تقلص الأطوال
تقلص الأطوال في الفيزياء (بالإنجليزية:length contraction) هو مفهوم أسسه الفيزيائي الهولندي هندريك أنتون لورنتس فيما يسمى تحويلات لورينتز، وهي معادلات رياضية بحته تأخذ نسبة سرعة جسم إلى سرعة الضوء في الحسبان. بعد ذلك قام أينشتاين بتطبيق تلك المعادلات في النظريه النسبيه الخاصة، وحصل بواسطتها على عدة استنتاجات هامة بالنسبة لتغير الأطوال وتغير الزمن وتغير الكتلة عندما تقترب السرعة من سرعة الضوء. فانه عندما تقترب سرعه الأشياء من سرعة الضوء فإن طولها يظل يتناقص إلى ان يصل إلى الصفر، أي أن طول الجسم الموازي لاتجاه الحركة يتناقص. ونعرف أن الفوتون يتحرك بسرعة الضوء وكتلته صفرية. افترض لورنتز في ذلك الوقت أن سرعة الضوء في الفراغ ثابتة لا تتغير، وأنها تمثل حدا أقصى لسرعة انتقال الأجسام أو الطاقة. ثم جاء أينشتاين وصاغ تلك الخاصية للضوء في النظرية النسبية الخاصة عام 1905 , وأصبحت أحد الحقائق الطبيعية، فقد ثبتت تنبؤات النظرية النسبية بالتجربة العملية.
الصيغة الرياضية
إذا تحرك جسم وكانت سرعته v وطوله L o وشاهدناه من على الأرض فإننا نراه يقصر إلى الطول L :
- <math>L = L_0 \cdot \sqrt{1-\frac{v^2}{c^2}}</math>
حيث
- L o هو طول الجسم في حالة السكون.
- L هو الطول الظاهر للراصد.
- هي السرعة النسبية بين الراصد والجسم المتحرك.
- هي سرعة الضوء،
ويعرف معامل لورنتز على أنه
- <math>\gamma (v) \equiv \frac{1}{\sqrt{1-v^2/c^2}} \ </math>.
ويتبين من المعادلة أنه كلما اقتربت سرعة الجسم v من سرعة الضوء كلما انكمش طوله (في اتجاه الحركة) أما عرضه وارتفاعه وهما عموديان على اتجاه الحركة فيبقيان ثابتين.
تستنتج من تلك الخاصية عدة استنتاجات غريبة تختص بسرعة الأجسام عند اقترابها من سرعة الضوء (أنظر إبطاء زمني). كل تلك الخصائص تنبع من النظرية النسبية الخاصة لأينشتاين التي صاغها عام 1905 وكان في الخامسة والعشرين من عمره. خواص أخرى تأتي بها النظرية النسبية وهي تباطؤ الزمن وزيادة كتلة الأجسام المتحركة.
تبلغ سرعة الضوء في الفراغ 300,000 كيلومتر في الثانية، وفي حياتنا اليوية لا تواجهنا سرعات كبيرة كهذه إلا في المعامل العلمية ومعجلات الجسيمات لذلك لا نلاحظ تلك التأثيرات النسبية فسرعة أسرع صاروخ صنعناه حتى الآن لا تزيد سرعته عن نحو 30,000 كيلومتر في الساعة وهذه سرعة بطيئة جدا جدا بمقارنتها بسرعة الضوء.
تأريخ
أشار إلى تقلص الأطوال الفيزيائي جورج فيتزجيرالد عام 1889 بطريقة عامة كوسيلة لتفسير النتيجة السلبية لتجربة ميكلسون ومورلي. وصاغها العالم الهولندي هندريك لورنتز عام 1892 صياغة رياضية، في محاولة لانقاذ تخمين علماء ذلك الحين عن وجود ما يسمى «أثير» كوسط يمكن انتقال الضوء في الفضاء.
ظلت النتيجة السلبية لتجربة ميكلسون والتي تشير إلى عدم وجود مثل ذلك الوسط المسمى بالأثير محيرة للعلماء حتى بداية القرن العشرين، إذ لم تعرف الكيفية التي ينتشر بها الضوء والموجات الكهرومغناطيسية، إذ كان النموذج الذي يعرفوه هو أن انتشار الصوت يتم في وسط مثل الهواء أو الماء أو أي مادة أخرى.
