هاينريش هيرتز
هاينريش رودولف هيرتز (بالألمانية: Heinrich Rudolf Hertz). (هامبورغ، 1857 - بون، 1894) هو فيزيائي ألماني، سميت وحدة الهرتز باسمه (وحدة تستخدم لقياس تردد الموجات والاهتزازات). أثبت بتجاربه وجود الأمواج الراديوية وبين أن خصائصها شبيهة بخصائص الأمواج الضوئية.
وقد كان لتجاربه فضل كبير في اختراع التلغراف اللاسلكي، وفتح هرتز الطريق أمام تطوير المذياع والتلفاز والرادار باكتشافه الموجات الكهرومغنطيسية بين عامي 1886م و1888م. وكان جيمس كلارك ماكسويل قد تنبأ بهذه الموجات عام 1864م. قام هاينريش رودولف هيرتز بتنقيح وتوسيع نظرية ماكسويل الخاصة بالنظرية الكهرومغناطيسية للضوء والتي تم شرحها لأول مرة من قبل ديفيد ادوارد هيجز.
استخدم هرتز شرارة كهربائية سريعة التذبذب لإحداث موجات ذات تردد فوق عالٍ. وبيَّن أن هذه الموجات تسبب ذبذبات كهربائية مماثلة في حلقة سلكية بعيدة، وبيَّن أيضًا أن الموجات الضوئية والموجات الكهرومغنطيسية متطابقة.
ولد هيرتز في هامبورغ بألمانيا في 22 فبراير 1857 لجوستاف هيرتس وآنا هيرتس. تلقى دراستة الثانوية في هامبورغ، وأبدى أثناء دراسته تلك اهتمامًا خاصًا بدراسة العلوم واللغات، وشرع في تعلم اللغتين العربية والسنسكريتية.
حصل هيرتز على الدكتوراة من جامعة برلين سنة 1880 وأصبح محاضر فيزياء نظرية في جامعة كيل. في سنة 1885 أصبح بروفسورا في جامعة كارلسروهه.
كان لديه دائما اهتماما عميقا في مجال الأرصاد الجوية ربما كانت مستمدة من اتصالاته مع فيلهلم فون بيزولد (الذي كان أستاذ هيرتز في دورة المختبر في معهد البوليتكنيك في ميونيخ في صيف عام 1878). ومع ذلك لم يساهم هيرتز كثيرا في هذا المجال نفسه باستثناء بعض المواد في وقت مبكر كمساعد لهيلمولز في برلين، بما في ذلك البحث عن تبخر السوائل، نوعا جديدا من أجهزة قياس الرطوبة، ووسيلة الرسوم البيانية لتحديد خصائص الهواء الرطب عندما بتعرض لتغييرات ثابت الحرارة.
السيرة الذاتية
ولد هاينريش رودولف هرتز في عام 1857 في مدينة هامبورغ، دولة ذات سيادة في الإتحاد الألماني، في عائلة هانزية مزدهرة ومثقفة. كان والدة غوستاف هرتز فرديناند (أسمه الأصلي ديفيد غوستاف هيرتز) محاميا، وعضوا في مجلس الشيوخ فيما بعد. وكانت والدته آنا إليزابيث بفيفيركورن.
جد هرتز الأكبر(والد جده)، دافيد هاينريش هرتز (اسمه الأصلي هرتز هرتز) (1797-1862)، كان رجل أعمال، بينما كان جدته (من ناحية الأب) بيرثا بيتي اوبنهايم ابنة المصرفي الشهير سالمون اوبنهاين الأبن من كولونيا.
الجد الرابع لهرتز، ديفيد وولف هرتز (1757-1822)، الأبن الرابع لبنيامين وولف هرتز إنتقل من هامبورغ في عام 1793، ليبدأ حياته كجوارهجي، دفن ديفيد وزوجته سكوني هرتز (1760-1834) في مقبرة يهودية في أوتينسن. كان إبنهما الأول ولف هرتز (1790-1859) رئيسا للمجتمع اليهودي. في عام 1834 تحول كل من هاينريش رودولف هرتز الأب وأجداده من اليهودية إلى المسيحية في عام 1834. كانت عائلته من جانب الأم لوثرية.
