برلين ودرس في جامعة هومبولت في برلين ثم في فرايبورغ حيث حصل على الدكتوراه. كان شخصية بارزة في معهد البحوث الاجتماعية ومقره فرانكفورت - الذي أصبح يعرف فيما بعد باسم مدرسة فرانكفورت. كان متزوجًا من صوفي فيرتهايم (1924-1951) وإنج نيومان (1955-1973) وإريكا شيروفر (1976-1979). في أعماله المكتوبة، انتقد الرأسمالية والتقانة (التكنولوجيا) الحديثة والمادية التاريخية وثقافة الترفيه، بحجة أنها تمثل أشكالًا جديدة من السيطرة الاجتماعية.
أمضى ماركوزه معظم حياته في الولايات المتحدة الأمريكية. وعمل بين عامي 1943 و1950 في خدمة الحكومة الأمريكية لمكتب الخدمات الإستراتيجية (سلف وكالة المخابرات المركزية) حيث انتقد أيديولوجية الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي في كتاب «الماركسية السوفيتية»: تحليل نقدي (1958). بعد دراسته، في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أصبح معروفًا بالمنظر البارز لليسار الجديد والحركات الطلابية في ألمانيا الغربية وفرنسا والولايات المتحدة. يعتبره البعض «الأب الروحي لليسار الجديد».
يزغت رؤيته للنظرية النقدية من رحم الاتجاه الرئيسى للفلسفة الأوروبية: أعمال هيجل، والفينومينولوجيا والوجودية، والتلاقى ما بين هذه وبعض جوانب الماركسية. وقد غطت كتاباته ميادين السياسة وعلم الجمال فضلاً عن النقد الفلسفى والثقافى، وركزت بصفة خاصة على ما اعتبره التوجهات الشمولية للمجتمعات الحديثة. فالرأسمالية، فى رأيه، تجاوزت الظروف التى حللها ماركس، كما أن الطبقة العاملة فشلت فى أن تتطور إلى قوة ثورية. وكان يراوده الأمل فى أن تطور الجماعات المستبعدة من المجتمع (كالسود والطلاب - ولفترة محدودة من حياتهم على سبيل المثال)، يمكن أن يخلق حساً معارضاً. ومن أهم كتبه: العقل و الثورة (الصادر عام 1941)؛ الذى طور فيه هيجلية نقدية "أو ماركسية سلبية" ووجه نقداً عنيفاً للفلسفة الوضعية؛ وكتابه: الإنسان ذو البعد الواحد (الصادر عام 1964)؛ الذى اهتم فيه بالأساليب التى تحد بها الرأسمالية الحديثة من إمكانية المعارضة؛ وكتاب الحب والحضارة، (الصادر عام 1955)؛ والذى يستلهم بعض الأفكار الميتافيزيقية من فرويد، وبخاصة فكرته عن غريزتى الحياة والموت، ليوجه نقداً للأسلوب الذى تتحول به الثقافة الحديثة وتؤدى إلى اغتراب الرغبة. وما يزال كتاب ألاسدير ماكنتير، "ماركيوز" (الصادر عام 1975) هو أفضل عرض لأفكاره على الرغم من نزعته التشككية الزائدة.
السيرة الذاتية
ولد هربرت ماركوزه في برلين في 19 يوليو سنة 1898 لعائلة يهودية، وخدم في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى، وتتلمذ في جامعة فرايبورغ (جنوبي ألمانيا) على كل من هُسِرل وهيدجر. والأخير هو الذي أشرف على رسالة الدكتوراه المؤهلة للتدريس Dr. Habil عام 1922 وكانت بعنوان: «أنطولوجيا هيجل ونظرية التأريخية» (نشرت سنة 1932؛ وترجمت إلى الفرنسية سنة 1972).