ثم جاء أينشتاين عام 1905 الذي قام بصياغة جديدة لمفهومي المكان والزمن من دون الاحتياج إلى افتراض «أثيرا» يقوم كوسط لانتقال أشعة الضوء، ونجح في صياغة النظرية النسبية الخاصة. وتقوم النظرية النسبية على مبدأ نسبية حركة وثبات سرعة الضوء، وهي تتضمن تفسيرا واضحا لتقلص الاطوال التي صاغها لورينتز. وقام بعد ذلك هيرمان مينكوفسكي وأضاف إليها هندسة توضح تأثيرات النظرية النسبية فيما يسمى زمكان.
إسهامات هندريك لورتتس وجورج فيتسجيرالد قبل مجيى آينشتاين
في عام ١٨٨٧، حاول العامان الأمريكيان ألبرت مايكلسون وأدوارد مورلي تعقب الأثير، وهو الوسط الذي كان من المفترض أن يحمل الضوء من خلال الفضاء كسلسلة من الموجات المتعاقبة. لقد جاء في علم الفيزياء الحديث أن الضوء يجب أن ينتقل بسرعات مختلفة وفي اتجاهات مختلفة نظرا لأن الأرض تتحرك من خلال الأثير. ولكن هذين العالمين وجدا أن السرعة كانت دائما واحدة وثابتة. ومن ثم، فلم يتوصلا إلى اكتشاف الأثير أو تعقبه.
كان لدى عالم الفيزياء الهولندي هندريك لورنتس تفسير لما حدث، كما كان لدى العالم الفيزيائي الأيرلندي جورج فيتسجيرالد الفكرة نفسها في الوقت نفسه. من المحتمل أن هذين العالمين كانا يحاولان تقريبا الحفاظ على الفيزياء القديمة التي كان فشلها في العثور على طبقة الأثير بمثابة الكارثة.
رصد العالمان مايكلسون ومورلي سرعة أشعة الضوء عبر المسارات المختلفة في الزوايا القائمة لكل شعاع يسقط عليها، بحيث يكون مجال الحركة في تواز مع الحركة المفترضة للأرض خلال طبقة الأثير، ويعبر مجال الحركة الآخر هذه الطبقة "الأثير". اقترح العالمان لورنتس وفيتسجيرالد أن المسار الموازي للأثير تم تقصيره بواسطة الأثير نفسه حيث إنه قد اتجه في حركة جانبية، ولذلك بالرغم من تقليل سرعة الضوء الذي ارتطم بطبقة الأثير، فإن السرعة لم تتغير. ولكن هذا لم يكن حقيقيا؛ فربما يبدو الضوء وكأنه ينتقل دائما بالسرعة نفسها، وربما ما تزال طبقة الأثير موجودة ولكنها ستظل مختفية عن النظر.
سجل كلا العالمين هذه الفكرة بشكل رياضي، سميت نسبة إليهما بتحول فيتسجيرالد-لورنتس. تخيل قطارا يمر بسرعة كبيرة جدا بحيث يقترب من سرعة الضوء، بينما تقف أنت على رصيف المحطة. سوف يتم اعتبارك ومن حولك إطاراً لما حدث، كما يعد الأشخاص الراكبون في عربة القطار أيضا جزء من هذا الإطار، لكي يمكن عمل مقارنة بين قياسات كل منهما. يعمل تحول فيتسجيرالد-لورنتس ربط الإطارين معا بشرط أن يسير القطار بسرعة ثابتة، وتتم ملاحظة التأثيرات فقط عندما يكون القطار مسافرا بسرعة قريبة من سرعة الضوء. أما بالنسبة للسرعات الخاصة بنا في حياتنا اليومية، فإن أي تأثير لها لا يعد سوى شيء مستحيل لكي يتم تعقبه بدقة.
إن التوصل إلى صياغة نظرية جديدة لا يعد في مجمله مثل تحطيم حظيرة قديمة وإقامة ناطحة سحاب مكانها. بل إن ذلك يشبه بالأحرى تسلق أحد الجبال حيث يتم اكتساب آراء جديدة أكثر حكمة، لاكتشاف علاقات غير متوقعة بين نقطة البداية والبيئة التي توجد بها تلك النقطة. ألبرت آينشتاين
إذا كنت قادرا (باستخدام بعض الأساليب المبتكرة) على قياس طول القضيب في القطار عند المرور بجانبه أو تستطيع أن تميز دقات الساعة أو تحسب كتلة شيء ما (بمقارنة هذه النتائج مع القضيب المتري والساعة والوزن بالكيلو جرام على رصيف محطة القطار بجانبك)، فستجد أن القضيب في القطار المار يبدو أقصر وأن الساعة تبدو كأنها تدق بمعدل أبطأ وأن كتلة هذا الشيء تبدو أثقل. ولو فعل شخص ما في عربة القطار الشيء نفسه، سيجد أن قضيبك أقصر وأن الثانية الخاصة بك تستغرق وقتا أطول كما أن كتلة الشيء الذي لديك ستكون أثقل مقارنة بما لديه.