أظهر هاينريش رودولف هرتز أثناء دراسته في جوهانيومس جيليهرتينشولي في هامبورغ نبوغه في العلوم واللغات خصوصا العربية والسنسكريتية. درس هرتز العلوم والهندسة في مدن ألمانيا كدرسدن وميونيخ وبرلين، درس هناك تحت غوستاف روبرت كيرشهوف، وهرمان فون هلمهولتز. في عام 1880، حصل هرتز على شهادة الدكتوراة من جامعة هومبولت في برلين، ثم أمضى ثلاثة أعوام يعمل مع هرمان فون هلمهولتز كمساعد له. في عام 1883، حصل هرتز على وظيفة كمحاضر في الفيزياء النظرية في جامعة كيل. في عام 1885، أصبح هرتز أستاذا متفرغا في معهد كارلسروه للتكنولوجيا.
في عام 1886 تزوج هرتز من إليزابيث دول، ابنة الدكتور ماكس دول، المحاضر في الهندسة في معهد كارلسروه للتكنولوجيا. أنجبوا إبنتين جوهوانا التي ولدت في 20 أكتوبر عام 1887 وماتيلد التي ولدت في 14 يناير عام 1891، والتي أصبحت بيولوجية مشهورة. خلال هذه الفترة أجرى هرتز أبحاثة عن الموجات الكهرومغناطيسية.
حصل هرتز على منصب أستاذا في الفيزياء ومدير لمعهد الفيزياء في جامعة بون في 3 إبريل عام 1889، بقى في هذا المنصب حتى يناير 1894. خلال هذه الفترة عمل على الميكانيكا النظرية ونشر أعماله في كتاب بعنوان مبادئ الميكانيكا في شكل جديد. نشر هذا الكتاب بعد وفاته في عام 1894.
الوفاة
في عام 1892، شخص مرض هرتز بأنه عدوي (بعد معاناته مع صداع نصفي شديد)، وخضع للعديد من العمليات لعلاج مرضة. توفي هرتز بورام حبيبي ويغنري عن عمر يناهز 36 عاما في بون، ألمانيا في عام 1894، ودفن في مقبرة Ohlsdorf في هامبورغ.
لم تتزوج زوجتة إليزابيث هرتز ني دول (1864-1941) بعد وفاته. توفى هرتز تاركا خلفه إبنتيه جوهانا (1887-1967) وماتيلد (1891-1975). لم تتزوج بنات هرتز ولا يوجد أحفاد له.
الأعمال العلمية
الأرصاد الجوية
دائما ما كان لهرتز اهتماما كبيرًا بعمليات الأرصاد الجوية، ربما بسبب إتصاله مع فيلهلم فون بيزولد (كان أستاذا له في معمل بمعهد ميونخ في صيف عام 1878). لم يساهم هرتز كثيرا في هذا المجال كثيرا بإستثناء بعض المقالات المبكرة أثناء عمله كمساعد هلمهولتز في برلين، مع أبحاثا عن تبخر السوائل، ونوع جديد من جهاز قياس الرطوبة، وطريقة بيانية لتحديد خصائص الهواء الرطب عندما يتعرض لتغيرات عند ثبات درجة الحرارة.
ميكانيكا الإتصال
في الفترة ما بين عام 1886 وعام 1889، نشر هرتز مقالين عن ما الذي يجب أن يكون معروفا في مجال ميكانيكا الإتصال. كان هرتز معروفا جيدا بإسهاماته في مجال الديناميكا الكهربائية، ومع ذلك معظم الأوراق التي تهتم بطبيعة ميكانيكا الإتصال أخذت ورقتين هرتز كمصدر هام لبعض الأفكار. جوزيف فالنتين بوسينيسق نشر بعض الملاحظات هامه عن أعمال هرتز، وأعتبرت هذه الملاحظات ذات أهمية كبيرة في ميكانيكا الإتصال.
وضح هرتز من خلال أعماله سلوك كائنين شبة متماثلين متصلين عند التحميل، وحصل على النتائج معتمدا على النظرية الكلاسيكية لميكانيكا المرونة والإستمرارية. أهم أسباب فشل هذه النظرية هو إهمالة لطبيعة الإتصال بين المواد الصلبة. كان من الطبيعى أن تهمل هذه الطبيعة في ذلك العصر لعدم وجود طرق تجريبية لاختبارها.
