كارل شفارتسشيلد
كارل شفارتسشيلد (بالألمانية: Karl Schwarzschild) عالم فيزياء وفلك ألماني (9 أكتوبر 1873م - 11 مايو 1916م) وهو والد عالم الفيزياء الفلكية مارتن شفارزشيلد.
قدم شفارتسشيلد أول حل دقيق لمعادلات اينشتاين للمجال في النظرية النسبية العامة، ذلك الحل كان خاص بكتلة واحدة غير دواره، وقدم قدم هذا الحل عام 1915 وهو نفس العام الذي قدم فيه اينشتاين نظريته النسبية العامة، ويعد حل شفارتسشيلدوالذي يجعل من استخدام إحداثيات شفارتسشيلدومترية شفارتسشيلديؤدي إلى اشتقاق نصف قطر شفارزشيلد وهو عبارة عن حجم أفق الحدث لثقب أسود غير دوار.
نجح شفارتسشيلدفي التوصل إلى هذا الحل عندما كان يخدم في الجيش الألماني أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى، وقد توفي في عام 1916 أي بعد عام من تقديمه لهذا الحل، بسبب تأثره بمرض فقاع المناعة الذاتية، التي طورها خلال وجوده في الجبهة الروسية.
وقد تم إطلاق أسمه على أحد الكويكبات وسمي 837 Schwarzschilda تخليداً لأسمه.
حياته
ولد كارل شفارتسشيلدفي فرانكفورت لأبوين يهوديين، كان لوالده نشاط واسع في مجتمع الأعمال في المدينة، وكان أسلاف أسرته يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر في المدينة، بدأ كارل تعليمه بمدرسة ابتدائية يهودية حتى بلغ 11 سنة، وقد تبين أنه طفل معجزة، لتقديمه ورقتين على المدارات الثنائية في مجال الميكانيكا السماوية نشرت قبل يبلغ ستة عشر عاماً، درس في ستراسبورج وميونخ، وحصل على شهادة الدكتوراه في عام 1896 لأبحاثه على نظريات هنري بوانكاريه.
في عام 1897، بدأ عمله كمساعد في مرصد Kuffner في فيينا.
من عام 1901 وحتى عام 1909 كان أستاذاً بالمعهد العالي في غوتينغن، حيث أتيحت له الفرصة للعمل مع بعض العلماء الكبار في ذلك الوقت منهم ديفيد هيلبرت وهيرمان مينكوفسكي، أصبح شفارتسشيلدمدير مرصد في غوتينغن، وفي عام 1909 تزوج مرة أخرى من Posenbach، ابنة أستاذ الجراحة في غوتينغن، وانتقل في نفس العام إلى بوتسدام، حيث تولى منصب مدير مرصد الفيزياء الفلكية، ثم أصبح فيما بعد أهم علماء الفلك في ألمانيا، كان لديه ثلاثة أطفال أجاثا ومارتن (الذي أصبح أستاذاً لعلم الفلك في جامعة برنستون) وألفريد.
وفي عام 1912م أصبح شفارتسشيلدعضواً بالأكاديمية البروسية للعلوم.
عند اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914 انضم شفارتسشيلدإلى الجيش الألماني على الرغم من أنه قد بلغ أكثر من 40 سنة، خدم على الجبهتين الشرقية والغربية، وحصل على رتبة ملازم أول في سلاح المدفعية.
وبينما كان شفارتسشيلديخدم على الجبهة في روسيا في عام 1915، بدأ يعاني من مرض مؤلم جلدي نادر يسمى الفقاع، ومع ذلك تمكن من إرسال ثلاث ورقات متميزة، اثنان عن نظرية النسبية العامة وواحدة لنظرية الكم، كانت لأوراقه عن النسبية العامة أسهمت في وضع أول الحلول الدقيقة لمعادلات اينشتاين للمجال، وبتعديلات طفيفة لهذه النتائج يمكن الحصول على الحل المعروف الذي يحمل اسمه الآن (مترية شفارزشيلد).
وبعد صراع مع مرض الفقاع أدى في نهاية المطاف إلى وفاة كارل شفارتسشيلدفي 11 مايو 1916.