وعمل بعدها لغاية عام 1928 في بيع الكتب ثم انضم إلى مساعدة مارتن هايدجر في دراساته. واشترك مع ماكس هوركهمر Max Horckheimer في تأسيس «معهد البحث الاجتماعي» في فرانكفورت (والذي كان يشكل جماعة فكرية ذات توجه ماركسي)، قبل أن ينقل نشاطه منذ عام 1933 إلى نيويورك، حيث قام الحزب الاشتراكي القومي (الحزب النازي) بعد توليه السلطة بإغلاق المعهد. واضطر ماركوزه - بوصفه يهودياً ذا اتجاهات يسارية - إلى مغادرة ألمانيا غداة تولي هتلر مقاليد الحكم في ألمانيا (في 30 يناير سنة 1933) وأقام فترة من الوقت في سويسرا، ثم استقر به المقام منذ سنة 1934 في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث استأنف نشاطه في ذلك المعهد في جامعة كولومبيا. ولحق به أدورنو Theador W. Adorno وحصل على الجنسية الأمريكية في سنة 1940. وهنا في الولايات لمتحدة لم يقتصر نشاطه على الفلسفة، بل امتد خصوصاً الى السياسة النشطة، حيث عمل خلال الحرب العالمية الثانية في أجهزة الاستخبارات الحربية الأمريكية (مكتب المعلومات الحربية ومكتب الخدمات الاستراتيجية) في الدعاية المضادة للنازية وتفكيك النازية. وعمل من سنة 1942 إلى 1950 رئيسا لقسم «الخدمات الاستراتيجية»، ومهمة هذا القسم كانت مكافحة التجسس. ثم اشتغل في «معهد الدراسات الروسية» التابع لجامعة هارفرد ابتداء من سنة 1951.
خلال الخمسينات درّس الفلسفة والسياسة بشكل متتابع في جامعات كولمبيا وهارفارد وبرانديس وفي جامعتي كاليفورنيا. وعين في سنة 1954 أستاذاً للفلسفة السياسية في جامعة برانديس Brandéis ( في والتم Waltham بولاية ماساشوستس بأمريكا). وابتداء من سنة 1965 قام بالتدريس في جامعة سان ديجو التابعة لجامعة كاليفورنيا. كذلك قام في الخمسينات والستينات بزيارات كثيرة لألمانيا، حيث ألقى محاضرات في عدة جامعات ألمانية، خصوصاً جامعة فرنكفورت وجامعة برلين الغربية.
رغم أن ماركوزه غادر ألمانيا إلا أنه بقي عضواً في جماعة فرانكفورت الثقافية مع ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو وكان يمثل الجناح اليساري فيها. تأثير ماركوزه على القيادات الطلابية ظهر في الاحتجاجات الطلابية التي عمت جامعات أميركا وأوروبا خلال أواخر عقد الستينات، وقد ركز في كتاباته على نقد الرأسمالية وتجديد الأطروحات الماركسية مثل أن أهم تهديد للأنظمة القائمة سيأتي من الطلاب والأقليات في المجتمع وليس من طبقة العمال التي تطويعها من خلال النمط الاستهلاكي وتحقيق احتياجاتها السطحية لتكون خاضعة للأوضاع القائمة والتركيز على البعد الفردي خلال النسق الماركسي.
توفي ماركوزه في استارنبرج (قرب ميونخ في جنوبي ألمانيا) في 29 يوليو عام 1979 بسكتة دماغية أثناء زيارته لألمانيا، وكان برفقته يورغن هابرماس وهو منظر من الجيل الثاني من جماعة فرانكفورت
فلسفته وأفكاره
كتب مجموعة من المقالات في الثلاثينيات من القرن الماضي، وخاصة كتابه: «العقل والثورة» (1941م)، داعيا إلى نظرية اجتماعية جدلية مناقضة للعلم الاجتماعي الوضعي كما عند أوجست كونت، وشتال، وفون شتاين خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي؛ لأنها كانت تماثل بين دراسة المجتمع ودراسة الطبيعة. وما يلاحظ على ماركوزه أنه بنى نظريته الجدلية على أفكار هيجل، وحول فكر ماركس إلى هيجيلية راديكالية، فحصر اهتمامه في نقد أصول الفلسفة الوضعية والعلم الاجتماعي.