لتطوير نظريته استخدم هرتز ملاحظاته عن حلقات نيوتن الإهليلجية المتشكلة عند وضع كرة زجاجية على عدسة كأساس لها، مفترضا أن الضغط الذي تمارسه الكرة يتم توزيعه على شكل قطع ناقص . واستخدم حلقات نيوتن مرة أخرى أثناء محاولاته لإثبات صحه نظريتة باستخدام تجارب لحساب الإزاحة التي سببتها الكرة. هذه النظرية كأساس ومرجع لهم عند حسابهم الإزاحة النظرية في نظرية الإلتصاق في عام 1971.
تعتبر نظرية هرتز خارجة عن السياق إذ أعتبر إلتصاق المواد بصفر (المادتين غير متصلتين). في عام 1975 نشر كلا من بوريس فلاديميروفيتش ديرجاجوين، مولر وتوبوروف افتراضات مختلفة التي أصبحت معروفة في الأوساط البحثية باسم نظرية DMT. لتصبح مع نظرية JKR أساس نظرية ميكانيكا الإتصال عند أي مرحلة انتقال.
اكتشاف هاينريتش هيرتز للموجات اللاسلكية
ليس هناك شك في أن الجميع يعرف اليوم العالم الفيزيائي الألماني هاينريتش هيرتز الذي تم إطلاق اسمه على وحدة التردد، وهي عبارة عن عدد المرات التي يحدث فيها شيء ما في الثانية الواحدة. فالساعة في معالج تردده يبلغ واحد جيجا هيرتز في جهاز الكمبيوتر تدق ألف مليون مرة في الثانية الواحدة. ووقتها نال هيرتز شهرة كبيرة باكتشافه الموجات الهيرتزية، على الرغم من أنه هو نفسه كان يشك في أنه من الممكن أن تكون لهذه الموجات أية قيمة. أكد اكتشاف ما نطلق عليها اسم الموجات اللاسلكية ما تنبأ به العبقري الاسكتلندي جيمس كلارك ماكسويل (١٨٧١)، الذي اعتقد أن الشرارات الكهربائية من الممكن أن تسبب إشعاعا مماثلا للضوء وينتقل يالسرعة نفسها.
للتأكد من توقعات ماكسويل، أعد هيرتز فجوة ضيقة بين قضيبين معدنيين، وقام بتثبيتهما في ملف حثي، وهو شكل من أشكال المحولات (١٨٣١). كان الجهد الخارج من املف عاليا بدرجة كافية لتقليل مقاومة الهواء. وقال إن الشرارات من الممكن أن تقفز إلى الأمام وإلى الخلف عبر الفجوة ("جهاز الإرسال")، وربما تنشئ الموجات التي توقعها ماكسويل. ولحصر تلك الموجات، إذا كان هناك أي منها، وضع هيرتز حلقة من السلك بها فجوة صغيرة (جهاز الاستقبال). ومن المؤكد أنه عندما كانت الشرارات تتدفق عبر الفجوة في جهاز الإرسال، كانت الشرارات الأصغر تقفز على الفجوة الموجودة في جهاز الاستقبال في الوقت نفسه. ومن الواضح أنه كان هناك شيء ما يحمل الطاقة عبر الغرفة.
بعد ذلك، أطلق هيرتز طاقته الجديدة من لوح مجدني على الجدار البعيد وقام بتحريك جهاز الاستقبال إلى الأمام وإلى الخلف بين المرآة وجهاز الإرسال. فوجد أماكن في الغرفة عثر فيها جهاز الاستقبال على الكثير من الشرارات، وأماكن أخرى لا توجد بها شرارات على الإطلاق. وكانت هذه الشرارات مثل الأهداب المضيئة والمظلمة التي رآها توماس يونج في تجربته "الشق المزدوج" (١٨٠١) كنتيجة للتداخل بين شعاعين من الضوء، وكانت دليلا واضحا على أن الضوء عبارة عن موجة. كذلك، فقد سمحت هذه الشرارات للعالم يونج قياس إلى أي مدى تنفصل ذروة الموجات عن بعضها (طول الموجات).
