عبد الله بن عمر بلخير
معالي الشيخ عبد الله بن عمر بلخير مدير عام مديرية للإذاعة والصحافة والنشر السعودي السابق وسكرتير الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود الخاص. من إحدى القبائل الحضرمية التي سكنت بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية
الميلاد والنشأة
من مواليد قرية غيل بلخير بدوعن عام 1333هـ الموافق 1902م، تعلم في طفولته مبادئ القراءة والكتابة في غيل بلخير بحضرموت، فحفظ القرآن ودرس شيئا من الحساب وتعلم فن الخط. انفطر مبكرا على ميدان الشعر]]، والتعلق به منذ نعومة أظفاره، فكان والده يصطحبه معه إلى الأفراح التي تقع قريبا وهو ما زال طفلا في حضرموت، وكان دائما يتشوق لحضورها ويحفظ من أشعار الزوامل ويرويها عن ظهر قلب مع أحداثها.
هجرته إلى الحجاز
هاجر مع والده من حضرموت وهو في الثانية عشرة من عمره، واستقر بهم المقام في حي الشبيكة بمكة المكرمة، وأتيحت له فرصة التعليم النظامي بالمدرسية الأهلية، ثم مدرسة الفلاح عند إنشائها، وكان والده حريصا أن يكون عبد الله بلخير مدرسا في الحرم المكي.
اختير ضمن أفراد البعثة الدراسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وعاد بعد إكمال الدراسة للمملكة ليعمل في وزارة المالية أولا، ثم انتقل إلى الشعبة السياسية بديوان الملك عبد العزيز آل سعود مترجما بـ(قسم الاستماع)، حيث كانت هناك إدارة أنشئت في منتصف الخمسينات الهجرية 1354هـ سميت بشعبة الإذاعة تابعة للشعبة السياسية التي كان لها شأن كبير في ذلك الوقت، حيث كانت تعادل وزارة الخارجية ومن عمل هذه الشعبة السياسية رصد الإذاعات العالمية 3 مرات في اليوم وترفع تقريرها للملك عبد العزيز آل سعود.
مع الملك عبد العزيز
الأديب والإعلامي والسياسي معالي الشيخ عبد الله عمر بلخير أحد الرجال القلة الذين تكونت منهم إدارة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وكان الملك عبد العزيز، يصطحبه في رحلاته المختلفة داخل وخارج المملكة، ونظرا لإجادة معالي الشيخ عبد الله بلخير للغة الإنجليزية فقد اعتبره الملك عبد العزيز من أهم مترجميه، حيث ترجم للملك عبد العزيز في لقائه التاريخي إبان الحرب العالمية الثانية مع الرئيس الأمريكي روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل، في أربعينيات القرن الماضي.
بلخير شاعرا
أول ما لفت انتباهه، وهو ما زال طالبا ان بلاده المملكة العربية السعودية، بدون أناشيد وطنية فكتب ما يقرب من 15 نشيدا وطنيا للناشئة وقدمها إلى لجنة المسابقات التي اختارت 13 نشيدا منها، وأقرتها ثم عممتها على مدارس المملكة العربية السعودية.. منها نشيد:
يا شباب العرب مهلا**زمن القول تولى
وهلال الجد هلا** وأتى دور العمل
نحن في عصر جديد ** نحن في عصر الحديد
فلنعد ماضي الجدود ** بجهاد وأمل
ومن روائع بلخير الشعرية (ملحمة قرطبة) التي أصبحت مشهورة في عواصم البلاد العربية الثقافية من بغداد إلى القاهرة وبيروت فالخرطوم وعدن.
وقال بيته المشهور مجيبا وفد الكشافة العراقي الوافد إلى مكة عام 1353هـ الموافق 1932م:
شبه الجزيرة موطني وبلادي
من حضرموت إلى حمى بغداد
أشدو بذكراها وأهتف باسمها
في كل جمع حافل أو نادي
مع الأميرين فيصل وخالد
رافق الشيخ عبد الله بلخير، الأميرين فيصل وخالد في اربعينيات القرن الماضي في رحلتهما الشهيرة إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث عمل مترجماً في لقاء الأميرين مع روزفلت وتشرشل.
وكان الملك فيصل كلما زار مصر أو الشام يسأل عنه، ويستدعيه لاستشارته في بعض الأمور التي تتصل بتخصصه وتهم الدولة، ورافق الأمير فيصل ـ ولي العهد ـ لمؤتمر دول عدم الانحياز في باندونج.
مع الملك سعود بن عبد العزيز
من أهم المناصب الإدارية والسياسية التي تقلدها في الدولة السعودية رئاسته لديوان الملك سعود بن عبد العزيز، ونتيجة لثقة الملك سعود به كلفه بإنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر عام 1374هـ، وعُين هناأول وزير للإعلام في المملكة العربية السعودية في عهد الملك سعود، حيث لمع نجمه كسياسي وإعلامي ناجح.
بلخير.. أول وزير إعلام سعودي
عندما عاد الأمير فيصل من مؤتمر باندونج لاحظ الملك سعود بن عبد العزيز ان الوفد السعودي لم يحظ بتغطية صحفية مصورة في الصحافة العربية وكذلك الصحافة السعودية، فاقترح على الشيخ عبد الله عمر بلخير أن يؤسس (مديرية للإذاعة والصحافة والنشر)، وأصبح مديرا عاما للمديرية في الفترة بين (1374ـ1382هـ) الموافق (1954ـ1962م)، وهو أول مدير للمديرية في عهد الملك سعود، فهي بمثابة حقيبة وزارية للإعلام، ولم يُسمَّ بلخير وزيرا للإعلام إلا أنه كان يقوم بهذا الدور كوزير للإعلام.