وقد عرف ماركوزه بعدائه الشديد للهيمنة التقنية، وكان يعتبر العقل المنغلق سببا في استلاب الإنسان، وتحويله إلى آلة انتاجية ليس إلا. ومن ثم، فقد بلور ماركوزه فلسفة تشاؤمية بسبب اغتراب الإنسان في المجتمع الصناعي الحديث الذي تغلب عليه التقنية، ويضيع فيه الإنسان باعتباره ذاتا وكينونة ووجودا، وهي نفس النزعة التشاؤمية الموجودة عند ماكس فيبر، ويرجع هذا التشاؤم إلى شعور فئة معينة من المجتمع، أي: الشريحة العليا المثقفة من الطبقة الوسطى، أو الصفوة المثقفة بالإحباط وخيبة الأمل.
وقد بين ماركوزه في كتابه: «الإنسان ذو البعد الواحد» باختفاء الدور التاريخي الفعال للطبقة البورجوازية والطبقة البروليتارية على حد سواء، وهناك قوة واحدة مخفية متحكمة في مسار هاتين الطبقتين معا هي العقلانية العلمية التقنية. وليست هناك طبقة معارضة، فقد تم استيعاب الطبقة العاملة واسترضاؤها من خلال تحفيزات مادية استهلاكية، وترشيد عملية الإنتاج ذاتها. وقد أثارت أفكار ماركوزه: «استجابة سريعة لدى حركة الطلبة الأمريكية في أواخر الستينيات بمعارضتها للنظام، ولدى حركات طلابية أخرى في دول أوروبية شتى إلى حدما. لكن الحركات الاجتماعية في ذلك الوقت كانت جميعها واقعة تحت تأثير تحليلات متنوعة عن البنية الطبقية المتغيرة، وعن مغزى التكنوقراطية والبيروقراطية، التي قدم علماء الاجتماع إسهامات ملحوظة بصددها».
وتتركز أفكار هربرت ماركوزه سياسيا حول ثلاث قضايا شائكة: دور الطلاب في العالم الرأسمالي، والحركة الطلابية في فرنسا عام1968م، ودور الطبقة العاملة الحديثة في الغرب.
هذا، وقد آمن ماركوزه بقوى ثورية جديدة ستظهر في المستقبل داخل المجتمع الحديث، وسيتم التحرر الاجتماعي عن طريق الإشباع الجنسي كما يبين ذلك في كتابه: «الحب والحضارة». وقد برهن فيه سيكولوجيا : «بأن تجاوز الندرة المادية في المجتمعات الصناعية المتقدمة، سيخلق الشروط المناسبة لإحراز البشر هدفهم في السعادة من خلال التحرر الجنسي، وتفوق مبدأ المتعة، الذي تصوره كأساس للانعتاق الشامل المؤثر في كافة العلاقات الاجتماعية».
نقد المدنية الصناعية والتحرر
اشتهر مركوزه بكتابين (1) «الإيروس والمدنية» ثم (2) «الإنساني الأحادي البعد». والموضوعان الرئيسيان اللذان يطرقهما في هذين الكتابين هما:
١ - نقد المدنية الصناعية، خصوصاً كما تتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية؛
٢ - الدعوة إلى مدنية قائمة على نظم متحررة من ألوان القهر الاجتماعي والسياسي في مختلف صوره,
وهو في مجمل آرائه قد تأثر بثلاثة مفكرين هم: هيجل، كارل ماركس، وفرويد. لكنه ينقدهم جميعاً، على تفاوت في درجات هذا النقد. وعلى الرغم من قول البعض إنه تأثر يهيدجر بوصفه قد كان تلميذاً له في جامعة فيرايبورج، فإننا لم نجد في مؤلفاته وتحليلاته أي تأثيريستحق الذكر لهيدجر أو للوجودية بعامة في فكره.
