حياة ابن رشد

هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد، ويكنى أبا الوليد، ويلقب بـ "الحفيد" تمييزاً له من أبيه وجده اللذين كانا قاضيان وفقيهين مشهورين. وكان جده أبو الوليد محمد فقيهاً مالكياً، وقاضياً للقضاء في قرطبة.

ولا يزال جزء من «فتاويه» محفوظا في مخطوط بالمكتبة الوطنية في باريس. وكان ابوه - أي والد ابن رشد - قاضياً في قرطبة.

مولده ودرسه

ولد ابن رشد في مدينة قرطبة، في سنة ٥٢٠ ه (١١٢٦م). ودرس علم الفقه المالكي، والحديث واشتغل على الفقيه الحافظ أبي محمد بن رزق، واستظهر كتاب «الموطأ» للامام مالك على أبيه، وأخذ يسيراً عن أبي القاسم بن بشكوال، وأبي مروان بن مسرة. ودرس علم الكلام. ثم درس الطب على أبي مروان بن جريول البلنسي، وعلى أبي جعفر الترجالي.

ودرس الفلسفة، لكن لا ندري على من. ولا يمكن أن يكون قد درسها على ابن باجه، لأن ابن باجه توفي في سنة ٥٣٣ في فاس، وابن رشد عمره ١٣ سنة. كما أنه يبدو انه لم يعرف ابن طفيل إلا في وقت متقدم من عمره، سنة ٥٦٥ ه (١١٦٩ م) أو قبيل ذلك بقليل. وإنما ابن طفيل هو الذي قدمه الى السلطان الموحد أبي يعقوب يوسف، ابن وخليفة السلطان عبد المؤمن.

دخوله على السلطان يوسف

ولي ابن رشد «قضاء قرطبة، بعد أبي محمد بن مغيث، فحمدت سيرته» (ابن الأبار، ص ٣٢٨).

وفي سنة ٥٤٨ ه (١١٥٣ م) كان في مراكش في بلاط عبد المؤمن، سلطان الموحدين، الذي عمل على انشاء المدارس. وقد خلفه ابنه يوسف بن عبد المؤمن، وكان من أوفر سلاطين عصره حظاً من الآداب وعلوم الأوائل، وقد نال ابن طفيل حظوة عظيمة لديه. ولابن طفيل الفضل في تقديم ابن رشد الى السلطان يوسف بن عبد المؤمن. ويروي لنا عبد الواحد المراكشي، عن تلميذ من تلاميذ ابن رشد، ما رواه ابن رشد نفسه عن كيفية دخوله على أمير المؤمنين يوسف هذا . قال ابن رشد : «لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب وجدته هو وأبو بكر بن طفيل ليس معهما غيرهما فأخذ أبو بكر يثني علي ويذكر بيتي وسلفي ويضم بفضله إلى ذلك أشياء لا يبلغها قدري، فكان أول مافاتحني به أمير امؤمنين بعد أن سألني عن اسمي واسم أبي ونسبي ان قال لي : ما رأيهم في السماء ؟ - يعني الفلاسفة - أقديمة عي أم حادثة ؟ فأدركني الحياء والخوف، فأخذت أتعلل وأنكر اشتغالي بعلم الفلسفة، ولم أكن أدري ما قرر معه ابن طفيل. ففهم أمير المؤمنين مني الروع والحياء، فالتفت إلى ابن طفيل وجعل يتكلم على المسألة التي سألني عنها، ويذكر ما قاله ارسطوطاليس وأفلاطون وجميع الفلاسفة ويورد مع ذلك احتجاج أهل الاسلام عليهم، فرأيت منه غزارة حفظ لم اظنها في أحد من المشتغلين بهذا الشأن المتفرغين له : ولم يزل يبسطني حتى تكلمت فعرف ما عندي من ذلك، فلما انصرفت أمر لي بمال وخلعة سنية ومركب.»("المعجب ى تلخيص أخبار المغرب" (دوزي) 174-175)

