عبدالله بن المرابط سيدي محمود


العلامة عبدالله بن المرابط سيدي محمود الحاجي الملقب بـ النهاه , علم من أعلام شنقيط

سيرته :

كان العلامة الولي الناسك سيدا عظيما و عالما متفننا و أديبا مطبوعا إماما مبجلا مشارا إليه بالإعظام و الإجلال , قضى زهرة عمره في تعلم العلم و خرج للقاء العلماء و صحبتهم و تحمـّل الغربة في سبيل ذلك و قطع الموامه و القفار و جاب الصحاري ففاق معاصريه علما و فتوة و صلاحا , و تعلّم فنون القتال و الفروسية و النزو على الخيل فاجتمع له الشرف بأسبابه و صارا ملاذا للخائف و محجة لطالب علم و طلب دنيا , و قد أتته الدنيا و هي راغمة فوزعها و فرّقها في ذوي الحاجات و لم تشغله عما خلق له .

1-حياته و نشأته :

ولد الشيخ العلامة عبد الله ولد سيدي محمود ابن المختار ابن عبد الله ابن أبيجه في بيت علم و صلاح , فكان والده لمرابط سيدي محمود ذا صلاح و استقامة أجمع الخاص و العام على فضله و علمه , وهو شيخ قبيلة أهل سيدي محمود , وأمه خديجة بنت الشيخ سيدي الأمين و أهل الشيخ سيدي الأمين بن حبيب بن أبان أحمد بطن من بطون قبيلة تجكانت فيقول العلامة عبدالله فخرا بذلك :

أنا أنا والــــشـــيـــخ تــعـــرفـــه ... جــدي وأيـــد الأمـــين جدي الثاني

يقول صاحب الوسيط في شأنه :"..فنشأ عبد الله في هذا الجو العلمي فنهل من معينه ثم قاده الطموح و علو الهمة إلى الخروج في طلب العلم إذ استيقنت نفسه أن العلم لا يدرك براحة البدن و ألقى عصى الترحال في محظرة آل أب أحمد المجلسيين التي هي أعرق المدارس في البلاد و أقدمها و أرفعها مجدا فنال بغيته و كان جامعا بين العلم و العمل فزكا قدره و نما ذكره و طار صيته , و من كمال فتوته أن جمع بين شرف القلم و شرف السيف , فكان فقيها ناسكا و أديبا مجيدا , و كانت له معرفة بأنواع الفروسية , و كأنه تمثّل قول عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- :"انزوا على الخيل نزوا , و اخشوشنوا و تمعددوا و ألبسوا السراويلات "

2-علاقته بعلماء وقته :

كان بحكم ثقافته الواسعة من أعيان علماء وقته , فكانت له علاقات خاصة ببعض العلماء من الذين جمعته و إياهم رحلة الطلب , و قد توطّدت وشائج المودة و الصداقة بينه و بين علماء و طلاب مدرسة أبي احمد , و يقول في أبيات في تمجيد هذا البيت و الثناء على علمائه :


تحيـة ذي قربـى يسائلكـم غـدا ... برحماه يـوم الحشـر آل محمـدا

و مختارها المختار منكم و كلكـم ... خيار لدينـا نبتغـي بكـم الهـدى

فلولاكم لـم يلـف للديـن مرشـد ... و ظن رعاع الناس أن يُترَكوا سدى

'

3-علاقته بالعلامة :

لمرابط ولد متالي : تقول الرواية إن العلامة عبد الله ولد سيدي محمود سمع هاتفا يخبر بولادة ولي في ارض القبلة , و كان ذلك الصالح هو الشيخ بن متالي , و لعل ذلك من أسباب خروجه إلى منطقة اترارزه للقاء هذا الشيخ , يقول العلامة عبد الله ولد سيدي محمود مخاطبا لمرابط ولد متالي :


أنخت نضو همومي أشتكي حالي ...إلى الولي التقـي محمـذ فـال \

بالله عفر لوجه الله وجهك لـي ... جنح الدجى لحاجي يا ابن متالي

4-إنتاجه العلمي :

غلب على إنتاج العلامة عبد الله ولد سيدي محمود الطابع السائد في البلد قديما و القائم على النظم تسهيلا لحفظ العلم , و قد شاع في المجتمع الموريتاني تدوين العلوم على شكل منظومات تودع فيها أنواع المعارف فيستظهرها الطالب و تصير كأنها نفس من أنفاسه , و قد صدق فيهم القائل :


ليس بعلم ما حواه القمطر ... ما العلم إلا ما حواه الصدر

و قد نظم العلامة عبد الله أنظاما علمية و توسلية نافعة منها منظومته المسماة :"أمنية الداعين بأسماء الله التسعة و التسعين" يقول في أولها :

مولاي يا من لا ترد سائلا ... عبدك عبد الله يدعو قائلا:


يقول عبد الله نجـل سيـدي ... محمـود دام حبّـه لأحمـد

حمدا لمن دعا إلـى دعائـه ... و رغّب الداعين في أسمائه

و بعدُ فالتسعـة و التسعونـا ... أجل ما به الـورى يدعونـا

أسماؤه الحسنى العظيمة التي ... وُعِدَ محصيها دخول الجنـة

و قد اشتهرت هذه المنظومة في الناس اشتهار المنازل بالبدر و قد طبعت تعميما للفائدة يقول ناشرها :"هذا نظم أمنية الداعين بأسماء الله تعالى التسعة و التسعين للقطب الأبر و الغوث الأنور سيدي عبد الله بن سيدي محمود الحاجي دفين القبّة بناحي تجكجة ". و له نظم في أسماء و أنساب العشرة المبشرين بالجنة ذكر فيه أنسابهم و بطونهم التي ينتسبون إليها . 5-إنتاجه الأدبي: تنوع إنتاجه الأدبي بتنوع الموضوعات التي تناولها , فمن شعره قوله –لما وصل المدينة المنورة-:


يا سيد الناس يا ابن عبد المطلب ... و خير مدعو و خيـر منتـدب


إليه جبنا كـل غـوز وحـدب ... و كل ما يشكي و كل مرتهـب

و ليس يا سيدنـا ليـس الأرب ... منـا لديـك فضـة ولا ذهـب

و إنما أربنـا كشـف الحجـب ... و حفظ الإيمـان مـن السلـب


و يقول –حين رجع إلى بلده-:


بان الرسول وبانت عنك طيبته ... إن الأحبة و الأوطان أعـداء


و قد توفي -رحمه الله- سنة 1250 هجرية , و دفن في "القبة" في ارض تكانت