لا يهم كونك واقفا بلا حركة؛ فالذي يهم بالفعل هو الحركة النسبية بينك وبين القطار فأنت والشخص الذي يركب في عربة القطار ستختلفان حول هذه القياسات الحيوية، ولكن ستتحرك الأجسام والضوء وفقا للقوانين نفسها في العربة وعلى رصيف القطار؛ حيث تعد هذه القوانين واحدة وثابتة في جميع الأحوال. ولذلك، ليس هناك شيء من الممكن أن تفعله على الرصيف أو في عربة القطار ليدلك على مقدار السرعة التي تسافر بها على ظهر هذا القطار. (وجميعنا يعرف هذا من خلال الصعود باستخدام المصعد. فبمجرد البدء في الصعود، تخبرنا الهزة الخفيفة التي تحدث بداخله على أننا لسنا ساكنين في مكاننا.)
اعتمد العالم آينشتاين على هذه الأفكار وعمل على تطويرها من خلال بحث غاية في الأهمية قام بنشره في عام ٥ ٠ ١٩. كان هذا البحث تحت عنوان الديناميكية الإليكترونية للأجسام المتحركة، والذي يختصر ما يطلق عليه عادة النظرية النسبية الخاصة (وقد سميت بالنظرية النسبية الخاصة وأن النظرية النسبية العامة صدرت بعدها في عام 1915) وبسبب إضافته لمزيد من الأفكار الخاصة به، أطلق على هذه النظرية اسم نظرية آينشتاين النسبية. ولكنه ما كان ليقوم بالتوصل إلى هذه النظرية دون الرجوع إلى إسهامات فيتسجيرالد ولورنتس. وبدأ آينشتاين إسهاماته في هذا الشأن بقبول حقيقة انتقال الضوء دائما بالسرعة نفسها (كما أظهر كل من مايكلسون ومورلي من قبل). بعد ذلك، قام بإجراء بعض العمليات الحسابية ليكتشف ما الذي يتبع هذه الحقيقة. فتوصل إلى النتيجة نفسها التي توصل إليه العالمان فيتسجيرالد ولورنتس في نظريتهما المعروفة بتحول فيتسجيرالد-لورنتس.
على الرغم من غرابة وصعوبة تقبل التنبؤات الخاصة بتحول فيتسجيرالد-لورنتس، فقذ أثبتت الأيام فيما بعد أن هذه النظرية تحتوي على قدر كبير من الصحة. فقد أظهرت التجربة أن الساعة المتحركة (على سبيل المثال، الساعة التي توجد في قمر صناعي يدون حول الأرض) تبدو أنها تدق بإيقاع أبطأ من الساعة التي توجد على سطح الأرض، كما أن الكتلة تزداد مع زيادة السرعة، مثل كتلة الإليكترونات التي تقترب سرعة دورانها حول النواة من سرعة الضوء (وهو ما تم التعرف عليه بعد ذلك بعدة سنوات قليلة). وبتطبيق النظرية، تقل المسافات بالفعل، كما أن الضوء يضع حداً للسرعة لباقي العالم الطبيعي. فلا يوجد شيء أسرع من الضوء، ومن المستحيل إيجاد أي عنصر يسير بمثل هذه السرعة. ولذلك، يمكننا القول إن آينشتاين — بالاستناد إلى القليل من مساعدة العلماء الآخرين — قد غير تماما طريقة تفكيرنا ورؤيتنا للعالم الذي نعيش فيه الآن. 1905 آينشتاين
توضيح
تنص المعادلة على ان يكون التقلص فقط في أتجاه حركة الجسم، وأن سرعة الضوء هي السرعة القصوى لجميع الأشياء والموجات:
- <math>L = L_0 \cdot \sqrt{1-\frac{v^2}{c^2}}.</math>
فلنتصور قطار يتحرك بالنسبة إلى محطة بسرعة ثابتة قدرها .(المحطة تعتبر في الإطار المرجعي العطالي S, والقطار يعتبر في سكون في الإطار المرجعي العطالي S'). في القطار توجد كرة في حالة سكون قطرها . من وجهة نظر المحطة S, تتحرك الكرة، ونستطيع حساب تقلص طولها بواسطة المعادلة:
- <math>L = L_0^{'} \cdot \sqrt{1-\frac{v^2}{c^2}} = 18\ \mathrm{cm}.</math>
والأن تلقى الكرة من نافذة القطار إلى المحطة فتصبح الكرة في حالة سكون بالنسبة للمحطة، وعندما يقوم الواقف على المحطة بقياس قطرها فيجده (قطر الكرة قد كبر)، في حين يري راكب القطار الكرة على رصيف المحطة وأنها تتحرك بالنسبة له فيقيسها ويجدها قد تقلصت:
- <math>L' = L_0 \cdot \sqrt{1-\frac{v^2}{c^2}} = 18\ \mathrm{cm}.</math>
وكما يملي مبدأ النسبية يجب أن تتماثل القوانين الطبيعية في جميع «المختبرات» (الإطارات المرجعية العطالية). فنجد أن تقلص طول الكرة تناظري في المرجعين: الكرة في حالة سكون في القطار فيظهر فيها وطوله ساكن ويظهر للواقف على رصيف المحطة متقلصة. وعندما تصبح الكرة على رصيف المحطة (في سكون) فيقيسها الواقف على المحطة بطولها الساكن، ويراها راكب القطار متقلصة، في اتجاه حركة القطار.