تفسيره لمؤلفات أرسطو

كما يروي عبد الواحد أيضاً أن الذي أوعز إلى ان رشد بالقيام بتفسير مؤلفات أرسطو هو السلطان يوسف، ونقل ابن طفيل هذه الرغبة إلى ابن رشد. يقول ابن رشد: «استدعانى أبو بكر بن طفيل يوماً فقال لي: سمعت اليوم أمير المؤمنين يتشكى من قلق عبارة ارسطوطايس أو عبارة المترجمين عنه، ويذكر غموض أغراضه ويقول : لو وقع لهذه الكتب من يلخصها ويقرب اغراضها بعد أن يفهمها فهما جيدا لقرب مأخذها على الناس، فان كان فيك فضل قوة لذلك فافعل وإني لأرجو أن تفي به لما أعلمه من جودة ذهنك وصفاء قريحتك وقوة نزوعك إلى الصناعة، وما يمنعني من ذلك إلا ما تعلمه من كبرة سني واشتغالي بالخدمة وصرف عنايتي إلى ما هو أهم عندي منه»("المعجب ى تلخيص أخبار المغرب" 175)

كما يبدو من كلام لعبد الواحد (نشرة دوزي ص (دوزي) ٢٢٢) أن ابن رشد صار قاضياً في أشبيلية سنة ٥٦٥ ه (١١٦٩ م).

وعاد ابن رشد الى قرطبة حوالى سنة ٥٦٧ ه (١١٧١ م)، لكنه مع ذلك لم يتوقف عن الأسفار في دولة الموحدين: فنجده مرة في مراكش، وأخرى في أشبيلية، وثالثة في قرطبة، ويشهد على ذلك ما ذكره في تفاسيره لكتب أرسطو من أسماء للبلاد التي أتم فيها كتابتها. فهو في سنة ٥٧٤ ه (١١٧٨ م) كتب في مراكش قسما من كتابه «في الجرم السماوي»، وفي سنة ٥٧٥ ه (١١٧٩م) فرغ في أشبيليه من أحد كتبه في علم الكلام.

ثم دعاه السلطان يوسف ٥٧٨ ه(١١٨٢م) وعينه طبيبا له مكان ابن طفيل الذي بلغ سنا عالية فاعتزل الطب لكنه بقي وزيرا.

حذوته لدى السلطان يعقوب المنصور ونكبته

توفي السلطان يوسف في ربيع الثاني سنة ٥٨٠ ه (١١٨٤/٧/١٣ م)، وخلفه ابنه أبو يوسف يعقوب المنصور بالله، فزاد من تقريب ابن رشد، حتى صار بن رشد «ثانيا عند المنصور، وجيهاً في دولته» (ابن أبي أصبعية. ورد في رينان ص. 340)

وقد توجس ابن رشد من هذا التقريب الشديد، كما يدل على ذلك، ما أورده ابن أبي أصيبعة (الموضع نفسه) من انه: «لما قرب المنصور لابن رشد وأجلسه الى جانبه، حادثه. ثم خرج من عنده وجماعة الطلبة وكثير من أصحابه ينظرونه. فهنأوه بمنزلته عند المنصور وإقباله عليه. فقال (ابن رشد) : والله ان هذا ليس مما يستوجب الهناء به! فإن أمير المؤمنين قربني دفعة لى اكثر مما كنت اؤمل فيه، أويصل رجائي اليه»

ذلك أن الوشاة - وما أكثرهم حول اصحاب السلطان، وما أسرع تقلب أهواء هؤلاء الأخيرين! - أفلحوا في الوقيعة به لدى يعقوب المنصور بالله، حتى نقم عليه، «وأمر بأن يقيم ابن رشد في أليسانة - وهي بلد قريب من قرطبة، وكان أولا لليهود، وأن لا يخرج منها. ونقم أيضاً على جماعة أخرى من الفضلاء الأعيان، وأمر أن يكونوا في موضع آخر. وأظهر (يعقوب) انه فعل بهم ذلك بسبب ما ينعي فيهم أنهم مشتغلون بالحكمة وعلوم الأوائل وهؤلاء الجماعة: أبو الوليد ابن رشد، وأبو جعفر الذهبي، والفقيه أبو عبد الله محمد بن ابراهيم، قاضي بجاية، وأبو الرابع الكفيف، وأبو العباس الحافظ الشاعر القرابي»(ابن أبي أصيبعة «طبقات الأطباء» ج ٢ ص ٧٧، في رينان ص 340-341)