لقد فعل هيرتز الشيء نفسه مع موجاته الجديدة. فقد استطاع التعرف على ترددات الموجات من خصائص الملف الحثي. واكتمل الاكتشاف عند إجرائه للعملية الحسابية المتمثلة في أن حاصل ضرب التردد وطول الموجة ينتج عنه مقدار السرعة. فانتقلت الموجات الجديدة بسرعة الضوء نفسها، وكانت بالفعل هي ما توقعه ماكسويل. وأوضحت التجارب التالية أن تلك الموجات من الممكن أن يحدث لها انعكاس وانكسار تماما مثل الضوء.
انطلاقا من هذه البدايات، ظهرت تكنولوجيا الراديو، بدءا بعمل الإيطالي جوليلمو ماركوني (١٨٩٥). فعلى مدى أجيال تالية، وبعد مرور وقت طويل على اكتشاف طرق أفضل لتجهيز هذه الموجات، عرف جهاز اللاسلكي الموجود على السفن باسم جهاز "الشرارات".
الإضطهاد النازي
كان هاينريش هرتز لوثري طوال فترة حياته، ولا يعتبر نفسه يهودي، وتحولت عائلة والده كلها من اليهودية إلى اللوثرية، عندما كان والده في السابعة من العمر في عام 1834. تمت إزالة صورة هرتز من مبنى البلدية (Rathaus) في مدينة هامبورغ عندما تولى النظام النازي الحكم بسبب انتسابة الجزئي لليهودية.
هاجرت أرملة هرتز وبناته إلى إنجلترا في ثلاثينات القرن الماضي.
الأرث والتكريم
حصل ابن اخ هنريك هيرتز جوستاف لودينج هرتز على جائزة نوبل، كما إخترع ابنه كارل هيلموت هيرتز تخطيط الصدى الطبي.
خلدت نظام الوحدات الدولي (SI) اسم هيرتز بجعله وحدة قياس التردد في اللجنة الكهروتقنية الدولية عام 1930، وهو يعبر عن عدد الدورات التي تحدث في الثانية الواحدة. تم اعتماد هذه الوحدة في المؤتمر العام للأوزان والمقاييس CGPM وبذلك إنتهي استخدام واحدة "دورة لكل ثانية" (cps) .
في عام 1928 تم تأسيس معهد هينريش هرتز للتذبذبات في برلين. ويعرف الآن باسم معهد فراونهوفر للاتصالات السلكية واللاسلكية، معهد هينريش هيرتز، HHI.
في عام 1969 في ألمانيا الشرقية تم تخصيص ميدالية تذكارية باسم هاينريش هيرتز. كما أنشئ وسام هاينريش هيرتز من جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE) في عام 1987، وهو وسام سنوي يعطى للإبحاث البارزة المتعلقة بالموجات.
أطلق اسم هرتز على إحدى فوهات القمر الموجودة في الجانب البعيد من القمر، خلف الجزء الشرقي.
في روسيا يوجد سوق للمواد الإلكترونية بإسمة في نيجني نوفغورود، روسيا.
سمى برج اتصالات في مدينة هامبورغ على إسمه.
تم تكريم هرتز في اليابان أيضا باعتباره عضو في جماعة الكنز المقدس، والتي تحتوى على أهم الشخصيات البارزة التي خدمت البشرية، مثل العلماء.
تم تكريم هاينريش هيرتز في الكثير من بلدان العالم بوضع صورته على طوابع البريد.
في يوم عيد ميلاده في عام 2012، كرمت جوجل هيرتز بدودل عن ملخص عن سيره حياته وأهم أعماله في الصفحة الرسمية لها.
انظر أيضًا
- العلماء
- ماتيلد كارمن هيرتز
- جوزيف فالنتين بوسينيسق
- كينيث لانجستريث جونسون
- قائمة الفيزيائيين
- قائمة المخترعين والمكتشفين الألمان
- فيلهلم فون بيزولد
- بول ديراك
- هنري بيكريل
- إدموند بيكيريل
- أنطوان سيزار بيكريل
- الحياة المبكرة لإسحاق نيوتن
- سارة جونز
- أوول رومر
- إرفين شرودنغر
- جون أرتشيبالد ويلر
- جيمس برادلي
- إدوين بويل هابل
- كريستيان هوغنس
- جوزيه غيبس
- غولييلمو ماركوني
- جاجاديش تشاندرا بوس
- أخرى