إسهامات كارل شفار تشايلد في علم الفلك
قام العالم آلبرت اينشتاين بإعادة صياغة الكثير من القواعد الفيزيائية في نظريته النسبية العامة في عام ١٩١٥، والتي تفترض أن المادة تعمل على انحناء مسارات الفضاء. وبعد حوالي عام، بدأت بعض الأفكار التي تتضمنها هذه النظرية في الظهور. فقد تخيل العالم الفيزيائي الألماني كارل شفارتشايلد وجود نجم ضخم تبلغ كتلته أضعاف كتلة الشمس، وبانتهاء مصدر طاقتة يتحطم تماما. ولكن، عندما بدأت المادة المكونة لهذا النجم في التجمع بشكل متناقص، اشتدت قوة الجاذبية في الفضاء، أو أصبحت مسارات الفضاء من حوله كما يقول العالم آينشتاين أكثر التواء. وسوف يتبع هذه المسارات الدائرية المتزايدة آلاف الأشعة الضوئية، التي تحاول الهروب من النجم المنكمش.
في إحدى النقاط الحرجة، ستنغلق المسارات الضوئية على نفسها، بحيث لا يمكن للضوء الابتعاد عنها. فيصبح النجم المنهار ما نطلق عليه اليوم "الثقب الأسود"، والذي تتم إحاطته "بأفق" أو بحد من حدود الجاذبية المحيطة بالثقب الأسود بحيث لا يستطيع الضوء الخروج منه. وداخل هذا الأفق سيتم حجب رؤية كل ما يحدث أو يدور بداخله، حتى الضوء لن يظهر من خلال هذ الأفق. وتعد الثقوب السوداء صغيرة للغاية، وذلك مقارنة بالنجوم التي تتكون منها؛ حيث تمتد لبضع مئات قليلة من الأمتار بدلاً من ملايين الكيلو مترات.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ذكر فكرة وجود مثل هذه الثقوب السوداء. فقد تصور جون ميشيل في القرن الثامن عشر نجما أسود في عام ١٧٨٣ ، معتمدا على آراء العالم نيوتن عن الجاذبية الأرضية. ولكن افتراض العالم كارل شفارتشايلد — المعتمد على أفكار العالم آينشتاين - كان به الكثير من التفاصيل وبعض النتائج المذهلة. لم ير العالم كارل شفارتشايلد دافعا وراء توقف النجم عن الانهيار بمجرد تكون الثقب الأسود. ولذلك، اقترح بعدها أن النجم قد يستمر على الأرجح في الانهيار، بعيداً عن رؤيتنا لهذا الانهيار، حتى يصبح كل من كثافة ومادة هذا النجم داخل ذلك الثقب وقوى الجاذبية وانحناء مسارات الفضاء المحيط بذلك النجم لا نهائيا. ويعد هذا التغير العنيف حالة منفردة، بحيث لا يمكن تطبيق قوانين الفيزياء عليها بأية حال من الأحوال. والمحير في ذلك الأمر هو أن هذا الافتراض للعالم كارل شفارتشايلد لم تتم دراسته بشكل جدي، بل إن مصطلح الثقب الأسود لم يتم استخدامه إلا في عام ١٩٦٨.
من الناحية النظرية على أقل تقدير، يمكن أن تنعكس تلك العملية تماما لتؤدي إلى انبثاق ثقب أبيض، وذلك عن طريق توقف وانبعاث المادة والطاقة من هذه الحالة الفريدة. وتشبه كل هذه الظواهر الفلكية ظاهرة الانبعاث الهائل للمادة والطاقة، التي اتفق على تسميتها بنظرية الانفجار الكوني، التي اعتقد العلماء أنها السبب في نشأة هذا الكون (١٩٥٠).
من بين المفاهيم التي يتم تقبلها بشكل كبير ذلك المفهوم الذي مفاده أن الثقوب السوداء والبيضاء يمكن أن ترتبط معا من خلال ثقوب لولبية، تعمل كأنفاق ومسارات خلال اشلل الحيزي الزمني. ولو فترضنا جدلاً وجود مثل هذه الثقوب اللولبية، فإن استخدام الثقوب اللولبية كممرات للانتقال بسرعات كبيرة للغاية إلى أوقات وأماكن أخرى في الكون يشير إلى عملية انقسام الكيانات الأكبر إلى أجزاء أصغر وأدق بواسطة قوى الجاذبية الموجودة داخل الثقب الأسود.