وقد ذهب المؤرخون في تفسير أسباب نقمة يعقوب المنصور بالله على ابن رشد مذاهب شتى:

١ - فذكر عبد الواحد المراكشي وابن أبي أصيبعة أن السبب في ذلك أن ابن رشد «كان قد صنف كتاباً في الحيوان، وذكر فيه أنواع الحيوان ونعت كل واحد منها. فلما ذكر الزرافة وصفها ثم قال : «رأيت الزرافة عند ملك البربر» - يعني المنصور فلما بلغ ذلك المنصور، صعب عليه. وكان أحد الأسباب الموجبة في أنه نقم على ابن رشد وأبعده. ويقال ان مما اعتذر به ابن رشد أنه قال: انما قلت: «ملك البرين» - وانما تصحفت على القارئ، فقال: ملك البربر» ويقول عبد الواحد ان هذه عادة العلماء حينما يذكرون عظماء البلاد فإنهم لا يستعملون عبارات التفخيم التي يستخدمها الكتاب والمنافقون.

٢ - كذلك يذكر عبد الواحد المراكشي أن خصوم ابن رشد أطلعوا يعقوب المنصور بالله على عبارة كتبها ابن رشد في أحد شروحه يقول فيها ان كوكب «الزهرة أحد الآلهة» وفصلوا العبارة عما سبقها، وأوهموا أن قائلها هو ابن رشد، وأنه بذلك مشرك الله!

٣ - وأغرب الروايات في هذا الصدد ما ذكره الانصاري من حقد بعض الناس على ابن رشد في قرطبة. وتحريشهم للعامة عليه، مما رواه ابن رشد نفسه وأخبر به عنه أبو الحسن بن قطرال. قال ابن رشد «أعظم ما طرأ علي في النكبة، إني دخلت أنا وولدي عبدلله مسجداً بقرطبة، وقد حانت صلاة العصر فثار لنا بعض سفلة العامة، فأخرجونا منه وكتب عن (= الى) المنصور في هذه القضية كاتبه أبو عبد الله بن عياش كتاباً الى مراكش وغيرها يقول فيما يخص حالهما منه: «وقد كان في سالف الدهر قوم خاضوا في بحور الأوهام، وأقر لهم عوامهم بشفوف عليهم في الأفهام، حيث لا داعي يدعو إلا الحي القيوم، ولا حكم يفصل بين المشكوك فيه والمعلوم فخلدوا في العالم صحفاً ما لها من خلاق، مسودة المعافي والأوراق، بعدها من الشريعة بعد المشرقين، وتباينها تباين الثقلين. يوهمون أن العقل ميزانها، والحق برهانها. وهم يتشعبون في القضبة الواحدة فرقاً، ويسيرون فيها شواكل وطرقاً . . . ذلك بأن الله خلقهم للنار، وبعمل أهل النار يعملون، ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة...» وهكذا يستمر هذا الكاتب في الارجاف والتهديد بهذه النغمة المألوفة عند متعصبي الفقهاء.

ويذكر الأنصاري نقلاً عن أبي الحسن الرعيني أن من الأمور التي أخذت على ابن رشد عند هؤلاء العامة وأشباههم من الفقهاء - أنه «حين شاع في المشرق والأندلس على السنة المنجمة أن ريحاً عاتية تهب في يوم كذا وكذا - في تلك المدة تهلك الناس، واستفاض ذلك حتى اشتد جزع الناس منها واتخذوا الغيران (= المغارات) والأنفاق تحت الأرض، توقياً لهذه الريح. ولما انتشر الحديث بها وطبق البلاد، استدعي الى قرطبة اذ ذاك طلبتها، وفاوضهم في ذلك، وفيهم ابن رشد - وهو القاضي بقرطبة يومئذ - وابن بندود. فلما انصرفوا من عند الوالي، تكلم ابن رشد وابن بندود في شأن هذه الريح من جهة الطبيعة وتأثيرات الكواكب. قال شيخنا أبو محمد عبد الكبير؛ وكنت حاضراً ، فقلت في أثناء المفاوضة: ان صح امر هذه الريح، فهي ثانية الريح التي أهلك الته تعالى بها قوم عاد، اذ لم تعلم ريح بعدها يعم اهلاكها».

