حركة معارضة الطب النفسي
حركة معارضة الطب النفسي أو النزعة المضادة للطب النفسي (بالإنجليزية: Anti-Psychiatry) مصطلح تم صكه فى الستينيات من القرن العشرين على أيدي أطباء نفسيين معترضين على أسلوب المعالجة المتبع في الطب النفسي خلال العقود الماضية، والذين وجهوا انتقادات شديدة لأفكار المطب النفسى وممارسته. وأصحاب هذا الفكر أو هذه الحركة يرفضون "النموذج الطبي" للاضطرابات النفسية، أي يرفضون اعتبار الاضطرابات النفسية أمراضا، ويرفضون بالتالي كل ما يتصل بذلك من أساليب التشخيص والعلاج الطبي والحجر في مستشفيات، واستبدل كثير منهم بهذا "النموذج الطبي" نموذجا اجتماعيا" يقول بأن الاضطراب النفسي هو ناتج عن تعقد نمط الحياة المعاصرة.
وليس هناك اتفاق حول من هم أولئك أعضاء هذه الجماعة من الكتاب على وجه التحديد (التى اتسمت دوما بكونها غير متجانسة نظرياً وسياسياً). ومن بين الأسماء التى يتردد دوما أنها تنتسب إلى هذه الفئة المفكر الليبرالى الراديكالى توماس شاس Szasz والوجودى ذو الميول اليسارية لينج Laing، وزميله دافيد كوبر Cooper، ومصلح الصحة النفسية الإيطالى فرانكو باساجليا Basaglia (وجميعهم أطباء نفسيون)، واثنان من علماء الاجتماع هما: التفاعلى الرمزى إرفينج جوفمان والمتشيع لنظرية الوصم توماس شيف Scheff. وأحياناً ما يتم الإشارة إلى ميشيل فوكو قى هذا الإطار. ويعتبر كافة هؤلاء الكتاب على اختلاف مشاربهم ومواقفهم المختلفة أن الجنون والمرض العقلى ليس سوى تصورات اجتماعية، ويؤكدون على أن الطب النفسى ما هو إلا أحد أدوات الضبط الاجتماعى التى تلزم الأفراد وتقهرهم، وبخاصة فى الأطر المؤسسية.
ويعد عمل شاس نموذجاً فى هذا الصدد. ففى مؤلفه: خرافة المرض النفسى (الصادر عام 1961) شجب بشدة تطبيق مفاهيم المرض على القكر والأفعال الإنسانية، واعتبرها عمليات ملتوية تهدف إلى دعم الضبط الاجتماعى. وهو يرى، على خلاف ذلك، أن المرض العقلى (فيما عدا حالات المرض العضوى) ما هى إلا مشكلات حياتية، يجب أن تحلل فى ضوء القواعد الاجتماعية والأدوار التى تؤدى فى المجتمع. وتشدد العديد من الكتب التى نشرت فيما بعد على الرسالة التى أطلقها شاس، وتدعو إلى طب نفسى خاص يستند إلى التعاقد الشخصى ليحل محل قهر الدولة.
وفى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يعود تاريخ تقبل سياسات رعاية المجتمع المحلي بالمرضى العقليين إلى ما قبل الستينيات وظهور حركة المعاداة للطب النفسى. أما فى إيطاليا فإن حركة المعاداة للطب النفسى مارست تاثيراً مهماً على برامج الإصلاح التى يلغت ذروتها فى التشريع الراديكالى لعام 1978 الذى طبق سياسة رعاية المجتمع المحلى على المستوى القومى.