استنباط معادلة تقلص الأطوال
يمكن استنباط تقلص لورينتز من تحويل لورينتز بطريقة سهلة كما يبنها ماكس بورن وألبرت أينشتاين كالآتي: .
في الإطار المرجعي العطالي S' تمثل و نقطتي أطراف الجسم الساكن في هذا الإطار، وطول الجسم الساكن .
وترتبط تلك الإحداثيات في S' بالإحداثيات في S بواسطة تحويل لورينتز كالآتي:
- <math>x_{1}^{'}=\frac{x_{1}-vt_{1}}{\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}}</math> and <math>x_{2}^{'}=\frac{x_{2}-vt_{2}}{\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}}.</math>
ونظرا لأن الجسم يرى من وجهة نظر مشاهد في S متحركا فيقيسه ويجد طوله عن طريق تعيين طرفيه في نفس الوقت. أي تكون .
وحيث أن:
وبالتالي نحصل على:
- (1)..... <math>L_{0}^{'}=\frac{L}{\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}}.</math>
وبذلك نحصل على تقلص الطول المقاس من S :
- (2)...... <math>L=L_{0}^{'}\cdot\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}.</math>
وطبقا لما يقوله «مبدأ نسبية» يحدث العكس للجسم الساكن في S من وجهة نظر المشاهد في S' فهو يراه متقلصا. ويعطينا تحويل لورينتز في تلك الحالة:
- <math>x_{1}=\frac{x_{1}^{'}+vt_{1}^{'}}{\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}}</math> und <math>x_{2}=\frac{x_{2}^{'}+vt_{2}^{'}}{\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}}.</math>
وبواسطة شرط التزامن وبالتعويض عن:
- و ، نحصل على:
- (3)...... <math>L_{0}=\frac{L^{'}}{\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}}.</math>
أي أن تقلص الطول المقاس من S' يبلغ:
- (4)...... <math>L^{'}=L_{0}\cdot\sqrt{1-\frac{v^{2}}{c^{2}}}.</math>
من (1)و (3) نحصل على الطول الساكن، عندما يكون التقلص معلوما
- ومن (2) و (4) نحصل على تقلص الطول عندما يكون طول السكون معروفا.
مخطط مينكوفسكي
يعادل تحويل لورينتز هندسيا دوران زمكان ذو أربعة أبعاد، ويمكن بناء على ذلك بواسطة مخطط مينكوفسكي تعيين آثار تحويل لورينتز مثل تقلص الأطوال بطريقة سهلة.
فإذا كانت عصى ساكنة في S' فيوجد طرفيها عل المحور ct' وعلى المحور الموازي له. وفي S' نجد نقطتي الطرفين (موازية للمحور x') آنيا ممثلتين ب O و B , أي طول السكون OB. أما في S فتكون نقطتي الطرفين O و A آنيا (موازية للمحور x)، أي يكون تقلص الطول OA.
وإذا وجدت عصى ساكنة في S فيكون طرفيه على المحور ct ويكون المحور موازيا لها. ففي S يمثل الطرفين (موازيا للمحور x) بالنقطتين O و D ، أي لها طول سكون OD. أما في S' فيكون الطرفان الآنيان (موازيا للمحور x') وممثلة بالنقطتين O و C ، أي يبلغ تقلص طولها OC.
انظر أيضا
- أشخاص: آرثر إيدينجتون | ألبرت آينشتاين | هيندريك لورينتز | هيرمان مينكوفسكي | بيرنارد ريمان | هنري بوانكارييه | اليكسندر ماكفارلين | هاري باتيمان | روبرت شانكلاند | بلو وييلر
- النسبية: نظرية النسبية.