قال : فانبرى الي ابن رشد، ولم يتمالك أن قال : والله، وجود قوم عاد ما كان حقاً. فكيف سبب اهلاكهم!

فسقط في أيدي الحاضرين، وأكبروا هذه الزلة التي لا تصدر إلآ عن صريح الكفر والتكذيب لما جاءت به آيات القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه».

ومعنى هذا الخبر أن ابن رشد أنكر وجود قوم عاد، وأنكر تبعاً لذلك أنهم هلكوا بريح عاتية، وهذا يتنافى مع ما ورد في القرآن (راجع سورة الحاقة آية 6: "وأما عاد فأهلكوا بريح صرير عاتية).

لكننا لا نجد مصدراً آخر ذكر هذا الخبر.

٤ - لكن ربما كان الأصح في تفسير السبب في حملة الفقهاء - ومن ورائهم العامة - على ابن رشد هو ما ذكره الانصاري بعد ذلك مباشرة عن ابن الزبير الذي قال عن ابن رشد انه «كان من أهل العلم والتفنن. واخذ الناس عنه، واعتمدوه. الى أن شاع عنه ما كان الغالب عليه في علومه: من اختيار العلوم القديمة، والركون اليها، وصرف عنانه جملة نحوها، حى لخص كتب أرسطو الفلسفية والمنطقية، واعتمد مذهبه (أي مذهب أرسطو) فيما يذكر عنه ويوجد في كتبه. وأخذ ينحي (= يحمل) على من خالفه. ورام الجمع بين الشريعة والفلسفة. وحاد عما عليه أهل السنة. فترك الناس الرواية عنه، حتى رأيت بشر (= كشط، محو) اسمه متى وقع للقاضي أبي محمد بن حوط الله - اسناد عنه، اذ كان قد أخذ عنه - وتكلموا فيه (أي في ابن رشد) بما هو ظاهر من كتبه.

وممن جاهره بالمنافرة والمهاجرة: القاضي أبو عامر يحى ين أبي الحسين بن ربيع. ونافره جملة: وعلى ذلك كان ابناه : القاضي أبو القاسم، وأبو الحسين .

ومن الناس من تعامى عن حاله، وتأول مرتكبه في انتحاله، والله أعلم بما كان يسره من أعماله. وحسنا هذا القدر.

وقد كان امتحن على ما نسب اليه. وامتحانه مشهورا.»

إذن الحملة على ابن رشد كانت من جانب الفقهاء ومن أنكروه من العامة - بسبب اشتغاله بعلوم الاوائل من فلسفة وفلك، واعتنائه بمؤلفات أرسطو تفسيراً وتلخيصاً. وهي ظاهرة طالما تكررت في تاريخ الاسلام سواء في المشرق والمغرب.

٥- لكن ان كان هذا يفسر موفف الفقهاء ومن ورائهم العامة، فهو لا يفسر موقف السلطان الموحد يعقوب المنصور بالله، اذ كان هو نفسه كما رأينا من المشتغلين بعلوم الأوائل والحريصين على العناية بها والمقربين لأصحابها.

وإنما الأرجح في تفسير موقفه هو أسباب شخصية

هي: ما ذكره الانصاري أيضاً فقال: «ويذكر أن من أسباب نكبته هذه اختصاصه بأبي يحيى، أخي المنصور، والي قرطبة» ، ثم رفعه الكلفة بينه وبين السلطان حتى كان يخاطبه بقوله: «تسمع يا أخي».