وفي عهد بلخير ازدهرت الإذاعة والإعلام فتم إنشاء إذاعة صوت الإسلام، وإنشاء مجلة الإذاعة، ونقل الإذاعة من مكة إلى جدة، وظهور أكثر من 12 صحيفة لايزال بعضها مستمرا.
بلخير.. وزيرا مفوضا
أصدر جلالة الملك سعود بن عبد العزيز مرسوما ملكيا بمنح الشيخ عبد الله عمر بلخير، رتبة وزير مفوض، وعينه مشرفا على المديرية الجديدة للصحافة والنشر، وقد جاء في المرسوم الملكي ما يلي:
«نحن سعود بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية بناء على دواعي المصلحة أمرنا بما هو آت: منح سكرتيرنا عبد الله بلخير مرتبة وزير مفوض من المرتبة الأولى تقديرا لأعماله، وعلى رئيس مجلس الوزراء إنفاذ أمرنا هذا بإبلاغه لمن يلزم».
وأصدر الملك سعود بن عبد العزيز المرسوم الملكي التالي:
«نحن سعود بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية نظرا إلى أهمية وتنظيم المطبوعات ووسائل النشر وتركيزها مع مرجع واحد أمرنا بما هو آت: إنشاء مديرية عامة تسمى (المديرية العامة للصحافة والنشر) مهمة هذه المديرية التنظيم والتنسيق على جميع وسائل النشر في المملكة ونشر الحقائق والمعلومات، تربط بهذه المديرية (المديرية العامة للإذاعة) وإدارة المطبوعات والصحافة ومختلف وسائل النشر في حدود الأنظمة المعتمدة، ويقوم سكرتيرنا الوزير المفوض عبد الله بلخير بالإشراف على هذه المديرية وعلى مسئوليتها».
عبد الله بلخير في الهند
اصطحب جلالة الملك سعود بن عبد العزيز، في زيارته للهند بعد انعقاد مؤتمر باندونج باندونيسيا سكرتيره عبد الله بن عمر بلخير والمدير العام للإذاعة والصحافة والنشر بتاريخ 29 ديسمبر 1955م، وقد عقد الوزير المفوض عبد الله بلخير، سكرتير جلالة الملك مؤتمرا صحفيا في فندق (تاج محل) في مومباي، تحدث فيه للصحفيين الهنود عن سياسة بلاده الخارجية ومنها دعوة بلاده للدول الآسيوية والأفريقية للحضور لمؤتمر باندونج لتحقيق السلام العالمي، ومما جاء في بيانه في المؤتمر الصحفي:
«لقد أعلن جلالة الملك في الحفلة التي أقامتها الجمعية العربية عن بالغ تقديره للجهود الكبيرة التي بذلها رئيس وزرائكم المحبوب البانديت جواهر لال نهرو وحكومته في سبيل نهضة بلادكم وتقدمها، وأعلن جلالة الملك عن امتنانه للمعاملة العادلة التي يحظى بها (40) مليون مسلم في الهند».
مندوب الملك في استقبال السلطان الكثيري
حينما زار صاحب العظمة السلطان حسين بن علي الكثيري، سلطان الدولة الكثيرية بحضرموت، جدة في اغسطس 1955م، أرسل الملك سعود بن عبد العزيز، الوزير المفوض وسكرتيره الشيخ عبد الله عمر بلخير، لاستقباله في مطار جدة، كما أنزله على ضيافة الحكومة السعودية في فندق الكندرة ـ أفخم فندق بجدة وقتذاك ـ وكان في استقباله أيضا زعماء الحضارم وأعيانهم بالبلاد السعودية وعلى رأسهم الشيخ محمد أبوبكر باخشب باشا، والوجيه أحمد سعيد بقشان، والشيخ سالم أحمد بن محفوظ، والمعلم محمد عوض بن لادن، وغيرهم كثير.
عود على بدء
تنقل الشيخ عبد الله بلخير، في مناصب عديدة منها شئون الجامعة العربية والمؤتمرات ومنها رئاسته لديوان إمارة الرياض في عهد الأمير سلطان بن عبد العزيز عام 1953م.
انسحاب هادئ
جدت أمور وحدثت أحداث، جعلته ينسحب من الساحة السياسية بهدوء، ويغادر البلاد بصحبة عائلته إلى بيروت، وأمضى ما يقارب 20 عاما، إما مقيما في بيروت أو القاهرة أو سائحا في أنحاء المعمورة.
من أصدقائه
الأمير شكيب أرسلان، يونس بحري، علي أحمد باكثير، الشيخ أحمد سعيد بقشان، المعلم محمد عـوض بـن لادن، الشيخ عبد الله سعيد بقشـان، الشيخ سالم أحمد بن محفوظ، الشيخ محمد أبوبكر باخشب باشا.
وفاته
توفي عن عمر يناهز 90 عاما، حيث توفي يوم الأحد الرابع من شوال 1423 هـ أثناء تلقيه العلاج الطبي و هو في سن الشيخوخة في أحد المستشفيات اللبنانية ، و كان قد أوصى أنجاله بأن يدفن في مكان وفاته أيا كان تيمنا بالسنة النبوية المطهرة ؛ و قد تحققت له تلك الأمنية.