ينقد مركوزه المجتمع الأمريكي بوجه خاص، لأنه مثل النموذج الأوضح للمجتمع الصناعي في العصر الحاضر. لقد اتخذت المغايرة alienation فيه شكلاً مختلفاً عن ذلك الذي تصوره لها كارل ماركس، أعني استغلال عمل العامل لصالح رب العمل. وقام، خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية، بنوع آخر من استعباد الانسان في المجتمع، نتج خصوصاً عن شركات الإنتاج الاستهلاكي العظمى، وما تتبعه من وسائل لترغيب المستهلك. فمثلاً تقوم هذه الشركات بدعايات هائلة من أجل تسويق منتجاتها، بأن تخلق في نفس المستهلك رغبات جديدة، ما تلبث أن تصبح عادات قوية التأثير تسيطر على تفكير الانسان، فيستعبد لها. خذ مثلاً شركات إنتاج السيارات: إنها بدعاياتها الهائلة المركزة المتكررة توهم المستهلك، حتى لو كان فقيراً، أن السيارة الزم لوازمه، وأنه باقتنائه لسيارة سينال القدر الأدنى من السعادة: فيسهل أعماله، وينال مركزاً أرفع في نظر الناس، وتختفى متاعبه. حتى إذا ما اشترى سيارة بالفعل، سرعان ما يتبين له بعد قليل أنه خدع تماماً. إذ تبرز له مشاكل القيادة في شوارع مزدحمة جداً، ومتاعب إيجاد موفف لسيارته، ومتاعب تصليحها وتغيير ما يفسد من آلاتها، وارتفاع نفقات سيارته، إلخ. وهكذا بدلاً من أن تحقق له السيارة الراحة بل والمتعة وسرعة إنجاز الأعمال والاستمتاع بمناظر الطبيعة الحلابة، يجد نفسه مرهق بالزحام، محصوراً بين غابات من السيارات، لا من الأشجار الجميلة، معذباً بمتاعب المرور، إلخ. وهذا المثل يمتد إلى سائر ما يعرضه المجتمع الاستهلاكي من اختراعات وسلع استهلاكية. لقد تحول بها الإنسان إلى إنسان ذي بعد واحد، أي لا يرى وسيلة للحياة الانسانية غير هذا النمط من الحياة.
فكيف يمكن إنقاذ الإنسان من هذا الوضع؟ وأي نوع من المجتمع يدعو إليه مركوزه؟
هنا يظهر تأثير فرويد الحاسم في تفكير مركوزه. لقد رأى فرويد أن الانسان في المجتمع فريسة كبت شديد يفرضه المجتمع على الفرد. والسبب في هذ أن ميول الإنسان الطبيعية: من شهوة للتملك، وحقد، وغريزة الموت، وغريزة الجنس - هو غير اجتماعي بطبعه. ولكي يعيش في مجتمع، لا بد له من كبت هذه النوازع والغرائز والميول. وإلا لما أمكن أبداً قيام مجتمع. وهوما يبرر قيام الشريعات الي تقهر الفرد على التزام قواعد معينة، وهو الأصل في معظم النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
لكن مركوزه لا يلبث أن يتحول عن فرويد إلى كارل ماركس فيعد القهر الاجتماعي وليد الفقر ونقص أدوات إشباع الحاجات، ويزعم أن القهر الاجتماعي ناتج عن اضطرار الإنسان إلى العمل وما ينجم عن ذلك من مغايرة للعامل تجاه عمله واستغلال من جانب أرباب العمل! وإذن فالحل ليس كما يزعم فرويد - وهو ضرورة الكبت والاستسلام - بل الثورة التي تؤدي إلى توفير كل السلع الاستهلاكية مع تقليل العمل الإنساني إلى أقل درجة ممكنة. وهكذا يلتقي مركوزه مع الشيوعيين الحالمين والماركسيين الخياليين الذين دعوا إلى توفير أكبر قدر من السلع الاستهلاكية! لكنهم عند التطبيق جعلوها أندر بألف مرة ما كانت عليه من قبل.