محنة ابن رشد

يظهر أن محنة ابن رشد على يد السلطان أبي يوسف يعقوب كانت محنة علنية جرت في قرطبة، واشتهر أمرها. وممن رووا بعض تفاصيلها الذهبي فقال ان قوماً «ممن يعاديه بقرطبة ويدعي معه الكفاءة في البيت والحشمة، سعوا به عند أبي يوسف (يعقوب المنصور بالله) بأن أخذوا بعض التلاخيص، فوجدوا فيه بخطه حاكياً عن بعض الفلاسفة: «قد ظهر أن الزهرة أحد الآلهة» - فأوقفوا أبا يوسف على هذا فاستدعاه بمحض من الكبار بقرطبة. فقال له: أخطك هذا؟ فأنكر. فقال: لعن الته كاتبه. وأمر لحاضربن يلعنه، ثم أمر باخراجه مهانأ، وبإبعاده، وإبعاد من تكلم في شيء من هذه العلوم، وبالوعيد الشديد. وكتب الى البلاد بالتقدم الى الناس في تركها. وباحراق كتب الفلسفة، سوى الطب والحساب والمواقيت» .

واذا كان هذا قد فعله السلطان أبه يوسف يعقوب فعلاً، فلربما كان مجرد عرض هذا الكلام عليه فرصة فقط للبطش بابن رشد لأسباب شخصية هى تلك التى أوردناها منذ قليل. أو لعله فعل ذلك أيضاً ابتغاء ترضي الففهاء والعامة في ذلك الوقت، لأسباب سياسية، وكان ذلك في وقت اشتد فيه الصراع بينه وبين الأسبان النصارى. وهي ظاهرة كثيراً ما نشاهدها في أحوال الحكام حين يشتد عليهم الأمر مع الأعداء، فيتملقون أهواء الفقهاء والعامة وقد يؤيد هذا أن النقمة شملت غير ابن رشد، اذ شملت - كما نقل ابن أبي أصيبعة عن أبي مروان الباجي، جماعة من الأعيان أمر السلطان بتحديد قامتهم في أماكن معينة «لأنهم مشتغلون بالحكمة وعلوم الاوائل ، وهؤلاء الجماعة (هم): أبو الوليد ابن رشد، وأبو جعفر الذهبي، والفقيه أبو عبد الله محمد بن ابراهيم، قاضي بجاية»

فكانت هذه اذن حملة عامة شبيهة بما فعله المنصور ابن أبي عامر من قبل.

غير أن المنصور بالله لما عاد بعد ذلك الى مراكش، تدخل بعض الناس لصالح هذه الجماعة، وشهدوا لأبي الوليد بن رشد بغير ما نسب اليه، فعاد المنصور ورضي عن ابن رشد، واستدعاه للاحسان اليه.

متى كانت المحنة؟ ومتى تم عفو السلطان عنه؟.

لا تحدد لنا المصادر أياً من هذين التاريخين. لكن يبدو منها أن هذه المحنة لم تستمر طويلاً.

وفاته

أقام ابن رشد في مراكش مقرباً من جديد إلى السلطان الذي توفي بعد ذلك في صفر سنة ٥٩٤ ه. وتوفي ابن رشد في مراكش. وتاريخ وفاته بالدقة مختلف فيه :

أ) فابن الأبار، والأنصاري يذكران انه توفي في ٩ صفر سنة ٥٩٥ ه، ويذكر الانصاري التاريخ الميلادي “المقابل وهو ١٠ ديسمبر، فيقول «استدعي الى مراكش وتوفي بها ليلة الخميس التاسعة من صفر خمس وتسعين وخسمائة، بموافقة عشر ديسمبر، ودفن بجبانة باب تاغزوت خارجها ثلاثة أشهر، ثم حمل إلى قرطبة، فدفن بها في ررضة سلفه بمقبرة ابن عباس»

ب) ويذكر الذهبي وابن الأبار أيضاً أنه توفي في نهاية سنة ٥٩٤، كما يذكران صفر أو ربيع الأول سنة ٥٩٤.

لكن يبدو أن الأرجح أن ابن رشد توفي في يوم الخميس ٩ صفر سنة ٥٩٥ ه (= ١٠ ديسمبر سنة ١١٩٨ م).