ومن ناحية أخرى يرى مركوزه أن تحرير المجتمع لن يتم إلا بتحرير «الايروس» أي الغريزة الجنسية من كل القيود، وتحقيق كل نوازعها بغير حدود. وزعم بعد ذلك أن هذا التحرير بواسطة الايروس هو في الوقت نفسه تحرير للخيال. ذلك أن ديكارت وكنت ومن سار في إثرهما رأوا في الخيال أنه العقل بوصفه متوجهاً نحو الجسم وأنه الرابطة بين المحسوس والمعقول: فأفاد مركوزه من هذه الفكرة من أجل تشخيص وعلاج مجتمعه المتحرر فقال إن الحساسية ينبغي أن تنقاد للخيال بدلاً من انقيادها لسيطرة العقل «الزائفة»، إذ سيتولى الخيال التوسط بين الملكات العقلية والحاجات الحسية. وبالإروس يحقق الإنسان أخيراً وجوداً مستريحاً يشيع فيه السلام.
وهذا التحرير الكلي للانسان لا تستطيع تحقيقه الطبقة العاملة بما أنها اصبحت مندمجة في الرأسمالية شيئاً فشيئاً، بل سيقوم به الثائرون الجدد وهم كل المضطهدين في العالم وكل المحرومين والمهانين والمستضعفين في الأرض، ثم التلاميذ الذين ينحدرون من الطبقة الوسطى!!
أهم كتبه
عبر ماركوز عن آرائه في الفلسفة الاجتماعية من خلال أهم كتبه:
العقل والثورة (بالإنجليزية: Reason and Revolution) 1941
دراسة جدلية في النظريات الاجتماعية لهيغل مع اعادة تفسيرها وتتبعها عبر كيركغور وفيورباخ وماركس وتبيين أثر هيغل في النظريات الاجتماعية خلال الثلاثينات وربطها بنشوء النظريات الفاشية.
الحضارة والرغبة 1955 (بالإنجليزية: Eros and civilization)
الماركسية السوفياتية (بالإنجليزية: Soviet Marxism) 1958
في هذا الكتاب انتقد ماركوز التطبيق السوفياتي للماركسية واشار إلى اتجاهات تحررية داخل النظام السوفياتي تحققت في الثمانينات في عهد غورباتشوف.
يميل ماركوزه في كتابه هذا إلى المقارنة الدائمة بين التجربة الأمريكية والتجربة السوفيتية، ويصر على تأكيد وجود أوجه شبه قوية بين النظامين، على الرغم من مما بينهما من تضاد ظاهري، ومحاولة ملحة لإثبات أن «الجنة السوفيتية» ليست على الإطلاق أفضل من «الجحيم الأمريكي الرأسمالي» بل أنها تتضمن كل عناصر القمع والاستبداد والتحكم في الإنسان، التي تنطوي عليها المجتمع الرأسمالي (مضافاً إليها - بالطبع - أن الاستبداد في حالة هذا المجتمع الأخير يمارس في إطار ظاهري مخفف من الحريات الليبرالية، ومن خلال إغراق الطبقة الثورية المحتملة في النعم الاستهلاكية التي يفتقر إليها، في معظم الأحيان من يعيشون في ظل النظام السوفيتي).
الإنسان ذو البعد الواحد 1964 (بالإنجليزية: One Dimentional Man)
وهو أهم أعماله على الإطلاق بحيث وجه فيه نقداً مشتركاً للمجتمعات الرأسمالية والشيوعية بحيث ان المجتمعات الصناعية الحديثة خلقت احتياجات وهمية للإنسان ومن خلال أجهزة الاعلام والإعلانات تم توجيه جميع الأفراد للفكر الاستهلاكي.
فلسفة النفي
امتاز ماركوزه منذ بداية أعماله الفلسفية باتجاه عقلاني صارم، فكانت النظرية النقدية في مواجهة المثالية والذاتية والبرجوازية محاربة إياها في أكثر المواضيع خصوصية مثل: الماهية والوجود، العقلاني واللاعقلاني، المادية والمثالية.
وجوهر النقد التاريخي لفلسفة ماركوزه الثورية: نظام الإنتاج الرأسمالي والعلاقات الاجتماعية فيه.